المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : علمانيون شيعة يسعون إلى حكم ذاتي في جنوب العراق الغني بالنفط



Osama
07-01-2005, 02:22 PM
يقودهم أحمد الجلبي ويريدونه على غرار إقليم كردستان في الشمال

البصرة: ادوارد وونغ *

مع اقتراب الموعد النهائي لصوغ الوثيقة المقترحة للدستور الدائم للعراق في 15 أغسطس (اب) المقبل تضغط مجموعة من السياسيين الشيعة الأقوياء، ومعظمهم علمانيون من أجل اقامة منطقة حكم ذاتي في جنوب العراق الغني بالنفط، مما يطرح تحديا مباشرا أمام السلطة المركزية للبلاد.
ويجادل السياسيون بأن الجنوب الذي عانى من الفقر فترة طويلة لم يحصل أبدا على حصته العادلة من أموال النفط، على الرغم من أن الجزء الاكبر من احتياطيات النفط موجودة قرب البصرة. ويقولون ايضا انهم لا يمكن أن يثقوا بأي شخص يمسك بالسلطة في بغداد بسبب عقود من الاضطهاد الوحشي في ظل حكومة صدام حسين.

وقال باقر ياسين، البعثي المناهض السابق لصدام حسين والذي قضى سنوات في المنفى السوري «نريد أن نضع حدا للنظام المركزي الذي يلحق البلد بأسره بالعاصمة». وياسين هو احد منظمي حملة الحكم الذاتي التي يدعمها احمد الجلبي، ولديه علاقات مع الرئيس العراقي جلال طالباني، وهو يطالب للجنوب بسلطات واسعة تماثل التي يتمتع بها الأكراد الآن، بما في ذلك برلمان مستقل ووزارات وقوة عسكرية اقليمية.

وكان الأكراد قد طالبوا منذ زمن بعيد باستقلال ذاتي في حكومة عراقية مقبلة. ولكن قضية الحكم الذاتي في الجنوب قضية جديدة وتعقد المناقشات الحامية حاليا حول الفيدرالية في الدستور الجديد. وتعارض الأحزاب الشيعية والعرب السنة عموما الاستقلال الذاتي الكردي ولكن ظهور توجه جنوبي نحو استقلال اقليمي أوسع يمكن أن يمنح دعما كبيرا لمطلب الأكراد.

وهنا في البصرة، ثاني اكبر مدن العراق، ترفع لافتات في الشوارع تدعو الى حكم ذاتي شبيه بما هو موجود في كردستان العراق. ويعقد الأكاديميون والسياسيون المحليون اجتماعات مسائية في محاولة لتحديد مطالبهم. ويتحدث بعضهم عبر الهاتف مع أعضاء في لجنة الدستور في بغداد يوميا تقريبا. وبينما تهيمن الأحزاب الشيعية حاليا على الحكومة فان كثيرا من الناس هنا يخشون من أن الأحزاب قد لا تدافع بشكل كاف عن حقوق الجنوب ويشعرون بالقلق من قيام حكومة استبدادية أخرى ربما تكون اسلامية محافظة.

وقال ياسين معبرا عن شكوك الشيعة العلمانيين والمعتدلين «لا توجد ديمقراطية في العراق، وكل من يقول ان هناك ديمقراطية يحمل نمطا من صدام صغير في رأسه. انه يريد ان يصبح صدام آخر».

ويعتزم الجلبي وعبد الكريم المحمداوي، العضو البارز في الجمعية الوطنية، اقتراح استفتاء اقليمي بشأن الحكم الذاتي للجنوب في أكتوبر (تشرين الاول) المقبل، أي في وقت الاستفتاء على الدستور، وفقا لما قاله مساعدهما علي فيصل اللامي.

ويقول المدافعون عن الحكم الذاتي انه بينما يمتلك الجنوب ما يتراوح بين 80 و90 % من احتياطيات النفط في البلاد فان ميناء العراق الوحيد ببساتين نخيله الغنية بالتمور كان يعاني من الاهمال في عهد صدام وهو أمر واضح الآن حيث الخراب يعم مختلف المجالات.

وقد وجه ياسين أخيرا رسالة الى الجمعية الوطنية طالب فيها بأن تبدأ الجمعية مناقشة امكانية الحكم الذاتي في الجنوب. ودعم عشرات من المشرعين الأكراد هذا المطلب.

وقال عضو الجمعية الوطنية الكردي عبد الخالق زنكنه «أدعم قيام اقليم حقيقي في الجنوب. ان ذلك يساعد في ضمان مصالحنا، وتعزيز الفيدرالية في العراق ونحن نبارك هذه الخطوة ولكننا نعتقد أيضا ان فيدرالية الجنوب يجب ان تتقرر فقط عبر استفتاء سكان الجنوب».

أما المسؤولون الأميركيون فما يزالون صامتين بشأن الموضوع. ويقول قانون ادارة الدولة الذي شارك الأميركيون في كتابته العام الماضي ان العراق يجب أن يتبنى نظاما فيدراليا «لتجنب تركز السلطة».

وقال مسؤول اميركي طلب عدم الاشارة الى اسمه «نريد نظاما فيدراليا معتدلا». وأضاف ان العراقيين هم الذين يحددون بالضبط كيفية تقسيم سلطات الحكم.

وتعتبر أية خطوة باتجاه الفيدرالية والحكم الذاتي لعنة بالنسبة لبعض الأحزاب الشيعية التي حققت مكاسب كبيرة في انتخابات يناير الماضي وتتمتع الآن بسلطة واسعة في بغداد والجنوب. ويقولون انهم يرتابون بالأهداف المدعومة أميركيا، ويجادلون بأن الدول الاسلامية كانت تفضل تاريخيا حكومة مركزية قوية. وفضلا عن ذلك فانهم يريدون التحكم بكل ايرادات النفط من بغداد.

ومن أشد خصوم الحكم الذاتي بين الشيعة رجل الدين الشاب مقتدى الصدر، ومحمد اليعقوبي رجل الدين الناشط الذي كان قريبا من والد مقتدى.

ويحكم حزب الفضيلة الذي يقوده اليعقوبي البصرة بينما يتمتع تنظيم الصدر وميليشياته بوجود كبير هنا. وتقول الجماعتان ان أي تقسيم للسلطة يتعارض مع الاعتقاد بظهور الامام المهدي، كما أنه يمكن ان يؤدي الى تمزيق العراق.

وقال الشيخ عبد الستار البهادلي، وهو من قادة تنظيم الصدر في مقابلة معه ان «معظم الناس يرفضون فكرة الحكم الذاتي. فكرة الفيدرالية برزت بعد احتلال العراق وهي فكرة المحتلين».

ومن المحتمل أن تعارض دول في المنطقة فكرة استقلال الجنوب مثلما يثير الاستقلال الذاتي الكردي قلقا في تركيا وايران وسورية حيث يوجد سكان أكراد في هذه الدول.

ويتصور ياسين وحلفاؤه قيام جنوب موحد سياسيا يضم البصرة والناصرية والعمارة، ليكون واحدا من أقاليم مستقلة ذاتيا في العراق. وتختلف مجموعة أخرى من الفيدراليين، ومعظمهم أكاديميون، مع تلك الخطة فهم يريدون نظاما فيدراليا اكثر اعتدالا يمكن ان يمنح سلطات سيادية اقل للأقاليم ويحتفظ بحكومة مركزية أقوى.

وقال ضياء الأسدي المتحدث باسم المجموعة والمشرف على مشروع لتعزيز الحكم المحلي تموله الحكومة الأميركية ان بعض الناس يعتقدون ان «نموذج الفيدرالية الكردي ليس نموذجا ناجحا. انه ليس اقليما فيدراليا حتى الآن، بل بلد مستقل تقريبا». واضاف الأسدي ان وفدا من الجنوب سيسعى الى اللقاء قريبا مع آية الله العظمى علي السيستاني وكبار الزعماء الدينيين الاخرين في محاولة لاقناعهم بدعم الفيدرالية.