المهدى
07-01-2005, 09:48 AM
دبي - إبراهيم هباني
روى شاهد عيان كان معتقلا داخل سجن ابو سليم الليبي الذي وقعت به مذبحة أودت بالكثير من المعتقلين، وقائع ما حدث في هذا اليوم من عام 1996م. وقد استمعت "العربية.نت" إلى تفاصيل هذه الرواية من سجين سياسي سابق، كان زميلا لهذا الشاهد الذي لا يزال في السجن.
و قال إنه قضى فترة سجنه في زنزانة واحدة مع شاهد عيان كان أحد المفاوضين الذين تم ترشيحهم من المعتقلين السياسين عشية يوم المذبحة عام 1986م للتفاوض مع إدارة السجن برئاسة عبد الله السنوسي صهر الزعيم الليبيي معمر القذافي.
وأضاف أن هذا المعتقل روى له إنه حتى ديسمبر 1995م كانت الأمور داخل سجن أبو سليم تسير بشكل طبيعي، وذلك بعد أن سمحت ادارة السجن بالزيارات الشخصية كل ثلاثة أشهر لبعض نزلاء السجن، ومعظمهم كانوا من الاسلاميين، وكذلك بدخول الأكل والملابس ومواد التنظيف كل شهر.
واستطرد أنه في يوم 28-06-1996م ولأسباب عديدة من بينها البقاء أو الخوف من البقاء في السجن لفترة طويلة دون محاكمة، خاصة أولئك الذين لا قضايا لهم، وقد تصدر ضدهم أحكام قاسية، إضافة إلى المعاملة السيئة، قررت مجموعة من السجناء وعددهم سبعة الهرب، وكانوا يقيمون في الزنزانة رقم 7 من القسم الأول، ثم انضم إليهم في الليلة التي قرروا الهروب فيها، خمسة أشخاص آخرون من زنزانات أخرى، وهؤلاء لم يكونوا على علم بخطة الهروب، ولكنهم وافقوا وكان ذلك أثناء فترة توزيع الطعام في المساء.
ويضيف: "بعد هذا الهروب، أصدرت إدارة السجن قرارت بمنع الزيارة، وتجريد المساجين من كل حاجياتهم بما في ذلك الملابس، وقد تم سلبهم من كل شئ ما عدا بدلة السجن والمراتب التي ينامون عليها وبطانيتين لكل منهما.
ثم ساءت المعاملة وتعددت نوعية العقوبات ونوعيات الأكل وكمياته، وكثرت الأمراض، بسبب نقص الغداء وعدم إخراج القمامة وانسداد المجاري. مشيرً إلى أنه وفي ظل هذه الظروف تساوت الحياة والموت، فقام السجناء بعدة محاولات لمقابلة أدارة السجن لتحسين الوضع، لكنها لم تستجب لهم.
يوم الجمعة عصرا
وأضاف شاهد العيان أنه على أثر قررت مجموعة من السجناء التظاهر أو الاعتصام، فكانت بداية الأحداث يوم الجمعة 29 يونيو 1996 في الساعة الرابعة والنصف عصرا تقريبا. وعند دخول أحد أفراد مجموعة توزيع العشاء من الباب الذي كان يقف فيه مجموعة من السجناء، قاموا بدفعه بقوة حتى سقط وأغمى عليه، وبعد ذلك اندفع المعتقلون خارجين من الزنزانة.
وعندما رأى أفراد الحرس سقوط زميلهم واندفاع السجناء هربوا مسرعين باتجاه الباب الرئيسي لمبنى السجن، لكن المعتقلين قاموا بكسر أقفال أبواب العنبر، وطاردوا بقية أفراد الحرس، إلا أنهم لم يستطيعوا الخروج إلى ساحة المبنى خوفاً من الرصاص الذي يطلقة الحرس عليهم. وبين ذلك الشاهد أنه قتل في هذه المعركة 6 معتقلين وأصيب11 آخرون بجروح، حينما حاولوا الخروج من الباب الرئيسي للبمنى.
ووفق رواية شاهد العيان فقد حضرت مجموعة من المسئولين بقيادة خيري خالد، وعبدالله السنوسي صهر الزعيم الليبي معمر القذافي، وخليفة حنيش، بعد اتصال مأمور السجن بهم، وكذلك حضرت قوات من الشرطة العسكرية كانت داخل المعسكر للسيطرة على الوضع وبقى المعتقلين خارج الزنزانات.
وطلب عبدالله السنوسي التفاوض معهم، وتم ترشيح مندوب من كل عنبر، وكان شاهد العيان الذي ننقل عنه تلك الرواية مندوباًعن أحد العنابر. ويقول إن الاجتماع مع السنوسي اتسم بالهدوء، وتم عرض مطالب السجناء في السماح لهم بالزيارات الشخصية، وتحسين المعاملة، والسماح بدخول الأكل لهم ومعالجة المرضى، ووعدهم بأن ينقل ذلك إلى الجهة المسئولة، بشرط أن يدخلوا إلى زنزاناتهم وتغلق الأبواب عليهم، فوافقوا على ذلك.
حصدوا المرضى بالرصاص
ويضيف شاهد العيان إنه بعد ذلك مباشرة استقبل السنوسي مكالمة هاتفية بدت وكأنها من العقيد القذافي لكننا لم نعرف ما دار فيها، وبعد أن انتهى من المكالمة شعرنا أن هناك أوامر عليا ما على وشك التنفيذ، ثم حجوزنا بوصفنا مرشحين للتفاوض في غرفة معزولة، وتم نقل المرضى إلى معسكر خارج السجن، حيث أوقفوهم صفاً واحداً، وصدرت الأوامر إلى الجنود الذين كانوا يؤدون الخدمة العسكرية بأن يطلقوا النار عليهم، ومن يرفض التنفيذ، يقف معهم، فكانت بداية التصفية بالمرضى، أما الذين بقوا داخل السجن من القواطع الثالث والرابع والخامس والسادس والأول فقد أخرجوا إلى ساحة المبنى.
ويقول إنه في الساعة الحادية عشر ألقيت قنابل يدوية، وتم إطلاق رصاص كثيف من أسلحة مختلفة منها بنادق الكلاشنكوف ورشاشات الأغراض العامة والغدارات، واستمر ذلك لمدة ساعة تقريبا،ً وقد استمر القتل لأولئك الذين لم تكن إصابتهم مميتة لأكثر من يومين أو ثلاثة.
جثث في ثلاجة شاحنة لنقل اللحوم
ويضيف "بقيت الجثث ملقاة على الأرض حتى الليل"، وبعد ذلك دخلت شاحنة بها ثلاجة تابعة لشركة نقل اللحوم وأخرى تابعة للصيد البحري، وقام الحراس بوضع الجثث داخل الثلاجات، ولم تخرج السيارات إلا في الصباح الباكر، وبقى الحال دون حركة حتى الليل يوم الأحد، فجاءت السيارة مرة أخري، وقامت بنفس العملية، وفي يوم الاثنين ونظراً لشدة حرارة الجو تعفنت الجثث، ولم يعد ممكنا نقلها بتلك الطريقة فأحضروا حاوية كبيرة ورافعة (فركه) صغيرة قامت بحمل الجثث ووضعها في الحاوية، ودامت هذه الحالة حتى يوم الثلاثاء
قاعدة خرسانية فوق الجثث المتحللة
ويشير إلى أن الجثث التي بدأت في التحلل تم دفنها داخل السجن وأقيمت قاعدة خرسانية فوق المكان الذي دفنت فيه الجثث، حيث زعمت إدارة السجن أنها أرضية ملعب رياضي، ولم يتمكنوا من القضاء على الرائحة المنبعثة من الجثث رغم كثرة المبيدات التي قاموا برشها داخل السجن وخارجه.
ويقع سجن أبو سليم في المنطقة التي تحمل نفس الاسم داخل معسكر 28 سبتمبر للشرطة العسكرية، ويوجد في هذا المعسكر إدارة الشرطة والسجون العسكرية، ولا يزال في داخل المعسكر مبان كثيرة ومخازن ومسجد ومحطة وقود وورش، ومن بين هذه المباني سجنان كبيران مساحة كل منها 10000 متر مربع.
وعلى خلفية مرور الذكرى التاسعة لقضية سجن أبو سليم، يشدد بشير على أن "المعارضة في الفترة القادمة، ستتخذ اجراءات عملية تجاه " المذبحة" " وسنقوم برفع قضايا في محكمة الجنايات الدولية ضد اشخاص في النظام متورطين في تلك المذبحة، ولدينا مستندات وأسماء شخصيات نافذة متورطة فيها، وفي أعمال أخرى قام بها النظام ".
هذا وقد أفامت اللجنة الليبية للتضامن من المختفين وضحايا "مجزرة سجن أبو سليم" اعتصاماً أمس الأربعاء 29-06-2006 في مدينة بيرن بسويسرا في ميدان (Korn House Plakz) وهو الميدان المخصص للتظاهر في المدينة بمناسبة الذكرى التاسعة لمجزرة أبو سليم التي ارتكبها النظام اللييبي في 28-09-6-1996م ضد ما يزيد عن 1000 سجين سياسي ليبي داخل زنازينهم في سجن أبو سليم.
واعتبرت اللجنة في بيان استلمت "العربية.نت" نسخة منه ما حدث في تلك المجزرة، انتهاكا واضحا وصريحا لأبسط حقوق الأنسان التي نصت عليها كل الأديان السماوية، في ظل الصمت الكامل من المجتمع الدولي ووسائل الاعلام العربية والعالمية، ورفض النظام الليبي الاعلان عن العدد الحقيقي للضحايا وتسليم جثثهم لأهاليهم".
وشكك جمعة بريمة سكرتير عام اللجنة الليبية للتضامن مع المختفين وضحايا المجزرة لـ"العربية.نت في مصداقية تصريحات الحكومة الليبية على لسان التهامي خالد لجمعية هيومان رايتس ووتش بشأن تشكيل لجنة للتحقيق حوال تلك الأحداث، قائلا إن " النظام هو الجاني ولا يمكن ان يدين نفسه، ونطالب أن تشارك في اللجنة جهات دولية". وأكد أنه لم تتخذ أية خطوة ايجابية في ملف قضية أبوسليم، ولم يتم إخطار ذوي المفقودين عن مصير ابنائهم المفقودين منذ العام 1996م .
وطالبت اللجنة في بيانها بتكوين لجنة تحقيق دولية مستقلة للكشف عن ملابسات الجريمة، وأن يعلن النظام العدد الحقيقي لضحايا المجزرة، وتسليم جثث الضحايا لعائلاتهم. كما طالبت بضرورة محاكمة المسئولين عن "الجريمة" أمام جهات دولية، و الافراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين في لبيبا باختلاف توجهاتهم.
تنشيط المعارضة الليبية في الداخل
من جهة أخرى قال مسئول رفيع في المعارضة الليبية إنها في طريقها للتعبير عن نفسها قريبا داخل ليبيا نفسها من خلال العصيان المدني والتظاهر السلمي، وهي خطوة غير مسبوقة منذ استولى نظام العقيد معمر القذافي على السلطة في الأول من سبتمبر/ايول 1969م.
وأوضح ابراهيم عبد العزيز الأمين العام للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا في تصريحات لـ"العربية.نت" إن مطالب المؤتمر الوطني للمعارضة اللييية الذي أنهى أعماله في لندن يوم الأحد الماضي "تمثل رغبة الشعب االذي يرفض القمع والقهر الذي يمارسه النظام ضده" مؤكداً قدرة المعارضة الليبية في الداخل على تحريك الشعب للثورة ضد " النظام السستبد" على حد قوله.
وأضاف: "لنا تنسيق واتصال بقوى المعارضة في الداخل والتي تعمل بشكل سرى لأن النظام الليبي لا يقر بمبدأ المعارضة". وقال " لسنا أقل من الشعب الجورجي الذي استطاع عندما تحرك أن يسقط رئيسا منتخبا مدللا عند الغرب" مشيرا إلى أن الشعب الليبي لا تنقصه الارادة في اسقاط النظام، وأن المعارضة لا تراهن أو تعتمد على الغرب في احلال الاًصلاح في ليبيا، وترفض أن يكون الاصلاح عن طريق تدخل دولي.
المعارضة تنفي تلقيها دعما خارجيا
وطالب عبد العزيز الدول العربية والمجمتع الدولي بدعم المعارضة الليبية لتحقيق مطالبا بالاصلاح في ليبيبا، ونفى بشدة أن تكون المعارضة قد تلقت دعماً خارجيا لمؤتمرها الأخير كما ذكر مؤيدون للنظام الليبي، وقال " لم نستلم أي دعم من أية دولة، وكان المؤتمر تخطيطاً وتمويلاً وتنفيذا بدون تدخل او دعم من اي جهة".
وكان مؤتمر لندن قد دشن مرحلة جديدة في أسلوب المعارضة الليبية، خاصة أن هذه هي المرة الأولى التي تسلط الأضواء على مؤتمر كهذا مناهض لسياسات العقيد القذافي، وقد حرص المشاركون فيه على إصدار وثيقة سميت بـ"إعلان التوافق الوطني" طالبت بتخلي القذافي عن السلطة وتشكيل حكومة إنتقالية وإقامة دولة دستورية ديمقراطية.
وكان لافتا مشاركة جميع أطياف المعارضين فيما عدا المنتمين لجماعة الاخوان المسلمين الليبية التي قاطعته، احتجاجا على ما وصفته بالاقصائية التي مورست ضدها، وفقا ًلتصريحات القيادي البارز في الجماعة سليمان عبد القادر لـ"العربية.نت".
وقال عبد القادر إن مطالب " إعلان التوافق" الصادرة عن المؤتمر غير منطقية، لعدم استطاعة المعارضة الليبية احداث تغييرات على الخارطة الليبية لضعفها اولأ، ثم للانفراج الجاري بين المجتمع الدولي والنظام الليبي بعد تسوية أزمة لوكربي.
أما المعارض محمد بشير صالح وهو احد قادة المحاولة الانقلابية للاطاحة بالنظام الليبي عام 1993م فقد قال لـ"العربية.نت إن المعارضة الليبية الآن في أقوى مراحلها لأنها اعتمدت على امكانياتها الذاتية، وعملت على تركيز قواعدها في الداخل " ايماناً منها بأن التغيير لايتم إلا من الداخل".
المعارضة تتبنى ثلاثة محاور لاسقاط القذافي
ويضيف بشير أن المعارضة اتخذت ثلاثة محاور لانجاز برنامجها لاسقاط النظام، المحور القانوني، والمحور السياسي الضاغط، ثم العمل الشعبي، لكنه حذر " إذا لم يستجب النظام لهذه الطرق السلمية، سنلجاً للعمل المسلح من الداخل"، مشككاً في الوقت نفسه في امكانية أن يستجيب للطرق السلمية " لأن الإخوان المسلمين اتخذوا طريق الحوار السلمي مع النظام ولم يجنوا شيئاً".
روى شاهد عيان كان معتقلا داخل سجن ابو سليم الليبي الذي وقعت به مذبحة أودت بالكثير من المعتقلين، وقائع ما حدث في هذا اليوم من عام 1996م. وقد استمعت "العربية.نت" إلى تفاصيل هذه الرواية من سجين سياسي سابق، كان زميلا لهذا الشاهد الذي لا يزال في السجن.
و قال إنه قضى فترة سجنه في زنزانة واحدة مع شاهد عيان كان أحد المفاوضين الذين تم ترشيحهم من المعتقلين السياسين عشية يوم المذبحة عام 1986م للتفاوض مع إدارة السجن برئاسة عبد الله السنوسي صهر الزعيم الليبيي معمر القذافي.
وأضاف أن هذا المعتقل روى له إنه حتى ديسمبر 1995م كانت الأمور داخل سجن أبو سليم تسير بشكل طبيعي، وذلك بعد أن سمحت ادارة السجن بالزيارات الشخصية كل ثلاثة أشهر لبعض نزلاء السجن، ومعظمهم كانوا من الاسلاميين، وكذلك بدخول الأكل والملابس ومواد التنظيف كل شهر.
واستطرد أنه في يوم 28-06-1996م ولأسباب عديدة من بينها البقاء أو الخوف من البقاء في السجن لفترة طويلة دون محاكمة، خاصة أولئك الذين لا قضايا لهم، وقد تصدر ضدهم أحكام قاسية، إضافة إلى المعاملة السيئة، قررت مجموعة من السجناء وعددهم سبعة الهرب، وكانوا يقيمون في الزنزانة رقم 7 من القسم الأول، ثم انضم إليهم في الليلة التي قرروا الهروب فيها، خمسة أشخاص آخرون من زنزانات أخرى، وهؤلاء لم يكونوا على علم بخطة الهروب، ولكنهم وافقوا وكان ذلك أثناء فترة توزيع الطعام في المساء.
ويضيف: "بعد هذا الهروب، أصدرت إدارة السجن قرارت بمنع الزيارة، وتجريد المساجين من كل حاجياتهم بما في ذلك الملابس، وقد تم سلبهم من كل شئ ما عدا بدلة السجن والمراتب التي ينامون عليها وبطانيتين لكل منهما.
ثم ساءت المعاملة وتعددت نوعية العقوبات ونوعيات الأكل وكمياته، وكثرت الأمراض، بسبب نقص الغداء وعدم إخراج القمامة وانسداد المجاري. مشيرً إلى أنه وفي ظل هذه الظروف تساوت الحياة والموت، فقام السجناء بعدة محاولات لمقابلة أدارة السجن لتحسين الوضع، لكنها لم تستجب لهم.
يوم الجمعة عصرا
وأضاف شاهد العيان أنه على أثر قررت مجموعة من السجناء التظاهر أو الاعتصام، فكانت بداية الأحداث يوم الجمعة 29 يونيو 1996 في الساعة الرابعة والنصف عصرا تقريبا. وعند دخول أحد أفراد مجموعة توزيع العشاء من الباب الذي كان يقف فيه مجموعة من السجناء، قاموا بدفعه بقوة حتى سقط وأغمى عليه، وبعد ذلك اندفع المعتقلون خارجين من الزنزانة.
وعندما رأى أفراد الحرس سقوط زميلهم واندفاع السجناء هربوا مسرعين باتجاه الباب الرئيسي لمبنى السجن، لكن المعتقلين قاموا بكسر أقفال أبواب العنبر، وطاردوا بقية أفراد الحرس، إلا أنهم لم يستطيعوا الخروج إلى ساحة المبنى خوفاً من الرصاص الذي يطلقة الحرس عليهم. وبين ذلك الشاهد أنه قتل في هذه المعركة 6 معتقلين وأصيب11 آخرون بجروح، حينما حاولوا الخروج من الباب الرئيسي للبمنى.
ووفق رواية شاهد العيان فقد حضرت مجموعة من المسئولين بقيادة خيري خالد، وعبدالله السنوسي صهر الزعيم الليبي معمر القذافي، وخليفة حنيش، بعد اتصال مأمور السجن بهم، وكذلك حضرت قوات من الشرطة العسكرية كانت داخل المعسكر للسيطرة على الوضع وبقى المعتقلين خارج الزنزانات.
وطلب عبدالله السنوسي التفاوض معهم، وتم ترشيح مندوب من كل عنبر، وكان شاهد العيان الذي ننقل عنه تلك الرواية مندوباًعن أحد العنابر. ويقول إن الاجتماع مع السنوسي اتسم بالهدوء، وتم عرض مطالب السجناء في السماح لهم بالزيارات الشخصية، وتحسين المعاملة، والسماح بدخول الأكل لهم ومعالجة المرضى، ووعدهم بأن ينقل ذلك إلى الجهة المسئولة، بشرط أن يدخلوا إلى زنزاناتهم وتغلق الأبواب عليهم، فوافقوا على ذلك.
حصدوا المرضى بالرصاص
ويضيف شاهد العيان إنه بعد ذلك مباشرة استقبل السنوسي مكالمة هاتفية بدت وكأنها من العقيد القذافي لكننا لم نعرف ما دار فيها، وبعد أن انتهى من المكالمة شعرنا أن هناك أوامر عليا ما على وشك التنفيذ، ثم حجوزنا بوصفنا مرشحين للتفاوض في غرفة معزولة، وتم نقل المرضى إلى معسكر خارج السجن، حيث أوقفوهم صفاً واحداً، وصدرت الأوامر إلى الجنود الذين كانوا يؤدون الخدمة العسكرية بأن يطلقوا النار عليهم، ومن يرفض التنفيذ، يقف معهم، فكانت بداية التصفية بالمرضى، أما الذين بقوا داخل السجن من القواطع الثالث والرابع والخامس والسادس والأول فقد أخرجوا إلى ساحة المبنى.
ويقول إنه في الساعة الحادية عشر ألقيت قنابل يدوية، وتم إطلاق رصاص كثيف من أسلحة مختلفة منها بنادق الكلاشنكوف ورشاشات الأغراض العامة والغدارات، واستمر ذلك لمدة ساعة تقريبا،ً وقد استمر القتل لأولئك الذين لم تكن إصابتهم مميتة لأكثر من يومين أو ثلاثة.
جثث في ثلاجة شاحنة لنقل اللحوم
ويضيف "بقيت الجثث ملقاة على الأرض حتى الليل"، وبعد ذلك دخلت شاحنة بها ثلاجة تابعة لشركة نقل اللحوم وأخرى تابعة للصيد البحري، وقام الحراس بوضع الجثث داخل الثلاجات، ولم تخرج السيارات إلا في الصباح الباكر، وبقى الحال دون حركة حتى الليل يوم الأحد، فجاءت السيارة مرة أخري، وقامت بنفس العملية، وفي يوم الاثنين ونظراً لشدة حرارة الجو تعفنت الجثث، ولم يعد ممكنا نقلها بتلك الطريقة فأحضروا حاوية كبيرة ورافعة (فركه) صغيرة قامت بحمل الجثث ووضعها في الحاوية، ودامت هذه الحالة حتى يوم الثلاثاء
قاعدة خرسانية فوق الجثث المتحللة
ويشير إلى أن الجثث التي بدأت في التحلل تم دفنها داخل السجن وأقيمت قاعدة خرسانية فوق المكان الذي دفنت فيه الجثث، حيث زعمت إدارة السجن أنها أرضية ملعب رياضي، ولم يتمكنوا من القضاء على الرائحة المنبعثة من الجثث رغم كثرة المبيدات التي قاموا برشها داخل السجن وخارجه.
ويقع سجن أبو سليم في المنطقة التي تحمل نفس الاسم داخل معسكر 28 سبتمبر للشرطة العسكرية، ويوجد في هذا المعسكر إدارة الشرطة والسجون العسكرية، ولا يزال في داخل المعسكر مبان كثيرة ومخازن ومسجد ومحطة وقود وورش، ومن بين هذه المباني سجنان كبيران مساحة كل منها 10000 متر مربع.
وعلى خلفية مرور الذكرى التاسعة لقضية سجن أبو سليم، يشدد بشير على أن "المعارضة في الفترة القادمة، ستتخذ اجراءات عملية تجاه " المذبحة" " وسنقوم برفع قضايا في محكمة الجنايات الدولية ضد اشخاص في النظام متورطين في تلك المذبحة، ولدينا مستندات وأسماء شخصيات نافذة متورطة فيها، وفي أعمال أخرى قام بها النظام ".
هذا وقد أفامت اللجنة الليبية للتضامن من المختفين وضحايا "مجزرة سجن أبو سليم" اعتصاماً أمس الأربعاء 29-06-2006 في مدينة بيرن بسويسرا في ميدان (Korn House Plakz) وهو الميدان المخصص للتظاهر في المدينة بمناسبة الذكرى التاسعة لمجزرة أبو سليم التي ارتكبها النظام اللييبي في 28-09-6-1996م ضد ما يزيد عن 1000 سجين سياسي ليبي داخل زنازينهم في سجن أبو سليم.
واعتبرت اللجنة في بيان استلمت "العربية.نت" نسخة منه ما حدث في تلك المجزرة، انتهاكا واضحا وصريحا لأبسط حقوق الأنسان التي نصت عليها كل الأديان السماوية، في ظل الصمت الكامل من المجتمع الدولي ووسائل الاعلام العربية والعالمية، ورفض النظام الليبي الاعلان عن العدد الحقيقي للضحايا وتسليم جثثهم لأهاليهم".
وشكك جمعة بريمة سكرتير عام اللجنة الليبية للتضامن مع المختفين وضحايا المجزرة لـ"العربية.نت في مصداقية تصريحات الحكومة الليبية على لسان التهامي خالد لجمعية هيومان رايتس ووتش بشأن تشكيل لجنة للتحقيق حوال تلك الأحداث، قائلا إن " النظام هو الجاني ولا يمكن ان يدين نفسه، ونطالب أن تشارك في اللجنة جهات دولية". وأكد أنه لم تتخذ أية خطوة ايجابية في ملف قضية أبوسليم، ولم يتم إخطار ذوي المفقودين عن مصير ابنائهم المفقودين منذ العام 1996م .
وطالبت اللجنة في بيانها بتكوين لجنة تحقيق دولية مستقلة للكشف عن ملابسات الجريمة، وأن يعلن النظام العدد الحقيقي لضحايا المجزرة، وتسليم جثث الضحايا لعائلاتهم. كما طالبت بضرورة محاكمة المسئولين عن "الجريمة" أمام جهات دولية، و الافراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين في لبيبا باختلاف توجهاتهم.
تنشيط المعارضة الليبية في الداخل
من جهة أخرى قال مسئول رفيع في المعارضة الليبية إنها في طريقها للتعبير عن نفسها قريبا داخل ليبيا نفسها من خلال العصيان المدني والتظاهر السلمي، وهي خطوة غير مسبوقة منذ استولى نظام العقيد معمر القذافي على السلطة في الأول من سبتمبر/ايول 1969م.
وأوضح ابراهيم عبد العزيز الأمين العام للجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا في تصريحات لـ"العربية.نت" إن مطالب المؤتمر الوطني للمعارضة اللييية الذي أنهى أعماله في لندن يوم الأحد الماضي "تمثل رغبة الشعب االذي يرفض القمع والقهر الذي يمارسه النظام ضده" مؤكداً قدرة المعارضة الليبية في الداخل على تحريك الشعب للثورة ضد " النظام السستبد" على حد قوله.
وأضاف: "لنا تنسيق واتصال بقوى المعارضة في الداخل والتي تعمل بشكل سرى لأن النظام الليبي لا يقر بمبدأ المعارضة". وقال " لسنا أقل من الشعب الجورجي الذي استطاع عندما تحرك أن يسقط رئيسا منتخبا مدللا عند الغرب" مشيرا إلى أن الشعب الليبي لا تنقصه الارادة في اسقاط النظام، وأن المعارضة لا تراهن أو تعتمد على الغرب في احلال الاًصلاح في ليبيا، وترفض أن يكون الاصلاح عن طريق تدخل دولي.
المعارضة تنفي تلقيها دعما خارجيا
وطالب عبد العزيز الدول العربية والمجمتع الدولي بدعم المعارضة الليبية لتحقيق مطالبا بالاصلاح في ليبيبا، ونفى بشدة أن تكون المعارضة قد تلقت دعماً خارجيا لمؤتمرها الأخير كما ذكر مؤيدون للنظام الليبي، وقال " لم نستلم أي دعم من أية دولة، وكان المؤتمر تخطيطاً وتمويلاً وتنفيذا بدون تدخل او دعم من اي جهة".
وكان مؤتمر لندن قد دشن مرحلة جديدة في أسلوب المعارضة الليبية، خاصة أن هذه هي المرة الأولى التي تسلط الأضواء على مؤتمر كهذا مناهض لسياسات العقيد القذافي، وقد حرص المشاركون فيه على إصدار وثيقة سميت بـ"إعلان التوافق الوطني" طالبت بتخلي القذافي عن السلطة وتشكيل حكومة إنتقالية وإقامة دولة دستورية ديمقراطية.
وكان لافتا مشاركة جميع أطياف المعارضين فيما عدا المنتمين لجماعة الاخوان المسلمين الليبية التي قاطعته، احتجاجا على ما وصفته بالاقصائية التي مورست ضدها، وفقا ًلتصريحات القيادي البارز في الجماعة سليمان عبد القادر لـ"العربية.نت".
وقال عبد القادر إن مطالب " إعلان التوافق" الصادرة عن المؤتمر غير منطقية، لعدم استطاعة المعارضة الليبية احداث تغييرات على الخارطة الليبية لضعفها اولأ، ثم للانفراج الجاري بين المجتمع الدولي والنظام الليبي بعد تسوية أزمة لوكربي.
أما المعارض محمد بشير صالح وهو احد قادة المحاولة الانقلابية للاطاحة بالنظام الليبي عام 1993م فقد قال لـ"العربية.نت إن المعارضة الليبية الآن في أقوى مراحلها لأنها اعتمدت على امكانياتها الذاتية، وعملت على تركيز قواعدها في الداخل " ايماناً منها بأن التغيير لايتم إلا من الداخل".
المعارضة تتبنى ثلاثة محاور لاسقاط القذافي
ويضيف بشير أن المعارضة اتخذت ثلاثة محاور لانجاز برنامجها لاسقاط النظام، المحور القانوني، والمحور السياسي الضاغط، ثم العمل الشعبي، لكنه حذر " إذا لم يستجب النظام لهذه الطرق السلمية، سنلجاً للعمل المسلح من الداخل"، مشككاً في الوقت نفسه في امكانية أن يستجيب للطرق السلمية " لأن الإخوان المسلمين اتخذوا طريق الحوار السلمي مع النظام ولم يجنوا شيئاً".