رستم باشا
07-17-2019, 06:43 PM
http://www.manar.com/file-attachs-38460-100-80.jpg
نشر بتاريخ: 2019-07-15
أنهت زيارة وزير خارجية دولة الاحتلال، يسرائيل كاتس، إلى دولة الإمارات، في 30 يونيو 2019، ضبابية التاريخ السري للعلاقات بين الطرفين، المليء بالتناقضات؛ من العمليات الأمنية السرية ثم الاغتيالات والتصفيات الجسدية، وصولاً إلى الاتصالات الرسمية.
ورغم أن أبوظبي تنكر علاقاتها السرية بدولة الاحتلال الإسرائيلي طيلة السنوات الماضية، وتدعي "زوراً" الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ومناصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية في المجتمع الدولي، فإن الزمن كان كفيلاً بإخراج الوجه الحقيقي لهذه الحكومة للعلن أمام الرأي العام.
زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي ليست الأولى لمسؤول رفيع إلى أبوظبي، فقد سبقتها زيارة أخرى لوزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف، في أكتوبر عام 2018، والتي أثارت حينها استياء كبيراً في أوساط العرب.
والمتابع للصحافة العبرية يجد بوضوح التعاون الأمني السري الوثيق بين أبوظبي و"تل أبيب" الذي يهدف إلى تصفية المخاطر التي تقف حائلاً أمام "إسرائيل"؛ بداية من محاربة فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها "حماس"، وحركات الإسلام السياسي، وحتى الدول المناصرة للقضية الفلسطينية.
تقنيات التجسس والسلاح
رغم تحفظ أبوظبي على علاقاتها السرية مع "تل أبيب" طيلة العقود الماضية، وعدم تطرق وسائل إعلامها لملامح هذه العلاقة، فقد بدأت الصحافة العبرية في السنوات الأخيرة تكشف طبيعة ما يخفيه الطرفان خلف الكواليس، بهدف لفت نظر الحكومات العربية وزيادة مجالات التطبيع مع الاحتلال، وإظهار "نموذج أبوظبي" بهذا الشأن.
صحيفة "معاريف" العبرية كشفت، في 8 يونيو 2019، تفاصيل العلاقات الخاصة والتعاون الاستخباري والأمني العميق بين "إسرائيل" وإمارة أبوظبي. ولفت معلّق الشؤون الاستخبارية في الصحيفة، يوسي ميلمان، إلى أنّ هذه العلاقات تتعاظم بسبب طابع المصالح المشتركة التي تربط الطرفين.
وأشار ميلمان إلى أن أبوظبي تبني علاقتها بـ"إسرائيل" كإمارة مستقلة لا بوصفها ممثلة لدولة "الإمارات"، وهذه العلاقة تقوم على عقد صفقات سلاح، حيث تبيع "تل أبيب" للإمارة عتاداً استخبارياً وتكنولوجياً.
وتقول الصحافة العبرية إن تجمع الصناعات العسكرية وشركة "إلبيت" للمنظومات المسلحة يرتبطان بعلاقة وثيقة بأبوظبي، وبحسب "معاريف" فإن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يرتبط بعلاقات خاصة ببن زايد، يسمح لـ"إسرائيل" ببيع تقنيات عسكرية تعتمد على التكنولوجيا الأمريكية لأبوظبي.
هذه التقنيات تمثلت في بيع شركة "NSO" الإسرائيلية أبوظبي برنامج التجسس "بيغاسوس"، الذي يتيح لجهاز أمن الدولة اختراق الهواتف الشخصية لمن تعتبرهم معارضين للنظام، والحصول على معلومات منها، بالإضافة إلى شراء منتوجات شركة "فيرنت" الإسرائيلية المتخصصة في إنتاج العتاد الاستخباري، ومن ضمنه تقنيات التنصت.
توثقت قبل 15 عاماً
وتؤكد الصحيفة أن العلاقات السرية بين أبوظبي و"إسرائيل" توثقت قبل 15 عاماً، لكن "المؤسستين الأمنية والاستخبارية في تل أبيب حرصتا على إحاطة هذه العلاقات بالكتمان الشديد"، وأسهم رجل الأعمال الإسرائيلي متاي كوخافي، في تدشين علاقات الطرفين، كما ذكر متفاخراً خلال محاضرة ألقاها في سنغافورة بدوره في تطوير هذه العلاقات.
وقال كوخافي إن شركته "لوجيك" (مقرها "إسرائيل") زودت أبوظبي بعتاد أمني لتأمين الحدود وحقول النفط، فضلاً عن تقديمها استشارات أمنية، كما استعانت بخدمات جنرالات في الجيش والاستخبارات الإسرائيلية في إدارة أنشطتها داخل أبوظبي، مشيراً إلى أن "رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق عاموس مالكا، وقائد سلاح الجو الأسبق إيتان بن إلياهو، عملا باسم شركته داخل أبوظبي".
وتقوم طائرة خاصة بنقل الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين من قبرص إلى أبوظبي، بحسب كوخافي، الذي أكد أن "العشرات من الجنرالات ورجال الاستخبارات الإسرائيليين زاروا أبوظبي ضمن أنشطة شركته في حي مكون من الفلل داخل الإمارة.
وبحسب مجلة "إنتليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في قضايا الدفاع، فإن الإسرائيليين الذين يتولون إدارة صفقات السلاح والاستشارات العسكرية مع أبوظبي في الوقت الحالي هم: دفيد ميدان، الذي تولى في السابق قيادة شعبة تجنيد العملاء في جهاز الموساد "تسوميت"، وآفي لؤومي، مؤسس شركة "أورانيتكوس"، المتخصصة في إنتاج الطائرات دون طيار.
تعاون ومناورات عسكرية
باتت الصحافة العبرية مؤخراً تشير بقوة إلى حجم التعاون بين سلاحي الجو الإماراتي والإسرائيلي في تقديم الدعم لنظام عبد الفتاح السيسي في مواجهة تنظيم "ولاية سيناء"، وتنفيذ غارات جوية مشتركة هناك، وفق ما يذكر ميلمان.
وهذا التعاون شمل أيضاً تقديم الدعم لقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، المتمرد على حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، لكونه يرتبط بتحالف مع كل من أبوظبي ونظام السيسي.
وخلال السنوات الأخيرة رصدت تسريبات وصحف ودوريات متخصصة تعاظماً بالتعاون الإماراتي الإسرائيلي، ذهبت أبوظبي في الشق العسكري منه إلى حد المشاركة في مناورات كان سلاح الجو الإسرائيلي طرفاً فيها.
العلاقة القوية مع أبوظبي دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى التفاخر في أكثر من مناسبة بوجود علاقات غير مسبوقة بين "تل أبيب" ونظم الحكم العربية، بحسب ما تذكر صحيفة "معاريف".
اغتيال المبحوح يكشف المستور
يتضح تاريخ التعاون بين أبوظبي و"تل أبيب" في مجالات عدة، منها العسكري والأمني والسياسي، لكن العداء لجماعة "الإخوان المسلمين"، وحركة "حماس"، وتيارات الإسلام السياسي، يعتبر حجر الزاوية في هذه العلاقة الشائكة بين الطرفين، حيث سعت الدولة الخليجية لإنهاء أي نشاط داعم للمقاومة الفلسطينية على أرضها.
تقول صحيفة "معاريف" العبرية إن هذا العداء دفع محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، إلى بناء تحالف مع كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
من أجل تحقيق هذه المصالح الخاصة بالإمارة- يقول يوسي ميلمان- ظل بن زايد يعمل على مدى عقدين من الزمن على عملية شراء مكثفة للأسلحة والمعدات الدفاعية، التي تبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات، معظمها من الولايات المتحدة، وعلى هذه الخلفية تطورت علاقاته مع "إسرائيل".
وبعيداً عن الصحافة والإعلام، جرت اللقاءت السرية بانتظام بين كبار المسؤولين الإماراتيين والإسرائيليين، التي كشف عنها السفير الأمريكي السابق لدى "تل أبيب"، دان شابيرو، وكانت تتم من خلال الاتصالات الهاتفية، أو وجهاً لوجه في كثير من الأحيان.
شكك كثيرون بمصداقية السلطات الإماراتية حينما أعلنت أنها تجري تحقيقاً في عملية اغتيال القيادي في حركة حماس، محمود المبحوح، التي جرت بتعاون سري بين شرطة دبي وعناصر من الموساد، عام 2010، بحسب ما كشف الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين العام الماضي.
التواطؤ الإماراتي - الإسرائيلي في عملية اغتيال المبحوح أظهر الدور الواضح لضاحي خلفان، قائد شرطة دبي سابقاً، لا سيما عند دخول عملاء الموساد إلى دبي قادمين من أوروبا، يومي 18 - 19 يناير 2010، لتحدث الجريمة في أحد فنادق المدينة، ويخرج بعدها بسيل هائل من التصريحات كشف خلالها تفاصيل الجريمة، نافياً عن أجهزته الأمنية تهمة التقصير .
كوهين في تغريدة عبر "تويتر" قال إن المبحوح دخل دبي، يوم 18 يناير 2010، بجواز سفر مزور؛ لأنه كان خائفاً من السلطات الإماراتية، ومن ثم أبلغ ضاحي خلفان، محمد دحلان، القيادي المفصول في حركة فتح، والأخير بلغ المخابرات الأمريكية (CIA)، ليقوم الأمريكان بإبلاغ الموساد، حيث أعطاهم خلفان كرت غرفة المبحوح، وبعدما نفذ الفريق الجريمة، وانتظر قائد شرطة دبي خروجهم من البلاد صرح أن الموساد من نفذ العملية.
دفاع خلفان عن حق "إسرائيل" واليهود ببناء دولة واحدة على الأراضي الفلسطينية، ومطالبته بالوحدة بين العرب واليهود، ونكرانه حق قيام أي دولة فلسطينية، لم تشفع له أمام الإعلام العبري، الذي فضح ما كانت تريد أبوظبي إخفاءه على الأقل لسنوات.
لم تكن عملية اغتيال المبحوح هي الأولى التي نفذها عملاء مخابرات إسرائيلية في دولة الإمارات، كما يذكر عميل متقاعد في العمليات السرية في الموساد تحت اسم "مايكل روس"، الذي ذكر أنه يتفق مع الرأي القائل إن أكثر من عملية نفذت في دبي، وهذا التأكيد يفتح تاريخ العلاقات المشبوه بين البلدين.
ويشير العميل المتقاعد إلى الدور الذي مارسته سلطات أبوظبي في هذه العمليات ودول أخرى بالقول: "هناك جوانب عديدة وفاعلون دوليون لهم علاقة بالعملية مقارنة بما يتبدى للعين المجردة".
توالت الأحداث بسرعة في العالم العربي بعد اغتيال المبحوح، وفتحت دولة الإمارات العديد من جبهات الصراع، منها محاربة "حماس" علناً، وكذلك الحركات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين وتيارات الإسلام السياسي.
مواجهة مع الإسلاميين
تفرُّد بن زايد في حكم البلاد، وعلاقاته المشبوهة مع دولة الاحتلال، وتحكمه بمصير أكثر من مليون مواطن، بدأ ينعكس سلباً على المجتمع، ودفع 133 حقوقياً وأكاديمياً وإصلاحياً إماراتياً في البلاد إلى المناداة بعملية إصلاح جذرية في مؤسسات الدولة، وانتخاب مجلس تشريعي اتحادي يشرف على عمل الحكومة.
لكن هؤلاء الـ133 الذين ينتمون للتيار الإسلامي، دفعوا ثمن مطالبتهم بحزمة الإصلاحات الداخلية، ويبدو أنهم ارتكبوا "خطأ فادحاً" بنظر بن زايد، ليشن جهاز أمن الدولة عمليات أمنية واسعة هي الأعنف في تاريخ البلاد ضد هؤلاء الإصلاحيين وعوائلهم، وتقام لهم محاكم خاصة وجردوا من أبسط حقوقهم.
ومنذ نحو عقد من الزمن يقطن قادة ومقربون مما يعرف بـ"تيار الإصلاح" الإماراتي السجون، حيث أقيمت لهم محاكمات وصفت بـ"الهزلية" انتهى بهم المطاف بتجريدهم من أبسط حقوقهم المدنية والاجتماعية، وسحب الجنسية والمواطنة، ومواجهة أحكام لا تستند إلى أرضية واضحة سوى معارضتهم لإدارة البلاد من قبل شخص واحد.
وبعد الحملات الأمنية على تيار الإصلاح داخلياً، أشعلت أبوظبي حرباً على ما بات يعرف بـ"تيارات الإسلام السياسي" والحركات الإسلامية، خارجياً وفي العام الإسلامي، منها دعم الانقلابات العسكرية والتمرد ضد حكومات انتخبت ديمقراطياً في مصر وليبيا وتونس واليمن، كما تتزعم أبوظبي "الثورة المضادة" لثورات الشعوب العربية التي عرفت بـ"ثورات الربيع العربي" منذ عام 2010، بحسب وصف صحيفة "نيويورك تايمز".
الخليج اون لاين
نشر بتاريخ: 2019-07-15
أنهت زيارة وزير خارجية دولة الاحتلال، يسرائيل كاتس، إلى دولة الإمارات، في 30 يونيو 2019، ضبابية التاريخ السري للعلاقات بين الطرفين، المليء بالتناقضات؛ من العمليات الأمنية السرية ثم الاغتيالات والتصفيات الجسدية، وصولاً إلى الاتصالات الرسمية.
ورغم أن أبوظبي تنكر علاقاتها السرية بدولة الاحتلال الإسرائيلي طيلة السنوات الماضية، وتدعي "زوراً" الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ومناصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية في المجتمع الدولي، فإن الزمن كان كفيلاً بإخراج الوجه الحقيقي لهذه الحكومة للعلن أمام الرأي العام.
زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي ليست الأولى لمسؤول رفيع إلى أبوظبي، فقد سبقتها زيارة أخرى لوزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف، في أكتوبر عام 2018، والتي أثارت حينها استياء كبيراً في أوساط العرب.
والمتابع للصحافة العبرية يجد بوضوح التعاون الأمني السري الوثيق بين أبوظبي و"تل أبيب" الذي يهدف إلى تصفية المخاطر التي تقف حائلاً أمام "إسرائيل"؛ بداية من محاربة فصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها "حماس"، وحركات الإسلام السياسي، وحتى الدول المناصرة للقضية الفلسطينية.
تقنيات التجسس والسلاح
رغم تحفظ أبوظبي على علاقاتها السرية مع "تل أبيب" طيلة العقود الماضية، وعدم تطرق وسائل إعلامها لملامح هذه العلاقة، فقد بدأت الصحافة العبرية في السنوات الأخيرة تكشف طبيعة ما يخفيه الطرفان خلف الكواليس، بهدف لفت نظر الحكومات العربية وزيادة مجالات التطبيع مع الاحتلال، وإظهار "نموذج أبوظبي" بهذا الشأن.
صحيفة "معاريف" العبرية كشفت، في 8 يونيو 2019، تفاصيل العلاقات الخاصة والتعاون الاستخباري والأمني العميق بين "إسرائيل" وإمارة أبوظبي. ولفت معلّق الشؤون الاستخبارية في الصحيفة، يوسي ميلمان، إلى أنّ هذه العلاقات تتعاظم بسبب طابع المصالح المشتركة التي تربط الطرفين.
وأشار ميلمان إلى أن أبوظبي تبني علاقتها بـ"إسرائيل" كإمارة مستقلة لا بوصفها ممثلة لدولة "الإمارات"، وهذه العلاقة تقوم على عقد صفقات سلاح، حيث تبيع "تل أبيب" للإمارة عتاداً استخبارياً وتكنولوجياً.
وتقول الصحافة العبرية إن تجمع الصناعات العسكرية وشركة "إلبيت" للمنظومات المسلحة يرتبطان بعلاقة وثيقة بأبوظبي، وبحسب "معاريف" فإن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يرتبط بعلاقات خاصة ببن زايد، يسمح لـ"إسرائيل" ببيع تقنيات عسكرية تعتمد على التكنولوجيا الأمريكية لأبوظبي.
هذه التقنيات تمثلت في بيع شركة "NSO" الإسرائيلية أبوظبي برنامج التجسس "بيغاسوس"، الذي يتيح لجهاز أمن الدولة اختراق الهواتف الشخصية لمن تعتبرهم معارضين للنظام، والحصول على معلومات منها، بالإضافة إلى شراء منتوجات شركة "فيرنت" الإسرائيلية المتخصصة في إنتاج العتاد الاستخباري، ومن ضمنه تقنيات التنصت.
توثقت قبل 15 عاماً
وتؤكد الصحيفة أن العلاقات السرية بين أبوظبي و"إسرائيل" توثقت قبل 15 عاماً، لكن "المؤسستين الأمنية والاستخبارية في تل أبيب حرصتا على إحاطة هذه العلاقات بالكتمان الشديد"، وأسهم رجل الأعمال الإسرائيلي متاي كوخافي، في تدشين علاقات الطرفين، كما ذكر متفاخراً خلال محاضرة ألقاها في سنغافورة بدوره في تطوير هذه العلاقات.
وقال كوخافي إن شركته "لوجيك" (مقرها "إسرائيل") زودت أبوظبي بعتاد أمني لتأمين الحدود وحقول النفط، فضلاً عن تقديمها استشارات أمنية، كما استعانت بخدمات جنرالات في الجيش والاستخبارات الإسرائيلية في إدارة أنشطتها داخل أبوظبي، مشيراً إلى أن "رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الأسبق عاموس مالكا، وقائد سلاح الجو الأسبق إيتان بن إلياهو، عملا باسم شركته داخل أبوظبي".
وتقوم طائرة خاصة بنقل الجنرالات الإسرائيليين المتقاعدين من قبرص إلى أبوظبي، بحسب كوخافي، الذي أكد أن "العشرات من الجنرالات ورجال الاستخبارات الإسرائيليين زاروا أبوظبي ضمن أنشطة شركته في حي مكون من الفلل داخل الإمارة.
وبحسب مجلة "إنتليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في قضايا الدفاع، فإن الإسرائيليين الذين يتولون إدارة صفقات السلاح والاستشارات العسكرية مع أبوظبي في الوقت الحالي هم: دفيد ميدان، الذي تولى في السابق قيادة شعبة تجنيد العملاء في جهاز الموساد "تسوميت"، وآفي لؤومي، مؤسس شركة "أورانيتكوس"، المتخصصة في إنتاج الطائرات دون طيار.
تعاون ومناورات عسكرية
باتت الصحافة العبرية مؤخراً تشير بقوة إلى حجم التعاون بين سلاحي الجو الإماراتي والإسرائيلي في تقديم الدعم لنظام عبد الفتاح السيسي في مواجهة تنظيم "ولاية سيناء"، وتنفيذ غارات جوية مشتركة هناك، وفق ما يذكر ميلمان.
وهذا التعاون شمل أيضاً تقديم الدعم لقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، المتمرد على حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، لكونه يرتبط بتحالف مع كل من أبوظبي ونظام السيسي.
وخلال السنوات الأخيرة رصدت تسريبات وصحف ودوريات متخصصة تعاظماً بالتعاون الإماراتي الإسرائيلي، ذهبت أبوظبي في الشق العسكري منه إلى حد المشاركة في مناورات كان سلاح الجو الإسرائيلي طرفاً فيها.
العلاقة القوية مع أبوظبي دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى التفاخر في أكثر من مناسبة بوجود علاقات غير مسبوقة بين "تل أبيب" ونظم الحكم العربية، بحسب ما تذكر صحيفة "معاريف".
اغتيال المبحوح يكشف المستور
يتضح تاريخ التعاون بين أبوظبي و"تل أبيب" في مجالات عدة، منها العسكري والأمني والسياسي، لكن العداء لجماعة "الإخوان المسلمين"، وحركة "حماس"، وتيارات الإسلام السياسي، يعتبر حجر الزاوية في هذه العلاقة الشائكة بين الطرفين، حيث سعت الدولة الخليجية لإنهاء أي نشاط داعم للمقاومة الفلسطينية على أرضها.
تقول صحيفة "معاريف" العبرية إن هذا العداء دفع محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، إلى بناء تحالف مع كل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
من أجل تحقيق هذه المصالح الخاصة بالإمارة- يقول يوسي ميلمان- ظل بن زايد يعمل على مدى عقدين من الزمن على عملية شراء مكثفة للأسلحة والمعدات الدفاعية، التي تبلغ قيمتها مئات المليارات من الدولارات، معظمها من الولايات المتحدة، وعلى هذه الخلفية تطورت علاقاته مع "إسرائيل".
وبعيداً عن الصحافة والإعلام، جرت اللقاءت السرية بانتظام بين كبار المسؤولين الإماراتيين والإسرائيليين، التي كشف عنها السفير الأمريكي السابق لدى "تل أبيب"، دان شابيرو، وكانت تتم من خلال الاتصالات الهاتفية، أو وجهاً لوجه في كثير من الأحيان.
شكك كثيرون بمصداقية السلطات الإماراتية حينما أعلنت أنها تجري تحقيقاً في عملية اغتيال القيادي في حركة حماس، محمود المبحوح، التي جرت بتعاون سري بين شرطة دبي وعناصر من الموساد، عام 2010، بحسب ما كشف الصحفي الإسرائيلي إيدي كوهين العام الماضي.
التواطؤ الإماراتي - الإسرائيلي في عملية اغتيال المبحوح أظهر الدور الواضح لضاحي خلفان، قائد شرطة دبي سابقاً، لا سيما عند دخول عملاء الموساد إلى دبي قادمين من أوروبا، يومي 18 - 19 يناير 2010، لتحدث الجريمة في أحد فنادق المدينة، ويخرج بعدها بسيل هائل من التصريحات كشف خلالها تفاصيل الجريمة، نافياً عن أجهزته الأمنية تهمة التقصير .
كوهين في تغريدة عبر "تويتر" قال إن المبحوح دخل دبي، يوم 18 يناير 2010، بجواز سفر مزور؛ لأنه كان خائفاً من السلطات الإماراتية، ومن ثم أبلغ ضاحي خلفان، محمد دحلان، القيادي المفصول في حركة فتح، والأخير بلغ المخابرات الأمريكية (CIA)، ليقوم الأمريكان بإبلاغ الموساد، حيث أعطاهم خلفان كرت غرفة المبحوح، وبعدما نفذ الفريق الجريمة، وانتظر قائد شرطة دبي خروجهم من البلاد صرح أن الموساد من نفذ العملية.
دفاع خلفان عن حق "إسرائيل" واليهود ببناء دولة واحدة على الأراضي الفلسطينية، ومطالبته بالوحدة بين العرب واليهود، ونكرانه حق قيام أي دولة فلسطينية، لم تشفع له أمام الإعلام العبري، الذي فضح ما كانت تريد أبوظبي إخفاءه على الأقل لسنوات.
لم تكن عملية اغتيال المبحوح هي الأولى التي نفذها عملاء مخابرات إسرائيلية في دولة الإمارات، كما يذكر عميل متقاعد في العمليات السرية في الموساد تحت اسم "مايكل روس"، الذي ذكر أنه يتفق مع الرأي القائل إن أكثر من عملية نفذت في دبي، وهذا التأكيد يفتح تاريخ العلاقات المشبوه بين البلدين.
ويشير العميل المتقاعد إلى الدور الذي مارسته سلطات أبوظبي في هذه العمليات ودول أخرى بالقول: "هناك جوانب عديدة وفاعلون دوليون لهم علاقة بالعملية مقارنة بما يتبدى للعين المجردة".
توالت الأحداث بسرعة في العالم العربي بعد اغتيال المبحوح، وفتحت دولة الإمارات العديد من جبهات الصراع، منها محاربة "حماس" علناً، وكذلك الحركات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين وتيارات الإسلام السياسي.
مواجهة مع الإسلاميين
تفرُّد بن زايد في حكم البلاد، وعلاقاته المشبوهة مع دولة الاحتلال، وتحكمه بمصير أكثر من مليون مواطن، بدأ ينعكس سلباً على المجتمع، ودفع 133 حقوقياً وأكاديمياً وإصلاحياً إماراتياً في البلاد إلى المناداة بعملية إصلاح جذرية في مؤسسات الدولة، وانتخاب مجلس تشريعي اتحادي يشرف على عمل الحكومة.
لكن هؤلاء الـ133 الذين ينتمون للتيار الإسلامي، دفعوا ثمن مطالبتهم بحزمة الإصلاحات الداخلية، ويبدو أنهم ارتكبوا "خطأ فادحاً" بنظر بن زايد، ليشن جهاز أمن الدولة عمليات أمنية واسعة هي الأعنف في تاريخ البلاد ضد هؤلاء الإصلاحيين وعوائلهم، وتقام لهم محاكم خاصة وجردوا من أبسط حقوقهم.
ومنذ نحو عقد من الزمن يقطن قادة ومقربون مما يعرف بـ"تيار الإصلاح" الإماراتي السجون، حيث أقيمت لهم محاكمات وصفت بـ"الهزلية" انتهى بهم المطاف بتجريدهم من أبسط حقوقهم المدنية والاجتماعية، وسحب الجنسية والمواطنة، ومواجهة أحكام لا تستند إلى أرضية واضحة سوى معارضتهم لإدارة البلاد من قبل شخص واحد.
وبعد الحملات الأمنية على تيار الإصلاح داخلياً، أشعلت أبوظبي حرباً على ما بات يعرف بـ"تيارات الإسلام السياسي" والحركات الإسلامية، خارجياً وفي العام الإسلامي، منها دعم الانقلابات العسكرية والتمرد ضد حكومات انتخبت ديمقراطياً في مصر وليبيا وتونس واليمن، كما تتزعم أبوظبي "الثورة المضادة" لثورات الشعوب العربية التي عرفت بـ"ثورات الربيع العربي" منذ عام 2010، بحسب وصف صحيفة "نيويورك تايمز".
الخليج اون لاين