المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثقافة »فجر نفسك وادخل الجنة« إلى متى ؟



فاطمة
06-27-2005, 01:01 AM
د. عبدالحميد الانصاري

* كاتب قطري

هذ الموجات المتصاعدة من العمليات الارهابية التي تحصد ارواح الابرياء في العراق وبمعدل 15 قتيلا كل يوم غير المئات من الجرحى والمصابين يجب ان تقلقنا وتؤلمنا وتقض مضاجعنا, نحن الخليجيين قيادات ورموزا دينية وفكرية, وجماهير عريضة, وتوجب علينا جميعا ان نقف مع اخواننا أهل العراق في محنتهم الرهيبة فإلى متى تستمر عذابات العراقيين ونحن لانفعل شيئا?!

لقد سقط خلال ايام معدودة فقط المئات من القتلى والجرحى وفي أنحاء متفرقة من العراق عبر عصابات الاجرام التي تتفنن كل يوم في وسائل واساليب التنكيل بالعراقيين من غير ذنب او جريرة بسيارات مفخخة, أحزمة ناسفة, قنابل مفجرة, قذائف صاروخية.
لقد بلغ الاجرام ان يدخل احدهم مطعما يعج بالناس, وفي وقت الذروة ليفجر نفسه في وسطهم وليقتل اكبر عدد منهم وقد بلغ منهم الفجور ان يستهدفوا المساجد ودور العبادة وفي يوم الجمعة المباركة ليقتلوا اكبر عدد من المصلين!

لقد ارتفع عدد الاساتذة من الاكاديميين الذين لاعلاقة لهم بقوات التحالف الى (60) استاذا تم اغتيالهم لماذا? وما الهدف? وما الذي جناه العراقيون ليستمر مسلسل الذبح والقتل فيهم?! هل لأنهم شاركوا في عمليات الانتخابات? أم لأنهم رضوا بالحكومة الجديدة? أم لأنهم يريدون دستورا عادلاً حرا? أم لأنهم يريدون حياة حرة كريمة?

أقولها صراحة, نحن آثمون بموقفنا المتفرج على مشهد الذبح اليومي واشدنا إثما وجرما من يتعاطف أو يؤيد تلك العمليات الاجرامية من الرموز الدينية او الاقلام الصحافية او يبررها بوجود المحتل والاكثر اجراما هؤلاء الذين يمجدون الارهاب في العراق تحت مسميات »الجهاد« و»المقاومة« و»الدفاع عن شرف الأمة« على يد ابي مصعب وجماعته الذي اتخذ شعاره »اقتل رافضيا وتغد مع النبي« او بحسب قول رئيس الوزراء العراقي د. ابراهيم الجعفري ثقافة »فجر نفسك وادخل الجنة« عن اية مقاومة شريفة يتحدثون?! وعن اي شرف مزعوم يدعون?! لقد كتب احدهم في احدى الصحف الخليجية ان تصوير »صدام« بالملابس الداخلية اهانة للامة العربية والاسلامية فهو رمز العراق والعروبة والاسلام?! هل رأيت خفة وسفها يماثلهما?!

ما يحصل في العراق يعنينا ويؤثر فينا سلبا او ايجابا وسيرسم ذلك طبيعة ونوعية علاقات الخليج بالعراق الجديد, يجب على الخليج دعم الحكومة العراقية - سياسيا واعلاميا - فلا تريد العراق مساندة مادية قدر حاجتها الى المساندة المعنوية - السياسية والاعلامية , ولكن الحاصل ان المنابر الاعلامية والدينية وبعض الاقلام الصحافية تستغل الساحة الخليجية بما يخدم اهداف الارهاب في العراق بتبرير ان ذلك من وسائل المقاومة المشروعة وهناك اقلام صحافية تستأسد في شتم الحكومة العراقية - من دون حياء - في الوقت التي تجبن فيه عن توجيه كلمة نقد واحدة ضد حكومات بلادها التي قدمت منها,

ومما يؤسف له حقا ان تصبح الصحف الخليجية والقنوات الفضائية منابر وابواقا لتلك الاقلام التي تستغل مناخ الحريات والخليج من اجل اهداف طائفية او ايدلوجية بغيضة وضد المصالح الستراتيجية للخليج. يجب على الجميع ان يدركوا ان دعم الحكومة العراقية مصلحة ستراتيجية للخليج وان ذلك يتطلب من الجميع موقفا مسؤولا وكفى عبثا بمصالح اهل الخليج, وان مساندة الحكومة العراقية في تأمين الوضع العراقي وهزيمة الارهاب ومنع التسلل الارهابي وحظر الدعم الطائفي الارهابي مصلحة خليجية اولا واخيرا كما ان نجاح العراقيين في مواصلة العملية الديمقراطية ووضع الدستور وتطبيق الفيدرالية امور تصب في مصلحة اهل الخليج الحيوية,

لذلك يجب على الخليجيين ان يحسموا امورهم ويرتقوا الى مستوى تلك المصالح ويمنعوا العبث الحاصل وليدعوا »المنظار الطائفي« الضيق وراء ظهورهم, لأن اوضاع العراق اليوم وفي ظل الحكومة الحالية أفضل بكثير بالنسبة للخليج مقارنة بالوضع السابق في ظل النظام الصدامي ذلك الوضع الذي كانت فيه, زمرة آيديولوجية سنية, متسلطة تتدخل في الشأن الخليجي الداخلي, تبتز دولها وتشكك في شرعية انظمتها وحكامها وتستنزف موارد واموال وطاقات اهل الخليج عبر اثارة المخاوف الطائفية من الخطر الشيعي الايراني لترسيخ نظامها القمعي, ولتبرير هيمنتها على الخليج ولاستمرار ابتزازها للخليج.

لقد كان اهل الخليج في ظل صدام وزمرته, مهددين بخطر مستمر من جار السوء وكان من نعم الله علينا ان خلصنا منه ومن بوائقة المميتة, حقا لقد كانت رحمة الله واسعة بأهل الخليج بان بعث لهم من يحميهم وينقذهم ويأمنهم.

وان اول واجبات ذلك الشكر وتلك النعمة مد يد العون والمساعدة الى الشعب العراقي وحكومته المنتخبة, لقد اصبح الارهاب في العراق اعمى فبعد مسلسل القتل الاجرامي للشيعة ثم الاكراد بدأ الان لايوفر حتى اهل السنة اذ بدأت الاغتيالات تطال المفاوضين من السنة.
ولكن مهمها تصاعدت اساليب القتل العشوائي فلن يغير حركة التاريخ ولن يحقق هدفا سياسيا مطلقا, ولن ينجح في مسعاه العدواني.

كثيرون يتساءلون: لماذا هذا العنف المتصاعد? وما اسبابه? ومن يقف وراءه? في تصوري ان »ثقافة احتكار الجنة« والتي هي احدى تجليات الفكر السلفي التكفيري الذي زرع في التربة المجتمعية الخليجية , هي السبب الرئيسي في معاناة العراق والخليج معاً, ذلك الفكر الذي شقي به اهله الذين احتضنوه طويلا اولا وفي منبعه, وهاهم الان ينبذونه ويتبرأون منه وحسنا فعلوا .

وبدورنا يجب علينا جميعا ان نتبرأ منه ونستنكره حتى نحمي اولادنا ومستقبلنا والا كان الطوفان.