المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اكتشاف جديد يميط اللثام عن أسرار الحضارة التراقية



زوربا
06-26-2005, 11:49 PM
اعتبرت أحد أهم ركائز أوروبا القديمة


على مدى 12 سنة, ولمدة اربعة شهور في السنة بمعدل 18 ساعة يومياً, ظل جورجي كيتوف وفريقه يبحثون عن كنوز حضارة منسية في وادي الملوك في بلغاريا, وهو عبارة عن وادي بطول 100 كم مغطى بالغابات وسط البلاد, وهو مغطى ايضاً بالبقايا العمرانية التي خلفها التراقيون »سكان منطقة تراقيا« الذين تعد حضارتهم احد اهم ركائز أوروبا القديمة وان لم يبق منها الا ما تشير اليه بعض النصوص والقصص, مما يجعل هذه الحضارة سراً من اسرار الماضي.

ولذلك عمل كيتوف طويلاً على استكشاف المقبرة الموجودة هناك وتمكن من الوصول الى اكتشافات مثيرة يهدف من ورائها الى اضافة شيء الى المعلومات المحدودة التي يعرفها المؤرخون عن التراقيين الذين ازدهروا خلال القرنين الخامس والرابع قبل الميلاد في بلغاريا واجزاء من اليونان الحديثة ومقدونيا ورومانيا وتركيا قبل ان تخضع جميعها للرومان.
لعل اهم ما وقعت عليه يدا كيتوف هو قبر في موقع من منتصف القرن الخامس قبل الميلاد على بعد 170 كم شرقي مدينة صوفيا. فبعد نحو شهر من الحفر في ذاك الموقع وبعدما كان لصوص الآثار بدأوا محاولاتهم هناك, عثر كيتوف على ما يسميه الكنز الذهبي. في داخل القبر وجدوا بقايا انسان مقطع الى قطع كثيرة, حيث عظام الساقين واليدين والفك السفلي موضوعة بعناية على الأرض, وبجانب الهيكل العظمي المفكك, كان هناك قناع بالحجم الطبيعي من الذهب الخالص.

والواقع ان القناع كان مجرد بداية العثور على كنز اكبر يتكون من خاتم ذهبي حفرت عليه صورة شخص رياضي مع مجموعة كاملة من الاسلحة تتضمن رؤوس سهام برونزية ورماح وسيوف ودرع للصدر, وكلها قطع اثرية تعيد الى الاذهان تلك القصص التي تتحدث عن تلك المملكة القوية.

وهو ما يشير اليه جيمس سيكنغر الاستاذ في المدرسة الاميركية للدراسات الكلاسيكية في اثينا اذ يقول »كنا دائماً نعرف ان التراقيين كانوا اصحاب ثروات كبيرة من خلال مراجع التاريخ القديمة. وهذه المكتشافات تبين انهم كانوا قادرين على منافسة اية مملكة في عصرهم«.

عرف التراقيون بانهم محاربون شجعان: وسبارتاكوس الذي كان مصارعاً عبداً وقاد تمرداً ضد الرومان كان احد ابناء هذا الشعب. وقد اشتهروا ايضاً في العالم القديم بخبرتهم في صناعة المعادن. ففي »الالياذة« يصف هوميروس الدرع الذهبي الذي يرتديه الملك التراقي بأنه »معجزة« وانه لا يليق بانسان وإنما يليق بالآلهة التي لا تموت.

ونظراً لقلة المعلومات المتوفرة عن هذا الشعب اعتمد المؤرخون في معلوماتهم عنه على وصف اليونانيين القدماء له بانه مجتمع همجي قبلي ليس له دراية بالسياسة ولا يمتلك كتابة خاصة به. الا ان عمليات الحفر وما نتج عنها من اكتشافات تمخضت عن 13 قطعة مجوهرات واسلحة وتحف طقوسية اظهرت ان الحضارة التراقية كانت تنافس الاغريقيين. وكما يقول الكسندر فول, الخبير البلغاري في التاريخ التراقي, »لم يكونوا مجتمع برابرة« لقد كان لديهم نظام قيم, وكانوا يلتزمون به عن وعي.كما شكلوا مجتمعاً ارستقراطياً له تراتبية دقيقة«.

ويبدو ان القناع الذهبي الذي تم العثور عليه في القبر كان لشخص يحتل مكانة في اعلى الهرم الاجتماعي. وزن القناع 672 غ وهو مصنوع من ذهب عيار 23.5 قيراط, وملامحه توحي بالهيبة مع وجود شاربين ولحية قصيرة وخصلات شعر صغيرة في منتهى التفصيل. ويختلف هذا القناع عن امثاله من حيث الوزن ودقة الصنع مما يشير الى ان صاحبه كان ملكاً.. وحسب النصوص الاغريقية كان هذا القناع يستخدم لشرب الخمر في المناسبات العامة كما كان يضعه على وجهه. وكان الهدف منه ان يرى الغرباء وابناء الشعب الهيبة على وجه الحاكم من خلال هذا القناع.كما ان وضعية القناع في القبر تعبر عن الطبيعة الروحانية المعقدة عند هذا الشعب. فمن خلال »تقطيع اجزاء الجسم ووضع القناع الذهبي حيث يجب ان يكون الوجه هناك اشارة الى انه مصمم كي ينقل الروح الى عالم الخلود« كما يقول الخبير فول.

مجمل ما تم العثور عليه في هذا القبر وقبور اخرى تعود لفترات متعاقبة تخص الشعب التراقي تشير الى انهم»آمنوا بالبعث, لكن الولادة من جديد تكون للروح وليس للجسد«, كما يقول كيتوف وكانوا يؤمنون ان احتياجات الروح مثل حاجات الجسم. ولذلك كانوا يضعون اشياء كثيرة داخل القبر.