سلسبيل
06-25-2005, 04:11 PM
عدنان حسين
يوم الثلاثاء الماضي تجمّع في ساحة الفردوس ببغداد بضع مئات من العراقيين القادمين (بالأحرى المنقولين) من محافظات في الجنوب والوسط ، ونظموا مظاهرة غير متحركة طالبت بانسحاب القوات متعددة الجنسية من العراق.
بضع وكالات للانباء نقلت خبر المظاهرة من دون اهتمام واسع ، ووسائل الاعلام الاخرى لم تحفل به كثيرا ايضا ، حتى ان معظمها لم يشر اليه ، فلم يعد خبرا مثيرا خروج مظاهرة في بلد انطلقت فيه الحريات بعدما عاش دهرا طويلا لم يكن مسموحا فيه لغير المسيرات التي تنظمها السلطة تبجيلا للحاكم الطاغية.
قناة تلفزيونية فضائية واحدة اعتنت بخبر المظاهرة ، بل بالغت في الاعتناء، ومنحت موضوعها ساعتين كاملتين من وقت بثها (اصلية ومكررة) ..انها قناة «العالم» الايرانية.
لا عجب فالقيّمون على القناة ، بخلاف الذين شاركوا في المظاهرة، كانوا يعرفون قيمة الحدث الذي سنكتشف انه سيكون بداية لتاريخ .. لسلسلة من احداث يراد لها ان تقع في العراق. فسرُّ اهتمام القناة الايرانية الفائق بالمظاهرة بسيط للغاية هو ان المظاهرة العراقية في شكلها ومظهرها هي ايرانية في مضمونها وجوهرها.. في دوافعها واهدافها.
ومن الان فصاعدا سيتكرر حصول مثل هذه المظاهرة في مختلف المدن في جنوب العراق ووسطه، وسيتكاثر تدريجيا عدد المشاركين فيها لتتحول في النهاية الى «حركة جماهيرية صاخبة» ، حسب المخطط الايراني.. أعني مخطط الاجهزة السرية الايرانية الناشطة باطراد في العراق.
في العراق ثمة ألف سبب وسبب وألف قضية وقضية للتظاهر ، لكن سلسلة المظاهرات الايرانية التي كانت مظاهرة الثلاثاء في ساحة الفردوس شرارتها الاولى لها شعار واحد، هو خروج القوات متعددة الجنسية (قوات الاحتلال). والهدف الايراني ليس هذا الخروج في حد ذاته وانما إفراغ جنوب العراق ووسطه من اية قوة عسكرية ضاربة ما يفسح في المجال امام الميليشيات الطائفية الممولة والمدعومة والمخترقة من ايران (جيش المهدي وامثاله) للسيطرة على اقليمي الجنوب والوسط قبل ان تقوى شوكة الجيش والشرطة الوطنيين.
يزخر العراق الآن بنشاط الاجهزة السرية الايرانية.. ومردّ هذا ليس فقط الى الحدود المفتوحة وانما ايضا الى التسهيلات التي تقدمها احزاب وجماعات طائفية شيعية ترى في هذه التسهيلات واجبا شرعيا (!). ويتخفى هذا النشاط وراء العشرات من الواجهات : منظمات اغاثة، فنادق، مطاعم، وكالات زيارة، شركات نقل، مكاتب تجارية، وهيئات دينية.
ولا يقتصر هذا النشاط على جمع المعلومات الاستخبارية وتوزيع المال والسلاح على الجماعات الطائفية، بل هو يشمل القيام باعمال ارهابية، ومنها على الاخص خطف وقتل ضبار كبار في الجيش العراقي السابق ممن شاركوا في الحرب ضد ايران، واكاديميين وتقنيين ممن كانوا جزءا من برامج الاسلحة للنظام السابق.
ايران «الاسلامية» لديها مخطط كبير يتعلق بالعراق، وبما هو ابعد من العراق، وهي تشعر الان انها في وضع مثالي لتحقيق هذا المخطط في ظل انفراط الامن وضعف الدولة.. والاهم وجود امتدادات داخلية لها في العراق.
وهذا تنبيه لكل عراقي بوجود خطر حقيقي لم تكن مظاهرة الثلاثاء الماضي أول علامة دالة عليه، بل هي إشارة لمرحلة جديدة فيه.
a.hussein@asharqalawsat.com
يوم الثلاثاء الماضي تجمّع في ساحة الفردوس ببغداد بضع مئات من العراقيين القادمين (بالأحرى المنقولين) من محافظات في الجنوب والوسط ، ونظموا مظاهرة غير متحركة طالبت بانسحاب القوات متعددة الجنسية من العراق.
بضع وكالات للانباء نقلت خبر المظاهرة من دون اهتمام واسع ، ووسائل الاعلام الاخرى لم تحفل به كثيرا ايضا ، حتى ان معظمها لم يشر اليه ، فلم يعد خبرا مثيرا خروج مظاهرة في بلد انطلقت فيه الحريات بعدما عاش دهرا طويلا لم يكن مسموحا فيه لغير المسيرات التي تنظمها السلطة تبجيلا للحاكم الطاغية.
قناة تلفزيونية فضائية واحدة اعتنت بخبر المظاهرة ، بل بالغت في الاعتناء، ومنحت موضوعها ساعتين كاملتين من وقت بثها (اصلية ومكررة) ..انها قناة «العالم» الايرانية.
لا عجب فالقيّمون على القناة ، بخلاف الذين شاركوا في المظاهرة، كانوا يعرفون قيمة الحدث الذي سنكتشف انه سيكون بداية لتاريخ .. لسلسلة من احداث يراد لها ان تقع في العراق. فسرُّ اهتمام القناة الايرانية الفائق بالمظاهرة بسيط للغاية هو ان المظاهرة العراقية في شكلها ومظهرها هي ايرانية في مضمونها وجوهرها.. في دوافعها واهدافها.
ومن الان فصاعدا سيتكرر حصول مثل هذه المظاهرة في مختلف المدن في جنوب العراق ووسطه، وسيتكاثر تدريجيا عدد المشاركين فيها لتتحول في النهاية الى «حركة جماهيرية صاخبة» ، حسب المخطط الايراني.. أعني مخطط الاجهزة السرية الايرانية الناشطة باطراد في العراق.
في العراق ثمة ألف سبب وسبب وألف قضية وقضية للتظاهر ، لكن سلسلة المظاهرات الايرانية التي كانت مظاهرة الثلاثاء في ساحة الفردوس شرارتها الاولى لها شعار واحد، هو خروج القوات متعددة الجنسية (قوات الاحتلال). والهدف الايراني ليس هذا الخروج في حد ذاته وانما إفراغ جنوب العراق ووسطه من اية قوة عسكرية ضاربة ما يفسح في المجال امام الميليشيات الطائفية الممولة والمدعومة والمخترقة من ايران (جيش المهدي وامثاله) للسيطرة على اقليمي الجنوب والوسط قبل ان تقوى شوكة الجيش والشرطة الوطنيين.
يزخر العراق الآن بنشاط الاجهزة السرية الايرانية.. ومردّ هذا ليس فقط الى الحدود المفتوحة وانما ايضا الى التسهيلات التي تقدمها احزاب وجماعات طائفية شيعية ترى في هذه التسهيلات واجبا شرعيا (!). ويتخفى هذا النشاط وراء العشرات من الواجهات : منظمات اغاثة، فنادق، مطاعم، وكالات زيارة، شركات نقل، مكاتب تجارية، وهيئات دينية.
ولا يقتصر هذا النشاط على جمع المعلومات الاستخبارية وتوزيع المال والسلاح على الجماعات الطائفية، بل هو يشمل القيام باعمال ارهابية، ومنها على الاخص خطف وقتل ضبار كبار في الجيش العراقي السابق ممن شاركوا في الحرب ضد ايران، واكاديميين وتقنيين ممن كانوا جزءا من برامج الاسلحة للنظام السابق.
ايران «الاسلامية» لديها مخطط كبير يتعلق بالعراق، وبما هو ابعد من العراق، وهي تشعر الان انها في وضع مثالي لتحقيق هذا المخطط في ظل انفراط الامن وضعف الدولة.. والاهم وجود امتدادات داخلية لها في العراق.
وهذا تنبيه لكل عراقي بوجود خطر حقيقي لم تكن مظاهرة الثلاثاء الماضي أول علامة دالة عليه، بل هي إشارة لمرحلة جديدة فيه.
a.hussein@asharqalawsat.com