مرجان
03-08-2019, 10:17 PM
https://arabicpost.net/wp-content/uploads/2019/03/120418Rota1-900x400-c-1.jpg
من «الملك جون الفاسد» وغايوس كاليغولا الفاسق، إلى ماري «عديمة الجدوى»، ملكة أسكتلندا، يسرد المؤرخ سيان لانغ قائمة بتسعة من أسوأ الملوك والملكات على مر التاريخ… لا يفتقر التاريخ إلى الحكام الكارثيين، كان يمكن ملء هذه القائمة بمنتهى السهولة بالأباطرة الرومان وحدهم. هناك حكام قتلة مثل نيرو أو جنكيز خان؛ أو فاقدي الأهلية، مثل إدوارد الثاني؛ أو غير جديرين بالثقة على الإطلاق، مثل تشارلز الأول؛ أو ودودون ولكن غير مؤهلين، مثل لويس السادس عشر من فرنسا أو القيصر نيكولاس الثاني. وبعض الشخصيات الملكية السيئة لم يمنعهم إلا تقييد سلطاتهم عن التسبب في أضرار جسيمة: مثل الأناني إدوارد الثامن وتنازله، والأمير النرجسي وصيّ العرش، والملك جورج الرابع، والقيود الدستورية على سلطته.
غايوس كاليغولا (12-41 بعد الميلاد)
ارتكب كاليغولا جريمة فظيعة، بأن أعلن نفسه إلهاً، رغم أن الرومان لا يعترفون بالتأليه عادة إلا بعد الموت. اتسم عهد كاليغولا بالرعب والخوف من الاعتقال التعسفي بتهمة الخيانة العظمى، مثل عهد سلفه تيبيريوس. كما يشاع أنه انخرط في علاقات سِفاح قربى مع أخواته، وأن حياته كانت فصلاً متواصلاً من الفسوق الجنسي، وقد يكون ذلك صحيحاً. قد تكون قصة تعيين حصانه قنصلاً نوعاً من المبالغة، ولكنها غير مستبعدة عن شخص على شاكلته. كان خطأ كاليغولا الذي لا يُغتفر، الاستهزاء بسمعة روما العسكرية، بإعلانه نوعاً من الحرب السريالية على البحر، حيث أمر جنوده بالخوض في البحر والسيطرة على أمواجه بسيوفهم وأن يجمعوا في صدورهم أصداف البحر كغنائم «لانتصاره» على الإله نبتون، ملك البحار وحملته الفاشلة ضد الألمان، والتي لا يزال ينسبها إلى نفسه انتصاراً. واغتاله الحرس الإمبراطوري في عام 41 بعد الميلاد.
يوحنا الثاني عشر (954-964)
يعتبر يوحنا الثاني عشر كارثة بكل المقاييس. تم انتخابه لمنصب البابا في عمر الثامنة عشرة كجزء من صفقة سياسية مع النبلاء الرومان، وأورث نزاعاً للسيطرة على إيطاليا بين البابوية والملك الإيطالي بيرنغاريوس. كان منغمساً في حفلات الجنس والشراب، ولم يكن يولي الأمر كثيراً من الاهتمام. بالكاد أفاق من ثمالته بما يكفي، ليقبل قَسم أوتو بالولاء الأبدي، ثم عاد فوراً من وراء أوتو إلى عدوه، بيرنغاريوس. وهو ما دفع أوتو إلى إسقاط يوحنا عن منصبه واتهامه، من بين أمور أخرى، بالفساد المكتبي، وشراء المنصب، والقتل، والحنث باليمين وسفاح المحارم، واستبدله ببابا جديد، ليو الثامن. ومع ذلك، تمكن يوحنا من العودة وعاقب أنصار ليو بوحشية وبلا رحمة: قطع يد أحد الكرادلة وجَلد الأساقفة بالسياط. واندلعت حرب شاملة بين يوحنا وأوتو، حتى مات يوحنا بشكل غير متوقع.
الملك جون (1199-1216)
كان جون الابن الأصغر والمفضل للملك هنري الثاني، وقاد محاولة فاشلة للاستيلاء على السلطة في أثناء وجود أخيه ريتشارد الأول في الحملات الصليبية، وتم إرساله إلى المنفى بعد عودة ريتشارد. وعند ارتقائه عرش إنجلترا، قتل جون ابنَ أخيه آرثر، خوفاً من أن يسعى آرثر إلى قتله أو يطالب بالعرش، وأشعل فتيل حرب كارثية مع الملك فيليب أغسطس ملك فرنسا، خسر خلالها منطقة نورماندي بأكملها. تصرُّفه المنفرد الذي ينمُّ عن عدم الكفاءة حرمه من الدعم السياسي المهم للنبلاء ثم أبعدهم أكثر بمطالب تعسفية للحصول على المال، أو حتى إجبار نفسه على زوجاتهم. إلى أن أجبروه، في سخط، على القبول بـ «الوثيقة العظمى»، إلا أنه لم يكد يختم عليها، وتراجع عن كلمته، ليغرق البلاد في اضطراب هائل من الحرب والغزو الفرنسي. التاريخ أنصف وردَّ اعتبار بعض الطغاة، ولكن جون ليس من بينهم.
الملك ريتشارد الثاني (1377-1399)
لم يتعلم ريتشارد الثاني أي شيء من السوابق الكارثية لإدوارد الثاني، حيث أبعد عنه النبلاء بأن قرّب مجموعة صغيرة منهم إلى جواره، لينتهي به الأمر في مواجهة مع البرلمان، بسبب مطالبته بالمال. ليصبح عهده لعبة مناورات سياسية بينه وبين عمه الأكثر قدرة وحيلة، جون جونت، قبل أن يتحول إلى صراع دموي بين ريتشارد واللوردات الخمسة الكبار، إلى أن أعدم بعضهم ونفى بعضهم. ربما كان ريتشارد يرى في نفسه براعة في الحرب أو الإدارة، ولكنه لم يكن لديه أي منهما. إلى أن أتى انقلاب هنري بولينغبروك (الملك هنري الرابع بعد ذلك)، الذي كان غير شرعي بكل تأكيد، لينهي عهد ريتشارد الكارثي.
إيفان الرابع «الرهيب» (1547-1584)
نشأ الأمير إيفان فاسيليفيتش ببلاط موسكو الملكي بي أجواء محفوفة بالمخاطر، وكانت حياته دائماً في خطر من منافسيه النبلاء. ولهذا أصبح كارهاً للنبلاء طوال حياته مع نزعة عميقة من القسوة، حتى إنه جعل الكلاب تأكل أحد أقرانه من النبلاء حياً. كان إيفان أمير دوقية موسكو من عام 1533، وفي عام 1547 تم تنصيبه قيصراً (إمبراطوراً) لروسيا بأكملها، وهو أول حاكم يحمل هذا اللقب سحق النبلاء وسرق أراضيهم ليمنحها لأتباعه؛ كما دفع ملايين الروسيين إلى حالة دائمة من العبودية والاسترقاق. استحوذ إيفان على مساحة شاسعة من روسيا كإقطاعية خاصة به، تحرسها قوة ثابتة من الشرطة بتصريح لهم بالاعتقال والإعدام كما يشاؤون. أبرح إيفان زوجة ابنه الحامل ضرباً وقتل ابنه في نوبة غضب. كان إيفان بشتى الطرق مثالاً للحاكم الذي يتمتع بقدرات هائلة، ولكن قسوته وارتيابه وتعطشه إلى الدماء أكسبته مكاناً في هذه القائمة.
ماري، ملكة أسكتلندا (1542-1567)
إن حكم أسكتلندا في القرن السادس عشر لم يكن مهمة سهلة، وأصبحت أكثر صعوبة بالنسبة إلى ماري في وجود الزعيم البروتستانتي الصارم، جون نوكس، وزوجها العنيف والجاهل، لورد دارنلي. ومع كل هذه الظروف المحيطة، لم تبد ماري أي مهارات سياسية مثل ابنة عمها إليزابيث في نزع فتيل الصراع الديني أو الفصائلي واختارت خوض مواجهة لا طائل منها مع نوكس والبروتستانتية.
وفي وقت كان يُنظر فيه إلى الحاكمة الأنثى بشكل مريب في كل الأحوال، أدّت ماري هذه الصورة النمطية بنجاح بظهورها غارقة في عالم من الرغبات، وضمن ذلك أستاذ الغيتار الإيطالي، ديفيد ريزيو. ويأتي تورط ماري المشبوه في مقتل دارنلي يوم 10 فبراير/شباط 1567، خطأ سياسياً من الدرجة الأولى؛ كما أن زواجها بعد 3 أشهر فقط من المشتبه فيه الرئيس، إيرل بوثويل، ضرب من الغباء المذهل. وبعد أن تمكنت من الهروب، كانت من الجنون لتختار الذهاب إلى إنجلترا، حيث لم يكن يُنظر إليها إلا على أنها تهديد، بدلاً من أن تذهب إلى فرنسا، حيث كان سيتم الترحيب بها بأذرع مفتوحة.
الإمبراطور رودولف الثاني (1576-1612)
وأنهى رودولف، الكاثوليكي المتعصب، التسوية الدينية التي كانت تحفظ جوار الكاثوليك والبروتستانت طوال 20 عاماً، وبدأ حملة صليبية للقضاء على البروتستانتية في المدن والقرى الألمانية. وعندما شكَّل البروتستانت مجموعات دفاعية، واندلعت ثورة المجريين، وبدأ الأتراك في الهجوم، حبس رودولف نفسه بقلعة براغ، رافضاً التحدث إلى أي شخص. وفي نهاية المطاف، وافق آل هابسبورغ على أن يحل ماثياس محل شقيقه رودولف، حيث أعاد السلام الديني في ألمانيا ووقَّع على معاهدات مع الأتراك والمجريين، حتى ثار غضب رودولف وأشعل الحرب التركية مجدداً.
وقَّع رودولف على مضض، على خطاب السمو الذي يمنح فيه حرية العبادة للبروتستانت في بوهيميا، ولكنه سرعان ما بدأ سياسات الاضطهاد من جديد. وطلب البوهيميون مساعدة ماثياس، حتى أُجبر رودولف عام 1611 على تسليم سلطته إلى أخيه. ومات بعدها بعام، بعد أن وضع أساسات حرب الثلاثين عاماً الكارثية، التي ستمزق أوروبا في غضون 6 سنوات من وفاته.
رانافالونا الأولى ملكة مدغشقر (1828-1861)
كانت الملكة رانافالونا قادرة على الحفاظ على استقلال مدغشقر بعيداً عن سيطرة البريطانيين والفرنسيين ولكنها قامت بذلك من خلال نظام حكم بالغ القسوة، لدرجة انخفاض عدد سكان مملكتها إلى النصف خلال فترة حكمها. حافظت الملكة رانافالونا على سلطتها من خلال كسب ولاء جيش مدغشقر، وفرض فترات عمل قسرية منتظمة على بقية السكان بدلاً من الضرائب.
في إحدى المناسبات الشهيرة، نظمت رحلة لصيد الجاموس لنفسها وحاشيتها وأسرهم وأتباعهم، وأصرّت على بناء طريق كامل أمام الحشد، ليتمكنوا من التقدم للصيد براحة ومات ما يقدر بـ10.000 شخص في أثناء تنفيذ هذه الحماقة. واجهت الملكة رانافالونا كثيراً من المؤامرات ومحاولة انقلابية جادة واحدة على الأقل، إلى أن أصبحت أكثر ارتياباً فأجبرت مزيداً من الأشخاص على الخضوع لاختبار التانجينا: حيث يأكل الضحية 3 قطع من جلد الدجاج قبل أن يبتلع حبة جوز سامة تتسبب في تقيُّؤ الضحية (إن لم تقم بتسميمه، وهو ما حدث كثيراً). إذا لم تكن القطع الثلاث في القيء، يتم إعدام الضحية. وبعد أن شجعت على المسيحية في بداية عهدها، تغيرت سياسة الملكة رانافالونا واضطهدت المسيحيين الأصليين بمنتهى القسوة. ونجت من كل المؤامرات التي كانت تحاك ضدها إلى أن ماتت في سريرها.
ليوبولد الثاني ملك بلجيكا (1865-1909)
يأتي ذكر ليوبولد في هذه القائمة، بسبب الجرائم التي ارتكبها في المملكة الشاسعة التي اقتطعها لنفسها بالكونغو. فقد حصل على المقاطعة بموجب اتفاقية دولية وسماها دولة الكونغو الحرة؛ لم تكن مستعمرة بلجيكية، بل إقطاعية الملك الشخصية. وتم تقديم دولة الكونغو الحرة للعالم باعتبارها نموذجاً للحرية والازدهار، ومثالاً للقضاء على العبودية.
ليدرك العالم تدريجياً حقيقة كونها دولة استعباد يُحكم فيها الكونغوليون بالقسوة والإرهاب. وبينما تزداد ثروات ليوبولد من الاحتياطيات الضخمة للكونغو من النحاس والعاج والمطاط، كان يتم إجبار الكونغوليين على العمل بالتهديد بالتنكيل بزوجاتهم وأطفالهم، عادة عن طريق بتر أيديهم أو أرجلهم.
وكانت تستخدم عقوبة البتر على نطاق واسع للعمّال الذين يهربون أو يجمعون أقل من الحصة المقررة. وكشف تحقيق أجراه القنصل البريطاني، روجر كاسيمنت، أن القوات البلجيكية كانت تعتبر الكونغوليين بمكانة أعلى قليلاً من الحيوانات التي يتم صيدها للمتعة والرياضة. وخاض الملك معركة قانونية رفيعة المستوى لمنع تسريب تفاصيل نظامه في الكونغو للرأي العام، واحتاج الأمر حملة دولية لإجباره على تسليم الكونغو إلى الحكومة البلجيكية. وسيقترن اسم ليوبولد إلى الأبد بعهده البشع في الكونغو، حيث ما قام به هناك يضمن له مكاناً بهذه القائمة.
من «الملك جون الفاسد» وغايوس كاليغولا الفاسق، إلى ماري «عديمة الجدوى»، ملكة أسكتلندا، يسرد المؤرخ سيان لانغ قائمة بتسعة من أسوأ الملوك والملكات على مر التاريخ… لا يفتقر التاريخ إلى الحكام الكارثيين، كان يمكن ملء هذه القائمة بمنتهى السهولة بالأباطرة الرومان وحدهم. هناك حكام قتلة مثل نيرو أو جنكيز خان؛ أو فاقدي الأهلية، مثل إدوارد الثاني؛ أو غير جديرين بالثقة على الإطلاق، مثل تشارلز الأول؛ أو ودودون ولكن غير مؤهلين، مثل لويس السادس عشر من فرنسا أو القيصر نيكولاس الثاني. وبعض الشخصيات الملكية السيئة لم يمنعهم إلا تقييد سلطاتهم عن التسبب في أضرار جسيمة: مثل الأناني إدوارد الثامن وتنازله، والأمير النرجسي وصيّ العرش، والملك جورج الرابع، والقيود الدستورية على سلطته.
غايوس كاليغولا (12-41 بعد الميلاد)
ارتكب كاليغولا جريمة فظيعة، بأن أعلن نفسه إلهاً، رغم أن الرومان لا يعترفون بالتأليه عادة إلا بعد الموت. اتسم عهد كاليغولا بالرعب والخوف من الاعتقال التعسفي بتهمة الخيانة العظمى، مثل عهد سلفه تيبيريوس. كما يشاع أنه انخرط في علاقات سِفاح قربى مع أخواته، وأن حياته كانت فصلاً متواصلاً من الفسوق الجنسي، وقد يكون ذلك صحيحاً. قد تكون قصة تعيين حصانه قنصلاً نوعاً من المبالغة، ولكنها غير مستبعدة عن شخص على شاكلته. كان خطأ كاليغولا الذي لا يُغتفر، الاستهزاء بسمعة روما العسكرية، بإعلانه نوعاً من الحرب السريالية على البحر، حيث أمر جنوده بالخوض في البحر والسيطرة على أمواجه بسيوفهم وأن يجمعوا في صدورهم أصداف البحر كغنائم «لانتصاره» على الإله نبتون، ملك البحار وحملته الفاشلة ضد الألمان، والتي لا يزال ينسبها إلى نفسه انتصاراً. واغتاله الحرس الإمبراطوري في عام 41 بعد الميلاد.
يوحنا الثاني عشر (954-964)
يعتبر يوحنا الثاني عشر كارثة بكل المقاييس. تم انتخابه لمنصب البابا في عمر الثامنة عشرة كجزء من صفقة سياسية مع النبلاء الرومان، وأورث نزاعاً للسيطرة على إيطاليا بين البابوية والملك الإيطالي بيرنغاريوس. كان منغمساً في حفلات الجنس والشراب، ولم يكن يولي الأمر كثيراً من الاهتمام. بالكاد أفاق من ثمالته بما يكفي، ليقبل قَسم أوتو بالولاء الأبدي، ثم عاد فوراً من وراء أوتو إلى عدوه، بيرنغاريوس. وهو ما دفع أوتو إلى إسقاط يوحنا عن منصبه واتهامه، من بين أمور أخرى، بالفساد المكتبي، وشراء المنصب، والقتل، والحنث باليمين وسفاح المحارم، واستبدله ببابا جديد، ليو الثامن. ومع ذلك، تمكن يوحنا من العودة وعاقب أنصار ليو بوحشية وبلا رحمة: قطع يد أحد الكرادلة وجَلد الأساقفة بالسياط. واندلعت حرب شاملة بين يوحنا وأوتو، حتى مات يوحنا بشكل غير متوقع.
الملك جون (1199-1216)
كان جون الابن الأصغر والمفضل للملك هنري الثاني، وقاد محاولة فاشلة للاستيلاء على السلطة في أثناء وجود أخيه ريتشارد الأول في الحملات الصليبية، وتم إرساله إلى المنفى بعد عودة ريتشارد. وعند ارتقائه عرش إنجلترا، قتل جون ابنَ أخيه آرثر، خوفاً من أن يسعى آرثر إلى قتله أو يطالب بالعرش، وأشعل فتيل حرب كارثية مع الملك فيليب أغسطس ملك فرنسا، خسر خلالها منطقة نورماندي بأكملها. تصرُّفه المنفرد الذي ينمُّ عن عدم الكفاءة حرمه من الدعم السياسي المهم للنبلاء ثم أبعدهم أكثر بمطالب تعسفية للحصول على المال، أو حتى إجبار نفسه على زوجاتهم. إلى أن أجبروه، في سخط، على القبول بـ «الوثيقة العظمى»، إلا أنه لم يكد يختم عليها، وتراجع عن كلمته، ليغرق البلاد في اضطراب هائل من الحرب والغزو الفرنسي. التاريخ أنصف وردَّ اعتبار بعض الطغاة، ولكن جون ليس من بينهم.
الملك ريتشارد الثاني (1377-1399)
لم يتعلم ريتشارد الثاني أي شيء من السوابق الكارثية لإدوارد الثاني، حيث أبعد عنه النبلاء بأن قرّب مجموعة صغيرة منهم إلى جواره، لينتهي به الأمر في مواجهة مع البرلمان، بسبب مطالبته بالمال. ليصبح عهده لعبة مناورات سياسية بينه وبين عمه الأكثر قدرة وحيلة، جون جونت، قبل أن يتحول إلى صراع دموي بين ريتشارد واللوردات الخمسة الكبار، إلى أن أعدم بعضهم ونفى بعضهم. ربما كان ريتشارد يرى في نفسه براعة في الحرب أو الإدارة، ولكنه لم يكن لديه أي منهما. إلى أن أتى انقلاب هنري بولينغبروك (الملك هنري الرابع بعد ذلك)، الذي كان غير شرعي بكل تأكيد، لينهي عهد ريتشارد الكارثي.
إيفان الرابع «الرهيب» (1547-1584)
نشأ الأمير إيفان فاسيليفيتش ببلاط موسكو الملكي بي أجواء محفوفة بالمخاطر، وكانت حياته دائماً في خطر من منافسيه النبلاء. ولهذا أصبح كارهاً للنبلاء طوال حياته مع نزعة عميقة من القسوة، حتى إنه جعل الكلاب تأكل أحد أقرانه من النبلاء حياً. كان إيفان أمير دوقية موسكو من عام 1533، وفي عام 1547 تم تنصيبه قيصراً (إمبراطوراً) لروسيا بأكملها، وهو أول حاكم يحمل هذا اللقب سحق النبلاء وسرق أراضيهم ليمنحها لأتباعه؛ كما دفع ملايين الروسيين إلى حالة دائمة من العبودية والاسترقاق. استحوذ إيفان على مساحة شاسعة من روسيا كإقطاعية خاصة به، تحرسها قوة ثابتة من الشرطة بتصريح لهم بالاعتقال والإعدام كما يشاؤون. أبرح إيفان زوجة ابنه الحامل ضرباً وقتل ابنه في نوبة غضب. كان إيفان بشتى الطرق مثالاً للحاكم الذي يتمتع بقدرات هائلة، ولكن قسوته وارتيابه وتعطشه إلى الدماء أكسبته مكاناً في هذه القائمة.
ماري، ملكة أسكتلندا (1542-1567)
إن حكم أسكتلندا في القرن السادس عشر لم يكن مهمة سهلة، وأصبحت أكثر صعوبة بالنسبة إلى ماري في وجود الزعيم البروتستانتي الصارم، جون نوكس، وزوجها العنيف والجاهل، لورد دارنلي. ومع كل هذه الظروف المحيطة، لم تبد ماري أي مهارات سياسية مثل ابنة عمها إليزابيث في نزع فتيل الصراع الديني أو الفصائلي واختارت خوض مواجهة لا طائل منها مع نوكس والبروتستانتية.
وفي وقت كان يُنظر فيه إلى الحاكمة الأنثى بشكل مريب في كل الأحوال، أدّت ماري هذه الصورة النمطية بنجاح بظهورها غارقة في عالم من الرغبات، وضمن ذلك أستاذ الغيتار الإيطالي، ديفيد ريزيو. ويأتي تورط ماري المشبوه في مقتل دارنلي يوم 10 فبراير/شباط 1567، خطأ سياسياً من الدرجة الأولى؛ كما أن زواجها بعد 3 أشهر فقط من المشتبه فيه الرئيس، إيرل بوثويل، ضرب من الغباء المذهل. وبعد أن تمكنت من الهروب، كانت من الجنون لتختار الذهاب إلى إنجلترا، حيث لم يكن يُنظر إليها إلا على أنها تهديد، بدلاً من أن تذهب إلى فرنسا، حيث كان سيتم الترحيب بها بأذرع مفتوحة.
الإمبراطور رودولف الثاني (1576-1612)
وأنهى رودولف، الكاثوليكي المتعصب، التسوية الدينية التي كانت تحفظ جوار الكاثوليك والبروتستانت طوال 20 عاماً، وبدأ حملة صليبية للقضاء على البروتستانتية في المدن والقرى الألمانية. وعندما شكَّل البروتستانت مجموعات دفاعية، واندلعت ثورة المجريين، وبدأ الأتراك في الهجوم، حبس رودولف نفسه بقلعة براغ، رافضاً التحدث إلى أي شخص. وفي نهاية المطاف، وافق آل هابسبورغ على أن يحل ماثياس محل شقيقه رودولف، حيث أعاد السلام الديني في ألمانيا ووقَّع على معاهدات مع الأتراك والمجريين، حتى ثار غضب رودولف وأشعل الحرب التركية مجدداً.
وقَّع رودولف على مضض، على خطاب السمو الذي يمنح فيه حرية العبادة للبروتستانت في بوهيميا، ولكنه سرعان ما بدأ سياسات الاضطهاد من جديد. وطلب البوهيميون مساعدة ماثياس، حتى أُجبر رودولف عام 1611 على تسليم سلطته إلى أخيه. ومات بعدها بعام، بعد أن وضع أساسات حرب الثلاثين عاماً الكارثية، التي ستمزق أوروبا في غضون 6 سنوات من وفاته.
رانافالونا الأولى ملكة مدغشقر (1828-1861)
كانت الملكة رانافالونا قادرة على الحفاظ على استقلال مدغشقر بعيداً عن سيطرة البريطانيين والفرنسيين ولكنها قامت بذلك من خلال نظام حكم بالغ القسوة، لدرجة انخفاض عدد سكان مملكتها إلى النصف خلال فترة حكمها. حافظت الملكة رانافالونا على سلطتها من خلال كسب ولاء جيش مدغشقر، وفرض فترات عمل قسرية منتظمة على بقية السكان بدلاً من الضرائب.
في إحدى المناسبات الشهيرة، نظمت رحلة لصيد الجاموس لنفسها وحاشيتها وأسرهم وأتباعهم، وأصرّت على بناء طريق كامل أمام الحشد، ليتمكنوا من التقدم للصيد براحة ومات ما يقدر بـ10.000 شخص في أثناء تنفيذ هذه الحماقة. واجهت الملكة رانافالونا كثيراً من المؤامرات ومحاولة انقلابية جادة واحدة على الأقل، إلى أن أصبحت أكثر ارتياباً فأجبرت مزيداً من الأشخاص على الخضوع لاختبار التانجينا: حيث يأكل الضحية 3 قطع من جلد الدجاج قبل أن يبتلع حبة جوز سامة تتسبب في تقيُّؤ الضحية (إن لم تقم بتسميمه، وهو ما حدث كثيراً). إذا لم تكن القطع الثلاث في القيء، يتم إعدام الضحية. وبعد أن شجعت على المسيحية في بداية عهدها، تغيرت سياسة الملكة رانافالونا واضطهدت المسيحيين الأصليين بمنتهى القسوة. ونجت من كل المؤامرات التي كانت تحاك ضدها إلى أن ماتت في سريرها.
ليوبولد الثاني ملك بلجيكا (1865-1909)
يأتي ذكر ليوبولد في هذه القائمة، بسبب الجرائم التي ارتكبها في المملكة الشاسعة التي اقتطعها لنفسها بالكونغو. فقد حصل على المقاطعة بموجب اتفاقية دولية وسماها دولة الكونغو الحرة؛ لم تكن مستعمرة بلجيكية، بل إقطاعية الملك الشخصية. وتم تقديم دولة الكونغو الحرة للعالم باعتبارها نموذجاً للحرية والازدهار، ومثالاً للقضاء على العبودية.
ليدرك العالم تدريجياً حقيقة كونها دولة استعباد يُحكم فيها الكونغوليون بالقسوة والإرهاب. وبينما تزداد ثروات ليوبولد من الاحتياطيات الضخمة للكونغو من النحاس والعاج والمطاط، كان يتم إجبار الكونغوليين على العمل بالتهديد بالتنكيل بزوجاتهم وأطفالهم، عادة عن طريق بتر أيديهم أو أرجلهم.
وكانت تستخدم عقوبة البتر على نطاق واسع للعمّال الذين يهربون أو يجمعون أقل من الحصة المقررة. وكشف تحقيق أجراه القنصل البريطاني، روجر كاسيمنت، أن القوات البلجيكية كانت تعتبر الكونغوليين بمكانة أعلى قليلاً من الحيوانات التي يتم صيدها للمتعة والرياضة. وخاض الملك معركة قانونية رفيعة المستوى لمنع تسريب تفاصيل نظامه في الكونغو للرأي العام، واحتاج الأمر حملة دولية لإجباره على تسليم الكونغو إلى الحكومة البلجيكية. وسيقترن اسم ليوبولد إلى الأبد بعهده البشع في الكونغو، حيث ما قام به هناك يضمن له مكاناً بهذه القائمة.