المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «آبو» فبراير



أبو ربيع
03-01-2019, 11:23 AM
https://alqabas.com/wp-content/uploads/2018/11/%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B3%D8%A7%D9%8566-780x405.jpg

سليمان البسام

28 فبراير، 2019


في ساحل الذهب غرب أفريقيا تعيش قبائل الآشانتي Ashanti،.. لهذه القبائل طقوس غريبة منها «الآبو» Apo، وهي احتفالات تمارسها للتنفيس عن الناس، فحكام الآشانتي يشجعون رعاياهم على ممارسة العنف المنظم، وحتى إطلاق السخرية واللوم واللعنات ــ وإن طالتهم ــ وذلك كي لا يتراكم كبت استياء الغاضبين وتتعاظم قوته، وكي لا تتعذب أرواح الحكام.. ولا نلوم القارئ ــ إن كان تائهاً مثلي ــ إن ظن أنه عاش عطلة الأعياد الوطنية وسط طقوس الآشانتي!

بمناسبة احتفالات الأعياد الوطنية اصطحبت ابنتي بجولة في البلاد… حاولت أن أشرح لها ما سنفعله خلال الأعياد الوطنية، فلم أجد ما يمكن ذكره.. كنت أتمنى أن أقول لها ان هناك عروض فنون شعبية أو مسرحية أو موسيقية أو أنشطة وفعاليات ثقافية للأطفال، لكن للأسف لم يكن من مكانٍ آخر سوى شارع الخليج، حيث المسيرات العشوائية غير المنظمة.. على طوله كانت ثقافة الفوضى تتجلى بأبهى صورها..

الكلمة الأعلى للهرنات، والحاضر الأكبر هو مسدسات ورشاشات الماء والقنابل البالونية المائية ــ وبعضها كما يُشاع محشو بالحجارة أو بمواد مؤذية ــ ناهيك عن إتلاف ممتلكات الغير وتعطيل مصالح الناس، وإتلاف الأرصفة والأشجار وحوادث الدهس والفوضى المرورية.. فهل هذا هو شكل التنفيس الذي نتمناه في أعيادنا الوطنية؟!

وبالعودة إلى أمثلة الثقافات الأخرى، فالعادة تجري أن يصاحب هذه الطقوس الاحتفالية تقديم قرابين.. فما هي القرابين التي نقدمها بتمثيل أشكال العنف في الشوارع؛ إن لم يكن قربان سيادة القانون وقربان ثقافة احترام الآخر، وقربان المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة، وقربان نظافة الشوارع..

وأين الدولة والجهات الرسمية والأهلية من تنظيم الاحتفالات في مراكز المحافظات، أو تنظيم النشاطات البيئية أو الزراعية، وإن عجزنا عن ابتكار نظم جديدة ومشرفة للاحتفال، فلما لا تتم العودة للاحتفالات السابقة عبر الكرنفالات والمسيرات الكشفية والمدرسية الراجلة المنظمة مع الأعلام والورود والموسيقى، ومشاركة مؤسسات الدولة كما في السبعينات والثمانينات؟..

أم اننا قررنا أن نحتفل بطقوس «الآبو»؟

وإن كان ذلك فعلَّنا نستثمر النزعة العنفية وننفس عن الشعب بشكلٍ أكثر فائدة ونُحلل المياه المهدورة، فننصب سرَّاق المال العام على عربات ونُسيرها في الشوارع خلال الاحتفالات.. عساهم يتطهرون بالماء المرمي عليهم.

سليمان البسام *

مؤلف ومخرج مسرحي*


https://alqabas.com/640660/