جمال
06-23-2005, 09:36 AM
القاهرة ــ من وليد طوغان
هذه قضية ليست جديدة كل الجدة، ولكنها تثار، دائما بين وقت وآخر,,, القضية هي محاولة سرقة التاريخ، ونسبه إلى آخرين.
وكانت بداية هذه المحاولات عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحم بيغن الأهرامات المصرية بعد توقيع كامب ديفيد بصحبة الرئيس أنور السادات، قال بيغن: لقد بنى أجدادي هذه الأهرامات!.
لم يرد عليه السادات وقتها، لم يقل له إن أجدادك لم يكونوا سوى «عبيد» لدى الفراعنة، ولا يمكن لعبيد بناء حضارة عظيمة، مر الأمر «عابرا»، ولكنه بدأ يثار دائما في كل عام، لأن تزوير التاريخ وسرقته، وهو الأمر الذي برعت فيه إسرائيل، يمكن أن ينسب أصلا وحضارة وجود لهم، وجود لا يستحقونه.
في القاهرة يدور الآن سجال حول شخصية «إخناتون» وهل هو النبي موسى، هذا الربط بين الشخصيتين التاريخيتين تبناه باحث مصري يقيم في أميركا، اسمه احمد عثمان غير معروف للكثيرين، ويقدم نفسه دائما على أنه الشخصية الذي ظهر في إحدى الصور مع السندريللا سعاد حسني، وهو يراقصها بينما ينظر إليهما شذرا عبد الحليم حافظ، ويذكر دائما أنه تقدم لخطبة السندريللا.
هذا الباحث انتهى من إعداد سيناريو لفيلم أميركي يتبنى فيه وجهة النظر تلك، وقد طلبت جهة الإنتاج التصريح بتصوير الفيلم في القاهرة، ما اشعل الجدل مرة أخرى حول حقيقة «إخناتون».
على الجانب المقابل توجد وجهة نظر أخرى يتبناها معظم الأثريين والأكاديميين في علوم المصريات، الذين يؤكدون أن هناك توقيتا زمنيا شاسعا يصل لأكثر من 1500 عام بين النبي «موسى عليه السلام» وبين «الفرعون إخناتون»، ورغم المساحة الزمنية المشار إليها يعتقد هؤلاء أن التوقيت «لايزال تقديريا أو تجريبيا» لأن «الإقرار الفعلي في مثل تلك الموضوعات ليس الآن محل إثبات، وخصوصا أن الفارق بين التاريخ والدين لا يملك أحد اثباته».
لذلك، تعدى الموضوع ــ على لسان رجل الشارع ــ كونه رغبة شركة أميركية تصوير فيلم على الأراضي المصرية، فتحول إلى «نبش ملفات قديمة»، بعضها تؤيده أصوات خفيفة، والبعض الآخر يرى أن مثل تلك الأفكار كان ممكنا ترديدها قبل ثلاثين عاما، ولم يعد مجالها الآن.
عندما اكتشف العالم الفرنسي شامبليون القادم لمصر مع حملة نابليون المعروفة بالحملة الفرنسية، استطاع المهتمون بالمصريات التي كانت علما مبهما حتى ذلك الوقت، فك طلاسم حجر رشيد، أو الحجر المعروف بذلك الاسم لوجوده في منطقة رشيد على ساحل البحر المتوسط.
صحيح لم يستطع شامبليون وحده الوقوف على كافة «طلاسم الحجر» لكنه على الأقل اكتشف ما يزيد على 85 في المئة من ابجديات اللغة التي تمت بها كتابته, وخلال خمسين عاما من كشف شامبليون، استطاع علماء الآثار أن يجمعوا كل أبجديات اللغة الهيروغليفية التي اعتبرت في مصر القديمة «اللغة الملكية والكهنوتية» التي استخدمها الفراعنة في تسجيل كافة النصوص التسجيلية للمعارك وأعياد ومناسبات جلوس الفراعنة على العرش.
وأدت اللغة الهيروغليفية «بعد فترة» لفك طلاسم كثير من أبجدية «الهيراطيقي» أو اللغة الدارجة لعامة الشعب المصري القديم ومن وقتها لم يعد هناك في التاريخ المصري القديم ما يعد سرا خفيا يحتاج لاكتشافه أحد.
رئيس المجلس الأعلى للآثار السابق وأستاذ الآثار الفرعونية في الجامعات المصرية الدكتور عبد الحليم نور الدين يشير لذلك الأمر بقوله: «التاريخ اكتشف، لكن المخفي هو الآثار والمعابد وبعض المدن التاريخية القديمة، والاكتشافات عادة ماتسير في تكملة التاريخ وليس نقده».
ويرى الدكتور عبد الحليم أن «هناك ولعا غربيا بمصر القديمة، كذلك هناك ولع أيضا بتاريخ الهند والصين وبلاد الرافدين، لكن لأن الحضارة المصرية القديمة هي الحضارة الأقدم والأكثر تأثيرا مقارنة بكل حضارات العالم القديم، فإن هناك بدعا تثار من آن لآخر تتصف معظم مبادئها بالخرافات التي تضيف إثارة على حقب التاريخ الفرعوني ولا تضيف جديدا في الناحية البحثية».
حسب الدكتور عبد الحليم نظرية «الربط بين الملوك الفراعنة وبين شخصيات دينية نظرية قديمة قدم منها باحثون أو أشخاص وجهات نظر منذ ثلاثين عاما أو أكثر لكننا كأكاديميين نعتبر هذه الآراء ليست إلا وجهات نظر خاصة بأصحابها ولا يمكن لأحد أن يعتد بها، فآراء تاريخية ممكن تدرس في كتب المعاهد الأثرية والكليات».
ربما يشير الدكتور عبد الحليم نور الدين إلى نظرية «النبي إخناتون» التي تبناها عام 72 الدكتور عبد الجليل راضي الذي توفي في العام نفسه مشهورا بوصف «العالم الروحاني العربي» الذي أطلقه عليه مجموعة من محبيه، الذين أسسوا جمعية باسمه وأعادوا طبع اكتشافاته، «في التاريخ الفرعوني مرة أخرى».
ويبدو أن أحمد عثمان صاحب الفيلم الذي أثار ضجة في القاهرة تبنى إعادة فتح الملفات التي أغلقت بموت الدكتور عبد الجليل راضي، حيث تبنى ــ الدكتور راضي ــ أفكاراً مؤداها الربط بين شخصية الفرعون اخناتون وبين النبي موسى، مؤسسا تلك النتائج على عدة أسباب أولها التحولات الدينية التي طرأت على حياة الفرعون اخناتون والتي حولته للهبوط بعاصمته من الشمال إلى الجنوب، خصوصا بعد الدخول في صراعات بين الكهنة المصريين الذين فتحوا جبهات معارضة الفرعون بوصفه «خارج عن الدين»، وثانيا لأن الفرعون اخناتون والنبي موسى لم يعثر لهما على جثة، ولم يستطع علماء المصريات تحديد كيفية وفاة الفرعون «إخناتون» ولا الطريقة التي مات بها، ولا أين مات.
ويشير الدكتور عبد الجليل راضي أيضاً إلى عدة دلائل «يعتبرها رجال الآثار المصريون حتى الآن مجرد تكهنات» أن اخناتون تحول للديانة اليهودية وهي التي وصفها الكهنة المصريون بالخروج على الدين، وأن انقسام الحكومة المصرية في عهده بين شمال وجنوب هي التي جعلته يهرب من كبير الكهنة، الذي طارده هو ومجموعته «المؤمنون به» حتى حدثت واقعة شق البحر المعروفة، لذلك كما أكد الدكتور راضي «لن يستطيع علماء المصريات العثور على جثة لإخناتون على الأراضي المصرية، لأن الفرعون اخناتون أو النبي موسى كان قد خرج منها».
أما الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فأكد لـ «الرأي العام»: إن مناقشة كلام غير علمي لا يمكن أن يتم بطريقة علمية، ولو جاءني رجل وقال لي (الشمس لا تشرق من الشرق) لن استطيع مناقشته، لأنه يطلب مني أن اثبت مسلمة ما لا يمكنني أن اثبتها له رغم أنني أراها، ويراها كل الناس، لذلك أفضل أن أترك من يقول يقول، وخصوصا أن هناك من أمضى عمره كله في البحث العلمي الأثري، يضيف إلى نفسه عن طريق الكتب والمراجع، ولا يعتمد على الأحاسيس والاكتشافات في هذا النوع.
يضيف الدكتور حواس: الفرق الزمني بين الفرعون إخناتون والنبي موسى يتعدى 1800 عام، لأننا كأثريين اكتشفنا نصوصا مكتوبة أرخ فيها الفراعنة لقتالهم خارج الأراضى المصرية، والعبرانيون «في الشام» الذين قاتلهم الفراعنة المصريون عاشوا في القرنين الخامس والسادس قبل الميلاد، والوقائع المشابهة التي نستطيع أن نثبت بها عكس نظرية إخناتون النبي متوافرة وكثيرة، لكن الأمر بهذه الطريقة سوف يرغمنا على الدخول في جدل نحن لسنا في حاجة إليه.
ربما اللافت في نظرية «أحمد عثمان» المصري الأصل الأميركي الجنسية هو ربطه «بزمن متقارب جدا»، بين النبي «يوسف» عليه السلام، وبين «موسى النبي» عليه السلام، وبين السيد المسيح عليه السلام,,, أحمد عثمان يرى أن الملكة نفرتيتي والدة الملك توت عنخ آمون هي ابنة الحكيم يويا، والحكيم يويا «على حد نظرية عثمان» هو النبي يوسف «!!» وحسب نظريته أيضاً فإن توت عنخ آمون هو السيد المسيح عليه السلام، بينما اخناتون «الذي تزوج توت عنخ آمون ابنته»، هو النبي موسى.
ومعني بالبحث وراء تلك الأقاويل أن الفرق الزمني بين زمن النبي يوسف والنبي موسى والمسيح عليه السلام لا يتعدى 24 ــ 18 ــ 10 على التوالي وهو الأمر الذي لا يعتبر منطقيا حتى على المستوى الديني ومستويات الأحداث التي تكلم عنها القرآن الكريم!!.
ومن جانبه، يرى الدكتور عبد الحليم نور الدين أن «نظريات مثل تلك تبناها بعض الإسرائيليين المعاصرين في محاولة منهم لإصابة عصفورين بحجر واحد، أولا إنشاء أو العمل على بناء تراث يهودي قديم ينمو مع الزمن، وثانيا لاقتسام مجد الحضارة الفرعونية مع المصريين والترويج لهذا الرأي باختراع أقاويل ليست علمية، لكن لا يمكن أن نطالب كل الناس أن يكونوا أثريين كي يردوا كلاما مثل هذا وربما جهل معظمنا بالتاريخ هو الذي يجعل مثل تلك الافكار تروج وتنمو».
لكن أحمد عثمان ليس يهوديا، ولا كان الدكتور عبد الجليل راضي ولا أعضاء جمعيته الذين أسسوها عام 75، وهو ما دعا الدكتور زاهي حواس إلى رفضه الشخصي لـ «النظرية المؤامرة» لكن الأكيد أن هناك خزعبلات يمكن أن يقتنع بها بعضنا لمجرد أن تفاصيلها مثيرة، وفي الغرب والولايات المتحدة بالذات من هم مبهورون بالفراعنة، ومن السهل جدا إبهارهم بمزيد من الإبهار لو تم ربط الفراعنة بالأنبياء.
السجال في القاهرة مازال مفتوحا ومتوقعا، ومنطقيا، وخصوصا أن طلب الشركة المنتجة لفيلم «نفرتيتي» الذي يتناول أفكار أحمد عثمان في هذا الموضوع هو الذي أعاد للسطح ملفا قديما كان يفترض أنه أغلق منذ فترة وهو المسؤول أيضا عن تحريك المياه الراكدة في بركة «نظرية النبي إخناتون» والنبي «توت عنخ آمون» عليهما السلام.
هذه قضية ليست جديدة كل الجدة، ولكنها تثار، دائما بين وقت وآخر,,, القضية هي محاولة سرقة التاريخ، ونسبه إلى آخرين.
وكانت بداية هذه المحاولات عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحم بيغن الأهرامات المصرية بعد توقيع كامب ديفيد بصحبة الرئيس أنور السادات، قال بيغن: لقد بنى أجدادي هذه الأهرامات!.
لم يرد عليه السادات وقتها، لم يقل له إن أجدادك لم يكونوا سوى «عبيد» لدى الفراعنة، ولا يمكن لعبيد بناء حضارة عظيمة، مر الأمر «عابرا»، ولكنه بدأ يثار دائما في كل عام، لأن تزوير التاريخ وسرقته، وهو الأمر الذي برعت فيه إسرائيل، يمكن أن ينسب أصلا وحضارة وجود لهم، وجود لا يستحقونه.
في القاهرة يدور الآن سجال حول شخصية «إخناتون» وهل هو النبي موسى، هذا الربط بين الشخصيتين التاريخيتين تبناه باحث مصري يقيم في أميركا، اسمه احمد عثمان غير معروف للكثيرين، ويقدم نفسه دائما على أنه الشخصية الذي ظهر في إحدى الصور مع السندريللا سعاد حسني، وهو يراقصها بينما ينظر إليهما شذرا عبد الحليم حافظ، ويذكر دائما أنه تقدم لخطبة السندريللا.
هذا الباحث انتهى من إعداد سيناريو لفيلم أميركي يتبنى فيه وجهة النظر تلك، وقد طلبت جهة الإنتاج التصريح بتصوير الفيلم في القاهرة، ما اشعل الجدل مرة أخرى حول حقيقة «إخناتون».
على الجانب المقابل توجد وجهة نظر أخرى يتبناها معظم الأثريين والأكاديميين في علوم المصريات، الذين يؤكدون أن هناك توقيتا زمنيا شاسعا يصل لأكثر من 1500 عام بين النبي «موسى عليه السلام» وبين «الفرعون إخناتون»، ورغم المساحة الزمنية المشار إليها يعتقد هؤلاء أن التوقيت «لايزال تقديريا أو تجريبيا» لأن «الإقرار الفعلي في مثل تلك الموضوعات ليس الآن محل إثبات، وخصوصا أن الفارق بين التاريخ والدين لا يملك أحد اثباته».
لذلك، تعدى الموضوع ــ على لسان رجل الشارع ــ كونه رغبة شركة أميركية تصوير فيلم على الأراضي المصرية، فتحول إلى «نبش ملفات قديمة»، بعضها تؤيده أصوات خفيفة، والبعض الآخر يرى أن مثل تلك الأفكار كان ممكنا ترديدها قبل ثلاثين عاما، ولم يعد مجالها الآن.
عندما اكتشف العالم الفرنسي شامبليون القادم لمصر مع حملة نابليون المعروفة بالحملة الفرنسية، استطاع المهتمون بالمصريات التي كانت علما مبهما حتى ذلك الوقت، فك طلاسم حجر رشيد، أو الحجر المعروف بذلك الاسم لوجوده في منطقة رشيد على ساحل البحر المتوسط.
صحيح لم يستطع شامبليون وحده الوقوف على كافة «طلاسم الحجر» لكنه على الأقل اكتشف ما يزيد على 85 في المئة من ابجديات اللغة التي تمت بها كتابته, وخلال خمسين عاما من كشف شامبليون، استطاع علماء الآثار أن يجمعوا كل أبجديات اللغة الهيروغليفية التي اعتبرت في مصر القديمة «اللغة الملكية والكهنوتية» التي استخدمها الفراعنة في تسجيل كافة النصوص التسجيلية للمعارك وأعياد ومناسبات جلوس الفراعنة على العرش.
وأدت اللغة الهيروغليفية «بعد فترة» لفك طلاسم كثير من أبجدية «الهيراطيقي» أو اللغة الدارجة لعامة الشعب المصري القديم ومن وقتها لم يعد هناك في التاريخ المصري القديم ما يعد سرا خفيا يحتاج لاكتشافه أحد.
رئيس المجلس الأعلى للآثار السابق وأستاذ الآثار الفرعونية في الجامعات المصرية الدكتور عبد الحليم نور الدين يشير لذلك الأمر بقوله: «التاريخ اكتشف، لكن المخفي هو الآثار والمعابد وبعض المدن التاريخية القديمة، والاكتشافات عادة ماتسير في تكملة التاريخ وليس نقده».
ويرى الدكتور عبد الحليم أن «هناك ولعا غربيا بمصر القديمة، كذلك هناك ولع أيضا بتاريخ الهند والصين وبلاد الرافدين، لكن لأن الحضارة المصرية القديمة هي الحضارة الأقدم والأكثر تأثيرا مقارنة بكل حضارات العالم القديم، فإن هناك بدعا تثار من آن لآخر تتصف معظم مبادئها بالخرافات التي تضيف إثارة على حقب التاريخ الفرعوني ولا تضيف جديدا في الناحية البحثية».
حسب الدكتور عبد الحليم نظرية «الربط بين الملوك الفراعنة وبين شخصيات دينية نظرية قديمة قدم منها باحثون أو أشخاص وجهات نظر منذ ثلاثين عاما أو أكثر لكننا كأكاديميين نعتبر هذه الآراء ليست إلا وجهات نظر خاصة بأصحابها ولا يمكن لأحد أن يعتد بها، فآراء تاريخية ممكن تدرس في كتب المعاهد الأثرية والكليات».
ربما يشير الدكتور عبد الحليم نور الدين إلى نظرية «النبي إخناتون» التي تبناها عام 72 الدكتور عبد الجليل راضي الذي توفي في العام نفسه مشهورا بوصف «العالم الروحاني العربي» الذي أطلقه عليه مجموعة من محبيه، الذين أسسوا جمعية باسمه وأعادوا طبع اكتشافاته، «في التاريخ الفرعوني مرة أخرى».
ويبدو أن أحمد عثمان صاحب الفيلم الذي أثار ضجة في القاهرة تبنى إعادة فتح الملفات التي أغلقت بموت الدكتور عبد الجليل راضي، حيث تبنى ــ الدكتور راضي ــ أفكاراً مؤداها الربط بين شخصية الفرعون اخناتون وبين النبي موسى، مؤسسا تلك النتائج على عدة أسباب أولها التحولات الدينية التي طرأت على حياة الفرعون اخناتون والتي حولته للهبوط بعاصمته من الشمال إلى الجنوب، خصوصا بعد الدخول في صراعات بين الكهنة المصريين الذين فتحوا جبهات معارضة الفرعون بوصفه «خارج عن الدين»، وثانيا لأن الفرعون اخناتون والنبي موسى لم يعثر لهما على جثة، ولم يستطع علماء المصريات تحديد كيفية وفاة الفرعون «إخناتون» ولا الطريقة التي مات بها، ولا أين مات.
ويشير الدكتور عبد الجليل راضي أيضاً إلى عدة دلائل «يعتبرها رجال الآثار المصريون حتى الآن مجرد تكهنات» أن اخناتون تحول للديانة اليهودية وهي التي وصفها الكهنة المصريون بالخروج على الدين، وأن انقسام الحكومة المصرية في عهده بين شمال وجنوب هي التي جعلته يهرب من كبير الكهنة، الذي طارده هو ومجموعته «المؤمنون به» حتى حدثت واقعة شق البحر المعروفة، لذلك كما أكد الدكتور راضي «لن يستطيع علماء المصريات العثور على جثة لإخناتون على الأراضي المصرية، لأن الفرعون اخناتون أو النبي موسى كان قد خرج منها».
أما الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، فأكد لـ «الرأي العام»: إن مناقشة كلام غير علمي لا يمكن أن يتم بطريقة علمية، ولو جاءني رجل وقال لي (الشمس لا تشرق من الشرق) لن استطيع مناقشته، لأنه يطلب مني أن اثبت مسلمة ما لا يمكنني أن اثبتها له رغم أنني أراها، ويراها كل الناس، لذلك أفضل أن أترك من يقول يقول، وخصوصا أن هناك من أمضى عمره كله في البحث العلمي الأثري، يضيف إلى نفسه عن طريق الكتب والمراجع، ولا يعتمد على الأحاسيس والاكتشافات في هذا النوع.
يضيف الدكتور حواس: الفرق الزمني بين الفرعون إخناتون والنبي موسى يتعدى 1800 عام، لأننا كأثريين اكتشفنا نصوصا مكتوبة أرخ فيها الفراعنة لقتالهم خارج الأراضى المصرية، والعبرانيون «في الشام» الذين قاتلهم الفراعنة المصريون عاشوا في القرنين الخامس والسادس قبل الميلاد، والوقائع المشابهة التي نستطيع أن نثبت بها عكس نظرية إخناتون النبي متوافرة وكثيرة، لكن الأمر بهذه الطريقة سوف يرغمنا على الدخول في جدل نحن لسنا في حاجة إليه.
ربما اللافت في نظرية «أحمد عثمان» المصري الأصل الأميركي الجنسية هو ربطه «بزمن متقارب جدا»، بين النبي «يوسف» عليه السلام، وبين «موسى النبي» عليه السلام، وبين السيد المسيح عليه السلام,,, أحمد عثمان يرى أن الملكة نفرتيتي والدة الملك توت عنخ آمون هي ابنة الحكيم يويا، والحكيم يويا «على حد نظرية عثمان» هو النبي يوسف «!!» وحسب نظريته أيضاً فإن توت عنخ آمون هو السيد المسيح عليه السلام، بينما اخناتون «الذي تزوج توت عنخ آمون ابنته»، هو النبي موسى.
ومعني بالبحث وراء تلك الأقاويل أن الفرق الزمني بين زمن النبي يوسف والنبي موسى والمسيح عليه السلام لا يتعدى 24 ــ 18 ــ 10 على التوالي وهو الأمر الذي لا يعتبر منطقيا حتى على المستوى الديني ومستويات الأحداث التي تكلم عنها القرآن الكريم!!.
ومن جانبه، يرى الدكتور عبد الحليم نور الدين أن «نظريات مثل تلك تبناها بعض الإسرائيليين المعاصرين في محاولة منهم لإصابة عصفورين بحجر واحد، أولا إنشاء أو العمل على بناء تراث يهودي قديم ينمو مع الزمن، وثانيا لاقتسام مجد الحضارة الفرعونية مع المصريين والترويج لهذا الرأي باختراع أقاويل ليست علمية، لكن لا يمكن أن نطالب كل الناس أن يكونوا أثريين كي يردوا كلاما مثل هذا وربما جهل معظمنا بالتاريخ هو الذي يجعل مثل تلك الافكار تروج وتنمو».
لكن أحمد عثمان ليس يهوديا، ولا كان الدكتور عبد الجليل راضي ولا أعضاء جمعيته الذين أسسوها عام 75، وهو ما دعا الدكتور زاهي حواس إلى رفضه الشخصي لـ «النظرية المؤامرة» لكن الأكيد أن هناك خزعبلات يمكن أن يقتنع بها بعضنا لمجرد أن تفاصيلها مثيرة، وفي الغرب والولايات المتحدة بالذات من هم مبهورون بالفراعنة، ومن السهل جدا إبهارهم بمزيد من الإبهار لو تم ربط الفراعنة بالأنبياء.
السجال في القاهرة مازال مفتوحا ومتوقعا، ومنطقيا، وخصوصا أن طلب الشركة المنتجة لفيلم «نفرتيتي» الذي يتناول أفكار أحمد عثمان في هذا الموضوع هو الذي أعاد للسطح ملفا قديما كان يفترض أنه أغلق منذ فترة وهو المسؤول أيضا عن تحريك المياه الراكدة في بركة «نظرية النبي إخناتون» والنبي «توت عنخ آمون» عليهما السلام.