عابدون
06-22-2005, 07:07 AM
انفجرت سيارته وتابعت سيرها مخلفة حذاءه على الأرض
بيروت: سناء الجاك
هذه المرة كان دور الامين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، الذي سقط اغتيالاً بعبوة متفجرة وضعت في سيارته المرسيدس السوداء، ذات الرقم 437661. مكان الجريمة هو وطى المصيطبة (المنطقة الغربية من بيروت)، على مسافة حوالي 300 متر من منزل المغدور.
وقع الانفجار قرابة العاشرة الا بضع دقائق، تماماً بمواجهة محطة وقود «الزهيري»، لكن السيارة تابعت طريقها حوالي 50 متراً، لتتوقف ويخرج منها السائق ثابت بزي صارخاً وطالباً المساعدة، ثم سقط ارضاً، ونقل الى المستشفى لعلاجه من جروح طفيفة. اما حاوي الجالس الى جانبه فقد تشظى جسمه. وقال شهود عيان انه ظل يتنفس لدقائق ثم فارق الحياة متأثراً باصاباته.
وكان حاوي غادر منزله في محلة المصيطبة (غرب بيروت) صباح امس وتحادث مع بعض جيرانه الذين بقوا الى جانب السيارة حتى انطلاقها، كما قال بعض الشهود العيان لـ «الشرق الأوسط». وتردد انها توقفت لملء الخزان بالوقود، ثم غادرت. ولما ابتعدت السيارة عن الحشود ثم تفجيرها لاسلكياً فتوفي حاوي بعد لحظات نتيجة اصابته بنزيف حاد جراء خروج امعائه. واصيب سائقه ثابت بزي بجروح طفيفة. وقيل ان حاوي توجه الى سائقه بالقول: «اخرج يا ثابت من السيارة». وافاد مندوب «الوكالة الوطنية للاعلام» نقلاً عن مصادر امنية ان تفجير سيارة حاوي تم لاسلكياً بالقرب من محطة الزهيري التي تبعد حوالى 300 متر عن مكان انطلاق السيارة من امام منزل حاوي الذي كان يجلس قرب سائقه.
وقد هرعت على الفور القوى الامنية وعناصر الدفاع المدني نحو موقع الانفجار حيث ضربت طوقاً امنياً. وتم سحب الجثة من السيارة ونقلت الى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت. وحضرت الى المكان زوجة حاوي سوزي مادايان التي اصيبت بحال اغماء ونقلت الى المستشفى. كما حضر الى مكان الحادث وزير العدل خالد قباني ووزير الاعلام والسياحة شارل رزق والمدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا والنائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي جوزف معماري وقاضي التحقيق الاول في بيروت عبد الرحيم حمود الذي باشر تحقيقاته على الفور. وتم تكليف الاجهزة الامنية جمع الادلة والاستقصاء والتحري للمساعدة في كشف ملابسات الجريمة.
وعلم ان النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا كلف القضاء العدلي وضع يده على التحقيق في هذه الجريمة وليس القضاء العسكري، كما درجت العادة في الجرائم ذات الطابع الارهابي الناجمة عن متفجرات، واعتبرت مصادر قضائية ان السبب يعود لكون القضاء العدلي هو القاعدة، بينما القضاء العسكري هو الاستثناء.
وكشفت مصادر امنية ان المعلومات الاولية التي جمعها خبراء المتفجرات اظهرت ان العبوة لا يتعدى وزنها الـ 400 غرام من مادة الـ «تي. ان. تي» ألصقت في اسفل سيارة حاوي وتحت مقعده للجهة اليمنى، وهي من نوع مرسيدس سوداء اللون تحمل الرقم 437661. ويعتقد ان العبوة ربطت بقطعة مغناطيسية. وفجرت لاسلكياً بعدما صعد حاوي في سيارته التي كانت مركونة في الشارع العام امام منزله في محلة وطى المصيطبة حيث كان يتوجه الى كافيتريا في المحلة لتناول قهوته وقراءة الصحف على عادته يومياً. وترددت معلومات ان السيارة مصفحة وافادت المعلومات ايضاً ان القوى الامنية اوقفت عدداً من العمال السوريين تضاربت التقارير حول عددهم بين 4 و9، قيل انهم ضبطوا مختبئين في غرفتين في مبنى ملاصق لمبنى الضمان الاجتماعي المطل على مكان الجريمة. الا ان مصادر اشارت الى ان المحتجزين افادوا انهم لجأوا الى الغرفتين بعدما فروا خوفاً من صوت الانفجار، لكن هؤلاء ما زالوا يخضعون للتحقيق.
وكان وائل الحسيني، وهو مزين للرجال كان في محله المواجه تماماً لمكان توقف السيارة بعد تفجيرها، قال لـ«الشرق الأوسط»، «كنت أهم بفتح الباب عندما سمعت دوي انفجار قوي. وشاهدت السائق يخرج من السيارة صارخاً ويطلب النجدة قبل ان يقع ارضاً. ركضت، شاهدت حاوي في مقعده، كانت احشاؤه خارجة من ظهره، ووجهه بين قدميه، وكان يتنفس. بعد ذلك تدافع الناس الى المكان وحضرت القوى الامنية وسيارات الاسعاف».
جميل، وهو صاحب متجر قريب لمكان الانفجار، قال: «حاولت ان اخرج حاوي من السيارة مع بعض الرفاق، بعدما لاحظت انه يتنفس، لكن ثقل وزنه جعل الامر مستحيلاً.
آثار الانفجار امتدت من محطة الوقود الى مكان توقف السيارة. فردة حذاء حاوي الاسود كانت على الارض وسط بعض قطع الحطام التي تناثرت، وكذلك كيس فيه بعض الادوية وقنينة مياه معدنية.
اما عند باب الجهة اليمنى للسيارة، حيث كان المغدور جالساً، فقد تطايرت اشلاء وسادة، ربما كان يضعها خلف ظهره وحملت بعض دمائه. وداخل السيارة حقيبة حاوي كانت مقلوبة على المقعد الخلفي.
اجواء الغضب سادت صفوف الذين وصلوا الى المكان. النائب المنتخب وامين سر «حركة اليسار الديمقراطي» الياس عطا الله، وهو رفيق درب جورج حاوي، قال لـ«الشرق الأوسط»: «كنا على موعد في الحادية عشرة الا ربعاً. جورج حاوي وجورج بطل وكريم مروة ويوسف مرتضى (وهم من قادة الحزب الشيوعي اللبناني) وانا. لكنهم قتلوه كما قتلوا سمير قصير. وبالتأكيد كانوا يستهدفون النتائج الايجابية لانتخابات الشمال ومشروع التغيير. الكل يشهد ان حاوي كان رافعة للتغيير. لكن ليس لديهم من طريقة للتعامل مع المعارضة الا بالغائها».
الاسير المحرر انور ياسين، وهو من الحزب الشيوعي اللبناني قال: «اعتقد ان الكلام لم يعد يفيد. علينا ان نبدأ خطوات عملية. وكل مسؤول يحترم نفسه يجب ان يستقيل. لم يعد ينفع الاستنكار والشجب. وعلى الشعب ان يتحرك على الارض لوضع حد لقتل الاحرار».
البعض فقد اعصابه، لا سيما شباب الحزب الشيوعي و«حركة اليسار الديمقراطي»، فالمغدور كان يجيد اكتساب الاصدقاء، على رغم الخلافات الداخلية التي عرفها الحزب.
صرخت امرأة: «كلاب... قتلوه حتى يخربوا البلد». وقال احدهم: «مسكين حاوي كان اول من وقّع قراراً بتنفيذ عملية للمقاومة الوطنية ضد العدو الاسرائيلي، مع الامين العام لمنظمة العمل الشيوعي محسن ابراهيم. وكان من اوائل الذين انتقدوا اداء الاجهزة والهيمنة السورية. وحاول القيام بعدة مبادرات لانقاذ لبنان، لكنهم اجهضوها. ومسكين سائقه ثابت بزي، فقد خسر والده بعد خروج الفلسطينيين من لبنان، اذ تمت تصفيته اغتيالاً. وكان من القياديين في الحزب وعمل في صحيفة «النداء».
منزل جورج حاوي المتواضع يقع في مبنى السعيدي في وطى المصيطبة. على حائط الغرفة الصغيرة الملحقة بمدخل البيت صور لتشي غيفارا. وعلى كرسي ما زالت سترة جورج حاوي موجودة، كذلك قبعة حمراء كتب عليها «انتخب لبنان» الشعار الذي رفعته لائحة «الاصلاح والمصالحة» المدعومة من سعد الحريري في انتخابات الشمال.
حمل شاب السترة والقبعة الى غرفة داخل المنزل فيما توالى تدفق الوفود. اما زوجة حاوي الطبيبة سوسي مادايان، فقد رفضت التحدث الى الصحافة. قالت لنا احدى الموجودات: «لقد تبلغت خبر الجريمة عندما كانت في عيادتها القريبة من المنزل. فعادت صامتة. بدلت ملابسها وارتدت الاسود وجلست تتقبل التعازي». رافي مادايان، ابن زوجة حاوي، وصل الى مكان الجريمة وملامحه تفيض بالغضب والفجيعة. وقال: «انبهكم هناك الكثير على اللائحة التي تعتمدها آلة القتل».
بيروت: سناء الجاك
هذه المرة كان دور الامين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، الذي سقط اغتيالاً بعبوة متفجرة وضعت في سيارته المرسيدس السوداء، ذات الرقم 437661. مكان الجريمة هو وطى المصيطبة (المنطقة الغربية من بيروت)، على مسافة حوالي 300 متر من منزل المغدور.
وقع الانفجار قرابة العاشرة الا بضع دقائق، تماماً بمواجهة محطة وقود «الزهيري»، لكن السيارة تابعت طريقها حوالي 50 متراً، لتتوقف ويخرج منها السائق ثابت بزي صارخاً وطالباً المساعدة، ثم سقط ارضاً، ونقل الى المستشفى لعلاجه من جروح طفيفة. اما حاوي الجالس الى جانبه فقد تشظى جسمه. وقال شهود عيان انه ظل يتنفس لدقائق ثم فارق الحياة متأثراً باصاباته.
وكان حاوي غادر منزله في محلة المصيطبة (غرب بيروت) صباح امس وتحادث مع بعض جيرانه الذين بقوا الى جانب السيارة حتى انطلاقها، كما قال بعض الشهود العيان لـ «الشرق الأوسط». وتردد انها توقفت لملء الخزان بالوقود، ثم غادرت. ولما ابتعدت السيارة عن الحشود ثم تفجيرها لاسلكياً فتوفي حاوي بعد لحظات نتيجة اصابته بنزيف حاد جراء خروج امعائه. واصيب سائقه ثابت بزي بجروح طفيفة. وقيل ان حاوي توجه الى سائقه بالقول: «اخرج يا ثابت من السيارة». وافاد مندوب «الوكالة الوطنية للاعلام» نقلاً عن مصادر امنية ان تفجير سيارة حاوي تم لاسلكياً بالقرب من محطة الزهيري التي تبعد حوالى 300 متر عن مكان انطلاق السيارة من امام منزل حاوي الذي كان يجلس قرب سائقه.
وقد هرعت على الفور القوى الامنية وعناصر الدفاع المدني نحو موقع الانفجار حيث ضربت طوقاً امنياً. وتم سحب الجثة من السيارة ونقلت الى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت. وحضرت الى المكان زوجة حاوي سوزي مادايان التي اصيبت بحال اغماء ونقلت الى المستشفى. كما حضر الى مكان الحادث وزير العدل خالد قباني ووزير الاعلام والسياحة شارل رزق والمدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا والنائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي جوزف معماري وقاضي التحقيق الاول في بيروت عبد الرحيم حمود الذي باشر تحقيقاته على الفور. وتم تكليف الاجهزة الامنية جمع الادلة والاستقصاء والتحري للمساعدة في كشف ملابسات الجريمة.
وعلم ان النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا كلف القضاء العدلي وضع يده على التحقيق في هذه الجريمة وليس القضاء العسكري، كما درجت العادة في الجرائم ذات الطابع الارهابي الناجمة عن متفجرات، واعتبرت مصادر قضائية ان السبب يعود لكون القضاء العدلي هو القاعدة، بينما القضاء العسكري هو الاستثناء.
وكشفت مصادر امنية ان المعلومات الاولية التي جمعها خبراء المتفجرات اظهرت ان العبوة لا يتعدى وزنها الـ 400 غرام من مادة الـ «تي. ان. تي» ألصقت في اسفل سيارة حاوي وتحت مقعده للجهة اليمنى، وهي من نوع مرسيدس سوداء اللون تحمل الرقم 437661. ويعتقد ان العبوة ربطت بقطعة مغناطيسية. وفجرت لاسلكياً بعدما صعد حاوي في سيارته التي كانت مركونة في الشارع العام امام منزله في محلة وطى المصيطبة حيث كان يتوجه الى كافيتريا في المحلة لتناول قهوته وقراءة الصحف على عادته يومياً. وترددت معلومات ان السيارة مصفحة وافادت المعلومات ايضاً ان القوى الامنية اوقفت عدداً من العمال السوريين تضاربت التقارير حول عددهم بين 4 و9، قيل انهم ضبطوا مختبئين في غرفتين في مبنى ملاصق لمبنى الضمان الاجتماعي المطل على مكان الجريمة. الا ان مصادر اشارت الى ان المحتجزين افادوا انهم لجأوا الى الغرفتين بعدما فروا خوفاً من صوت الانفجار، لكن هؤلاء ما زالوا يخضعون للتحقيق.
وكان وائل الحسيني، وهو مزين للرجال كان في محله المواجه تماماً لمكان توقف السيارة بعد تفجيرها، قال لـ«الشرق الأوسط»، «كنت أهم بفتح الباب عندما سمعت دوي انفجار قوي. وشاهدت السائق يخرج من السيارة صارخاً ويطلب النجدة قبل ان يقع ارضاً. ركضت، شاهدت حاوي في مقعده، كانت احشاؤه خارجة من ظهره، ووجهه بين قدميه، وكان يتنفس. بعد ذلك تدافع الناس الى المكان وحضرت القوى الامنية وسيارات الاسعاف».
جميل، وهو صاحب متجر قريب لمكان الانفجار، قال: «حاولت ان اخرج حاوي من السيارة مع بعض الرفاق، بعدما لاحظت انه يتنفس، لكن ثقل وزنه جعل الامر مستحيلاً.
آثار الانفجار امتدت من محطة الوقود الى مكان توقف السيارة. فردة حذاء حاوي الاسود كانت على الارض وسط بعض قطع الحطام التي تناثرت، وكذلك كيس فيه بعض الادوية وقنينة مياه معدنية.
اما عند باب الجهة اليمنى للسيارة، حيث كان المغدور جالساً، فقد تطايرت اشلاء وسادة، ربما كان يضعها خلف ظهره وحملت بعض دمائه. وداخل السيارة حقيبة حاوي كانت مقلوبة على المقعد الخلفي.
اجواء الغضب سادت صفوف الذين وصلوا الى المكان. النائب المنتخب وامين سر «حركة اليسار الديمقراطي» الياس عطا الله، وهو رفيق درب جورج حاوي، قال لـ«الشرق الأوسط»: «كنا على موعد في الحادية عشرة الا ربعاً. جورج حاوي وجورج بطل وكريم مروة ويوسف مرتضى (وهم من قادة الحزب الشيوعي اللبناني) وانا. لكنهم قتلوه كما قتلوا سمير قصير. وبالتأكيد كانوا يستهدفون النتائج الايجابية لانتخابات الشمال ومشروع التغيير. الكل يشهد ان حاوي كان رافعة للتغيير. لكن ليس لديهم من طريقة للتعامل مع المعارضة الا بالغائها».
الاسير المحرر انور ياسين، وهو من الحزب الشيوعي اللبناني قال: «اعتقد ان الكلام لم يعد يفيد. علينا ان نبدأ خطوات عملية. وكل مسؤول يحترم نفسه يجب ان يستقيل. لم يعد ينفع الاستنكار والشجب. وعلى الشعب ان يتحرك على الارض لوضع حد لقتل الاحرار».
البعض فقد اعصابه، لا سيما شباب الحزب الشيوعي و«حركة اليسار الديمقراطي»، فالمغدور كان يجيد اكتساب الاصدقاء، على رغم الخلافات الداخلية التي عرفها الحزب.
صرخت امرأة: «كلاب... قتلوه حتى يخربوا البلد». وقال احدهم: «مسكين حاوي كان اول من وقّع قراراً بتنفيذ عملية للمقاومة الوطنية ضد العدو الاسرائيلي، مع الامين العام لمنظمة العمل الشيوعي محسن ابراهيم. وكان من اوائل الذين انتقدوا اداء الاجهزة والهيمنة السورية. وحاول القيام بعدة مبادرات لانقاذ لبنان، لكنهم اجهضوها. ومسكين سائقه ثابت بزي، فقد خسر والده بعد خروج الفلسطينيين من لبنان، اذ تمت تصفيته اغتيالاً. وكان من القياديين في الحزب وعمل في صحيفة «النداء».
منزل جورج حاوي المتواضع يقع في مبنى السعيدي في وطى المصيطبة. على حائط الغرفة الصغيرة الملحقة بمدخل البيت صور لتشي غيفارا. وعلى كرسي ما زالت سترة جورج حاوي موجودة، كذلك قبعة حمراء كتب عليها «انتخب لبنان» الشعار الذي رفعته لائحة «الاصلاح والمصالحة» المدعومة من سعد الحريري في انتخابات الشمال.
حمل شاب السترة والقبعة الى غرفة داخل المنزل فيما توالى تدفق الوفود. اما زوجة حاوي الطبيبة سوسي مادايان، فقد رفضت التحدث الى الصحافة. قالت لنا احدى الموجودات: «لقد تبلغت خبر الجريمة عندما كانت في عيادتها القريبة من المنزل. فعادت صامتة. بدلت ملابسها وارتدت الاسود وجلست تتقبل التعازي». رافي مادايان، ابن زوجة حاوي، وصل الى مكان الجريمة وملامحه تفيض بالغضب والفجيعة. وقال: «انبهكم هناك الكثير على اللائحة التي تعتمدها آلة القتل».