تشكرات
01-05-2019, 06:50 AM
https://alqabas.com/wp-content/uploads/2018/03/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B3%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%8666.jpg
محمد سالم البلهان
3 يناير، 2019
يحكى أن فهد شاب من شبان إحدى الدول العربية المشرقية، ويتصف بالجدية والأخلاق الحميدة وحسن المعشر والثقافة العامة.. التحق بالقوات المساندة لجيوش الحلفاء عن طريق الحكومة البريطانية، التي شكلت لواء من أبناء المستعمرات الاجنبية لمساعدة جيوشها في التفاهم مع الدول التي يتعاملون معها ايام الحرب العالمية الثانية.
ونظراً لوجود فهد في هذا اللواء فقد تنقل في كثير من البلدان التي كانت تحت سيطرة الحلفاء من الشرق إلى الغرب إلى أن حل به المقام ومجموعة من معاونيه في معسكر فرنسي تابع لتلك القوات كان يخيم في منطقة «سوس» على حدود الصحراء في المملكة المغربية، وكانت تلك المنطقة التي يخيم فيها المعسكر تقطنها مجموعة من قبائل سوس «الأمازيغية»، وكان بالقرب من هذا المعسكر نبع ترتوي منه القرى بالماء الصالح للشرب، وكانت نساء وبنات القبائل هن من يقمن بنقل الماء من النبع إلى المنازل على ظهور البهائم حسب عادات أهالي تلك المنطقة.
ونظراً لوجود خليط من العساكر في ذلك المعسكر الفرنسي خشي قائده من أن تتعرض نساء القبائل إلى تحرشات العساكر، لذا فقد أنشأ مجموعة حراسة من العساكر أسند قيادتها لفهد لكونه شابا عربيا مسلما، ونتيجة لهذه المهمة تعرف فهد على مجموعة من سكان المنطقة وقد شاركهم في الصلاة في مساجدهم، ولما عرف اخواننا المغاربة من عروبة وإسلام فهد قربوه لهم وشاركوه الطعام كما يقال في المغرب، وقد بنى فهد في هذا الوقت صداقة متينة مع إمام المسجد القريب من المعسكر.
في أحد الأيام شاهد فهد وهو يقوم بحراسة نبع الماء فتاة جميلة وقعت في نفسه موقعا حسناً أباح بسره لإمام المسجد طالباً منه التوسط للزواج منها، بعد أن تبين لهم أصله وفصله واسم البلاد التي هو منها وافق الوالد على زواج ابنته بفهد وبما أن فهد لا يملك حينها بيتاً ولا يحق له العيش خارج المعسكر فقد هيأ أبو الفتاة لفهد مكاناً وزوجته في منزله دام وجوده في ذاك المنزل قرابة السنة ونصف السنة، أنجب خلالها طفلاً إلى أن وضعت الحرب العالمية أوزارها وطلب من جميع العساكر العودة إلى ديارهم.
هنا دعا فهد زوجته (رابحة) الى مرافقته إلى العودة إلى بلاده، وافقت الزوجة على اقتراح زوجها بشرط الا يتزوج غيرها في بلاده فوعدها بذلك، وفي يوم من الأيام جاء فهد وهو في بلاده ومع عائلته ليبلغ رابحة بأنه وبحسب تقاليد القبيلة فرض عليه الزواج باحدى فتيات عائلته وأنه يطلب منها العذر والسماح، قالت له رابحة كما يقال أعطيك العذر ولن أسامحك وأنا كما ترى أعيش عيشة الغربة بعيدة عن أهلي وعائلتي، ولكن لن ألقاك بعد ذلك، ومن يومها رفضت رابحة اللقاء بزوجها إلى أن جاء اليوم الذي أخبروها فيه بأن فهد الذي أسندت له مناصب عالية في جيش بلاده حكم عليه بالإعدام، لأنه أعد مجموعة من مساعديه للقيام بانقلاب عسكري في البلاد، وأنه يطلب مقابلتها لتوديعها الوداع الأخير، ذهبت رابحة إلى السجن لمقابلة زوجها وبعد ان ألقت عليه التحية وأولادها معها قالت:
لقد سامحتك، ولكن عليك أن تتأكد بأنني سأكون وفية لك ولن يطأني غيرك من الرجال وسأربي أولادك تربية الرجال الأبطال أمثالك تربية الأصول الأمازيغية العربية التي ستشكل القوة والشجاعة والصمود، وإلى أن ألقاك أدعو الله لك بالرحمة.
محمد سالم البلهان *
mohamadsalbalhan@gmail.com
* سفير سابق
https://alqabas.com/621948/
محمد سالم البلهان
3 يناير، 2019
يحكى أن فهد شاب من شبان إحدى الدول العربية المشرقية، ويتصف بالجدية والأخلاق الحميدة وحسن المعشر والثقافة العامة.. التحق بالقوات المساندة لجيوش الحلفاء عن طريق الحكومة البريطانية، التي شكلت لواء من أبناء المستعمرات الاجنبية لمساعدة جيوشها في التفاهم مع الدول التي يتعاملون معها ايام الحرب العالمية الثانية.
ونظراً لوجود فهد في هذا اللواء فقد تنقل في كثير من البلدان التي كانت تحت سيطرة الحلفاء من الشرق إلى الغرب إلى أن حل به المقام ومجموعة من معاونيه في معسكر فرنسي تابع لتلك القوات كان يخيم في منطقة «سوس» على حدود الصحراء في المملكة المغربية، وكانت تلك المنطقة التي يخيم فيها المعسكر تقطنها مجموعة من قبائل سوس «الأمازيغية»، وكان بالقرب من هذا المعسكر نبع ترتوي منه القرى بالماء الصالح للشرب، وكانت نساء وبنات القبائل هن من يقمن بنقل الماء من النبع إلى المنازل على ظهور البهائم حسب عادات أهالي تلك المنطقة.
ونظراً لوجود خليط من العساكر في ذلك المعسكر الفرنسي خشي قائده من أن تتعرض نساء القبائل إلى تحرشات العساكر، لذا فقد أنشأ مجموعة حراسة من العساكر أسند قيادتها لفهد لكونه شابا عربيا مسلما، ونتيجة لهذه المهمة تعرف فهد على مجموعة من سكان المنطقة وقد شاركهم في الصلاة في مساجدهم، ولما عرف اخواننا المغاربة من عروبة وإسلام فهد قربوه لهم وشاركوه الطعام كما يقال في المغرب، وقد بنى فهد في هذا الوقت صداقة متينة مع إمام المسجد القريب من المعسكر.
في أحد الأيام شاهد فهد وهو يقوم بحراسة نبع الماء فتاة جميلة وقعت في نفسه موقعا حسناً أباح بسره لإمام المسجد طالباً منه التوسط للزواج منها، بعد أن تبين لهم أصله وفصله واسم البلاد التي هو منها وافق الوالد على زواج ابنته بفهد وبما أن فهد لا يملك حينها بيتاً ولا يحق له العيش خارج المعسكر فقد هيأ أبو الفتاة لفهد مكاناً وزوجته في منزله دام وجوده في ذاك المنزل قرابة السنة ونصف السنة، أنجب خلالها طفلاً إلى أن وضعت الحرب العالمية أوزارها وطلب من جميع العساكر العودة إلى ديارهم.
هنا دعا فهد زوجته (رابحة) الى مرافقته إلى العودة إلى بلاده، وافقت الزوجة على اقتراح زوجها بشرط الا يتزوج غيرها في بلاده فوعدها بذلك، وفي يوم من الأيام جاء فهد وهو في بلاده ومع عائلته ليبلغ رابحة بأنه وبحسب تقاليد القبيلة فرض عليه الزواج باحدى فتيات عائلته وأنه يطلب منها العذر والسماح، قالت له رابحة كما يقال أعطيك العذر ولن أسامحك وأنا كما ترى أعيش عيشة الغربة بعيدة عن أهلي وعائلتي، ولكن لن ألقاك بعد ذلك، ومن يومها رفضت رابحة اللقاء بزوجها إلى أن جاء اليوم الذي أخبروها فيه بأن فهد الذي أسندت له مناصب عالية في جيش بلاده حكم عليه بالإعدام، لأنه أعد مجموعة من مساعديه للقيام بانقلاب عسكري في البلاد، وأنه يطلب مقابلتها لتوديعها الوداع الأخير، ذهبت رابحة إلى السجن لمقابلة زوجها وبعد ان ألقت عليه التحية وأولادها معها قالت:
لقد سامحتك، ولكن عليك أن تتأكد بأنني سأكون وفية لك ولن يطأني غيرك من الرجال وسأربي أولادك تربية الرجال الأبطال أمثالك تربية الأصول الأمازيغية العربية التي ستشكل القوة والشجاعة والصمود، وإلى أن ألقاك أدعو الله لك بالرحمة.
محمد سالم البلهان *
mohamadsalbalhan@gmail.com
* سفير سابق
https://alqabas.com/621948/