غفوري
12-16-2018, 11:31 PM
https://www.alanba.com.kw/resources/imgwriters/83_3.jpg?w=430&h=235
بقلم : د .عبدالهادي الصالح
توجهنا إلى دمشق في زيارة خاطفة لمرقد عقيلة بني هاشم وبطلة كربلاء السيدة زينب عليها السلام عبر الطائرة السورية الممتلئة بالزوار الكويتيين. كنت أتوجس بصفتي أتعاطى السياسة من منع الدخول أو شيء آخر! لكن الأمور بحمد الله سارت بشكل سهل جدا.
سار بنا باص الحملة والوقت قارب على منتصف الليل في شوارع مضيئة، وانحدر إلى طرق أخرى مظلمة، تقطعها حواجز سيطرة عسكرية، حتى وصلنا إلى فندق السيدة زينب عليها السلام (السفير سابقا) وهو مقابل للمرقد الشريف المحاط بالحواجز الإسمنتية المرتفعة تعلوها الأسلاك الشائكة، وقد لصقت عليها صور عشرات الشهداء الذين دافعوا عن هذا المقام عندما وصل التكفيريون الى تخوم المكان المقدس لتفجيره، ولكن رد الله كيدهم الى نحورهم خائبين وهاربين، وكان وقود حماس هؤلاء الحماة شعار (لن تسبى زينب مرة أخرى)!
المدخل الرئيسي المعتاد للمرقد الشريف مغلق، واستعيض عنه بآخر خلفه مواجها للأزقة الداخلية التي تعج بالأسواق الشعبية وزحمة الناس مما يحتاج مشيا في طريق متعثر شبه دائري للوصول لباب الدخول المحصن بالتفتيش والحراس المدججين بالسلاح وكاميرات المراقبة وأبواب التحسس الإلكترونية.
لكن الدخول تم تقنينه (من الساعة 4 فجرا حتى 6 صباحا ثم من 9 صباحا حتى 7 ليلا) رأيت المقام الشريف من الداخل كما عهدته قبل الحرب، لا توجد عليه أي خدش من رشق الرصاص. والزوار قد ملأوا المكان ما بين قارئ لنصوص الزيارة أو مصلّ وراكع وساجد لله تعالى، مبتهلين إليه سبحانه وتعالى بالدعاء المأثور، أوتالين للقرآن الكريم.
ومشهد السيدة زينب عليها السلام عموما يثير في النفس شجون القوة والصمود والشجاعة وتحمل الابتلاءات، فزينب عليها السلام هي رمز الصبر الجميل، فلم تنكسر ولم تتمسكن بل استثمرته في مواجهة الظالمين وفي توجيه الأمة إلى الوعي بالأهداف الإصلاحية التي من أجلها كانت تضحية شقيقها الإمام الحسين عليه السلام، وما لزينب من فضل على استمرار تمسك الأمة بدينها، وما ينبغي لواقعنا اليوم من أخذ القدوة منها للرجال والنساء في محاربة الظلم والفساد أيا كان موقعه وأيا كان حجمه.
وهكذا تكمن قيمة مثل هذه السياحة الدينية، وتكريما لهؤلاء العظماء، وأسوة لرسول الله وأصحابه الكرام الذين كانوا يزورون الشهداء ويسلمون عليهم. ويقول الحنابلة: «لا بأس بلمس قبر بيد لاسيما من ترجى بركته» (الموسوعة الفقهية الكويتية ج24 ص88).
يوجد ملحق للمقام الزينبي لمصلى كبيرا تقام به صلاة الجماعة والجمعة بإشراف من مكتب ممثل السيد الخامئني في سورية.
توجهت في اليوم التالي إلى سوق الحميدية الشهير في قلب دمشق التي وجدتها كما كانت مزدحمة بالناس والسيارات والحوانيت ممتلئة بكل البضائع، والمطاعم التي تعرض الأكلات الشامية الشهية. وتذوقنا سندويش الفلافل الذي يذكرنا بفلافل بوعدنان عندنا في سوق واجف القديم!
أما سوق الحميدية فكعادته المعهودة تتداخل فيه زحمة الباعة الجائلين مع المشترين، تتفرع منه اسوق اخرى منها سوق الحريقة للملابس القطنية السورية الفاخرة وسوق البزارين، حيث أنواع التوابل والسكاكر وقمر الدين، وصابون البدن الغني بزيت الزيتون وورق الغار.
ولا تنس ان ترتاح عند «بكداش» لتناول البوظة العربية الأصلية المزدانة بالفستق الحلبي أو المحلاية المعطرة بماء الورد أو السحلب الساخن يقدم معه أصابع الكعك (البخصم).
لينتهي السوق بالمسجد الأموي الأثري، وغير بعيد عن مقامات الفواطم والسيدة رقية كريمة الإمام الحسين عليهم السلام، وهم من ضحايا واقعة كربلاء عندما سبي النساء والأطفال من آل النبي صلى الله عليه وآله الى الشام.
الشيء المزعج للسياح الذي نأمل من السلطات معالجته هو إلحاح كثرة المتسولين من الأطفال، وطالبي البقاشيش من الكبار!
هكذا رأينا دمشق ونحن في رحاب حضرة سيدة الشام السيدة زينب حبيبة وحفيدة رسول الله صلى الله عليه وآله. السياحة الدينية تشرح الصدر وتزيل الهموم وتطمئن القلوب بذكر الله تعالى.
شكرا لحملة الحاج احمد المعراج ومعاونيه على اهتمامه ورعايته للزوار، وجزاه الله خيرا كثيرا.
a.alsalleh@yahoo.com
https://www.alanba.com.kw/kottab/abdulhadi-alsaleh/874015/17-12-2018-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D8%B6%D8%B1%D8%A9-%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85/
بقلم : د .عبدالهادي الصالح
توجهنا إلى دمشق في زيارة خاطفة لمرقد عقيلة بني هاشم وبطلة كربلاء السيدة زينب عليها السلام عبر الطائرة السورية الممتلئة بالزوار الكويتيين. كنت أتوجس بصفتي أتعاطى السياسة من منع الدخول أو شيء آخر! لكن الأمور بحمد الله سارت بشكل سهل جدا.
سار بنا باص الحملة والوقت قارب على منتصف الليل في شوارع مضيئة، وانحدر إلى طرق أخرى مظلمة، تقطعها حواجز سيطرة عسكرية، حتى وصلنا إلى فندق السيدة زينب عليها السلام (السفير سابقا) وهو مقابل للمرقد الشريف المحاط بالحواجز الإسمنتية المرتفعة تعلوها الأسلاك الشائكة، وقد لصقت عليها صور عشرات الشهداء الذين دافعوا عن هذا المقام عندما وصل التكفيريون الى تخوم المكان المقدس لتفجيره، ولكن رد الله كيدهم الى نحورهم خائبين وهاربين، وكان وقود حماس هؤلاء الحماة شعار (لن تسبى زينب مرة أخرى)!
المدخل الرئيسي المعتاد للمرقد الشريف مغلق، واستعيض عنه بآخر خلفه مواجها للأزقة الداخلية التي تعج بالأسواق الشعبية وزحمة الناس مما يحتاج مشيا في طريق متعثر شبه دائري للوصول لباب الدخول المحصن بالتفتيش والحراس المدججين بالسلاح وكاميرات المراقبة وأبواب التحسس الإلكترونية.
لكن الدخول تم تقنينه (من الساعة 4 فجرا حتى 6 صباحا ثم من 9 صباحا حتى 7 ليلا) رأيت المقام الشريف من الداخل كما عهدته قبل الحرب، لا توجد عليه أي خدش من رشق الرصاص. والزوار قد ملأوا المكان ما بين قارئ لنصوص الزيارة أو مصلّ وراكع وساجد لله تعالى، مبتهلين إليه سبحانه وتعالى بالدعاء المأثور، أوتالين للقرآن الكريم.
ومشهد السيدة زينب عليها السلام عموما يثير في النفس شجون القوة والصمود والشجاعة وتحمل الابتلاءات، فزينب عليها السلام هي رمز الصبر الجميل، فلم تنكسر ولم تتمسكن بل استثمرته في مواجهة الظالمين وفي توجيه الأمة إلى الوعي بالأهداف الإصلاحية التي من أجلها كانت تضحية شقيقها الإمام الحسين عليه السلام، وما لزينب من فضل على استمرار تمسك الأمة بدينها، وما ينبغي لواقعنا اليوم من أخذ القدوة منها للرجال والنساء في محاربة الظلم والفساد أيا كان موقعه وأيا كان حجمه.
وهكذا تكمن قيمة مثل هذه السياحة الدينية، وتكريما لهؤلاء العظماء، وأسوة لرسول الله وأصحابه الكرام الذين كانوا يزورون الشهداء ويسلمون عليهم. ويقول الحنابلة: «لا بأس بلمس قبر بيد لاسيما من ترجى بركته» (الموسوعة الفقهية الكويتية ج24 ص88).
يوجد ملحق للمقام الزينبي لمصلى كبيرا تقام به صلاة الجماعة والجمعة بإشراف من مكتب ممثل السيد الخامئني في سورية.
توجهت في اليوم التالي إلى سوق الحميدية الشهير في قلب دمشق التي وجدتها كما كانت مزدحمة بالناس والسيارات والحوانيت ممتلئة بكل البضائع، والمطاعم التي تعرض الأكلات الشامية الشهية. وتذوقنا سندويش الفلافل الذي يذكرنا بفلافل بوعدنان عندنا في سوق واجف القديم!
أما سوق الحميدية فكعادته المعهودة تتداخل فيه زحمة الباعة الجائلين مع المشترين، تتفرع منه اسوق اخرى منها سوق الحريقة للملابس القطنية السورية الفاخرة وسوق البزارين، حيث أنواع التوابل والسكاكر وقمر الدين، وصابون البدن الغني بزيت الزيتون وورق الغار.
ولا تنس ان ترتاح عند «بكداش» لتناول البوظة العربية الأصلية المزدانة بالفستق الحلبي أو المحلاية المعطرة بماء الورد أو السحلب الساخن يقدم معه أصابع الكعك (البخصم).
لينتهي السوق بالمسجد الأموي الأثري، وغير بعيد عن مقامات الفواطم والسيدة رقية كريمة الإمام الحسين عليهم السلام، وهم من ضحايا واقعة كربلاء عندما سبي النساء والأطفال من آل النبي صلى الله عليه وآله الى الشام.
الشيء المزعج للسياح الذي نأمل من السلطات معالجته هو إلحاح كثرة المتسولين من الأطفال، وطالبي البقاشيش من الكبار!
هكذا رأينا دمشق ونحن في رحاب حضرة سيدة الشام السيدة زينب حبيبة وحفيدة رسول الله صلى الله عليه وآله. السياحة الدينية تشرح الصدر وتزيل الهموم وتطمئن القلوب بذكر الله تعالى.
شكرا لحملة الحاج احمد المعراج ومعاونيه على اهتمامه ورعايته للزوار، وجزاه الله خيرا كثيرا.
a.alsalleh@yahoo.com
https://www.alanba.com.kw/kottab/abdulhadi-alsaleh/874015/17-12-2018-%D9%81%D9%8A-%D8%AD%D8%B6%D8%B1%D8%A9-%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D9%85/