طائر
12-14-2018, 01:11 AM
https://alqabas.com/wp-content/uploads/2018/09/%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%81%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D8%A7%D9%81%D9%8A66-2.jpg
بأسباب غروٍ حِّيل من دونه «مُنع»
خليفة مساعد الخرافي
13 ديسمبر، 2018
مذكرات وزير سابق: لدينا عشرات من الوزراء السابقين ومئات من القيادات السابقة المتقاعدة، كنت أتمنى أنهم يدوّنون مذكراتهم؛ ليستفيد منها الجُدُد ولا يكرروا الأخطاء نفسها، لهذا تواصلت مع مجموعة كبيرة من وزراء سابقين لي معرفة وعلاقة طيبة جدا معهم، وطلبت منهم يعطوني فكرة عن تجربتهم السابقة بالوزارة، زينها وشينها، وما هي اخطاؤهم، وكذلك طلبت من قيادات سابقة الطلب نفسه، للاسف غالبيتهم لم يتعاونوا.
البعض لم يجاوبني اما لسلبيته واما لخجله من مواقف كثيرة فعلها لضغوط وندم عليها، أو انه ما زال يتطلع الى منصب يعيد له الحياة والظهور إلى الأضواء مرة أخرى في موقع بارز من باب «لعل وعسى»، والبعض أجاب بعموميات، ما عدا كم واحد منهم، فكانت تجربة أحدهم هي أنه قال لي فرحت كثير يا بومساعد حين ابلغوني انه تم قبول ترشيحي كوزير، وأردف: المنصب يا بومساعد وجاهة ورَزة وتَقرب من أصحاب القرار، ويحقق أهم طموحاتي، وقد أتمكن من القيام بدور لخدمة وطني.
أتذكر بعد أن كشخت بالبشت، وتلوت القسم أصبح يسبق اسمي لقب «معالي» الوزير، وأحياناً يُقرن معه لقب صاحب السعادة، وتعني الفَرح والانبساط والغبطة والبهجة والمسرّة، وحين وصلت بسيارة الحكومة الفارهة المخصصة لي الى مكتبي الفخم بالوزارة شاهدت قيادات في الوزارة وهي تتملق لي، والجميع يقول أنا تحت أمرتك وإشارتك، ليل نهار، وكان لي «أسنسير» (مصعد) خاص، وسفراتي للمهمات الوزارية بطائرة خاصة واستقبالي بقاعة التشريفات وجميع طلباتي مجابة، وكنت مُعززا مكرّما بجلسات مجلس الوزراء البَذخة أحياناً في أجوائها، كأنني في حلم، وحين سألته عن كيفية إدارة جلسات مجلس الوزراء أجابني انها تكاد تكون اجتماعات شكلية، والأمور تكاد تكود محسومة بين رئيس الوزراء والوزير المعني،
ونشعر بأن هناك اجتماعات مسبقة للتنسيق والترتيب تمت قبل اجتماعنا بيوم بين رئيس الوزراء مع كم وزير فاعل للقضايا المهمة، ولاحظت أن بعض الوزراء ليست لديهم قدرة على المواجهة وأخذ القرار، قد تكون الاستفادة منهم لعلمهم كأكاديميين مستشارين، إنما ليس كوزراء، ولاحظت أن غالبية الوزراء يحاولون إرضاء رئيس الوزراء وعدم إزعاجه، وكنا كوزراء بيننا رابطة وعلاقة خاصة تجمع بيننا، حيث نشعر بأننا مستهدفون من بعض النواب ومن الإعلام ومن أهل المصالح، ومن صراعات أجنحة على الساحة السياسية ترغب في إفشال جهود الحكومة، كما لاحظت بالوقت نفسه تنافس وغِيرة بيننا كوزراء لإرضاء رئيس الوزراء والتقرّب منه، وكنت ألاحظ زملائي الوزراء الفاعلين يمشّون لنواب معاملات عددها لا حدود له، فعلمت اننا سبب خراب البلد، لأننا نجاري ونلبي واسطات بعض النواب التي لا تنتهي، ولو انجزت للنائب المشاكس مئة معاملة ولم تنجز له بعدها المعاملة رقم ١٠١ فإنه سينسى أنك ساعدته وأعنته ويبتدي بمضايقتك بالجلسة بعدة طرق يختمها
باستجواب.. يا بومساعد أنا واجهت مشاكل عديدة ندمت عليها أشد الندم أهمها انصياعي مرغماً لطلبات وواسطات بعض النواب وأصحاب النفوذ التي صعب ردها، كما واجهت نوعية من القياديين لم أتمكن من التعامل معهم، ولا استطيع الاستغناء عنهم؛ لأنهم محسوبون على جهات نافذة، واكتشفت ان بعض القرارات التي اتخذتها أخطأت بها، مثل مشاريع معينة رفضتها او عطلتها او عاندت لعدم تنفيذها، وأعترف بأن اهم أخطائي هي التالي: حرصي على البقاء في المنصب بأي ثمن، فأساير قدر المستطاع، ولاحظت أن هناك وزيراً «سوبر»، وهناك وزيرا عاديا، الذي بسهولة تتم التضحية فيه، وحين قُدم ضدي استجواب تعلّمت الكثير. فما حصل لا
يستسيغه عقل، سواء من الحكومة او النواب، كان الاستجواب على أمر تافه ورددت عليه بجلسة الاستجواب، إلا انه للأسف لم ينصت أحد الى ردودي بتفنيد محاور الاستجواب، وتم تقديم طلب طرح ثقة موقع عليه من مجموعة فاعلة بالمجلس لسانها ومكرها ودهائها وقدرتها على خلط الأوراق، فقدمت استقالتي. نعم، لقد فقدت الوجاهة والرزة، وأتذكر حين كنت وزيرا كان «موبايلي» لا يتوقف من الرنين، اتصالات من أكبرها وأسمنها، أما بعد الابتعاد عن المنصب الوزاري بالكاد يرن الهاتف، والاتصالات اما عائلية وأصحاب، وإما مكالمات لأعمال ومهام تافهة.
نكمل المقال صباح يوم الجمعة المقبل عن ذكريات وزير آخر.
***
خليفة الخرافي
kalkharafi@gmail.com
@kalkharafi
https://alqabas.com/614708/
بأسباب غروٍ حِّيل من دونه «مُنع»
خليفة مساعد الخرافي
13 ديسمبر، 2018
مذكرات وزير سابق: لدينا عشرات من الوزراء السابقين ومئات من القيادات السابقة المتقاعدة، كنت أتمنى أنهم يدوّنون مذكراتهم؛ ليستفيد منها الجُدُد ولا يكرروا الأخطاء نفسها، لهذا تواصلت مع مجموعة كبيرة من وزراء سابقين لي معرفة وعلاقة طيبة جدا معهم، وطلبت منهم يعطوني فكرة عن تجربتهم السابقة بالوزارة، زينها وشينها، وما هي اخطاؤهم، وكذلك طلبت من قيادات سابقة الطلب نفسه، للاسف غالبيتهم لم يتعاونوا.
البعض لم يجاوبني اما لسلبيته واما لخجله من مواقف كثيرة فعلها لضغوط وندم عليها، أو انه ما زال يتطلع الى منصب يعيد له الحياة والظهور إلى الأضواء مرة أخرى في موقع بارز من باب «لعل وعسى»، والبعض أجاب بعموميات، ما عدا كم واحد منهم، فكانت تجربة أحدهم هي أنه قال لي فرحت كثير يا بومساعد حين ابلغوني انه تم قبول ترشيحي كوزير، وأردف: المنصب يا بومساعد وجاهة ورَزة وتَقرب من أصحاب القرار، ويحقق أهم طموحاتي، وقد أتمكن من القيام بدور لخدمة وطني.
أتذكر بعد أن كشخت بالبشت، وتلوت القسم أصبح يسبق اسمي لقب «معالي» الوزير، وأحياناً يُقرن معه لقب صاحب السعادة، وتعني الفَرح والانبساط والغبطة والبهجة والمسرّة، وحين وصلت بسيارة الحكومة الفارهة المخصصة لي الى مكتبي الفخم بالوزارة شاهدت قيادات في الوزارة وهي تتملق لي، والجميع يقول أنا تحت أمرتك وإشارتك، ليل نهار، وكان لي «أسنسير» (مصعد) خاص، وسفراتي للمهمات الوزارية بطائرة خاصة واستقبالي بقاعة التشريفات وجميع طلباتي مجابة، وكنت مُعززا مكرّما بجلسات مجلس الوزراء البَذخة أحياناً في أجوائها، كأنني في حلم، وحين سألته عن كيفية إدارة جلسات مجلس الوزراء أجابني انها تكاد تكون اجتماعات شكلية، والأمور تكاد تكود محسومة بين رئيس الوزراء والوزير المعني،
ونشعر بأن هناك اجتماعات مسبقة للتنسيق والترتيب تمت قبل اجتماعنا بيوم بين رئيس الوزراء مع كم وزير فاعل للقضايا المهمة، ولاحظت أن بعض الوزراء ليست لديهم قدرة على المواجهة وأخذ القرار، قد تكون الاستفادة منهم لعلمهم كأكاديميين مستشارين، إنما ليس كوزراء، ولاحظت أن غالبية الوزراء يحاولون إرضاء رئيس الوزراء وعدم إزعاجه، وكنا كوزراء بيننا رابطة وعلاقة خاصة تجمع بيننا، حيث نشعر بأننا مستهدفون من بعض النواب ومن الإعلام ومن أهل المصالح، ومن صراعات أجنحة على الساحة السياسية ترغب في إفشال جهود الحكومة، كما لاحظت بالوقت نفسه تنافس وغِيرة بيننا كوزراء لإرضاء رئيس الوزراء والتقرّب منه، وكنت ألاحظ زملائي الوزراء الفاعلين يمشّون لنواب معاملات عددها لا حدود له، فعلمت اننا سبب خراب البلد، لأننا نجاري ونلبي واسطات بعض النواب التي لا تنتهي، ولو انجزت للنائب المشاكس مئة معاملة ولم تنجز له بعدها المعاملة رقم ١٠١ فإنه سينسى أنك ساعدته وأعنته ويبتدي بمضايقتك بالجلسة بعدة طرق يختمها
باستجواب.. يا بومساعد أنا واجهت مشاكل عديدة ندمت عليها أشد الندم أهمها انصياعي مرغماً لطلبات وواسطات بعض النواب وأصحاب النفوذ التي صعب ردها، كما واجهت نوعية من القياديين لم أتمكن من التعامل معهم، ولا استطيع الاستغناء عنهم؛ لأنهم محسوبون على جهات نافذة، واكتشفت ان بعض القرارات التي اتخذتها أخطأت بها، مثل مشاريع معينة رفضتها او عطلتها او عاندت لعدم تنفيذها، وأعترف بأن اهم أخطائي هي التالي: حرصي على البقاء في المنصب بأي ثمن، فأساير قدر المستطاع، ولاحظت أن هناك وزيراً «سوبر»، وهناك وزيرا عاديا، الذي بسهولة تتم التضحية فيه، وحين قُدم ضدي استجواب تعلّمت الكثير. فما حصل لا
يستسيغه عقل، سواء من الحكومة او النواب، كان الاستجواب على أمر تافه ورددت عليه بجلسة الاستجواب، إلا انه للأسف لم ينصت أحد الى ردودي بتفنيد محاور الاستجواب، وتم تقديم طلب طرح ثقة موقع عليه من مجموعة فاعلة بالمجلس لسانها ومكرها ودهائها وقدرتها على خلط الأوراق، فقدمت استقالتي. نعم، لقد فقدت الوجاهة والرزة، وأتذكر حين كنت وزيرا كان «موبايلي» لا يتوقف من الرنين، اتصالات من أكبرها وأسمنها، أما بعد الابتعاد عن المنصب الوزاري بالكاد يرن الهاتف، والاتصالات اما عائلية وأصحاب، وإما مكالمات لأعمال ومهام تافهة.
نكمل المقال صباح يوم الجمعة المقبل عن ذكريات وزير آخر.
***
خليفة الخرافي
kalkharafi@gmail.com
@kalkharafi
https://alqabas.com/614708/