شبير
06-19-2005, 10:54 AM
الشيخ حسن الصفار
لو كان الاعتقاد بحقانية الرأي، والاخلاص للفكرة، مبررا مقبولا للفرض على الاخرين، وممارسة الوصاية الفكرية، لما حظر الله تعالى ذلك على رسله وأنبيائه فهم يحملون رسالة الله للناس، وهي حق لا ريب فيه، ولا يمكن ان يزيد عليهم احد في الاخلاص للحق والاجتهاد في نصرته، ولكن الله تعالى لم يأذن لهم بفرض دعوتهم على الناس قسرا، ولم يسمح لاحد من أنبيائه ورسله ان يمارس الوصاية والهيمنة على اتجاهات الناس واختياراتهم.
حيث ينص القرآن الكريم على ان وظيفة رسل الله تنحصر في حدود ابلاغ الرسالة، لا فرضها بالقوة، يقول تعالى: «فهل على الرسل إلا البلاغ المبين».
وحين يرفض الناس دعوة الحق، فان الرسول يتركهم وشأنهم، وليس مكلفا بإجبارهم او الضغط عليهم، يقول تعالى: «وقل للذين اوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين والله بصير بالعباد».
وقد تكررت هذه العبارة في آيات القرآن الكريم ثلاث عشرة مرة، كقوله تعالى: «فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين» وقوله تعالى: «وما على الرسول إلا البلاغ المبين».
وتنص آيات اخرى في القرآن الكريم على انه لا يحق للنبي ان يمارس اي وصاية او هيمنة على افكار الناس وآرائهم، يقول تعالى: «فذكر إنما أنت مذكر! لست عليهم بمصيطر».
والخطاب لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) آفضل الأنبياء والرسل، الذي بعثه الله تعالى باكمل الاديان وخاتمها، بان وظيفته الإلهية هي الدعوة والتذكير، وليس له حق السيطرة والهيمنة على من لا يقبل دعوته.
وفي مورد اخر يخاطب الله تعالى نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كان يؤلمه رفض المشركين لدعوته واتهاماتهم الباطلة له، يقول تعالى «نحن اعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد».
فالنبي ليس جبارا يمارس الهيمنة والفرض على الناس.
وهو ليس مكلفا بالوصاية والرقابة عليهم يقول تعالى: «ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا».
واذا كان الانبياء المرسلون من قبل الله تعالى، وهم يحملون الحق الذي لا ريب فيه، لا يجوز لهم ممارسة الفرض والوصاية على أفكار الناس، ترى هل يحق لأي جهة أخرى اقتراف هذه الممارسة باسم الرب و باسم الدين؟
من يحاسب الناس؟
ليس هناك جهة مخولة بمحاسبة الناس على أديانهم ومعتقداتهم في الدنيا، فحساب الخلق على الله تعالى يوم القيامة.
ففي الآيات الاخيرة من سورة الغاشية، وبعد حصر مهمة الرسول في التذكير وانه لا يحق له الهيمنة والسيطرة على الناس «فذكر انما انت مذكر! لست عليهم بمصيطر»، ويقول تعالى: «إلا من تولى و كفر! فيعذبه الله العذاب الأكبر! إن إلينا إيابهم! ثم إن علينا حسابهم».
وعلى الرغم من ان بعض المفسرين اعتبر الاستثناء «إلا من تولى وكفر» متصلا بما قبله، فيكون المعنى «لست عليهم بمصيطر إلا من تولى وكفر» ان لك السيطرة على من تولى وكفر بمجاهدته ومقاتلته، لكن الرأي الذي يتبناه مفسرون آخرون هو ان الاستثناء منفصل، لا ربط له بما قبله بل بما بعده، وهذا الرأي هو ما يتناسب مع سياق هذه الآيات، ومفاد الآيات الاخرى.
وكما تقرر في ابحاث المحققين والباحثين في السيرة النبوية الشريفة، فان حروب رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) كانت دفاعية، ولم تكن لفرض الاسلام على الاخرين بقوة السيف، ولذلك كان يقبل منهم الجزية والبقاء على أديانهم في ظل الحكم الاسلامي.
وتؤكد آيات اخرى في القرآن الكريم ان الله تعالى وحده هو الذي يتولى حساب العباد على أديانهم ومعتقداتهم، وليس الانبياء ولا اي احد اخر منها قوله تعالى: «فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب»، وقوله تعالى: «ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه».
وفي سيقا اخر، حين تتحدث آيات من القرآن الكريم عند تعدد الديانات واختلاف المعتقدات بين بني البشر، فإنها تحيل مهمة الحسم ، والفصل النهائي بين اتباع الديانات الى خالق البشر يوم القيامة، وكأن مفهوم هذه الآيات: ان الحياة الدنيا هي دار تعايش وتعامل بين بني البشر على اختلاف اديانهم وآرائهم، وليس من حق احد منهم ان ينهي ويلغي وجود الاخر، فذلك من اختصاص الخالق وحده.
يقول تعالي: «ان الذين آمنوا والذين هادوا والصائبين والنصارى والمجوس والذين اشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد».
فهل هناك رؤية اجلى من هذه الرؤية؟ وهل هناك موقف تجاه حرية الاختيار العقدي في الدنيا وأوضح من هذا الموقف؟
وجاء تأكيد هذه الحقيقة في موارد اخرى كقوله تعالى: «إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون»، وضمير هو في قوله «هو يفصل» ضمير فصل، لقصر الفصل عليه تعالى دون غيره.
وتعالج آيات اخرى في القرآن الكريم موضوع النزاعات الدينية بدعوة الناس الى تجاوزها وتجميدها، حتى لا تكون سببا للاحتراب والنزاع، وان الله تعالى سيقضي في هذه الاختلافات يوم القيامة، وسيعلم الجميع حكمه وقضاءه في خلافاتهم الدينية.
يقول تعالى: «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون».
جاء في تفسير الميزان للسيد الطبطبائي: «فاستبقوا الخيرات وهي الاحكام والتكاليف، ولا تنشغلوا بامر هذه الاختلافات التي بينكم وبين غيركم فإن مرجعكم جميعا الى ربكم تعالى فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون، ويحكم بينكم حكما فصلا، ويقضي قضاء عدلا».
وقد ورد التعبير ذاته في الآية 164 من سورة الأنعام: «ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون».
لو كان الاعتقاد بحقانية الرأي، والاخلاص للفكرة، مبررا مقبولا للفرض على الاخرين، وممارسة الوصاية الفكرية، لما حظر الله تعالى ذلك على رسله وأنبيائه فهم يحملون رسالة الله للناس، وهي حق لا ريب فيه، ولا يمكن ان يزيد عليهم احد في الاخلاص للحق والاجتهاد في نصرته، ولكن الله تعالى لم يأذن لهم بفرض دعوتهم على الناس قسرا، ولم يسمح لاحد من أنبيائه ورسله ان يمارس الوصاية والهيمنة على اتجاهات الناس واختياراتهم.
حيث ينص القرآن الكريم على ان وظيفة رسل الله تنحصر في حدود ابلاغ الرسالة، لا فرضها بالقوة، يقول تعالى: «فهل على الرسل إلا البلاغ المبين».
وحين يرفض الناس دعوة الحق، فان الرسول يتركهم وشأنهم، وليس مكلفا بإجبارهم او الضغط عليهم، يقول تعالى: «وقل للذين اوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين والله بصير بالعباد».
وقد تكررت هذه العبارة في آيات القرآن الكريم ثلاث عشرة مرة، كقوله تعالى: «فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين» وقوله تعالى: «وما على الرسول إلا البلاغ المبين».
وتنص آيات اخرى في القرآن الكريم على انه لا يحق للنبي ان يمارس اي وصاية او هيمنة على افكار الناس وآرائهم، يقول تعالى: «فذكر إنما أنت مذكر! لست عليهم بمصيطر».
والخطاب لرسول الله محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) آفضل الأنبياء والرسل، الذي بعثه الله تعالى باكمل الاديان وخاتمها، بان وظيفته الإلهية هي الدعوة والتذكير، وليس له حق السيطرة والهيمنة على من لا يقبل دعوته.
وفي مورد اخر يخاطب الله تعالى نبيه محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي كان يؤلمه رفض المشركين لدعوته واتهاماتهم الباطلة له، يقول تعالى «نحن اعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد».
فالنبي ليس جبارا يمارس الهيمنة والفرض على الناس.
وهو ليس مكلفا بالوصاية والرقابة عليهم يقول تعالى: «ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا».
واذا كان الانبياء المرسلون من قبل الله تعالى، وهم يحملون الحق الذي لا ريب فيه، لا يجوز لهم ممارسة الفرض والوصاية على أفكار الناس، ترى هل يحق لأي جهة أخرى اقتراف هذه الممارسة باسم الرب و باسم الدين؟
من يحاسب الناس؟
ليس هناك جهة مخولة بمحاسبة الناس على أديانهم ومعتقداتهم في الدنيا، فحساب الخلق على الله تعالى يوم القيامة.
ففي الآيات الاخيرة من سورة الغاشية، وبعد حصر مهمة الرسول في التذكير وانه لا يحق له الهيمنة والسيطرة على الناس «فذكر انما انت مذكر! لست عليهم بمصيطر»، ويقول تعالى: «إلا من تولى و كفر! فيعذبه الله العذاب الأكبر! إن إلينا إيابهم! ثم إن علينا حسابهم».
وعلى الرغم من ان بعض المفسرين اعتبر الاستثناء «إلا من تولى وكفر» متصلا بما قبله، فيكون المعنى «لست عليهم بمصيطر إلا من تولى وكفر» ان لك السيطرة على من تولى وكفر بمجاهدته ومقاتلته، لكن الرأي الذي يتبناه مفسرون آخرون هو ان الاستثناء منفصل، لا ربط له بما قبله بل بما بعده، وهذا الرأي هو ما يتناسب مع سياق هذه الآيات، ومفاد الآيات الاخرى.
وكما تقرر في ابحاث المحققين والباحثين في السيرة النبوية الشريفة، فان حروب رسول الله (صلى الله عليه و آله وسلم) كانت دفاعية، ولم تكن لفرض الاسلام على الاخرين بقوة السيف، ولذلك كان يقبل منهم الجزية والبقاء على أديانهم في ظل الحكم الاسلامي.
وتؤكد آيات اخرى في القرآن الكريم ان الله تعالى وحده هو الذي يتولى حساب العباد على أديانهم ومعتقداتهم، وليس الانبياء ولا اي احد اخر منها قوله تعالى: «فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب»، وقوله تعالى: «ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه».
وفي سيقا اخر، حين تتحدث آيات من القرآن الكريم عند تعدد الديانات واختلاف المعتقدات بين بني البشر، فإنها تحيل مهمة الحسم ، والفصل النهائي بين اتباع الديانات الى خالق البشر يوم القيامة، وكأن مفهوم هذه الآيات: ان الحياة الدنيا هي دار تعايش وتعامل بين بني البشر على اختلاف اديانهم وآرائهم، وليس من حق احد منهم ان ينهي ويلغي وجود الاخر، فذلك من اختصاص الخالق وحده.
يقول تعالي: «ان الذين آمنوا والذين هادوا والصائبين والنصارى والمجوس والذين اشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد».
فهل هناك رؤية اجلى من هذه الرؤية؟ وهل هناك موقف تجاه حرية الاختيار العقدي في الدنيا وأوضح من هذا الموقف؟
وجاء تأكيد هذه الحقيقة في موارد اخرى كقوله تعالى: «إن ربك هو يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون»، وضمير هو في قوله «هو يفصل» ضمير فصل، لقصر الفصل عليه تعالى دون غيره.
وتعالج آيات اخرى في القرآن الكريم موضوع النزاعات الدينية بدعوة الناس الى تجاوزها وتجميدها، حتى لا تكون سببا للاحتراب والنزاع، وان الله تعالى سيقضي في هذه الاختلافات يوم القيامة، وسيعلم الجميع حكمه وقضاءه في خلافاتهم الدينية.
يقول تعالى: «لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون».
جاء في تفسير الميزان للسيد الطبطبائي: «فاستبقوا الخيرات وهي الاحكام والتكاليف، ولا تنشغلوا بامر هذه الاختلافات التي بينكم وبين غيركم فإن مرجعكم جميعا الى ربكم تعالى فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون، ويحكم بينكم حكما فصلا، ويقضي قضاء عدلا».
وقد ورد التعبير ذاته في الآية 164 من سورة الأنعام: «ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون».