المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مستشفى البحر



مجاهدون
06-16-2005, 06:44 AM
جابر سيد خلف البهبهاني

في منتصف السبعينات عقد الرئيس السادات مؤتمرا دعيت إليه العقول المصرية المهاجرة المتميزة في اختصاصها وقد تجاوز عددهم الألف في محاولة منه لاقناعهم للعودة للعمل في بلدهم فهي أولى بعقولهم من الغريب. وقد حضر كل من دعي لهذا المؤتمر ولكن كانت النتيجة صفر أي لم يقبل أي من هؤلاء الألف العودة إلى مصر، ومن أسباب الرفض التي أجمع عليها المؤتمرون هي ضعف الامكانات المادية التي لا تهيىء لهم الأجواء المناسبة، ولا توفر لهم الأجهزة والمعدات التي تمكنهم من الأداء المتميز. وبالصدفة وفي أيام انعقاد هذا المؤتمر نفسه وقع حادث انفجار أنبوبة اوكسجين في غرفة عمليات احدى المستشفيات الحكومية راح ضحيته المريض واصيب الطيب الجراح مع بعض اعضاء هيئة التمريض باصابات وحروق بليغة، وكان فيه الجواب الشافي على المؤتمر.

في ذلك الوقت تندرنا على هذه الحالة ولم نكن نتصور أو نتوقع أن يأتي يوم تشهد فيه الكويت هذه الحالة وتهاجر بسببها العقول الكويتية المتميزة في اختصاصها الى دول تحترمها وتوفر لها امكانات التميز والابداع. لا تعجب أخي القارىء من هذا الكلام، ولا تستهين به أيها المسؤول أفندي، فإن هجرة العقول الكويتية إن لم تكن قد بدأت بالفعل فإنها آتية لا محالة. ليس بسبب ضعف الامكانات المادية فالحكومة تنفق وتصرف بالهبل بمعنى ودون معنى، أضف إلى ذلك ان أهل الخير من الكويتيين لم يقصروا في أداء واجبهم الوطني في التبرع في بناء مؤسسات خدماتية بل بسبب الإهمال والغطرسة في الادارة. ومن أبرز القطاعات التي تعاني من هذه الحالة قطاع الصحة لانه يكاد يكون أكبر قطاع يحتوي على عقول كويتية متميزة ابداعية في تخصصها متململة من أوضاعها.

وعلى سبيل المثال هل تعلم أخي القارىءان مستشفى البحر الذي بني على نفقة السيد محمد عبدالرحمن البحر قد تم الانتهاء من انشائه وتجهيزه بالمعدات الطبية من قبل الاحتلال وانه لم يفتتح إلا في عام 1999 بعد أن انتهت فترة الضمان للأجهزة والمعدات الطبية واستهلكت بالتقادم؟ وهل تعلم ان غرف عملياته اغلقت خلال الستة الأشهر الماضية بسبب خرير في السقف من دورات المياه مما يجعلها ملوثة غير صالحة لاجراء عمليات فيها؟ وهذا قليل من كثير مما يعانيه هذا المستشفى الذي اريد له أن يكون مصدر سعادة للمواطن فتحول إلى مصدر تعاسة بسبب الاهمال، ولا اعتقد بان المتبرع يعلم بهذا، فلو علم لهب لانقاذ ما تبرع به. والطريف في الأمر ان العاملين في بعض المستشفيات في الخارج يشعرون بالخجل من الطلبة الكويتيين اعتقادا منهم بان مستشفيات الكويت أرقى منها.

هذا عن الاهمال، أما عن الغطرسة في الادارة فحدث ولا حرج ينقل ان أحد المسؤولين في وزارة الصحة قال لمجموعة من المتخصصين الكويتيين في حوار جمعه معهم انه يستطيع براتب واحد منهم ان يستقدم ثلاثة متخصصين بالتخصص نفسه من دول شرق آسيا. مقابل هذا التعامل المهين تقدم الآن عروض سخية لهؤلاء ليس على المستوى المعيشي فقط انما على المستوى المهني الذي يحترم التميز والإبداع وهما الأهم. احدى هذه الجهات هي مستشفى الخبر الخاص في السعودية فقد قدم هذا المستشفى عروضا سخية على المستوى المعيشي والمهني للعديد من المتخصصين الكويتيين ومنهم من قبل ومنهم من يفكر. آه منك يا الفساد كم انت كريم سخي على أشكالك، وبخيل شحيح على خصمائك، والداد لك منهم يا وطن وهاردلك للمجد المبدع في بلد العلم فيه لا يكيل إلا بالباذنجان.

www.alwalaa.com