سلسبيل
06-15-2005, 04:28 PM
مشعل السديري
من المعروف أن قطيع الخراف يتبع قائده الخروف، ولو انه سقط عفوا من شاهق لتتابعت وراءه من دون أن تعي إلى أن يسقط آخر خروف منها إلى حتفه.
وبعض الشعوب أيضاً انقاد أكثرها إلى قادة لا يفقهون شيئا غير كثرة الكلام والخطب والوعود والمغامرات التي دفعت الشعوب والبلاد أثمانها في ما بعد بالدم والجوع وتخريب الديار. فهل هذا غباء أم جهل أم غريزة؟!! إنني (ادري ولا ادري).
ولكن لنترك هذه الأمور الشائكة ولنذهب إلى غباء جماعي آخر هو أكثر إنسانية وطرافة، أو هو على الأقل مثلما يقول إخواننا أهل لبنان: (مهضوم).
فمثلا عندما ذهب الأديب الفرنسي المشهور (أندريه مور) إلى أميركا، وألقى سلسلة محاضرات بالفرنسية في احد الأندية النسائية، وقد سر عندما لاحظ اهتمام الأميركيات إلى درجة أن قاعة المحاضرات تمتلئ، وكان الكثير منهن يكتبن الملاحظات.. وبعد ثالث محاضرة، وفي اليوم الرابع وإذا بالقاعة أيضاً تمتلئ بالنساء اللاتي حضرن بالأمس، ولم يحضر مور، وبعد ثلاث ساعات من الانتظار اتصلن بسكرتير الكاتب، ولشد ما كانت دهشتهن عندما قال لهن: انه لن يحضر إلى هنا اليوم، لأنه أعلن ذلك بوضوح في المحاضرة السابقة التي ألقاها عليكن.
وقد حدثني احد الإخوة الأطباء من مصر انه أمضى عدة أسابيع يعلم بعض السيدات الإسعافات الأولية، ويقول: إنني أثناء حديثي معهن توقفت فجأة، ثم هززت جسدي وتهاويت ساقطا على الأرض مصطنعا الإغماء.. وساد الصمت ثم أعقبه صرخة من هنا، ولطمة خد من هناك، وكلمات «يا لهوي يا خرابي يا دهوتي» تتردد بينهن، ولم تتقدم ولا واحدة منهن لمحاولة إسعافي.. وبعد عدة دقائق وبعد أن (غلب حماري) نهضت مؤنبا إياهن وأقول: ما فائدة تعليمي إذن إذا لم تستطعن معالجة نوبة إغماء بسيطة.. ويستطرد الدكتور قائلاً لي: لو أن الموضوع توقف عند ذلك لهان الأمر عليّ، ولكن المصيبة هي أنهن قلن لي: ولكننا اعتقدنا انه إغماء حقيقي يا دكتور.
ولكن لكي أكون عادلاً فالغباء الجماعي ليس حصراً على النساء فللرجال منه نصيب الأسد، واليكم هذا الموقف الذي كنت شاهدا عليه ومن فرسانه، وذلك حينما كنت معزوما مع مجموعة ليس بقليلة في حفلة شبه رسمية في الخارج، وكان كل واحد منا (ضارب نفسه بالشيطان الرجيم) ـ يعني آخر شياكة، وبما أن الذي كان داعينا رجل (مُلعب) بمعنى الكلمة، وكنت احسده على مواهبه، فقد ألقى كلمة ونحن على مائدة الطعام وقبل أن يبدأ الأكل قال من ضمن ما قال بما معناه: من المؤسف أن اغلب الرجال الناجحين والأذكياء لا يهتمون بأناقتهم وحسن هندامهم، ومن المخجل انه يجلس الآن على هذه المائدة أكثر الرجال ثقافة ومع ذلك لا يعرف كيف يعقد رباط رقبته، ولا شعوريا وفي تلك اللحظة امتدت أيدي الرجال إلى صدورهم، كل يريد أن يطمئن على (كرفتته)، وكانت أول يد هي يدي بطبيعة الحال لأنني سريع (في كل شيء).. وبعدها سكت الخطيب الداعي، وبدأت (كركرات وتسطيحات) النساء.
meshal@asharqalawsat.com
من المعروف أن قطيع الخراف يتبع قائده الخروف، ولو انه سقط عفوا من شاهق لتتابعت وراءه من دون أن تعي إلى أن يسقط آخر خروف منها إلى حتفه.
وبعض الشعوب أيضاً انقاد أكثرها إلى قادة لا يفقهون شيئا غير كثرة الكلام والخطب والوعود والمغامرات التي دفعت الشعوب والبلاد أثمانها في ما بعد بالدم والجوع وتخريب الديار. فهل هذا غباء أم جهل أم غريزة؟!! إنني (ادري ولا ادري).
ولكن لنترك هذه الأمور الشائكة ولنذهب إلى غباء جماعي آخر هو أكثر إنسانية وطرافة، أو هو على الأقل مثلما يقول إخواننا أهل لبنان: (مهضوم).
فمثلا عندما ذهب الأديب الفرنسي المشهور (أندريه مور) إلى أميركا، وألقى سلسلة محاضرات بالفرنسية في احد الأندية النسائية، وقد سر عندما لاحظ اهتمام الأميركيات إلى درجة أن قاعة المحاضرات تمتلئ، وكان الكثير منهن يكتبن الملاحظات.. وبعد ثالث محاضرة، وفي اليوم الرابع وإذا بالقاعة أيضاً تمتلئ بالنساء اللاتي حضرن بالأمس، ولم يحضر مور، وبعد ثلاث ساعات من الانتظار اتصلن بسكرتير الكاتب، ولشد ما كانت دهشتهن عندما قال لهن: انه لن يحضر إلى هنا اليوم، لأنه أعلن ذلك بوضوح في المحاضرة السابقة التي ألقاها عليكن.
وقد حدثني احد الإخوة الأطباء من مصر انه أمضى عدة أسابيع يعلم بعض السيدات الإسعافات الأولية، ويقول: إنني أثناء حديثي معهن توقفت فجأة، ثم هززت جسدي وتهاويت ساقطا على الأرض مصطنعا الإغماء.. وساد الصمت ثم أعقبه صرخة من هنا، ولطمة خد من هناك، وكلمات «يا لهوي يا خرابي يا دهوتي» تتردد بينهن، ولم تتقدم ولا واحدة منهن لمحاولة إسعافي.. وبعد عدة دقائق وبعد أن (غلب حماري) نهضت مؤنبا إياهن وأقول: ما فائدة تعليمي إذن إذا لم تستطعن معالجة نوبة إغماء بسيطة.. ويستطرد الدكتور قائلاً لي: لو أن الموضوع توقف عند ذلك لهان الأمر عليّ، ولكن المصيبة هي أنهن قلن لي: ولكننا اعتقدنا انه إغماء حقيقي يا دكتور.
ولكن لكي أكون عادلاً فالغباء الجماعي ليس حصراً على النساء فللرجال منه نصيب الأسد، واليكم هذا الموقف الذي كنت شاهدا عليه ومن فرسانه، وذلك حينما كنت معزوما مع مجموعة ليس بقليلة في حفلة شبه رسمية في الخارج، وكان كل واحد منا (ضارب نفسه بالشيطان الرجيم) ـ يعني آخر شياكة، وبما أن الذي كان داعينا رجل (مُلعب) بمعنى الكلمة، وكنت احسده على مواهبه، فقد ألقى كلمة ونحن على مائدة الطعام وقبل أن يبدأ الأكل قال من ضمن ما قال بما معناه: من المؤسف أن اغلب الرجال الناجحين والأذكياء لا يهتمون بأناقتهم وحسن هندامهم، ومن المخجل انه يجلس الآن على هذه المائدة أكثر الرجال ثقافة ومع ذلك لا يعرف كيف يعقد رباط رقبته، ولا شعوريا وفي تلك اللحظة امتدت أيدي الرجال إلى صدورهم، كل يريد أن يطمئن على (كرفتته)، وكانت أول يد هي يدي بطبيعة الحال لأنني سريع (في كل شيء).. وبعدها سكت الخطيب الداعي، وبدأت (كركرات وتسطيحات) النساء.
meshal@asharqalawsat.com