على
06-15-2005, 07:57 AM
حسن صبرا
رئيس تحرير اسبوعية الشراع اللبنانية
مجلة الشراع اللبنانية
قصر الباشا في علي النهري منـزل دلول عمل والده حارساً له سنوات بخدمة صاحبه حبيب باشا المطران
*الاستخبارات السورية وجدت في دلول رجلها بعد ان عمل ايام السراج مرسلاً من كمال جنبلاط لطلب المال والسلاح لانتفاضة 1958
*صديق للحريري عاتبه على سماحه لآل دلول باستغلاله فأجابه: ماذا افعل؟ هل اطلّق نازك!
*عبد الحليم خدام اول من اقترحه وزيراً عام 76
*دلول كان الحصان الرابح لخدام والشهابي ودوبا وكنعان
*هكذا قام ابناء دلول بتشليح الحريري 100 مليون دولار
*الحريري استدعي الى احدى المحاكم الاميركية بسبب رفض نزار دلول دفع حصة شريك عربي في مجال الاتصالات
*حين تولى بهجت سليمان الاستخبارات الداخلية عارض توزير دلول لكنه عاد واعتمده
*عداوة كار مع جميل السيد جعلته على علاقة شؤم دائمة معه
*الشهابي طلب منه الاستمرار في كتابة التقارير وزاد مخصصاتها لانه اعجب بها
*الشهابي هو من طلب منه التقرب من جنبلاط لمراقبته والدخول في الحزب التقدمي الاشتراكي
*دلول كان عضواً في ((تنظيم الطليعة)) الناصري، وفي الحزب التقدمي والهدف استخباراتي لصالح سوريا.. ومصر
يغيب الرئيس رفيق الحريري شهيداً متفجراً على شواطىء بيروت التي احبها بكل جوارحه.تمتلىء قريطم بالناس من كل حدب وصوب، رجال سياسة، رجال اعمال، بيارتة، طرابلسيين، صيداويين من الجبل والبقاع والجنوب من كل لبنان.
تقف عائلته موجوعة به تنظر في عيون الناس وتسمع نحيبهم وبكاءهم فتقوى وتتصبر على ما اصابها وتعلن اكمال المسيرة بسعد الابن وبنازك وغطائها الابيض.
تترك لغيرها حصة، ولكنها لا تقبل الا بأن تأخذ الكثير من كل شيء، من الخطابة، من السياسة، من الاستقبالات، من تفقد عملية الانتخابات، وتعود لتسأل وتتأكد بأن استقبالاتها منفصلة نصاً وصورة عن عميد العائلة السياسي سعد الدين الحريري.
وسط هذه الجموع هناك واحد ينظر اليه الجميع باستغراب لا يفهمون كيف يتجرأ على الوقوف في صفوف آل الحريري وهم يتقبلون التعازي، فهو ساهم منذ اللحظة التي تعرف فيها الى رفيق الحريري قبل 17 عاماً الى التسبب بقلق يومي في حياة الحريري الكبير.
مرة في السياسة، ومرة في الاعمال، ومرة في الرسائل الملغومة، ومرة اخرى في الكلام المفتعل الذي لا اساس له من الصحة، يبيعه الاوهام والقلق بعضها مع بعض، لكن الحريري الذي كان في بداية عمله السياسي كان يدفع ثمن كل هذا، مالاً وهدايا وسيارات.
وفي كل مرة يغادر فيها هذا الرجل قريطم بعد لقائه مع الحريري كان الراحل الكبير يشعر بأن ثقلاً كبيراً قد ازيح عن صدره حتى الايام الاخيرة من حياته.. بدأ الامر في دمشق، في مكتب رئيس اركان الجيش السوري العماد حكمت الشهابي وهو الرجل الابرز في التعاطي السوري بالملف اللبناني، والاهم من ذلك انه حامل الرسائل السورية القاسية الى اللبنانيين التي لا يرد عليها الا بنعم.
وانتقلت الشراكة من السياسة الى الاعمال فحطت في واشنطن حيث يعمل ابنه الكبير في مجال التقنيات والاتصالات.
وأخيراً تصوروا.. احتل الرجل صاحب القلق الذي يصيب الشهيد رفيق الحريري.. احتل الرجل منـزل رفيق الحريري ومركز الصدارة فيه مشوهاً لسمعة الناس محاولاً القبض على كل ما يمكن ان ينتج من مخالفات يلزم بها رئيس الحكومة مرات تحت الغطاء السوري وأخرى تحت الغطاء العائلي.
ليس هذا فقط، بل ان هذا الاحتلال حوّله من رجل فقير معدم الى ثري كبير يقيم في بيت ((الباشا)) في قريته، و((بيك)) في بيروت حيث يتسلم وزارات للأسباب السابقة نفسها، فيتمتع بها ويبيع ويشتري.
انه عميد المخبرين السوريين في لبنان وكبيرهم في الاختلاق والافتعال، وبيع الاوهام وما لا يقدر عليه الاب يقوم به ابنه صهر قريطم وعزيز سيدته الاولى..
انه محسن دلول ((دولفلر نسبة الى اوكفلر الاميركي)) ((ابو نزار)) النائب والوزير والمفتعل زعيماً في منطقة زحلة.
يعيش ابو نزارهذه الايام في منـزله في علي النهري، حيث عمل والده لسنوات طويلة في البيت نفسه حارساً خارجه وليس مقيماً داخله لأن حبيب باشا المطران صاحب المنـزل اصطفاه من اهل البلدة وعينه لحراسته.
مرت الايام واذا بحبيب باشا يقع في ازمة مالية نتيجة العمل في السياسة.
كان الشرفاء في ذلك الحين يبيعون املاكهم ليعملوا في السياسة وفي خدمة الناس، عكس هذا الزمان الذي يشتري فيه العاملون في السياسة بيوتاً او يبنونها لوجاهاتهم.
وقبل ان يبيع الباشا قصره اجّره الى وزارة التربية لتحويله الى مدرسة رسمية، فجاء ابو نزار واشترى قصر الباشا وفك بقدراته السورية عقد الايجار مع وزارة التربية ليقطنه.
لم يترك ارضاً حوله او حواليه الا واشتراها فبلغت املاكه مئات الدونمات من الكروم وأنواع الفواكه المختلفة، وكذلك فعل في رياق فأبو نزار هو ابن قرية مولداً ودراسة وتمثيلاً نيابياً بدأ في قريته الام شمسطار - قضاء بعلبك، المدينة الصغيرة التي انجبت الرئيس حسين الحسيني والوزير القاضي اسعد دياب والزميل طلال سلمان والعميد مهدي الحاج حسن.. ثم انتقلت العائلة الى علي النهري في قضاء زحلة بسبب الحاجة الى فرص عمل اكثر.
بالفعل وجد والده وظيفة جاب في بلدية حوش حالا – رياق فعمل مع اول مجلس بلدي انتخب في الستينيات من القرن الماضي وساعده في هذه المهمة ابنه الاصغر حسين المعروف باسم ابو غنام تميزاً له عن 12 رجلاً في البلدة يحملون الاسم نفسه.
وفي هذه البلدة انتقل علي دلول بعد ذلك الى العمل كحارس في قصر الباشا.
درس محسن في مدرسة القرية ووصل في دراسته الى المرحلة المتوسطة (بريفيه)) ولم يكمل تعليمه بسبب ضيق الحال.
توسط له للعمل في ((الوكالة الوطنية للاعلام)) زعيم البقاع المعروف جوزيف طعمة سكاف والد النائب الحالي ايلي سكاف (ينافسه الآن في المعركة الانتخابية) ومصادر اخرى تقول ان الواسطة جاءت من مؤسس ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الزعيم الراحل كمال جنبلاط.
بدأ محسن عمله في الوكالة مخبراً متجولاً فوقعت عليه عين الاستخبارات السورية، التي تسلمت مهامها حديثاً اذ وجدت في ملفاتها لبنانياً عمل مع الجهاز السابق الذي كان يرأسه عبد الحميد السراج في بداية عهد الوحدة عام 1958، مرسلاً من كمال جنبلاط يومها حاملاً رسالة منه الى وزير الداخلية في دولة الوحدة بين مصر وسوريا بزعامة جمال عبدالناصر، عبد الحميد السراج يطلب فيها سلاحاً وذخيرة وأحذية للمقاتلين الثوار المشاركين في انتفاضة عام 1958 ضد الرئيس كميل شمعون الساعي للتجديد في لبنان.
انقطعت صلة محسن علي دلول بالاستخبارات السورية في عهد الانفصال بين 28/9/1961 حتى 8/3/1963 حين قاد الضباط الوحدويون حركة في ذلك اليوم لانهاء جريمة الانفصال، فعاد الى دمشق بعد ان تسلم حزب البعث السلطة في حركة 8 آذار 1963 منقلباً على الضباط الناصريين الذين قادوها برئاسة العقيد زياد الحريري وطلب مقابلة مدير الاستخبارات في ذلك الحين المقدم حكمت الشهابي عبر احد الضباط الذين جندوه للعمل معهم في الفترة الاولى، وبقي بعضهم في العمل رغم التغيير السياسي الذي حدث.
قابله المقدم الشهابي، وبالطبع اثنى على عمله السابق مع الاستخبارات السورية وطلب منه الاستمرار في كتابة التقارير التي اعتاد ارسالها للاستخبارات وكان اسمها سابقاً المكتب الثاني في الجيش السوري.
المح دلول الى قلة المخصصات التي تعطى له نتيجة عمله فوعده المقدم الشهابي خيراً.
عدنان بلول
بعد اشهر جاء ضابط صغير في الاستخبارات السورية هو الملازم عدنان بلول الذي اصبح خلال فترة الوصاية السورية على لبنان مساعداً لحاكمه الاستخباراتي اللواء غازي كنعان لكنه كان مبعداً عنه الى مقر لا يجرؤ احد على مقابلته فيه ويعاقب كنعان كل من يزوره، وهو أي بلول الآن مهاجر في اميركا بعيداً عن أي دور سياسي او امني.
جاء بلول الى رئيسه مطالباً بإجازة من عمله وبسلفة على راتبه لانه يريد النـزول الى بيروت لشراء مستلزمات الزواج الذي كان الملازم بلول على ابوابه.
اعطاه رئيسه ألفي ليرة سورية (الف ليرة لبنانية يومها) ورقم هاتف على ورقة قائلاً له ان صاحب هذا الرقم هو محسن دلول، وهو احد رجالنا في بيروت ويستطيع ان يأخذك الى الاماكن التي تشتري منها حاجاتك للزواج.
نـزل بلول الى بيروت والتقى محسن في مقهى ((الاتوماتيك)) في منطقة باب ادريس والذي كان في حينه من اشهر مقاهي بيروت.
يتذكر عارفو دلول ان المقدم الشهابي كان يقود سيارته الفيات البيضاء الصغيرة ويأتي الى بيروت بصفته مواطناً عادياً ليلم حصيلة عملائه من تقارير وافتراءات على الناس.
ويقال نسبة الى صديق قريب من دلول ان المقدم الشهابي اصطفاه بين كل كتبة التقارير وزاد من مخصصاته اعجاباً بتقاريره السياسية المنقولة عن لسان السياسيين الذين يزورهم دلول بصفته مندوباً في ((الوكالة الوطنية للإعلام)).
انتبه الشهابي اثناء قراءته ملف هذا المخبر الممتاز انه كان على علاقة قديمة بمحيط كمال جنبلاط فطلب منه ((الانحياز)) الى كمال جنبلاط والتخصص فيه حتى لو اقتضى الامر الانتماء الى الحزب التقدمي الاشتراكي.
ولم تقتصر علاقة محسن بالمقدم حكمت الشهابي بل انه كان على صلة ايضاً بوزير الداخلية السوري يومها وأحد اقطاب حزب البعث محمد سليم الطويل الذي تم خلعه من السلطة في انقلاب قاده صلاح جديد في 23/2/1966 لتبدأ سوريا في عهده مرحلة جديدة، في التشدد اليساري ماداً يده الى لبنان لملاقاة زعيمه الاشتراكي كمال جنبلاط، وكان من آثار التعاون بينهما صفقة سلاح للحزب الاشتراكي مع احدى دول اوروبا الشرقية وصلت الى دمشق بحراً ولكن الحركة التصحيحية التي قادها حافظ الاسد في 16/11/1970 عطلتها مما دفع جنبلاط للتساؤل عما يمكن فعله مع النظام الجديد، فأرسل جنبلاط اثنين من الحزب هما محسن دلول ورياض رعد الى دمشق لفتح صفحة جديدة مع نظامها الجديد.
عاد محسن من هذه الزيارة سعيداً بعد ان اطمأن الى تسلم حكمت الشهابي الاستخبارات العسكرية ليبدأ معها مرحلة جديدة في الصعود.
التنظيم الطليعي
كان محسن في ذلك الحين عضواً في التنظيم الطليعي الذي انشأه جمال عبدالناصر عام 1965 وكان يحمل في مصر اسم طليعة الاشتراكيين وجرت محاولة لتعميم تجربته المصرية عربياً من خلال انشاء خلايا تستلهم هذه التجربة في بلاد عربية عديدة منها لبنان حيث برز من اعضائه السريين فيما بعد محسن دلول، عبدالرحيم مراد، احمد سويد، مصطفى سعد، اسماعيل سكرية، محمد قباني، داود حامد، حازم صاغية، الياس سحاب، حسن صبرا، فاروق البربير، عمر حرب.. والمئات غيرهم وعلى مراحل مختلفة بدءاً من العام 1966، حتى انتهى التنظيم عملياً في مصر منذ انقلاب السادات على خط جمال عبد الناصر في 13/11/1971، وظلت محاولة استنهاضه عربياً تتعثر بسبب غياب المرجعية بعد غياب الدور المصري حتى انتهى الى تنظيمات محلية صغيرة خاصة في لبنان ما زالت تعيش اثر الحرب الاهلية التي كانت السبب الابرز لاخراجها من سريتها السابقة.
ونحن نورد موجزاً سريعاً عن التنظيم الطليعي الذي انتسب اليه محسن ناصرياً نورد ان انتماءه التنظيمي لعمل ناصري لم يكن يتعارض مع انتسابه للحزب التقدمي الاشتراكي، فالجامع المشترك بين الاثنين كان تكليفاً استخباراتياً بالعمل هنا وهناك، ففي رؤية الاستخبارات ان الحزب الاشتراكي هو وعاء جماهيري ضخم يمكن التلطي داخله لعمل سياسي جماهيري اولاً ثم يمكن من خلاله استقطاب عناصر تضخ في التنظيم الطليعي عناصر جديدة فضلاً عن الاقتراب من الزعيم الوطني الذي تحبه مصر وتحترمه وله مكانة خاصة في قلب جمال عبد الناصر وهو كمال جنبلاط.
ويمكن قياس الامر نفسه على الاستخبارات السورية ذاتها منذ عهد العماد حكمت الشهابي، ولم يجد محسن حرجاً في القيام بهذا الدور، بعد ان انكفأ الدور المصري خاصة في عهد السادات وتقدم الدور السوري خاصة في لبنان فيدخل ابو نزار مرحلة جديدة في حياته العملية بعد التنظيمية تمهيداً للسياسة الصارخة كل الفرق انه كان مضطراً لتغيير لون القلم حتى لا يحصل خطأ بين التقارير.
والازدواجية التي سمحت له ان يعمل في وزارة الانباء براتب لا يزيد عن 420 ل.ل في غرفة كان مسؤولها قنصل ساحل العاج في لبنان مصطفى خليفة براتب قدره 505 ل.ل وكان زميلاً معه في الوكالة الوزير جان عبيد والزميل غسان شرارة والنائب سمير عازار، سمحت له ايضاً بالعمل في ((وكالة انباء الشرق الاوسط)) براتب لا يزيد عن 205 ليرات لبنانية، كانت نافذة او تعبيراً عن صلته بالاستخبارات المصرية يومها التي كانت تتلقى ايضاً من محسن تقاريره المعروفة، الى جانب عمله في وزارة الانباء التي كان يطمح لتولي مركز مراسل لجامعة الدول العربية منها، والى جانب عمله في وكالة ((انباء الشرق الاوسط)) عمل محسن دلول رئيساً للقسم المحلي في مجلة ((البلاغ)) التي تأسست مطلع السبعينيات وتوقفت بعد ثلاث سنوات بسبب الحرب الاهلية وفي الوقت نفسه مديراً مسؤولاً فيها، بصفته مسجلاً نقابياً في لجنة الجدول التابعة لاتحاد الصحافة اللبنانية بين نقابتي الصحافة والمحررين.
اصبح دلول كاتباً للتقارير الى جهازين عربيين من الاستخبارات في وقت واحد، والشهادة لله كما يقول عارفوه انه نجح في هذه المهمة دون ان يشتكي اي منهما من نتائج عمله.
لم يكن صعباً عليه التقرب من كمال جنبلاط فهو كثير الحركة ملم ببعض القضايا العربية متابع بدقة لأحوال مصر وسوريا.
قبل ذلك وبعده كان كمال جنبلاط يتطلع الى الزعامة الاوسع خارج طائفته أي الدروز ويريد ان تظهر صورته على ان مجموعته تضم كل الطوائف وكل المناطق فجاء أبو نزار في الموقع المناسب شيعياً من البقاع كما توفيق سلطان سنياً من طرابلس ورياض رعد شيعياً من الضاحية الجنوبية لبيروت، وخليل احمد خليل شيعياً من صور وعباس خلف ارثوذكسياً من الشمال وقبلهم عبدالله العلايلي سنياً من بيروت وأدمون نعيم مارونياً من بعبدا وغيرهم المئات من كل المناطق.
بدأت بوادر الحرب اللبنانية تلوح في الافق في بداية السبعينيات فذهب دلول بسرعة الى القيادات المختلفة للفلسطينيين مقدماً نفسه وسيطاً ومن أهل الحل والربط بينهم وبين كمال جنبلاط.
استمر في هذا الدور سورياً – مصرياً – فلسطينياً – جزائرياً وأحياناً ليـبياً، المهم ماذا يجمع هذا النشاط من مداخيل بصرف النظر عن السمعة التي سببها لنفسه والتي اصابت جنبلاط بطبيعة الحال.
رئيس تحرير اسبوعية الشراع اللبنانية
مجلة الشراع اللبنانية
قصر الباشا في علي النهري منـزل دلول عمل والده حارساً له سنوات بخدمة صاحبه حبيب باشا المطران
*الاستخبارات السورية وجدت في دلول رجلها بعد ان عمل ايام السراج مرسلاً من كمال جنبلاط لطلب المال والسلاح لانتفاضة 1958
*صديق للحريري عاتبه على سماحه لآل دلول باستغلاله فأجابه: ماذا افعل؟ هل اطلّق نازك!
*عبد الحليم خدام اول من اقترحه وزيراً عام 76
*دلول كان الحصان الرابح لخدام والشهابي ودوبا وكنعان
*هكذا قام ابناء دلول بتشليح الحريري 100 مليون دولار
*الحريري استدعي الى احدى المحاكم الاميركية بسبب رفض نزار دلول دفع حصة شريك عربي في مجال الاتصالات
*حين تولى بهجت سليمان الاستخبارات الداخلية عارض توزير دلول لكنه عاد واعتمده
*عداوة كار مع جميل السيد جعلته على علاقة شؤم دائمة معه
*الشهابي طلب منه الاستمرار في كتابة التقارير وزاد مخصصاتها لانه اعجب بها
*الشهابي هو من طلب منه التقرب من جنبلاط لمراقبته والدخول في الحزب التقدمي الاشتراكي
*دلول كان عضواً في ((تنظيم الطليعة)) الناصري، وفي الحزب التقدمي والهدف استخباراتي لصالح سوريا.. ومصر
يغيب الرئيس رفيق الحريري شهيداً متفجراً على شواطىء بيروت التي احبها بكل جوارحه.تمتلىء قريطم بالناس من كل حدب وصوب، رجال سياسة، رجال اعمال، بيارتة، طرابلسيين، صيداويين من الجبل والبقاع والجنوب من كل لبنان.
تقف عائلته موجوعة به تنظر في عيون الناس وتسمع نحيبهم وبكاءهم فتقوى وتتصبر على ما اصابها وتعلن اكمال المسيرة بسعد الابن وبنازك وغطائها الابيض.
تترك لغيرها حصة، ولكنها لا تقبل الا بأن تأخذ الكثير من كل شيء، من الخطابة، من السياسة، من الاستقبالات، من تفقد عملية الانتخابات، وتعود لتسأل وتتأكد بأن استقبالاتها منفصلة نصاً وصورة عن عميد العائلة السياسي سعد الدين الحريري.
وسط هذه الجموع هناك واحد ينظر اليه الجميع باستغراب لا يفهمون كيف يتجرأ على الوقوف في صفوف آل الحريري وهم يتقبلون التعازي، فهو ساهم منذ اللحظة التي تعرف فيها الى رفيق الحريري قبل 17 عاماً الى التسبب بقلق يومي في حياة الحريري الكبير.
مرة في السياسة، ومرة في الاعمال، ومرة في الرسائل الملغومة، ومرة اخرى في الكلام المفتعل الذي لا اساس له من الصحة، يبيعه الاوهام والقلق بعضها مع بعض، لكن الحريري الذي كان في بداية عمله السياسي كان يدفع ثمن كل هذا، مالاً وهدايا وسيارات.
وفي كل مرة يغادر فيها هذا الرجل قريطم بعد لقائه مع الحريري كان الراحل الكبير يشعر بأن ثقلاً كبيراً قد ازيح عن صدره حتى الايام الاخيرة من حياته.. بدأ الامر في دمشق، في مكتب رئيس اركان الجيش السوري العماد حكمت الشهابي وهو الرجل الابرز في التعاطي السوري بالملف اللبناني، والاهم من ذلك انه حامل الرسائل السورية القاسية الى اللبنانيين التي لا يرد عليها الا بنعم.
وانتقلت الشراكة من السياسة الى الاعمال فحطت في واشنطن حيث يعمل ابنه الكبير في مجال التقنيات والاتصالات.
وأخيراً تصوروا.. احتل الرجل صاحب القلق الذي يصيب الشهيد رفيق الحريري.. احتل الرجل منـزل رفيق الحريري ومركز الصدارة فيه مشوهاً لسمعة الناس محاولاً القبض على كل ما يمكن ان ينتج من مخالفات يلزم بها رئيس الحكومة مرات تحت الغطاء السوري وأخرى تحت الغطاء العائلي.
ليس هذا فقط، بل ان هذا الاحتلال حوّله من رجل فقير معدم الى ثري كبير يقيم في بيت ((الباشا)) في قريته، و((بيك)) في بيروت حيث يتسلم وزارات للأسباب السابقة نفسها، فيتمتع بها ويبيع ويشتري.
انه عميد المخبرين السوريين في لبنان وكبيرهم في الاختلاق والافتعال، وبيع الاوهام وما لا يقدر عليه الاب يقوم به ابنه صهر قريطم وعزيز سيدته الاولى..
انه محسن دلول ((دولفلر نسبة الى اوكفلر الاميركي)) ((ابو نزار)) النائب والوزير والمفتعل زعيماً في منطقة زحلة.
يعيش ابو نزارهذه الايام في منـزله في علي النهري، حيث عمل والده لسنوات طويلة في البيت نفسه حارساً خارجه وليس مقيماً داخله لأن حبيب باشا المطران صاحب المنـزل اصطفاه من اهل البلدة وعينه لحراسته.
مرت الايام واذا بحبيب باشا يقع في ازمة مالية نتيجة العمل في السياسة.
كان الشرفاء في ذلك الحين يبيعون املاكهم ليعملوا في السياسة وفي خدمة الناس، عكس هذا الزمان الذي يشتري فيه العاملون في السياسة بيوتاً او يبنونها لوجاهاتهم.
وقبل ان يبيع الباشا قصره اجّره الى وزارة التربية لتحويله الى مدرسة رسمية، فجاء ابو نزار واشترى قصر الباشا وفك بقدراته السورية عقد الايجار مع وزارة التربية ليقطنه.
لم يترك ارضاً حوله او حواليه الا واشتراها فبلغت املاكه مئات الدونمات من الكروم وأنواع الفواكه المختلفة، وكذلك فعل في رياق فأبو نزار هو ابن قرية مولداً ودراسة وتمثيلاً نيابياً بدأ في قريته الام شمسطار - قضاء بعلبك، المدينة الصغيرة التي انجبت الرئيس حسين الحسيني والوزير القاضي اسعد دياب والزميل طلال سلمان والعميد مهدي الحاج حسن.. ثم انتقلت العائلة الى علي النهري في قضاء زحلة بسبب الحاجة الى فرص عمل اكثر.
بالفعل وجد والده وظيفة جاب في بلدية حوش حالا – رياق فعمل مع اول مجلس بلدي انتخب في الستينيات من القرن الماضي وساعده في هذه المهمة ابنه الاصغر حسين المعروف باسم ابو غنام تميزاً له عن 12 رجلاً في البلدة يحملون الاسم نفسه.
وفي هذه البلدة انتقل علي دلول بعد ذلك الى العمل كحارس في قصر الباشا.
درس محسن في مدرسة القرية ووصل في دراسته الى المرحلة المتوسطة (بريفيه)) ولم يكمل تعليمه بسبب ضيق الحال.
توسط له للعمل في ((الوكالة الوطنية للاعلام)) زعيم البقاع المعروف جوزيف طعمة سكاف والد النائب الحالي ايلي سكاف (ينافسه الآن في المعركة الانتخابية) ومصادر اخرى تقول ان الواسطة جاءت من مؤسس ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الزعيم الراحل كمال جنبلاط.
بدأ محسن عمله في الوكالة مخبراً متجولاً فوقعت عليه عين الاستخبارات السورية، التي تسلمت مهامها حديثاً اذ وجدت في ملفاتها لبنانياً عمل مع الجهاز السابق الذي كان يرأسه عبد الحميد السراج في بداية عهد الوحدة عام 1958، مرسلاً من كمال جنبلاط يومها حاملاً رسالة منه الى وزير الداخلية في دولة الوحدة بين مصر وسوريا بزعامة جمال عبدالناصر، عبد الحميد السراج يطلب فيها سلاحاً وذخيرة وأحذية للمقاتلين الثوار المشاركين في انتفاضة عام 1958 ضد الرئيس كميل شمعون الساعي للتجديد في لبنان.
انقطعت صلة محسن علي دلول بالاستخبارات السورية في عهد الانفصال بين 28/9/1961 حتى 8/3/1963 حين قاد الضباط الوحدويون حركة في ذلك اليوم لانهاء جريمة الانفصال، فعاد الى دمشق بعد ان تسلم حزب البعث السلطة في حركة 8 آذار 1963 منقلباً على الضباط الناصريين الذين قادوها برئاسة العقيد زياد الحريري وطلب مقابلة مدير الاستخبارات في ذلك الحين المقدم حكمت الشهابي عبر احد الضباط الذين جندوه للعمل معهم في الفترة الاولى، وبقي بعضهم في العمل رغم التغيير السياسي الذي حدث.
قابله المقدم الشهابي، وبالطبع اثنى على عمله السابق مع الاستخبارات السورية وطلب منه الاستمرار في كتابة التقارير التي اعتاد ارسالها للاستخبارات وكان اسمها سابقاً المكتب الثاني في الجيش السوري.
المح دلول الى قلة المخصصات التي تعطى له نتيجة عمله فوعده المقدم الشهابي خيراً.
عدنان بلول
بعد اشهر جاء ضابط صغير في الاستخبارات السورية هو الملازم عدنان بلول الذي اصبح خلال فترة الوصاية السورية على لبنان مساعداً لحاكمه الاستخباراتي اللواء غازي كنعان لكنه كان مبعداً عنه الى مقر لا يجرؤ احد على مقابلته فيه ويعاقب كنعان كل من يزوره، وهو أي بلول الآن مهاجر في اميركا بعيداً عن أي دور سياسي او امني.
جاء بلول الى رئيسه مطالباً بإجازة من عمله وبسلفة على راتبه لانه يريد النـزول الى بيروت لشراء مستلزمات الزواج الذي كان الملازم بلول على ابوابه.
اعطاه رئيسه ألفي ليرة سورية (الف ليرة لبنانية يومها) ورقم هاتف على ورقة قائلاً له ان صاحب هذا الرقم هو محسن دلول، وهو احد رجالنا في بيروت ويستطيع ان يأخذك الى الاماكن التي تشتري منها حاجاتك للزواج.
نـزل بلول الى بيروت والتقى محسن في مقهى ((الاتوماتيك)) في منطقة باب ادريس والذي كان في حينه من اشهر مقاهي بيروت.
يتذكر عارفو دلول ان المقدم الشهابي كان يقود سيارته الفيات البيضاء الصغيرة ويأتي الى بيروت بصفته مواطناً عادياً ليلم حصيلة عملائه من تقارير وافتراءات على الناس.
ويقال نسبة الى صديق قريب من دلول ان المقدم الشهابي اصطفاه بين كل كتبة التقارير وزاد من مخصصاته اعجاباً بتقاريره السياسية المنقولة عن لسان السياسيين الذين يزورهم دلول بصفته مندوباً في ((الوكالة الوطنية للإعلام)).
انتبه الشهابي اثناء قراءته ملف هذا المخبر الممتاز انه كان على علاقة قديمة بمحيط كمال جنبلاط فطلب منه ((الانحياز)) الى كمال جنبلاط والتخصص فيه حتى لو اقتضى الامر الانتماء الى الحزب التقدمي الاشتراكي.
ولم تقتصر علاقة محسن بالمقدم حكمت الشهابي بل انه كان على صلة ايضاً بوزير الداخلية السوري يومها وأحد اقطاب حزب البعث محمد سليم الطويل الذي تم خلعه من السلطة في انقلاب قاده صلاح جديد في 23/2/1966 لتبدأ سوريا في عهده مرحلة جديدة، في التشدد اليساري ماداً يده الى لبنان لملاقاة زعيمه الاشتراكي كمال جنبلاط، وكان من آثار التعاون بينهما صفقة سلاح للحزب الاشتراكي مع احدى دول اوروبا الشرقية وصلت الى دمشق بحراً ولكن الحركة التصحيحية التي قادها حافظ الاسد في 16/11/1970 عطلتها مما دفع جنبلاط للتساؤل عما يمكن فعله مع النظام الجديد، فأرسل جنبلاط اثنين من الحزب هما محسن دلول ورياض رعد الى دمشق لفتح صفحة جديدة مع نظامها الجديد.
عاد محسن من هذه الزيارة سعيداً بعد ان اطمأن الى تسلم حكمت الشهابي الاستخبارات العسكرية ليبدأ معها مرحلة جديدة في الصعود.
التنظيم الطليعي
كان محسن في ذلك الحين عضواً في التنظيم الطليعي الذي انشأه جمال عبدالناصر عام 1965 وكان يحمل في مصر اسم طليعة الاشتراكيين وجرت محاولة لتعميم تجربته المصرية عربياً من خلال انشاء خلايا تستلهم هذه التجربة في بلاد عربية عديدة منها لبنان حيث برز من اعضائه السريين فيما بعد محسن دلول، عبدالرحيم مراد، احمد سويد، مصطفى سعد، اسماعيل سكرية، محمد قباني، داود حامد، حازم صاغية، الياس سحاب، حسن صبرا، فاروق البربير، عمر حرب.. والمئات غيرهم وعلى مراحل مختلفة بدءاً من العام 1966، حتى انتهى التنظيم عملياً في مصر منذ انقلاب السادات على خط جمال عبد الناصر في 13/11/1971، وظلت محاولة استنهاضه عربياً تتعثر بسبب غياب المرجعية بعد غياب الدور المصري حتى انتهى الى تنظيمات محلية صغيرة خاصة في لبنان ما زالت تعيش اثر الحرب الاهلية التي كانت السبب الابرز لاخراجها من سريتها السابقة.
ونحن نورد موجزاً سريعاً عن التنظيم الطليعي الذي انتسب اليه محسن ناصرياً نورد ان انتماءه التنظيمي لعمل ناصري لم يكن يتعارض مع انتسابه للحزب التقدمي الاشتراكي، فالجامع المشترك بين الاثنين كان تكليفاً استخباراتياً بالعمل هنا وهناك، ففي رؤية الاستخبارات ان الحزب الاشتراكي هو وعاء جماهيري ضخم يمكن التلطي داخله لعمل سياسي جماهيري اولاً ثم يمكن من خلاله استقطاب عناصر تضخ في التنظيم الطليعي عناصر جديدة فضلاً عن الاقتراب من الزعيم الوطني الذي تحبه مصر وتحترمه وله مكانة خاصة في قلب جمال عبد الناصر وهو كمال جنبلاط.
ويمكن قياس الامر نفسه على الاستخبارات السورية ذاتها منذ عهد العماد حكمت الشهابي، ولم يجد محسن حرجاً في القيام بهذا الدور، بعد ان انكفأ الدور المصري خاصة في عهد السادات وتقدم الدور السوري خاصة في لبنان فيدخل ابو نزار مرحلة جديدة في حياته العملية بعد التنظيمية تمهيداً للسياسة الصارخة كل الفرق انه كان مضطراً لتغيير لون القلم حتى لا يحصل خطأ بين التقارير.
والازدواجية التي سمحت له ان يعمل في وزارة الانباء براتب لا يزيد عن 420 ل.ل في غرفة كان مسؤولها قنصل ساحل العاج في لبنان مصطفى خليفة براتب قدره 505 ل.ل وكان زميلاً معه في الوكالة الوزير جان عبيد والزميل غسان شرارة والنائب سمير عازار، سمحت له ايضاً بالعمل في ((وكالة انباء الشرق الاوسط)) براتب لا يزيد عن 205 ليرات لبنانية، كانت نافذة او تعبيراً عن صلته بالاستخبارات المصرية يومها التي كانت تتلقى ايضاً من محسن تقاريره المعروفة، الى جانب عمله في وزارة الانباء التي كان يطمح لتولي مركز مراسل لجامعة الدول العربية منها، والى جانب عمله في وكالة ((انباء الشرق الاوسط)) عمل محسن دلول رئيساً للقسم المحلي في مجلة ((البلاغ)) التي تأسست مطلع السبعينيات وتوقفت بعد ثلاث سنوات بسبب الحرب الاهلية وفي الوقت نفسه مديراً مسؤولاً فيها، بصفته مسجلاً نقابياً في لجنة الجدول التابعة لاتحاد الصحافة اللبنانية بين نقابتي الصحافة والمحررين.
اصبح دلول كاتباً للتقارير الى جهازين عربيين من الاستخبارات في وقت واحد، والشهادة لله كما يقول عارفوه انه نجح في هذه المهمة دون ان يشتكي اي منهما من نتائج عمله.
لم يكن صعباً عليه التقرب من كمال جنبلاط فهو كثير الحركة ملم ببعض القضايا العربية متابع بدقة لأحوال مصر وسوريا.
قبل ذلك وبعده كان كمال جنبلاط يتطلع الى الزعامة الاوسع خارج طائفته أي الدروز ويريد ان تظهر صورته على ان مجموعته تضم كل الطوائف وكل المناطق فجاء أبو نزار في الموقع المناسب شيعياً من البقاع كما توفيق سلطان سنياً من طرابلس ورياض رعد شيعياً من الضاحية الجنوبية لبيروت، وخليل احمد خليل شيعياً من صور وعباس خلف ارثوذكسياً من الشمال وقبلهم عبدالله العلايلي سنياً من بيروت وأدمون نعيم مارونياً من بعبدا وغيرهم المئات من كل المناطق.
بدأت بوادر الحرب اللبنانية تلوح في الافق في بداية السبعينيات فذهب دلول بسرعة الى القيادات المختلفة للفلسطينيين مقدماً نفسه وسيطاً ومن أهل الحل والربط بينهم وبين كمال جنبلاط.
استمر في هذا الدور سورياً – مصرياً – فلسطينياً – جزائرياً وأحياناً ليـبياً، المهم ماذا يجمع هذا النشاط من مداخيل بصرف النظر عن السمعة التي سببها لنفسه والتي اصابت جنبلاط بطبيعة الحال.