المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ظاهرة التنمّر... والمسلكية الاستبدادية



لمياء
03-04-2018, 11:16 PM
04 مارس 2018

الكاتب:| سهيلة غلوم حسين*

ظواهر مختلفة الأشكال والأوجه بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة حيث تتضح معالمها في العديد من الأماكن، مثل أماكن الدراسة أو العمل أو في الشارع أو في المنزل، وقد تعامل العلماء معها باسم ظاهرة التنمر، كدلالة على تحول السلوك الإنساني لما يشبه السلوك الحيواني في التعامل بالغابة، حيث لا بقاء للضعيف ولا فوز إلا لقانون الغاب والوحشية.

يُعرّف التنمر على أنه أحد أشكال العنف والإساءة والإيذاء الذي يكون موجهاً من فرد أو مجموعة من الأفراد إلى آخر أو مجموعة، سواء كان لفظياً أو جسدياً أو عاطفياً، ويحدث أغلب حالاته في العمل، بمراقبته لأحد الموظفين وانتقاده واستفزازه بنية الإساءة إليه وإحراجه، فهو يستمتع بمضايقة الآخرين.

هذا النوع هو سلوك عدواني متكرر يهدف إلى الإضرار بشخص آخر عمداً، ويتخذ طرقاً معينة للسيطرة على الضحية وإذلالها، وعادة ما يعاني المتنمر من مشاكل نفسية عميقة. فهو قد يكون مصابا بالنرجسية، أو بجنون العظمة، أو بعقدة النقص، أو بميول إلى الهيمنة والسيطرة, بدافع الغيرة أو من أجل لفت الانتباه. أو قد يكون هو نفسه كان ضحية للتنمر، أو ربما مجموعة من هذه العوامل كلها، أدت إلى تحوله إلى متنمر. وهو أضعف مما يبديه، لذا يجب تجاهل ما يتغذى عليه كبرياؤه.

يجب ألا يؤخذ ما يقوله المتنمر على محمل شخصي، ويجب تجنَّبْه وعدم الرد على تهديداته وتعليقاته غير اللائقة والمفتقدة للاحترام. وعدم الاستجابة بأفعال مشابهة، والخروج من بيئة العمل لبعض الوقت، وممارسة بعض الأنشطة كالقراءة، والتواصل مع الأصدقاء والعائلة، وعدم التنافس معه داخل العمل، فهو هدفه تدمير الضحية نفسيا، فالأمر غير متعلق بشخصية الضحية أو أدائه في العمل، وإنما يتعلق بالمتنمر نفسه.

يجب معالجة أسباب التنمر سواء كانت نفسية أو أسرية أو اجتماعية، وزرع الأخلاق الإنسانية في القلوب كالاحترام والتواضع ومساعدة الضعيف وغيرها. وبث البرامج التعليمية والوثائقية الهادفة إعلاميا وتجنب البرامج العنيفة، وإن لم تغير المحطات سياستها، على الأهل اختيار الإعلام المناسب لأطفالهم.

من الضرورة التعاون مع الأسرة وتقديم برامج تدريبية وإثرائية للحد من التنمر، ومتابعة ومعالجة السلوكيات الخاطئة للأبناء في سن مبكرة. وتربيتهم في بيئة بعيدة عن العنف والاستبداد، وترك باب الحوار مفتوحاً.

يتوجب على الحكومات وضع قوانين صارمة لمعاقبة المتنمر، وعرضه على أخصائي نفسي أو اجتماعي، وتعويض الضحية عن الأضرار النفسية أو الجسدية التي تعرض لها، وعلى الحكومات وعلى منظمات حقوق الإنسان إطلاق حملات توعية لكافة الأعمار حول سلوك التنمر وأشكاله وطرق التعامل معه والوقاية منه وعلاجه. إن المتنمر شخصية سامة تفسد البيئة ويجب وضع حد كي لا يتمادى مستخدمه وتصبح الظاهرة مألوفة كغيرها من الأعمال المسيئة ولكن هل من يسمع؟

* كاتبة كويتية
إنستغرام/‏ suhaila.g.h
تويتر/‏ suhailagh1
إيميل/‏ suhaila.g.h@hotmail.com