المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من فضائح الموساد



زهير
06-12-2005, 11:31 AM
بقلم / دكتور سمير محمود قديح

الباحث في الشئون الامنية والاستراتيجية

من فضائح الموساد " عملاء ، ارهابيون ، مخربون "


في بداية القرن العشرين كان أول من اخترع الرسائل البريدية الملغومة السويدي / مارتين ايكينبرغ / حيث بعث برسالته القاتلة إلي أحد مواطنيه من رجال الأعمال الذي كان قد دحض الاختراع وسخر منه .

لم يكن ايكينبرغ ضليعا في المحافظة على اسرار اختراعه ولذلك تم اكتشافه من قبل البوليس . لقد عاش فترتها في لندن وتزوج مرتين ، كان شخصا غامضا حتى أن زوجيته قضتا في ظروف غامضة مشكوك فيها ، الأمر الذي دفع بالشرطة البريطانية لاعتقاله ووضعه في سجن بريكسون بانتظار تسفيره السويد ، بيد أنه تمكن من الانتحار .

بعد مرور ثلاثين عاما على وفاته تم التوصل إلي جوهر أفكاره الاجرامية ، ففي الثالث من أيلول عام 1947 أثناء فتح أحد الطرود البريدية في جنوب غرب لندن حدث انفجار قوي أدى إلي انهيار سقف البريد وجرح اثنين من موظفيه . بعد تحري المكان وفحصه تبين أن الطرد الملغوم كان مرسلا من أيرلنده إلي عنوان أحد ضباط الاستخبارات العسكرية البريطانية . في البداية اعتقدت المخابرات البريطانية أن الجيش الايرلندي يقف وراء الحادث ، لكن التحريات توصلت إلي أدلة دامغة تؤكد ضلوع المنظمات الصهيونية الإرهابية انذاك : «ايرغون تسفي ليعوم» (المنظمة القومية العسكرية) و «ليخي» (عصابات شتيرن أو المقاتلون من أجل حرية إسرائيل) .

كان البريطانيون محاطين علما بأن هاتين المنظمتين تخططان للبدء بسلسلة تفجيرات على الجزر البريطانية . وكان شعار منظمة «ايرغون» - اليهودية انتهت في الدم والنار وستحيا بهما – كان أحد قادة هذه المنظمة اسحاق ايزيرتينسكي البولوني الأصل الذي قدم إلي فلسطين فترة الانتداب البريطاني عام 1937 ثم تولى رئاسة تجمع الليكود والذي عرفه الجميع باسم اسحاق شامير وللعلم فإن اسحاق شامير وصل إلي المناصب العليا في إسرائيل من خلال المنظمة المذكورة إضافة إلي جهاز الموساد الذي شغل فيه منصب معاون رئيس فترة تسلمه رئاسة الوزراء .

قبل الانتقال إلي وقائع أخرى كان لابد لنا من ذكر ما نشرته الصحف في الأربعينات أثناء وفاة قادة المنظمات الإرهابية (شتيرن) والمدعو/ناتان ايللين مور/ الملقب بـ «فريدمان» حيث اعترف قبل وفاته بضلوعه في العمليات الإرهابية مع استخدام المتفجرات وتطرق إلي إحدى الطرود الملغومة التي ارسلت إلي انطوني ايدن الذي أصبح رئيسا لوزراء بريطانيا ، والمثير في الأمر أن الرسالة بقيت مع ايدن عدة أيام دون أن يفتحها وشاءت الصدفة أن تبطل مفعول الشحنة .

ونتيجة لانفجار أحد الرسائل الملغومة في مركز بريد لندن عم الهلع في أوساط البريطانيين وبدأت حملة تفتيش ومراقبة للطرود البريدية حيث تم العثور على ثمانية طرود بريدية ملغومة مرسلة من مدينة / تورنو / الايطالية إلي عناوين القادة في المؤسسة العسكرية البريطانية .

منذ سنوات خلت ذكر خبير الطرود في عصابة شتيرن الصهيونية / ياكوف ايلياف / بأن الرسائل الملغومة في تلك الفترة كانت من صنعه واعترف بالاخطاء التي ارتكبها من حيث قوة الحشوة المتفجرة فيها . وحسب أقوال ايلياف فإنه كان قد عمل في السبعينيات في إحدى «الشركات» التابعة للأمن الإسرائيلي التي صنعت متفجرات خاصة بالطرود البريدية ، وقبل ذلك ساهم بشكل فعال في إرسال الطرود الملغومة إلي القادة البريطانيين العاملين في وزارة الدفاع لكن رجال تحري الأسكوتلانديار كانوا يستخدمون الأشعة في الكشف ببساطة على الطرود المشبوهة ، وبذلك خلقت لدى البريطانيين نوعا من القيظة الدائمة .

بيد أنه في أيار عام 1948 ،‌عندما قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين وإقامة الدولة اليهودية خفت حدة اليقظة لدى الإنكليز ، بحيث شغل تفكيرهم الاجراءات الواجب اتخاذها لإجلاء قسم من قواتهم عن فلسطين . فصدموا بالإنفجار الذي أودى بحياة الطالب البريطاني / ريكس فران / بسبب خدمة أخيه في القوات البريطانية في فلسطين والذي أتهم من قبل عصابة شتيرن بقتل فتى يهودي وهكذا تم قتل الأخ الطالب في لندن بواسطة كتاب ملغوم أرسل له من قبل العصابة المذكورة .

حينها شدد رجال الأسكوتلانديار اجراءاتهم الأمنية وبدؤوا حملة تفتيش واسعة على الرسائل والطرود البريدية الموجهة للشخصيات السياسية والعسكرية والهيئات الحكومية والوزارات ، وبعد اسبوعين من مقتل الطالب كاد أحد الطرود أن يبلغ هدفه ، حيث تم العثور على طرد بريدي ملغوم موجه إلي الجنرال البريطاني ي . باركر الذي كان قائدا لأحد التشكيلات البريطانية في فلسطين فترة الانتداب وذلك بعد أن بدأت زوجته بفتح الطرد أمامه وفجأة لاحظت أسلاك معدنية ضمنه الأمر الذي دفعها لطلب الشرطة فورا ، والتي قامت بدورها بتفكيك الشحنة وإبطال مفعولها.

في تلك الفترة نشرت الصحف البريطانية تقريرا مفصلا عن الرسائل الملغومة وطرق صنعها ، بحيث كان باستطاعة إلي أن المؤسسة الإرهابية المصنعة للرسائل الملغومة قد نقلت نشاطها إلي الشرق الأوسط وبقيادة الحركة الصهيونية في إسرائيل ، وعلقت إحدى الصحف بما يلي :‌

«إن سلاح الرسائل الملغومة مصنوع بمهارة ويثير الاهتمام في كافة العلاقات ، فهذه الحرب عن بعد لا تشكل خطرا على أحد منكم ، إذا أقدم على نقلها وايصالها للعنوان المطلوب ، لأن مهمتها قتل الشخص الموجهة له والذي سيقوم بفتحها حتما ،‌وحتى لو لم تقتله فإنها تدب الرعب فيه ، لذلك أنتم تعرفون عنوان عدوكم ، وليس باحد في مأمن منها ، ولا يعنيكم من ستقتل الرسالة : الشخص المعني أم زوجته أو أحد أبنائه» .

بهذه العبارة تم تحديد طبيعة المجرمين يقفون خلف تلك الأعمال الإرهابية ، بناء على العقلية والمنطق الاجرامي أقدم حكام إسرائيل في الستينات على إرسال سهامم القاتلة إلي مصر . فمنذ أن بدأت حكومة عبد الناصر تعاونها مع العلماء الألمان الغربيين لتعزيز القدرة الدفاعية توجهت انظار الموساد الإسرائيلي إلي هؤلاء ، وكان يترأس مجموعة الخبراء الألمان البروفيسور / فولفغانع بيلتسي / في مجال صناعة الصواريخ والطائرات حيث تم تصميم نموذجين حربيين من الطائرات . من جانبهم عملاء الموساد تتبعوا تطورات العلم الذي قدر عليا من قبل الرئيس جمال عبد الناصر ، وفي عام 1962 قرر رئيس الموساد / ايسير حاريل / أن يبدأ نشاطه التخريبي بعد ظهور نوعين من صواريخ / أرض – أرض / كانت مشاركة في العرض العسكري في القاهرة .

توجه رئيس الموساد مباشرة إلي بون لإجراء مباحثات مع رئيس المخابرات الألمانية / رينخارد غيلين / الهدف منها الحصول على دعمه ومن خلال ما سرب للصحافة تبين أن الطرفين كانا متطابقي الرأي حتى أن غيلين أقسم لنظيره بأنه صديق مخلص لإسرائيل ، بناء على ذلك قامت الموساد بحملة تشهير واسعة النطاق أدانت فيها الخبراء العاملين في الصناعة الحربية المصرية . بأنهم نازيون سابقون ، ولذك لايجاد الأرضية المناسبة كي تصفهم بالإرهابين وتبرر أية أعمال إجرامية ضدهم يتم إعدادها لاحقا من قبل الموساد .

تلي ذلك عمليات الرسائل الملغومة الموجهة لهؤلاء وأقربائهم وذلك كما فعلت في الخمسينات على الأراضي البريطانية وكان أول ضحايا الرسائل الملغومة عام 1962 سكرتيرة البروفسور الألماني بليتسي ، عندما فتحت رسالة موجهة له من محامية في هامبورغ و تبين فيما بعد أن عنوان المرسل كان وهيما ، ونتيجة انفجار الطرد أصيبت السكرتيرة بجروح بليغة وفقدت عينها وقطعت يدها .

وفي اليوم التالي للحادثة تلقى العميد كمال عزابو المختص بيرنامج الصواريخ في المصنع رقم 333 قرب جبل القمة طردا بريديا من هامبورغ أيضا ، إلا أنه لم يكن موجودا أثناء فتحة فأنفجر وجرح ستة من الموجودين في مكتبه ، وقبيل ذلك حصل انفجار رسالة ملغومة في البريد المركزي في القاهرة كانت موجهة إلي البروفسور الألماني الذي أتى ذكره ذهب ضحيتها شخص وأصيب العديد بجراح . هكذا أصبح الأمر واضحا بأن هناك اجهزة خارجية تقف وراء العمليات الإرهابية . وبالرغم من أن إجراءات الأمن والحذر تعززت كثيرا في القاهرة ، تتابع وصول الطرود البريدية الملغومة إلي الخبراء الألمان حيث قتل خمسة منهم في القاهرة . وفي نفس الفترة مورست ضغوط على عائلات واقرباء الخبراء في المانيا ذاتها وأرسلت لهم التهديدات .

في أيلول 1962 اتخذ رئيس الموساد قرارا بتكثيف النشاط ضد الخبراء الألمان في مصر ومن لهم صلات معهم ، فأختفى رجل الأعمال الالماني / هانز كروغ / لصلته بأعمال الخبراء في القاهرة وذلك أثناء عودته من القاهرة إلي ميونيخ ، حيث تلقى – كما تبين بعد ذلك – برقية عاجلة من قبل أحد عملاء الموساد تتضمن ضرورة اللقاء به في ميونيخ وفقد بعد ذلك . كما أقدم ثلاثة من عملاء الموساد في مدينة / لوره / الألمانية على محاولة اختطاف البروفسور / هانز كلاينغيختر / لصلته بأعمال التصنيع في القاهرة ، لكنه تمكن من الإفلات منهم بعد أن أصيب بثلاث طلقات في صدره من مسدس كاتم للصوت . أما ابنة / باول غورك / فقد تلقت تهديدا بقتل والدها الخبير في المعمل 333 إذا لم يغادره في أقصى سرعة وتبين فيما بعد أن عميل الموساد المدعو / أوتو يو كليك / هو الذي طلب منها ذلك .

فجأة توقفت الحملة الشعواء على الخبراء الألمان العاملين في الصناعة الحربية المصرية . لم يكن السخط العالمي على الإرهاب الصهيوني السبب في ذلك ، وإنما جراء الاتفاق الذي تم بين المستشار الالماني / كونراد اديناور / ورئيس الوزراء الإسرائيلي / بن غوريون / في فندق «وول دورف» في نيويورك ،‌حيث التزمت المانيا بدفع تعويضات لإسرائيل مقابل الجرائم النازية ضد اليهود في أوربا وذلك على شكل أسلحة متطورة.

بعد عودة بن غوريون من نيويورك استدعى رئيس الموساد إلي جناحه في الفندق المطل على بحيرة طبرية وطلب منه ايقاف عملياته الإرهابية ضد الالمان . جاء طلب بن غوريون كالتالي :

اسمع يا أيسير !

«إن بون تقدم لنا مساعدات قيمة بالدبابات والحوامات والسفن الحربية وغيرها ، وكما تعلم فإن بعثة المانية كانت هنا منذ فترة قريبة لتأكيد ضمان استمرارية هذه المساعدة ، وحملتك بالرسائل الملغومة لا تروق لحكومة بون ، لذا أطلب إليك الإسراع في أيقافها – وتابع بن غوريون – أريد أن أكون رأيي الشخص حول أهمية التقارير بخصوص نشاط الخبراء الألمان في مصر ، أريد أن أرى الوثائق بنفسي .

هذا بالتأكيد يعني عدم ثقة رئيس الوزراء الإسرائيلي برئيس الموساد والذي يعتبر الشخصية الثانية في دولة إسرائيل .

كان رد رئيس الموساد حرفيا :

- إذا كنتم لا تودون الثقة بن من الآن فصاعدا ، اسمحوا لي أن أقدم استقالتي وباستطاعة نائبي أن يقوم بما تريدون .

وبالفعل أسرع / أيسير حاريل / على تقديم استقالته لرئيس الوزراء / جاء في كتاب «الموساد» تأليف : دينيس أيزينيرغ – أوري دان – إيلي لانداو . أشير إلي أن الاستقالة أحدثت هزة عنيفة في أوساط الإسرائيليين (في صيف 1981 تم تسريح أوري دان من عمله في صحيفة «معاريف» لأنه أدان في إحدى مقالاته رئيس الموساد لتدخله في الحملات الانتخابية في الكنيست لجانب حزب العمل المعارض حينها) . وتم سرا تشكيل لجنة مختصة للتحقيق بأسباب الاستقالة .

بعد مرور سنوات ، حيث تقاعد بن غوريون ، جدد علاقاته مع رئيس الموساد وأشاد به في رسالة وجهها له بأنه الإنسان الموهبة والمخلص لوطنه والبارع في حبك القضايا المعقدة .

رغم توقف الأعمال الإرهابية ضد الخبراء الألمان في الصناعة الحربية المصرية ، إلا أن الرسائل الملغومة بقيت كسلاح يستخدم من قبل الموساد ، حيث استمرت الطرود الملغومة بالوصول إلي عناوين مناهضي الدولة الصهيونية ، كما انتشر هذا الأسلوب البربري لدى المؤسسات المخابراتية الغربية . لكن الأهم كانت عمليات الموساد ضد الأعضاء البارزين في منظمة التحرير الفلسطينية والتي جاءت كما يلي :

- في 19 تموز عام 1972 حيث جرح الدكتور أنيس صايغ مدير مركز البحوث الفلسطينية في بيروت نتيجة أنفجار رسالة ملغومة . وفي نفس التاريخ تم إبطال شحنة متفجرة في رسالة موجه إلي رئيس أمن ال – 17 في التحرير أبو حسن سلامة .

- في 20 تموز 1972 تم إبطال ثلاث شحنات في طرود بريدية كانت موجهة إلي قادة فلسطينيين . وفي 25 تموز نفس العام جرح العضو البارز في منظمة التحرير / بسام أبو شريف / نتيجة انفجار كتاب ملغوم .

هذه التواريخ لا تشكل سوى حلقة بسيطة من رسائل الموت الموسادية (نسبة للموساد) . وتؤكد المعلومات أن منظمة «ميتسفاح ايلوخيم» (‌الغضب الالهي) المشكلة عام 1972 من قبل رئيس الموساد / تسفي زامير / هي التي كانت وراء العمليات التي نفذت ضد حركة المقاومة الفلسطينية .

الملاحظ أن عمليات الموساد هذه لم تكن تنفذ بشكل دوري ومنظم ، وإنما عندما كان قادة الموساد يرتأون أن اعداءهم خففوا من يقظتهم وحذرهم ، حينها تظهر لديهم حالات التعطش لسفك المزيد من الدماء ،‌والهدف من ذلك إظهار الموساد وكأنها المنظمة التي لا تقهر والقادرة على كل شيء – هذا من جانب ،‌ ومن جانب آخر زرع اليأس في نفوس حركة المقاومة والشعب الفلسطيني خاصة والعربي عامة كي يرضخوا للأمر الواقع ويسلموا بحقيقة الاحتلال .

من الخطأ الكبير عدم تقدير خطورة الموساد وهذا ما أشار إليه أحد قادة المخابرات المركزية الأمريكية وحتى لو كان من باب الدعاية حيث قال :

«بالمقارنة مع اجهزة مخابرات الدول الأخرى فإن الموساد تعمل بشكل جيد ، لكن إذا أخذنا في الحقيقة الجانب الدعائي للموساد فإنها تحصل على تقدير ممتاز» .

فدعاية الموساد تلعب دورا هاما في الإرهاب النفسي والمعنوي لحركة المقاومة ورصيدها الجماهيري بحيث تخلق ضعفا في إرادتهم على مقاومة الاحتلال وتشوش أفكارهم في إمكانية مواجهة أعمال عصابة «ميتسفاح ايلوخيم» الموسادية .

العنكبوت البني تحت نجمة داؤود
كما أشرنا في البداية ، فالموساديون يحبون الدعاية لانفسهم وبالتالي لعملياتهم وعملائهم الذين انهوا خدماتهم الجلي ، لذلك نرى أن الاعلام الغربي وبإيعاز من قادة الموساد ينشر الكثير من المقالات والكتب حول مآثر مغامرات عملاء الموساد في شتى أصقاع الأرض .

من أجل هذا الهدف تم في تل أبيب إقامة حائط تذكاري عملاق أمام مبني الموساد حفرت عليه أسماء كافة عملائها الذين قتلوا أو سقطوا أثناء قيامه بـ «واجبهم» كما يقولون . أقيم هذا النصب التذكاري يجهود الجنرال مائير آميت (سلوتسكي) الذي تسلم قيادة الموساد بعد / أيسير هاريل / بين عامي 1963-1967 . فإذا كان / هاريل / درس وتخرج وعمل لصالح «الانتلجنس سرفيس» (المخابرات البريطانية) ، فإن / آميت / خدم عن عقيدة لصالح المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) .

وتجدر الإشارة إلي أن النصب الذكاري أشيد على شكل متاهة تجسد فكرة «البحث الدائم» التي ترفعها المؤسسات الصهيونية كشعار «الرداء والخنجر» .

فالإسم الكامل للموساد هو (موساد عاليه بيتا) باللغة العبرية وتعني (مكتب الهجرة الثانية) . ظهرت هذه التسمية – كما تذكر صحيفة «الواشنطن بوست» - بعد ظهور دولة إسرائيل في خارطة العالم السياسية عام 1948 . بموجب قرار تقسيم فلسطين . بيد أن هذه المنظمة عملت في الثلاثينات تحت أسم «ريشوت» حيث كانت المهمة الأساسية لها استقدام اليهود إلي فلسطين . ولذلك لم تكن المنظمة السرية للصهيونية فحسب ،‌بل كانت السلاح الذي نفذ العديد من العمليات الخاصة ضد مناهضي الصهيونية ، فمقر عمليات الموساد كان في البداية في جنيف ثم انتقل إلي استامبول وحتى لو أخذنا برواية «الواشنطن بوست» فالموساد لم تولد من الفراغ . فقبل ظهورها كانت هناك ثلاث منظمات إرهابية صهيونية تقوم بنفس الوظيفة وهي : عصابة «الهاغانا» أي الدفاع الذاتي ، عصابات «ايرغون تسفي ليئوم وليخي» وعصابة شتيرن . إضافة لذلك كان لدى الوكالة اليهودية منظمة استخبارية تسمى «شيروت إسرائيل» والتي استخدم خبراتا أول رئيس وزراء إسرائيلي بن غوريون أثناء تشكيله للموساد حيث أطلق عليه في البداية المكتب المركزي للاستطلاع والأمن (ريشوت) .

بالنسبة لعصابة «الهاغانا» ظهرت على اساس مجموعة استطلاع صهيونية كان تدعى «نيلي» عملت في العشرينات حيث كان معظم موظفيها من المحاربين القدامي ارتبطت بشكل وثيق مع الانتلجنس سرفيس البريطانية . حيث شارك الكابتن الصهيوني البريطاني وينغيت الناشط في الانتجلنس في تشكيل عصابات الهاغانا .

كان الهدف الأساسي لعصابة الهاغانا التمهيد لهجرة اليهود إلي فلسطين الخاضعة حينها للانتداب البريطاني ولذلك كانت منظمة شبه عسكرية تقوم بمهام خاصة في هذا الشأن ، وبجهودها ومساعدة الانتلجنس سرفيس البريطانية تم تشكيل مجموعات اقتحام اطلق عليها «بالماخ» قامت بنشر الرعب ومداهمة السكان العرب بحجة تأمين الحماية للمهاجرين اليهود .

بيد أن الحكومة البريطانية في 17 أيار 1939 اصدرت ما يسمى «الكتاب الأبيض» الذي حددت فيه هجرة اليهود تبعا للأراضي المشتراة من أصحابها العرب . ولمعرفتهم ما اقتزفته أيديهم بتشكيل عصابات الهاغانا لذلك حاول البريطانيون تلافي الخسارة الناجمة عنها ، وخصوصا عندما اكتشفت الشرطة البريطانية مخازن الأسلحة السرية في فلسطين والتي قادت آثارها إلي مدرس التربية البدنية أنذاك المدعو / موشي دايان / والعضو في عصابات الهاغانا ومعه أربعين عضوا في التنظيم حيث تم اعتقالهم وزوجهم في السجن . لكن سرعان ما تدخل اللوبي الصهيوني البريطاني للإفراج عنهم مبررا ذلك بنزعاتهم المثالية البعيدة عن أعمال العنف . وبالفعل تم الافراج عنهم بالكامل في 17 شباط 1941 بعد أن دعتهم الوكالة اليهودية للتوطع في الجيش البريطاني المتواجد في فلسطين . وهكذا في أيار من العام المذكور تم الاتفاق بين أحد قادة الصهيونية / حاييم وايزمان / ورئيس الاستخبارات البحرية البريطانية على تشكيل مجموعات عسكرية من الهاغانا على كافة الأراضي الفلسطينية بحجة حماية اليهود حيث كانت تعتبر بنفس الوقت احتياطا للجيش البريطاني . وبالفعل شكلت مجموعتان عين صفقة مع المخابرات البريطانية ليرسل عيونا له إلي سورية في حال احتلالها من قبل الألمان . في البداية اقترح دايان على رؤسائه البريطانيين تشكيل كتائب في الجيش البريطاني من قوائم مجموعات «بالماخ» كي تعمل ضد الالمان لأنها منهمكة في ايجاد التربة المناسبة بعد الحرب لشبكة واسعة من العملاء الصهاينة على الساحة الأوروبية .

مع مرور الزمن تدرج عميل المخابرات البريطانية موشي دايان في سلم الخدمة . حيث نجد من خلال كتاب : «موشي دايان – الجندي ، الانسان ، الأسطورة» الصادر في لندن عام 1972 للكاتب / شابتاي تيفيس / مايلي :

«منحت الثقة لموشي دايان بإعداد المظليين ،‌فأو كلها للضابط البريطاني الملقب بـ «القاتل» وهو برتبة رائد واسمه الحقيقي غرانت تايلور . عمل هذا الضابط سنوات عديدة مدربا لعناصر المهام الخاصة في الأسكوتلانديار للرمي على الأسلحة النارية الخفيفة ، ثم دعاه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي للعمل معه ضد عصابات الكانغستر هناك فأمضى عدة سنوات مارس خلالها كافة أنواع القتل والتعذيب والختطاف – ويشير الكتاب – إن موشي دايان ترقي المناصب من خلال الخدمة التي أداها له تلامذة القاتل غرانت تايلور ، حيث كان دايان عام 1948 مسؤولا في عصابات الهاغانا عن شؤون العرب . كما ذكر الكتاب بالوثائق عن الخدمات التي أداها موشي دايان للمخابرات البريطانية كعميل نشيط ينفذ كافة الأساليب الإرهابية لتحقيق مبتغاه» .

ورد في مذكرات موشي شاريت أحد رؤساء الوزراء السابقين في حكومة إسرائيل والتي نشرت عام 1955 ما يلي : «دايان يرغب في خطف الطائرات والضباط العرب» - هذا الأسلوب لا يزال قائما حتى اليوم كأحد أساليب الموساد المتبعة .

تسعى الدعاية الصهيونية دائما لاظهار عصابات الهاغانا وكأنها منظمة خيرة تعمل بموجب قناعات انسانية رفيعة المستوى . وكما هو معلوم بعد هزيمة هتلر عقد زعماء هذه المنظمة اتفاقا مع منظمات «ايرغون تسفي ليئوم» و «ليخي» للعلم سوية في تنفيذ العمليات الإرهابية ومن ضمنها الطرود البريدية الملغومة – كما ذكرنا في الفصل السابق .

فيما يخص منظمة ايرغون اشرنا إلي أعمالها في البداية لذلك سنتحدث عن «ليخي» التي تزعمها أبراهام شتيرن المعروف بتعاونه الوثيق مع النازيين وذلك بتقديم أسماء عملاء الانكليز في فلسطين والمساعدة في طرد البريطانيين منها . كما اتفق على تشكيل مجموعات دعم للالمان في الشمال الأفريقي والشرق الأوسط تقوم بعمليات تخريب ضد القوات البريطانية ، وفي حال تحقيق النصر يتم ارسال كافة اليهود الأوربيين إلي الأرض الواقعة بين النيل والفرات لإقامة دولة إسرائيل العظمى وبالمقابل طرد كافة العرب من هذه المنطقة ، وإقامة علاقات متميزة مع المانيا الحديثة بقيادة هتلر . وفي نفس الوقت وقعت عصابات الهاغانا اتفاقا للتعاون مع بريطانيا . الجدير ذكره أن اسحاق شامير (اسحاق ايزرتينسكي) كان أحد قادة عصابة «ليخي» وقد اعتقل من قبل الجيش البريطاني في الفترة التي تم فيها قتل رئيس العصابة ابراهام شتيرن أثناء محاولة الفرار من سجن الجيش البريطاني في فلسطين . انتقاما لمقتل شتيرن قام أفراده بقتل الوزير البريطاني المفوض في القاهرة (اللورد موين) .

يعتبر إبراهام شتيرن حاليا في إسرائيل بطلا قوميا ويتفاخر أعضاء «ليخي» بأن الموساد تستخدم حاليا اساليبه التي كان قد ابتكرها في الإرهاب.

بعد خروج اسحاق شامير من السجن عام 1945 تبوء رئاسة عصابة «ليخي» بطريقته الخاصة ، حيث قاد منافسه / الياهو غيلانوي / بجولة إلي الصحراء وعاد بدونه ليجمع بقية القادة ويجبرهم على الاعتراف بزعامته للعصابة وإلا سيكون مصيرهم كمصير الياهو .

تابع

زهير
06-12-2005, 11:34 AM
في عام 1986 ذكر البروفسور ايشياهو ليبوفيتس الحادثة‌ في سياق حديثه لمراسل صحيفة «ايديعوت احرونوت» قائلا :

«بعد ثلاثة أشهر سيتسلم رئاسة الوزراء أحد قادة العصابة التي قدمت خدمات حلي لزعيم النازية هتلر – المقصود اسحاق شامير» .

بعد صدور قرار 1946 لم تقتصر أعمال العصابات المذكورة على أراضي فلسطين بل نشطت على‌ الجزر البريطانية ،فهذه التواريخ توضح عملياتها :

- 7 كانون أول عام 1947 القت العصابات المذكورة قنبلة في السوق العربي بمدينة حيفا .

- 11 كانون أول أيضا ، تم تفجير العربية في حيفا والقدس .

- 12 كانون اول أيضا تفجير قنابل واطلاق النار في بلدة الطيرة قرب حيفا ، وفي مدينة غزة ، الخليل وغيرهما من المدن العربية .

- 13 كانون الأول من نفس العام ، تم تفجير باصات الركاب العرب الفلسطيني ، قتل خلالها 16 مواطنا وجرح 76 أخرين . كما قام الإرهابيون باعتداءات ضد المواطنين العرب طيلة الفترة المذكورة .

في الحديث عن الأعمال الإرهابية ، التي قامت بها المنظمات الصهيونية تمهيدا لقيام اليكان الصهيوني على أرض فلسطين ، لا يسعنا إلا نذكر الحادثة الشهيرة التي نفذت بأيدي تلك المنظمات عام 1948 عندما قتلت ممثل الصليب الأحمر الدولي في القدس الكونت برنادوت السويدي الأصل ، نظرا لمواقفه المبدئية ضد أعمال العصابات الصهيونية في فلسطين وتنديده بها ، إضافة إلي قيامه بعملية وساطة بين العرب واليهود في فلسطين الأمر الذي أغاظ قادة عصابة شتيرن المتعطشة لسفك الدماء ، فأصدرت تعليماتها لعناصر بتصفية الوسيط الدولي ، حيث نصبت له كمينا على مدخل مدينة القدس وأمطرته بوابل من الرصاص / حسب الوثائق الإسرائيلية أن عملية الإغتيال تمت من قبل المجموعة التي كان يتزعمها إسحاق شامير / .

في عام 1982 أدان رئيس الوزراء السويدي / أولف بالمه / صراحة المنظمة الإرهابية الصهيونية «جامعة النجوم» بعملية قتل الكونت برنادوت في فلسطين ولذلك تمت عملية اغتيال عام 1986 من قبل عملاء الموساد ، التي تشرف حاليا على هذه المنظمة . في حينها كتبت الصحيفة السويدية «سفينسكا داغبلاديت» ذات التأثير الجماهيري والسياسي البارز في المجتمع السويدي التالي :

«الأجدى لاسحاق شامير عندما يكيل التهم لمنظمة التحرير الفلسطينية بالإرهاب أن يعود إلي الفترة التي كان يشارك فيها بالأعمال الإرهابية لمنظمة جامعة النجوم» .

فيما يخص الانفجار في فندق الملك داؤود في القدس عام 1946 فهناك ستكون لنا وقفة خاصة لأن مناحيم بيغن ذاته شارك في العملية الإرهابية .

الجدير ذكره أن بن غوريون استخدم الموساد للضغط على زعامات الجناح اليساري واليميني في حزبه الأمر الذي أفضى إلي فضائح سياسية ‌برؤوس الموساد بدءا من ايسير هاريل الذي كان أول الضحايا وتلاه مائير آميت (سلوتسلي) العميل السابق للمخابرات المركزية الأمريكية – كما ذكرت صحيفة الواشنطن بوست عام 1986 – الذي استقال بدوره عام 1986 وخلفه في رئاسة الموساد / تسفي زامير / السجين السابق عام 1944 في الجيش البريطاني عندما شارك بأعمال تخريبية وتهريب أسلحة إلي فلسطين وقد لقب بـ (تسفيكا) وكان مقربا من موشي دايان لذا أرسله إلي انكلترا وتخرج من الكلية العسكرية البريطانية عام 1954 ليعود في العام 1956 إلي لندن كملحق عسكري للكيان الصهيوني .

أما فيغيل بولكس أحد قادة الموساد السابقين فقد كان عميلا للغستابو بحيث نقل لقادته في الرايخ معلومات كثيرة عن نشاط الشيوعيين الالمان . وهناك شخصية أخرى من قادة الموساد هو عميل المخابرات البريطانية / ر. شيلواخ / الذي تبوأ‌ مناصب عليا في الأنتلجنس سرفيس ، لكن الشخصية الأهم في الانتلجنس سرفيس كان / آبا ايبان / حيث وصل إلي رتبة رائد فيها ليصبح فيما بعد رئيسا للدبلوماسية الإسرائيلية . فالموساد تشكل الحلقة الهامة للتدرج في المناصب وهذا ما يؤكده الواقع فجميع قادة إسرائيل كانوا اعضاء أو على صلة وثيقة بالموساد قبل استلامهم المراكز التي وصلوها .

لقد شاركت المخابرات الأمريكية والبريطانية في إعادة تشكيل الموساد من خلال المساعدات المادية وعملائها ضمنها . ففي نيويورك تقوم المخابرات المركزية بإعداد عشرات العملاء للموساد في مبنى المجلس القومي لدولة إسرائيل الفتية .

ولا تشكل الموساد سوى جزء من أجهزة الاستخبارات في الكيان الصهيوني والتي تضم :

1) «الموساد‌» أو المخابرات الخارجية التي تنشر عملاءها على أراضي مختلف الدول ومن خلال سفاراتها .

2) «شيروت مودعين» المعروفة باسم «أمان» أي الاستخبارات العسكرية التي تعمل بشكل أساسي ضد الدولة العربية المجاورة وقد ترأسها في الستينات حاييم هيتزوك .

3) «شين بيت» (شيروت بيتاحون – شاباك) أي الأمن الداخلي وعملها شبيه بعمل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي .

4) «إدارة البحوث والتخطيط السياسي» في وزارة الخارجية وهي على اتصال وثيق مع الموساد وأمان .

5) «مكتب المباحث» في وزارة الشرطة الإسرائيلية ويتعاون بشكل وثيق مع «شين بيت» .

ومن المتعارف عليه أن هناك مجلس تنسيقي بين هذه الأجهزة جميعها يترأسه مدير الموساد نفسه ويدعى المجلس بالعبرية «ميموني» وكان أول من ترأسه رئيس موساد / أيسير هاريل / . يعقد المجلس التنسيقي اجتماعاته مرة في الأسبوع ويشارك فيه رؤوساء : أمان – شين بيت ، ورئيس فرع الاستخبارات في وزارة الخارجية وكذلك مدير الإدارة الخاصة بشؤون اليهود في الدول التي يتعرضون فيها للمراقبة ، والمفتش للشرطة الإسرائيلية ومدير القسم الخاص للأمن السياسي .

من الملاحظ أن شبكة عنكبوت المخابرات الإسرائيلية شبيه جدا بنظيره الأمريكي فالموساد تقبال الـ سي آي . ي بوظائفها .

- الأمان تقابل الاستطلاع العسكري الأمريكي .

- شين بيت تقابل مكتب التحقيقات الفيدرالي .

وحسب المعلومات التي نشرتها صحيفة الواشنطن بوست يعمل في جهاز الموساد أكثر من ألفي شخص ويقسم إلي ثمانية إدارات (فروع) منها فرع تخطيط العمليات ، جمع المعلومات ، فرع العلاقات السياسية ، فرع التنفيذ … الخ . وقد قارنت الصحيفة بين نشاط الموساد والمخابرات المركزية الأمريكية ، أما بصدد بنية الموساد فقد تسربت المعلومات من خلال التقرير الذي عثر عليه في السفارة الأمريكية في طهران عام 1979 حيث نشره الطلبة الإيرانيون الذين احتلوا مبنى السفارة في حينها وظهر على صفحات الواشنطن بوست عام 1982 وهنا نستعرض مقطعا منه :

«تستخدم المخابرات الإسرائيلية على‌ نطاق واسع الطوائف والمنظمات اليهودية في العالم لتجنيد العملاء‌ والحصول على المعلومات . فالايديولوجيا الصهيونية تؤكد أن كافة يهود العالم يخصون إسرائيل ويجب أن يعودوا إليها ،‌لكن نقاط الضعف في ذلك أن هناك معارضة يهودية كبيرة بين العديد من يهود العالم ضد الصهيونية . فالموساد تعلم هذه الحقيقة لذلك تعمل بشكل سري بين الطوائف اليهودية‌ وتمارس تكتيكات معينة كي لا تضع الحكومات الإسرائيلية ف مواقف حرجة» .

يعتبر اليوم جهاز «أمان» (الاستخبارات العسكرية) المنافس الرئيسي للموساد حيث يبلغ تعداده أكثر من سبعة آلاف شخص . حتى أن المنافسة بين الجهازين المذكورين وصلت حد المواجهة وعلى أسس سياسية بحته . فبعض الغربيين يعتبر «أمان‌» أكثر عصرية باستخدامه وسائط الاستخبار الأكثر تقنية بينما الموساد لا يزال يعمل بطرقة القديمة . ولا تقل «أمان» خبرة في بث الدعاية لعملياتها عن الموساد .

بيد أن ، الصحافة البرجوازية الغربية من فترة ترغم على الاعتراف بأن المخابرات الإسرائيلية تلك القوة القادرة على فعل كل شيء ، كما تحاول الدعاية الصهيونية إظهارها للعالم . فقد كتبت الواشنطن بوست قاصدة «الموساد وأمان‌‌» التالي :

«لقد ارتكبت المخابرات الإسرائيلية خطأ‌ فادحا عام 1973 عندما اعتقدت أن الدول العربية لا تستطيع أن تهاجم بشكل مفاجئ وهذا ما حصل في حرب يوم الغفران ، وذلك لمغالاة الإسرائيليين بالثقة بأن العرب لا يمكن أن يحققوا نصرا على إسرائيل . عدا عن ذلك فالإسرائيليون لم يثقوا بأن المقاطعة النفطية العربية ستشكل خطرا حقيقيا على إسرائيل ، كما أن المسؤولين الإسرائيليين لم يعيروا اهتماما لما وردتهم من معلومات حول نوايا مصر قبل حرب تشرين بسنة ونصف وخططها الحربية المتوقعة وكانوا يجيبون ساخرين : ماذا سيفعل العرب بنفطهم إذا توقفوا عن تصديره – فليشربوه إذا !» .

كما تشهد الحقائق زعماء الرداء والخنجر في إسرائيل لن يتوانوا عن القيام بالإرهاب ضاريين بعرض الحائط كافة القيم والاخلاق والمثاليات .

في بداية تموز عام 1986 نشرت صحيفة «ها آرتس» الإسرائيلية أنه في مدينة حيفا جرت محاكمة مغلقة لأحد الضباط في المخابرات العسكرية «أمان» بتهمة التجسس لأحد أجهزة الاستخبارات العربية ، وقد استندت الصحيفة في خبرها على معلومات نشرت في صحيفة «إسرائيل شيلانو» الصادرة باللغة العبرية في نيويورك ، لكن لم يشر إلي اسم الضابط ولا إلي نتيجة المحاكمة التي حضرها إبراهام فريدمان .

تؤكد صحيفة الواشنطن بوست أنه بعد حرب تشرين عام 1973 لم تجر تغييرات كبيرة وجدية في أوساط الاجهزة المخابراتية الإسرائيلية بيد أن رئيس الأستخبارات العسكرية إلياهو زيئير فقد منصبه في الأيام الأولي للحرب ووجهت إليه تهمة «عدم أهلية الإطلاع والأخطاء في اجراء الحسابات» ، وحل محله الميجر – جنرال شلوموغازيت الملقب (فاينشتين) . يشغل حاليا رئيس استطلاع الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي الجنرال يغوشوا ساغي الذي أبدع بالفظائع والمداهمات أثناء‌ احتياج لبنان عام 1982 . للعمل فإن النائب الأول لرئيس «أمان» مختص بالعمل في الأراضي العربية المحتلة ،‌أما النائب الثاني فمسؤول عن العمليات والمعلومات التضليلية التي هدفها إقناع رجال المقاومة الفلسطينية واللبنانية بأن تحركاتهم وتنظيماتهم مراقبة تماما من قبل العملاء الإسرائيليين في لبنان .

وكما للموساد سندها فإن لـ «الأمان» أعمدتها أيضا . وكما تمت عملية إعادة تجديد الموساد ، فإن «أمان» خضعت لنفس التجربة عن طريق ياريف أهارون (أرون رابينوفيش) من مواليد لاتفيا عام 1921 حيث هاجر إلي فلسطين عام 1931 مع والديه ، في عام 1941 تطوع في الجيش البريطاني وخدم فيه حتى رتبة نقيب ، بعد انهاء خدماته هناك تم ارساله إلي أكاديمية باريس العسكرية عام 1950 ،‌في عام 1057 عين ملحق عسكريا في واشنطن . ومنذ عام 1964 يترأس قيادة «أمان» حيث حل محل حاييم هيرتزوغ . عادة تبقى الشخصيات التي تتسلم رئاسة المخابرات طي الكتمان وتخضع لرقابة صارمة كي لا تتسرب المعلومات عنها ، لكن المخابرات الأجنبية سرعان ما تكتشفها . هذا ما يحصل عندما يتم تعيين مسؤول جديد لهذه الأجهزة .

أكبر دليل ذلك عندا كلف أيهود باراك برئاسة «أمان» عام 1983 انتشر الخبر في العديد من الصحف . كما أن الفضيحة التي حلت بـ «الشين – بيت» (الأمن الداخلي) انتشرت بسرعة في الصحافة حيث تم تعيين ثلاثة جدد لهذا منهم . ر . حزاق ، بيليغ راغاي ، رافي مالكو / وقبل أن يرأس الشين بيت ابراهام شلومو كان بقيادة ابراهام اكحيتوف الذي تقاعد عام 1980 .

الطريق إلى الفوهررية
قبل الكتابة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق مناحيم بيغن كان لابد من وقفة مع الأعمال الكاريكاتيرية التي صورته في الصحافة اللبنانية ، حيث أن الرسام الكاريكاتيري ذو موهبة على إبراز السلوكية والشخصية ، وهذا ما دفع الكاتب لاستعراض بعض الرسوم لشخص بيغن من خلال إبراز ملامحه المعبرة عن داخله : مثلا نلاحظ أن غالبية صوره بجبهة ضيفة وفم كبير وأسنان متباعدة وأذنين بارزتين ونظارة‌ سميكة انعكس على زجاجها صور مختلفة كطفل عربي ينزف دما ، أو صورة الدولار الأمريكي . الرسم الملفت للانتباه كان مجسدا في قنبلة كان الأنف والفم عبارة عن جسم إنسان على شكل خارطة لبنان وعلى صدر بيغن تتدلى جائزة نوبل للسلام .

بيغن كغيره من قادة الصهيونية لم يتجنب الدعاية ، حيث توجد حاليا العديد من الكتب المرتبطة بسلوكه الشخصي منها : «التمرد» ، «الليالي البيض» كتاب «حياة وعنصر مناحيم بيغن» لـ فرانك جيرفازي ، ثم كتاب «مناحيم بيغن» لـ أيتان حيبر .

ولد بيغن عام 1913 في مدينة برست الليتوانية ، كان أبوه تاجرا يهوديا مشهورا بوجهات نظره الشوفينية الرجعية وأحد القادة الصهاينة في المدينة المذكورة . وهكذا نشأ بيغن على أفكار والده ،‌فصب حقده على كل يهودي يعتنق الاشتراكية خصوصا بعد لقائه مع فتاة يهودية من الحركة العمالية حيث توقفت مرة في بيت أهله أثناء الحرب الأهلية في العشرينيات .

انتسب بيغن إلي التنظيم الصهيوني عندما بلغ العاشرة من العمر ، وفي الثلاثين أصبح عضوا في منظمة «بيطار» - الشبابية – المنظمة الصهيونية الأكثر تطرفا والمشبعة بأفكار جابوتنسكي (1880-194-) حيث يعتبره بيغن الأب الروحي له والذي اشتهر بالعنف والأعمال الإرهابية وكان يمثل الشخصية الحكومية والشاعر والخطيب والجندي والزعيم المعاصر للشعب اليهودي بعد هرتزل . وكما هو معلوم فقد انبثقت عن «بيطار» المنظمة الصهيونية الأشد تطرفا والمعروفة باسم «ايرغون تسفي ليئوم» .

في عام 1983 أصبح بيغن رئيس منظمة «بيطار» في بولنيا وشارك في المؤتمر الدولي لهذه المنظمة وكان من أشد أصحاب الرأي المتطرفين حيث أقسم على‌ «تحرير الوطن اليهودي بقوة السلاح»‌ وقد وصل بيغن إلي قيادة المنظمة في بولونيا عن طريق الديماغوجية والنزاعات المفتعلة مع منافسيه ، الأمر الذي دفع أخيه مرة لانتقاده بأنه يتحدث طويلا ولديه القدرة على ذلك لكن بلا معني .

ومنذ ذلك الحين أخذ بيغن الانتقاد بعين الاعتبار ووضع لاحاديثه مضمون واحد وهو استخدام العنف لاقامة الكيان الصهيوني وأصبح هدفه تحقيق المرتبة الفوهررية التي تضمنتها النازية . فيما يتعلق بلباس عصابات «بيطار» التي تزعمها بيغن كان أفرادها يرتدون نفس الزي واللون الذي استخدمته مجموعات الاقتحام النازية ، حتى أن بيغن أثناء حفلة زواجه مثل وزوجته أمام الحاخام بنفس اللباس المذكور .

في عام 1939 عندما احتل الالمان بولونيا رفض بيغن المشاركة في مقاومة الاحتلال وفر إلي فيلنيوس ليتابع نشاطه هناك في تجنيد الحملات اليهودية وإرسالها إلي فلسطين لا محاربة النازية . وبنفس الوقت قام بنشاط معادي للاتحاد السوفييتي وانخرط في القوات البولونية بقيادة الجنرال البولوني آندرس الذي لم يكن راغبا في محاربة الهتلريين ، ولذلك التجأ بيغن وأصحابه إلي إيران ثم انتقلوا إلي فلسطين حيث كتب «الليالي البيض» الكتاب الذي يعتبر عن الايديولوجيا المعادية للاشتراكية والتهليل لانتصارات هتلر الذي لم ينتقذ فيه سوى إبادته لليهود . كما سعى لايجاد في لقاء أحد قادة الصهيونية (‌وايزمان) مع موسوليني . فحسب رأي بيغن «عندما يحترق البيت يمكن التعاون مع الشيطان لإنقاذه» وله مقولة شهيرة ذكرها في كتابه : «في ظروف معينة لا يمكن التحدث عن الاخلاق» . ويقول أيضا : «إننا نبحث عن موسولويني يهودي» . وفي الوقت الذي كانت شعوب العالم تقاتل النازية ترك بيغن الجيش واتجه لتشكيل عصابته في فلسطين لمقاتلة الانكليز الذين دخلوا في الحرب ضد النازية .

كتب ايتان حيبر في وصفه لعصابات «ايرغون» التي تزعمها بيغن : لقد اعتبر انفسه ان هذه العصابات تساعد النازيين – جاء ذلك في كتاب «بيغن – الاسطورة والإنسان‌» . لقد فرضت العصابات الصهيونية في فلسطين الخوات على اليهود مما دفعهم بنبذها والتهرب من ضرائبها الأمر الذي جعل اعضاءها اكثر إرهابية حيث كانوا يقتحمون البيوت اليهودية ‌لتحصيل الأموال .

وإيغالا بالتقليد الأعمى لهتلر فقد جعل بيغن شواربه على طريقة الفوهرر وهذا ما تؤكده الصور الملتقطة له في عام 1948 عندما ترأس عصابة «ايرغون» وبالفعل اطلق عليه انصاره عندما دخل الكنيست في بداية الخمسينات لقب الفوهرر .

في عام 1946 بعد عملية تفجير فندق «الملك داؤود» من قبل بيغن صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي دافيد بن غوريون لمراسل «فرانس سوار» بأن منظمة «ايرغون» عدوة للشعب اليهودي . كان بيغن يهدف من التفجير القاء تبعاته على الإنكليز انفسهم ، لكنه لاذ بالصمت ووسع نشاطه ضد الجيش البريطاني في فلسطين .

في عام 1985 عندما نشرت وثائق حكومة تشرشل (حسب القانون يسمح بنشر وثائق الحكومة بعد مرور ثلاثين عاما على صدورها) ظهر من بين الوثائق وثيقة سرية على صلة بطلب بيغن تأشيرة دخول إلي بريطانيا في الوقت الذي شغل فيه رئاسة حزب «حيروت» اليميني المتطرف . ذكرت الوثيقة أن بيغن عندما ترأس عصابة «ايرغون» نفذ عدة عمليات إرهابية ضد الانكليز في فلسطين ولذلك كان جواب ممثل الخارجية البريطانية التالي :

- إنها سفالة من جانب بيغن حتى الإشارة إلي ذلك ، آمل أن نزيح هذه القذارة السامة عن صدورنها بشكل نهائي .

هذه عبارة موظف الخارجية البريطانية الذي كان يعمل في السفارة البريطانية في روما عندما تم تفجيرها عام 1946 من قبل عصابة «ايرغون» . بيد أنه في السبعينات استقبل بيغن في لندن كرئيس وزراء إسرائيل المحترم .

وتبقى في الذاكرة أعوام الخمسينات ، عندما اطلقت شتى الالقاب في الصحافة الغربية على بيغن ، حيث سمى «الفاشي» ، «الإرهابي» ، «القاتل» حتى أن قيادة المنظمات الصهيونية كانت تطلق عليه نفس الألقاب .

من جانبه بيغن يصف هؤلاء بالمرائين لأنهم أقاموا مع اتباعه صلات سرية وأجروا حوارات واعدوا خططا مشتركة معهم ، وحتى قادة إسرائيل الأخرون وصلوا إلي السلطة في إسرائيل من خلال الصلات المشبوهة مع الإنكليز – هذا ما يؤكده بيغن في كتاباته .

بلا شك فإن الأباء الموقرون للصهيونية المعاصرة نفذوا تلك الفترة لعبة مزدوجة مع القوى المتنازعة والمؤثرة في العالم للاسراع في الاعتراف بدولة إسرائيل ، فالكل يتذكر رسالة بلفور وزير الخارجية البريطانية الموجهة في الثاني من تشرين الثاني عام1917 إلي الزعيم الصهيوني البريطاني روتشيلر مؤكدا مصادقة حكومته على إنشاء دولة يهودية في فلسطين ، كان هدف الإنكليز المحافظة على مواقعهم في الشرق العربي الغني بالنفط اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ، ومع ذلك أقدم اليهود على إقامة صلات مع الألمان .

من الملاحظ أن بيغن فهم اللعبة جيدا ولذلك حاول كسب رصيد سياسي في ظهوره بدور «البطل في تحرير الوطن اليهودي» . ولهذا لم يكن يهتم بكافة الألقاب التي اطلقت عليه من قبل منافسيه . وكان قد حدد هدفه بدقة‌ ألا وهو الوصول إلي قمة السلطة بأي اسلوب كان ، كما فعل سابقا عندما تزعم عصابة «بيطار» في بولونيا .

القضاء على الجرحى بالسكاكين
مجزرة دير ياسين التي نفذتها عصابات «ايرغون» في العاشر من نيسان عام 1948 انتشرت على كل لسان وتردد صداها على المستوى العالمي ، لكن سبب المجزرة لم يعرف إلا من قبل قلة : السبب أبعد مما يتصورة العقل البشري ، فسكان قرية دير ياسين العربية الفلسطينية عاشوا بوئام مع جيرانهم اليهود ولم يشاركوا في الصدامات اليهودية العربية ودعوا إلي التآخي بين سكان فلسطين الأمر الذي أرعب عصابة مناحيم بيغن المتطرفة ، بحيث لو انتشرت افكار سكان القرية إلي القرى المجاورة لكانت قد أفشلت مخططات الصهاينة الإرهابيين ، وهذا ما حدى بهم لتنفيذ جريمتهم البشعة بحق السكان العرب العزل والمسالمين .

لقد كان القتلة على يقين أنه لا يوجد في القرية إنسان مسلح لذلك نفوذ مذبحتهم بأعصاب باردة بشتى الأسلحة ولم يتركوا طفلا ولا إمرأة أو شيخ في القرية إلا وقتلوه .

في اليوم الثاني للمجزرة تمكن موظف الصليب الأحمر الدولي حاك دي رينيه ، الفرنسي الأصل ، من الوصول إلي القرية ثم وصف فيما بعد مشاهداته كالتالي :

«كان افراد العصابة يرتدون اللباس المميز لهم مع الخوذ وغالبيتهم من الشباب والبنات تحت سن الرشد ، مسلحون بكافة الأسلحة من بنادق ورشاشات وقنابل وسكاكين وخناجر ، ولا تزال السيوف في أيدي البعض منهم وثيابهم ملطخة بالدماء ، حتى أن إحدى الفتيات أرتني سيفها الذي كان ما يزال يقطر دما وبافتخار استعرضته أمامي . يضيف رينيه : حاولت دخول أحد المنازل ، فمنعوني تحت تهديد السلاح وأصدر أحدهم أوامره بايقافي في مكاني وطلب اخراج الجثث من المنزل وأكد أنه لا يريد أحياء . أطلقت شتى الشتائم على هؤلاء القتلة واندفعت إلي داخل المنزل ، كانت الغرفة الاولي مظلمة وكل ما فيها محطم ، ولجت إلي الغرفة الداخلية وبحثث بين الأثاث فوجدت بعض الأجساد الباردة الممزقة ، حيث كان واضحا أنه تم الاجهاز عليها بالسكاكين والسيوف . وفي الغرفة الثالثة شاهدت العديد من الجثث لكن عندما حاولت الخروج سمعت تنهيدة ، فأخذت البحث بين الجثث علني أجد أحياء ، وبالفعل وجدت جسدا لا يزال دافئا لفتاة في سن العاشرة تتنفس ببطء ، حملتها وحاولت الخروج بها إلا أن أحد القتلة وقف بالباب فدفعته جانبا ووضعتها في سيارتي رغم تحذيره لي وانطلقت لاسعافها باقصى ما يمكن لأتمكن من العودة إلي نفس المكان علني أجد أحياء آخرين ، وبالفعل عدت إلي القرية رغم وجود عناصر من القتلة الذين كانوا يقومون بالتأكد من تنظيف المنطقة من الاحياء ، وأخذت بالبحث عن أحياء بين الجثث حيث وجدت امرأتين ، أحداهن أمرأة عجوز قضت يوما بكامله في كومة من الحطب .

كان عدد سكان قرية دير ياسين أكثر من اربعمائة شخص هرب منهم حوالي الخمسين أثناء المجزرة وقضي على الباقي بكل برودة أعصاب» - هذا ما أكده شاهد العيان الفرنسي موظف الصليب الأحمر الدولي - .

في كتابه «العصيان» يصف مناحيم بيغن مجزرة دير ياسين بـ «العملية الهجومية الهامة» والتي تمت عصابة «الهاغانا» ويتابع بهذا الصدد : «إن التربية التي تلقاها شبابنا على أيدينا تقوم أساسا على مراعاة القوانين التقليدية للحروب – هذا ما نفذوه في دير ياسين» ويضيف بيغن مبررا أعمال عصابته ومثنيا عليها :

«لقد ساعدت الأساطير عن الوحشية اليهودية معتنقي الصهيونية – في تطهير إسرائيل القديمة من مئات الألوف من العرب» . وبالفعل فقد اعلن اليهود الصهاينة للسكان العرب بوجوب مغادرة مدنهم وقراهم وإلا سيكون مصيرهم مصير أخوتهم في دير ياسين – هذا ما يحدث اليوم في أرجاء فلسطين .

تابع

زهير
06-12-2005, 11:36 AM
والجدير ذكره ، أن حكام إسرائيل في تلك الفترة حاولوا التنصل من مناحيم بيغن – هذا ما أكده بيغن في كتابه العصيان حيث اتهمهم بالخداع .

كما رأت الوكالة اليهودية تقديم «اعتذار» عما حصل وذلك تنفيذا للعبة المزودجة : من جانب تقديم الاعتذارات ومن جانب آخر استخدام تفاصيل مجزرة دير ياسين المرعبة لترحيل العرب . وبالنتيجة نزح أكثر من / 700 / الف فلسطيني عن ديارهم عندما تلقوا انذارا أخيرا من المنظمات الإرهابية الصهيونية للرحيل وإلا سيكون مصيرهم كمصير سكان قرية دير ياسين .

بعد عام 1948 شكلت عصابات «ايرغون ، هاغانا» حزبا متطرفا بزعامة مناحيم بيغن دعي بـ «حيروت» (الحرية) وقرر الفوهرر الصهيوني (مناحيم بيغون) الوصول إلي السلطة بالطرق الرسمية فكتب عن نشاطه السياسي بافتخار :

«كنت رئيسا لمنظمة «ايرغون» منذ الشتاء المظلم عام1948 وحتى الصيف المتبر عام 1948 وافخر بهذا الماضي الغني بالاحداث» .

لقد حقق حزب «حيروت» 12 مقعدا في الكنيست الإسرائيلي واتخذ أكثر المواقف تطرفا بشكل دائم سياسة الحكومة بزعامة حزب العمل . في هذه الفترة تحديدا كتب بيغن كتابه «العصيان‌» الذي يذكر تماما بروح ومضمون كتاب هتلر «كفاحي» .

وتظاهر زعماء الصهيونية «الموقرون» بأنهم لا يوافقون بيغن على تطرفه ، حتى أن رئيس الوزراء دافيد بن غوريون رفض التلفظ علنا باسم بيغن عندما توجب ذكر امسه في جلسات الكنيست فكان يقول :‌«الشخص الذي يجلس إلي جانب عضو الكنيست بادير – مشيرا إلي بيغن» .

أحيانا كان بيغن يحاول إزالة صفة التطرف حيث استشهد بتصريح جابوتنسكي للإنكليز «في فلسطين يوجد مكان للعرب ولملايين اليهود وللعالم لم أيضا» .

في عام 1973 أنشأ بيغن تجمع الليكود الذي يضم معظم الأحزاب اليمينية المتطرفة ويحتل في الكنيست 39 مقعدا ،‌أما في انتخابات عام 1977 فقد حصل على / 42 / مقعدا ، إضافة إلي كسب أنصار من الاحزاب الأخرى وبذلك حقق الليكود أغلبية في الكنيست وشكل حكومة بزعامة مناحيم بيغن . وهكذا يكون الحلم قد تحقق .

كتب الصحفى الأمريكي فرانك جيروازي في تشرين الثاني عام 1977 : «لو زودنا الكمبيوتر بمعلومات عن سيرة حياة بيغن وطلبنا منه الإجابة على سؤال : هي يمكن أن يقيم بيغن سلاما مع جيرانه العرب ؟ لأجاب الكمبيوتر بامتعاض وغضب : كلا» .

فبكلمته أثناء الكونغراس الثالث عشر لحزب حيروت عام 1977 : «لو زودنا الكمبيوتر بمعلومات عن سيرة حياه بيغن وطلبنا منه الإجابة على سؤال : هل يمكن أن يقيم بيغن سلاما مع جيرانه العرب ؟ لأجاب الكمبيوتر بامتعاض وغضب : كلا» .

فبكلمته أثناء الكونغرانس الثالث عشر لحزب حيروت عام 1977 وقبل تسلمه رئاسة الوزراء قال بيغن :

«من خلال خبرتي الشخصية أستطيع القول أن القليل من الأمريكيين يعرف ما الذي قدمناه في حرب السبع سنوات في فيتنام عندما كنا في الضفة الشرقية لقناة السويس حيث أقدمنا على إغلاقها ، وبالتالي توجب على السوفييت نقل الأسلحة عبر رأس الرجاء الصالح الأمر الذي تطلب منهم زمنا كبيرا جدا وبذلك نكون قد أخرا إمدادات الأسلحة لاعداء الولايات المتحدة» .

وتكريما لتاريخ بيغن الحافل بالإرهاب والقتل فقد منح جائزة نوبل للسلام عام 1978 مع الرئيس المصري أنور السادات الذي باع القضية العربية وحقق لإسرائيل ما لم تطمح به بعشرات السنين . كتب الصحفي الأمريكي فرانك جيروازي بهذا الخصوص متأسفا :

«إن جائزة نوبل الممنوحة لبيغن لا تعني مكافأة له عن ما صنعه في ماضيه تجاه السلام وإنما هي بمثابة سلفة للمستقبل . هذا ما أكدته اللجنة الدولية للجائزة في بيانها أثناء ذكر مبررات منح الجائزة» .

إن ما قدمه بيغن للسلام في ماضيه هو : تزعم عصابة ايرغون وتفجير فندق الملك داؤود في القدس ومجزرة دير ياسين وبذلك منح الجائزة كسلفة للمستقبل حيث أقدم بنفس العام الذي تسلم فيه الجائزة (1978) باحتياج جنوب لبنان وقصف مدينة بيروت من البحر والجو .

دائما يجد الإرهابي اشياء ومبتكرات جديدة يقدمها ، ففي ليل الثاني من أيار عام 1980 اقتحم الإرهابيون منازل رؤوساء بلديات الخليل وحلحول في الضفة الغربية المحتلة وكذلك منزل المفتي التميمي وخطفوهم والبسوهم الأقنعة السوداء ونقلوهم بالهيليو كبتر إلي جنوب لبنان خرقا لكل الشرائع والقوانين الدولية . وبعد شهر قاموا بمحاولة اغتيال رؤوساء بلديات نابلس – رام الله – والبيره (بسام الشكعة ، كريم خلف وابراهيم الطويل) عن طريق وضع متفجرات في سياراتهم . وقد أعلنت منظمة «ابناء صهيون» الإرهابية مسؤولياتها عن العملية . كما نشرت حركة «كاخ» و «ابناء صهيون» بيانا في صحيفة «هاآرتس» حذرتا فيه من انهما ستستمران في اغتيال انصار منظمة التحرير في الضفة الغربية ، وطالبتا بدعم من بيغن على انتهاج سياسة تؤمن طرد 1.7 مليون فلسطيني من الضفة والقطاع المحتلين .

وبالفعل قامت منظمة «غوش أمونيم» و «كاخ» بتنظيم جيش سري ومجموعات إرهابية سرية بزعامة وزير الاستيطان أرييل شارون (سفاح بيروت عام 1982) .

المدهش حقا ، إذا كانت لجنة جائزة نوبل للسلام قد قرأت بيان عضو المحكمة العليا في ايطاليا السيد روميو فيرروتشي الذي زار إسرائيل وعقد مؤتمرا صحفيا في القدس أعلن فيه أن حكام تل أبيب ينفذون في الأراضي المحتلة سياسة «إرهاب الدولة» الموجهة لضم هذه المناطق وطرد كافة الفلسطينيين منها . كذلك لم تعلم لجنة جائزة نوبل برأي البروفسورة مونيكا شيميل جاندري عضوة منظمة حقوق الإنسان التي زارت إسرائيل مشيرة أن حكام إسرائيل لا يحترمون مواثيق الأمم المتحدة و خصوصا اتفاقيات جنيف التي وقعت عليها ذاتها دولة إسرائيل ، وبالتالي قامت اللجنة المذكورة بمنح بيغن جائزة نوبل للسلام .

غباء لافون [1]

«تلطخ اسم الموساد بعملية فاشلة ومشينة ، مخططة ومنفذة بشكل سيء» - نقرأ هذا الاعتراف في كتاب : دينيس أيزنبرغ ، أوري دان ، ايلي لاندوا وهو منسوب لعملية قامت بها الموساد في مصر .

وقد تم تشفير العملية تحت أسم «غباء لافون» . بيد أنه يمكن الافتراض أن بينخاس لافون كان اختيار القادة الإسرائيليين للقيام بدور «كبش الفداء» بعد فشل المجموعة الإرهابية التخريبية الكبيرة في مصر التي أقامتها المخابرات الإسرائيلية على أرض مصر ، حيث أدى أكتشافها إلي فضيحة إسرائيلية كبيرة على المستوى الداخلي والعالمي .

الحقيقة منذ نشوء دولة إسرائيل على الخارطة السياسية ، دأبت الأوساط الحاكمة فيها على خلق تنظيم تجسسي لها في مصر يكن أساسه المجموعات اليهودية المصرية ، لأن مصر بنظر حكام إسرائيل تشكل العدو الأساسي لهم .

أنشأ المدعو / سيمي عازار / شركة سياحية بأموال المتبرعين اليهود سماها «غرونبيرغ» ومقرها القاهرة ولها فرع في الإسكندرية . وكان هدفها تنظيم تهريب اليهود المصريين إلي إسرائيل ، عن طريق إقامة رحلات سياحية خارج مصر . كانت الشركة مزودة بجوازات سفر حقيقة من جنسيات انكليزية ، ايطالية وغيرها كي يستخدما اليهود العازمون على الهجرة إلي إسرائيل ، حيث كانت هذه الجوازات ترسل من قبل عملاء إسرائيل في هذه الدول .

فبعد ثورة يوليو عام 1952 والاطاحة بالملك فاروق واستلام السلطة من قبل الضباط الأحرار بقيادة عبد الناصر قرر الإسرائيليين تعزيز نشاطهم التجسسي في مصر فأرسلوا عملائهم المدربين جيدا .

لكن قبل ذلك بعام واحد فقط ظهرت في الإسكندرية شخصية انكليزية بملامح يمنية وهو المدعو / جون دارلينغ / لكنه في الحقيقة كان رجل استطلاع إسرائيلي أسمه / ابراهام دار / حيث كلف بمهمة تشكيل خلية استطلاع عسكرية في مص . وقد أو كل إليه المهمة رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية / بنيامين غيفلي / لمساعدة العميل / ايميل فيتبين / الألماني الأصل والذي يقوم بتركيب الأطراف الصناعية لمشوهي الحرب المصريين والمتغلغل في أوساط الضباط المصريين من المراتب العليا . والجدير ذكره أن / ايميل فيتبين / هو النقيب في الموساد الإسرائيلي وأسمه الحقيقي / اكس بينيت / من مواليد بولونيا ثم خدم في الجيش البريطاني وأرسل إلي انكلترا بأسم بريطاني وتزوج هناك وحصل على الجنسية وظل يعمل للموساد . ونفذ مهام سرية وهامة جدا للموساد في العراق وإيران ، وعندما كشف أمره من قبل المخابرات الإيرانية هرب إلي ألمانيا الغربية حيث أصبح اسمه إيميل فتبين . وعمل في مصر مع جون دار لينغ ونجحا بإقامة شبكة تجسس ترسل عناصرها إلي إسرائيل لمدة ثلاثة أشهر لتلقي تدريبها ثم تعود لتنشط داخل مصر .

كان حكام تل أبيب من ازدياد اهتمام واشنطن ولندن بالقاهرة في خططهم الشرق أوسطية ، ولذلك ظهرت فكرة تسميم الخطط الأمريكية والبريطانية بخصوص مصر . اقترح الخطة وزير الدفاع بينيخاس لافون وأعدها موشي دايان رئيس أركانه بمساعدة رئيس الاستخبارات العسكرية بينيامين غيفلي .

كانت مهمة / عازار – دارينغ – بينيت / سهلة وهي تنفيذ العديد من العمليات التخريبية ضد مصالح الأمريكيين والبريطانيين في مصر بحيث تقع الشبهات في كافة الأحوال على المصريين . الأمر الذي يدفع بلندن وواشنطن إلي اتخاذ اجراءاتها لحماية مواطنيها خصوصا أن القوات البريطانية كانت ما تزال ترابط في منطقة قناة السويس استعدادا للرحيل . وللمساعدة في العملية الإسرائيلية تم ارسال العقيد إليعاد باسم مواطن الماني يدعى / باول فرانك / والعقيد موردخاي بينسورا الذي عمل سابقا في مصر .

كان رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية قد طلب موردخاي إلي مكتبة قائلا :

«يتخلص هدفنا بنسف ثقة الغرب المصري وخلق فوضى واضطرابات شعبية في صفوف المصريين ، حيث من خلال ذلك تتم عمليات اعتقال وتظاهرات وأعمال عنف وانتقام . كما ينبغي المحافظة على سرية دورنا في هذه الأعمال وبذلك نكون قد حققنا هدفنا بعدم تقديم المساعدات العسكرية والاقتصادية الغربية لمصر» .

وعندما منيت عملية «لافون» بالفشل أقترح غيفلي / رئيس الاستخبارات / القيام بعمليات خطف المصريين من قطاع غزة وقبرص وأوربا الغربية . كما أقترح بتفجير السفارة المصرية في عمان انتقاما لاعدام الجاسوسين الإسرائيليين في مصر / سيمي عازار ، موشي مرزوق / ، وكان قد انتحر ايميل فيتبين قبل المحكمة ، وفر كل من دارلينغ وفرانك .

كيف تم اكتشاف الشبكة ؟
كان قد أوكل للعميل فيليب ناتانسون مهمة احراق احد دور السينما في القاهرة بواسطة علبة مليئة بالفوسفور وضعها في حيبه وفي الطريق اشتعلت ثيابه وتمكن شرطي من انقاذه فخلع عنه ملابسه وبعد التحقيق معه اعترف على عناصر الشبكة التخريبية وتم القاء القبض عليهم . وتفجرت فضيحة عالمية ضد إسرائيل وضلوعها في الإرهاب . حينها اضطر / لافون / للاستقالة وتم تغيير قيادة الموساد وأمان وطالت الفضيحة كل من : دافيد بن غوريون ، موشي دايان ، شيمون بيريز وغيرهم من القادة السياسيين والعسكريين .

ولم تنته الرواية عند هذا الحد ، فالعميل / باول فرانك / الهارب من مصر توجه إلي ألمانيا الغربية هناك ، حيث تستر بشخصية أحد رجال ذس . أس القدماء . وفي عام 1957 تم استدعاؤه إلي تل أبيب وحوكم هناك وسجن بتهمة خيانة الدولة وأزدواجية العمالة حيث اتهم بقبض مبلغ / 40 / ألف مارك الماني من المخابرات المصرية وافشى عملية «لافون» ولا يزال مصيره مجهولا !

كما ارتبطت بفشل عملية / لافون / قضية ايلي كوهين التي وسعت فشل الموساد في الشرق الأوسط . وقد حاولت الصحافية الإسرائيلية والصهيونية تناسي ذلك ووضع المبررات والقاء اللوم في اتجاهات أخرى . ففي كانون أول عام 1985 كتبت صحيفة الـ «واشنطن بوست» ما يلي :

«في بداية الستينات تم زرع العميل ايلي كوهين في سورية الذي رشح إلي منصب نائب وزير دفاع في سورية قبل اكتشافه . وبنفس الفترة تم زرع المجتمع المصري .كلاهما تمكن من جميع معلومات سياسية وعسكرية سرية وهامة بحيث كانت سببا للنجاح في حزب حزيران عام1967».

بلا شك فإن كوهين ولوتس أنزلا خسائر جسمية في سورية ومصر ، لكن اكتشافهما شكل ضربة قاسمة‌ وخسارة كبيرة لإسرائيل حيث تم تعرية إسرائيل على حقيقتها وفضح سياستها أمام العالم .

من هو ايلي كوهين ؟
يهودي من مواليد مصر . قام بتشكيل مجموعات الشباب الصهيوني في مصر «حابونيم» / المقاتل / للدفاع الذاتي والتي تشكل «الطابور الخامس» بالنسبة لإسرائيل في مصر . ساعدت هذه المجموعات الموساد في عمليات تهريب اليهود المصريين وفي بعض الحالات ارغامهم ورد ذكره في هذا الفصل . تم نقل كافة أقارب كوهين إلي إسرائيل وكان له دور فعال في عملية «لافون» ، ولذا اختفى فترة أثناء فشل العملية المذكورة ، لكن اجهزة الأمن المصرية تمكنت من اعتقاله وحكمت عليه بالسجن ثم أبعد إلي خارج مصر عام 1956 ، لكنه في 12 شباط عام 1975 حصل على وثائق المواطنة الإسرائيلية وأو كلت له مهمة جديدة في صفوف الموساد . وبعد فترة ظهر في القدس باسم تاجر فرنسي يدعى مارسيل كوفان وهو من مواليد مصر . فالوثائق كانت نظامية تماما حيث أنها سرقت قبل ذلك الوقت باسبوعين من لشخص الفرنسي المذكور وهو رجل أعمال فرنسي من مواليد مصر . كان وجوده في القدس بمثابة اختبار له من قبل رئيس الموساد ، وبعد عام قرر رئيس الموساد أن كوهين أصبح ناضحا للعمل بشكل جدي أكثر . وأوكلت عهدته إلي شخص يدعى «درويش» بحيث أشرف على اعداده فترة طويلة ليقوم بمهمة المستقبل .

وهكذا ظهر كوهين بداية في جامعة القدس باسم الطالب الشيخ محمد سلمان الذي يدرس المذاهب والشريعة الإسلامية وذلك استعداد لارساله إلي سورية ، وانتهى الفصل بظهور المدعو كمال أمين ثابت في بونيس أيريس / الأرجنتين على أنه مواطن سوري من مواليد بيروت ، حيث تغلغل المذكور بسرعة في الجمعية الإسلامية في الارجنتين وأقام علاقات وصداقات هامة مع متنفذين في الجالية السورية وتمتع بشعبية كبيرة بينهم ، لينتقل بعدها إلي سورية حاملا رسائل مهمة من هؤلاء الأمر الذي مكنه من دخول الأوساط الرفيعة في المجتمع السوري ذات النفوذ السياسي الواسع . والجدير ذكره أن كمال أمين ثابت (كوهين) دخل دمشق بداية عام 1961 عن طريق بيروت ، ليبدأ نشاطه مباشرة في سورية . وفي كانون الثاني عام 1965 تم القاء القبض عليه واعتقاله من قبل رجال الأمن السوريين بعد مراقبة طويلة وثبوت الادلة على أنه عميل للموساد . وما إن سمع رئيس الموساد حينها / مائير آميت / بالنبأ حتى أبلغ عميل للموساد . وما إن سمع رئيس الموساد حينها / مائير آميت / بالنبأ حتى أبلغ رئيس الوزراء / ليفي اشكول / في وقت متأخر من الليل ، حيث بث رجال الأمن السوريون بواسطة جهاز اللاسلكي الذي كان بحوزة كوهين العبارة التالية :

«انتباه ! إلي رئيس الوزراء الإسرائيلي ورئيس المخابرات السرية في تل أبيب : كمال وأصدقاؤه ضيوفنا في دمشق ، قريبا ستعرفون مصيرهم – الاستطلاع السوري . انتهى» .

اثناء اسجوابه وكما فعل من قبل في القاهرة ، اعترف ايلي كوهين بكل شيء . وبذلك اصدرت المحكمة العسكرية حكما بالاعدام ونقذ في حينها .

تابع

زهير
06-12-2005, 11:39 AM
اختلف مصير العميل الإسرائيلي فولفغانغ لوتس في مصر عن زميله في سورية ، فمؤلفي كتاب «الموساد‌» يؤكدون أن لوتس هو جندي الماني سابق في الفيلق التابع لرومل مكررين الأسطورة التي حاكها لوتس نفسه ،‌والتي استخدمها للتسلل ضمن الألمان الموجودين في مصر عام 1961 حيث حاول كأخصائي في تهجين وتربية الخيول العربية انشاء مزرعة خاصة لهذا الشأن – كما ذكر لمعارفه في القاهرة – أنه مواليد مدينة مانغيم الألمانية عام 1921 ، وقضى طفولته في برلين حتى نشوء الحرب العالمية الثانية ، حيث تم تجنيده في الفرقة / 115 / التابعة لفيلق رومل في شمال افريقيا – منذ حينها احب الخيول العربية التي شاهدها هناك ، وبعد هزيمة المانيا هاجر إلي اوستراليا حيث أمضى اثني عشرة عاما . ولشدة اشتياقه للوطن عاد إلي برلين ، وكخبير بالخيول حصل على عمل في نادي إلي برلين ، وكخبير بالخيول حصل على عمل في نادي للخيول هناك . بعد فترة التقي برجل أعمال يدعى الياس غوردون واقترح عليه إدارة مزرعة خاصة بالخيول العربية فوافق بكل سرور وتعرف بهاوي تربية خيول يدعى / روبي بريشتاين / حيث موله للقيام بجولة إلي مص تستغرق ستة أسابيع مشروع بإقامة مزرعة للخيول العربية على ضفاف النيل.

بكي لوتس بين أيدي رجال الأمن المصريين قائلا : لقد وقعت بالشرك ، لأني لم أكن الياس وروبي كانا عملاء للموساد ،لكن عندما قدموني لشخص يدعى يوسف وعلمت انهم من الموساد صعقت أنا الجندي الألماني في جيش رومل أصبحت قائما على خدمة اليهود ، مزرعة لتربية الخيول العربية ، رفضت في البداية لكنهم هددوني بالقتل ولن يتوروعوا عن قتلي ويستطيعون ذلك – هكذا لعب لوتس دوره أمام رجال الأمن المصريين عندما اعتقلوه .

بيد أن كل ما ذكره كان اختلافا عدا تاريخ ومكان ولادته بالفعل هو يهودي الماني هاجر إلي فلسطين عام 1933 وكان عضوا في عصابة «الهاغانا» حيث انطلق منها وخضع لدورات تأهيل في مدارس الاستطلاع ليعود بعدها إلي برلين ثم إل كولن وميونيخ . وقد اعدته منظمة «ريشوت» والوكالة اليهودية لخططها البعيدة . عمل في الحرب العالمية الثانية مترجما في الجيش البريطاني حيث أشرف على استجواب الأسرى من جيش رومل ، ثم شارك في الحرب العربية اليهودية عامي 1974-1948 .

في العدوان الثلاثي على مصر كان لوتس برتبة رائد في الجيش الإسرائيلي – وحسب ما جاء في كتاب «الموساد» - صدفة تلقى لوتس أقتراحا للتعاون مع الموساد .

جاء في أحد فصول كتاب الموساد :

«إن أهم قوة يتمتع بها جهاز الموساد أن ضمن عناصره يهود من كافة البلدان ولذلك يجد من السهولة اختيار الشخص الذي يتكلم لغة البلد الذي سيعمل بها . فسكان إسرائيل خليط متعدد الاجناس لغة البلد الذي سيعمل بها . فسكان إسرائيل خليط متعدد الاجناس والجنسيات بينهم تجد اليهودي الروسي ذو العيون الزرقاء وكذلك اليهودي الأسود والحنطي والأسمر المولود في الهند وبالتالي تجد يهود يتحدثون مختلف اللغات واللهجات . كما هو الحال بالنسبة لـ ايلي كوهين . اليهودي المصري ، ولوتس الالماني الشبيه بالآري فأمه يهودية وأبوه ألماني – حتى أن الموساد تحسب حساب الختان لدى الذكور . فكان اختيار لوتس كألماني لانه مثل الالمان لم تجرى له عملية الختان» .

لقد أمضى لوتس وزوجته فالتوراود وقتا في القاهرة حيث نعموا بترف لا مثيل له ، حتى أن الزوجة قررت دعوة والديها من المانيا ليروا بأنفسهم حياة الذبح التي تعيشها ابنتهم .

لكن ذلك لم يدم طويلا ، فبعد عودة المذكورين من رحلة عبر المتوسط القي القبض عليهما في الفيلا التي تعود ملكيتها لهما ، لأن المخابرات المصرية كانت تراقب منذ فترة تحركاتهما . وحكم على لوتس وزوجته بالسجن مدى الحياة بتاريخ 22 شباط 1965 .

وفي السجن تعرفت زوجته على فيكتورينا نيمي صديقة ايلي كوهين السابقة عضوة عملية «لافون» .

في عام 1968 تمت مبادلتهما بأسرى مصريين في إسرائيل ، حيث فتح لوتس هناك مطعما خاصا ومتجرا ومزرعة لتربية الخيول العربية‌ ليحقق حلمه .

عملاء
لقد أصبحت فضائح الموساد حالة سرطانية . مستعصية وتتالت تباعا لتتحول إلي مسلسل متعدد الحلقات يشد انتباه المشاهدين . حيث انفجرت عام 1985 فضيحة موسادية جديدة استمرت اشهرا وكان مسرحها هذه المرة الولايات المتحدة الأمريكية . وتخص الفضيحة الخبير الأمريكي جوناثان بولارد وزوجته . حيث كان يعمل في القوات البحرية الأمريكية واتهم ببيع وثائق سرية ومعلومات تتعلق بأمن الولايات المتحدة إلي الموساد الإسرائيلي .

بدأت القصة صباح 21 تشرين الثاني عام 1985 عندما كانت سيارة قديمة من طراز «موستانغ» تنطلق بسرعة في شوارع واشنطن وبداخلها وأمرأة وخلفها تسير بترقب سيارة أخرى . وعندما وصلت سيارة «موستانغ» الشمال الغربي من المدينة حيث تقبع السفارة الإسرائيلية انفتحت لها بسرعة أبواب السفارة وكأنها على موعد مع الأشخاص الذين بداخلها . وعلى مقربة من مدخل السفارة توقفت السيارة الأخرى وخرج منها شخصان متظاهرين بتفحص السيارة ، لكن هيئتهم كانت تشير إلي أنهم عناصر من مكتب التحقيقيات الفيدرالي .

بعد دقائق خرجت سيارة «الموستانغ» من السفارة الإسرائيلية بمرافقة ممثلين دبلوماسيين من السفارة . ومباشرة أمام مرأى الدبلوماسيين الإسرائيليين تم اعتقال سائق السيارة المدعو جوناثان بولارد البالغ من العمر 31 عاما وهو رجل استطلاع في القوات البحرية الأمريكية – قسم مكافحة الإرهاب . ولم تعتلق الزوجة في حينها .

وبعد خضوع بولارد للاستجواب أعلن مساعد المدعي العام هاري بينير ضرورة إحالته إلي المحكمة لأنه اعترف بحصوله على أموال ضخمة من جهة اجنبية‌ مقابل سرية هامة . وبالفعل تم تحديد تاريخ انعقاد المحكمة في 27 تشرين الثاني .

في اليوم الثاني من الاعتقال كتب والـ «واشنطن بوست» أن بولارد متهم بنقل اسرار تتعلق بالأمن القومي الأمريكي لدولة أجنبية وكذلك بحيازته على تلك الوثائق بشكل غير مشروع . وحسب القوانين الأمريكية فعقوبة التهمة الأولي هي السجن مدى الحياة والثانية السجن لمدة تسع سنوات مع غرامة تصل لعشرة آلاف دولار .

أثناء تفتيش منزل المذكور عثر مكتب التحقيقات الفيدرالي على ثمانيين وثيقة سرية مجهزة لارسالها إلي عملاء الموساد الإسرائيلي وقد كان معروفا من قبلهم باسم «داني كوهين» وباعترافاته أكد نقل مئات الوثائق إلي الموساد بمساعدة زوجته حيث شرح للمحققين أن أتصاله بالسفارة الإسرائيلية كان بشكل منتظم ثلاث مرات في الأسبوع نقل خلالها مئات الوثائق بحقبيته التي لم تفتش . وبدورها كانت السفارة الإسرائيلية تنسخ الوثائق وترسلها إلي إسرائيل . من ضمن موظفي السفارة الذين تعانوا مع بولارد كان السكرتير الأول للسفارة الإسرائيلية والمستشار العلمي للسفارة الإسرائيلية إيلان رافيد وقنصلها يوسف ياغور بالرغم أن الحكومة الإسرائيلية أكدت أن كافة موظفي سفارتها سيبقون على رأس علمهم وسيتعاونون مع المحققين في قضية بولارد . علما أن المخابرات الإسرائيلية أكدت بشكل قاطع أن لا علاقة لها بالقضية .

ذكر في التقرير السرى للمخابرات المركزية الأمريكية أن إسرائيل وعن طريق اجهزة مخابراتا تستغل علاقاتها مع الشخصيات الرفيعة المستوى والحكومية في الدول التي تتمتع بأهمية خاصة لها ومن ضمنها الولايات المتحدة وجهاز اسخباراتها . وقد أكد معدو التقرير أن اثنين من المهام الثلاثة التي تقوم بها الموساد الإسرائيلي موجهتان ضد الولايات المتحدة : المهمة الأولي للموساد موجهة ضد الدول العربية حتما . الثانية هي جمع المعلومات حول القرارات السياسية الأمريكية السرية المتخذة بشأن إسرائيل . الثالثة : جمع المعلومات عن الانجازات العلمية الأمريكية والدول الصناعية الأخرى والتي كانت من مهمة بولارد صاحب الفضيحة التي لا تقاس بفضيحة ستيفن براين رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 1978 حيث تبين أنه نقل معلومات سرية لعملاء إسرائيليين . قد أعد مكتب التحقيقات الفيدرالي محضر اتهام مؤلف من / 600 / صفحة ، بين فيه ضلوع / موريس ايميتاي معاون السناتور ابراهام ريبيكوف وريتشارد بيرل معاون السناتور هنري جاكسون / بعمليات التجسس لصالح إسرائيل عن طريق اللوبي الإسرائيلي في مرتفعات الكابيتول .

اضطر حينها براين للاستقالة وتم تجميد القضية بالرغم من أنه كان بحوزة مكتب التحقيقات الفيدرالي تسجيلات لمكاملات هاتفية أجراها المذكور مع السفارة الإسرائيلية نقل خلافها معلومات سرية للإسرائيليين . كما تم السفارة عن معلومات أخرى نقلها هيلموت سونينفيلد الموظف المقرب من وزير الخارجية حينها هنري كيسنجر والذي يشغل بنفس الوقت مساعد الرئيس لشؤون الأم القومي الأمريكي . بعد الاستقالة ، كوفأ براين بتعيينه مديرا «للمعهد اليهودي الخاص بالدفاع الوطني» كما تم تعيين موريس ايميتاي رئيسا للجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تلك اللجنة الصهيونية المنفذة للسياسة الإسرائيلية في الولايات المتحدة . أما مكافأة ريشتارد بيرل فكانت أرفع بكثير مما توقع حيث عينه ريغان نائبا لوزير الدفاع .

بقي لنا التذكير بـ جوزيف تشوريا قرين الإرهابي المتطرف المعروف مائير كاهانا (الذي قتل على يد أحد الفلسطينيين) وقد أصبح عضو الكنيست الإسرائيلي قبل وفاته ، فكلاهما اشتغل لصالح المخابرات المركزية ومكتب التحقيقيات الفيدرالي بين عامي 1965 و 1967 وكان كاهانا يدعي / مايكل كينغ / . بينما عمل . تشوربا / رئيس قسم الأمن الجوي في القوى الجوية الأمريكية وترقى بالمناصب ليصبح معاونا لرئيس المخابرات الجوية الأمريكية الجنرال جورج كيفن . في عام 1980 أصبح جوزيف تشوربا مستشارا مرشحا للرئيس الأمريكي رونالد ريغان .

والجدير ذكره أن المذكور ترك الأمن الجوي جراء الفضيحة التي تناولته بأنه قتل معلومات سرية إلي المخابرات الإسرائيلية .

فيما يتعلق بـ مائير كاهانا هو مزدوج الجنسية / أمريكي – إسرائيلي / ومسيرته المخابراتية وردت في كتاب أمريكي صادر عن دار تسمى «ايديما بوكس» عام 1986 للصحفي الإسرائيلي يائير كوتلر بعنوان «هايل كاهانا» . حيث يحكي الكاتب عن بداية كاهانا عندما تم تجنيده من قبل مكتب التحقيقيات الفيدرالي وزرعة في أوساط الطوائف اليهودية الأمريكية كي يقضي على الأصوات اليهودية المعادية للحرب الأمريكية في فيتنام. حينها أصدر كتابا مع زميله المذكور جوزيف تشوربا بعنوان «القسط اليهودي في فيتنام» أكدا فيه أن دعم الحرب الأمريكية في فيتنام تخدم إسرائيل واليهود الأمريكيين معا . وقد اعترفت القيادة الأمريكية فيما بعد أنه بفضل الدعم الصهيوني تمكنت الحكومة الأمريكية من القضاء على الأصوات المعارضة للحرب الفيتنامية .

بعد الحرب الفيتنامية أعطي كاهانا دورا جديدا و «المناضل» من أجل حقوق اليهود السوفييت . قام بدور البلطجي ضد البعثات والهيئات الدبلوماسية السوفييتية (حينها) في الولايات المتحدة حيث أطلق عدة مرات النار على سكن الدبولماسيين والقى القنابل على المؤسسات الروسية . وأخيرا أصبح عضوا في الكنيست الإسرائيلي .

ومن الشخصيات الأمريكية الرفيعة المستوى التي عملت لصالح الموساد الموظف الكبير في البنتاغون مالكو لم كاري الذي جند من قبل القنصل الإسرائيلي العام في نيويورك دافيد ريفلين .

تشعر الموساد بارتياح مطلق أثناء نشاطها على الأراضي الأمريكية نظرا لتمتعها بحماية / السي . أي . ي / ، حتى لو تعرضت الفضائح كبيرة. وكمثال على ذلك قضية آندرو يانغ الأسود الذي كان ممثلا دائما للولايات المتحدة في الأمم المتحدة ثم انتخب عمدة لمدينة اطلانطا العاصمة الثقافية للولايات الجنوبية . من المعروف عن يانغ أنه انسان يتمتع بشخصية مستقلة . أثناء تمثيله للولايات المتحدة في الأمم المتحدة قرر سبر امكانيات توسيع الطيف السياسي لتأثير الولايات المتحدة في الشرق الأوسط فأجرى لقاء مع ممثل منظمة التحرير / زهدي الطرزي / في هيئة الأمم . جرى اللقاء بتاريخ 26 تموز 1979 في منزل ممثل الكويت في الأمم المتحدة عبد الله بشارة / رئيس مجلس التعاون الخليجي السابق – المترجم / تمكن اثناءها عملاء الموساد من مراقبة اللقاء وتم تسجيله على كاسيت ثم نظموا حملة ضده نشرت في مجلة «نيوزويك» ودعمت من قبل اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة اضطر من خلالها الاستقالة من منصبه . هذا بدوره قاد إلي فضيحة لنشاط الموساد حيث أن التجسس على الدبلوماسيين الأمريكيين يتعارض مع القانون والانظمه الفيدرالية الأمريكية ، فظهرت أصوات تطالب باجراء تحقيقات في نشاط الموساد على الأراضي أصوات تطالب باجراء تحقيقات في نشاط الموساد على الأراضي الأمريكية ، لكنها اصطدمت بمعارضة المدعي الأمريكي العام بينيامين جيفيليتي باجرائها ، كما أنه لاقي ترحيبا من قبل مكتب التحقيقيات الفيدرالي الذي أعلن أنه لن يقوم بمراقبة نشاط حلفائه لأن هذا يشكل إساءة ومضيعة للوقت . بيد أن بعض الصحف انتقدت الموقف لكن بلا فائدة فلا من مجيب لها . وعلقت إحدى الصحف الغربية في حينها قائلة : إن السلطات الأمريكية لا ترغب بتخريب علاقات العمل والصداقة بين جهازي الاستخبارات الأمريكي تعتمد في كثير من الأمور على الموساد الإسرائيلي .

في عام 1986 نشرت الصحافة الأمريكية تصريحا للسيد جون دافيت الذي أحيل إلي التقاعد عام 1980 بعد أن كان يشغل منصب رئيس قسم الأمن الداخلي في وزارة العدل الأمريكية جاء فيه : أن المخابرات الإسرائيلية تنشط بشكل كبير جدا على الأراضي الأمريكية وتولي الأهمية ذاتها للولايات المتحدة والعرب الأمريكيين والدول العربية . كما ذكر أن لديه معلومات حول طرد دبلوماسيين إسرائيليين طردوا سرا من الولايات المتحدة لضلوعهم في عمليات تجسس ضد الولايات المتحدة .

صحيفة الواشنطن بوست كتبت في حينها أن العديد من موظفي المخابرات ذكروا لها – طالبين عدم ذكر اسماءهم – أن هناك كثيرا من المعلومات حول عمليات الموساد الإسرائيلي التي اخذت طابع الخذيعة حيث لم تدفع الموساد لعملائها لقاء المعلومات المنقولة من قبلهم الأمر الذي اضطر هؤلاء لأخبار مكتب التحقيقات الفيدرالي بها .

في عام 1982 نشرت صحيفة «الوطن» الكويتية تقريرا مفصلا حول نشاط الموساد والخطة التي اعدها في حال انتخاب ريغان كريئس للولايات المتحدة حيث أن الأوامر في حينها صدرت عن رئيس الحكومة الإسرائيلية بيغن توقعهم بفوزه بالانتخابات جاءت الخطة على الشكل التالي :

تمكن رجال الموساد من تجنيد أحد الاصدقاء المقربين من ريغان وهو المليونير آلفرد بلومينتال معتمدين بذلك على أصوله اليهودية لكن العملية تمت باعتماد أسلوب التدخل الخشن . حيث كان المليونير يتمتع بعلاقة غرامية مع مختصة بالتجميل تدعى فيكي مورغال فدخل عملاء الموساد على الخط مهددين المليونير بفضح العلاقة وباسلوب الابتزاز حصل الموساد على وثائق من المليونير تشهد بأنه يقوم بتمويل الحملة الانتخابية لريغان بطريقة تخالف قوانين الانتخابات الأمريكية . وبذلك حصل الإسرائيليون على وسائل ضغط على ريغان في حال نجاحه في الانتخابات . وقد علمت فيما بعد المخابرات المركزية الأمريكية بالنشاط الموسادي المذكور وهذا ما أكدته الوثائق التي أخذها الطلاب الإيرانيون أثناء احتلالهم السفارة الأمريكية في طهران عام 1979 حيث وجد تقرير للمخابرات الأمريكية من / 47 / صفحة ونشر في حينها في صحيفة الواشنطن بوست ومما جاء في التقرير أن الأمن الداخلي الإسرائيلي حاول مرارا التسلل إلي داخل السفارة الأمريكية في تل أبيب عن طريق رشوة حراس السفارة أو تجنيد بعض موظفيها وحتى عن طريق ترتيب تهم وفضائح لموظفيها كي يرضخوا لمتطلباتهم كما جرى مع أحد الموظفين حيث رتبوا له علاقة مع فتاة وأدعوا أنها حامل منه ، وهلم جرى… ! ويروي التقرير الأمريكي أن الأمن الداخلي الإسرائيلي استطاع من وضع جهاز تنصت الكتروني على شكل جعل (حشرة) في بيت السفير الأمريكي في تل أبيب وتم اكتشافه بعد سنتين من قبل الملحقية العسكرية الأمريكية هناك . ويضيف التقرير أن الموساد يستخدم الخطوط الجوية الإسرائيلية «عال» وشركة الملاحة البحرية كمراكز لنشاطه كما أن معظم عملائه من الطلاب والعلماء والشركات السياحية والصحفيين العاملين في الأمم المتحدة .

لم يوفر عناصر الموساد حتى التعاون مع عالم الجريمة في الولايات المتحدة وخصوصا زعماء المافيا ، حيث يستخدمونهم في عمليات تصفية اعدائهم أو من يشكلون خطرا عليهم . ويتم الاتصال مع المافيا عن طريق مائير لانسكي الممول الرئيسي للمافيا . ومائير لانسكي هذا مهاحر يهودي من مدينة غرودنو على الحدود البولونية ، من مواليد عام 1902 ، هاجر إلي نيويورك عام 1911 بدعوة من أمه – كما ذكرت صحيفة بريطانية – وخلال حياته في الولايات المتحدة ترأس شركة زراعية اجرامية وتوسع نشاطه ليشمل تجارة المخدرات وعمليات القتل المأجور الذي بلغ أكثر من سبعمئة شخص ، وبمساعدة صديقه القديم باتيستا لانسكي حول كوبا إلي بيت قمار وجريمة . وبعد سقوط نظام باتيستا في كوبا نجح بأعماله في جزر الباهاما ، لكنه قرر التوجه إلي إسرائيل ليقضي بقية حياته وليعبر لقادة إسرائيل عن شكره على المساعدة التي قدموها له

أمير الدهاء
12-29-2009, 04:04 PM
شكرا على الموضوع
وياليت يتم التعرف بالصور على كثير من هذه الوسائل للتعرف على وسائل العدو