المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الملك فؤاد الأول.. المعلوم والمجهول



مرتاح
06-12-2005, 12:00 AM
من الإصدارات الحديثة لدار الشروق القاهرية

مازال عهده يثير الكثير من الجدل


»فؤاد الاول.. المعلوم والمجهول« الكتاب الاول في اطار سلسلة تاريخية جديدة تقوم باصدارها مجموعة من المؤرخين المحترفين برئاسة المؤرخ يونان لبيب رزق بهدف تصحيح مسيرة الكتابة التاريخية في مصر بعيداً عن اية دوافع سياسية, حيث تقوم فكرة هذه السلسلة على تناول عدد من الموضوعات التاريخية ذات الطبيعة الخلافية التي يصعب القول ان الصورة التي شاعت عنها صحيحة.

ويعتبر الملك فؤاد الاول من الشخصيات التاريخية التي اختلف فيها المؤرخون كثيرا وكان لخلافهم هذا اسبابه.. فمن ناحية عرف عن هذا الملك مهادنته للانكليز واصطدامه بالحركة الوطنية وجمعه لكل سلطات الحكم في يده.. ومن ناحية اخرى عرف عن عهده انه عهد الاصلاحات المتعددة على جميع الاصعدة, وهذا الكتاب دراسة موضوعية غير مسبوقة عن الملك فؤاد الاول, كتبه المؤرخ الدكتور يونان لبيب رزق, باسلوب سلسل جذاب.

حادثة كانت او قضية او شخصية التي استقرت في العقلية الجمعية, هي الصحيحة بالضرورة استنادا الى حقيقة بديهية وهي ان التاريخ البشري ليس ذا لون واحد ابيض او اسود. لقد جاء كتاب »فؤاد الاول.. المعلوم والمجهول«, كخير معبر عن هذه الاهداف والمطالب فمما لا شك فيه ان فؤاد من اكثر الشخصيات التاريخية التي استقرت في العقل الجمعي للمصريين على انه حاكم مستبد ومعاد للحركة الوطنية هذا هو المعلوم عنه.

اما المجهول فهو ان فؤاد كان صاحب دور حضاري في تاريخ مصر الحديث وما بين المعلوم والمجهول اسرار كثيرة يكشفها ذلك الكتاب ويتناول الكتاب سنوات تكوين فؤاد حتى اعتلائه عرش مصر فلم يكن احمد فؤاد تجاوز الحادية عشرة عندما صدر فرمان السلطان عبدالحميد الثاني بعزل ابيه الخديوي اسماعيل عن منصب الخديوية عام ,1879 مشيرا الى ان ما جرى يوم غادر الحاكم المخلوع المحروسة ومعه حاشيته وابناؤه بمن فيهم الصبي الصغير لم تمح ابدا من ذاكرته واثر ايما تأثير في تكوينه.

ومن المعلوم ان الخديوي توفيق كانت تساوره المخاوف من مساعي ابيه الدائبة للعودة الى عرش مصر لذلك كان طبيعيا ان تنسحب هذه المخاوف من جانب توفيق على اخوته الذين صاحبوا اباهم الى المنفى بمن فيهم فؤاد, الاصغر بين اخوته وبالتالي لم يسمح لايهم بالعودة الى مصر في اي وقت ولو حتى للزيارة.

وفي مستهل العام 1892 توفي على نحو مفاجىء الخديوي توفيق وتولي ابنه الشاب الصغير عباس حلمي الثاني عرش مصر كان ايذانا بانتهاء فترة التيه لفؤاد واخوته واراد عباس ان يستقطب سائر اعمامه الى جانبه فمنحهم الوظائف العالية فعاد الامير احمد فؤاد واصبح ياورانا لابن اخيه واستمر يعيش الى جوار الخديوي الصغير لثلاث سنوات حتى عام 1895 حتى استقال من منصبه في القصر بعد صدام عنيف وطوال الفترة التي انقضت بين خروج الامير فؤاد من عابدين وحتى اعتلائه العرش خلال الحرب العظمى كان قد اعتزل تقريبا اي نشاطات ذات طابع سياسي, وفي 21 سبتمبر عام .1917

قبل اقل من ثلاثة اسابيع على وفاة السلطان حسين كامل كان رأي الحكومة البريطانية قد استقر على ان يكون الامير احمد فؤاد هو الوريث, غير انها اشترطت قبل ذلك ان يعلن الامير كمال الدين عن موقفه برفض العرش وهو الامر الذي تم دون صعوبة حيث وضعت صيغة خطاب التنازل بالتعاون بين المندوب السامي ورئيس الوزراء حسين رشدي باشا ولم يكن على الامير كمال الدين سوى ان يوقع ولم يتأخر في ذلك ليصبح الامير احمد فؤاد سلطان باسم فؤاد الاول وفي يوم 10 اكتوبر 1917 كان الامير فؤاد يمارس صلاحياته السلطانية.

يوضح الكتاب ان موقف فؤاد من ثورة 1919 انقسم الى مرحلتين الاولى كانت لنحو خمسة اشهر بين اعلان الهدنة في 11 نوفمبر عام 1918 وتوجيه زعماء الوفد خطابا له في 2 مارس من العام التالي حافلاً بالنقد بسبب اذعانه لمطلب سلطات الحماية البريطانية بقبول استقالة حسين رشدي باشا ويصل عمر الرحلة الثانية نحو ثلاث سنوات حتى صدور تصريح 28 فبراير عام 1922 واتسمت المرحلة الاولى باتفاق الاهداف بين السلطان وبين الحركة الوليدة التي بدأت شرارتها في اللقاء بين سعد زغلول وعبدالعزيز فهمي وعلي شعراوي وبين المندوب السامي البريطاني في القاهرة في 13 نوفمبر عام .1918

ويرى الكتاب ان فؤاد قد تصور في البداية ما كان قد سبقه اليه ابن اخيه عباس حلمي الثاني من امكانية ان يضاف عائد العمل الوطني ورغبة المصريين في الحصول على قدر من الاستقلال لحساب سلطة قصر عابدين الامر الذي بدا في كثير من تصرفاته حتى قبل ذلك اليوم وبدأت المرحلة الثانية بقبول فؤاد استقالة حسين رشدي باشا التي جاء رد الوفد عليها عنيفا في مذكرة رفعت للسلطان وقع عليها جميع اعضاء الوفد.

كانت هذه المذكرة اقرب الى وثيقة طلاق بين السلطان فؤاد وزعماء الحركة الوطنية وعلى رأسهم سعد زغلول الامر الذي اتاح للجانب البريطاني تصعيد الموقف وتم اعتقال سعد زغلول ومحمد محمود وحمد الباسل واسماعيل صدقي ونفيهم الى مالطا وسط قبول من السلطان الحانق على الوفد وفي اليوم التالي لنفي الزعماء الاربعة تفجرت ثورة 1919 الامر الذي دفع سيد قصر عابدين الى ان يتنحى جانباً ويترك معالجة المسألة كلها للسلطات البريطانية.
ويمكن وصف الفترة الممتدة من تفجر الثورة حتى تصريح 28 فبراير 1922 والتي ناهزت السنوات الثلاث بأنها كانت فترة الكمون في تاريخ السلطان فؤاد اذ بدا الرجل حريصا على تجنب التورط في الاحداث الدرامية التي شهدتها تلك الفترة. الحدث الوحيد الذي جرى خلال تلك السنوات وجعل فؤاد يخرج عن صمته حين رزق في 11 فبراير 1920 بولي عهده فاروق والذي دفع الرجل الى اثارة مسألة نظام للوراثة مع السلطات البريطانية.

وقد دخل الملك فؤاد امتحانه الحقيقي بعد اعلان الاستقلال وقيام المملكة الدستورية وكان امامه احد خيارين اما ان يكون قد استفاد من التجربة الاوروبية خصوصاً الايطالية التي تربى في احضانها ومن التراث الدستوري المصري من خلال التجربة والخطأ الذي كابدته بلاده بدءاً من عصر اسماعيل مروراً بالثورة العرابية وانتهاء بفترة الاحتلال او ان ينساق وراء تقاليد الاسرة العلوية حيث يظل هو رأس الدولة وولي النعم ويبقى الرعايا عبيد احساناته وقد اثبتت التجربة انه لم يقاوم خيار الاغراء الثاني مع ان الظروف كانت مهيأة بحكم الثورة الشعبية التي عرفتها البلاد ان يجرب الخيار الاول ولكنها جينات الاوتوقراطية.

بدأ هذا الاغراء من اللحظات الاولى واثناء وضع الدستور اذ بينما تصور عديدون ان ذلك سيتم كما جرى العرف في الدول الدستورية السابقة من خلال جمعية تأسيسية منتخبة فقد خضع الرجل لفكرة اللجنة المعينة كما ظل الملك فؤاد في صراع مستمر مع حزب الوفد حزب الاغلبية بسبب محاولاته الدائمة الجمع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية واستخدامها اسوأ استخدام طول عهده.

ويتناول الكتاب دور الملك المؤسس بصفته اول حاكم لدولة مصر المستقلة في التاريخ الحديث وهو الاستقلال الذي ارسته ثورة 1919 وما تبعها من صدور تصريح 28 فبراير عام 1922 الامر الذي لم يتح لاي حاكم من قبله منذ الغزو العثماني للبلاد عام 1517 بالرغم من ان الاستقلال الذي ارساه تصريح 28 فبراير جاء مقيدا بعدد من التحفظات الا انه من الناحية الداخلية والدولية كان استقلالا ولاول مرة تظهر على الخريطة مملكة مصر بدلا من باشوية مصر قبل 1914 او محمية مصر قبل .1922

فقد عني بمظاهر هذا الاستقلال في الخارج وكان ابرزها علاقات سياسية مباشرة مع الدول الاجنبية اما في الداخل فقد خص الباحثون في هذا الجانب الناحية السياسية ايضاً بصدور دستور وقيام برلمان نظام حزبي على النسق الغربي, غير ان ما لم يعنوا به بدرجة كافية هو اثر هذا الاستقلال على الاوضاع الداخلية سواء في الشأن الاقتصادي او الشأن الثقافي.
ففي الشأن الاقتصادي يأتي بنك مصر في طليعة المؤسسات الاقتصادية التي نشأت على عهد الملك فؤاد كما ظهرت اخر المدن الملوكية التي تسمت باسمه وظهور مصر للطيران جنبا الى جنب مع ظهور بنك التسليف الزراعي.

اسم الكتاب: فؤاد الاول: المعلوم والمجهول.
تأليف: د. يونان لبيب رزق.
الناشر: دار الشرق - القاهرة.
الطبعة الاولى .2005