مرتاح
06-11-2005, 11:40 PM
رياض الريس يروي أشياء من سيرة صحافية في "آخر الخوارج"
أسلوب ممتع لاستعادة التجارب والأشخاص والأمكنة والتأريخ لحقبة
عرض: أنور الياسين
رياض الريس الصحافي والرحالة الناشر, هو صحافي مولدا ورحالة فطرة وناشر مهنة, والى ذلك سياسي وشاعر وناقد, وقد صدر عن شركة رياض الريس للكتب والنشر مؤخراً كتاب للمؤلف رياض نجيب الريس بعنوان »أخر الخوارج- أشياء من سيرة صحافية« يتألف الكتاب من مدخل بعنوان »ذاكرة الاشياء« وستة عشر فصلاً.
يضيف رياض الريس في هذا الكتاب الرقم 28 الى سلسلة كتبه او اصداراته بداية من الغلاف الجميل الذي وضع رسمه الفنانون حسن ادلبي بيار صادق, ديران, جورج البهجوري, ملحم عماد, جان مشعلاني, وصممه الفنان محمد حمادة, مرورا بالمادة المشوقة التي استهلكت سنوات وسنوات من العمل, نهاية بالصورة والوثائق من الدفاتر العتيقة والمجلات والجرائد والارشيف الشخصي.
يحمل الكتاب ذكريات حميمة يلقي الضوء فيها المؤلف على سيرة ذاتية اختار ان يطل دائما من نافذة الصحافة وما تتيحه تلك المهنة من بداية تكون وتجارب وعمل اساتذة وارباب عمل وزمالات ومؤسسات ومناخات تتقاطع فيها كل التلاوين, لنعثر على ذكريات سياسية وادبية وشعرية وفنية من رسم وكاريكاتير, لقد اراد رياض نجيب الريس ان يضيء بمصابيح موقع الصحافي ودوره في الحياة العامة, بعد ما بهت ذلك الدور لصالح مجموعة من التقلبات في الحياة العربية ادت الى تقزيم كل شيء ما افضى الى مزيد من البلبلة والاختلاط والضياع.
ومن طريف التعريفات للصحافة نهاية مقدمة الكتاب, ما يلخص مسيرة الصحافة العربية منذ منتصف خمسينات القرن المنصرم حتى اليوم, وكذلك تعرج مسار الصحافي رياض نجيب الريس حينما يكتب بوضوح: »اذا احاطت الحرية بالصحافة فهي صحافة حرة, واذا احاطت بها الديمقراطية فهي صحافة ديمقراطية واذا احاط بها الطغيان فهي صحافة خنوعة واذا احاط بها الارهاب فهي صحافة جبانة, واذا احاط بها السوء فهي صحافة سيئة«.
كتاب رياض الريس »اخر الخوارج.. أشياء من سيرة صحافية« يشكل تاريخا واقعياً ووجدانيا لا لتجربة مؤلفه الطويلة والغنية والجرئية في عالم الصحافة والنشر فحسب بل لكثير من احداث العالم العربي التي عرفها عن كثب ولعالم بيروت بشكل خاص وسجلا لصداقات واحلام وخيبات.
الكتاب الذي صدر في 386 صفحة يتناول رحلة قسم كبير من العمر ويغمر كثيراً من صفحاته حزن هادئ مهادن يرافق استحضار الحلو مما مضى وهو عنده كثير.. وظلال مرارة تكاد تكون مقتلعة من النفس حيث يتكلم عن الخلافات وتباين وجهات النظر مع اصدقاء واحباء.
يصل المؤلف في كتابه الى ان الكتاب العربي ليس بخير ومن يتعامل به يعامل معاملة اللص والمهرب والارهابي, يستهل المؤلف الفصل الاول من كتابه الذي حمل عنوانا هو »ذاكرة الاشياء« مستشهداً بقول للزعيم العمالي البريطاني الراحل انورين بيفان هو »كل السير الذاتية أكاذيب«.
ينتقل فيسأل في بساطة من استطاع الاجابة عن كثير من الاسئلة بألم لم يعد يجرح النفس ويقول في حيادية مدعاة »لماذا تصبح الذاكرة مع مرور الوقت اكثر توهجا وتأججا, لماذا يذكر المرء في شيخوخته احداثا حصلت في طفولته ومراهقته وصباه لم يكن يذكرها من قبل وربما لا يريد ان يتذكرها وليس هناك من سبب لكي تلمع الان في ذهنه, لماذا تطرق بعض الصور وبإلحاح مخيلته وكأنها شريط سينمائي يستعيده بصفاء ذهني, اسئلة اسئلة اسئلة.
ويشرح سبب تسمية كتابه بهذا الاسم فيقول ان كلمة الخوارج »هي ترجمتي لكلمة »اوتسايدر الانجليزية« اي الذين هم خارج السياق العام والنمط المتعارف عليه في الحياة وانه رفض كلمة اللا منتهي ترجمة للكلمة الانجليزية المذكورة فلجأ الى التاريخ العربي فوجد في الخوارج طليعة مثقفة سياسيا ودينيا وواعية حضاريا ودينيا, واذ الخوارج يمثلون المعنى الحقيقي لهذه الكلمة لذلك فالخارجي في هذا الكتاب هو نفسه المنتمي الى كل القضايا التي خاضها.
عمل رياض بعد دراسته الثانوية في لبنان ثم في انجلترا في الصحافة في عدة مؤسسات وفي شكل خاص في صحيفة الحياة ايام مؤسسها الراحل كامل مروة وعمل مراسلا حربيا لها في فيتنام وبعد اغتيال مروة عاد الى صحيفة النهار بدعوة من غسان تويني رئيس تحريرها.
وقال واقنعت غسان تويني بان يتيح لي فرصة السفر الى مناطق الاضطراب في العالم العربي كمراسل متجول »فسافرت الى اليمن ايام الحرب بين الجمهوريين والملكيين« وعن طريق اليمن ابتدأت اهتماماتي الخليجية وكان الخليج منطقة مجهولة كليا من العرب.
وبدأ بتغطية الجزيرة العربية كلها ولم يقتصر على تغطية الاضطرابات العربية بل شمل عمله بقاع العالم الاخرى كمراسل متجول للنهار »فكنت اول صحافي عربي وصل الى براغ واستطاع ان يدخل اليها بعد الغزو السوفياتي لتشيكوسلوفاكيا في اغسطس سنة .1968
كما غطى انقلاب اليونان العسكري سنة 1967 واحداث قبرص ومناطق عدة اخرى وعند نشوب الحرب في لبنان سنة 1975 غادره الى لندن وانشأ هناك جريدة عربية هي »المنار« كانت اول اسبوعية عربية تصدر من اوروبا واكتسبت شهرة كبيرة لاكثر من سبق صحافي عالمي.
وقبل اصدار المنار كان اصدر في لندن ايضا مطبوعة اسبوعية بالانجليزية هي »ارابيا اند ذا جلف« وبعد توقف المنار صار يكتب لمجلة المستقبل التي كان يصدرها صديقه الراحل نبيل خوري.
المؤلف يختصر تجربته في عالم الكتاب والنشر فيقول: اما الازمة الحقيقية للكتاب العربي فتتخلص بكلمة واحدة مزدوجة.. الحرية- الرقابة.. فما دام الكتاب يعامل في العالم العربي من ادناه الى اقصاه معاملة المخدرات ويعامل مؤلفه معاملة المهرب ويعامل ناشره معاملة الارهابي ويعامل قارئه معاملة اللص فلا امل لهذا العالم العربي ان يلحق بركب القرن الواحد والعشرين.
حكاية الريس مع بيروت, وهي بيروت الخمسينات والستينات والسبعينات, حكاية تبدأ من المدرسة وتمر بالمقهى والمطعم وتلتقي برفاق الشعر والنثر وتنتهي عند مفترق الصحافة والسياسة تنتهي حكاية الريس مع بيروت بالاعتراف, والاعتراف قطع نادر في سيرنا, فادرك انه اذا كان لابد من الانحناء بعد طول تيه, فمن الافضل ان يموت واقفا, وسيرته برهان على وقفته فالريس قد يكون اخر الخوارج فعلا.
اسم الكتاب: اخر الخوارج- اشياء من سيرة صحافية
تأليف: رياض نجيب الريس
الناشر: دار الريس للكتب والنشر- بيروت
الطبعة الاولى- ديسمبر 2004
أسلوب ممتع لاستعادة التجارب والأشخاص والأمكنة والتأريخ لحقبة
عرض: أنور الياسين
رياض الريس الصحافي والرحالة الناشر, هو صحافي مولدا ورحالة فطرة وناشر مهنة, والى ذلك سياسي وشاعر وناقد, وقد صدر عن شركة رياض الريس للكتب والنشر مؤخراً كتاب للمؤلف رياض نجيب الريس بعنوان »أخر الخوارج- أشياء من سيرة صحافية« يتألف الكتاب من مدخل بعنوان »ذاكرة الاشياء« وستة عشر فصلاً.
يضيف رياض الريس في هذا الكتاب الرقم 28 الى سلسلة كتبه او اصداراته بداية من الغلاف الجميل الذي وضع رسمه الفنانون حسن ادلبي بيار صادق, ديران, جورج البهجوري, ملحم عماد, جان مشعلاني, وصممه الفنان محمد حمادة, مرورا بالمادة المشوقة التي استهلكت سنوات وسنوات من العمل, نهاية بالصورة والوثائق من الدفاتر العتيقة والمجلات والجرائد والارشيف الشخصي.
يحمل الكتاب ذكريات حميمة يلقي الضوء فيها المؤلف على سيرة ذاتية اختار ان يطل دائما من نافذة الصحافة وما تتيحه تلك المهنة من بداية تكون وتجارب وعمل اساتذة وارباب عمل وزمالات ومؤسسات ومناخات تتقاطع فيها كل التلاوين, لنعثر على ذكريات سياسية وادبية وشعرية وفنية من رسم وكاريكاتير, لقد اراد رياض نجيب الريس ان يضيء بمصابيح موقع الصحافي ودوره في الحياة العامة, بعد ما بهت ذلك الدور لصالح مجموعة من التقلبات في الحياة العربية ادت الى تقزيم كل شيء ما افضى الى مزيد من البلبلة والاختلاط والضياع.
ومن طريف التعريفات للصحافة نهاية مقدمة الكتاب, ما يلخص مسيرة الصحافة العربية منذ منتصف خمسينات القرن المنصرم حتى اليوم, وكذلك تعرج مسار الصحافي رياض نجيب الريس حينما يكتب بوضوح: »اذا احاطت الحرية بالصحافة فهي صحافة حرة, واذا احاطت بها الديمقراطية فهي صحافة ديمقراطية واذا احاط بها الطغيان فهي صحافة خنوعة واذا احاط بها الارهاب فهي صحافة جبانة, واذا احاط بها السوء فهي صحافة سيئة«.
كتاب رياض الريس »اخر الخوارج.. أشياء من سيرة صحافية« يشكل تاريخا واقعياً ووجدانيا لا لتجربة مؤلفه الطويلة والغنية والجرئية في عالم الصحافة والنشر فحسب بل لكثير من احداث العالم العربي التي عرفها عن كثب ولعالم بيروت بشكل خاص وسجلا لصداقات واحلام وخيبات.
الكتاب الذي صدر في 386 صفحة يتناول رحلة قسم كبير من العمر ويغمر كثيراً من صفحاته حزن هادئ مهادن يرافق استحضار الحلو مما مضى وهو عنده كثير.. وظلال مرارة تكاد تكون مقتلعة من النفس حيث يتكلم عن الخلافات وتباين وجهات النظر مع اصدقاء واحباء.
يصل المؤلف في كتابه الى ان الكتاب العربي ليس بخير ومن يتعامل به يعامل معاملة اللص والمهرب والارهابي, يستهل المؤلف الفصل الاول من كتابه الذي حمل عنوانا هو »ذاكرة الاشياء« مستشهداً بقول للزعيم العمالي البريطاني الراحل انورين بيفان هو »كل السير الذاتية أكاذيب«.
ينتقل فيسأل في بساطة من استطاع الاجابة عن كثير من الاسئلة بألم لم يعد يجرح النفس ويقول في حيادية مدعاة »لماذا تصبح الذاكرة مع مرور الوقت اكثر توهجا وتأججا, لماذا يذكر المرء في شيخوخته احداثا حصلت في طفولته ومراهقته وصباه لم يكن يذكرها من قبل وربما لا يريد ان يتذكرها وليس هناك من سبب لكي تلمع الان في ذهنه, لماذا تطرق بعض الصور وبإلحاح مخيلته وكأنها شريط سينمائي يستعيده بصفاء ذهني, اسئلة اسئلة اسئلة.
ويشرح سبب تسمية كتابه بهذا الاسم فيقول ان كلمة الخوارج »هي ترجمتي لكلمة »اوتسايدر الانجليزية« اي الذين هم خارج السياق العام والنمط المتعارف عليه في الحياة وانه رفض كلمة اللا منتهي ترجمة للكلمة الانجليزية المذكورة فلجأ الى التاريخ العربي فوجد في الخوارج طليعة مثقفة سياسيا ودينيا وواعية حضاريا ودينيا, واذ الخوارج يمثلون المعنى الحقيقي لهذه الكلمة لذلك فالخارجي في هذا الكتاب هو نفسه المنتمي الى كل القضايا التي خاضها.
عمل رياض بعد دراسته الثانوية في لبنان ثم في انجلترا في الصحافة في عدة مؤسسات وفي شكل خاص في صحيفة الحياة ايام مؤسسها الراحل كامل مروة وعمل مراسلا حربيا لها في فيتنام وبعد اغتيال مروة عاد الى صحيفة النهار بدعوة من غسان تويني رئيس تحريرها.
وقال واقنعت غسان تويني بان يتيح لي فرصة السفر الى مناطق الاضطراب في العالم العربي كمراسل متجول »فسافرت الى اليمن ايام الحرب بين الجمهوريين والملكيين« وعن طريق اليمن ابتدأت اهتماماتي الخليجية وكان الخليج منطقة مجهولة كليا من العرب.
وبدأ بتغطية الجزيرة العربية كلها ولم يقتصر على تغطية الاضطرابات العربية بل شمل عمله بقاع العالم الاخرى كمراسل متجول للنهار »فكنت اول صحافي عربي وصل الى براغ واستطاع ان يدخل اليها بعد الغزو السوفياتي لتشيكوسلوفاكيا في اغسطس سنة .1968
كما غطى انقلاب اليونان العسكري سنة 1967 واحداث قبرص ومناطق عدة اخرى وعند نشوب الحرب في لبنان سنة 1975 غادره الى لندن وانشأ هناك جريدة عربية هي »المنار« كانت اول اسبوعية عربية تصدر من اوروبا واكتسبت شهرة كبيرة لاكثر من سبق صحافي عالمي.
وقبل اصدار المنار كان اصدر في لندن ايضا مطبوعة اسبوعية بالانجليزية هي »ارابيا اند ذا جلف« وبعد توقف المنار صار يكتب لمجلة المستقبل التي كان يصدرها صديقه الراحل نبيل خوري.
المؤلف يختصر تجربته في عالم الكتاب والنشر فيقول: اما الازمة الحقيقية للكتاب العربي فتتخلص بكلمة واحدة مزدوجة.. الحرية- الرقابة.. فما دام الكتاب يعامل في العالم العربي من ادناه الى اقصاه معاملة المخدرات ويعامل مؤلفه معاملة المهرب ويعامل ناشره معاملة الارهابي ويعامل قارئه معاملة اللص فلا امل لهذا العالم العربي ان يلحق بركب القرن الواحد والعشرين.
حكاية الريس مع بيروت, وهي بيروت الخمسينات والستينات والسبعينات, حكاية تبدأ من المدرسة وتمر بالمقهى والمطعم وتلتقي برفاق الشعر والنثر وتنتهي عند مفترق الصحافة والسياسة تنتهي حكاية الريس مع بيروت بالاعتراف, والاعتراف قطع نادر في سيرنا, فادرك انه اذا كان لابد من الانحناء بعد طول تيه, فمن الافضل ان يموت واقفا, وسيرته برهان على وقفته فالريس قد يكون اخر الخوارج فعلا.
اسم الكتاب: اخر الخوارج- اشياء من سيرة صحافية
تأليف: رياض نجيب الريس
الناشر: دار الريس للكتب والنشر- بيروت
الطبعة الاولى- ديسمبر 2004