مجاهدون
06-11-2005, 06:14 AM
من الريفية إلى الأرستقراطية.. إيرانيات يخرجن في المظاهرات ويلبسن البنطال الجينز حتى.. فائزة رفسنجاني
طهران: محمد صالح صديقان
في مأدبة غداء جمعتني وفريقا صحافيا عربيا جاء لزيارة ايران، في احد المطاعم الايرانية ، اندهش هذا الفريق وهو يسرق النظرات الى الفتيات الايرانيات. لم تكن تجذبه سيقان عارية او صدور مكشوفة، فكل شيء مغطى بسواد التشادور او المعاطف، الا ما رحم ربي من بعض الوجه وخصلات شعر الرأس التي تبدو ظاهرة للعيان.
فهذا الفريق الذي يزور ايران لاول مرة كان يعتقد ان المرأة الايرانية جليسة البيت في الغالب لا حول لها ولا قوة، الا ان تعد الشاي او تشتري البطاطا والبندورة. الا انه اكتشف ان الرجل الايراني هو الذي يقوم بهذه الاعمال، فيما تزدحم قاعات المؤتمرات بالمصورات والصحافيات، كما تتقاسم المرأة مرافق المجتمع مع الرجل، سواء كانت طالبة في المدارس والجامعات، او موظفة في الدوائر الحكومية والقطاع الخاص، او عاملة في المعامل والورش. كذلك لم ينجح الحجاب الذي ترتديه المرأة الايرانية في ان يكون حاجزا امامها في الوصول الى مواقع سياسية رفيعة، فهي نائبة لرئيس الجمهورية، ومعاونة لحقائب وزارية، ومديرة عامة في الكثير من القطاعات الحكومية، وعمدة بلدية، ناهيك من تمثيلها للايرانيين، رجالا ونساء، على حد سواء في مجلس الشورى (البرلمان).
وبالرغم من القواسم المشتركة بين النساء الايرانيات، الا انه لا يمكن الحديث عن نمط واحد منهن، فهناك المرأة التي تراها في شمال العاصمة طهران ذات الاكثرية الارستقراطية والتي تختلف عن قرينتها، التي تعيش في جنوب العاصمة.
فالاولى تمتلك وتقود السيارة، وتخرج مع صديقاتها، وتدخن السجائر، وتدخل المطاعم، وتلبس آخر الموديلات والسراويل الجينز، وترد على مغازلات الشباب بأحسن منها، وتقضي حفلات اعياد الميلاد مع صديقاتها، او مع اصدقائها. في حين ما زالت الثانية ملتزمة بارتدائها التشادور الاسود، وربما استبدلته بالبالطو الطويل مع غطاء الرأس في محل العمل او في الجامعة، كما تذهب الى صلاة الجمعة، غير ان «الاولى والثانية» تخرجان في المظاهرات، الاولى لمساندة الحركة الاصلاحية والحركات التي تدعو الى مزيد من الحريات الاجتماعية والشخصية، والثانية تخرج في مظاهرات تأييد للثورة الاسلامية او استنكار الضغوط الخارجية على الملف النووي الايراني. الاولى ايرانية والثانية ايرانية ايضا.
ومن المتناقضات المثيرة للتأمل ان الدستور الايراني بعد الثورة الاسلامية 1979 لم ينص في اي من بنوده على عقاب النساء اللواتي لا يلتزمن بلبس التشادور، ويعود ذلك الى ان آباء الثورة الايرانية الاوائل كانوا ينتمون الى تيارات فكرية متعددة المنابع بينها اليسار الاسلامي الراديكالي، والاسلاميون الليبراليون المعتدلون والوطنيون المتنورون. غير انه عندما احكم التيار الاكثر تشددا بين هؤلاء قبضته على مؤسسات الدولة الايرانية، ثم اقرار قوانين تعاقب النساء غير المحجبات.
غير ان لبس الحجاب لا يعني ان النساء الايرانيات لا يملكن عقولا متحررة. فعندما سألنا ابنة الرئيس الايراني السابق علي اكبر هاشمي رفسنجاني السيدة فائزة هاشمي التي ترأس اللجنة الآسيوية للالعاب النسوية عن سبب لبسها للبنطال الجينز، اجابت بكل بساطة بأنه يعفيها من «الكوي» ومن «تغييره يوميا»، وان كان لبسها للسروال الجينز لا يمنعها من تأييد اللباس التقليدي ذي الالوان الزاهية والمنسقة والذي يستر جسم المرأة.
وتتجاوز السيدة فائزة هاشمي رفسنجاني، التي انتخبت نائبة عن العاصمة طهران في البرلمان الجديد الذي انتخب في فبراير (شباط) الماضي، المسائل المتعلقة بلباس الايرانيات الى قضايا اخطر. فهي ترى مثلا ان المرأة تستطيع الترشح للرئاسة الايرانية لانها تعتقد بقوة ان الدستور الايراني لا يعارض ذلك.
ومثل فاطمة رفسنجاني، تعتقد السيدة شيرين عبادي الفائزة بجائزة نوبل للسلام، ان المشكلة التي تواجه المرأة الايرانية في ما يتعلق بحقوقها الاجتماعية والسياسية، هو ان الرجل وضع القوانين وقام بتفسيرها، الامر الذي يلحق الضرر بالمرأة. غير ان عبادي وغيرها من الناشطات لا ينكرن المزايا العديدة التي تتمتع بها النساء الايرانيات، كما لا يقللن من الحقوق التي حصلن عليها. وفوز سيدة ايرانية بجائزة نوبل للسلام دلالة واضحة على تقدم المرأة الايرانية في ممارسة نشاطات غير حكومية. فالمجتمع الايراني الذي يبلغ تعداده 67.5 مليون نسمة، تشكل النساء نصف عدد سكانه، حيث يبلغ تعدادهن 4.33 مليون نسمة، وذلك بحسب تعداد 2004، نحو 27 في المائة منهن دون الـ15 عاما، و5 في المائة منهن يبلغن اكثر من 65 عاما، اي ان غالبية النساء من الشابات.
وبموجب القانون الايراني لا توجد فروق كبيرة بين حقوق وواجبات النساء والرجال. فالمادة العشرون من الدستور تنص على ان «حماية القانون تشمل جميع افراد الشعب ـ نساء ورجالا ـ بصورة متساوية وهم يتمتعون بجميع الحقوق الانسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن المبادئ الاسلامية». فالقانون بهذا المعنى اعطى المرأة حق التصويت في الانتخابات، والحق في الترشح للبرلمان والمجالس البلدية، واعطاها الحق حتى ان تكون قاضية، والحق في الولاية في المناصب السياسية من دون منصب رئيس الجمهورية او الولي الفقيه.
واجتماعيا يحق للمرأة ان تفرض ما تريد على الزوج حيث يدافع القانون عن الشروط التي تكتب في عقد الزواج حتى ذلك الشرط الذي يمنع الرجل من الزواج بامرأة ثانية الا بموافقتها. بيد ان المرأة الايرانية تتطلع للاكثر، فالناشطات في المجال النسوي يعتقدن ان المشروع الايراني لم يستثن المرأة من الترشيح لمنصب الرئاسة، عندما عرّف المرشح ان يكون من «الرجال». وتعتقد النائبة السابقة اعظم طالقاني ابنة الزعيم الديني الراحل آية الله محمود طالقاني ان كلمة «رجال» ـ هكذا وردت في القانون بصيغتها العربية ـ اخذت من المصطلح القرآني «رجال لا تلهيهم تجارة» تخص الرجل والمرأة على حد سواء ولا تقتصير على الرجل دون المرأة.
وتضيف السيدة طالقاني في استدلالها ان المشرع الايراني كان يمكن له ان يخصص الجنس (ذكرا او انثى) وهو في اللغة الفارسية «مرد» وتعني «ذكر»، اذا كان يريد قصر الولاية العامة على الذكور من دون الاناث، لكنه لم يفعل ذلك لانه لا يريد التخصص وانما اراد التعميم. وبطبيعة الحال فقد اصطدم هذا التفسير بموقف مجلس صيانة الدستور الذي انيطت به مسؤولية تفسير القوانين.
وللحقيقة فان المجلس الذي يتشكل من ستة فقهاء في الشريعة وستة من الحقوقيين لم يحسم موقفه من تعريف كلمة «الرجال»، فهو ينظر في ملفات نساء مرشحات للرئاسة وان رفض كل طلبات النساء الايرانيات اللواتي ترشحن للرئاسة، ربما تحاشيا ليس فقط لمواجهة مع النساء الايرانيات، وانما ايضا لتلافي مواجهة من يعتقد بعدم احقية المرأة في الولاية العامة من علماء الدين في مدينة «قم».
غير ان الايرانيات لا يظهرن اثرا لفقدان الامل في احراز مزيد من الحقوق السياسية. ومرد هذا، القدرات المتزايدة التي باتت تتمتع بها النساء. اذ تبلغ نسبة المتعلمات بين 10 الى 14 عاما 96.4 في المائة في القرى، فيما تبلغ هذه النسبة في المدن 9.98 في المائة. اما نسبة اللواتي يدرسن في المدارس الثانوية والجامعات فبلغت 39 في المائة. الا انه على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي تواجه النساء مشكلات متزايدة، ومن ضمن هذه المشكلات البطالة التي تواجه الايرانيات الشابات، فقد بلغ معدل البطالة بين النساء 38.5 في المائة، منهن 44 في المائة يحملن شهادة البكالوريا و40 في المائة يحملن شهادات اعلى من ذلك.
كما أدت التحولات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد الى انخفاض عدد المتزوجات بين الايرانيات، وارتفاع كل من معدل الاعمار عند الزواج ونسبة الطلاق. فوفقا للاحصاءات، بلغت نسبة المتزوجات عام 2004 عشر ايرانيات من كل 1000، في حين كانت 7 من كل 100 فقط عام 1986، وهذا يعني ان 39 في المائة من الايرانيات في سن الزواج غير متزوجات. كما ان معدل سن الزواج ارتفع عام 2003 ليصل في المتوسط الى 24 عاما، في حين كان عام 1988 نحو 20 عاما. اما نسبة الطلاق فكانت عام 2003 نحو 10.6 في المائة، وهي نسبة مرتفعة تعود الى تزايد المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
اما نسبة النساء المنخرطات في قطاع الاعمال العامة والخاصة، فقد بلغت عام 2003 نسبة 76 في المائة في المدن، و92 في المائة في المناطق القروية. فيما بلغ معدل ساعات عمل المرأة عام 2003 نحو 40 ساعة في الاسبوع وهي نسبة تقارب المعدل العالمي. وبالرغم من المشكلات التي تواجه النساء، الا ان حيوية النساء الايرانيات وانخراطهن في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مؤشر قوي على الامكانيات الكبيرة للنساء وقدرتهن على التقدم.
طهران: محمد صالح صديقان
في مأدبة غداء جمعتني وفريقا صحافيا عربيا جاء لزيارة ايران، في احد المطاعم الايرانية ، اندهش هذا الفريق وهو يسرق النظرات الى الفتيات الايرانيات. لم تكن تجذبه سيقان عارية او صدور مكشوفة، فكل شيء مغطى بسواد التشادور او المعاطف، الا ما رحم ربي من بعض الوجه وخصلات شعر الرأس التي تبدو ظاهرة للعيان.
فهذا الفريق الذي يزور ايران لاول مرة كان يعتقد ان المرأة الايرانية جليسة البيت في الغالب لا حول لها ولا قوة، الا ان تعد الشاي او تشتري البطاطا والبندورة. الا انه اكتشف ان الرجل الايراني هو الذي يقوم بهذه الاعمال، فيما تزدحم قاعات المؤتمرات بالمصورات والصحافيات، كما تتقاسم المرأة مرافق المجتمع مع الرجل، سواء كانت طالبة في المدارس والجامعات، او موظفة في الدوائر الحكومية والقطاع الخاص، او عاملة في المعامل والورش. كذلك لم ينجح الحجاب الذي ترتديه المرأة الايرانية في ان يكون حاجزا امامها في الوصول الى مواقع سياسية رفيعة، فهي نائبة لرئيس الجمهورية، ومعاونة لحقائب وزارية، ومديرة عامة في الكثير من القطاعات الحكومية، وعمدة بلدية، ناهيك من تمثيلها للايرانيين، رجالا ونساء، على حد سواء في مجلس الشورى (البرلمان).
وبالرغم من القواسم المشتركة بين النساء الايرانيات، الا انه لا يمكن الحديث عن نمط واحد منهن، فهناك المرأة التي تراها في شمال العاصمة طهران ذات الاكثرية الارستقراطية والتي تختلف عن قرينتها، التي تعيش في جنوب العاصمة.
فالاولى تمتلك وتقود السيارة، وتخرج مع صديقاتها، وتدخن السجائر، وتدخل المطاعم، وتلبس آخر الموديلات والسراويل الجينز، وترد على مغازلات الشباب بأحسن منها، وتقضي حفلات اعياد الميلاد مع صديقاتها، او مع اصدقائها. في حين ما زالت الثانية ملتزمة بارتدائها التشادور الاسود، وربما استبدلته بالبالطو الطويل مع غطاء الرأس في محل العمل او في الجامعة، كما تذهب الى صلاة الجمعة، غير ان «الاولى والثانية» تخرجان في المظاهرات، الاولى لمساندة الحركة الاصلاحية والحركات التي تدعو الى مزيد من الحريات الاجتماعية والشخصية، والثانية تخرج في مظاهرات تأييد للثورة الاسلامية او استنكار الضغوط الخارجية على الملف النووي الايراني. الاولى ايرانية والثانية ايرانية ايضا.
ومن المتناقضات المثيرة للتأمل ان الدستور الايراني بعد الثورة الاسلامية 1979 لم ينص في اي من بنوده على عقاب النساء اللواتي لا يلتزمن بلبس التشادور، ويعود ذلك الى ان آباء الثورة الايرانية الاوائل كانوا ينتمون الى تيارات فكرية متعددة المنابع بينها اليسار الاسلامي الراديكالي، والاسلاميون الليبراليون المعتدلون والوطنيون المتنورون. غير انه عندما احكم التيار الاكثر تشددا بين هؤلاء قبضته على مؤسسات الدولة الايرانية، ثم اقرار قوانين تعاقب النساء غير المحجبات.
غير ان لبس الحجاب لا يعني ان النساء الايرانيات لا يملكن عقولا متحررة. فعندما سألنا ابنة الرئيس الايراني السابق علي اكبر هاشمي رفسنجاني السيدة فائزة هاشمي التي ترأس اللجنة الآسيوية للالعاب النسوية عن سبب لبسها للبنطال الجينز، اجابت بكل بساطة بأنه يعفيها من «الكوي» ومن «تغييره يوميا»، وان كان لبسها للسروال الجينز لا يمنعها من تأييد اللباس التقليدي ذي الالوان الزاهية والمنسقة والذي يستر جسم المرأة.
وتتجاوز السيدة فائزة هاشمي رفسنجاني، التي انتخبت نائبة عن العاصمة طهران في البرلمان الجديد الذي انتخب في فبراير (شباط) الماضي، المسائل المتعلقة بلباس الايرانيات الى قضايا اخطر. فهي ترى مثلا ان المرأة تستطيع الترشح للرئاسة الايرانية لانها تعتقد بقوة ان الدستور الايراني لا يعارض ذلك.
ومثل فاطمة رفسنجاني، تعتقد السيدة شيرين عبادي الفائزة بجائزة نوبل للسلام، ان المشكلة التي تواجه المرأة الايرانية في ما يتعلق بحقوقها الاجتماعية والسياسية، هو ان الرجل وضع القوانين وقام بتفسيرها، الامر الذي يلحق الضرر بالمرأة. غير ان عبادي وغيرها من الناشطات لا ينكرن المزايا العديدة التي تتمتع بها النساء الايرانيات، كما لا يقللن من الحقوق التي حصلن عليها. وفوز سيدة ايرانية بجائزة نوبل للسلام دلالة واضحة على تقدم المرأة الايرانية في ممارسة نشاطات غير حكومية. فالمجتمع الايراني الذي يبلغ تعداده 67.5 مليون نسمة، تشكل النساء نصف عدد سكانه، حيث يبلغ تعدادهن 4.33 مليون نسمة، وذلك بحسب تعداد 2004، نحو 27 في المائة منهن دون الـ15 عاما، و5 في المائة منهن يبلغن اكثر من 65 عاما، اي ان غالبية النساء من الشابات.
وبموجب القانون الايراني لا توجد فروق كبيرة بين حقوق وواجبات النساء والرجال. فالمادة العشرون من الدستور تنص على ان «حماية القانون تشمل جميع افراد الشعب ـ نساء ورجالا ـ بصورة متساوية وهم يتمتعون بجميع الحقوق الانسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ضمن المبادئ الاسلامية». فالقانون بهذا المعنى اعطى المرأة حق التصويت في الانتخابات، والحق في الترشح للبرلمان والمجالس البلدية، واعطاها الحق حتى ان تكون قاضية، والحق في الولاية في المناصب السياسية من دون منصب رئيس الجمهورية او الولي الفقيه.
واجتماعيا يحق للمرأة ان تفرض ما تريد على الزوج حيث يدافع القانون عن الشروط التي تكتب في عقد الزواج حتى ذلك الشرط الذي يمنع الرجل من الزواج بامرأة ثانية الا بموافقتها. بيد ان المرأة الايرانية تتطلع للاكثر، فالناشطات في المجال النسوي يعتقدن ان المشروع الايراني لم يستثن المرأة من الترشيح لمنصب الرئاسة، عندما عرّف المرشح ان يكون من «الرجال». وتعتقد النائبة السابقة اعظم طالقاني ابنة الزعيم الديني الراحل آية الله محمود طالقاني ان كلمة «رجال» ـ هكذا وردت في القانون بصيغتها العربية ـ اخذت من المصطلح القرآني «رجال لا تلهيهم تجارة» تخص الرجل والمرأة على حد سواء ولا تقتصير على الرجل دون المرأة.
وتضيف السيدة طالقاني في استدلالها ان المشرع الايراني كان يمكن له ان يخصص الجنس (ذكرا او انثى) وهو في اللغة الفارسية «مرد» وتعني «ذكر»، اذا كان يريد قصر الولاية العامة على الذكور من دون الاناث، لكنه لم يفعل ذلك لانه لا يريد التخصص وانما اراد التعميم. وبطبيعة الحال فقد اصطدم هذا التفسير بموقف مجلس صيانة الدستور الذي انيطت به مسؤولية تفسير القوانين.
وللحقيقة فان المجلس الذي يتشكل من ستة فقهاء في الشريعة وستة من الحقوقيين لم يحسم موقفه من تعريف كلمة «الرجال»، فهو ينظر في ملفات نساء مرشحات للرئاسة وان رفض كل طلبات النساء الايرانيات اللواتي ترشحن للرئاسة، ربما تحاشيا ليس فقط لمواجهة مع النساء الايرانيات، وانما ايضا لتلافي مواجهة من يعتقد بعدم احقية المرأة في الولاية العامة من علماء الدين في مدينة «قم».
غير ان الايرانيات لا يظهرن اثرا لفقدان الامل في احراز مزيد من الحقوق السياسية. ومرد هذا، القدرات المتزايدة التي باتت تتمتع بها النساء. اذ تبلغ نسبة المتعلمات بين 10 الى 14 عاما 96.4 في المائة في القرى، فيما تبلغ هذه النسبة في المدن 9.98 في المائة. اما نسبة اللواتي يدرسن في المدارس الثانوية والجامعات فبلغت 39 في المائة. الا انه على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي تواجه النساء مشكلات متزايدة، ومن ضمن هذه المشكلات البطالة التي تواجه الايرانيات الشابات، فقد بلغ معدل البطالة بين النساء 38.5 في المائة، منهن 44 في المائة يحملن شهادة البكالوريا و40 في المائة يحملن شهادات اعلى من ذلك.
كما أدت التحولات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد الى انخفاض عدد المتزوجات بين الايرانيات، وارتفاع كل من معدل الاعمار عند الزواج ونسبة الطلاق. فوفقا للاحصاءات، بلغت نسبة المتزوجات عام 2004 عشر ايرانيات من كل 1000، في حين كانت 7 من كل 100 فقط عام 1986، وهذا يعني ان 39 في المائة من الايرانيات في سن الزواج غير متزوجات. كما ان معدل سن الزواج ارتفع عام 2003 ليصل في المتوسط الى 24 عاما، في حين كان عام 1988 نحو 20 عاما. اما نسبة الطلاق فكانت عام 2003 نحو 10.6 في المائة، وهي نسبة مرتفعة تعود الى تزايد المشاكل الاقتصادية والاجتماعية.
اما نسبة النساء المنخرطات في قطاع الاعمال العامة والخاصة، فقد بلغت عام 2003 نسبة 76 في المائة في المدن، و92 في المائة في المناطق القروية. فيما بلغ معدل ساعات عمل المرأة عام 2003 نحو 40 ساعة في الاسبوع وهي نسبة تقارب المعدل العالمي. وبالرغم من المشكلات التي تواجه النساء، الا ان حيوية النساء الايرانيات وانخراطهن في كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مؤشر قوي على الامكانيات الكبيرة للنساء وقدرتهن على التقدم.