مجاهدون
06-11-2005, 06:08 AM
سمير عطا الله
كلما تأملت في «الإنترنت» وما صارت فيه او عليه، كلما تذكرت سابقتها، المطبعة. لقد غيرت المطبعة حياة البشر ورفعت مستوى حضاراته ووسعت آفاق علومه، وطورت سبل الالتقاء بين شعوب الارض. كان الوراقون ينسخون الكتاب لمجموعة محدودة من ذوي العلم، ثم جاء الهر غوتنبرغ في المانيا واخترع آلة تطبع مئات النسخ في اسبوع، بعدما يصفّ العامل الاحرف بيده. واعطى غوتنبرغ للتطور البشري ما اعطاه مخترعو البنسلين والاسبرين والراديو والبرق والكهرباء والهاتف.
وبسببه صار هناك صحف في كل مكان وتوسعت الجامعات الكبرى وصار العلم الزامياً في الغابات لان الكتاب ينقل بسهولة. والذين لا يملكون ثمنه، كما في بعض مدارس السودان، يصورونه ولا يعيدون كتابته من جديد. والإنترنت اليوم تكمل على نحو لا يصدق ما فعلته المطبعة في عالمنا. بل هي في وقت واحد المطبعة والترانزستور والتلفزيون والفضائيات. وعندما ترفع شعار «العالم بين يديك» فإنك لا تتحدث عن حلم مجازي بل عن آلة صغيرة تضعها في حقيبتك بالبساطة (والالزامية) التي تضع فيها ادوات النظافة والاستحمام. وفي هذه الآلة سكرتيرة تتلقى الرسائل. ودار للسينما تعرض الافلام. وتلفزيون يعرض نشرات الاخبار على اي قناة تشاء. وعشرين قاموساً. والكتب موجودة في المكتبة الوطنية البريطانية والفرنسية ومكتبة الاسكندرية. وهي ايضاً آلة طابعة وناسخة ومرسلة الى اي مكان في الارض وهاتف كوني الى اي رقم في اليابان او في كوستاريكا. وفيها ايضاً صحيفتك اليومية، بأي لغة من اللغات. كل ذلك ضمن شيء وزنه حوالي كيلوغرام. يؤدي عنك الحسابات ويطلعك على احوال البورصة وفي النهاية يمكن ان يغني لك «على بلدي المحبوب ودّيني» اذا كنت قد اشتقت لشرفة على النيل.
عندما جاءنا «الترانزستور» شعرنا بسعادة فائقة. لقد اصبح في امكانك ان تصغي الى الاخبار وانت في الحديقة العامة. وان تتابع اخبار حرب 67 وانت عند الحلاق. وان تستمع الى فيروز تغني وانت في نزهة في البرية بدل ان تصغي الى رفاقك وهم يؤدون اغانيها باصوات برية ايضاً. لكن الإنترنت صغّر كل الاختراعات المغيّرة في العصور. او بالاحرى ضمّها كلها الى نفسه ومضى. واهم ما فيه انه مثل الكتاب الذي سهل نشره الهر غوتنبرغ، ليس اختراعاً طبقياً ولا احتكاراً على بلد من دون سواه لقد غيَّر حياتك في كل مكان: في البيت وفي المكتب وحتى في السفر. وحوَّل ارشيفك الشخصي او التجاري من مخزن عتيق الورق، الى كبسة زرَّ وفق الترتيب الابجدي. لم يحدث في حياة الانسان العادي شيء مثله من قبل. ولا طبعاً في حياة الامم والشعوب. ويحزنني انني لا اجيد استخدامه. مواطن من العصر الحجري.
كلما تأملت في «الإنترنت» وما صارت فيه او عليه، كلما تذكرت سابقتها، المطبعة. لقد غيرت المطبعة حياة البشر ورفعت مستوى حضاراته ووسعت آفاق علومه، وطورت سبل الالتقاء بين شعوب الارض. كان الوراقون ينسخون الكتاب لمجموعة محدودة من ذوي العلم، ثم جاء الهر غوتنبرغ في المانيا واخترع آلة تطبع مئات النسخ في اسبوع، بعدما يصفّ العامل الاحرف بيده. واعطى غوتنبرغ للتطور البشري ما اعطاه مخترعو البنسلين والاسبرين والراديو والبرق والكهرباء والهاتف.
وبسببه صار هناك صحف في كل مكان وتوسعت الجامعات الكبرى وصار العلم الزامياً في الغابات لان الكتاب ينقل بسهولة. والذين لا يملكون ثمنه، كما في بعض مدارس السودان، يصورونه ولا يعيدون كتابته من جديد. والإنترنت اليوم تكمل على نحو لا يصدق ما فعلته المطبعة في عالمنا. بل هي في وقت واحد المطبعة والترانزستور والتلفزيون والفضائيات. وعندما ترفع شعار «العالم بين يديك» فإنك لا تتحدث عن حلم مجازي بل عن آلة صغيرة تضعها في حقيبتك بالبساطة (والالزامية) التي تضع فيها ادوات النظافة والاستحمام. وفي هذه الآلة سكرتيرة تتلقى الرسائل. ودار للسينما تعرض الافلام. وتلفزيون يعرض نشرات الاخبار على اي قناة تشاء. وعشرين قاموساً. والكتب موجودة في المكتبة الوطنية البريطانية والفرنسية ومكتبة الاسكندرية. وهي ايضاً آلة طابعة وناسخة ومرسلة الى اي مكان في الارض وهاتف كوني الى اي رقم في اليابان او في كوستاريكا. وفيها ايضاً صحيفتك اليومية، بأي لغة من اللغات. كل ذلك ضمن شيء وزنه حوالي كيلوغرام. يؤدي عنك الحسابات ويطلعك على احوال البورصة وفي النهاية يمكن ان يغني لك «على بلدي المحبوب ودّيني» اذا كنت قد اشتقت لشرفة على النيل.
عندما جاءنا «الترانزستور» شعرنا بسعادة فائقة. لقد اصبح في امكانك ان تصغي الى الاخبار وانت في الحديقة العامة. وان تتابع اخبار حرب 67 وانت عند الحلاق. وان تستمع الى فيروز تغني وانت في نزهة في البرية بدل ان تصغي الى رفاقك وهم يؤدون اغانيها باصوات برية ايضاً. لكن الإنترنت صغّر كل الاختراعات المغيّرة في العصور. او بالاحرى ضمّها كلها الى نفسه ومضى. واهم ما فيه انه مثل الكتاب الذي سهل نشره الهر غوتنبرغ، ليس اختراعاً طبقياً ولا احتكاراً على بلد من دون سواه لقد غيَّر حياتك في كل مكان: في البيت وفي المكتب وحتى في السفر. وحوَّل ارشيفك الشخصي او التجاري من مخزن عتيق الورق، الى كبسة زرَّ وفق الترتيب الابجدي. لم يحدث في حياة الانسان العادي شيء مثله من قبل. ولا طبعاً في حياة الامم والشعوب. ويحزنني انني لا اجيد استخدامه. مواطن من العصر الحجري.