المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جدولة المصادمات بين الشيعة والسنة في العراق بدءا من الشرارة الأولى



مقاوم
06-10-2005, 06:56 PM
بغداد ـ د. جمال حسين

يسأل من يدعون بتمثيل السنة العراقيين وعن سبب صمتهم من الرسالة الصوتية البذيئة التي بثها أحمد الخلايلة الذي يطلق على نفسه «أبو مصعب الزرقاوي» ومدتها 33 دقيقة من موقع «قاعدته» في الإنترنت والتي دعا فيها الى قتل «الرافضة» (الشيعة) أينما يثقفونهم (أطفال نساء ولا يهمه، مدنيين كانوا أم غير ذلك) مختتما رسالته البشعة بنعتهم بـ«الخنازير» لكونهم «عيون وآذان الأميركيين» و«ليسوا مسلمين» وأن «من يقف في صف اليهود يكون مثلهم». ودعا السنة الى «حرق الأرض» تحت أقدامهم والمحتلين.

وللمرة الأولى منذ وقت متأخر من عام 2003 سمع الناس دعوة واضحة وصريحة من تنظيم فاعل في العراق الى شن الحرب الأهلية المبنية على أساس طائفي بقول هذا الإرهابي بشكل مباشر «أن أفضل طريقة لتقويض السياسة الأميركية في العراق هي بتحويل البلد الى طوائف دينية تقاتل بعضها بعضا»، ليفسح المجال للذاكرة بتسجيل أول خطوة نحو تشابك الطوائف الذي يعتبره البعض انه اصبح على عتبة الانفجار.

حرب المراجع


.. وكان اغتيال الشهيد محمد باقر الحكيم بعد خروجه من صلاة الجمعة في عملية فائقة التدبير راح ضحيتها نحو 80 شخصا، وعلق السيد عبد العزيز الحكيم على هذه الفاجعة بالقول المركز والجملة الصحيحة «إن هدف الجريمة إشعال الفتنة الطائفية» (الرئيس الحالي للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية تعرض لمحاولة اغتيال، هو الآخر، قتل على اثرها الكثير من حراسه ومرافقيه).

وبعد فترة قصيرة، فجر مكتب المرجع محمد سعيد الحكيم، ولحسن الحظ نجا من هذه المحاولة التي أعقبتها مباشرة واحدة من أبرز سوابق «إشعال الفتنة الطائفية» بالاعتداء الوقح على الزوار والمراقد المقدسة في العاشر من محرم قبل الماضي والتي عرفت بـ «مجزرة عاشوراء».

وتعرض خمسة أعضاء من مجلس الحكم المنحل لمحاولات اغتيال كلهم شيعة، استشهد على أثرها عز الدين سليم وعقيلة الهاشمي ونجل سلامة الخفاجي التي نجت في الفترة نفسها والتي فلت فيها أحمد الجلبي من محاولة مماثلة.

وأصبح واضحا من مسلسل الاغتيالات المنظمة هذه أن القادة الشيعة وليس غيرهم هم المستهدفون فيها، وبما أن السبب علم فان العجب بطل بقيام مجلس الحكم بتشكيل «لجنة لمكافحة الطائفية» لم تعقد أي اجتماع!

حرب الحسينيات


مع توالي تفجير الحسينيات بطرق الاغتيال الجماعي بواسطة السيارات المفخخة أو ما يسمونهم «الانتحاريين»، استمر صمت الجهات السنية المعنية وإدانتها «الخفيفة» لهذه الأعمال الإرهابية الصريحة التي كانت موجهة ضد مساجد وأناس أثناء تأديتهم الصلاة. وبدأنا نسمع للمرة الأولى مصطلحا جديدا في الواقع السياسي العراقي وهو «المساجد الشيعية» وكأنها مساجد ثلاثة نجوم وليست مساجد للمسلمين.

يقيم الشيعة في الموصل مراسم الفاتحة على ضحايا التفجيرات الانتحارية ويتقبلون العزاء من الناس ليأتي من يفجر نفسه بهم لكي لا يبقي على أحد يستقبل المعزين.

العلماء السنة عبر وسائل الإعلام وخطبهم الدينية لم يبردوا من دماء أخوتهم الشيعة المنكوبين بالقتل الجماعي بعبارات حتى لو تكون عاطفية، بل راحوا يتهمون بعضهم «جهات خارجية» باذكاء نار الفتنة على الرغم من معرفتهم الخاصة بالجهات التي تنفذ هذه الجرائم والتي كانت تعترف عبر مواقعها في الإنترنت بمسؤوليتها عنها.

واستمر مسلسل تفجير المساجد «الشيعية» والحسينيات ومرت أسابيع كانت تتعرض لها هذه الأماكن الى اعتداءات بالساعات وليس بالأيام، ومع ذلك بدا كما لو كان بعض الأخوة في الطائفة الأخرى شامتين وصامتين.

حرب البطاقات


في اللطيفية والمحمودية وامتداد «مثلث الموت»، كان المسلحون يوقفون السيارات التي تنقل الناس الى النجف وكربلاء والحلة والجنوب العراقي عموما يستطلعون هوياتهم وما ان تقرر اسماؤهم بأنهم شيعة (ليس هذا دائما ممكنا، فأسماء أعلام الإسلام يسمونها الشيعة والسنة على السواء)، حتى تجبروهم على عمل أشياء كثيرة مثل شتم الأئمة وغيرها من تصرفات كنا نعتقد أن جاهليين كأبي لهب وأبي جهل كانوا يقومون بها ضد المسلمين الأوائل، وحتى هؤلاء الذين وبختهم آيات كريمة لم يصلوا الى درجة إجرام هذه الفئات عندما كانوا ينحرون المدنيين ويلقون بجثثهم على قارعة الطريق بكل بساطة.

كانوا يعلقون منشورات الرعب التي تحتوي على أسماء العائلات الشيعية ويطالبونهم بترك البلدة أو الذبح.. وتكرر الأمر في سامراء ونفذ في المدائن، ولم يعثروا على شيعي واحد في الفلوجة و إلا كانوا ذبحوه.

وكانوا قلما يتعرضون الى أي ضابط سني في الحرس الوطني بل كانوا يذبحون أفراد هذه المؤسسة العسكرية العراقية بالعشرات كل شهر، ولعل صورة الـ 46 قتيلا جنوبيا، الذين عثر عليهم بعد خروجهم من التدريب في معسكر الصويرة، كانت الأكثر شهرة ومأساوية في حوادث القتل الجماعي.

حرب الكنائس


بالإضافة الى دق الإسفين بين الشيعة والسنة، كان لبعض التنظيمات الإرهابية في العراق خطة نفذوا من خلالها «سوالف» بن لادن والزرقاوي وتحريضهم ضد «النصارى» بالاعتداء على الكنائس وتفجير الكثير منها واغتيال نسبة كبيرة من المسيحيين والصابئة واليزيديين في مناطق العراق المختلفة، وابتكار حجج مختلفة يبررون فيها هذه الجرائم كمنع بيع الخمور وغيرها من الحجج التي لم تنطبق كثيرا على مسنين آمنين تم الاعتداء عليهم في بيوتهم بلا أي ذريعة.

حرب الأقاليم


الحوادث التي حصلت في هذا السياق كثيرة جدا، لكن تسلسل قسم منها قد يفضي الى مفتتح البحث عن حل لإشكالية هذا الاحتقان. فقد تمت مداهمة المساجد السنية التالية: «الكويتي» في الفاو و«البصرة» في أبي الخصيب ومسجد«الروافة» في الزبير واغتيل خطباؤهم ومؤذنوهم وألقيت جثثهم في الطريق.

رد متطرفو السنة باغتيال سيد مكي رئيس حزب الدعوة في أبي الخصيب (يدعي سنة البلدة بأنه توعد بتطهير البصرة من السنة، في بيان وزعوه بعد عملية اغتيال متهميه باغتيال إمام مسجد أبي الخصيب أمجد الدوسري) واغتيال آخر لمسؤول منظمة بدر في القضاء وتفجير مسجد للشيعة في أبي الخصيب أيضا (في بيانهم عقب هذا التفجير قالوا بالنص: «البصرة تمثل لسان الميزان في صراع السنة في العراق)».

أجاب متطرفو الشيعة باغتيال الشيخ والداعية السني المعروف عبد الرحمن الفريح، وأثر ذلك كثيرا في سنة البصرة، لما يتمتع به القتيل من سمعة، فخرجوا في تظاهرة كبيرة في تشييعه وبعده، وحصلت مصادمات استمرت ثلاث ساعات مع الحرس الوطني وقاموا برمي مقرات حزب الدعوة ومنظمة بدر بالحجارة في غضون هذه التظاهرة.

السنة يعتقدون أن «أوقافهم» تمت مصادرتها لتصبح «أوقافا شيعية» وعددوا بعض المساجد والمكتبات والمنشآت الدينية الأخرى، والقضية أضيفت الى تراكمات الحكم وما يحدث في البصرة الآن، لتصبح «حقوقا سليبة»، الأمر الذي يستدعي تدخلا حازما للدولة لحل هذا الموضوع نهائيا دون تركه ليحقن الحقد في النفوس.

وفي منطقة «الأجبال» حدثت مصادمات بعد مداهمة مسلحة من الميليشيات لمسجد المنطقة، اختفى على أثرها 18 من الشبان السنة يقال أنهم غير معروفي المصير الى الآن.

تمت الإجابة على هذه المصادمات بتفجير مقر «ثارات الله» بالقرب من العشار، الأمر الذي أدى الى سلسلة من المجابهات تم فيها الاعتداء على الشيخ السني عبد العزيز آل الشيخ واغتيال والد مدير استخبارات البصرة خلف البدران، وانهالت القنابل اليدوية على عدد من مراكز الشرطة في البصرة.

حرب الأحزاب


وغالبا ما تدخلت الأحزاب الإسلامية (شيعية وسنية) بشكل سلبي في تأجيج نيران الحالة الطائفية. فمثلا، دعت مؤسسة شهيد المحراب التابعة للمجلس الأعلى الشيعة للثأر عقب مجزرة المدائن.

وحصل الأمر نفسه بعد «مجزرة الحلة» ذائعة الصيت التي نفذها الأردني رائد منصور البنا وتسبب في أزمة في العلاقات الأردنية ـ العراقية، خففت منها زيارة الرئيس جلال الطالباني الى عمان قبل فترة، حيث شكل حزب الله العراقي ما أسماها «كتائب الفتح» مهمتها الثأر للشيعة الذين سقطوا جراء العمليات الإرهابية ضدهم.

ودعوات الثأر هذه توجه عادة ضد ما يعتبرونهم «وهابيين»، ولا نعتقد أن لهذه التشكيلات المسلحة مقياسا دقيقا يبصرون من خلاله الوهابي أو غيره من المصلين العاديين الذين يرتادون المساجد «السنية».

وأخذ تنظيم «ثارات الله» الشيعي على عاتقه تصفية ما اعتبروهم إرهابيين وكلهم سنة بالطبع، وكانت هذه العمليات مفتتحا لتدخل مباشر من تشكيلات الأحزاب الإسلامية في الدورة الطائفية الدموية.

والغريب أن كل زعماء هذه الأحزاب يدعون الى الوحدة الوطنية وكلهم مسؤولون في الدولة أو أعضاء في الجمعية الوطنية.

الأمر ينطبق تماما على الأحزاب والحركات والتنظيمات السنية المنشأة على أساس طائفي والتي تبان من أسمائها مثل «أنصار السنة» و«جند السنة» و«كتائب الفاروق»، وغيرها، فهؤلاء يقتلون الشيعة وأولئك يقتلون السنة والاثنان يقتلان المسيحيين وغيرهم من الطوائف وكلهم بمجموعهم يقتلهم الأميركان!

حرب الأئمة


في غضون تعليقه على سبب إغلاق المساجد السنية قال عضو هيئة علماء المسلمين احمد عبد الكريم أنه تم اغتيال 64 رجل دين سنيا في الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط، علاوة على أضعاف أضعافهم من المغيبين في سجون الاحتلال والمعتقلات العراقية. وقبل الإعلان عن هذا الاحتجاج بساعات كان ممثل السيد علي السيستاني في مدينة الصدر محمد طاهر العلاق قد اغتيل برصاص مجهولين.

واتهمت هيئة علماء المسلمين «لواء الذئب» بقتل إمام مسجد الشعب حميد مخلف الدليمي وقتلت عضو مجلس الشورى وعضو هيئة علماء المسلمين هادي النعيمي وعددا من مريديه وألقيت جثثهم في أطراف المدينة. وشوهدت جثة إمام مسجد أور طلال نايف العنزي مكبلة اليدين ورصاصة في الرأس في حديقة الفردوس، وقتل قريش عبد الجبار عضو مجلس الشورى، وقتل الدكتور مصطفى المشهداني بعد خروجه من مسجد المهيمن في حي الحرية، وقتل إمام مسجد الكبيسي في حي الشرطة واغتيل عضو هيئة علماء المسلمين سعدي أحمد زيدان، ونجا إمام مسجد الخلفاء عبد الكريم العاني من محاولة اغتيال أصابت جسده بخمس طلقات وأضعاف عمليات الاغتيال التي فاتنا ذكرها. علما بأنه تم الاعتداء على 12 مسجدا سنيا في صلاة الجمعة الفائتة قبل إغلاقها.

وكان رئيس هيئة علماء المسلمين حارث الضاري قد أطلق سراح أشخاص من الشيعة قتلوا شقيقه ضامر الضاري إمام وخطيب مسجد رعد في حي الخضراء لكي لا يفتح مجالا لفتنة طائفية، لكن هذا الكلام كان قبل سنة ونصف السنة تقريبا.

حرب الجامعات


حين شاهد البروفيسور في الرياضيات عبد السميع الجنابي وهو عميد كلية العلوم في الجامعة المستنصرية لافتات سوداء كان طلابه قد رفعوها على جدران الكلية، أمر بإزالتها معتبرا إياها تحمل عبارات طائفية لا تليق بالحرم الجماعي ومستندا الى قرارات وزارة التعليم العالي بمنع استخدام الجامعات كمنابر للمظاهر الطائفية.

رد الطلاب (الشيعة) عليه باعتصام طال اسبوعا انتهى بالعثور على جثة العميد في باب الكلية مطعونة بعدة حراب.

وحين نظم أحد طلبة جامعة بغداد احتفالا بسيطا مع زملائه بمناسبة اختيار إبراهيم الجعفري رئيسا للوزراء، علقوا رأسه على أسوار الجامعة بعده بيوم، الأمر الذي أشعل تظاهرات طلابية غاضبة اجتاحت الجامعة لأكثر من أسبوع تعطلت فيها الدراسة ولم تسيطر عليها قوات الأمن حيث سقط في هذه الاضطرابات عشرات الجرحى ليضطر رئيس الجامعة موسى الموسوي الى تعطيل الدراسة لمدة خمسة أيام أخرى، خوفا من وقوع المزيد من الضحايا.

حرب الانطباعات


لم يتكفل أحد ويشرح للطوائف المتشابكة بأن العصابات الإرهابية في العراق وعلى رأسها صاحب الرسالة الصوتية، يراهنون على الاقتتال الطائفي وتكريس حالة (للأسف الساسة العراقيون الجدد ساهموا بتوطيدها بقوة) هي أن السنة أكثر الخاسرين في عملية التغيير التي شهدها العراق، فيما الشيعة هم الرابح الأكبر. وكذلك زرع انطباع لدى الغالبية الشيعية بأنهم كانوا الضحايا الوحيدين من نظام صدام، فيما السنة مدللون منه.

ولعل سببا موضوعيا أدخل الشيعة بمواجهة مباشرة مع النظام هو توفر قاعدة انطلاق لعملياتهم وملاذ آمن لأحزابهم المعارضة وممول سخي لبعض الجماعات، هو إيران، فيما لم يجد السنة ولا حركاتهم مثل ذلك الملاذ بسبب تحفظ السعودية واستفادة سوريا من الحصار على النظام، وتكتيك الأردن الخاص بالتغيير الذي فضله السنة المعارضون للنظام: إحداث انقلاب عسكري، فحدثت انقلابات كثيرة جدا ضد نظام صدام أبرزها محاولات الشيخ طالب السهيل واللواء محمد الشهواني رئيس المخابرات العراقية الحالي، والعميد محمد الدليمي الذي اعدمه صدام مع كافة أشقائه والكثير من أبناء عمومته، ناهيك عن محاولات كثيرة نفذوها، وأخرى فشلت قبل تنفيذها، علما أن معظم محاولات اغتيال صدام الفاشلة نفذها ضباط سنة. وهذا كله يؤكد ان الانطباع المزعوم بأن السنة كانوا يوالون صدام ويواليهم، باطل.

وثمة مجال بدأ يتسع لاعتقاد الكثير من السنة أن تحالفا كرديا - شيعيا موجّه ضدهم لذلك عليهم «مقاومته». فمثلا، قبل إثارة مسألة فيلق بدر كان الحديث برمته في «المثلث» يدور حول البيشمركة وأعمالهم العسكرية ضد «مجاهدي الفلوجة» وغيرها وبنوا هذا الانطباع وأكدوه بمقاطعة الانتخابات وتركهم الشيعة والكرد لتقلد زمام الأمور بعد أن وضعوهم أمام خيار واحد: أما تأجيل الانتخابات أو مقاطعتها، في وقت لم يمتلك فيه احد، لا بين الكرد ولا الشيعة، حق وصلاحية تأجيل الانتخابات المنصوص على إجرائها بموعدها في قوانين البلد وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

إيهام الشيعة بأن السنّة وراء الهجمات


كما أن انطلاق نشاط العصابات الإرهابية من محافظات تسكنها غالبية سنية كالموصل والأنبار وتكريت، ساعد في ايهام بأن السنة هم من يقومون بهذه الأعمال ضدهم تحديدا وأن المدن السنية «حاضنة للإرهاب» كما يحلو للقادة الأمنيين الجدد تسميتها، مخطئين جدا في توجيه الرأي العام الشيعي ومحققين مرام الخلايلة.

والتباس آخر وقع به السنة بعد أن قدمت جماعات وأحزاب الإسلام السياسي الشيعي أنفسها وقادتها كممثلين للشعب العراقي الذي يعتقدون ان غالبيته شيعة (سنحصي هذه المسألة البالغة التعقيد في حلقة قادمة). ولا يوجد أي أساس لنعرف السبب الذي جعل هؤلاء الساسة المتعطشين للسلطة يعتقدون بأنهم ممثلون للشيعة، وهل يكون ذلك واقعيا لمجرد أنهم شيعة؟!


عصابات الاجرام تكفّر الـجميع وليس لها دين

هوس السلطة الذي أصاب بعض أعضاء وقادة أحزاب الإسلام السياسي تحول الى «هوس طائفي» أصاب كثيرا من الشيعة والسنة على السواء في منعطف لم يجد فيه أي من أنصار الطائفتين خياراً آخر غير عنق زجاجة واحد لا يتسع سوى لرقبة منفردة تعبر بفتّاحة أميركية.

وكان أكبر الأخطاء الفادحة التي كرست كل هذه الانطباعات غير الصحيحة الخطوة الأميركية بتعيين بول بريمر وإدارته وتشكيل مجلس مهلهل ومزري الصلاحيات يحكم البلاد حسب الحروف الأبجدية، وفق المصطلح المزعج الذي بات قاعدة سياسية الآن: المحاصصة الطائفية. ولعب العلمانيون المتعطشون للسلطة دورا سلبيا في تمرير هذا المخطط الذي أرسى «الطائفية السياسية» في العراق لأمد غير معلوم، ساعدهم في ذلك موقف أكثر سلبية من علماء المسلمين من الطائفيين والقوميين الذين فقدوا امتيازاتهم، وللإنصاف لم يعترض عليه سوى قوتين غير مؤثرتين وقتذاك هما الحزب الشيوعي العراقي ومقتدى الصدر!

أن عصابات الإجرام التي تروع العراقيين ليس لها دين وتكفِّر الجميع ولا يمكن خلطهم بالسنة ومعاقبة السنة لكونهم محسوبين عليهم، وينطبق الأمر على بقايا النظام السابق الذين تأسلموا وصاروا فجأة «أنصار السنة» وأعضاء في «جيش محمد» ونوابغ في الذبح فيما هم يتلعثمون بقراءة الآيات القرآنية للفضائيات المخربة.

فلماذا يُحسب التكفيريون القادم أغلبهم من خارج البلاد، والبعثيون، على السنة؟ ولماذا يأخذون جريرة السنة بهم، حتى أولئك الفتيان والشيوخ الذين اعتادوا على ارتياد المساجد؟!

تاليا، لا ينبغي الاعتقاد أن السنة مرتاحون لما تقوم به العصابات الإرهابية المحسوبة عليهم، ولا يجوز التفكير بأن الشيعة جزء من منظومة الإسلام السياسي والتشكيلات الشيعية المسلحة المشكلة في إيران، فكلهم طلاب سلطة، والسلطة ليست لها رائحة ولا عنصر ولا قومية وليست سنية ولا شيعية.

jameela
06-27-2006, 01:48 PM
لم يندد كثيرا زعماء السنة اثناء تلك الحقبة المظلمة بهذه الجرائم ، الا بعد امتدت نار القتل اليهم ، في ازدواجية غريبة لم تفت على الكثيريين .