مرجان
12-09-2017, 06:39 AM
http://www.al-akhbar.com/sites/default/files/imagecache/465img/p14_20171209_pic1.jpg
تتركّز المحاججة القطرية بأن دور الدوحة كان «ترويض حماس» سياسياً بطلب أميركي (آي بي ايه)
شهدت العلاقة بين الدوحة و«حماس» شدّاً وجذباً في الأشهر الأخيرة، لكنها لم تصل إلى حدّ الاختلاف أو الافتراق، لعوامل عدة، مع أن ذلك لم يعنِ أن القطريين سجلوا ملاحظات على أداء الحركة في نواحٍ عدة.
بالتزامن مع ذلك، كانت «حماس» تمثّل تهمة يلصقها الخليج بقطر، فيما تدافع الأخيرة عن نفسها بالقول إنها كانت تؤدي دوراً متفقاً عليه إقليمياً ودولياً، والآن تستعين بمسؤولين إسرائيليين لتثبت أنها لم ترتكب أي خطأ جوهري أو تقني في تواصلها مع الحركة
عبد الرحمن نصار, بتول سليمان
تكشف رسالة رسمية قدمتها جماعة ضغط تؤدي دوراً في الكونغرس الأميركي، بالنيابة عن السفارة القطرية لدى واشنطن، سعي الدوحة إلى الاستعانة بمسؤولين إسرائيليين في سبيل تبرئتها من تهم تتعلق بدعم المقاومة في فلسطين، وتحديداً حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، في عملية «غسيل يد» من العلاقة التي كانت من أسباب اتهامها بـ«الإرهاب» وفق المقياس الخليجي.
صحيح أن ذلك لا يعني بحال قراراً قطرياً بقطع العلاقة مع «حماس»، أو حتى العلاقة الأقل وتيرة بـ«الجهاد»، وليس فيه قفزاً عن حدود التواصل السياسي والدعم الإعلامي والمشروعاتي، لكنها بكل الأحوال غير مفصولة عن سياق اعترفت وتعترف به قطر من رأسها حتى أخمص قدميها: مهمتنا كانت «ترويض حماس» بطلب أميركي.
الاستعانة بإسرائيليين
الرسالة المؤرّخة في الرابع والعشرين من الشهر الماضي كانت مرسلة من باري بينِت إلى أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي (أحد مجلسي الكونغرس) بالكامل، ورئيس مجلس النواب بول ريان، وكذلك زعيم الغالبية كيفن مكارثي، وناظر الغالبية الجمهورية في المجلس ستيف سكاليس. وقد عرّف بينت نفسه بأنه وكيل مسجل بالنيابة عن السفارة القطرية لدى واشنطن، علماً بأنه يعمل فيAvenue Strategies global LLC، وسبق له أن عمل مستشاراً أول لحملة دونالد ترامب الانتخابية، كما سبق أن خدم الرئيس الأسبق جورج و. بوش.
يشير بينت الموكل قطرياً إلى ضرورة الاطلاع على رسالة مرفقة كتبها العميد الاحتياط في الجيش الإسرائيلي شمعون شابيرا بشأن قانون H.R. 2712 المتعلق بـ«مكافحة الدعم الدولي للإرهاب الفلسطيني لعام 2017»، لافتاً إلى أهمية شهادة الخبير الإسرائيلي، وخاصة أن بعض النتائج في القانون المذكور «غير صحيحة من الناحية الواقعية». وفي النتيجة، يحث بينت الأعضاء على معارضة مرور H.R. 2712 بصيغته الحالية.
بالاطلاع على الرسالة المرفقة والمرسلة في التاريخ نفسه، والموجهة من شابيرا إلى العضو في الكونغرس براين ماست عن الحزب الجمهوري (مع نسخة عنه إلى باقي أعضاء مجلس النواب والشؤون الخارجية)، يؤكد الأول أنه بناء على عمله في المخابرات العسكرية الإسرائيلية... وعلى خبرته ومعرفته، يمكنه القول إن قطر لم تسلم سلاحاً لـ«حماس».
وزاد على ذلك أن الدوحة تساعد في المشاريع الإنسانية (في قطاع غزة) مثل بناء المنازل وأحياء جديدة، مشدداً على أنه حتى هذه العملية ــ ومن ضمنها إدخال مواد البناء ــ «تجري تحت إشراف مؤسسة الأمن الإسرائيلي برئاسة الجنرال بول موديشال» (دخول الوفود القطرية إلى غزة يكون من معبر «بيت حانون ــ إيريز» بالتنسيق مع إسرائيل).
وكّلت السفارة القطرية بالنيابة عنها خبيراً أميركياً كان قد خدم ترامب
وشابيرا، بجانب كونه عميد احتياط، يعمل باحثاً في «مركز القدس للسياسة العامة»، وقد أصدر كتاباً بعنوان «حزب الله بين إيران ولبنان» عن «مركز دايان» التابع لجامعة تل أبيب، كما أشار في رسالته إلى أن لديه شهادة دكتوراه في دراسات الشرق الأوسط، وأنه خبير في التخصص في التعامل مع حزب الله. كذلك، كان شابيرا قد حضر اجتماعات عُقدت بين مسؤول في الخارجية الإسرائيلية دوري غولد مع الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي في واشنطن.
والقانون موضع الحديث، H.R. 2712، كان قد قُدم في الخامس والعشرين في أيار الماضي، وينص على أن سياسة الولايات المتحدة يجب أن تقوم على «منع حماس والجهاد الإسلامي وأي تابعين أو لاحقين من الوصول إلى شبكات الدعم الدولي»، كما ينص على فرض «عقوبات على الأفراد والوكالات والدول الأجنبية الداعمة لحماس والجهاد الإسلامي أو التابعين لهما أو من يقف خلفهما».
وورد في البند الثاني منه (النقطة الثالثة) أن «حماس حصلت على دعم مؤثر (مالي وعسكري) من دولة قطر، كما احتضنت قطر عدداً من قادة حماس بمن فيهم خالد مشعل منذ 2012، الذي ظهر في مقابلات إعلامية عدة على شاشة الجزيرة المملوكة لقطر والمدعومة مالياً من أعضاء في العائلة الحاكمة»، مضيفاً أنه في آذار 2014، أكد وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والمخابرات أن «قطر (حليف قديم للولايات المتحدة) دعمت حماس علناً ولسنوات طويلة».
وطبقاً للبندين الثالث والرابع، فإنه مع إقرار المشروع ستتخذ عقوبات بحق الجهات والأشخاص التي «تساعد أو تموّل أو تقدم الدعم المالي أو اللوجستي أو التكنولوجي أو غير ذلك من الخدمات... أو تورط بشكل مباشر أو غير مباشر عن علم بصفقة ذات قيمة مع أي شخص موصوف» في الحركتين، وتحديداً إذا قدمت «دعماً مادياً لحماس أو الجهاد الإسلامي أو من يتبعهما أو يقف وراءهما».
إشراك «حماس» في التسوية
بعيداً عن السبب في إدراج قطر في نص القانون، ومدى علاقة ذلك بجماعات الضغط في الولايات المتحدة والأزمة الخليجية القائمة، أو هل للأمر علاقة بمحاولة أميركية لابتزاز قطر، فإن من المهم الإضاءة على وثيقة كان قد نشرها موقع «ويكيليكس» العام الماضي (2016)، ويمكن ضمّها إلى سلسلة من الاعترافات القطرية التي قدمها وزير الخارجية ورئيس الوزراء السابق، حمد بن جاسم، ومن قبله الأمير تميم بن حمد نفسه، عن طبيعة دور بلدهما في «احتواء حماس» وفق المقاس الأميركي، بل حضها على دخول الانتخابات الفلسطينية (اعترف تميم بذلك في أيلول 2014).
تقول الوثيقة التي يعود تاريخها إلى الرابع والعشرين من شباط 2010، إن محادثات بين ابن جاسم وجون كيري (كان آنذاك سيناتوراً في مجلس الشيوخ)، تضمنت تنبيهاً من الأول للثاني في الثالث عشر من ذلك الشهر، من أنه «سوف نخسر جميعاً 4 ــ 6 أشهر من الزمن في متابعة المحادثات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين»، مشدداً على أنه «من الخطأ تجاهل حماس في السعي للتوصل إلى اتفاق دائم».
وشرع رئيس الوزراء الأسبق، الذي قدم تصريحات لافتة أخيراً في هذا الشأن، يشرح لكيري أنه «من وجهة نظر قطر، هناك اختلافات في الأسلوب والنهج بين جناحي حماس، لكنهما متطابقان أيديولوجياً: قادة حماس في كل من دمشق وغزة مستعدون للاعتراف بإسرائيل، لكن يجب عليهم تعيير توقيت الاعتراف بعناية شديدة لأن مؤيدي الحركة غير مستعدين لهذا التغيير».
في هذا الإطار، اقترح ابن جاسم «اختيار عضو أو اثنين من أعضاء مجلس التعاون الخليجي والمغرب وسوريا لعضوية أساسية في الجامعة العربية (من أجل تشكيل) لجنة لمعالجة المخاوف الفلسطينية ــ الإسرائيلية»، منبهاً إلى أن «إعطاء سوريا دوراً من شأنه أن يخلق الغيرة بين العرب، بل هذا سيساعد الولايات المتحدة في تحريك المحادثات قدماً». أما عن مصر، فرأى أن «لديها مصلحة في إطالة أمد محادثات المصالحة الفلسطينية لأطول مدة... (القاهرة) ليس لديها نهاية للعبة، فهي تعمل كوسيط للمحادثات كمصلحة مصرية تجارية وحيدة مع الولايات المتحدة».
واللافت أن الأجواء السياسية السعودية لم تكن في تلك السنة بعيدة عما يحكى قطرياً، إذ تكشف وثيقة أخرى نشرها «ويكيليكس» العام الماضي وتعود إلى الخامس عشر من كانون الثاني 2010، عن مناقشة جرت بين مشاركين من السعودية والأردن ولبنان والسلطة الفلسطينية، وقدم خلالها المدير العام لـ«مؤسسة التعاون الاقتصادي» يائير هيرشفيلد (محاضر إسرائيلي في جامعة حيفا وله دور في عقد اتفاقية أوسلو)، إحاطة إعلامية عن الدورة الأخيرة لمجموعة عمل ثنائية حول السلام في الشرق الأوسط، عقدت في الرابع عشر من كانون الثاني 2009.
وكان من المشاركين أنور عشقي الذي أبلغ هيرشفيلد آنذاك أن مشاركته والأفكار التي قدمها لم تحظَ بتأييد رسمي من الحكومة السعودية، لكن المسؤولين في الرياض كانوا على دراية بأفعاله، وأنه يبلغ عن جميع تفاعلاته مع الإسرائيليين لحكومته (آنذاك). وبينما رفض العضو المصري في هذه المجموعة حضور الجلسة، ربما بسبب قلقه من اقتراح عشقي بشأن غزة، توافق الأخير وهيرشفيلد على أن نقل «حماس» من كونها «حركة متشددة» إلى «الاتجاه الصحيح» قد يستغرق وقتاً.
أما عن الطريقة، فهي «تحييد إيران في السياسة الفلسطينية... وإذا تلقى السعوديون الإشارات المناسبة من إسرائيل، (فسيُخلق) دور سعودي رائد في تحقيق الاستقرار في غزة. وسيتضمن ذلك نهجاً متعدد الأوجه، بما في ذلك الاعتراف العربي والفلسطيني (والإسرائيلي المفترض) بحماس». أيضاً، ستساهم المملكة في مساعدة القطاع اقتصادياً عبر الاستثمار المباشر وتطوير البنية التحتية، في حين أن على «حماس» الموافقة على نزع السلاح، في ظل إشراف عربي ودولي لإزالة مخزونات الحركة من الأسلحة، بما في ذلك جميع الصواريخ والقذائف.
محاولة للابتعاد عن مواجهة السعودية
مرّت العلاقة الحمساوية ــ القطرية بمنعطف مهم خلال الشهور الماضية، فبجانب أن «حماس» لم تتخذ موقفاً واضحاً بالاصطفاف مع الدوحة ضد الرياض، فقد اكتفت بردود محدودة على الاتهامات السعودية الكبيرة، رغم طلبات قطرية بتوسيع دائرة الرد، وخاصة في ما يرتبط بالعلاقة بين الطرفين، علماً بأن رئاسة مكتب الحركة في غزة، التي يقودها يحيى السنوار، أصدرت بيان نفي عن حديث نسب إليه وفحواه توتّر العلاقة مع قطر، أولاً بسبب الموقف من السعودية، وثانياً بسبب العلاقة المستجدة مع القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان.
تفسّر مصادر في «حماس» هذا السلوك بأنه نابع من التجربة الماضية، وخاصة الأزمة السورية التي دفّعت الحركة ثمناً كبيراً حتى على صعيد شعبيتها (في العالم العربي) في ظل سعيها الحالي إلى المصالحة مع سوريا ضمن محور المقاومة، رغم أنها تعترف بأن القاعدة الشعبية لها في فلسطين قد تتقبل ذلك أكثر من تقبلها فكرة التصالح مع النظام المصري، وتحديداً شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي ضرب جماعة «الإخوان المسلمين» في العمق، وهو ما تبدى في تمزيق بعض صوره التي علقت في غزة بعد المصالحة الفلسطينية.
وكانت أبرز مواجهة حمساوية ــ سعودية انتقاد الحركة تصريحات وزير خارجية المملكة عادل الجبير، قبل شهور، إذ قالت إنها تحرّض على الحركة... و«غريبة على مواقف المملكة التي اتسمت بدعم قضية الشعب الفلسطيني وحقه في النضال»، في إشارة إلى حديث الجبير أن «على قطر أن تتوقف عن دعم حماس والإخوان المسلمين» كشرط من شروط حل الأزمة الخليجية. ومن جانب آخر، أشادت الحركة بأول تصريحات للأمير القطري، تميم بن حمد، في بداية الأزمة (الثاني عشر من تموز الماضي)، وكلامه عن القضية الفلسطينية.
يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويتر | Abed_nassar1@
العدد ٣٣٤٤ السبت ٩ كانون الأول ٢٠١٧
http://www.al-akhbar.com/node/287654
تتركّز المحاججة القطرية بأن دور الدوحة كان «ترويض حماس» سياسياً بطلب أميركي (آي بي ايه)
شهدت العلاقة بين الدوحة و«حماس» شدّاً وجذباً في الأشهر الأخيرة، لكنها لم تصل إلى حدّ الاختلاف أو الافتراق، لعوامل عدة، مع أن ذلك لم يعنِ أن القطريين سجلوا ملاحظات على أداء الحركة في نواحٍ عدة.
بالتزامن مع ذلك، كانت «حماس» تمثّل تهمة يلصقها الخليج بقطر، فيما تدافع الأخيرة عن نفسها بالقول إنها كانت تؤدي دوراً متفقاً عليه إقليمياً ودولياً، والآن تستعين بمسؤولين إسرائيليين لتثبت أنها لم ترتكب أي خطأ جوهري أو تقني في تواصلها مع الحركة
عبد الرحمن نصار, بتول سليمان
تكشف رسالة رسمية قدمتها جماعة ضغط تؤدي دوراً في الكونغرس الأميركي، بالنيابة عن السفارة القطرية لدى واشنطن، سعي الدوحة إلى الاستعانة بمسؤولين إسرائيليين في سبيل تبرئتها من تهم تتعلق بدعم المقاومة في فلسطين، وتحديداً حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، في عملية «غسيل يد» من العلاقة التي كانت من أسباب اتهامها بـ«الإرهاب» وفق المقياس الخليجي.
صحيح أن ذلك لا يعني بحال قراراً قطرياً بقطع العلاقة مع «حماس»، أو حتى العلاقة الأقل وتيرة بـ«الجهاد»، وليس فيه قفزاً عن حدود التواصل السياسي والدعم الإعلامي والمشروعاتي، لكنها بكل الأحوال غير مفصولة عن سياق اعترفت وتعترف به قطر من رأسها حتى أخمص قدميها: مهمتنا كانت «ترويض حماس» بطلب أميركي.
الاستعانة بإسرائيليين
الرسالة المؤرّخة في الرابع والعشرين من الشهر الماضي كانت مرسلة من باري بينِت إلى أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي (أحد مجلسي الكونغرس) بالكامل، ورئيس مجلس النواب بول ريان، وكذلك زعيم الغالبية كيفن مكارثي، وناظر الغالبية الجمهورية في المجلس ستيف سكاليس. وقد عرّف بينت نفسه بأنه وكيل مسجل بالنيابة عن السفارة القطرية لدى واشنطن، علماً بأنه يعمل فيAvenue Strategies global LLC، وسبق له أن عمل مستشاراً أول لحملة دونالد ترامب الانتخابية، كما سبق أن خدم الرئيس الأسبق جورج و. بوش.
يشير بينت الموكل قطرياً إلى ضرورة الاطلاع على رسالة مرفقة كتبها العميد الاحتياط في الجيش الإسرائيلي شمعون شابيرا بشأن قانون H.R. 2712 المتعلق بـ«مكافحة الدعم الدولي للإرهاب الفلسطيني لعام 2017»، لافتاً إلى أهمية شهادة الخبير الإسرائيلي، وخاصة أن بعض النتائج في القانون المذكور «غير صحيحة من الناحية الواقعية». وفي النتيجة، يحث بينت الأعضاء على معارضة مرور H.R. 2712 بصيغته الحالية.
بالاطلاع على الرسالة المرفقة والمرسلة في التاريخ نفسه، والموجهة من شابيرا إلى العضو في الكونغرس براين ماست عن الحزب الجمهوري (مع نسخة عنه إلى باقي أعضاء مجلس النواب والشؤون الخارجية)، يؤكد الأول أنه بناء على عمله في المخابرات العسكرية الإسرائيلية... وعلى خبرته ومعرفته، يمكنه القول إن قطر لم تسلم سلاحاً لـ«حماس».
وزاد على ذلك أن الدوحة تساعد في المشاريع الإنسانية (في قطاع غزة) مثل بناء المنازل وأحياء جديدة، مشدداً على أنه حتى هذه العملية ــ ومن ضمنها إدخال مواد البناء ــ «تجري تحت إشراف مؤسسة الأمن الإسرائيلي برئاسة الجنرال بول موديشال» (دخول الوفود القطرية إلى غزة يكون من معبر «بيت حانون ــ إيريز» بالتنسيق مع إسرائيل).
وكّلت السفارة القطرية بالنيابة عنها خبيراً أميركياً كان قد خدم ترامب
وشابيرا، بجانب كونه عميد احتياط، يعمل باحثاً في «مركز القدس للسياسة العامة»، وقد أصدر كتاباً بعنوان «حزب الله بين إيران ولبنان» عن «مركز دايان» التابع لجامعة تل أبيب، كما أشار في رسالته إلى أن لديه شهادة دكتوراه في دراسات الشرق الأوسط، وأنه خبير في التخصص في التعامل مع حزب الله. كذلك، كان شابيرا قد حضر اجتماعات عُقدت بين مسؤول في الخارجية الإسرائيلية دوري غولد مع الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي في واشنطن.
والقانون موضع الحديث، H.R. 2712، كان قد قُدم في الخامس والعشرين في أيار الماضي، وينص على أن سياسة الولايات المتحدة يجب أن تقوم على «منع حماس والجهاد الإسلامي وأي تابعين أو لاحقين من الوصول إلى شبكات الدعم الدولي»، كما ينص على فرض «عقوبات على الأفراد والوكالات والدول الأجنبية الداعمة لحماس والجهاد الإسلامي أو التابعين لهما أو من يقف خلفهما».
وورد في البند الثاني منه (النقطة الثالثة) أن «حماس حصلت على دعم مؤثر (مالي وعسكري) من دولة قطر، كما احتضنت قطر عدداً من قادة حماس بمن فيهم خالد مشعل منذ 2012، الذي ظهر في مقابلات إعلامية عدة على شاشة الجزيرة المملوكة لقطر والمدعومة مالياً من أعضاء في العائلة الحاكمة»، مضيفاً أنه في آذار 2014، أكد وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والمخابرات أن «قطر (حليف قديم للولايات المتحدة) دعمت حماس علناً ولسنوات طويلة».
وطبقاً للبندين الثالث والرابع، فإنه مع إقرار المشروع ستتخذ عقوبات بحق الجهات والأشخاص التي «تساعد أو تموّل أو تقدم الدعم المالي أو اللوجستي أو التكنولوجي أو غير ذلك من الخدمات... أو تورط بشكل مباشر أو غير مباشر عن علم بصفقة ذات قيمة مع أي شخص موصوف» في الحركتين، وتحديداً إذا قدمت «دعماً مادياً لحماس أو الجهاد الإسلامي أو من يتبعهما أو يقف وراءهما».
إشراك «حماس» في التسوية
بعيداً عن السبب في إدراج قطر في نص القانون، ومدى علاقة ذلك بجماعات الضغط في الولايات المتحدة والأزمة الخليجية القائمة، أو هل للأمر علاقة بمحاولة أميركية لابتزاز قطر، فإن من المهم الإضاءة على وثيقة كان قد نشرها موقع «ويكيليكس» العام الماضي (2016)، ويمكن ضمّها إلى سلسلة من الاعترافات القطرية التي قدمها وزير الخارجية ورئيس الوزراء السابق، حمد بن جاسم، ومن قبله الأمير تميم بن حمد نفسه، عن طبيعة دور بلدهما في «احتواء حماس» وفق المقاس الأميركي، بل حضها على دخول الانتخابات الفلسطينية (اعترف تميم بذلك في أيلول 2014).
تقول الوثيقة التي يعود تاريخها إلى الرابع والعشرين من شباط 2010، إن محادثات بين ابن جاسم وجون كيري (كان آنذاك سيناتوراً في مجلس الشيوخ)، تضمنت تنبيهاً من الأول للثاني في الثالث عشر من ذلك الشهر، من أنه «سوف نخسر جميعاً 4 ــ 6 أشهر من الزمن في متابعة المحادثات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين»، مشدداً على أنه «من الخطأ تجاهل حماس في السعي للتوصل إلى اتفاق دائم».
وشرع رئيس الوزراء الأسبق، الذي قدم تصريحات لافتة أخيراً في هذا الشأن، يشرح لكيري أنه «من وجهة نظر قطر، هناك اختلافات في الأسلوب والنهج بين جناحي حماس، لكنهما متطابقان أيديولوجياً: قادة حماس في كل من دمشق وغزة مستعدون للاعتراف بإسرائيل، لكن يجب عليهم تعيير توقيت الاعتراف بعناية شديدة لأن مؤيدي الحركة غير مستعدين لهذا التغيير».
في هذا الإطار، اقترح ابن جاسم «اختيار عضو أو اثنين من أعضاء مجلس التعاون الخليجي والمغرب وسوريا لعضوية أساسية في الجامعة العربية (من أجل تشكيل) لجنة لمعالجة المخاوف الفلسطينية ــ الإسرائيلية»، منبهاً إلى أن «إعطاء سوريا دوراً من شأنه أن يخلق الغيرة بين العرب، بل هذا سيساعد الولايات المتحدة في تحريك المحادثات قدماً». أما عن مصر، فرأى أن «لديها مصلحة في إطالة أمد محادثات المصالحة الفلسطينية لأطول مدة... (القاهرة) ليس لديها نهاية للعبة، فهي تعمل كوسيط للمحادثات كمصلحة مصرية تجارية وحيدة مع الولايات المتحدة».
واللافت أن الأجواء السياسية السعودية لم تكن في تلك السنة بعيدة عما يحكى قطرياً، إذ تكشف وثيقة أخرى نشرها «ويكيليكس» العام الماضي وتعود إلى الخامس عشر من كانون الثاني 2010، عن مناقشة جرت بين مشاركين من السعودية والأردن ولبنان والسلطة الفلسطينية، وقدم خلالها المدير العام لـ«مؤسسة التعاون الاقتصادي» يائير هيرشفيلد (محاضر إسرائيلي في جامعة حيفا وله دور في عقد اتفاقية أوسلو)، إحاطة إعلامية عن الدورة الأخيرة لمجموعة عمل ثنائية حول السلام في الشرق الأوسط، عقدت في الرابع عشر من كانون الثاني 2009.
وكان من المشاركين أنور عشقي الذي أبلغ هيرشفيلد آنذاك أن مشاركته والأفكار التي قدمها لم تحظَ بتأييد رسمي من الحكومة السعودية، لكن المسؤولين في الرياض كانوا على دراية بأفعاله، وأنه يبلغ عن جميع تفاعلاته مع الإسرائيليين لحكومته (آنذاك). وبينما رفض العضو المصري في هذه المجموعة حضور الجلسة، ربما بسبب قلقه من اقتراح عشقي بشأن غزة، توافق الأخير وهيرشفيلد على أن نقل «حماس» من كونها «حركة متشددة» إلى «الاتجاه الصحيح» قد يستغرق وقتاً.
أما عن الطريقة، فهي «تحييد إيران في السياسة الفلسطينية... وإذا تلقى السعوديون الإشارات المناسبة من إسرائيل، (فسيُخلق) دور سعودي رائد في تحقيق الاستقرار في غزة. وسيتضمن ذلك نهجاً متعدد الأوجه، بما في ذلك الاعتراف العربي والفلسطيني (والإسرائيلي المفترض) بحماس». أيضاً، ستساهم المملكة في مساعدة القطاع اقتصادياً عبر الاستثمار المباشر وتطوير البنية التحتية، في حين أن على «حماس» الموافقة على نزع السلاح، في ظل إشراف عربي ودولي لإزالة مخزونات الحركة من الأسلحة، بما في ذلك جميع الصواريخ والقذائف.
محاولة للابتعاد عن مواجهة السعودية
مرّت العلاقة الحمساوية ــ القطرية بمنعطف مهم خلال الشهور الماضية، فبجانب أن «حماس» لم تتخذ موقفاً واضحاً بالاصطفاف مع الدوحة ضد الرياض، فقد اكتفت بردود محدودة على الاتهامات السعودية الكبيرة، رغم طلبات قطرية بتوسيع دائرة الرد، وخاصة في ما يرتبط بالعلاقة بين الطرفين، علماً بأن رئاسة مكتب الحركة في غزة، التي يقودها يحيى السنوار، أصدرت بيان نفي عن حديث نسب إليه وفحواه توتّر العلاقة مع قطر، أولاً بسبب الموقف من السعودية، وثانياً بسبب العلاقة المستجدة مع القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان.
تفسّر مصادر في «حماس» هذا السلوك بأنه نابع من التجربة الماضية، وخاصة الأزمة السورية التي دفّعت الحركة ثمناً كبيراً حتى على صعيد شعبيتها (في العالم العربي) في ظل سعيها الحالي إلى المصالحة مع سوريا ضمن محور المقاومة، رغم أنها تعترف بأن القاعدة الشعبية لها في فلسطين قد تتقبل ذلك أكثر من تقبلها فكرة التصالح مع النظام المصري، وتحديداً شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي ضرب جماعة «الإخوان المسلمين» في العمق، وهو ما تبدى في تمزيق بعض صوره التي علقت في غزة بعد المصالحة الفلسطينية.
وكانت أبرز مواجهة حمساوية ــ سعودية انتقاد الحركة تصريحات وزير خارجية المملكة عادل الجبير، قبل شهور، إذ قالت إنها تحرّض على الحركة... و«غريبة على مواقف المملكة التي اتسمت بدعم قضية الشعب الفلسطيني وحقه في النضال»، في إشارة إلى حديث الجبير أن «على قطر أن تتوقف عن دعم حماس والإخوان المسلمين» كشرط من شروط حل الأزمة الخليجية. ومن جانب آخر، أشادت الحركة بأول تصريحات للأمير القطري، تميم بن حمد، في بداية الأزمة (الثاني عشر من تموز الماضي)، وكلامه عن القضية الفلسطينية.
يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويتر | Abed_nassar1@
العدد ٣٣٤٤ السبت ٩ كانون الأول ٢٠١٧
http://www.al-akhbar.com/node/287654