المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بين اقوال مونتسكيو وتحركات سالم العلي الصباح .....محمد عبدالقادر الجاسم



هاشم
06-09-2005, 12:20 AM
السلطة تحد السلطة

محمد عبدالقادر الجاسم


على الاقل خلال الفترة التي سبقت تولى المرحوم الشيخ احمد الجابر وعلى امتداد الفترة الماضية ولغاية يوليو 2003 ،كانت هناك معادلة سياسية غير مكتوبة لكنها قائمة بوضوح داخل الاسرة الحاكمة في الكويت. هي ليست معادلة اقتسام السلطة والتوازن بين الفروع الحاكمة والفروع الحليفة، وانما هي معادلة عبّر عنها الفيلسوف مونتسكيو بقوله "السلطة توقف السلطة".

كان وجود شيخين متنافسين اوحتى اكثر يرسم خطا احمرا يمنع اقطاب السلطة من التعسف، وكانت المنافسة تحد من النزعة الفطرية لدى الحكام في التمادي والتسلط وكانت المنافسة بين الشيوخ عامل مهم يخدم مصلحة الكويت الى حد معين ، فالاقطاب كانت تعمل جاهدة لاستقطاب الناس والقوى السياسية .

كان لدينا شيخ متسلط يقابله شيخ متسامح وديمقراطي ، كان لدينا شيخ بخيل يقابله شيخ كريم، كان لدينا شيخ انعزالي يقابله شيخ منفتح، كان لدينا شيخ جاهل يقابله شيخ مثقف ومطلع، كان لدينا شيخ يحتقر الناس يقابله شيخ شعبي تحبه الناس، كان لدينا شيخ متهور يقابله شيخ حكيم رزين...لقد كانت المشيخة تضم كل الشخصيات المتناقضة فيما بينها وكانت بعض تلك الشخصيات تسعى للحكم والسيطرة لذلك يمكن القول ان اختلاف الشيوخ يحقق نتائج شبيهة بنتائج اختلاف الائمة في الاسلام.

ويمكن القول ان معادلة التنافس او المعادلة القطبية عززت عموما النزعة البراجماتية التي تتحلى بها الاسرة الحاكمة في الكويت .

فقد كانت تحركات عبدالله السالم واتصالاته مع القوى الوطنية وثقافته وانفتاحه عامل توازن في فترة حكم احمد الجابر . كما كانت تحركات جابر العلي وسعد العبدالله وصباح الاحمد السبب المباشر لتطور القوى الوطنية بما فيها التيارات الاسلامية حيث اتاح التنافس بين الشيوخ مساحة تلعب فيها تلك القوى وتتحرك بدعم من هذا الشيخ او ذاك. واذا كانت تحركات وطموح جابر العلي مصدر قلق لشيوخ اخرين فقد كان وجود صباح السالم معزز لشعبية وبساطة الاسرة الحاكمة مقابل التيار الانعزالي .

ثم وبعد تولي الشيخ سعد ولاية العهد كان التنافس بينه وبين الشيخ صباح الاحمد سبب لنمو القوى السياسية بشقيها الليبرالي والاسلامي ، كما كان وجود سالم الصباح مؤثر ايضا في ترجيح كفة على حساب اخرى .

ورغم مزايا المعادلة القطبية الا انها من المؤكد عطلت التنمية في البلاد وتسببت في احداث شرخ عميق في الولاءات داخل الاسرة الحاكمة وفي عموم الطبقة السياسية. غير ان تلك المساوىء للقطبية لم تكن نتاج طبيعي لها بقدر ما كانت نتاج خروج المنافسة عن الحد الطبيعي ، فقد وصلت الامور الى حدود لم تكن متوقعة وكانت قضية اغلاق جريدتي السياسة والوطن احدى صور ذلك الخروج!!

لقد كانت القطبية تقسم المجتمع الى ثلاث فئات : فئة تعمل مع هذا القطب وفئة تعمل مع ذاك القطب وفئة محايدة تفضل الحذر والابتعاد عن صراع الشيوخ. وطبيعي ان الفئات الثلاث متناثرة في اطار القوى السياسية والطبقة الاقتصادية وبالطبع في البرلمان ومجلس الوزراء والاسرة الحاكمة ,وكان هذا الوضع مصدرالمساحة الواسعة التي حصلت عليها القوى السياسية وكذلك تكريس منهج الحل الوسط.

لكن منذ صيف 2003 وبالنظر لتداعيات مرض الشيخ سعد والشيخ سالم الصباح واستمرار عزوف الشيخ سالم العلى انهارت المعادلة القطبية رسميا حين تم فصل رئاسة الوزراء عن ولاية العهد ،ودان الامر للشيخ صباح الاحمد الذي شرع في ابعاد معارضيه داخل الاسرة الحاكمة فابعدهم عن مراكز القرار وقّرب الشيوخ الموالين له واصبح معيار العمل مع الشيخ صباح هو الولاء المطلق له فجاءت غلبة هذا المعيار على معايير الكفاءة والتوازن بين فروع الاسرة وايضا من جهة القوى السياسية.

وبالطبع فإن سياسة الشيخ صباح في ابعاد كل من هو محسوب على المنافسين السابقين هي نتاج تجربته السياسية فهو نشأ في اجواء التنافس السياسي وصراع الاقطاب لذلك لم يتمكن من التخلص من هاجس الشك العميق لديه وهو ان هناك من يسعى دائما لاضعاف سلطته او حتى تنحيته من رئاسة الوزراء او قطع الطريق امامه لتولي الحكم.

ولعل سقوط معادلة القطبية له فوائد من اهمها تراجع حدة التنافس بين اقطاب الاسرة بما له من آثار ضارة. غير ان قوة شخصية الشيخ صباح وجراته وما يتمتع به من دهاء سياسي ورغبته في اثبات تفوقه على اقرانه وسعيه لتحقيق اي انجاز يسجل له في تاريخه دفعه هذا كله الى فرض اسلوبه على نحو شخصي اي انه يعتبر من لا يتفق معه في الرأي خصم شخصي تجب ازاحته. ونظرا لما يتردد بين عامة الناس وخاصتهم بشأن قدرة الشيخ صباح على الاضرار بخصومه، فقد انتشر اسلوب الاقصاء السياسي وكذلك ترعرعت فكرة الاخصاء السياسي، وبين الاخصاء والاقصاء جبرا او اختيارا تراجعت الحريات الصحفية بعد ان كانت قد بلغت مرحلة غير مسبوقة في تاريخها من جهة قسوة الانتقادات الموجهة الى الشيخ صباح نفسه فأعادت الصحافة رسم حدودها واصبحت تحوم حول الترويج المباشر للشيخ صباح او الامتناع عن انتقاده خوفا من غضبه. ونظرا لتزامن انهيار المعادلة القطبية مع سقوط نظام صدام حسين وارتفاع اسعار النفط ونمو الحركة التجارية في البلاد فقد تفشى النفاق السياسي في اوساط طبقة رجال الاعمال واصبح الفساد هو الاصل . وفي نطاق مجلس الامة والقوى السياسية فقد ارتفعت التكلفة المالية لتطويع السياسيين و اصبح الدينار سيد الموقف بجدارة خاصة مع انتفاخ كروش قادة التنظيمات الاسلامية وغيرها.

ومما عزز هذه الاجواء غير الصحية ان الشيخ صباح يكره مصاحبة من يطلق عليهم رجال دولة ، فهؤلاء يلوذون بالصمت وهم يجاملون ولا تكاد تسمع صوتهم حين يدور الحديث حول الاوضاع وترديها، ولو استعرضنا اسماء الفريق الذي يعمل مع الشيخ صباح فلن نجد احد منهم يمكن ان يقال انه رجل دولة .

ولأن الشيخ صباح محروم من ميزة مخالطة رجال الدولة فهو يرتكب اخطاء استراتيجية تتعدى آثارها مرحلة حكمه.

وازاء اختفاء المعادلة القطبية بين الشيوخ كان من المفترض ان تبرز اقطاب شعبية من خارج الاسرة تكون قادرة على منع التمادي وخلق التوازن غير ان رئيس مجلس الامة وهو الشخصية المؤهلة بحكم المنصب للقيام بهذا الدور آثرت السلامة والجلوس تحت شجرة الشيخ صباح وبالتالي قطف الثمار، وبالنظر لعدم وجود اي قيادة شعبية ذات اثر فقد خلت الساحة تماما الا من نفر محدود من النواب الذين يهمهم اعادة انتخابهم وتخليص معاملاتهم.لذا فقد اصبح القول ان الشيخ صباح نجح في تطويع الجميع هو قول سديد.

ووسط هذه الاجواء بدأ الشيخ سالم العلي تحركات محدودة لم تحصل على الجدية الكافية بالنظر لابتعاد الشيخ سالم عن اللعبة السياسية طوال العقود الماضية حيث كان مكتفيا برئاسة الحرس الوطني غير انه اطلق تصريحات صحفية مؤخرا وبدأ في عقد اجتماعات مع بعض افراد الاسرة ومن بينهم من يتوجس منهم الشيخ صباح ورغم ضيق نطاق تحركات الشيخ سالم العلي الا انها نجحت في اثارة قلق الشيخ صباح الذي لا يريد عودة المعادلة القطبية بالنظر لوجود قرارات مهمة على مستوى الاسرة تنتظر .وقد عقد الشيخ صباح اكثر من لقاء مع الشيخ سالم العلي بحضور بعض ابناء الاسرة غير ان تلك الاجتماعات كما تسرب باعدت بين الشيخين.

ولست اعلم مدى قدرة الشيخ سالم العلي على استمرارية التحرك ومدى فاعليته لكن يجب النظر الى تلك التحركات على انها ممهدة لعودة المعادلة القطبية او معادلة التوازن ...فكما قال مونتسيكيو: السلطة تحد السلطة!!

والى ان يتمكن الشيخ سالم العلي من اعادة العمل بمعادلة القطبية او يبرز شيخ اخر ,فان البلاد تقترب اكثر فاكثر نحو الحكم الفردي وهي مرحلة يتنامى فيها تعظيم الاشخاص وتتوارى فيها الشجاعة وترتفع هامات الكذب وينتعش سوق سماسرة الكلام . هي باختصار مرحلة تتوق اليها " ام خضير" فقد اصبح الزمان زمانها!!!


3/6/2005

هاشم
06-09-2005, 12:26 AM
موقع لا يطوفكم وهو خاص بمحمد عبدالقادر الجاسم المحامي رئيس تحرير الوطن السابق ، ويبدو انه اعتلى صهوة المعارضة من أوسع ابوابها عبر النقد الحاد لرئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد وعائلة الصباح ، والأيام القادمة سوف تشهد رد فعل من السلطة على هذا النقد وبالتالى سوف يفتح الباب على ردود فعل مختلفة من كافة الأطراف كما أتوقع .

اقرأوا هذه المقالات
http://www.aljasem.org

موالى
06-14-2005, 06:46 PM
أخ هاشم

لم تتحرك السلطة حسب توقعاتك ، يبدو إن مساحة الحرية لديها يسمح بوجود مثل هذا النقد ولو كان تجاه أعلى المستويات السياسية .

عبدالحليم
06-14-2005, 09:05 PM
الجاسم هو تقليديا محسوب على الحكومة من ايام جريدة الوطن (الحكومية)

وطالما كلامه هو حول اسلوب ادراة الامور في البلد وليس الاطاحة بالنظام الاميري

في الكويت .. فأعتقد ان الحكومة ستتركه وربما مثل هذه الاصوات المعارضة هامة

للكويت في الخارج حتى تبين ان هناك معارضة للشيوخ في الكويت .. خصوصا في

اجواء الديمقراطية والاصلاح التي تردد بكثره هذه الايام .