المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الهوس بـ «الماركات» يطغى على حياة البعض



yasmeen
06-07-2005, 04:42 PM
مجانين بالأصل.. ومجانين بالصـــورة

تحقيق: محمد حنفي

يشكل اقتناء الماركات العالمية من الساعات إلى الملابس ومن الأحذية إلى النظارات ومن الحقائب إلى زجاجات العطر نوعا من الهوس لدى الكثيرين الذين يحرصون على اقتناء ماركات تحمل أسماء كبار المصممين العالميين أمثال «ديور» و«جيفنشي» و«سيلين» أو ماركات تحمل أسماء العلامات التجارية العابرة للقارات. لكن الغريب أن هناك نوعا من الهوس أيضا لدى قطاع عريض بالماركات المقلدة أو المستنسخة عن الأصل العالمي، إنها ثقافة الماركات.


يقول محمد سويدان وهو بائع في محل لبيع الإكسسوارات المختلفة من أطقم ساعات وحقائب مقلدة عن ماركات عالمية:

ـ هذه التصميمات المقلدة لها رواج كبير خاصة بين النساء، حيث من الصعب التعرف على الفرق بين الماركة الأصلية والمقلدة، ولا يعرف ذلك إلا من لديه خبرة كبيرة في الماركات الأصلية. كما أن هذه الإكسسوارات ترتدى غالبا في المناسبات المهمة، وبعض النساء يأتين ويطلبن تصميما مقلدا عن الأصل وأحيانا نقوم بطلب هذا التصميم عن طريق البريد الإلكتروني.

ويواصل سويدان كلامه قائلا :

ـ تختار هذه التصميمات المقلدة عن طريق كتالوجات تحمل صور الماركات الأصلية وصور التصميمات المقلدة، ويتعاقد على هذه الماركات المقلدة عن طريق مخاطبة المصممين في الصين وتايلاند عبر البريد الإلكتروني. وهذه التصميمات رغم أنها تكاد تكون نسخة طبق الأصل من الماركة العالمية الأصلية، فإنها تحمل اسما آخر لأن الماركة الأصلية تعتبر بمنزلة علامة تجارية يمنع استخدامها لأن هذا مخالف للقانون. وفي حالة ضبط محل يبيع ماركات مقلدة وتحمل أسماء ماركات عالمية أصلية يخالف المحل.

وقد أغلقت وزارة التجارة مؤخرا محلا في السالمية لأنه باع ماركات مقلدة بأسماء عالمية، تقليد الماركات العالمية درجات والأولى هي الأعلى سعرا فمثلا الحقيبة التي تحمل اسم «ديور» قد يصل سعرها إلى 300 دولار، تقلد وتحمل اسما مختلفا وتباع بـ 25 دينارا.


ساعات ليست لمعرفة الوقت
إذا كانت الساعة قد اخترعت من أجل معرفة الوقت فإنها لدى البعض أكثر من ذلك كما يقول عمار فضل الله اختصاصي الساعات. كما أن الساعات من أكثر المجالات التي توضح التناقض العجيب بين الماركات الأصلية والمقلدة. يقول فضل الله:

ـ للساعات الأصلية عشاق لا يرغبون في سواها، حيث أن اقتناء هذه الساعات لدى هؤلاء العشاق هواية مكلفة الثمن لكنها تسعدهم، اذ يشعر هؤلاء بأن ارتداء ساعة غالية من ماركة عالمية مثل «كارتييه» أو «بولغري» أو «أوميغا» أو «رولكس» يصل سعرها إلى عدة آلاف يمنحهم السعادة والفخر، فعلى سبيل المثال تباع في الكويت ساعات من هذه الماركات الغالية يصل سعر الواحدة إلى 14000 دينار وهي مرصعة بالماس بلجيكي، وهناك ساعات يصل سعرها إلى 5000 دينار وهناك ساعات من ماركة «جوفيال» يصل سعرها إلى 1000 دينار تحتوي على الماس بلجيكي، وعشاق هذه الماركات الأصلية الغالية يرون في اقتنائها نوعا من الفخامة والمكانة.

بينما الماركات المقلدة مثل «فلامنجو»، وهي تصميم مقلد عن الماركة الأصلية «رولكس»، تباع بسعر 25 دينارا حيث ترصع بالكريستال بدلا من الألماس. وهناك أيضا ساعات تأتي من الصين وهونغ كونغ وتحمل أسماء الماركات العالمية نفسها وهذه تسمى ماركات مقلدة وليست من تصميم مقلد عن الأصل.

ولهذه الماركات المقلدة أيضا عشاق كثيرون وهؤلاء عادة من الذين يحبون التغيير بين فترة وأخرى حيث يعشقون وضع ساعة جديدة في أيديهم كل فترة. ومن واقع خبرتي أكاد أقول ان عشاق الساعات الأصلية والمقلدة يتشابهون.


عطور فايف ستارز
تتمتع العطور بشعبية جارفة بين الناس في الكويت، حيث توجد عشرات الماركات الأصلية والمقلدة التي تباع على رفوف أرقى المحلات وعلى الرصيف. تقول عبيدة صنديد (اختصاصية عطور):

ـ للعطور جمهور كبير في الكويت التي يوجد على أرضها عشرات الجنسيات المختلفة الأذواق. هناك من يعشق الماركات الأصلية الغالية الثمن، التي قد يصل سعر الزجاجة منها إلى 70 دينارا وعشاقها من طبقة «الفايف ستارز» من أصحاب الدخل المرتفع الذين لديهم ثقافة واسعة بعالم العطور ويتابعون أخبارها من خلال إعلانات التلفزيون والصحف والمجلات، حتى أن البعض بمجرد أن يشاهد إعلانا عن عطر من ماركة عالمية ينزل مباشرة إلى السوق لشرائه ولا يهتم بالسعر كثيرا.

والغالبية من هذه الفئة من النساء اللواتي يفضلن الماركات الأصلية خوفا على بشرتهن من الماركات المقلدة الرخيصة.

لكن هناك أيضا الماركات المقلدة التي تحمل الأسماء العالمية نفسها أو تغير بعض الحروف في أسمائها يتراوح سعرها بين 5 و 10 دنانير حيث لها جمهور كبير سواء من النساء أو الرجال. هؤلاء لا يبحثون عن ماركة وإنما يفضلون الدخول إلى المحلات وتجربة العطر بأنفسهم وشراء ما يعجبهم.

كما أن هذه الماركات المقلدة لها رواج أيضا لأن الكويت تضم عددا كبيرا من الوافدين، والهدية المفضلة لدى الكثيرين زجاجة عطر رغم أن هناك من يشتري أيضا الماركات العالمية كهدايا.


نظارات للأناقة
وربما كانت النظارات من أوسع الماركات انتشارا خاصة بين الشباب وخصوصا الشمسية منها. وتقول أم سلمان (اختصاصية نظارات):

ـ النظارات أصبحت مظهرا من مظاهر الأناقة والوجاهة هذه الأيام خاصة بين الشباب الذين يحرصون على اقتناء نظارة أنيقة ذات ماركة معروفة. لكن هناك مستويات من الماركات أسعارها مرتفعة حيث تبدأ من 70 دينارا وقطع غيارها غالية جدا، فإصلاح أقل شيء فيها قد يصل إلى 30 دينارا، وهذه الماركات العالمية تقتنيها فئة محدودة من الشباب والفتيات الذين يستطيعون دفع هذا المبلغ المرتفع في نظارة لن تعمر طويلا. وهذه الماركات العالمية لا تباع إلا في عدد محدود من المحلات.

أما الماركات الشعبية الرخيصة فرائجة بين الشباب والكبار من الجنسين خاصة من أصحاب المستوى المادي المتوسط لأن أسعارها معقولة وفي متناول الجميع، حيث تبدأ من 25 دينارا.

أما كبار السن الذين يرتدون نظارات طبية فلا تهمهم الماركة وإنما يهمهم الراحة والسعر المعقول لأنهم يستعملون النظارات كثيرا لذا تناسبهم الماركات الرخيصة.

رأي علم النفس
حالتك المادية والنفسية تحدد ماركاتك

يؤكد الاستشاري النفسي د.حسن الموسوي أن اقتناء الماركات سواء الأصلية أو المقلدة سمة لعصر الاقتصاد الحر والعولمة والفضائيات المفتوحة ويقول: وراء هذه الماركات شركات متعددة الجنسية عابرة للقارات بميزانية ضخمة ولا توجد مشكلة عندما يقوم الشخص بشراء ماركة موثوق بها تتميز بشروط الجودة التي تمنحها قيمة. لكن المشكلة أن اقتناء الماركات في المجتمعات العربية تحول في السنوات الأخيرة إلى نوع من الهوس.

وقد يرى البعض أن هذا الهوس شيء عادي في ظل طغيان الصناعة الغربية على الماركات الوطنية، كما أننا مازلنا في عالمنا العربي نستورد كل شيء من الغرب لكن ما يهمنا هنا من وجهة نظر علم النفس أن وراء هذا الهوس باقتناء الماركات الكثير من الأشياء السلبية.

فنحن في العالم العربي لدينا اعتقاد راسخ بأن الأشخاص الذين يقتنون الماركات العالمية باهظة الثمن هم من الأثرياء الذين يتمتعون بمكانة مرموقة ولذا أصبحت الماركة هي التي تحدد مكانة الشخص، وبالتالي أصبحت الرغبة في الحصول على الماركة العالمية التي يبرز أسمها أمام الجميع من أجل إضفاء مكانة مصطنعة ولا يسعى الأثرياء فقط لذلك بينما قد ندهش عندما نعلم أن أصحاب المكانة المتواضعة قد يكونون أكثر حرصا على ذلك أيضا.

ويشير الموسوي إلى أن بعض الأشخاص الذين لديهم هوس باقتناء الماركات مهما كانت درجة أصالتها يعانون عدم الاستقرار النفسي وعدم الثقة بالنفس ويقول: انهم يلجأون إلى نوع من خداع الذات والتعويض عن ذلك باقتناء السيارة والساعة والنظارة التي تحمل الماركات العالمية ومثل هؤلاء يختبئون وراء الماركة.

ومن السلبيات أيضا أن هذه الماركات أصبحت بين الشباب نوعا من التقليد الأعمى لثقافات غريبة عنا وتقليدا لنجوم ومشاهير يرتدون هذه الماركات في الأفلام والمسلسلات والفيديو كليب. إذن الهوس بالماركات يحدده المستوى المادي والحالة النفسية للشخص وتلعب وسائل الإعلام والإعلانات والأفلام والأغاني دورا في ترويجه حيث أصبح الشخص المثقف الواسع الإطلاع هو الذي يعرف ويقتني أكبر عدد ممكن من أسماء الماركات العالمية.