جمال
06-07-2005, 04:15 PM
اكتسبت الحرية .. ولكن من دون ضمانات
بغداد: جوناثان فاينر
اصدرت إسراء شاكر اول عدد من صحيفة « ايراك توداي» (العراق اليوم) على أوراق مخططة بعد سقوط نظام صدام حسين بعشرة أيام. وبعد ثلاثة أشهر تعقبها رجل من مكان عملها إلى بيتها وصوب بندقيته نحو رأسها.
كانت اسراء قد نشرت قصة حول مجموعة اصولية متطرفة تجبر النساء على ارتداء الحجاب. وقام أحدهم بتوزيع منشور يدعو الى قتلها، وقال لها زميل، له علاقات مع المتمردين، إن تكلفة حذف اسمها من قائمة المهددين بالقتل هو 200 دولار لكنها رفضت أن تدفع، ومع ذلك فان القاتل المكلف تنفيذ التهديد لم يضغط على الزناد.
قالت اسراء «لا أعرف حتى الآن لمَ لم يقتلني... أظن أنه كان مجرد تحذير». وفي مكتب غاص بصحف قديمة وحلي صغيرة جمعتها من رحلاتها الى بلدان الشرق الأوسط تحتفظ اسراء، 29 سنة، معها بهاتف جوال موصول بأذنيها ودفتر ملاحظات في جيبها مع مسدس من عيار 7 ملم على خصرها. وبعد عامين على صدورها أصبحت صحيفة «ايراك توداي» تبيع ما يقرب من 5 آلاف نسخة يوميا وتطبع على صفحات كبيرة. واستعانة اسراء بالسلاح تشير الى إن العراق الجديد لم يتكيف بسهولة مع الحريات الجديدة التي كسبتها صحافته وهي حريات يقول أنصارها إنها ، كما الانتخابات النزيهة والحرة، أساسية من أجل تغذية وتطوير الديمقراطية. وحتى الآن قتِل ما لا يقل عن 85 صحافيا وعاملا في ميدان الصحافة في العراق منذ مارس (اذار) 2003.
ويشكل العراقيون النسبة العظمى بين القتلى حسب المنظمة الدولية للصحافيين التي فتحت لها مكتبا في بغداد في أبريل (نيسان). كانت الأحداث التي وقعت في الفترة الأخيرة مثيرة للقلق إذ قتل خمسة صحافيين خلال أربعة أيام في أبريل الماضي وبينهم أحمد الربيعي المراسل في صحيفة «الصباح» الذي اختطف وتردد أن رأسه قطع لاحقا. وفي نهاية ذلك الشهر صدرت حكم بالسجن على صحافيين من محافظة واسط (الكوت) بسبب كتابتهما موضوعات تنتقد البلدية والشرطة حسب الجمعية العراقية للدفاع عن الصحافيين التي تحقق حاليا في مزاعم عن وقوع ترهيب من قبل الحكومة العراقية والشرطة ضد الصحافيين.
ويوم 16 الشهر الماضي وعلى طريق الخط السريع جنوبي بغداد تم إيقاف حافلة صغيرة تحمل 13 راكبا بينهم ثلاثة صحافيين يحملون بطاقات عبور خاصة بالصحافيين. وحسب سمير العادلي من هيئة الصحافة الوطنية العراقية فإن الصحافيين الثلاثة قتلوا رميا بالرصاص. وقال روبرت شاو، مسؤول الإعلام وحقوق الإنسان من المنظمة الدولية، للصحافيين «في الوقت الحاضر الأمور تسوء أكثر فأكثر بالنسبة للصحافيين وهي أكثر صعوبة بالنسبة للصحافيين العراقيين. وحينما أرسل الإعلام الغربي صحافييه إلى العراق كان جادا في مسائل مثل التأمين والتدريب لمواجهة الأوضاع الخطرة مع توفير العدة الخاصة لظروف كهذه. لكن قليلا من المراسلين العراقيين لديهم أي من هذه العناصر الحامية لهم، وحينما يُقتلون لا تكسب أسرهم أي شيء لأن أصحاب أشغالهم لا يمتلكون مصادر كافية لتغطية متطلباتهم».
كانت الصحافة مهنة خطيرة قبل الغزو الأميركي للعراق. فحينذاك كان عدي صدام حسين المعروف بقسوته وإجرامه يشرف على الإعلام، وكانت إسراء شاكر تعمل آنذاك مراسلة في صحيفة «الاتحاد». ومثل بقية الصحف العراقية كان على تلك الصحيفة أن تنشر صورا لعدي أو صدام على صدر صفحاتها الأولى وكان على المراسلين أن يقدموا أسئلتهم للمسؤولين الحكوميين قبل أسبوعين من إجراء المقابلة، ولم يكن مسموحا بأي نوع من التحقيق اللاحق، وأي خطأ يحدث حتى ذلك الناجم عن دون قصد مثل وضع تاريخ خطأ تكون مكافأته العقاب ضربا لمن وقع فيه.
وبعد سقوط النظام السابق تزايد عدد الصحف والمجلات إلى حد المائتين مطبوعة في كل أنحاء العراق ويطمح الصحافيون باستغلال هذه الفرصة لكي ينشروا بحرية. ومن جانبها قامت الولايات المتحدة بضخ أموال إلى «شبكة الإعلام العراقي» وهي مجموعة تضم محطة تلفزيون وإذاعة وصحيفة. وقال ريتشارد شميرر مسؤول العلاقات العامة في السفارة الأميركية ببغداد «في البدء كان مستوى المسؤولية مع الإعلام ليس كما يتمنى الشخص أن يشاهد. لكن الآن ومع تقلص عدد الصحف بشكل كبير أصبح هناك ارتفاع في المستوى من حيث النوعية. والصحافة هي عنصر أساسي لتطور المجتمع العراقي». وأوضح آخر استطلاعات للرأي أن العراقيين يحصلون على الأخبار من خلال التلفزيون، لكن بغداد وحدها فيها ما لا يقل عن 100 مطبوعة تتوزع بين صحف تصدرها بشكل منتظم منظمات سياسية ودينية وصحف مستقلة.
وعلى الرغم من المخاطر فإن الصحافة كحرفة لها إقبال كبير حاليا، حسبما قالت حميدة سميسم من كلية الإعلام في جامعة بغداد، حيث يوجد 750 طالبا يدرسون الصحافة مقارنة بخمسمائة طالب قبل عامين. وقالت سميسم «إنها مهنة خطيرة لكن معظم الوظائف في العراق خطيرة الآن والصحافة أصبحت اليوم موضة... هناك قدر كبير من الفوضى منذ سقوط نظام صدام حسين وخلال هذه الفوضى بدأ النظام يتشكل... الصحافة عمل مهم جدا».
بغداد: جوناثان فاينر
اصدرت إسراء شاكر اول عدد من صحيفة « ايراك توداي» (العراق اليوم) على أوراق مخططة بعد سقوط نظام صدام حسين بعشرة أيام. وبعد ثلاثة أشهر تعقبها رجل من مكان عملها إلى بيتها وصوب بندقيته نحو رأسها.
كانت اسراء قد نشرت قصة حول مجموعة اصولية متطرفة تجبر النساء على ارتداء الحجاب. وقام أحدهم بتوزيع منشور يدعو الى قتلها، وقال لها زميل، له علاقات مع المتمردين، إن تكلفة حذف اسمها من قائمة المهددين بالقتل هو 200 دولار لكنها رفضت أن تدفع، ومع ذلك فان القاتل المكلف تنفيذ التهديد لم يضغط على الزناد.
قالت اسراء «لا أعرف حتى الآن لمَ لم يقتلني... أظن أنه كان مجرد تحذير». وفي مكتب غاص بصحف قديمة وحلي صغيرة جمعتها من رحلاتها الى بلدان الشرق الأوسط تحتفظ اسراء، 29 سنة، معها بهاتف جوال موصول بأذنيها ودفتر ملاحظات في جيبها مع مسدس من عيار 7 ملم على خصرها. وبعد عامين على صدورها أصبحت صحيفة «ايراك توداي» تبيع ما يقرب من 5 آلاف نسخة يوميا وتطبع على صفحات كبيرة. واستعانة اسراء بالسلاح تشير الى إن العراق الجديد لم يتكيف بسهولة مع الحريات الجديدة التي كسبتها صحافته وهي حريات يقول أنصارها إنها ، كما الانتخابات النزيهة والحرة، أساسية من أجل تغذية وتطوير الديمقراطية. وحتى الآن قتِل ما لا يقل عن 85 صحافيا وعاملا في ميدان الصحافة في العراق منذ مارس (اذار) 2003.
ويشكل العراقيون النسبة العظمى بين القتلى حسب المنظمة الدولية للصحافيين التي فتحت لها مكتبا في بغداد في أبريل (نيسان). كانت الأحداث التي وقعت في الفترة الأخيرة مثيرة للقلق إذ قتل خمسة صحافيين خلال أربعة أيام في أبريل الماضي وبينهم أحمد الربيعي المراسل في صحيفة «الصباح» الذي اختطف وتردد أن رأسه قطع لاحقا. وفي نهاية ذلك الشهر صدرت حكم بالسجن على صحافيين من محافظة واسط (الكوت) بسبب كتابتهما موضوعات تنتقد البلدية والشرطة حسب الجمعية العراقية للدفاع عن الصحافيين التي تحقق حاليا في مزاعم عن وقوع ترهيب من قبل الحكومة العراقية والشرطة ضد الصحافيين.
ويوم 16 الشهر الماضي وعلى طريق الخط السريع جنوبي بغداد تم إيقاف حافلة صغيرة تحمل 13 راكبا بينهم ثلاثة صحافيين يحملون بطاقات عبور خاصة بالصحافيين. وحسب سمير العادلي من هيئة الصحافة الوطنية العراقية فإن الصحافيين الثلاثة قتلوا رميا بالرصاص. وقال روبرت شاو، مسؤول الإعلام وحقوق الإنسان من المنظمة الدولية، للصحافيين «في الوقت الحاضر الأمور تسوء أكثر فأكثر بالنسبة للصحافيين وهي أكثر صعوبة بالنسبة للصحافيين العراقيين. وحينما أرسل الإعلام الغربي صحافييه إلى العراق كان جادا في مسائل مثل التأمين والتدريب لمواجهة الأوضاع الخطرة مع توفير العدة الخاصة لظروف كهذه. لكن قليلا من المراسلين العراقيين لديهم أي من هذه العناصر الحامية لهم، وحينما يُقتلون لا تكسب أسرهم أي شيء لأن أصحاب أشغالهم لا يمتلكون مصادر كافية لتغطية متطلباتهم».
كانت الصحافة مهنة خطيرة قبل الغزو الأميركي للعراق. فحينذاك كان عدي صدام حسين المعروف بقسوته وإجرامه يشرف على الإعلام، وكانت إسراء شاكر تعمل آنذاك مراسلة في صحيفة «الاتحاد». ومثل بقية الصحف العراقية كان على تلك الصحيفة أن تنشر صورا لعدي أو صدام على صدر صفحاتها الأولى وكان على المراسلين أن يقدموا أسئلتهم للمسؤولين الحكوميين قبل أسبوعين من إجراء المقابلة، ولم يكن مسموحا بأي نوع من التحقيق اللاحق، وأي خطأ يحدث حتى ذلك الناجم عن دون قصد مثل وضع تاريخ خطأ تكون مكافأته العقاب ضربا لمن وقع فيه.
وبعد سقوط النظام السابق تزايد عدد الصحف والمجلات إلى حد المائتين مطبوعة في كل أنحاء العراق ويطمح الصحافيون باستغلال هذه الفرصة لكي ينشروا بحرية. ومن جانبها قامت الولايات المتحدة بضخ أموال إلى «شبكة الإعلام العراقي» وهي مجموعة تضم محطة تلفزيون وإذاعة وصحيفة. وقال ريتشارد شميرر مسؤول العلاقات العامة في السفارة الأميركية ببغداد «في البدء كان مستوى المسؤولية مع الإعلام ليس كما يتمنى الشخص أن يشاهد. لكن الآن ومع تقلص عدد الصحف بشكل كبير أصبح هناك ارتفاع في المستوى من حيث النوعية. والصحافة هي عنصر أساسي لتطور المجتمع العراقي». وأوضح آخر استطلاعات للرأي أن العراقيين يحصلون على الأخبار من خلال التلفزيون، لكن بغداد وحدها فيها ما لا يقل عن 100 مطبوعة تتوزع بين صحف تصدرها بشكل منتظم منظمات سياسية ودينية وصحف مستقلة.
وعلى الرغم من المخاطر فإن الصحافة كحرفة لها إقبال كبير حاليا، حسبما قالت حميدة سميسم من كلية الإعلام في جامعة بغداد، حيث يوجد 750 طالبا يدرسون الصحافة مقارنة بخمسمائة طالب قبل عامين. وقالت سميسم «إنها مهنة خطيرة لكن معظم الوظائف في العراق خطيرة الآن والصحافة أصبحت اليوم موضة... هناك قدر كبير من الفوضى منذ سقوط نظام صدام حسين وخلال هذه الفوضى بدأ النظام يتشكل... الصحافة عمل مهم جدا».