الراي السديد
10-11-2017, 09:04 PM
http://s2.alraimedia.com/CMS/Attachments/2017/10/10/627485_041901_Org_1_-_Qu65_RT480x0-_OS236x287-_RD236x287-.jpg
الأربعاء، 11 أكتوبر 2017
فوزية سالم الصباح - الراي
سؤال يستحق البحث والتأمل والتفكير: ما السر وما هذا السحر وما هذا الجنون الذي يدفع بالملايين من اتباع آل البيت في كل انحاء العالم في شهر محرم، إلى رفع رايات الحسين، وسير بعضهم مشياً على الاقدام عشرات بل مئات الكيلومترات حتى بلوغ كربلاء؟ ما الذي يدفعهم الى اقامة المجالس الحسينية والاجهاش بالبكاء والنحيب والعويل على حادثة مقتل الامام الحسين التي حدثت قبل ما يقارب 1400 عام وكأنها حدثت قبل ساعات؟ فأي شخص يموت ابنه او أبيه او أخيه، لن يحزن عليه كل هذا الحزن بعد مرور ايام قليلة على وفاته، فكيف بهذا الحزن يتجدد ويكبر ويتطور من عام الى عام؟
وحتى يكون تساؤلنا في موضعه، ما الذي جعل ام البنين فاطمة بنت حزام التي تزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد وفاة سيدتنا فاطمة الزهراء، بنت الرسول صل الله عليه وسلم، ترفض دخول بيت الإمام علي إلا بعد أن يأذن لها الحسن والحسين رغم صغر سنهما؟ ولماذا كانت تشفق على ابناء سيدتنا فاطمة الزهراء أكثر من شفقتها على ابنائها؟ والتساؤل الاهم: لماذا دفعت بجميع ابنائها الاربعة، العباس وعبدالله وعثمان وجعفر، وهم في ريعان شبابهم، لنصرة إمامهم وأخيهم الحسين، والتضحية دونه والاستشهاد بين يديه مقطعين مجزرين، لتضاعف عطاءها ووفاءها؟
فان كانت تشفق على الحسن والحسين في نظر البعض مجاملة لزوجها، فان أمير المؤمنين كان متوفياً عندما دفعت بجميع ابنائها لنصرة الحسين ليستشهدوا في وقت واحد. فما الذي كانت تبتغيه ام البنين من كل هذه التضحيات الجسيمة؟ أي قوة هذه؟ أي تربية هذه التي تلقتها من امير المؤمنين؟ فلم يذكر لنا التاريخ الماضي ولا المعاصر، أن ضرّة اخلصت لأبناء ضرّتها وقدمتهم على أبنائها سوى ام البنين. ولا ضرة قدمت جميع ابنائها للشهادة في سبيل الدفاع عن ابن ضرتها، حيث ذكر التاريخ عن بطولات ابنائها الاربعة، فلما رأى العباس ان المعركة قد اشتدت على الحسين، قال لإخوته الثلاثة، عبدالله (25 عاماً) وجعفر (19 عاماً) وعثمان 21 (عاماً):
«يا بني أمي تقدموا للقتال، بنفسي أنتم، فحاموا عن سيدكم الحسين حتى تستشهدوا دونه، وقد نصحتم لله ولرسوله». ثم تقدم العباس الى ساحة المعركة فاستشهد، الى ان تلته شهادة سيدنا الحسين وقطع رأسه وسبي آل بيت الرسول من نساء واطفال وعلى رأسهم السيدة زينب إلى الشام.
وحتى تتضح معنا صورة هذا الجنون في حب الحسين أكثر وأكثر، فعندما دفعت أم البنين ابناءها الاربعة للقتال الى جانب الحسين، ففي قصتها المشهورة عندما دخل بشر بن حذلم، المدينة ناعياً، خرجت ام البنين مع نساء المدينة، فسألت الناعي: بالله هل الحسين حي ام لا؟ وعلت الدّهشة وجهه كيف تسأله عن الحسين قبل فلذات كبدها الاربعة؟ فأراد ان يخبرها بشهادتهم واحداً بعد الآخر ليخفف عنها الصدمة، فقال لها: عظم الله لك الأجر بولدك جعفر. فقاطعته، وهل سمعتني اسألك عن جعفر؟
فقال لها: عظم الله لك الأجر بولدك عبدالله. فقالت: أخبرني عن الحسين. فقال: عظم الله لك الأجر بعثمان وأبي الفضل العباس. قالت: ويحك لقد قطعت نياط قلبي، أخبرني عن الامام الحسين؟ فاجابها: «يا أم البنين عظم الله لك الأجر بأبي عبدالله الحسين».
فما ان سمعت بالخبر، صرخت مولولة ورجعت إلى دار بني هاشم منادية: «لا تزار الدار الا بأهلها، على الدار من بعد الحسين سلام». فقد هان عليها خبر مقتل أولادها الاربعة أمام مقتل الحسين ابن فاطمة وهذا الموقف يكشف عن عمق ولائها ومودتها للرسول صلى الله عليه وسلم واله.
إن الاجابة عن تساؤلاتنا، هو تيقن ام البنين ان ابناء سيدتنا فاطمة الزهراء، ما هم الا وديعة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وسلالته خاصة، وللاسلام عامة، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «حسين مني وانا من حسين». وقال أمر الله سبحانه وتعالى بمودتهم في كتابه الكريم: «قل لا اسالكم عليه اجرا الا المودة في القربى». ومعناها ان تودوني في قرابتي. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «واني تارك فيكم الثقلين كتاب الله... واهل بيتي».
وكان الحسن والحسين يقفزان على ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم، فيطيل السجود، ويمنع المصلين من ازاحتهما ولا يقوم حتى يتنحيا، واذا قضى الصلاة ضمهما اليه. اذا فمحبة اهل بيت الرسول من صميم العقيدة الاسلامية، حيث نقول في صلاتنا: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد».
وفي حديث صحيح عند جميع المسلمين، ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد اجلس الحسين في حجره وبكى بكاء شديداً، بعد ان نزل عليه جبريل وابلغه انه سيقتل في ارض كربلاء. ومن ثم فان الحزن والبكاء على الحسين، ليس بدعة، فقد بكاه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ومؤازرة آل البيت واجب ديني واخلاقي ومحبتهم عبادة مشروعة ومن صميم ديننا الاسلامي. اذاً فان الحزن على آل البيت وذكرهم، مشروع وواجب.
فهل علمتم ما هو السر الذي دفع بأم البنين بالتضحية بجميع ابنائها من اجل الامام الحسين؟ وما هو السحر والجنون الذي جعل الملايين ترفع رايات الحسين في يوم عاشوراء حزناً وتمجيدا لذكراه؟
ملحوظة:
قال الشاعر الحافظ النيسابوري:
جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد مترملا بدمائه ترميلا
وكأنما بك يا ابن بنت محمد قتلوا جهارا عامدين رسولا
قتلوك عطشانا ولما يرقبوا في قتلك التنزيل والتأويلا
ويكبرون بأن قتلت وإنما قتلوا بك التكبير والتهليلا
Alsabah700@hotmail.com
تويتر fozaalsabah@
الأربعاء، 11 أكتوبر 2017
فوزية سالم الصباح - الراي
سؤال يستحق البحث والتأمل والتفكير: ما السر وما هذا السحر وما هذا الجنون الذي يدفع بالملايين من اتباع آل البيت في كل انحاء العالم في شهر محرم، إلى رفع رايات الحسين، وسير بعضهم مشياً على الاقدام عشرات بل مئات الكيلومترات حتى بلوغ كربلاء؟ ما الذي يدفعهم الى اقامة المجالس الحسينية والاجهاش بالبكاء والنحيب والعويل على حادثة مقتل الامام الحسين التي حدثت قبل ما يقارب 1400 عام وكأنها حدثت قبل ساعات؟ فأي شخص يموت ابنه او أبيه او أخيه، لن يحزن عليه كل هذا الحزن بعد مرور ايام قليلة على وفاته، فكيف بهذا الحزن يتجدد ويكبر ويتطور من عام الى عام؟
وحتى يكون تساؤلنا في موضعه، ما الذي جعل ام البنين فاطمة بنت حزام التي تزوجها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بعد وفاة سيدتنا فاطمة الزهراء، بنت الرسول صل الله عليه وسلم، ترفض دخول بيت الإمام علي إلا بعد أن يأذن لها الحسن والحسين رغم صغر سنهما؟ ولماذا كانت تشفق على ابناء سيدتنا فاطمة الزهراء أكثر من شفقتها على ابنائها؟ والتساؤل الاهم: لماذا دفعت بجميع ابنائها الاربعة، العباس وعبدالله وعثمان وجعفر، وهم في ريعان شبابهم، لنصرة إمامهم وأخيهم الحسين، والتضحية دونه والاستشهاد بين يديه مقطعين مجزرين، لتضاعف عطاءها ووفاءها؟
فان كانت تشفق على الحسن والحسين في نظر البعض مجاملة لزوجها، فان أمير المؤمنين كان متوفياً عندما دفعت بجميع ابنائها لنصرة الحسين ليستشهدوا في وقت واحد. فما الذي كانت تبتغيه ام البنين من كل هذه التضحيات الجسيمة؟ أي قوة هذه؟ أي تربية هذه التي تلقتها من امير المؤمنين؟ فلم يذكر لنا التاريخ الماضي ولا المعاصر، أن ضرّة اخلصت لأبناء ضرّتها وقدمتهم على أبنائها سوى ام البنين. ولا ضرة قدمت جميع ابنائها للشهادة في سبيل الدفاع عن ابن ضرتها، حيث ذكر التاريخ عن بطولات ابنائها الاربعة، فلما رأى العباس ان المعركة قد اشتدت على الحسين، قال لإخوته الثلاثة، عبدالله (25 عاماً) وجعفر (19 عاماً) وعثمان 21 (عاماً):
«يا بني أمي تقدموا للقتال، بنفسي أنتم، فحاموا عن سيدكم الحسين حتى تستشهدوا دونه، وقد نصحتم لله ولرسوله». ثم تقدم العباس الى ساحة المعركة فاستشهد، الى ان تلته شهادة سيدنا الحسين وقطع رأسه وسبي آل بيت الرسول من نساء واطفال وعلى رأسهم السيدة زينب إلى الشام.
وحتى تتضح معنا صورة هذا الجنون في حب الحسين أكثر وأكثر، فعندما دفعت أم البنين ابناءها الاربعة للقتال الى جانب الحسين، ففي قصتها المشهورة عندما دخل بشر بن حذلم، المدينة ناعياً، خرجت ام البنين مع نساء المدينة، فسألت الناعي: بالله هل الحسين حي ام لا؟ وعلت الدّهشة وجهه كيف تسأله عن الحسين قبل فلذات كبدها الاربعة؟ فأراد ان يخبرها بشهادتهم واحداً بعد الآخر ليخفف عنها الصدمة، فقال لها: عظم الله لك الأجر بولدك جعفر. فقاطعته، وهل سمعتني اسألك عن جعفر؟
فقال لها: عظم الله لك الأجر بولدك عبدالله. فقالت: أخبرني عن الحسين. فقال: عظم الله لك الأجر بعثمان وأبي الفضل العباس. قالت: ويحك لقد قطعت نياط قلبي، أخبرني عن الامام الحسين؟ فاجابها: «يا أم البنين عظم الله لك الأجر بأبي عبدالله الحسين».
فما ان سمعت بالخبر، صرخت مولولة ورجعت إلى دار بني هاشم منادية: «لا تزار الدار الا بأهلها، على الدار من بعد الحسين سلام». فقد هان عليها خبر مقتل أولادها الاربعة أمام مقتل الحسين ابن فاطمة وهذا الموقف يكشف عن عمق ولائها ومودتها للرسول صلى الله عليه وسلم واله.
إن الاجابة عن تساؤلاتنا، هو تيقن ام البنين ان ابناء سيدتنا فاطمة الزهراء، ما هم الا وديعة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وسلالته خاصة، وللاسلام عامة، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «حسين مني وانا من حسين». وقال أمر الله سبحانه وتعالى بمودتهم في كتابه الكريم: «قل لا اسالكم عليه اجرا الا المودة في القربى». ومعناها ان تودوني في قرابتي. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «واني تارك فيكم الثقلين كتاب الله... واهل بيتي».
وكان الحسن والحسين يقفزان على ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم، فيطيل السجود، ويمنع المصلين من ازاحتهما ولا يقوم حتى يتنحيا، واذا قضى الصلاة ضمهما اليه. اذا فمحبة اهل بيت الرسول من صميم العقيدة الاسلامية، حيث نقول في صلاتنا: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد».
وفي حديث صحيح عند جميع المسلمين، ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد اجلس الحسين في حجره وبكى بكاء شديداً، بعد ان نزل عليه جبريل وابلغه انه سيقتل في ارض كربلاء. ومن ثم فان الحزن والبكاء على الحسين، ليس بدعة، فقد بكاه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ومؤازرة آل البيت واجب ديني واخلاقي ومحبتهم عبادة مشروعة ومن صميم ديننا الاسلامي. اذاً فان الحزن على آل البيت وذكرهم، مشروع وواجب.
فهل علمتم ما هو السر الذي دفع بأم البنين بالتضحية بجميع ابنائها من اجل الامام الحسين؟ وما هو السحر والجنون الذي جعل الملايين ترفع رايات الحسين في يوم عاشوراء حزناً وتمجيدا لذكراه؟
ملحوظة:
قال الشاعر الحافظ النيسابوري:
جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد مترملا بدمائه ترميلا
وكأنما بك يا ابن بنت محمد قتلوا جهارا عامدين رسولا
قتلوك عطشانا ولما يرقبوا في قتلك التنزيل والتأويلا
ويكبرون بأن قتلت وإنما قتلوا بك التكبير والتهليلا
Alsabah700@hotmail.com
تويتر fozaalsabah@