المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العنف في باكستان



فاتن
06-07-2005, 04:01 PM
د. شملان يوسف العيسى*
* استاذ في جامعة الكويت


ازدادت في الفترة الأخيرة احداث العنف والقتل الطائفي في باكستان ففي كل يوم نقرأ الاخبار المؤسفة عن مقتل جماعة من الشيعة أو السنة يقتلون وهم يؤدون صلاة الجماعة في بيوت الله, وكان اخرها الهجوم الانتحاري على مسجد للشيعة وقع يوم الاثنين الماضي وراح ضحيته خمسة اشخاص, كما تم اضرام النار في مطعم للوجبات السريعة ادى الى مقتل ستة.
الشرطةالباكستانية اكدت أن من قام في العملية هم جماعة جيش محمد وهي جماعة محظورة متورطة في نشاطات مسلحة في كشمير.

ما اسباب العنف الطائفي في باكستان? وهل من المتوقع ان تؤثر احداث باكستان على دول الخليج العربية? وكيف يمكن الخلاص من هذا العنف الطائفي الذي تحاول الكثير من الجماعات المتطرفة اثارته في منطقتنا?

هنالك أسباب كثيرة ادت الى تزايد العنف الطائفي في باكستان اهمها ان الحكومات العسكرية الباكستانية المتعاقبة قد شجعت ودعمت الاحزاب والحركات ذات التوجه الاسلامي حيث همشت القوى الديمقراطية غير الدينية في محاولة لكسب الشعبية التي تصوروا بان الجماعات الدينية هي التي تمثل الشارع لذلك لجأت الحكومات الباكستانية المتعاقبة في دعم المدارس الدينية التي وصلت أعدادها الى أكثر من 600 مدرسة كما سمحت للجماعات الجهادية بالعمل بحرية..

وباكستان ارتكبت الاخطاء نفسها التي وقعت فيها بعض دول الخليج بمحاولتها احتواء حركات الإسلام السياسي حيث سمحت لهم بتشكيل لجان ومؤسسات رسمية لأسلمة القوانين وامتد عمل هذه الجماعات ليشمل التعليم والثقافة والاعلام, المشكلة أن هذه الجماعات المتطرفة التي تشجعها الحكومات سواء في الخليج أو باكستان لاتؤمن بالتنوع الفكري او التعددية الحزبية والمذهبية والدينية, لذلك خلقت مشكلة في محاولاتها المتعمدة لأقصاء الآخر, خصوصا الاقليات في باكستان وبالأخص الشيعة, ومما زاد الأمر سوءاً ان الحكومة الباكستانية بجعلها القوانين والثقافة إسلامية انحازت بشكل واضح للأغلبية السنية على حساب الأقليات الأخرى في البلد مما خلق شعوراً عاما لدى الاقليات بان الدولة غير عادلة ولامنصفة في تعاملها مع مواطنيها, رجال الدين المتزمتون في باكستان استغلوا ضياع الدولة فقاموا بتحويل البلاد الى دولة طائفية حيث تكون العقيدة الدينية للشخص هي الواسم الوحيد للهوية الشخصية.

من الاسباب الاخرى لتزايد العنف الطائفي صعوبة السيطرة على المناطق القبلية حيث ان الوضع الدستوري الشاذ وحرمان حق التصويت السياسي في هذه المناطق القبلية المحكومة فدرالياً والمناطق الشمالية قد حولها الى ملاجئ للارهابيين الدوليين من العرب وغيرهم والطائفيين, والى مراكز لتجارة المخدرات والأسلحة.

الحقيقة الغريبة أن الرئيس الباكستاني برويز مشرف يريد لباكستان ان تكون دولة قوية مستقرة لذلك تعاون مع الولايات المتحدة في حملتها الدولية ضد الارهاب, لكنه فشل حتى الآن في احتواء او الحد من نفوذ تيار الجماعات الاسلامية وهو تيار عريض تمتد جذوره منذ تأسيس الأحزاب السياسية في الستينات , هذه القوة الاسلامية وحدت صفوفها لمحاربة الحكومة الباكستانية وقد حاولت مرات عدة اغتيال الرئيس الباكستاني.

ما تأثير احداث العنف الطائفي على منطقتنا? بالتأكيد هنالك تاثير سلبي على منطقة الخليج والجزيرة, فازدياد العنف الطائفي في العراق من قبل جماعات إسلامية متطرفة تنتمي لدول الخليج العربية خصوصا السعودية والكويت واليمن لهو دليل واضح على انتشار شبكات الارهاب التي تدربت في باكستان وافغانستان والتي تمارس ارهابها ومغالاتها في الدين في منطقتنا.

اننا لا نغالي إذا ذكرنا بان من يقود الارهاب الطائفي في باكستان هم من العرب او طلابهم الباكستانيين الذين درسوا وتدربوا في المدارس الدينية المتطرفة , التي انشأتها بعض حكومات الخليج ولجانها الخيرية في باكستان, هذه المدارس خرجت طالبان وعتاة التطرف في دول الخليج العربية والدليل على ذلك هو قبض الحكومة العراقية على عدد من الارهابيين القادمين من دول الخليج.

الحل في رأينا هو تكاتف المجهود الدولي للحد من العنف الطائفي في باكستان ولن يتحقق ذلك الا اذا انتهجت باكستان النهج العلماني في الحكم.. الهند لديها جالية اسلامية كبيرة ولا يسودها العنف والارهاب, لان الدولة ديمقراطية وتؤمن بالتعددية وحرية الاديان, لماذا لا يستفيد الجميع من تجربة الهند الرائدة?