سمير
06-07-2005, 07:05 AM
"الاختراق.. قصة عميل الموساد في أرض العدو" كتاب سلط الضوء على تغلغل إسرائيلي في الحركات الإسلامية
سقوط كابول أقلق تل أبيب و"التطوع الجهادي" لتحرير الأقصى حرك استخباراتها في آسيا
يعتبر كتاب »الاختراق..........قصة عميل الموساد في ارض العدو« من اقوى الكتب التي صدرت في اسرائيل خلال الفترة الاخيرة, حيث يلقي الضوء على تفاصيل الاختراق الاسرائيلي لحركة طالبان, وهو الاختراق الذي تعترف به تل ابيب وللمرة الاولى منذ سقوط الحركة الامر الذي يكشف فصلا اخر من فصول عمليات الموساد, وهو فصل لم تجر احداثه في احدى الدول العربية بل كانت قارة اسيا وبالتحديد افغانستان مسرحا, لتعترف اسرائيل بسعي اجهزتها الامنية والاستخباراتية الى غزو العالم والسعي من اجل الكشف عن اي منظمة او جماعة ترى انها تمثل خطرا عليها.
ولقد وضع الكتاب عميل الموساد الاسبق " جير بن مناحيم ستربي" الذي يعتبر من اخطر عملاء الموساد في العالم حيث سبق له القيام بالعديد من المهام الصعبة والمعقدة في اكثر من دولة عربية واسلامية, وهو ما يعترف به في مقدمة الكتاب معتبرا ان هذا اقل ما يمكن القيام به لوطنه اسرائيل الذي يعيش وسط دول معادية سواء في الشرق الاوسط او العالم الاسلامي.
بداية يعترف بن مناحيم في مقدمة الكتاب ان هذا ليس اسمه ولكنه استخدمه للدلالة على شخصيته, وهي الشخصية التي يؤكد ان هدفها كان خدمة اسرائيل غير مبالية بالمشاكل او المخاطر التي قد يتعرض اليها.
ويؤكد انه كلف بالقيام بالكثير من المهام الاستخباراتية في دول المنطقة, وساعده على هذا لغته العربية المتميزة وقدرته على الحديث بلهجاتها المختلفة وامتلاكه للكثير من جوازات السفر الاجنبية سواء الاوروبية او الاميركية بالاضافة الى عبقريته في التنكر, وهي العبقرية التي اهلته لان يتنكر في زي النساء او الرجال او حتى الصبية في وقت واحد.
المثير ان بن مناحيم يرى ان ما اسماه »التعامل الاستخباراتي« يعتبر التعامل الامثل مع الدول الاسلامية او العربية, خاصة مع كراهية المسلمين والعرب لاسرائيل, الامر الذي يفرض ضرورة تولي رجال الاستخبارات عملية هندسة العلاقات بين تل ابيب واي دولة من هذه الدول لان العلوم والخبرات التي يتمتعون بها تؤهلهم للقيام بهذا الدور.
ويتطرق الكتاب بعدها الى الحديث عن اهمية اختراق الاجهزة الامنية الاسرائيلية للدول الاسلامية, وحركة طالبان بالتحديد, خاصة مع الشعبية الكبيرة التي تتمتع بها الحركة معتبرا ان اختراق هذه الحركات امر سهل بل ان التعايش بينها وبين اسرائيل يعتبر امرا منطقيا عكس ما يتوقعه الكثيرون حيث ان المواثيق التاسيسية لهذه الحركات لا تقوم في الاساس على مواجهة اسرائيل او حتى الصدام معها حيث ان نشاطها كان موجها منذ اقامتها رسميا الى تحويل كافة المجتمعات الانسانية الى مجتمعات اسلامية وتلقين هذه المجتمعات المباديء اللازمة لتنشئة الفرد والاسرة المسلمة وصولا في النهاية الى المجتمع المسلم, اي ان استخدام القوة والسلاح لم يكن مدرجا في الاساس في جدول اعمال هذه الحركات عند تأسيسها.
ويعرض عدد من الشواهد التي تؤكد ذلك, بداية من نشأة حركة طالبان نفسها او حتى بقية المنظمات الاسلامية في افغانستان ,التي برزت وبقوة ابان الاحتلال الروسي لكابول ,حيث سعت اعداد كبيرة منها عند نشاتها الى فتح حوار سياسي مع الروس وعدم معاداتهم ومحاولة فتح مفاوضات سياسية معهم, وهو ما اكده عدد كبير من الجنرالات الروس والافغان انفسهم في المذكرات التي كتبوها وينقل الكتاب مقاطع منها.
غير ان البطش الذي انتهجته روسيا في التعامل مع هذه الجماعات سعى بها الى استخدام القوة واتخاذ الاسلام كضوء يتم السير على نوره في التعامل مع الاعداء, وباتت مصطلحات الجهاد الاسلامي وقتل الاعداء كلمات متداولة بين هذه الجماعات وهو ما ظهر في تصريحاتهم بعد ذلك, وهي التصريحات التي نالت اعجاب العالم الاسلامي والعربي كله بعد ذلك خاصة في ذروة القتال الدائر بين هذه الجماعات والروس.
ويستشهد بن مناحيم للتأكيد على صحة هذه النظرية بحركة حماس, التي تعتبر الآن من اقوى الحركات المعادية لاسرائيل داخل الاراضي الفلسطينية ويرى الكاتب انه لا يوجد بينها وبين اسرائيل اي خلاف جذري, معتبرا ان الخلافات المشتعلة بينها وبين تل ابيب هي خلافات قائمة في الاساس بسبب الانتفاضة فقط.
ويشير الى ان فكر الحركة, او اي حركة اسلامية اخرى في المناطق الفلسطينية سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة ,جعلها مؤهلة للتعاون مع اسرائيل, والدليل على ذلك هو عدم دخول الاخوان المسلمين بالاراضي الفلسطينية, سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة, في اي مواجهات مع القوات الاسرائيلية منذ عام 1948 حتى اندلاع الانتفاضة الاولى عام 1987 ,وهي الفترة التي رأى الكاتب انها وطدت وجود الحركة في الاراضي الفلسطينية وتحديدا في قطاع غزة, بالاضافة الى ان هؤلاء الاخوان وكبار زعماء الحركة الاسلامية كانوا اول المنظمات الفلسطينية التي بادرت بالاتصال باسرائيل بعد حرب عام 1948 حيث طلبوا منها اعطاءهم تراخيصا لمزاولة الانشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية والتنقل بحرية بين الضفة الغربية وقطاع غزة والتواصل مع عرب اسرائيل من خلالها, وهي الانشطة التي لا يمكن ان يقوم بها اي فصيل فلسطيني حتى الان في الضفة الغربية او قطاع غزة من دون الرجوع الى اسرائيل التي نظرت الى انشطة الاخوان سواء الثقافية او الاجتماعية على انها انشطة جيدة ومتميزة يجب التوجه اليها بدلا من العمليات.
ويسوق بن مناحيم بعضا من الامثلة المذكورة في مذكرات كبار المسؤولين الاسرائيليين مثل شيمون بيريس زعيم حزب العمل وغولدا مائير رئيسة الوزراء الراحلة ويعقوب بيري رئيس جهاز المخابرات الاسبق للتأكيد على اهمية هذه النقطة خاصة وان الانشطة الاجتماعية للاخوان من شأنها ان تضعف في المستقبل نفوذ منظمة التحرير الفلسطينية التي لا تهتم بالجانب الاجتماعي للفلسطينيين مثلما يهتم به الاخوان وهو الجانب الذي يؤسس شعبية كبيرة لمن يهتم به.
علاقات سرية
ويفسر هذا ما تم الكشف عنه في هذه المذكرات من وجود علاقات سرية بين القيادات الاسلامية والاحتلال الاسرائيلي, ورأى هؤلاء المسؤولون ان اسرائيل شجعت نشاط الاخوان المسلمين ووفرت لهم الاجواء الملائمة للنمو والعمل بحرية على مختلف المجالات وذلك بهدف ضرب حركات المقاومة الوطنية التي تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية, وهي المنظمة التي كانت علمانية الاساس والتوجهات, كل هذا في الوقت الذي لم يركز فيه الاخوان المسلمون في المقابل على مواجهة الاحتلال تقديرا منهم لعدم القدرة على المواجهة في هذه المرحلة وانه لا بد في البداية بناء مجتمع اسلامي قوي وصولا في النهاية الى الدولة الاسلامية.
ويعترف يعقوب بيري بالتحديد في مذكراته »حياتي مع المخابرات« ان هناك عددا كبيرا من الاصدقاء الاوفياء له من الاخوان المسلمين ممن كان يختلف معهم فكريا ولكنه كان يحترمهم انسانيا مشيرا الى ان كافة الكتابات الفلسطينية الاسلامية التي صدرت قديما وخلال معاصرة هذه الفترة كانت تؤكد على ضرورة تجنب الصدام مع قوات الاحتلال او الفصائل الفلسطينية الاخرى حتى لا يؤدي هذا الامر الى القضاء على المشروع الاسلامي او تأجيله وتاخيره لعقود طويلة.
ويستشهد الكتاب بما كتبه عماد الفالوجي الكاتب الفلسطيني المعروف في كتابه »طريق الالام« والذي يؤكد فيه ان القيادات الاسلامية الفلسطينية لم تكن ترغب في بدايات عام 1948 في الدخول في مواجهات مع الاسرائيليين على الاطلاق لان هذا معناه من وجهة نظرهم حكم بالاعدام على الحركة الاسلامية في مهدها, وهو الحكم الذي طبق على الكثير من المنظمات الفلسطينية التي رأت في المقاومة وسيلة لتحرير فلسطين.
ويتطرق الى الحديث عن سلسلة التعاون المثمر بين اسرائيل مع الجماعات الاسلامية, وهو التعاون الذي ادى الى كثير من النتائج ابرزها تكوين نادي الشبان المسلمين الفلسطيني في الضفة الغربية بدعم مالى قدمته وزارة الشباب الاسرائيلية عام 1953, بالاضافة الى سماح اسرائيل وبعد تدخل عدد من قيادات الاخوان ممن ارتبطوا بعلاقات مهمة مع الاسرائيليين ببناء عدد من المساجد لعرب اسرائيل في اكثر من منطقة ودعم البطولات الرياضية والثقافية التي ينظمها الاخوان ماديا حتى تخرج في افضل صورة, وغيرها من مظاهر التعاون المختلفة التي يؤرخ لها الكتاب ويكشف انها من واقع سجلات الهيئات والمؤسسات الحكومية الاسرائيلية.
حماس وطالبان
واستمرت العلاقة على هذا المنوال حتى اندلعت الانتفاضة الاولى وظهرت حركة حماس من رحم جماعة الاخوان المسلمين, وكان المبادر الى تكوين الحركة الشيخ الراحل احمد ياسين والذي رأى ان تكوينها يمثل ضرورة كبيرة خاصة مع تصاعد التنكيل الاسرائيلي بالفلسطينيين, وهو ما ادى الى ضرورة تحويل نشاط الاخوان من نشاط اجتماعي الى نشاط عسكري حتى تتوقف الممارسات اللا انسانية التي تمارسها اسرائيل ضد الفلسطينيين.
وعلى الرغم من هذا التحول الا ان كبار قادة الاخوان المسلمين لم يتخلوا عن حذرهم وفضلوا ان تكون العمليات التي تقوم بها »جماعة ياسين« - وهو الاسم الذي اطلق على حماس عند تكوينها مباشرة - تحت مسمى اخر غير مسمى الاخوان, ولذلك جاء اسم »حماس«.
كما ان التخوف من احتمال قضاء اسرائيل على الحركة بتوجيه ضربة قاصمة اليها كان وراء تخوف الحركة من اعلان ميثاقها, وهو الميثاق الذي صدر رسميا نهاية عام 1989 وركز على تغير حركة الاخوان المسلمين من حركة دينية اجتماعية الى حركة لمقاومة الاحتلال, وعلى الرغم من هذا الا ان هناك عددا كبيرا من قادة الاخوان رفضوا هذا النهج او الاشتراك في العمليات العسكرية الموجهة ضد اسرائيل مؤكدين ان هذه العمليات ستقضي على الحركة بل وستؤدي الى القضاء على الاخوان المسلمين, وبالتالى يجب التركيز فقط على الانشطة الاجتماعية وجعلها مدخلا للتفوق السياسي بعد ذلك خاصة وان المصير الطبيعي لاي حركة مقاومة بعد نيل حقوقها هو السياسة وليس القتل.
ومن هنا حاول الكاتب ان يمهد لفكرته القائلة بعدم وجود خلافات حقيقية بين الحركات الاسلامية ,بما فيها حركة طالبان ,كحركة سياسية دينية تحكم كابول من جهة وبين اسرائيل من جهة اخري غير ان هذه الحركات باتت تمثل خطورة على اسرائيل منذ اندلاع الانتفاضة الاولى عام 1987 حتى الان.
ودفعه هذا الى الاعتراف بخطورة الحركات الاسلامية المنتشرة في العالم الان على تل ابيب وبالتحديد حركة طالبان التي مازالت فلولها موجودة في الجبال الافغانية, مشيرا الى ان هذه القوة التي برزت مع دخول قوات الحركة الى كابول في 27 سبتمبر 1996 مازالت تقلق اسرائيل خاصة مع اعلان كبار اعضائها في الاحاديث والخطب التي يرددونها عبر وسائل الاعلام عن كراهيتهم للولايات المتحدة والدول الحليفة لها وعلى راسها اسرائيل, وهو الامر الذي اقلق تل ابيب خاصة وان هذه الاحاديث باتت تتطرق الى ضرورة تحرير فلسطين وحماية بيت المقدس من اليهود الراغبين في تدميره, بل واعلانهم ضرورة التطوع الجهادي لتحرير فلسطين, وهو التطوع الذي اثار قلق اسرائيل على الرغم من رمزيته خاصة وان الكثير من كبار المسؤولين في جهاز المخابرات الاسرائيلية وعلى رأسهم رئيس الجهاز الاسبق كرمي جيلون الذي تولى رئاسة المخابرات في الفترة من عام 1994 حتى 1996, رفعوا شعار " الخطر قادم من الشرق " للدلالة على الخطورة التي تمثلها حركة طالبان على اسرائيل, وهي الخطورة التي اكد جيلون على ضرورة وادها فى المهد حتى لا تجد اسرائيل نفسها امام حركة اخري معادية لها من الممكن ان تسبب لها مشاكل هي في غني عنها.
وبناء على هذه المعطيات كان قرار اختراق الحركة.
يتبع
سقوط كابول أقلق تل أبيب و"التطوع الجهادي" لتحرير الأقصى حرك استخباراتها في آسيا
يعتبر كتاب »الاختراق..........قصة عميل الموساد في ارض العدو« من اقوى الكتب التي صدرت في اسرائيل خلال الفترة الاخيرة, حيث يلقي الضوء على تفاصيل الاختراق الاسرائيلي لحركة طالبان, وهو الاختراق الذي تعترف به تل ابيب وللمرة الاولى منذ سقوط الحركة الامر الذي يكشف فصلا اخر من فصول عمليات الموساد, وهو فصل لم تجر احداثه في احدى الدول العربية بل كانت قارة اسيا وبالتحديد افغانستان مسرحا, لتعترف اسرائيل بسعي اجهزتها الامنية والاستخباراتية الى غزو العالم والسعي من اجل الكشف عن اي منظمة او جماعة ترى انها تمثل خطرا عليها.
ولقد وضع الكتاب عميل الموساد الاسبق " جير بن مناحيم ستربي" الذي يعتبر من اخطر عملاء الموساد في العالم حيث سبق له القيام بالعديد من المهام الصعبة والمعقدة في اكثر من دولة عربية واسلامية, وهو ما يعترف به في مقدمة الكتاب معتبرا ان هذا اقل ما يمكن القيام به لوطنه اسرائيل الذي يعيش وسط دول معادية سواء في الشرق الاوسط او العالم الاسلامي.
بداية يعترف بن مناحيم في مقدمة الكتاب ان هذا ليس اسمه ولكنه استخدمه للدلالة على شخصيته, وهي الشخصية التي يؤكد ان هدفها كان خدمة اسرائيل غير مبالية بالمشاكل او المخاطر التي قد يتعرض اليها.
ويؤكد انه كلف بالقيام بالكثير من المهام الاستخباراتية في دول المنطقة, وساعده على هذا لغته العربية المتميزة وقدرته على الحديث بلهجاتها المختلفة وامتلاكه للكثير من جوازات السفر الاجنبية سواء الاوروبية او الاميركية بالاضافة الى عبقريته في التنكر, وهي العبقرية التي اهلته لان يتنكر في زي النساء او الرجال او حتى الصبية في وقت واحد.
المثير ان بن مناحيم يرى ان ما اسماه »التعامل الاستخباراتي« يعتبر التعامل الامثل مع الدول الاسلامية او العربية, خاصة مع كراهية المسلمين والعرب لاسرائيل, الامر الذي يفرض ضرورة تولي رجال الاستخبارات عملية هندسة العلاقات بين تل ابيب واي دولة من هذه الدول لان العلوم والخبرات التي يتمتعون بها تؤهلهم للقيام بهذا الدور.
ويتطرق الكتاب بعدها الى الحديث عن اهمية اختراق الاجهزة الامنية الاسرائيلية للدول الاسلامية, وحركة طالبان بالتحديد, خاصة مع الشعبية الكبيرة التي تتمتع بها الحركة معتبرا ان اختراق هذه الحركات امر سهل بل ان التعايش بينها وبين اسرائيل يعتبر امرا منطقيا عكس ما يتوقعه الكثيرون حيث ان المواثيق التاسيسية لهذه الحركات لا تقوم في الاساس على مواجهة اسرائيل او حتى الصدام معها حيث ان نشاطها كان موجها منذ اقامتها رسميا الى تحويل كافة المجتمعات الانسانية الى مجتمعات اسلامية وتلقين هذه المجتمعات المباديء اللازمة لتنشئة الفرد والاسرة المسلمة وصولا في النهاية الى المجتمع المسلم, اي ان استخدام القوة والسلاح لم يكن مدرجا في الاساس في جدول اعمال هذه الحركات عند تأسيسها.
ويعرض عدد من الشواهد التي تؤكد ذلك, بداية من نشأة حركة طالبان نفسها او حتى بقية المنظمات الاسلامية في افغانستان ,التي برزت وبقوة ابان الاحتلال الروسي لكابول ,حيث سعت اعداد كبيرة منها عند نشاتها الى فتح حوار سياسي مع الروس وعدم معاداتهم ومحاولة فتح مفاوضات سياسية معهم, وهو ما اكده عدد كبير من الجنرالات الروس والافغان انفسهم في المذكرات التي كتبوها وينقل الكتاب مقاطع منها.
غير ان البطش الذي انتهجته روسيا في التعامل مع هذه الجماعات سعى بها الى استخدام القوة واتخاذ الاسلام كضوء يتم السير على نوره في التعامل مع الاعداء, وباتت مصطلحات الجهاد الاسلامي وقتل الاعداء كلمات متداولة بين هذه الجماعات وهو ما ظهر في تصريحاتهم بعد ذلك, وهي التصريحات التي نالت اعجاب العالم الاسلامي والعربي كله بعد ذلك خاصة في ذروة القتال الدائر بين هذه الجماعات والروس.
ويستشهد بن مناحيم للتأكيد على صحة هذه النظرية بحركة حماس, التي تعتبر الآن من اقوى الحركات المعادية لاسرائيل داخل الاراضي الفلسطينية ويرى الكاتب انه لا يوجد بينها وبين اسرائيل اي خلاف جذري, معتبرا ان الخلافات المشتعلة بينها وبين تل ابيب هي خلافات قائمة في الاساس بسبب الانتفاضة فقط.
ويشير الى ان فكر الحركة, او اي حركة اسلامية اخرى في المناطق الفلسطينية سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة ,جعلها مؤهلة للتعاون مع اسرائيل, والدليل على ذلك هو عدم دخول الاخوان المسلمين بالاراضي الفلسطينية, سواء في الضفة الغربية او قطاع غزة, في اي مواجهات مع القوات الاسرائيلية منذ عام 1948 حتى اندلاع الانتفاضة الاولى عام 1987 ,وهي الفترة التي رأى الكاتب انها وطدت وجود الحركة في الاراضي الفلسطينية وتحديدا في قطاع غزة, بالاضافة الى ان هؤلاء الاخوان وكبار زعماء الحركة الاسلامية كانوا اول المنظمات الفلسطينية التي بادرت بالاتصال باسرائيل بعد حرب عام 1948 حيث طلبوا منها اعطاءهم تراخيصا لمزاولة الانشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية والتنقل بحرية بين الضفة الغربية وقطاع غزة والتواصل مع عرب اسرائيل من خلالها, وهي الانشطة التي لا يمكن ان يقوم بها اي فصيل فلسطيني حتى الان في الضفة الغربية او قطاع غزة من دون الرجوع الى اسرائيل التي نظرت الى انشطة الاخوان سواء الثقافية او الاجتماعية على انها انشطة جيدة ومتميزة يجب التوجه اليها بدلا من العمليات.
ويسوق بن مناحيم بعضا من الامثلة المذكورة في مذكرات كبار المسؤولين الاسرائيليين مثل شيمون بيريس زعيم حزب العمل وغولدا مائير رئيسة الوزراء الراحلة ويعقوب بيري رئيس جهاز المخابرات الاسبق للتأكيد على اهمية هذه النقطة خاصة وان الانشطة الاجتماعية للاخوان من شأنها ان تضعف في المستقبل نفوذ منظمة التحرير الفلسطينية التي لا تهتم بالجانب الاجتماعي للفلسطينيين مثلما يهتم به الاخوان وهو الجانب الذي يؤسس شعبية كبيرة لمن يهتم به.
علاقات سرية
ويفسر هذا ما تم الكشف عنه في هذه المذكرات من وجود علاقات سرية بين القيادات الاسلامية والاحتلال الاسرائيلي, ورأى هؤلاء المسؤولون ان اسرائيل شجعت نشاط الاخوان المسلمين ووفرت لهم الاجواء الملائمة للنمو والعمل بحرية على مختلف المجالات وذلك بهدف ضرب حركات المقاومة الوطنية التي تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية, وهي المنظمة التي كانت علمانية الاساس والتوجهات, كل هذا في الوقت الذي لم يركز فيه الاخوان المسلمون في المقابل على مواجهة الاحتلال تقديرا منهم لعدم القدرة على المواجهة في هذه المرحلة وانه لا بد في البداية بناء مجتمع اسلامي قوي وصولا في النهاية الى الدولة الاسلامية.
ويعترف يعقوب بيري بالتحديد في مذكراته »حياتي مع المخابرات« ان هناك عددا كبيرا من الاصدقاء الاوفياء له من الاخوان المسلمين ممن كان يختلف معهم فكريا ولكنه كان يحترمهم انسانيا مشيرا الى ان كافة الكتابات الفلسطينية الاسلامية التي صدرت قديما وخلال معاصرة هذه الفترة كانت تؤكد على ضرورة تجنب الصدام مع قوات الاحتلال او الفصائل الفلسطينية الاخرى حتى لا يؤدي هذا الامر الى القضاء على المشروع الاسلامي او تأجيله وتاخيره لعقود طويلة.
ويستشهد الكتاب بما كتبه عماد الفالوجي الكاتب الفلسطيني المعروف في كتابه »طريق الالام« والذي يؤكد فيه ان القيادات الاسلامية الفلسطينية لم تكن ترغب في بدايات عام 1948 في الدخول في مواجهات مع الاسرائيليين على الاطلاق لان هذا معناه من وجهة نظرهم حكم بالاعدام على الحركة الاسلامية في مهدها, وهو الحكم الذي طبق على الكثير من المنظمات الفلسطينية التي رأت في المقاومة وسيلة لتحرير فلسطين.
ويتطرق الى الحديث عن سلسلة التعاون المثمر بين اسرائيل مع الجماعات الاسلامية, وهو التعاون الذي ادى الى كثير من النتائج ابرزها تكوين نادي الشبان المسلمين الفلسطيني في الضفة الغربية بدعم مالى قدمته وزارة الشباب الاسرائيلية عام 1953, بالاضافة الى سماح اسرائيل وبعد تدخل عدد من قيادات الاخوان ممن ارتبطوا بعلاقات مهمة مع الاسرائيليين ببناء عدد من المساجد لعرب اسرائيل في اكثر من منطقة ودعم البطولات الرياضية والثقافية التي ينظمها الاخوان ماديا حتى تخرج في افضل صورة, وغيرها من مظاهر التعاون المختلفة التي يؤرخ لها الكتاب ويكشف انها من واقع سجلات الهيئات والمؤسسات الحكومية الاسرائيلية.
حماس وطالبان
واستمرت العلاقة على هذا المنوال حتى اندلعت الانتفاضة الاولى وظهرت حركة حماس من رحم جماعة الاخوان المسلمين, وكان المبادر الى تكوين الحركة الشيخ الراحل احمد ياسين والذي رأى ان تكوينها يمثل ضرورة كبيرة خاصة مع تصاعد التنكيل الاسرائيلي بالفلسطينيين, وهو ما ادى الى ضرورة تحويل نشاط الاخوان من نشاط اجتماعي الى نشاط عسكري حتى تتوقف الممارسات اللا انسانية التي تمارسها اسرائيل ضد الفلسطينيين.
وعلى الرغم من هذا التحول الا ان كبار قادة الاخوان المسلمين لم يتخلوا عن حذرهم وفضلوا ان تكون العمليات التي تقوم بها »جماعة ياسين« - وهو الاسم الذي اطلق على حماس عند تكوينها مباشرة - تحت مسمى اخر غير مسمى الاخوان, ولذلك جاء اسم »حماس«.
كما ان التخوف من احتمال قضاء اسرائيل على الحركة بتوجيه ضربة قاصمة اليها كان وراء تخوف الحركة من اعلان ميثاقها, وهو الميثاق الذي صدر رسميا نهاية عام 1989 وركز على تغير حركة الاخوان المسلمين من حركة دينية اجتماعية الى حركة لمقاومة الاحتلال, وعلى الرغم من هذا الا ان هناك عددا كبيرا من قادة الاخوان رفضوا هذا النهج او الاشتراك في العمليات العسكرية الموجهة ضد اسرائيل مؤكدين ان هذه العمليات ستقضي على الحركة بل وستؤدي الى القضاء على الاخوان المسلمين, وبالتالى يجب التركيز فقط على الانشطة الاجتماعية وجعلها مدخلا للتفوق السياسي بعد ذلك خاصة وان المصير الطبيعي لاي حركة مقاومة بعد نيل حقوقها هو السياسة وليس القتل.
ومن هنا حاول الكاتب ان يمهد لفكرته القائلة بعدم وجود خلافات حقيقية بين الحركات الاسلامية ,بما فيها حركة طالبان ,كحركة سياسية دينية تحكم كابول من جهة وبين اسرائيل من جهة اخري غير ان هذه الحركات باتت تمثل خطورة على اسرائيل منذ اندلاع الانتفاضة الاولى عام 1987 حتى الان.
ودفعه هذا الى الاعتراف بخطورة الحركات الاسلامية المنتشرة في العالم الان على تل ابيب وبالتحديد حركة طالبان التي مازالت فلولها موجودة في الجبال الافغانية, مشيرا الى ان هذه القوة التي برزت مع دخول قوات الحركة الى كابول في 27 سبتمبر 1996 مازالت تقلق اسرائيل خاصة مع اعلان كبار اعضائها في الاحاديث والخطب التي يرددونها عبر وسائل الاعلام عن كراهيتهم للولايات المتحدة والدول الحليفة لها وعلى راسها اسرائيل, وهو الامر الذي اقلق تل ابيب خاصة وان هذه الاحاديث باتت تتطرق الى ضرورة تحرير فلسطين وحماية بيت المقدس من اليهود الراغبين في تدميره, بل واعلانهم ضرورة التطوع الجهادي لتحرير فلسطين, وهو التطوع الذي اثار قلق اسرائيل على الرغم من رمزيته خاصة وان الكثير من كبار المسؤولين في جهاز المخابرات الاسرائيلية وعلى رأسهم رئيس الجهاز الاسبق كرمي جيلون الذي تولى رئاسة المخابرات في الفترة من عام 1994 حتى 1996, رفعوا شعار " الخطر قادم من الشرق " للدلالة على الخطورة التي تمثلها حركة طالبان على اسرائيل, وهي الخطورة التي اكد جيلون على ضرورة وادها فى المهد حتى لا تجد اسرائيل نفسها امام حركة اخري معادية لها من الممكن ان تسبب لها مشاكل هي في غني عنها.
وبناء على هذه المعطيات كان قرار اختراق الحركة.
يتبع