المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوق الجبن في مدينة «الكمار» الهولندية مركز جذب للسياح



قاسم
06-06-2005, 09:45 AM
http://www.asharqalawsat.com/2005/06/01/images/travel.302828.jpg

عرض يعقد كل يوم جمعة منذ مائة عام


بروكسل: عبدالله مصطفى

الأبقار والمراعي الهولندية ذات شهرة عالمية ولا يستطيع احد ان يقلل من اهمية وشهرة ومذاق الجبن الهولندي الذي يقول البعض ان تاريخ شهرته يعود الى القرن السابع عشر الميلادي أي منذ أكثر من 400 عام. ويصنع العديد من أنواع الجبن من حليب الابقار الهولندية التي يستطيع الزائر الى اي مدينة او قرية في هولندا ان يراها في المراعي المنتشرة على الطرق الجانبية بين المدن والقرى، سواء كان الزائر يتنقل بالقطار او السيارة، ويتباهى الفلاح الهولندي منذ القدم بامتلاكه لأجود سلالات الابقار والأعلاف والمراعي، ويتباهى ايضا بوجود افضل انواع الحليب وخاصة اذا علمنا ان البقرة الهولندية تعطي من الحليب اكثر من مثيلاتها في باقي دول العالم، التي تنافس هولندا في انتاج انواع الجبن المختلفة. وتدر البقرة الهولندية مابين 40 الى 50 لترا من الحليب في اليوم. من هنا جاءت شهرة الجبن الهولندي ومعها ايضا جاءت شهرة سوق عرض وبيع الجبن في مدينة «الكمار» التي تبعد نحو 20 كم من العاصمة امستردام. والسوق ينعقد صباح كل يوم جمعة لمدة ساعتين فقط طوال الفترة من مطلع ابريل وحتى سبتمبر من كل عام.
عرض أسبوعي لم ينقطع منذ قرن من الزمان

* وعندما ذهبت لرؤية سوق «الكمار» الذي يتمتع بشهرة كبيرة ليس فقط على مستوى هولندا بل على مستوى اوروبا بأسرها وجدت المئات من السياح من جنسيات مختلفة وقد تجمعوا حول الحلقة او المكان المخصص للسوق، في احد اوسع الميادين وسط المدينة. ولن يحتاج السائح الى بذل جهد يذكر للوصول الى مكان السوق، فالجميع يعرفه. ويتدفق منذ الصباح الباكر كل يوم جمعة في مجموعات او افراد لحجز اماكن يستطيعون منها مشاهدة العرض الذي لم تتغير طقوسه منذ ما يقرب من مائة عام عن قرب. ومع انطلاق العرض يشاهد العمال وهم يقومون بنقل انواع الجبن على الواح خشبية يحملها شخصان بالطريقة التقليدية ولباسهم الابيض المميز. و هناك عمال يحملون الجبن على الواح خشبية تحمل خضراء وآخرون على الواح خشبية زرقاء وأخرى برتقالية ورابعة حمراء اللون، وبحسب لون الالواح الخشبية يكون لون القبعة التي يرتديها عمال نقل الجبن.

ويشرف على الحركة داخل السوق شخص يدعى «ابو الجبن» وعندما اقتربت منه، سألته عن سر هذه الالوان فقال ان السوق مقسم الى اربعة اقسام كل قسم له لونه المميز حتى يستطيع المشتري او البائع ان يعلم في اي قسم توجد انواع الجبنة التي احضرها او اشتراها من السوق. وقال إن اللقب الذي يحمله يأتي من خلال عملية انتخاب على غرار العملية التي يتم من خلالها اختيار البابا في الفاتيكان. اللغات

* ويصاحب عملية العرض والبيع شرح وتوضيح للانواع المختلفة من الجبن. وتقوم بذلك سيدة هولندية تعمل في المكتب السياحي التابع لسوق الجبن في «الكمار»، وذلك باكثر من لغة، منها الهولندية والإنجليزية والفرنسية والألمانية، لتسهيل الامور على السياح الموجودين في المكان والذين لا يتوقفون عن التقاط الصور للمشهد الذي لا يخلو احيانا من الفكاهة والمرح، وخاصة ان عمال النقل يصيحون وهم يحملون الجبن بعبارات خفيفة الظل للترويح عن المشاهدين، ومن المناظر الطريفة ايضا ان بعض السياح يطلب من عمدة السوق او «ابو الجبن» السماح لهم بالدخول الى داخل الحلقة، ويجلس على اللوح الخشبي بدلا من الجبن ويطوف به عمال النقل وسط ضحكات وتصفيق السياح الذين يحرصون على تسجيل تلك اللحظات بكاميراتهم بانواعها المختلفة.

الخبرة وتحديد الأسعار

* ومن المناظر التي يحرص السياح على تســــجيلها ايضـــا عملية تحديد مدى جــــــودة الجبن المعــــروض في السوق، التي يقـوم بها اربعة او خمــــــسة اشـــخاص متخصصين في هذا المجال، حيث يلجأ البعض منهم الى تقطيع قرص الجبن المعـــروض الى نصـــــفين ويتأكد منه اذا ما كان فيه عروق ام لا، او يزرع سكين دائري داخل القرص ويدور بالسكين دورة كاملة ليخرج مـــن القـــرص قطـــــعة مــــن قلب قرص الجبن، ومــــن خلال المذاق او الرائحة او اللمس يستطيع ان يحدد مدى جودة النوع المعروض مـــن الجبن وبنــــاء على ذلك يتم تحـــديد السعر.

أرقام

* وحسب الارقام والمعلـــــومات التي ذكرتها المســــؤولة الســــياحية داخل سوق «الكمار» خلال العرض فان مبيعات الســــــوق مــــــن الجبن اســــــبوعيا تزيــد عن 40 طنا والناتج السنوي للمنطقة بصفة عامة يصـــــل الى ما يقرب مـــــن 300 مليون كيلوجرام في العام. وتصدر كميات كبيرة منه الى المانيا والولايات المتحدة الأميركية وبلجيكا وأسبانيا ودول اخرى، بعد ان تغطى احتياجات السوق الهولندي من الجبن. وبعد انتهاء عملية العرض تكون شهية السياح قد انفتحت وسال اللعاب على قطعة من الجبن، ويتدفقون في طوابير على بائعي الجبن الهولندي بأنواعه المختلفة المنتشرين في جنبات السوق او المحلات التجارية المحيطة به، لشراء كميات مختلفة وقبل مغادرة المكان يذهب البعض منهم الى متحف سوق الجبن الموجود على بعد امتار قليلة، والذي يضم صورا فوتوغرافية قديمة وشريط فيديو يتم عرضه باستمرار يوضح المشهد الذي كان عليه السوق منذ عشرات السنين ولم يتغير حتى الآن.