بهلول
08-19-2017, 12:30 PM
http://alwaght.com/upload/logo/2017819_33/20178199117422.jpg
السبت 26 ذیالقعده 1438
الوقت - لا أحد يعلم كيف تبني السعودية استراتيجيتها الحالية وما هي أفق هذه الاستراتيجية، لأن المملكة عودتنا على فك تحالفاتها بين الفينة والأخرى بما تقتضيه مصالحها الشخصية، ومن منا يراقب تحالفاتها عبر الزمن يجدها آنية وغير مستقرة لأسباب عديدة نلخصها بالتالي مع ذكر أمثلة:
أولاً: تسعى السعودية إلى الحصول على ضمان خارجي لأمنها وثرواتها النفطية الضخمة، وكل شيء خارج ذلك لا يهم أصحاب الرأي في المملكة، لذلك نجد السعودية تدفع الغالي والنفيس للحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة التي تؤمن لها الحماية منذ أربعينيات القرن الماضي وحتى الآن.
ولهذا السبب نجد السعودية تتذبذب في علاقاتها الإقليمية وفقا لما تقتضيه مصلحة الأمريكان، فتارة نجدها تدافع عن مصر أو تركيا وعن أنظمة الحكم فيها وتارة تهاجم هاتين الدولتين وغيرهما وفقا لأجندة واشنطن في المنطقة.
ثانياً: نظام الحكم في السعودية تشوبه تعقيدات عائلية ـ قبائلية ـ عربية ـ دولية لا تجدها في أي مكان آخر، وها نحن نشهد في هذه المرحلة تغييرا جذريا في تاريخ المملكة من ناحية توريث الحكم، وبناءا على ذلك نجد أن علاقات المملكة متقلبة وغير استراتيجية، خاصة في هذه المرحلة، حيث يقود المملكة شاب متهور قد يجلب الويلات لمملكته وشعبه بسبب قراراته الطائشة وغير المبنية على أسس صحيحة تعود بالخير على المملكة.
ثالثاً: تحاول الرياض دائما فرض أجندتها على الدول الحليفة، مثلما فعلت مع مصر أيام مبارك ومرسي والآن السيسي، حيث كان من الغريب جدا أن تساند السعودية الرئيس المخلوع حسني مبارك وفي نفس الوقت تدعم وصول مرسي إلى الحكم، وبعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم مرت العلاقات السعودية المصرية بسلسلة من التذبذبات التي توضح وتؤكد أنه كيف تبني السعودية علاقات آنية غير استراتيجية.
طبعاً، لا يخفى على أحد بأن السعودية تملك مع مصر ذاكرة مريرة تعود إلى حكم محمد علي باشا (1805ـ1820)، الذي قضى على الدولة السعودية الأولى قبل مئتي عام تقريباً، كما ترجع إلى الزعيم جمال عبدالناصر، الذي وضعها في الخمسينيات والستينيات، بمشروعه القومي وسياساته الشعبية، أمام أصعب التحديات في تاريخها.
رابعاً: بعد أحداث 11 أيلول اضطرت السعودية إلى بذل جهود كبيرة لتجميل صورتها أمام العالم عامةً والعالم الغربي خاصةً، بعد أن وجهت أصابع الإتهام إليها بأنها داعمة للإرهاب بل أكثر من ذلك، فقد تحدثت الكثير من التقارير الغربية في الفترة التي تلت أحداث 11 أيلول بأن السعودية هي منبع الإرهاب في العالم، هذا الأمر أجبر الرياض على بذل الكثير من الجهد والمال لعقد مؤتمرات "حوار الأديان" وحملات الدبلوماسية العامة لتعميم صورتها باعتبارها "الشريك" الذي يعتمد عليه، حتى أنها أصبحت تستورد السلع والخدمات الضرورية ـ وغير الضرورية ـ من دول العالم المختلفة، بما يضمن التأثير في القرار السياسي لهذه الدول وتعديل نظرتها إلى السعودية ونظامها السياسي ـ الاجتماعي.
خامساً: قامت السعودية بالكثير من المراهقات السياسية والعسكرية خلال الفترة الماضية، وبنت تحالفاً ضمت إليه كل من استطاعت إغراءه إما بالمال أو بالتحالف الاستراتيجي أو أشياء أخرى لمحاربة أبناء اليمن وإجبارهم على الخضوع لها بالقوة العسكرية، وهذا الأمر لم يحدث، ما تسبب بإصابة نظام الحكم في المملكة بهستيريا جلبت نتائج أكثر سلبية وأزمت السياسة الخارجية للسعودية أكثر وأكثر.
سادساً: كان لمحاصرة الدول الخليجية بقيادة السعودية لدولة قطر موجة من التأثيرات التي بدأت نتائجها بالظهور مسبِّبةً شرخاً بالعلاقات السعودية القطرية وكذلك السعودية التركية، وظهر هذا الأمر جليا في آخر زيارة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السعودية، فخلافا للمرات السابقة حيث كان يخرج بكل حفاوة لاستقبال الزعيم التركي في المطار هو ونجله لکنه هذه المرة أعرض عن الخروج، ما أظهر حجم التوتر بين البلدين خاصة بعد أن وقفت تركيا إلى جانب قطر خلال فترة الحصار وأقامت قاعدة عسكرية فيها وأجرت مناورات عسكرية مشتركة معها.
وبالتالي فإن عدم خروج الملك سلمان وابنه لاستقبال الرئيس التركي ليس سوى مؤشر بسيط على أن الزيارة كانت غیر مرحب بها وأن هناك قرارا سعوديا مؤكدا بانه لن يكون هناك أي حل عن طريق تركيا بالذات لأزمة مجلس التعاون.
ايران
تختلف الجمهورية الإسلامية في ايران كثيرا عن السعودية من ناحية بناء العلاقات الاستراتيجية وكيفية التعاطي مع الحلفاء من الناحية السياسية والاقتصادية وغيرها من الأمور، والسبب أن إيران تبني علاقاتها على أسس قويّة ووفق مصالح استراتيجية، كما أنها تفتح أبوابها لكل من يريد دعم القضية الفلسطينية، كما فعلت مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي خرج بنفسه من هذا التحالف بعد ان قدمت له السعودية بعض الميزات، ولكن في مقابل ذلك نجد أن إيران تملك علاقات استراتيجية قوية ومتجذرة مع الكثير من الدول في المنطقة كعلاقتها مع سلطنة عمان وسوريا وفي الوقت الحالي العراق.
والجميع يعلم أن إيران دعمت كلاً من سوريا والعراق في حربهما ضد الإرهاب ووقفت إلى جانبهما حتى تحقيق النصر، ومن أهم ما يميز السياسة الإيرانية أنها تعتمد على الدعم الشعبي، بخلاف السعودية التي تسعى لشراء الأنظمة وهذا السبب الرئيسي في استقرار التحالفات الإيرانية، واندثار التحالفات السعودية.
السبت 26 ذیالقعده 1438
الوقت - لا أحد يعلم كيف تبني السعودية استراتيجيتها الحالية وما هي أفق هذه الاستراتيجية، لأن المملكة عودتنا على فك تحالفاتها بين الفينة والأخرى بما تقتضيه مصالحها الشخصية، ومن منا يراقب تحالفاتها عبر الزمن يجدها آنية وغير مستقرة لأسباب عديدة نلخصها بالتالي مع ذكر أمثلة:
أولاً: تسعى السعودية إلى الحصول على ضمان خارجي لأمنها وثرواتها النفطية الضخمة، وكل شيء خارج ذلك لا يهم أصحاب الرأي في المملكة، لذلك نجد السعودية تدفع الغالي والنفيس للحفاظ على العلاقة مع الولايات المتحدة التي تؤمن لها الحماية منذ أربعينيات القرن الماضي وحتى الآن.
ولهذا السبب نجد السعودية تتذبذب في علاقاتها الإقليمية وفقا لما تقتضيه مصلحة الأمريكان، فتارة نجدها تدافع عن مصر أو تركيا وعن أنظمة الحكم فيها وتارة تهاجم هاتين الدولتين وغيرهما وفقا لأجندة واشنطن في المنطقة.
ثانياً: نظام الحكم في السعودية تشوبه تعقيدات عائلية ـ قبائلية ـ عربية ـ دولية لا تجدها في أي مكان آخر، وها نحن نشهد في هذه المرحلة تغييرا جذريا في تاريخ المملكة من ناحية توريث الحكم، وبناءا على ذلك نجد أن علاقات المملكة متقلبة وغير استراتيجية، خاصة في هذه المرحلة، حيث يقود المملكة شاب متهور قد يجلب الويلات لمملكته وشعبه بسبب قراراته الطائشة وغير المبنية على أسس صحيحة تعود بالخير على المملكة.
ثالثاً: تحاول الرياض دائما فرض أجندتها على الدول الحليفة، مثلما فعلت مع مصر أيام مبارك ومرسي والآن السيسي، حيث كان من الغريب جدا أن تساند السعودية الرئيس المخلوع حسني مبارك وفي نفس الوقت تدعم وصول مرسي إلى الحكم، وبعد وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الحكم مرت العلاقات السعودية المصرية بسلسلة من التذبذبات التي توضح وتؤكد أنه كيف تبني السعودية علاقات آنية غير استراتيجية.
طبعاً، لا يخفى على أحد بأن السعودية تملك مع مصر ذاكرة مريرة تعود إلى حكم محمد علي باشا (1805ـ1820)، الذي قضى على الدولة السعودية الأولى قبل مئتي عام تقريباً، كما ترجع إلى الزعيم جمال عبدالناصر، الذي وضعها في الخمسينيات والستينيات، بمشروعه القومي وسياساته الشعبية، أمام أصعب التحديات في تاريخها.
رابعاً: بعد أحداث 11 أيلول اضطرت السعودية إلى بذل جهود كبيرة لتجميل صورتها أمام العالم عامةً والعالم الغربي خاصةً، بعد أن وجهت أصابع الإتهام إليها بأنها داعمة للإرهاب بل أكثر من ذلك، فقد تحدثت الكثير من التقارير الغربية في الفترة التي تلت أحداث 11 أيلول بأن السعودية هي منبع الإرهاب في العالم، هذا الأمر أجبر الرياض على بذل الكثير من الجهد والمال لعقد مؤتمرات "حوار الأديان" وحملات الدبلوماسية العامة لتعميم صورتها باعتبارها "الشريك" الذي يعتمد عليه، حتى أنها أصبحت تستورد السلع والخدمات الضرورية ـ وغير الضرورية ـ من دول العالم المختلفة، بما يضمن التأثير في القرار السياسي لهذه الدول وتعديل نظرتها إلى السعودية ونظامها السياسي ـ الاجتماعي.
خامساً: قامت السعودية بالكثير من المراهقات السياسية والعسكرية خلال الفترة الماضية، وبنت تحالفاً ضمت إليه كل من استطاعت إغراءه إما بالمال أو بالتحالف الاستراتيجي أو أشياء أخرى لمحاربة أبناء اليمن وإجبارهم على الخضوع لها بالقوة العسكرية، وهذا الأمر لم يحدث، ما تسبب بإصابة نظام الحكم في المملكة بهستيريا جلبت نتائج أكثر سلبية وأزمت السياسة الخارجية للسعودية أكثر وأكثر.
سادساً: كان لمحاصرة الدول الخليجية بقيادة السعودية لدولة قطر موجة من التأثيرات التي بدأت نتائجها بالظهور مسبِّبةً شرخاً بالعلاقات السعودية القطرية وكذلك السعودية التركية، وظهر هذا الأمر جليا في آخر زيارة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السعودية، فخلافا للمرات السابقة حيث كان يخرج بكل حفاوة لاستقبال الزعيم التركي في المطار هو ونجله لکنه هذه المرة أعرض عن الخروج، ما أظهر حجم التوتر بين البلدين خاصة بعد أن وقفت تركيا إلى جانب قطر خلال فترة الحصار وأقامت قاعدة عسكرية فيها وأجرت مناورات عسكرية مشتركة معها.
وبالتالي فإن عدم خروج الملك سلمان وابنه لاستقبال الرئيس التركي ليس سوى مؤشر بسيط على أن الزيارة كانت غیر مرحب بها وأن هناك قرارا سعوديا مؤكدا بانه لن يكون هناك أي حل عن طريق تركيا بالذات لأزمة مجلس التعاون.
ايران
تختلف الجمهورية الإسلامية في ايران كثيرا عن السعودية من ناحية بناء العلاقات الاستراتيجية وكيفية التعاطي مع الحلفاء من الناحية السياسية والاقتصادية وغيرها من الأمور، والسبب أن إيران تبني علاقاتها على أسس قويّة ووفق مصالح استراتيجية، كما أنها تفتح أبوابها لكل من يريد دعم القضية الفلسطينية، كما فعلت مع الرئيس السوداني عمر حسن البشير الذي خرج بنفسه من هذا التحالف بعد ان قدمت له السعودية بعض الميزات، ولكن في مقابل ذلك نجد أن إيران تملك علاقات استراتيجية قوية ومتجذرة مع الكثير من الدول في المنطقة كعلاقتها مع سلطنة عمان وسوريا وفي الوقت الحالي العراق.
والجميع يعلم أن إيران دعمت كلاً من سوريا والعراق في حربهما ضد الإرهاب ووقفت إلى جانبهما حتى تحقيق النصر، ومن أهم ما يميز السياسة الإيرانية أنها تعتمد على الدعم الشعبي، بخلاف السعودية التي تسعى لشراء الأنظمة وهذا السبب الرئيسي في استقرار التحالفات الإيرانية، واندثار التحالفات السعودية.