خديجة
06-05-2005, 09:25 AM
انقل لكم ملفا كاملا عن تمرد الحوثي الإبن والأب ، بالرغم من الملاحظات الكثيرة على التقرير الا انني اجد انه جدير بالقراءة
(الحلقة الثانية) - جريدة السياسة الكويتية
حسين الحوثي والتمرد الأول
حسين الحوثي ينتمي إلى أسرة هاشمية يرجع نسبها إلى الحسين بن علي بن أبي طالب, أما والده فهو العلامة بدرالدين الحوثي من أبرز علماء ومرجعيات المذهب الزيدي في اليمن.
تلقى تعليمه في المعاهد العلمية من الابتدائية وحتى الثانوية, كما تلقى المذهب الزيدي على يد والده وعلماء المذهب في صعدة. وتفيد بعض المصادر بأنه أتم تعليمه الجامعي وحصل على الماجستير والدكتوراه خارج اليمن!
كان عضوا في مجلس النواب عن دائرة مران بصعدة من العام 1993 - 1997, وتفرغ عقب خروجه من مجلس النواب لنشر أفكاره ومعتقداته من خلال الدروس والمحاضرات والخروج الدعوي إلى المناطق, وقيادة تنظيم الشباب المؤمن وتشكيل فروع له, وإنشاء حوزات ومساجد تابعة له.
وبدأت تتجلى ظاهرة حسين الحوثي فيما يطرحه من المسائل والآراء, فظهر تطاوله وتهجمه على علماء الزيدية, وآراء المذهب وكتبه! معتبراً نفسه مصلحاً ومجدداً لعلوم المذهب وتعاليمه! وتجاوز الأمر إلى حد السخرية من كتب الحديث والأصول وإظهار شتم الصحابة وأمهات المؤمنين, وهو ما دفع علماء الزيدية لإصدار بيان نشرته صحيفة الأمة الناطقة باسم حزب الحق!
وهو متأثر بعقائد الشيعة وميال إلى مذهبهم الإثنى عشري, ويثني كثيرا في محاضراته - التي أصبحت تباع كملازم على الثورة الإيرانية والإمام الخميني والمرجعيات الشيعية في النجف وقم!
وقد جاء في ديباجة بيان علماء الزيدية, الذي توجه بالخطاب إلى كافة أبناء المذهب الزيدي وغيرهم من أبناء الأمة الإسلامية, ما يلي:
استجابة لأمر الله في قوله جل جلاله: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ولقوله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعدما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون, ولقوله عليه الصلاة والسلام: من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: إذا ظهرت البدع ولم يظهر العالم علمه, فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, ولما ظهر في الملازم التي يقوم بنشرها وتوزيعها حسين بدرالدين وأتباعه, والتي يصرح فيها بالتحذير من قراءة كتب أئمة العترة, وكتب علماء الأمة عموما, وعلى وجه الخصوص كتب أصول الدين وأصول الفقه, ثم أورد شواهد مما ورد فيها!
وعقَّب البيان بالقول: وغير ذلك من الأقوال التي تصرح بتضليل أئمة أهل البيت من لدن أمير المؤمنين علي عليه السلام ومرورا بأئمة أهل البيت, وإلى عصرنا هذا, والتي يتهجم فيها على علماء الإسلام عموما, وعلى علماء الزيدية خصوصا.
وفيما يذكره من الأقوال المبطنة من الضلالات التي تنافي الآيات القرآنية الواردة بالثناء على أهل البيت المطهرين, وتنافي حديث الثقلين المتواتر, وحديث لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين, فمن أثنى عليه الله ورسوله لا يكون ضالا, بل الضال من خالف الله ورسوله وإجماع الأمة.
فبناء على ما تقدم رأى علماء الزيدية التالية أسماؤهم, التحذير من ضلالات المذكور وأتباعه, وعدم الاغترار بأقواله وأفعاله التي لا تمت إلى أهل البيت وإلى المذهب الزيدي بصلة, وأنه لا يجوز الإصغاء إلى تلك البدع والضلالات ولا التأييد لها, ولا الرضا بها, ومن يتولهم منكم فإنه منهم, وهذا براءة للذمة, وتخلص أمام الله من واجب التبليغ.
وقد وقع على البيان كل من: حمود عباس المؤيد - مفتي الجمهورية, أحمد الشامي - أمين عام الحزب الحق, محمد محمد المنصور, صلاح بن أحمد فليته, حسن محمد زيد, إسماعيل عبدالكريم شرف الدين, محمد علي العجري, حسن أحمد أبو علي, محمد حسن الحمزي, محمد حسن عبدالله الهادي.
لقد أظهر حسين الحوثي تأييده وتأثره ب¯حزب الله الشيعي اللبناني, وربما رفع أعلامه في بعض المراكز, كما عمد إلى رفع شعار: الله أكبر.. الموت لإسرائيل, الموت لأميركا, النصر للإسلام دافعا بشباب التنظيم وأتباعه لترديده عقب صلاة الجمعة في الكثير من المناطق, بما في ذلك جوامع صنعاء والجامع الكبير بها.
وقد استطاع من خلال دعم الدولة وأتباع المذهب ودعم جهات خارجية من ضمنها إيران وشخصيات ومؤسسات شيعية في المنطقة من إقامة عشرات المراكز العلمية المسماة بالحوزات في صعدة وعمران ومأرب والجوف وحجة وذمار.
وصنعاء. وكان لهذه المراكز نشاط ملموس في إقامة المخيمات الصيفية والندوات والمحاضرات والدروس, ونشر الكثير من الملازم والكتب التي تروج لفكره وتحرض أتباع المذهب الزيدي على اقتناء الأسلحة والذخيرة تحسباً لمواجهة الأعداء من الأميركيين واليهود, واقتطاع نسبة من الزكاة لصالح المدافعين عن شرف الإسلام والمذهب!!
وعلى رغم ضيق الحكومة من تصرفاته إلا أنها لم توقف دعمها المالي عنه, وحاولت في مقابل ذلك إقناعه بالعدول عن توجهاته وأفكاره كونها تثير الفتنة المذهبية والطائفية والسلالية وتعد خروجاً على الدستور والقانون, وأوفدت عدة وسطاء من علماء المذهب الزيدي وبعض الشخصيات الهاشمية وعلماء دين ومشائخ قبائل لإقناعه بالعدول عما هو عليه.
لكنه لم يأبه بالأمر واستمر في الدفع بشبابه الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15-25 عاماً لإظهار ثقله الديني والسياسي بالتظاهر في معظم المساجد وعقب صلوات الجمعة وترديد شعاراتهم ضد إسرائيل وأميركا, وقد بلغ الأمر في إحدى المظاهرات بسقوط قتلى أثناء مسيرة نظمها التنظيم باتجاه السفارة الأميركية إبان الحرب على العراق, في 2003.
وبدأ الصدام بين الدولة وأتباع الحوثي يأخذ طابع الاعتقال, وإغلاق المحلات من مكتبات وتسجيلات شيعية, في حين بدأ حسين الحوثي في التحصن في جبال مران حيث مسقط رأسه ومعقد الولاء المذهبي له.
فأقام تحصينات إنشائية وزود أتباعه بالسلاح والذخيرة, وبدأ بالتعبئة ضد أي عدوان أميركي أو إسرائيلي! وأحاط نفسه بإجراءات أمنية صارمة, وبدا الأمر وكأنه استعداد لخوض مواجهة عسكرية مؤكدة وليست محتملة!
وذكر رئيس الجمهورية في حديثه لصحيفة السفير اللبنانية, في 19 اغسطس2004, أن الحوثي تمرد على الدولة, وأنه لم يتجاوب في التواصل مع السلطة, ولم يستجب لمطالب الدولة في معرفة الأنشطة التي يقوم بها في المنطقة.
وكان رفضه إلى جانب المعلومات المتوفرة لدى القيادة السياسية سببا في إيجاد قناعة بأن عنده شيئا يخفيه! وأن هناك خطورة منه إن لم تكن اليوم فربما في المستقبل! وأضاف بأن السلطة عملت على متابعة الحوار معه لإقناعه مدة سنة ونصف تقريبا ليسلم نفسه مع إعطائه الأمان! لكن دون جدوى!
كانت ملاحظات الدولة تجاه الحوثي تتمثل في: قيام ميليشيات, وتحصينات دفاعية, واقتناء أسلحة, وتوزيع أموال! ونتيجة لعدم تجاوبه, اتخذ القرار بفرض حصار عليه وتطويقه لكي يسلم نفسه! وعندما بدأ التطويق قام بالعدوان المسلح على الجيش والأمن! وبالتالي فرض عليهم القتال على الرغم من أنه لم يكن هناك قرار بالقتال! - على حسب شهادة الرئيس!
في هذه الأثناء كانت الوساطات مستمرة لكنها فشلت في إقناعه بتسليم نفسه! وعندها - فيما يبدو - شعرت الدولة بخروج الأمر عن السيطرة, وبوجود مؤامرة مدبرة من حليف الأمس! ففرضت قوات الأمن والجيش طوقا على المنطقة وحاصرتها, وبدأت في المواجهة مع أتباع الحوثي المتحصنين في 18 يونيو!
بعد أن تعرضت لاعتداءات متكررة! وبدأ الحديث إعلاميا عن ادعاء الحوثي الإمامة, وقيل المهدية, وقيل النبوة, من قبل صحف المؤتمر ووسائل الإعلام الرسمية التي كالت عليه أوصاف التمرد والخروج على الشرعية!
وفي التقرير الأمني الذي قدمه وزير الداخلية اليمني اللواء رشاد العليمي إلى أعضاء مجلس النواب, ذكر فيه بأن الحوثي قام بتوزيع كتاب بعنوان عصر الظهور لمؤلفه علي الكوراني العاملي! والذي أشار إلى ظهور ثورة إسلامية ممهدة لظهور المهدي, وأن اسم قائدها اليماني حسن أو حسين, وأنها أهدى الرايات في عصر الظهور على الإطلاق, وأن اليماني يخرج من قرية يقال لها كرعة وهي قرية في منطقة بني خولان قرب صعدة.
ثم يذكر التقرير نفسه أن الأجهزة الأمنية ضبطت مع بعض أتباع الحوثي من أبناء صعدة وثيقة مبايعة الحوثي على أنه الإمام والمهدي المنتظر!
وقد اختار الحوثي الأب, ومن قبله الابن, مناطق مديرية حيدان في مران والرازمات ووادي نشور وشافعة منطلقا لعملياتهم ضد الحكومة نظرا لما تتميز به تلك المناطق من تضاريس وعرة يصعب على القوات البرية الوصول إليها, كما يصعب على القوات الجوية اختراق تحصيناتها.
فمحافظة صعدة - التي تقع في شمال اليمن وتبعد عن العاصمة صنعاء حوالي 204كلم - منطقة مرتفعة ذات جبال وعرة, وهي منطقة حدودية مع المملكة العربية السعودية, وأغلبية سكانها ينتمون للمذهب الزيدي الهادوي, وفيها نشاط واسع ومتغلغل للإثنى عشرية منذ الثمانينات. وقد ساهمت عدة عوامل لتكون صعدة هي منطلق حركة التمرد منها:
وعورة المنطقة وصعوبة تضاريسها.
النشاط الإثنى عشري الذي استطاع اختراق أتباع المذهب الهادوي في صعدة.
تعاون القبائل المنتمية للمذهب الزيدي والمتأثرة بأفكار الحوثي معه.
توفر السلاح بكميات كبيرة لدى هذه القبائل, ووجود أسواق لها في المنطقة.
توفر الدعم المالي بشكل كبير الأمر الذي وفر القدرة والإمكانيات لمواجهة الدولة!
التعاون الاستخباراتي الذي تقوم بها بعض الجهات والشخصيات المحسوبة على الدولة والمؤتمر لصالح المتمردين.
دافع الثأر من قبل القبائل تجاه أبنائهم الذين سقطوا في المواجهات الأولى العام 2004, علما بأن طابع هذه القبائل الشراسة والحمية! وهذا في شأن التمرد الثاني الذي يقوده الحوثي الأب!
وللعلم فلم يكن الحوثي الأب في معزل عن المواجهات الأولى, برغم عدم ظهوره فيها, فقد كان يبارك كل جهود ابنه ويصفه ب¯المصلح الكبير والمجدد للمذهب الزيدي!
وفي حين عززت الدولة قواتها العسكرية وحشدت إمكانياتها لحسم المعركة, وقفت القبائل إلى جانب حسين الحوثي ومن معه, وهو ما حدا بالدولة لاستنفار قبائل المنطقة ضده. كما أنها قامت بتدابير أمنية مختلفة للتضييق على حركة التمرد وتبعاتها, منها:
القبض على عدد من الأشخاص الذين يروجون للحوثي من قضاة وصحفيين وخطباء مساجد من مختلف المناطق المتعاطفة, وتقديم بعضهم للمحاكمة.
إغلاق المكتبات الشيعية الزيدية, ومنع المكتبات الشيعية اللبنانية والإيرانية واليمنية من المشاركة في معرض الكتاب بصنعاء, ومصادرة بعض كتب الشيعة الإثنى عشرية.
إغلاق المعاهد والحوزات التابعة للحوثي والموالية لتنظيم الشباب المؤمن.
اعتقال أعداد كبيرة من الذين تجندوا للحاق بحركة تمرد الحوثي!
الحملة الإعلامية التي استندت إلى بعد عقائدي وفكري ووطني!
ويبدو أن إعلام المؤتمر الشعبي العام والإعلام الرسمي لم يدر المواجهة مع الحوثي وأتباعه بشكل سليم, فقد وقع في عدة أخطاء ساعدت المتمردين والأحزاب المعارضة والتيار الزيدي بشكل أخص في استغلال ما يكتب على بعض الصحف المؤتمرية, كصحيفة الميثاق الناطقة باسم الحزب الحاكم, للتأكيد على أن أبعاد الحرب الدائرة أبعاد طائفية وفكرية!
وربما ساعدهم في ذلك كتابات بعض الجهلة في هذه الصحف ربما بقصد منهم وربما بغير قصد, لأن احتمال وجود مندسين في المؤتمر ليؤكدوا على البعد السلالي والطائفي في المواجهات كبير جدا, وهو أمر قد يغفل عنه المؤتمريون في ظل غياب منطق العقل واعتماد القوة وخطاب التهم والسخرية! في تأجيج مشاعر أتباعهم وشحنهم بدوافع الكراهية والانتقام! كتناول مسألة الهاشمية وسلالة آل البيت!
إن طبيعة الدور الذي مارسه حسين الحوثي, قبل تطور الأحداث إلى مستوى المواجهات مع الدولة, يدل على نوايا فعلية في إظهار الحركة كقوة سياسية مستقلة, كما هو الحال مع حزب الله في لبنان, خاصة بعد فشل حزب الحق وحزب اتحاد القوى الشعبية من لعب دور سياسي أو حركي بالمستوى الذي يأمل فيه حسين الحوثي!
فاستقطاب الآلاف من الشباب والرجال, وإنشاء الكثير من المؤسسات التعليمية المتعصبة, ومظاهر إبراز القوة, وشراء مختلف أنواع الأسلحة وإنشاء التحصينات في مناطق مختلفة من صعدة - معقل الحركة, والتزود بالمؤن - التي ظهرت طيلة أيام المواجهات, والاحتياطات الأمنية التي أحاط نفسه وقيادة تنظيم الشباب المؤمن بها, والتواصل بجهات خارجية, ورفع شعارات ذات بعد دولي والدخول في مواجهات مع قوى الأمن الداخلي لأجلها! تدل جميعها على جاهزية عسكرية وأمنية لا تناسب طبيعة تنظيم الشباب المؤمن المعلن عنها!
لقد خاض حسين الحوثي حربا شرسة ضد الدولة أسقطت أكثر من 400 قتيل من الطرفين, ومئات الجرحى, وتضرر جراءها عدد من المعدات والمنشآت الحكومية! خلال ما يقرب من 3 أشهر!!
ولم يشأ الحوثي الاستسلام للدولة إلا وفق شروط ومطالب خاصة, ليس من أبرزها سحب الدولة لقواتها من المنطقة والإفراج غير المشروط لأتباع التنظيم!! إلى آخر ما هنالك من المطالب! لكنه لم يستطع تحقيق آماله حيث استطاعت الدولة القضاء عليه في 10 سبتمبر 2004, هو وعدد من أتباعه.. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد!
الخلفيات والملابسات:
لظهور حركة الحوثي في اليمن خلفيات تاريخية وواقعية وأبعاد داخلية وخارجية وعوامل دينية وأخرى سياسية شكلت في مجموعها ظروفا محيطة أثرت في الدفع للمواجهة المسلحة, فمن ذلك:
الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها معظم الشعب اليمني, والتي بلغت إلى مستوى تحت خط الفقر, وشملت 75 في المئة من الشعب اليمني, مع حالة الفساد العام والظلم وغياب القوانين.. وهذه الظروف دأبت الصحف اليمنية المعارضة - بما فيها صحف التيار الزيدي - على إثارتها بشكل يستفز المواطنين ويدفع باتجاه الشحن العاطفي والعنف السلوكي!
انتشار المذهب السني بصورة باتت تهدد وجود المذهب الزيدي - الجديد - على المدى البعيد, حيث تحولت الكثير من المناطق المحسوبة على المذهب الزيدي إلى السنة! كما أن حزبا سياسيا كالإصلاح أصبح يمثل ثاني أكبر قوة سياسية في البلد وفق نتائج الانتخابات المتهمة في بلداننا العربية!
بخلاف الأحزاب المحسوبة على المذهب الزيدي التي لم تحقق نجاحا يذكر في الانتخابات! وهذا ما حدا بأتباع المذهب الزيدي لاتهام الدولة بل الثورة اليمنية! بمحاربة المذهب الزيدي لحساب ما يصفونه بالمذهب الوهابي! وتصنيف الإثنين في خانة العداء للزيدية!
لقد وصف يحيى الحوثي في حوار مع صحيفة الشرق الأوسط, في 17 ابريل 2005, تنظيم الشباب المؤمن بأنها حركة ثقافية لمواجهة ما وصفه ب¯المد السلفي الذي هاجمنا في بيوتنا باليمن وكان مصدره جماعات التكفير - على حد تعبيره.
تغلغل ما يعرف ب¯الهاشميين في مفاصل السلطة وأجهزة الدولة ومواقع التأثير في الحزب الحاكم فتح المجال للتفكير في إعادة السلطة للهاشميين, لذلك جاءت انتقادات صحيفة الشورى المحسوبة على الزيدية في مسألة توريث الحكم للعقيد أحمد علي عبدالله صالح أشد لهجة من أي صحيفة أخرى!
ويشير البعض هنا إلى تلك التصريحات الأمنية التي تتناقلها صحيفة الثورة و26 سبتمبر وأخبار اليوم حول وجود علاقة بين حسين الحوثي وقيادات تنظيم الشباب المؤمن من جهة وشخصيات في الدولة والحكومة والمؤتمر الشعبي العام من جهة أخرى كدليل على أبعاد المؤامرة التي تدور رحاها في صعدة!
وتتولى صحيفة أخبار اليوم والشموع الحديث عن شبكة من الشخصيات والعلاقات والخطط الرامية لتأجيج الصراع بين الرئيس اليمني والتجمع اليمني للإصلاح باعتباره أكبر القوى السنية في اليمن وأقدمها تحالفا معه, وذلك - فيما يبدو - لعزل الرئيس وتجريده من الحلفاء, وهو ما دفع بالرئيس للإشادة بموقف التجمع اليمني للإصلاح ويبدو أنه لعب دورا استخباراتيا من منطلق التحالف الذي يؤكده الإصلاح مع الرئيس دون المؤتمر الشعبي العام!!
وليس بصحيح ما يدعيه أتباع الحوثي والمؤيدين له من أن الدافع وراء محاربة الدولة لهم هو تبني شعار الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل.. النصر للإسلام!! فالحوثي وأتباعه لم يمثلوا في أي يوم من الأيام أي تهديد للوجود الأجنبي, بل ولا تحتل الولايات المتحدة الأميركية في أدبياتهم مكان الصدارة في العداوة والبغضاء بقدر ما يحتله السنة!
كما أن الأسلحة والتحركات التي يقوم بها الحوثي لا تمثل أي تهديد للمصالح الأميركية بقدر ما كانت استعراضا لقوة المذهب التي غابت في الميدان السياسي والثقافي والاجتماعي!
ثم إن استهلاك هذه الأسلحة والدخول بها في صراع دموي مع الدولة لا يخدم الشعار المعلن بأي وجه من الوجوه, خاصة وأن الحوثي وأتباعه لا يتفقون مع تنظيم القاعدة في مواجهته لأميركا!! كما أن صعدة ظلت طوال السنوات الماضية بعيدة عن أعمال العنف التي تطال الأجانب في اليمن, على خلاف محافظات أخرى مثل مأرب والجوف وصنعاء وحضرموت وعدن!
إيران.. والتغلغل الشيعي في اليمن:
صرح الرئيس علي عبد الله صالح في مقابلة صحافية قائلاً: نحن نتهم جهات خارجية لكن لا نستطيع أن نشير بأصابع الاتهام لأي دولة أو حزب, وأضاف: لقد وجدت مع الحوثي وأتباعه بعض الكتب والمطبوعات الفاخرة التي طبعت في بيروت عن الشيعة والإثنى عشرية, هذه هي بعض المؤشرات التي حصلنا عليها ولكن يجري التحري في شأنها!
لقد تبنت إيران - ومنذ قيام ما عرف ب¯الثورة الإسلامية - مبدأ تصدير الثورة الشيعية إلى الوطن العربي والعالم الإسلامي, وإذا كان العراق مثل سدا منيعا ضد التوسع الشيعي في منطقة الخليج.. فإن نظام إيران لم يتخل عن تواصله بالأقليات الشيعية في الخليج والجزيرة عموما, بل سعى جاهدا إلى تصدير الفكر الشيعي إلى دول أخرى.
وقد شكلت الأرضية المذهبية الهادوية في اليمن محضنا خصبا لهذا التغلغل الشيعي خاصة بعد حرب الخليج الثانية وتدمير العراق, وبذلت الديبلوماسية والسفارة الإيرانية في صنعاء جهدا مكثفا لاستقطاب أتباع المذهب الزيدي منذ عام 1990م, حيث توجهت الأنظار إلى اليمن كلاعب إقليمي ناشئ ومؤثر. وهذا ما كان يحذر منه علامة اليمن ومحدثها الشيخ مقبل بن هادي الوادعي, فقد كان يردد المقولة المشهورة: ءإتني بزيدي صغير أخرج لك منه شيعياً كبيراً!
إن الإعلان عن حزب الله في عام 1990, وتشكيل تنظيم الشباب المؤمن ورفع شعارات الثورة الإيرانية وحزب الله في لبنان.. بل رفع علميهما, والتوجه إلى نقد المذهب الزيدي وتمرير عقائد الرافضة كسب الصحابة, وإقامة الحسينيات, والاحتفال بيوم غدير خم, وافتتاح الكثير من المحلات التجارية والمكتبات والتسجيلات ذات المسميات الشيعية: الغدير, خم, كربلاء, الحسين, النجف وغيرها!
وتعليق لافتات قماشية سوداء كتبت عليها عبارات وهتافات جعفرية مثل ياحسيناه, ياعلياه, من كنت مولاه فعلي مولاه, لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.. إلخ, وتوزيع وبيع أشرطة وكتب وكتيبات ذات مضامين شيعية إثنى عشرية, ونشرات بمسميات العترة وآل البيت والحسين والمهدي.. وغيرها, ونشر صور رموز شيعية كالخميني والصدر والسيستاني ورفسنجاني وحسن نصرالله وغيرهم.
جميعها مؤشرات على توجيه أياد خارجية ووجود صلات عقائدية وفكرية ودعم غير طبيعي لتنظيم الشباب المؤمن وحركة التمرد التي قادها الحوثي الابن ويقودها حاليا الحوثي الأب!
لقد تردد في أوساط أتباع حسين الحوثي المقولة بأنه هو اليماني الذي رمزت إليه الآثار التي تضمنها كتاب المدعو علي الكوراني - وهو مرجع وباحث شيعي من لبنان عصر الظهور, وهو ما أعطى حركة حسين الحوثي بعدا شيعيا إثنى عشريا!
وقد لفت هذا الكتاب اهتمام صحيفة الثورة الرسمية, والتي نشرت مقطعا من الكتاب, في إطار تحليلها للبعد العقائدي لحركة التمرد الشيعية!
بل أصبح الكتاب محط اهتمام المتابعين للأحداث نظرا لوجود الخلفية المسبقة لتمرد الحوثي بتواصله مع إيران ولبنان! وقد ذهب البعض إلى أن المؤلف الشيعي علي الكوراني يمثل المرجع الأول لحركة التمرد التي قادها حسين الحوثي وتنظيم الشباب المؤمن, رغم نفيه لصلته بالموضوع وتشكيكه بأن يكون الحوثي هو المقصود في الآثار!
لقد أكد طارق الشامي - الناطق الرسمي في المؤتمر الشعبي الحاكم أن التمرد جاء في إطار مخطط كان معدا له أولا من حيث إدخال مذهب جديد هو الإثنى عشرية والترويج له داخل المجتمع اليمني, وثانيا ما تم الاعتراف به على لسان الحوثي بوجود علاقة مع بعض المنظمات والحوزات الشيعية وزيارته لبعض الدول العربية وإيران.
إضافة إلى ذلك فإن لجوء الكثير من شيعة العراق إلى اليمن تحت غطاء التدريس سهل من تغذية الروابط - كما يبدو بين التيارين - وقد أشارت صحيفة أخبار اليوم المحسوبة على السلطة وصحيفة الأيام المستقلة, بحسب مصادر أمنية, إلى وجود مقاتلين عراقيين في صفوف أتباع الحوثي, واكتشاف جثث لهم, واعتقال بعضهم!
وبحسب مصادر - اخرى فإن للسفير العراقي وعناصر أخرى استقدمها معه دور مباشر في إعادة بناء التنظيمات الموالية لإيران في اليمن, في مقدمتها الشباب المؤمن, وأشارت المصادر بأن السفير استقبل خلال الفترة الماضية عناصر متورطة في تمرد الحوثي, بما فيها قيادات ناشطة ضمن مليشيات تنظيمه المسلح.
وأن عددا من أتباع بدرالدين الحوثي الذين استسلموا أثناء المواجهات الأخيرة أكدوا قيامهم بالتدرب في معسكرات تابعة للحرس الثوري الإيراني مع عناصر فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بالعراق بعد سقوط بغداد, وكذلك في معسكرات يتخذها الفيلق في العراق منذ منتصف العام 2003.
(الحلقة الثانية) - جريدة السياسة الكويتية
حسين الحوثي والتمرد الأول
حسين الحوثي ينتمي إلى أسرة هاشمية يرجع نسبها إلى الحسين بن علي بن أبي طالب, أما والده فهو العلامة بدرالدين الحوثي من أبرز علماء ومرجعيات المذهب الزيدي في اليمن.
تلقى تعليمه في المعاهد العلمية من الابتدائية وحتى الثانوية, كما تلقى المذهب الزيدي على يد والده وعلماء المذهب في صعدة. وتفيد بعض المصادر بأنه أتم تعليمه الجامعي وحصل على الماجستير والدكتوراه خارج اليمن!
كان عضوا في مجلس النواب عن دائرة مران بصعدة من العام 1993 - 1997, وتفرغ عقب خروجه من مجلس النواب لنشر أفكاره ومعتقداته من خلال الدروس والمحاضرات والخروج الدعوي إلى المناطق, وقيادة تنظيم الشباب المؤمن وتشكيل فروع له, وإنشاء حوزات ومساجد تابعة له.
وبدأت تتجلى ظاهرة حسين الحوثي فيما يطرحه من المسائل والآراء, فظهر تطاوله وتهجمه على علماء الزيدية, وآراء المذهب وكتبه! معتبراً نفسه مصلحاً ومجدداً لعلوم المذهب وتعاليمه! وتجاوز الأمر إلى حد السخرية من كتب الحديث والأصول وإظهار شتم الصحابة وأمهات المؤمنين, وهو ما دفع علماء الزيدية لإصدار بيان نشرته صحيفة الأمة الناطقة باسم حزب الحق!
وهو متأثر بعقائد الشيعة وميال إلى مذهبهم الإثنى عشري, ويثني كثيرا في محاضراته - التي أصبحت تباع كملازم على الثورة الإيرانية والإمام الخميني والمرجعيات الشيعية في النجف وقم!
وقد جاء في ديباجة بيان علماء الزيدية, الذي توجه بالخطاب إلى كافة أبناء المذهب الزيدي وغيرهم من أبناء الأمة الإسلامية, ما يلي:
استجابة لأمر الله في قوله جل جلاله: وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه ولقوله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعدما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون, ولقوله عليه الصلاة والسلام: من انتهر صاحب بدعة ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: إذا ظهرت البدع ولم يظهر العالم علمه, فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين, ولما ظهر في الملازم التي يقوم بنشرها وتوزيعها حسين بدرالدين وأتباعه, والتي يصرح فيها بالتحذير من قراءة كتب أئمة العترة, وكتب علماء الأمة عموما, وعلى وجه الخصوص كتب أصول الدين وأصول الفقه, ثم أورد شواهد مما ورد فيها!
وعقَّب البيان بالقول: وغير ذلك من الأقوال التي تصرح بتضليل أئمة أهل البيت من لدن أمير المؤمنين علي عليه السلام ومرورا بأئمة أهل البيت, وإلى عصرنا هذا, والتي يتهجم فيها على علماء الإسلام عموما, وعلى علماء الزيدية خصوصا.
وفيما يذكره من الأقوال المبطنة من الضلالات التي تنافي الآيات القرآنية الواردة بالثناء على أهل البيت المطهرين, وتنافي حديث الثقلين المتواتر, وحديث لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين, فمن أثنى عليه الله ورسوله لا يكون ضالا, بل الضال من خالف الله ورسوله وإجماع الأمة.
فبناء على ما تقدم رأى علماء الزيدية التالية أسماؤهم, التحذير من ضلالات المذكور وأتباعه, وعدم الاغترار بأقواله وأفعاله التي لا تمت إلى أهل البيت وإلى المذهب الزيدي بصلة, وأنه لا يجوز الإصغاء إلى تلك البدع والضلالات ولا التأييد لها, ولا الرضا بها, ومن يتولهم منكم فإنه منهم, وهذا براءة للذمة, وتخلص أمام الله من واجب التبليغ.
وقد وقع على البيان كل من: حمود عباس المؤيد - مفتي الجمهورية, أحمد الشامي - أمين عام الحزب الحق, محمد محمد المنصور, صلاح بن أحمد فليته, حسن محمد زيد, إسماعيل عبدالكريم شرف الدين, محمد علي العجري, حسن أحمد أبو علي, محمد حسن الحمزي, محمد حسن عبدالله الهادي.
لقد أظهر حسين الحوثي تأييده وتأثره ب¯حزب الله الشيعي اللبناني, وربما رفع أعلامه في بعض المراكز, كما عمد إلى رفع شعار: الله أكبر.. الموت لإسرائيل, الموت لأميركا, النصر للإسلام دافعا بشباب التنظيم وأتباعه لترديده عقب صلاة الجمعة في الكثير من المناطق, بما في ذلك جوامع صنعاء والجامع الكبير بها.
وقد استطاع من خلال دعم الدولة وأتباع المذهب ودعم جهات خارجية من ضمنها إيران وشخصيات ومؤسسات شيعية في المنطقة من إقامة عشرات المراكز العلمية المسماة بالحوزات في صعدة وعمران ومأرب والجوف وحجة وذمار.
وصنعاء. وكان لهذه المراكز نشاط ملموس في إقامة المخيمات الصيفية والندوات والمحاضرات والدروس, ونشر الكثير من الملازم والكتب التي تروج لفكره وتحرض أتباع المذهب الزيدي على اقتناء الأسلحة والذخيرة تحسباً لمواجهة الأعداء من الأميركيين واليهود, واقتطاع نسبة من الزكاة لصالح المدافعين عن شرف الإسلام والمذهب!!
وعلى رغم ضيق الحكومة من تصرفاته إلا أنها لم توقف دعمها المالي عنه, وحاولت في مقابل ذلك إقناعه بالعدول عن توجهاته وأفكاره كونها تثير الفتنة المذهبية والطائفية والسلالية وتعد خروجاً على الدستور والقانون, وأوفدت عدة وسطاء من علماء المذهب الزيدي وبعض الشخصيات الهاشمية وعلماء دين ومشائخ قبائل لإقناعه بالعدول عما هو عليه.
لكنه لم يأبه بالأمر واستمر في الدفع بشبابه الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15-25 عاماً لإظهار ثقله الديني والسياسي بالتظاهر في معظم المساجد وعقب صلوات الجمعة وترديد شعاراتهم ضد إسرائيل وأميركا, وقد بلغ الأمر في إحدى المظاهرات بسقوط قتلى أثناء مسيرة نظمها التنظيم باتجاه السفارة الأميركية إبان الحرب على العراق, في 2003.
وبدأ الصدام بين الدولة وأتباع الحوثي يأخذ طابع الاعتقال, وإغلاق المحلات من مكتبات وتسجيلات شيعية, في حين بدأ حسين الحوثي في التحصن في جبال مران حيث مسقط رأسه ومعقد الولاء المذهبي له.
فأقام تحصينات إنشائية وزود أتباعه بالسلاح والذخيرة, وبدأ بالتعبئة ضد أي عدوان أميركي أو إسرائيلي! وأحاط نفسه بإجراءات أمنية صارمة, وبدا الأمر وكأنه استعداد لخوض مواجهة عسكرية مؤكدة وليست محتملة!
وذكر رئيس الجمهورية في حديثه لصحيفة السفير اللبنانية, في 19 اغسطس2004, أن الحوثي تمرد على الدولة, وأنه لم يتجاوب في التواصل مع السلطة, ولم يستجب لمطالب الدولة في معرفة الأنشطة التي يقوم بها في المنطقة.
وكان رفضه إلى جانب المعلومات المتوفرة لدى القيادة السياسية سببا في إيجاد قناعة بأن عنده شيئا يخفيه! وأن هناك خطورة منه إن لم تكن اليوم فربما في المستقبل! وأضاف بأن السلطة عملت على متابعة الحوار معه لإقناعه مدة سنة ونصف تقريبا ليسلم نفسه مع إعطائه الأمان! لكن دون جدوى!
كانت ملاحظات الدولة تجاه الحوثي تتمثل في: قيام ميليشيات, وتحصينات دفاعية, واقتناء أسلحة, وتوزيع أموال! ونتيجة لعدم تجاوبه, اتخذ القرار بفرض حصار عليه وتطويقه لكي يسلم نفسه! وعندما بدأ التطويق قام بالعدوان المسلح على الجيش والأمن! وبالتالي فرض عليهم القتال على الرغم من أنه لم يكن هناك قرار بالقتال! - على حسب شهادة الرئيس!
في هذه الأثناء كانت الوساطات مستمرة لكنها فشلت في إقناعه بتسليم نفسه! وعندها - فيما يبدو - شعرت الدولة بخروج الأمر عن السيطرة, وبوجود مؤامرة مدبرة من حليف الأمس! ففرضت قوات الأمن والجيش طوقا على المنطقة وحاصرتها, وبدأت في المواجهة مع أتباع الحوثي المتحصنين في 18 يونيو!
بعد أن تعرضت لاعتداءات متكررة! وبدأ الحديث إعلاميا عن ادعاء الحوثي الإمامة, وقيل المهدية, وقيل النبوة, من قبل صحف المؤتمر ووسائل الإعلام الرسمية التي كالت عليه أوصاف التمرد والخروج على الشرعية!
وفي التقرير الأمني الذي قدمه وزير الداخلية اليمني اللواء رشاد العليمي إلى أعضاء مجلس النواب, ذكر فيه بأن الحوثي قام بتوزيع كتاب بعنوان عصر الظهور لمؤلفه علي الكوراني العاملي! والذي أشار إلى ظهور ثورة إسلامية ممهدة لظهور المهدي, وأن اسم قائدها اليماني حسن أو حسين, وأنها أهدى الرايات في عصر الظهور على الإطلاق, وأن اليماني يخرج من قرية يقال لها كرعة وهي قرية في منطقة بني خولان قرب صعدة.
ثم يذكر التقرير نفسه أن الأجهزة الأمنية ضبطت مع بعض أتباع الحوثي من أبناء صعدة وثيقة مبايعة الحوثي على أنه الإمام والمهدي المنتظر!
وقد اختار الحوثي الأب, ومن قبله الابن, مناطق مديرية حيدان في مران والرازمات ووادي نشور وشافعة منطلقا لعملياتهم ضد الحكومة نظرا لما تتميز به تلك المناطق من تضاريس وعرة يصعب على القوات البرية الوصول إليها, كما يصعب على القوات الجوية اختراق تحصيناتها.
فمحافظة صعدة - التي تقع في شمال اليمن وتبعد عن العاصمة صنعاء حوالي 204كلم - منطقة مرتفعة ذات جبال وعرة, وهي منطقة حدودية مع المملكة العربية السعودية, وأغلبية سكانها ينتمون للمذهب الزيدي الهادوي, وفيها نشاط واسع ومتغلغل للإثنى عشرية منذ الثمانينات. وقد ساهمت عدة عوامل لتكون صعدة هي منطلق حركة التمرد منها:
وعورة المنطقة وصعوبة تضاريسها.
النشاط الإثنى عشري الذي استطاع اختراق أتباع المذهب الهادوي في صعدة.
تعاون القبائل المنتمية للمذهب الزيدي والمتأثرة بأفكار الحوثي معه.
توفر السلاح بكميات كبيرة لدى هذه القبائل, ووجود أسواق لها في المنطقة.
توفر الدعم المالي بشكل كبير الأمر الذي وفر القدرة والإمكانيات لمواجهة الدولة!
التعاون الاستخباراتي الذي تقوم بها بعض الجهات والشخصيات المحسوبة على الدولة والمؤتمر لصالح المتمردين.
دافع الثأر من قبل القبائل تجاه أبنائهم الذين سقطوا في المواجهات الأولى العام 2004, علما بأن طابع هذه القبائل الشراسة والحمية! وهذا في شأن التمرد الثاني الذي يقوده الحوثي الأب!
وللعلم فلم يكن الحوثي الأب في معزل عن المواجهات الأولى, برغم عدم ظهوره فيها, فقد كان يبارك كل جهود ابنه ويصفه ب¯المصلح الكبير والمجدد للمذهب الزيدي!
وفي حين عززت الدولة قواتها العسكرية وحشدت إمكانياتها لحسم المعركة, وقفت القبائل إلى جانب حسين الحوثي ومن معه, وهو ما حدا بالدولة لاستنفار قبائل المنطقة ضده. كما أنها قامت بتدابير أمنية مختلفة للتضييق على حركة التمرد وتبعاتها, منها:
القبض على عدد من الأشخاص الذين يروجون للحوثي من قضاة وصحفيين وخطباء مساجد من مختلف المناطق المتعاطفة, وتقديم بعضهم للمحاكمة.
إغلاق المكتبات الشيعية الزيدية, ومنع المكتبات الشيعية اللبنانية والإيرانية واليمنية من المشاركة في معرض الكتاب بصنعاء, ومصادرة بعض كتب الشيعة الإثنى عشرية.
إغلاق المعاهد والحوزات التابعة للحوثي والموالية لتنظيم الشباب المؤمن.
اعتقال أعداد كبيرة من الذين تجندوا للحاق بحركة تمرد الحوثي!
الحملة الإعلامية التي استندت إلى بعد عقائدي وفكري ووطني!
ويبدو أن إعلام المؤتمر الشعبي العام والإعلام الرسمي لم يدر المواجهة مع الحوثي وأتباعه بشكل سليم, فقد وقع في عدة أخطاء ساعدت المتمردين والأحزاب المعارضة والتيار الزيدي بشكل أخص في استغلال ما يكتب على بعض الصحف المؤتمرية, كصحيفة الميثاق الناطقة باسم الحزب الحاكم, للتأكيد على أن أبعاد الحرب الدائرة أبعاد طائفية وفكرية!
وربما ساعدهم في ذلك كتابات بعض الجهلة في هذه الصحف ربما بقصد منهم وربما بغير قصد, لأن احتمال وجود مندسين في المؤتمر ليؤكدوا على البعد السلالي والطائفي في المواجهات كبير جدا, وهو أمر قد يغفل عنه المؤتمريون في ظل غياب منطق العقل واعتماد القوة وخطاب التهم والسخرية! في تأجيج مشاعر أتباعهم وشحنهم بدوافع الكراهية والانتقام! كتناول مسألة الهاشمية وسلالة آل البيت!
إن طبيعة الدور الذي مارسه حسين الحوثي, قبل تطور الأحداث إلى مستوى المواجهات مع الدولة, يدل على نوايا فعلية في إظهار الحركة كقوة سياسية مستقلة, كما هو الحال مع حزب الله في لبنان, خاصة بعد فشل حزب الحق وحزب اتحاد القوى الشعبية من لعب دور سياسي أو حركي بالمستوى الذي يأمل فيه حسين الحوثي!
فاستقطاب الآلاف من الشباب والرجال, وإنشاء الكثير من المؤسسات التعليمية المتعصبة, ومظاهر إبراز القوة, وشراء مختلف أنواع الأسلحة وإنشاء التحصينات في مناطق مختلفة من صعدة - معقل الحركة, والتزود بالمؤن - التي ظهرت طيلة أيام المواجهات, والاحتياطات الأمنية التي أحاط نفسه وقيادة تنظيم الشباب المؤمن بها, والتواصل بجهات خارجية, ورفع شعارات ذات بعد دولي والدخول في مواجهات مع قوى الأمن الداخلي لأجلها! تدل جميعها على جاهزية عسكرية وأمنية لا تناسب طبيعة تنظيم الشباب المؤمن المعلن عنها!
لقد خاض حسين الحوثي حربا شرسة ضد الدولة أسقطت أكثر من 400 قتيل من الطرفين, ومئات الجرحى, وتضرر جراءها عدد من المعدات والمنشآت الحكومية! خلال ما يقرب من 3 أشهر!!
ولم يشأ الحوثي الاستسلام للدولة إلا وفق شروط ومطالب خاصة, ليس من أبرزها سحب الدولة لقواتها من المنطقة والإفراج غير المشروط لأتباع التنظيم!! إلى آخر ما هنالك من المطالب! لكنه لم يستطع تحقيق آماله حيث استطاعت الدولة القضاء عليه في 10 سبتمبر 2004, هو وعدد من أتباعه.. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد!
الخلفيات والملابسات:
لظهور حركة الحوثي في اليمن خلفيات تاريخية وواقعية وأبعاد داخلية وخارجية وعوامل دينية وأخرى سياسية شكلت في مجموعها ظروفا محيطة أثرت في الدفع للمواجهة المسلحة, فمن ذلك:
الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها معظم الشعب اليمني, والتي بلغت إلى مستوى تحت خط الفقر, وشملت 75 في المئة من الشعب اليمني, مع حالة الفساد العام والظلم وغياب القوانين.. وهذه الظروف دأبت الصحف اليمنية المعارضة - بما فيها صحف التيار الزيدي - على إثارتها بشكل يستفز المواطنين ويدفع باتجاه الشحن العاطفي والعنف السلوكي!
انتشار المذهب السني بصورة باتت تهدد وجود المذهب الزيدي - الجديد - على المدى البعيد, حيث تحولت الكثير من المناطق المحسوبة على المذهب الزيدي إلى السنة! كما أن حزبا سياسيا كالإصلاح أصبح يمثل ثاني أكبر قوة سياسية في البلد وفق نتائج الانتخابات المتهمة في بلداننا العربية!
بخلاف الأحزاب المحسوبة على المذهب الزيدي التي لم تحقق نجاحا يذكر في الانتخابات! وهذا ما حدا بأتباع المذهب الزيدي لاتهام الدولة بل الثورة اليمنية! بمحاربة المذهب الزيدي لحساب ما يصفونه بالمذهب الوهابي! وتصنيف الإثنين في خانة العداء للزيدية!
لقد وصف يحيى الحوثي في حوار مع صحيفة الشرق الأوسط, في 17 ابريل 2005, تنظيم الشباب المؤمن بأنها حركة ثقافية لمواجهة ما وصفه ب¯المد السلفي الذي هاجمنا في بيوتنا باليمن وكان مصدره جماعات التكفير - على حد تعبيره.
تغلغل ما يعرف ب¯الهاشميين في مفاصل السلطة وأجهزة الدولة ومواقع التأثير في الحزب الحاكم فتح المجال للتفكير في إعادة السلطة للهاشميين, لذلك جاءت انتقادات صحيفة الشورى المحسوبة على الزيدية في مسألة توريث الحكم للعقيد أحمد علي عبدالله صالح أشد لهجة من أي صحيفة أخرى!
ويشير البعض هنا إلى تلك التصريحات الأمنية التي تتناقلها صحيفة الثورة و26 سبتمبر وأخبار اليوم حول وجود علاقة بين حسين الحوثي وقيادات تنظيم الشباب المؤمن من جهة وشخصيات في الدولة والحكومة والمؤتمر الشعبي العام من جهة أخرى كدليل على أبعاد المؤامرة التي تدور رحاها في صعدة!
وتتولى صحيفة أخبار اليوم والشموع الحديث عن شبكة من الشخصيات والعلاقات والخطط الرامية لتأجيج الصراع بين الرئيس اليمني والتجمع اليمني للإصلاح باعتباره أكبر القوى السنية في اليمن وأقدمها تحالفا معه, وذلك - فيما يبدو - لعزل الرئيس وتجريده من الحلفاء, وهو ما دفع بالرئيس للإشادة بموقف التجمع اليمني للإصلاح ويبدو أنه لعب دورا استخباراتيا من منطلق التحالف الذي يؤكده الإصلاح مع الرئيس دون المؤتمر الشعبي العام!!
وليس بصحيح ما يدعيه أتباع الحوثي والمؤيدين له من أن الدافع وراء محاربة الدولة لهم هو تبني شعار الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل.. النصر للإسلام!! فالحوثي وأتباعه لم يمثلوا في أي يوم من الأيام أي تهديد للوجود الأجنبي, بل ولا تحتل الولايات المتحدة الأميركية في أدبياتهم مكان الصدارة في العداوة والبغضاء بقدر ما يحتله السنة!
كما أن الأسلحة والتحركات التي يقوم بها الحوثي لا تمثل أي تهديد للمصالح الأميركية بقدر ما كانت استعراضا لقوة المذهب التي غابت في الميدان السياسي والثقافي والاجتماعي!
ثم إن استهلاك هذه الأسلحة والدخول بها في صراع دموي مع الدولة لا يخدم الشعار المعلن بأي وجه من الوجوه, خاصة وأن الحوثي وأتباعه لا يتفقون مع تنظيم القاعدة في مواجهته لأميركا!! كما أن صعدة ظلت طوال السنوات الماضية بعيدة عن أعمال العنف التي تطال الأجانب في اليمن, على خلاف محافظات أخرى مثل مأرب والجوف وصنعاء وحضرموت وعدن!
إيران.. والتغلغل الشيعي في اليمن:
صرح الرئيس علي عبد الله صالح في مقابلة صحافية قائلاً: نحن نتهم جهات خارجية لكن لا نستطيع أن نشير بأصابع الاتهام لأي دولة أو حزب, وأضاف: لقد وجدت مع الحوثي وأتباعه بعض الكتب والمطبوعات الفاخرة التي طبعت في بيروت عن الشيعة والإثنى عشرية, هذه هي بعض المؤشرات التي حصلنا عليها ولكن يجري التحري في شأنها!
لقد تبنت إيران - ومنذ قيام ما عرف ب¯الثورة الإسلامية - مبدأ تصدير الثورة الشيعية إلى الوطن العربي والعالم الإسلامي, وإذا كان العراق مثل سدا منيعا ضد التوسع الشيعي في منطقة الخليج.. فإن نظام إيران لم يتخل عن تواصله بالأقليات الشيعية في الخليج والجزيرة عموما, بل سعى جاهدا إلى تصدير الفكر الشيعي إلى دول أخرى.
وقد شكلت الأرضية المذهبية الهادوية في اليمن محضنا خصبا لهذا التغلغل الشيعي خاصة بعد حرب الخليج الثانية وتدمير العراق, وبذلت الديبلوماسية والسفارة الإيرانية في صنعاء جهدا مكثفا لاستقطاب أتباع المذهب الزيدي منذ عام 1990م, حيث توجهت الأنظار إلى اليمن كلاعب إقليمي ناشئ ومؤثر. وهذا ما كان يحذر منه علامة اليمن ومحدثها الشيخ مقبل بن هادي الوادعي, فقد كان يردد المقولة المشهورة: ءإتني بزيدي صغير أخرج لك منه شيعياً كبيراً!
إن الإعلان عن حزب الله في عام 1990, وتشكيل تنظيم الشباب المؤمن ورفع شعارات الثورة الإيرانية وحزب الله في لبنان.. بل رفع علميهما, والتوجه إلى نقد المذهب الزيدي وتمرير عقائد الرافضة كسب الصحابة, وإقامة الحسينيات, والاحتفال بيوم غدير خم, وافتتاح الكثير من المحلات التجارية والمكتبات والتسجيلات ذات المسميات الشيعية: الغدير, خم, كربلاء, الحسين, النجف وغيرها!
وتعليق لافتات قماشية سوداء كتبت عليها عبارات وهتافات جعفرية مثل ياحسيناه, ياعلياه, من كنت مولاه فعلي مولاه, لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق.. إلخ, وتوزيع وبيع أشرطة وكتب وكتيبات ذات مضامين شيعية إثنى عشرية, ونشرات بمسميات العترة وآل البيت والحسين والمهدي.. وغيرها, ونشر صور رموز شيعية كالخميني والصدر والسيستاني ورفسنجاني وحسن نصرالله وغيرهم.
جميعها مؤشرات على توجيه أياد خارجية ووجود صلات عقائدية وفكرية ودعم غير طبيعي لتنظيم الشباب المؤمن وحركة التمرد التي قادها الحوثي الابن ويقودها حاليا الحوثي الأب!
لقد تردد في أوساط أتباع حسين الحوثي المقولة بأنه هو اليماني الذي رمزت إليه الآثار التي تضمنها كتاب المدعو علي الكوراني - وهو مرجع وباحث شيعي من لبنان عصر الظهور, وهو ما أعطى حركة حسين الحوثي بعدا شيعيا إثنى عشريا!
وقد لفت هذا الكتاب اهتمام صحيفة الثورة الرسمية, والتي نشرت مقطعا من الكتاب, في إطار تحليلها للبعد العقائدي لحركة التمرد الشيعية!
بل أصبح الكتاب محط اهتمام المتابعين للأحداث نظرا لوجود الخلفية المسبقة لتمرد الحوثي بتواصله مع إيران ولبنان! وقد ذهب البعض إلى أن المؤلف الشيعي علي الكوراني يمثل المرجع الأول لحركة التمرد التي قادها حسين الحوثي وتنظيم الشباب المؤمن, رغم نفيه لصلته بالموضوع وتشكيكه بأن يكون الحوثي هو المقصود في الآثار!
لقد أكد طارق الشامي - الناطق الرسمي في المؤتمر الشعبي الحاكم أن التمرد جاء في إطار مخطط كان معدا له أولا من حيث إدخال مذهب جديد هو الإثنى عشرية والترويج له داخل المجتمع اليمني, وثانيا ما تم الاعتراف به على لسان الحوثي بوجود علاقة مع بعض المنظمات والحوزات الشيعية وزيارته لبعض الدول العربية وإيران.
إضافة إلى ذلك فإن لجوء الكثير من شيعة العراق إلى اليمن تحت غطاء التدريس سهل من تغذية الروابط - كما يبدو بين التيارين - وقد أشارت صحيفة أخبار اليوم المحسوبة على السلطة وصحيفة الأيام المستقلة, بحسب مصادر أمنية, إلى وجود مقاتلين عراقيين في صفوف أتباع الحوثي, واكتشاف جثث لهم, واعتقال بعضهم!
وبحسب مصادر - اخرى فإن للسفير العراقي وعناصر أخرى استقدمها معه دور مباشر في إعادة بناء التنظيمات الموالية لإيران في اليمن, في مقدمتها الشباب المؤمن, وأشارت المصادر بأن السفير استقبل خلال الفترة الماضية عناصر متورطة في تمرد الحوثي, بما فيها قيادات ناشطة ضمن مليشيات تنظيمه المسلح.
وأن عددا من أتباع بدرالدين الحوثي الذين استسلموا أثناء المواجهات الأخيرة أكدوا قيامهم بالتدرب في معسكرات تابعة للحرس الثوري الإيراني مع عناصر فيلق بدر التابع للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية بالعراق بعد سقوط بغداد, وكذلك في معسكرات يتخذها الفيلق في العراق منذ منتصف العام 2003.