مسافر
08-05-2017, 06:24 PM
4 آب/ أغسطس 2017
المعارضة والأكاديمية السعودية مضاوي الرشيد تقرأ في خلفيات وأسباب محاولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التقارب مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مشيرة إلى أن الهدف هو إحداث انقسام في الشارع الشيعي العراقي محذرة من أن لعب بن سلمان بالنار سينقلب عليه في داخل المملكة.
زيارة الصدر إلى السعودية ولقاؤه بن سلمان أثارا الكثير من التساؤلات
كتبت مضاوي الرشيد في "ميدل إيست آي": في 30 تموز/ يوليو استقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الزعيم الشيعي العراقي المثير للجدل مقتدى الصدر.
هذه ليست الزيارة الأولى للصدر منذ الاحتلال الأميركي عام 2003. سبق له أن زار الرياض في 2006 في ذروة الحرب الأهلية العراقية والمقاومة العراقية للاحتلال. لكن الزيارة آنذاك لم تكن ناجحة ولم تحقق فوائد تذكر لأي من الجانبين.
كغيره من رجال الدين الطموحين لأن يصبحوا سياسيين، دخل الصدر السياسة من خلال ميليشيا جيش المهدي التابعة له والتي غيّرت اسمها فيما بعد إلى "كتيبة السلام".
تزايد إحباط السعودية من التوسع الإيراني بعد عام 2003 ووجدت نفسها تراهن باستمرار على أحصنة فاشلة. من رعاية زعماء القبائل السنية كجزء من لائحة "التوافق" الانتخابية في 2005 إلى دعم التحالفات السنية الشيعية بقيادة إياد علاوي في 2010، أدت جهود السعودية لدخول المشهد السياسي العراقي في مرحلة ما بعد صدام إلى المزيد من الإحباط الذي بلغ حدّ العداء في مناسبات عديدة.
تدهورت العلاقات السعودية مع العراق على نحو كبير خلال الولاية الأولى لنوري المالكي مع اتهام العراق السعودية برعاية الإرهاب مما أدى إلى نشوب حرب طائفية في العراق نتيجة للعقيدة الوهابية وللجهاديين السعوديين الذين عثر عليهم في العراق. وحتى 2015 لم يكن قد عاد أي سفير سعودي إلى العراق بعد 25 عاماً من الغياب.
زيارة مقتدى الصدر الأخيرة إلى جدة تعدّ منفصلة عن الممارسات والاستراتيجيات السعودية السابقة. فمحمد بن سلمان وداعموه في إدارة ترامب يريدون الحدّ من التوسع الإيراني في العالم العربي من دون المواجهة العسكرية المباشرة مع إيران أو ميليشياتها المختلفة التي تعمل في لبنان وسوريا والعراق.
حليف ضدّ إيران
بناء على ذلك يبني بن سلمان على استراتيجية جديدة لجذب رجل الدين الشيعي المثير للجدل لكن المعروف والمؤثر في آن إلى فلك الرياض. في حال قرر عدم مقاطعة الانتخابات العراقية في 2018 سيحتاج الصدر وتياره الصدري الذي يحظى بشعبية في مدينة الصدر الفقيرة والجنوب، كل الدعم ضدّ منافسيه الشيعة على سبيل المثال حزب الدعوة وغيره من الأحزاب العراقية العلمانية الأضعف والذين يتوجهون جميعاً نحو الطبقات الوسطى الطموحة.
علاقات الصدر بإيران لطالما كانت متوترة وهو لم يتمتع يوماً بالدعم الكامل من قبل المسؤولين الإيرانيين وآيات الله في قم. فالمسؤولون يكرهون سياساته العربية وغير المنتظمة ورجال الدين مستاؤون من عدم استعداده لدعم نظرية ولاية الفقيه أو حكم الفقهاء التي هي في صميم إنشاء الجمهورية الإسلامية.
بالرغم من أنه يتحدر من عائلة من علماء الدين الشيعة فإن الصدر ليس مجتهداً ولا يمتلك المؤهلات الكافية التي تسمح له بأن يصبح مرجعاً يوماً ما.
تشعر السعودية باليأس للعثور على زعيم شيعي عراقي عربي وطني. محمد بن سلمان يعتمد على الصدر المعروف عنه نشره للعروبة مع تمسكه بشيعيته.
مقتدى الصدر هو نجل آية الله العظمى الشهير محمد صادق الصدر الذي اغتيل عام 1999. وصهر آية الله العظمى محمد باقر الصدر. في حين تعود جذور آل الصدر إلى لبنان إلا أنهم كانوا في النجف منذ وقت طويل جداً. وكانوا أساسيين في الحوزة في النجف التي كانت المركز الرئيسي للعلماء الشيعة قبل الحوزة في قمّ الإيرانية.
قد يكون محمد بن سلمان ومستشاري واشنطن توصلوا إلى خلاصة بأن الحرب الأهلية الشيعية الشيعية في العراق هي السبيل الوحيد للحدّ من النفوذ الإيراني وجعل العراقيين يتخلون عن الدعم غير المسبوق الذي قدمته إيران للحكومة في حربها ضدّ القاعدة ومؤخراً ضدّ داعش.
مع سقوط الموصل، عُزي معظم الفضل لإيران والميليشيات التي ترعاها على الأرض العراقية. ومن المتوقع أن ينمود دورها بدلاً من أن يتقلص ما لم تنشب حرب أهلية شيعية جديدة تقسم العراقيين على طول خط التصدع الذي عانوا منه طوال تاريخهم في القرن العشرين.
الفصام العراقي
تصل خطوط التصدع إلى شكل من أشكال الفصام حيث لم يتمكن العراقيون من التوفيق بين شيعيتهم وعروبتهم بعد. وفق المتخصصة في الشأن العراقي في معهد الدراسات السياسية في باريس لولوة الرشيد فإن "العروبة والشيعية تجريان في الدم العراقي، صدام حسين لم يخترع هذا الانقسام في الهوية الذي سيبقى قائماً مقسّماً الجسم السياسي العراقي.
في مرحلة ما بعد ثورة عام 1958 كانت للصراع تسميات أخرى: العروبيون في مواجهة العراقيين الشيوعيين. اليوم تعتمد نتيجة هذا الصراع على من أو أي منطقة تحكم في العراق ما بعد الدولة البعثية.
في حال كان الجنوب الشيعي القبلي المتأخر فإن العراق سينحو من دون شك نحو العروبة. هناك يكرهون إيران، وذكريات الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات لا تزال حاضرة بقوة حيث قتل أولادهم على أيدي الخمينيين والعراقيين المنفيين. إذا رجحت كفة الميزان نحو حزب الدعوة الإسلامي، الحزب الحاكم حالياً، ستحقق السياسة العراقية بعضاً من التميز والشعور بالأفضلية على ما يسمونه "البدو" في وسط الجزيرة العربية والخليج.
تبدو السعودية الآن يائسة لرؤية هؤلاء الذين يقودهم شعور قوي بالفوقية والشيعية يرحلون كما هو حال الحكومات المتعاقبة التي قادها حزب الدعوة خصوصاً في عهد نوري المالكي. وهي تسعى لتطبيع علاقاتها مع العراق لمواصلة استراتيجية تقليص نفوذ إيران.
في إطار هذا المشروع تصبح رعاية مقتدى الصدر جزءاً من خطة لتقسيم المناطق الشيعية في العراق بين تلك الحليفة لإيران والأخرى التي تشعر بالاستياء من استيلائها على البلاد خلال السنوات الاربعة عشر الماضية.
حلفاء غير مخلصين
هل سينجح محمد بن سلمان في التسبب بانقسام بين الشيعة وربما بحرب أهلية؟ هذا كله متوقف على ردّ إيران التي أثبتت أنها أكثر مرونة ودهاء من خصمها السعودي. من دون أن تكون مضطرة للإنفاق الهائل على المعدات العسكرية بما يتناسب مع المملكة العربية السعودية تمكنت إيران من إنشاء ميليشيا موالية لها في جميع أنحاء المنطقة. السعودية أنشأت ميليشيات أيضاً لكنها تبدو أقل جدارة بالثقة من تلك التي أنشأتها إيران. في الواقع إن هذه الميليشيات التي تحظى برعاية سعودية تميل أحياناً إلى تحدي السعودية وعض اليدّ التي تطعمها. سنتذكر دائماً أسامة بن لادن وعربه الأفغان الذين دعمتهم السعودية في الثمانينيات لكن بحلول عقد من الزمن باتوا ألدّ الأعداء للنظام السعودي. إيران دعمت حزب الله في لبنان منذ عام 1982 وللعقود الأربعة التي تلته تقريباً لكنه لا يزال موالياً لها.
إن استراتيجية محمد بن سلمان للتواصل مع جماعات المعارضة في العراق قد تكون تكراراً لمحاولته دعم العديد من حركات المعارضة لمنافسيه. بعد دعمه "مجاهدي خلق" وفي الآونة الأخيرة وصوله إلى الداعية التركي فتح الله غولن في بنسلفانيا قد تؤدي استراتيجية ولي العهد إلى نتائج عكسية. فلدى منافسيه في إيران وتركيا وحتى العراق أوراق كثيرة من شأنها زعزعة حكمه على نحو خطير.يمكن لتركيا أن تدعم كذلك الإسلاميين السعوديين السنة خصوصاً الإخوان المسلمين، في حين يمكن لإيران أن تسرّع في اندلاع انتفاضة شيعية في المحافظة الشرقية. خصوم السعودية يمكن أن يلعبوا لعبة الأمير نفسها ونقل الحرب إلى قلب السعودية كما وعد محمد بن سلمان إيران. بعد مصر وسوريا واليمن وقطر، وجّه محمد بن سلمان اهتمامه نحو العراق حيث تسود السياسة الشيعية المعقدة والتحالفات المتحوّلة. ليس من الواضح أنه يدرك نتائج اللعب بالنار. قد يكون ببساطة يتبع نصيحة واشنطن ومستشاريه.
إذا كان الهدف إشعال حرائق حول السعودية من أجل حماية حكمه عندها يكون محمد بن سلمان قد نجح. أما إذا كان الهدف خلق منطقة تنعم بالسلام والمصالحة بدلاً من الحرب كاستراتيجية للمستقبل فإنه فشل تماماً.
المصدر: "ميدل إيست آي"
http://www.almayadeen.net/news/press/61708/%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%88%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF--%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B3%D8%B9%D9%89-%D9%84%D8%A5%D8%AB%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A3%D9%87%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82
المعارضة والأكاديمية السعودية مضاوي الرشيد تقرأ في خلفيات وأسباب محاولة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التقارب مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مشيرة إلى أن الهدف هو إحداث انقسام في الشارع الشيعي العراقي محذرة من أن لعب بن سلمان بالنار سينقلب عليه في داخل المملكة.
زيارة الصدر إلى السعودية ولقاؤه بن سلمان أثارا الكثير من التساؤلات
كتبت مضاوي الرشيد في "ميدل إيست آي": في 30 تموز/ يوليو استقبل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الزعيم الشيعي العراقي المثير للجدل مقتدى الصدر.
هذه ليست الزيارة الأولى للصدر منذ الاحتلال الأميركي عام 2003. سبق له أن زار الرياض في 2006 في ذروة الحرب الأهلية العراقية والمقاومة العراقية للاحتلال. لكن الزيارة آنذاك لم تكن ناجحة ولم تحقق فوائد تذكر لأي من الجانبين.
كغيره من رجال الدين الطموحين لأن يصبحوا سياسيين، دخل الصدر السياسة من خلال ميليشيا جيش المهدي التابعة له والتي غيّرت اسمها فيما بعد إلى "كتيبة السلام".
تزايد إحباط السعودية من التوسع الإيراني بعد عام 2003 ووجدت نفسها تراهن باستمرار على أحصنة فاشلة. من رعاية زعماء القبائل السنية كجزء من لائحة "التوافق" الانتخابية في 2005 إلى دعم التحالفات السنية الشيعية بقيادة إياد علاوي في 2010، أدت جهود السعودية لدخول المشهد السياسي العراقي في مرحلة ما بعد صدام إلى المزيد من الإحباط الذي بلغ حدّ العداء في مناسبات عديدة.
تدهورت العلاقات السعودية مع العراق على نحو كبير خلال الولاية الأولى لنوري المالكي مع اتهام العراق السعودية برعاية الإرهاب مما أدى إلى نشوب حرب طائفية في العراق نتيجة للعقيدة الوهابية وللجهاديين السعوديين الذين عثر عليهم في العراق. وحتى 2015 لم يكن قد عاد أي سفير سعودي إلى العراق بعد 25 عاماً من الغياب.
زيارة مقتدى الصدر الأخيرة إلى جدة تعدّ منفصلة عن الممارسات والاستراتيجيات السعودية السابقة. فمحمد بن سلمان وداعموه في إدارة ترامب يريدون الحدّ من التوسع الإيراني في العالم العربي من دون المواجهة العسكرية المباشرة مع إيران أو ميليشياتها المختلفة التي تعمل في لبنان وسوريا والعراق.
حليف ضدّ إيران
بناء على ذلك يبني بن سلمان على استراتيجية جديدة لجذب رجل الدين الشيعي المثير للجدل لكن المعروف والمؤثر في آن إلى فلك الرياض. في حال قرر عدم مقاطعة الانتخابات العراقية في 2018 سيحتاج الصدر وتياره الصدري الذي يحظى بشعبية في مدينة الصدر الفقيرة والجنوب، كل الدعم ضدّ منافسيه الشيعة على سبيل المثال حزب الدعوة وغيره من الأحزاب العراقية العلمانية الأضعف والذين يتوجهون جميعاً نحو الطبقات الوسطى الطموحة.
علاقات الصدر بإيران لطالما كانت متوترة وهو لم يتمتع يوماً بالدعم الكامل من قبل المسؤولين الإيرانيين وآيات الله في قم. فالمسؤولون يكرهون سياساته العربية وغير المنتظمة ورجال الدين مستاؤون من عدم استعداده لدعم نظرية ولاية الفقيه أو حكم الفقهاء التي هي في صميم إنشاء الجمهورية الإسلامية.
بالرغم من أنه يتحدر من عائلة من علماء الدين الشيعة فإن الصدر ليس مجتهداً ولا يمتلك المؤهلات الكافية التي تسمح له بأن يصبح مرجعاً يوماً ما.
تشعر السعودية باليأس للعثور على زعيم شيعي عراقي عربي وطني. محمد بن سلمان يعتمد على الصدر المعروف عنه نشره للعروبة مع تمسكه بشيعيته.
مقتدى الصدر هو نجل آية الله العظمى الشهير محمد صادق الصدر الذي اغتيل عام 1999. وصهر آية الله العظمى محمد باقر الصدر. في حين تعود جذور آل الصدر إلى لبنان إلا أنهم كانوا في النجف منذ وقت طويل جداً. وكانوا أساسيين في الحوزة في النجف التي كانت المركز الرئيسي للعلماء الشيعة قبل الحوزة في قمّ الإيرانية.
قد يكون محمد بن سلمان ومستشاري واشنطن توصلوا إلى خلاصة بأن الحرب الأهلية الشيعية الشيعية في العراق هي السبيل الوحيد للحدّ من النفوذ الإيراني وجعل العراقيين يتخلون عن الدعم غير المسبوق الذي قدمته إيران للحكومة في حربها ضدّ القاعدة ومؤخراً ضدّ داعش.
مع سقوط الموصل، عُزي معظم الفضل لإيران والميليشيات التي ترعاها على الأرض العراقية. ومن المتوقع أن ينمود دورها بدلاً من أن يتقلص ما لم تنشب حرب أهلية شيعية جديدة تقسم العراقيين على طول خط التصدع الذي عانوا منه طوال تاريخهم في القرن العشرين.
الفصام العراقي
تصل خطوط التصدع إلى شكل من أشكال الفصام حيث لم يتمكن العراقيون من التوفيق بين شيعيتهم وعروبتهم بعد. وفق المتخصصة في الشأن العراقي في معهد الدراسات السياسية في باريس لولوة الرشيد فإن "العروبة والشيعية تجريان في الدم العراقي، صدام حسين لم يخترع هذا الانقسام في الهوية الذي سيبقى قائماً مقسّماً الجسم السياسي العراقي.
في مرحلة ما بعد ثورة عام 1958 كانت للصراع تسميات أخرى: العروبيون في مواجهة العراقيين الشيوعيين. اليوم تعتمد نتيجة هذا الصراع على من أو أي منطقة تحكم في العراق ما بعد الدولة البعثية.
في حال كان الجنوب الشيعي القبلي المتأخر فإن العراق سينحو من دون شك نحو العروبة. هناك يكرهون إيران، وذكريات الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات لا تزال حاضرة بقوة حيث قتل أولادهم على أيدي الخمينيين والعراقيين المنفيين. إذا رجحت كفة الميزان نحو حزب الدعوة الإسلامي، الحزب الحاكم حالياً، ستحقق السياسة العراقية بعضاً من التميز والشعور بالأفضلية على ما يسمونه "البدو" في وسط الجزيرة العربية والخليج.
تبدو السعودية الآن يائسة لرؤية هؤلاء الذين يقودهم شعور قوي بالفوقية والشيعية يرحلون كما هو حال الحكومات المتعاقبة التي قادها حزب الدعوة خصوصاً في عهد نوري المالكي. وهي تسعى لتطبيع علاقاتها مع العراق لمواصلة استراتيجية تقليص نفوذ إيران.
في إطار هذا المشروع تصبح رعاية مقتدى الصدر جزءاً من خطة لتقسيم المناطق الشيعية في العراق بين تلك الحليفة لإيران والأخرى التي تشعر بالاستياء من استيلائها على البلاد خلال السنوات الاربعة عشر الماضية.
حلفاء غير مخلصين
هل سينجح محمد بن سلمان في التسبب بانقسام بين الشيعة وربما بحرب أهلية؟ هذا كله متوقف على ردّ إيران التي أثبتت أنها أكثر مرونة ودهاء من خصمها السعودي. من دون أن تكون مضطرة للإنفاق الهائل على المعدات العسكرية بما يتناسب مع المملكة العربية السعودية تمكنت إيران من إنشاء ميليشيا موالية لها في جميع أنحاء المنطقة. السعودية أنشأت ميليشيات أيضاً لكنها تبدو أقل جدارة بالثقة من تلك التي أنشأتها إيران. في الواقع إن هذه الميليشيات التي تحظى برعاية سعودية تميل أحياناً إلى تحدي السعودية وعض اليدّ التي تطعمها. سنتذكر دائماً أسامة بن لادن وعربه الأفغان الذين دعمتهم السعودية في الثمانينيات لكن بحلول عقد من الزمن باتوا ألدّ الأعداء للنظام السعودي. إيران دعمت حزب الله في لبنان منذ عام 1982 وللعقود الأربعة التي تلته تقريباً لكنه لا يزال موالياً لها.
إن استراتيجية محمد بن سلمان للتواصل مع جماعات المعارضة في العراق قد تكون تكراراً لمحاولته دعم العديد من حركات المعارضة لمنافسيه. بعد دعمه "مجاهدي خلق" وفي الآونة الأخيرة وصوله إلى الداعية التركي فتح الله غولن في بنسلفانيا قد تؤدي استراتيجية ولي العهد إلى نتائج عكسية. فلدى منافسيه في إيران وتركيا وحتى العراق أوراق كثيرة من شأنها زعزعة حكمه على نحو خطير.يمكن لتركيا أن تدعم كذلك الإسلاميين السعوديين السنة خصوصاً الإخوان المسلمين، في حين يمكن لإيران أن تسرّع في اندلاع انتفاضة شيعية في المحافظة الشرقية. خصوم السعودية يمكن أن يلعبوا لعبة الأمير نفسها ونقل الحرب إلى قلب السعودية كما وعد محمد بن سلمان إيران. بعد مصر وسوريا واليمن وقطر، وجّه محمد بن سلمان اهتمامه نحو العراق حيث تسود السياسة الشيعية المعقدة والتحالفات المتحوّلة. ليس من الواضح أنه يدرك نتائج اللعب بالنار. قد يكون ببساطة يتبع نصيحة واشنطن ومستشاريه.
إذا كان الهدف إشعال حرائق حول السعودية من أجل حماية حكمه عندها يكون محمد بن سلمان قد نجح. أما إذا كان الهدف خلق منطقة تنعم بالسلام والمصالحة بدلاً من الحرب كاستراتيجية للمستقبل فإنه فشل تماماً.
المصدر: "ميدل إيست آي"
http://www.almayadeen.net/news/press/61708/%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%88%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D8%AF--%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B3%D8%B9%D9%89-%D9%84%D8%A5%D8%AB%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A3%D9%87%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82