دشتى
06-04-2005, 04:20 PM
عبدالهادي الصالح
اننا نعتقد ان هذه القضية التي تناولتها مقالاته الاربع (تكفير المسلمين)، (جريدة «الوطن» ايام 14،16،26 و27 مايو عام 2005)، ليست قضية فردية بين عبدالهادي الصالح وداود العسعوسي وليست قضية معركة بين السنّة والشيعة، ولكنها قضية ثقافة طارئة على الجسد الاسلامي، ويوم يقتل هذا الجسد (لا سمح الله تعالى) بسبب الاقتتال الداخلي فيه فلن يبقى لا شيعي ولا سني بل لا مسلم.
ولذلك فإن الواجب الشرعي والوطني يدعوننا جميعا الى حماية هذا الجسد من الداخل ولن يكون ذلك الا بالتعايش المذهبي والاتحاد في مساحات الاتفاق والاعذار في مساحات الاختلاف، ولا سيما ان كل مسلم هو بالتأكيد يؤمن بالتوحيد لله تبارك وتعالى وبنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبكتاب الله القرآن الكريم وكتبه الاخرى والانبياء والرسل وملائكته واليوم الآخر والايمان بسائر الثوابت الكبرى للإسلام. ولذلك اجد نفسي مشفقا على هذا الكاتب واشباهه لأنهم ضحايا الثقافة الدينية الواحدة التي لا تسمح للرؤية الاخرى أن تأخذ طريقها الى عقول ومسامع هذه الفئة من المسلمين الا لمساً خفيفا من اجل المقارعة وليس من اجل المقانعة أو على الاقل من اجل الفهم الموضوعي، ولذلك لا نعجب ان نجد من بينهم من يؤمن ان لبعض المسلمين - حتى اليوم - قرآنا ثانيا هو مصحف فاطمة!!
وبأنهم يعتقدون بأن جبرائيل عليه السلام أخطأ بتوصيل الرسالة بدلا من الامام علي عليه السلام - معاذ الله تعالى - وبأنهم يذبحون الذبائح باسم الاولياء وليس «بسم الله والله أكبر» وإنهم يتوجهون في صلاتهم الى قبورهم وانهم يعبدون «التربة» في سجودهم ويقولون في ختام الصلاة: «خان الامين - ثلاثا»!!... الخ رغم انهم في مجتمع واحد صغير في مساحته قليل في افراده.
وهي ثقافة - للأسف الشديد - تتحملها هنا الدولة التي تحجم مؤسساتها الاعلامية في برامجها الدينية عن اتاحة الفرصة المتكافئة للثقافة الدينية المتعددة فلا تعرض الا الرأي الديني الواحد بينما تتعمد تغييب الرأي الديني الآخر مما يشجع على نمو آفة الاتهامات الباطلة والاوهام الخبيثة، رغم ان دستور هذه الامة لا يتعامل مع شعبها بمنطق الاقلية والاكثرية، بل بـ «مواطنون.. كويتيون.. الناس.. الامة» كما جاء في مواد دستور الكويت 1962م ونجد انه حتى المؤسسات الصحافية الاهلية قد سارت على هذا النهج المقيت فاحتكرت الصفحات الدينية الاسبوعية والموسمية - كشهر رمضان المبارك - للرؤية الدينية الواحدة على الرغم من ان هذه الصحف ترفع دائما شعار الديموقراطية وحرية الرأي والمساواة.
ومثل ذلك - وهي الطامة الأعظم - ان المناهج التربوية الدينية في المدارس والمعهد الديني وحتى كلية الشريعة بجامعة الكويت التي يفترض ان تكون معقلا للبحث العلمي الحر! تكرس هذه المنهجية الضيقة، بل أصبح الامر اكثر سوءا في السنوات الاخيرة عندما تسلل نفر من اشباه معتقدات هذا الكاتب، الى لجان تأليف كتب التربية الاسلامية وحشوها بمثل ما جاء به الكاتب العسعوسي في مقاله من التكفيريات واتهامات الشرك.. وهي امور بالتأكيد تغذي هذا التطرف والغلو في تكفير المسلمين! وسبق ان قدم تقريرا عنه مفصلا فيه بالسنوات الدراسية وارقام الصفحات النائب د.يوسف الزلزلة، وتم تقديمه الى سمو رئيس مجلس الوزراء والى السيد وزير التربية، وعسى ان يكون هناك في القريب العاجل تصحيحا وعلاجا لهذه الآفة!
ان الثقافة الدينية المتعددة ليس الهدف منها بالضرورة ان يتم تغيير قناعات الناس الدينية بين المذاهب الاسلامية، ولكن من اجل التنوير والعلم بالشيء كما هو، لا كما يتوهمه المتوهمون أو ما يستهدفه المغرضون في تكريس افكارهم التكفيرية وشحن اجواء المجتمع بالعداء المتبادل.
ومخطئ من يعتقد ان السير في هذا الطريق الاعلامي والتعليمي الاعوج هو في صالح المجتمع حيث ثبت الآن حصاده من التطرف الذي تعاني منه الدولة الآن فبدأت تجند اللجان والمؤسسات للدعوة إلى الوسطية، كما ان من الخطأ الفاحش ان يتصور مثل هذا الكاتب واشباهه، ان هذا الاسلوب هو الاداة الناجعة للقضاء على ما اسموه «بالضلال والبدع والشرك.. الخ» لأن هذا الاسلوب يزيد الآخرين تمسكا ورسوخا ودفاعا ضد هذه الهجمات المشبوهة المغلفة بأغلفة دينية لا تعبر عن وحدة الامة وقناعتها في مساحات الاعذار والاتفاق!
والخطورة الاكثر عند من يتبنى مثل هذه الثقافة ويرتقي مناصب القرار الرسمي ليوظفه حسب منهجه الضيق وبمزاجية فئوية تصادر كل القيم الدستورية الكويتية التي تدعو الى السواسية في القانون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم بسبب الدين (انظر م29)، بل تشكل بعض القرارات الفئوية تبعا لذلك مصادرة، وانتهاك صارخ لحرية الاعتقاد وحرية القيام بشعائر الاديان (انظر م35).
ولذلك نجد اليوم في الكويت ازمة بناء مساجد للمسلمين الشيعة وفي احسن الاحوال يتم اقرار هذا المسجد أو ذاك - بالقطارة - بعد حوالي 15 سنة من المراجعات المضنية - طبعا الامثلة كثيرة في مثل هذه التصرفات الطائفية المشينة بحق الوطن قبل المواطنين.
ومن اسف شديد ان السلطة السياسية قد سايرت هذه المنهجية الضيقة وغضت النظر عنها ان لم تشجعها وتقرها وتدعو لها تحت مبررات الاوضاع السياسية الاقليمية أو تحت ضغوط التوازنات الفئوية.. وغير ذلك من الخزعبلات ولن تتم معالجة ذلك الا بالعودة الى القيم الدستورية الصارمة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الدينية وتفعيل المحكمة الادارية للنظر في القضايا الادارية ذات الصلة بالشؤون العبادية واقالة الموظفين المنحازين لمناهجهم الدينية الضيقة عن مناصبهم التي يديرونها وفقا لذلك.
اننا هنا لم نبتعد عن اصل الموضوع بل في صدد الآثار السلبية لمثل هذه الثقافة التكفيرية وهو هنا نموذج واحد فقط لآثارها على مستوى حقوق المواطنة!
اننا نعتقد ان هذه القضية التي تناولتها مقالاته الاربع (تكفير المسلمين)، (جريدة «الوطن» ايام 14،16،26 و27 مايو عام 2005)، ليست قضية فردية بين عبدالهادي الصالح وداود العسعوسي وليست قضية معركة بين السنّة والشيعة، ولكنها قضية ثقافة طارئة على الجسد الاسلامي، ويوم يقتل هذا الجسد (لا سمح الله تعالى) بسبب الاقتتال الداخلي فيه فلن يبقى لا شيعي ولا سني بل لا مسلم.
ولذلك فإن الواجب الشرعي والوطني يدعوننا جميعا الى حماية هذا الجسد من الداخل ولن يكون ذلك الا بالتعايش المذهبي والاتحاد في مساحات الاتفاق والاعذار في مساحات الاختلاف، ولا سيما ان كل مسلم هو بالتأكيد يؤمن بالتوحيد لله تبارك وتعالى وبنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبكتاب الله القرآن الكريم وكتبه الاخرى والانبياء والرسل وملائكته واليوم الآخر والايمان بسائر الثوابت الكبرى للإسلام. ولذلك اجد نفسي مشفقا على هذا الكاتب واشباهه لأنهم ضحايا الثقافة الدينية الواحدة التي لا تسمح للرؤية الاخرى أن تأخذ طريقها الى عقول ومسامع هذه الفئة من المسلمين الا لمساً خفيفا من اجل المقارعة وليس من اجل المقانعة أو على الاقل من اجل الفهم الموضوعي، ولذلك لا نعجب ان نجد من بينهم من يؤمن ان لبعض المسلمين - حتى اليوم - قرآنا ثانيا هو مصحف فاطمة!!
وبأنهم يعتقدون بأن جبرائيل عليه السلام أخطأ بتوصيل الرسالة بدلا من الامام علي عليه السلام - معاذ الله تعالى - وبأنهم يذبحون الذبائح باسم الاولياء وليس «بسم الله والله أكبر» وإنهم يتوجهون في صلاتهم الى قبورهم وانهم يعبدون «التربة» في سجودهم ويقولون في ختام الصلاة: «خان الامين - ثلاثا»!!... الخ رغم انهم في مجتمع واحد صغير في مساحته قليل في افراده.
وهي ثقافة - للأسف الشديد - تتحملها هنا الدولة التي تحجم مؤسساتها الاعلامية في برامجها الدينية عن اتاحة الفرصة المتكافئة للثقافة الدينية المتعددة فلا تعرض الا الرأي الديني الواحد بينما تتعمد تغييب الرأي الديني الآخر مما يشجع على نمو آفة الاتهامات الباطلة والاوهام الخبيثة، رغم ان دستور هذه الامة لا يتعامل مع شعبها بمنطق الاقلية والاكثرية، بل بـ «مواطنون.. كويتيون.. الناس.. الامة» كما جاء في مواد دستور الكويت 1962م ونجد انه حتى المؤسسات الصحافية الاهلية قد سارت على هذا النهج المقيت فاحتكرت الصفحات الدينية الاسبوعية والموسمية - كشهر رمضان المبارك - للرؤية الدينية الواحدة على الرغم من ان هذه الصحف ترفع دائما شعار الديموقراطية وحرية الرأي والمساواة.
ومثل ذلك - وهي الطامة الأعظم - ان المناهج التربوية الدينية في المدارس والمعهد الديني وحتى كلية الشريعة بجامعة الكويت التي يفترض ان تكون معقلا للبحث العلمي الحر! تكرس هذه المنهجية الضيقة، بل أصبح الامر اكثر سوءا في السنوات الاخيرة عندما تسلل نفر من اشباه معتقدات هذا الكاتب، الى لجان تأليف كتب التربية الاسلامية وحشوها بمثل ما جاء به الكاتب العسعوسي في مقاله من التكفيريات واتهامات الشرك.. وهي امور بالتأكيد تغذي هذا التطرف والغلو في تكفير المسلمين! وسبق ان قدم تقريرا عنه مفصلا فيه بالسنوات الدراسية وارقام الصفحات النائب د.يوسف الزلزلة، وتم تقديمه الى سمو رئيس مجلس الوزراء والى السيد وزير التربية، وعسى ان يكون هناك في القريب العاجل تصحيحا وعلاجا لهذه الآفة!
ان الثقافة الدينية المتعددة ليس الهدف منها بالضرورة ان يتم تغيير قناعات الناس الدينية بين المذاهب الاسلامية، ولكن من اجل التنوير والعلم بالشيء كما هو، لا كما يتوهمه المتوهمون أو ما يستهدفه المغرضون في تكريس افكارهم التكفيرية وشحن اجواء المجتمع بالعداء المتبادل.
ومخطئ من يعتقد ان السير في هذا الطريق الاعلامي والتعليمي الاعوج هو في صالح المجتمع حيث ثبت الآن حصاده من التطرف الذي تعاني منه الدولة الآن فبدأت تجند اللجان والمؤسسات للدعوة إلى الوسطية، كما ان من الخطأ الفاحش ان يتصور مثل هذا الكاتب واشباهه، ان هذا الاسلوب هو الاداة الناجعة للقضاء على ما اسموه «بالضلال والبدع والشرك.. الخ» لأن هذا الاسلوب يزيد الآخرين تمسكا ورسوخا ودفاعا ضد هذه الهجمات المشبوهة المغلفة بأغلفة دينية لا تعبر عن وحدة الامة وقناعتها في مساحات الاعذار والاتفاق!
والخطورة الاكثر عند من يتبنى مثل هذه الثقافة ويرتقي مناصب القرار الرسمي ليوظفه حسب منهجه الضيق وبمزاجية فئوية تصادر كل القيم الدستورية الكويتية التي تدعو الى السواسية في القانون في الحقوق والواجبات لا تمييز بينهم بسبب الدين (انظر م29)، بل تشكل بعض القرارات الفئوية تبعا لذلك مصادرة، وانتهاك صارخ لحرية الاعتقاد وحرية القيام بشعائر الاديان (انظر م35).
ولذلك نجد اليوم في الكويت ازمة بناء مساجد للمسلمين الشيعة وفي احسن الاحوال يتم اقرار هذا المسجد أو ذاك - بالقطارة - بعد حوالي 15 سنة من المراجعات المضنية - طبعا الامثلة كثيرة في مثل هذه التصرفات الطائفية المشينة بحق الوطن قبل المواطنين.
ومن اسف شديد ان السلطة السياسية قد سايرت هذه المنهجية الضيقة وغضت النظر عنها ان لم تشجعها وتقرها وتدعو لها تحت مبررات الاوضاع السياسية الاقليمية أو تحت ضغوط التوازنات الفئوية.. وغير ذلك من الخزعبلات ولن تتم معالجة ذلك الا بالعودة الى القيم الدستورية الصارمة ومحاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الدينية وتفعيل المحكمة الادارية للنظر في القضايا الادارية ذات الصلة بالشؤون العبادية واقالة الموظفين المنحازين لمناهجهم الدينية الضيقة عن مناصبهم التي يديرونها وفقا لذلك.
اننا هنا لم نبتعد عن اصل الموضوع بل في صدد الآثار السلبية لمثل هذه الثقافة التكفيرية وهو هنا نموذج واحد فقط لآثارها على مستوى حقوق المواطنة!