سياسى
06-04-2005, 11:45 AM
هل كنا على ضلال?
حسين عبدالله نورالدين
* كاتب صحافي ¯ عمان الأردن
سؤال كبير أليس كذلك?
بل وكبير جداً, لأن جوابه بالإيجاب.
نعم, نحن كنا على ضلال,ولكن من هم »نحن« الذين كنا على ضلال وأي ضلالة كنا فيها?
»نحن« هم المثقفون »العرب« الذين ارتدوا عباءة القومية الوهم, والعروبة الوهم وصفقوا لنظام صدام حسين حينما رفع المذكور بيده صاعق تفجير وقال: ها نحن صنعنا الكيماوي وسنحرق نصف إسرائيل.
»نحن« هم المثقفون الذين صموا آذانهم عن شكاوى العراقيين المنفيين طوعاً وكرهاً عندما كانوا يسردون حكايات الظلم الصدامي في العراقي.
»نحن« هم نحن جميعا عندما غفلنا عما جرى في العراق, الواقع, وتغزلنا بالعراق الذي يعيش في الأحلام, عراق السياب وعراق الانتداب, درسنا قصيدة المطر, ولو كنا نعي ما نقرأ لعرفنا أن قصيدة المطر لو كان لها أن تحكي لحكت ما كان يعيشه العراق في الآن واللحظة.
كنا على ضلال ? نعم!
كنا مضللين? لا أظن.
لقد سقنا أنفسنا بأنفسنا إلى تلك الضلالة لأننا عشنا وهم العروبة وأسكرتنا كلمات حق أريد بها باطل, وتعامينا عما جرى في العراق, لأن نظام البعث وصاحبه صدام حسين, عرفوا كيف يأتون الضمائر خلسة وعنوة ويسرقونها بالاعطيات والهبات والسفرات والفيلات ومشروعات الاسكان.
وإذا استطاع نظام صدام حسين تضليل البعض منا, فإن أكثرنا انساق وراء طمعه واضعاً ضميره في رف عال بعيد. وربما كان البعض منا يدرك انه يخون ضميره ويخون شعبه بالتصفيق لنظام صدام ولكنه مع ذلك قبل أن يصمت ورضي أن يكون شيطانا اخرس, وجعل من نفسه شاهد الزور الجبان.
كنا على ضلال? نعم.
رفضنا أن نكون في مكان العراقيين ولو ليوم واحد نعيشه في ظل حكم صدام حسين.
كان بعض العراقيين يقولون لنا: لو تجربوا حكمه يوما واحدا فقط لكنتم تقولون غير ما تقولون.
وكنا نتعالى على شكواهم, ونسخر من معارضتهم, ونقول في العلن ما لا نقوله في السر.
عندما كنا نأوي إلى فراشنا في الليل آمنين مطمئنين, تأتي إلى أذهاننا صور العراقيين الذين, كما كان يقال لنا, يخرجون من بيوتهم ويختفون في ظلمات المقابر الجماعية, أو يذوبون بالاسيد أو بكل بساطة يقتلون. تأتي إلى أذهاننا هذه الصور ولكننا نقول: معقول, هل هذا ممكن? وفي النهاية نتساءل: طب وأنا مالي? مالي وما للعراقيين?
لكن الأمر اختلف بعد سقوط النظام.
ما كان العراقيون يحكونه لنا عن قصص العذاب والتعذيب والمقابر الجماعية والقتل العشوائي والابادة بالكيماوي وكان يبدو لنا مجرد نظريات وهمية أضحى أمراً متجسداً حياً موثقا غير قابل للإنكار.
ما كنا نظنه, باستكبار, مجرد اتهامات للنظام, تبين لنا انه حقيقة واقعة, كان العراقيون يعيشونها يومياً وما كان لغيرهم أن يصدقها لو لم تر عيونهم بالفعل براهين تلك الاتهامات وأدلة إثباتها.
ومع ذلك فان البعض منا, وهذا البعض كثير, ما زال يستعصي عليه الاعتراف بأنه كان على ضلال. ويستعصي عليه أن يعتذر للعراقيين, ويستعصي عليه ان يقر بان ما كان العراقيون يقولونه له في المنافي كان بالفعل أمراً واقعاً وليس محض اتهامات.
لقد حان الوقت لكي نقف ونقول بجرأة: نعم, كنا على ضلال.
وحان الوقت لكي نغسل عار الضلال الذي كنا فيه,
ونفتح عقولنا وأذهاننا للحقيقة,
ونحتضن إخوتنا العراقيين ونعانقهم معتذرين ومعاهدين,
معتذرين: عما كنا فيه من ضلالة, وما عشنا فيه من خداع,
ومعاهدين: بان لا نسقط في الوهم من جديد.
h_a_noureddine@yahoo.com
حسين عبدالله نورالدين
* كاتب صحافي ¯ عمان الأردن
سؤال كبير أليس كذلك?
بل وكبير جداً, لأن جوابه بالإيجاب.
نعم, نحن كنا على ضلال,ولكن من هم »نحن« الذين كنا على ضلال وأي ضلالة كنا فيها?
»نحن« هم المثقفون »العرب« الذين ارتدوا عباءة القومية الوهم, والعروبة الوهم وصفقوا لنظام صدام حسين حينما رفع المذكور بيده صاعق تفجير وقال: ها نحن صنعنا الكيماوي وسنحرق نصف إسرائيل.
»نحن« هم المثقفون الذين صموا آذانهم عن شكاوى العراقيين المنفيين طوعاً وكرهاً عندما كانوا يسردون حكايات الظلم الصدامي في العراقي.
»نحن« هم نحن جميعا عندما غفلنا عما جرى في العراق, الواقع, وتغزلنا بالعراق الذي يعيش في الأحلام, عراق السياب وعراق الانتداب, درسنا قصيدة المطر, ولو كنا نعي ما نقرأ لعرفنا أن قصيدة المطر لو كان لها أن تحكي لحكت ما كان يعيشه العراق في الآن واللحظة.
كنا على ضلال ? نعم!
كنا مضللين? لا أظن.
لقد سقنا أنفسنا بأنفسنا إلى تلك الضلالة لأننا عشنا وهم العروبة وأسكرتنا كلمات حق أريد بها باطل, وتعامينا عما جرى في العراق, لأن نظام البعث وصاحبه صدام حسين, عرفوا كيف يأتون الضمائر خلسة وعنوة ويسرقونها بالاعطيات والهبات والسفرات والفيلات ومشروعات الاسكان.
وإذا استطاع نظام صدام حسين تضليل البعض منا, فإن أكثرنا انساق وراء طمعه واضعاً ضميره في رف عال بعيد. وربما كان البعض منا يدرك انه يخون ضميره ويخون شعبه بالتصفيق لنظام صدام ولكنه مع ذلك قبل أن يصمت ورضي أن يكون شيطانا اخرس, وجعل من نفسه شاهد الزور الجبان.
كنا على ضلال? نعم.
رفضنا أن نكون في مكان العراقيين ولو ليوم واحد نعيشه في ظل حكم صدام حسين.
كان بعض العراقيين يقولون لنا: لو تجربوا حكمه يوما واحدا فقط لكنتم تقولون غير ما تقولون.
وكنا نتعالى على شكواهم, ونسخر من معارضتهم, ونقول في العلن ما لا نقوله في السر.
عندما كنا نأوي إلى فراشنا في الليل آمنين مطمئنين, تأتي إلى أذهاننا صور العراقيين الذين, كما كان يقال لنا, يخرجون من بيوتهم ويختفون في ظلمات المقابر الجماعية, أو يذوبون بالاسيد أو بكل بساطة يقتلون. تأتي إلى أذهاننا هذه الصور ولكننا نقول: معقول, هل هذا ممكن? وفي النهاية نتساءل: طب وأنا مالي? مالي وما للعراقيين?
لكن الأمر اختلف بعد سقوط النظام.
ما كان العراقيون يحكونه لنا عن قصص العذاب والتعذيب والمقابر الجماعية والقتل العشوائي والابادة بالكيماوي وكان يبدو لنا مجرد نظريات وهمية أضحى أمراً متجسداً حياً موثقا غير قابل للإنكار.
ما كنا نظنه, باستكبار, مجرد اتهامات للنظام, تبين لنا انه حقيقة واقعة, كان العراقيون يعيشونها يومياً وما كان لغيرهم أن يصدقها لو لم تر عيونهم بالفعل براهين تلك الاتهامات وأدلة إثباتها.
ومع ذلك فان البعض منا, وهذا البعض كثير, ما زال يستعصي عليه الاعتراف بأنه كان على ضلال. ويستعصي عليه أن يعتذر للعراقيين, ويستعصي عليه ان يقر بان ما كان العراقيون يقولونه له في المنافي كان بالفعل أمراً واقعاً وليس محض اتهامات.
لقد حان الوقت لكي نقف ونقول بجرأة: نعم, كنا على ضلال.
وحان الوقت لكي نغسل عار الضلال الذي كنا فيه,
ونفتح عقولنا وأذهاننا للحقيقة,
ونحتضن إخوتنا العراقيين ونعانقهم معتذرين ومعاهدين,
معتذرين: عما كنا فيه من ضلالة, وما عشنا فيه من خداع,
ومعاهدين: بان لا نسقط في الوهم من جديد.
h_a_noureddine@yahoo.com