المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «مقاومة» بالدواب والرقّّي !



المهدى
06-04-2005, 09:58 AM
عدنان حسين

ليس هذا ارتقاء الى أي مستوى، وليس هو ذكاء بأي درجة ، بل هو انحدار الى ادنى الدرجات والمستويات. فتسميم الرقّّي (البطيخ الاحمر باللهجة العراقية) للبطش بجنود الجيش العراقي في نقاط التفتيش على الطرق بين المدن، وقبله تفخيخ كلب، وقبلهما تحميل حمار بقذائف صاروخية واطلاقها على مجمع فندقي عشتار وفلسطين في بغداد، هو كله لا ينم عن خلق رفيع ولا عن مبادئ اصيلة ولا عن قضية عادلة، وهذه كلها، في الواقع، بعض ما «تتحلى» به «المقاومة» العراقية.

أشهر حركات المقاومة في العصر الحديث هي اربعة: المقاومة الاوروبية ـ وبخاصة السوفياتية ـ للغزو النازي، والمقاومة الفيتنامية للغزو الاميركي، والمقاومة الكردية في العراق، والمقاومة الفلسطينية للاحتلال الاسرائيلي قبل ان يحط من قدرها وسمعتها الأصوليون المتطرفون وينحدروا بها الى حضيض الهمجية.

هذه المقاومات الوطنية إنما خلدت وغدت رمزا وقدوة لأنها حرصت على ان تكون على خلق رفيع، فضلا عن استنادها الى مبادئ وقيم إنسانية أصيلة وقضايا عادلة. لم تهبط بالعمل المقاوم الى أسفل سافلين كما تفعل «المقاومة» العراقية الان.

السوفيات لم يذبحوا نازيين .. والفيتناميون لم يخطفوا الصحافيين وعمال منظمات الإغاثة الدولية .. والفلسطينيون ـ قبل ان يلتحق الاصوليون بحركة المقاومة ويسيئوا اليها ـ لم يفخخوا السيارات او يلغّموا الحيوانات.

اما المقاومة الكردية فإن كل عراقي يعرف انها قدمت مثالاً عظيما للمقاومة الوطنية الحقيقية، فلم تدخل في سجلها الطويل أيُّ حادثة إساءة الى مدني عراقي او اضرار بممتلكاته، بل انها تعاملت بشهامة ونبل مع العسكريين الذين وقعوا في اسرها.

تحميل الحمير بالصواريخ وتفخيخ الكلاب علامتان قويتان على ان «المقاومة» العراقية تواجه صعوبات في التجنيد، وتسميم الرقّي إشارةٌ الى عقبات في التجهيز والتسليح ، وهي ، ايضا أدلة على انحطاط قيادات هذه «المقاومة» الى مستوى الهمجية المنفلتة.

أحدث الإحصائيات تقول إنه في الشهر الماضي وحده قتلت «المقاومة» العراقية، او تسببت في قتل، 672 عراقيا وجرح 1174 آخرين. وهؤلاء في معظمهم من المدنيين الذين بينهم اطفال ونساء وشيوخ وازواج وزوجات وابناء وبنات وامهات وآباء أباح «الشيخ» ابو مصعب الزرقاوي، في «فتوى» تاريخية، قتلهم جميعا بدم بارد بدعوى انهم «متترِّسون»! أما فلول نظام صدام فلم يزعجوا انفسهم بأي قدر لكي يبحثوا عن مسوّغ قومي او وطني لسفكهم دماء العراقيين، مدنيين او عسكريين. فبالنسبة لهم «قادسية صدام» متواصلة منذ حملات التهجير والانفال وقصف حلبجة بالسلاح الكيمياوي والحرب ضد ايران وغزو الكويت والقتل الجماعي والدفن الجماعي. وهي ستستمر حتى تدمير العراق وجعله أرضا بلا بشر، كما أعلن صدام نفسه امام كاميرات التلفزيون قبل ربع قرن.

مقاومة الدواب والرقّي المسموم لا تلام وحدها على همجيتها، فلها أنصار يصفقون ومشجعون يهتفون في العلن، وداعمون يموّلون ويسهّلون في السر لـ«المقاومين» المستوردين من الخارج عبور الحدود. وهؤلاء شركاء، مع سبق الإصرار والترصد، لمفخخي السيارات والدراجات... والدواب ايضا ، وللمسممين والخاطفين والذابحين، في سفك الدم العراقي ... لأنه عراقي وحسب!