المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استوديو موسيقي على الكومبيوتر الجوال



سلسبيل
06-03-2005, 07:52 AM
أداة صغيرة مرنة لتأليف الموسيقى والأغاني بسهولة تستغني عن الآلات الموسيقية وتقنيات التسجيل المعقدة


نيويورك: دايفيد كار

في حديقة برايانت بارك في وسط منهاتن في نيويورك كان مايكل كوبدن مستمتعا بذلك اليوم الربيعي بعيدا عن عمله كمدير لاحد المطاعم في المدينة المزدحمة بالسكان. وشأنه شأن العديد من رواد الحديقة، كان كوبدن ينعم بالوسائط الاعلامية المتعددةٍ التي يوفرها كومبيوتره الحضني (اللاب توب) من طراز «ماك جي 4» وسماعة للاذنين.

ولم يكن كوبدن، 28 سنة، يتحرى بريده الإلكتروني بينما يستمع الى الموسيقى، بل كان يؤلف مقطوعة غنائية شعبية بعنوان «براينت بارك». وفي عمله هذا، انضم كوبدن الى الملايين من الاشخاص الاخرين من الموسيقيين المدربين والهواة على السواء الذين باتوا يستخدمون اجهزتهم الكومبيوترية الحضنية لانتاج موسيقى كانت تؤلف في السابق في مرائب السيارات.

«الفنان هو فنان حتى لو كان يستخدم الاشياء التي وجدها، أو اكتشفها، وبالتالي ترتيبها باسلوب فني،» على حد قوله. ويتابع قائلا: «هناك العديد من المؤلفين الذين لم يعزفوا المزمار في حياتهم، لكنهم يكتبون الموسيقى ليقدموها بعد ذلك الى الفرق الموسيقية لعزفها. فبالنسبة اليه، كان كوبدن ينقر على مفاتيح جهاز ماك الذي أمامه بنعومة وعطف قائلا «انا أملك جهاز كومبيوتر. استمع الى الاغنية التي الفتها هنا».

* موسيقى إلكترونية

* «الكومبيوترات هي مرائب السيارات الجديدة» يقول جيمس روتوندي محرر «فيوتشر ميوزيك» المجلة الجديدة المكتظة بما يكفي من البرامج المجانية التي تجعل من اي موسيقي جديد مستعدا أن يبدأ حياته الفنية. ان العديد من الاشخاص الذين يؤلفون الموسيقى حاليا لم يسجلوا بتاتا على الاشرطة في حياتهم لان الفكرة غريبة عليهم تماما.

ان تسجيل الموسيقى بشكلها العادي الصعب التي كانت لمدة طويلة من سمات الاجهزة والسماعات التي كان الموسيقيون يضعونها على رؤوســـهم في الاستوديوهات باتت الان عملية موجزة عن طريق مجموعة من الارقام والعلامـــــات الصـــــوتية وادوات التشــــبيه والمحاكاة والوسائل الصغيرة التي تشبه دفاتر الملاحظات الخاصة بالتسجيل. ان العدد المتنامي من أجهزة الكومبيوتر الحضنية مع البرامج الجديدة يعني ان المستهلكين قطعوا شوطا طويلا من الاصغاء الى الموسيقى عن طريق الضغط على زر صغير، الى تأليفها بالاسلوب ذاته السهل.

لقد جاء برنامج «كراجباند» الذي صنعته شركة «أبل» بشكل سهل وجاهز الاستخدام مركبا ومعلبا ضمن 4.5 مليون جهاز ماك بيع في الاشهر الـ 18 الاخيرة. ويقدر روتوندي أن مئات الالاف من نسخ برنامج «ريزون» لانتاج الاصوات انتجته شركة «بروبيلارهيد» للبرامج في استكهولم قد بيعت مع الكثير من النسخ المقرصنة.

ويجري الان سماع أغاني الكومبيوترات الحضنية هي الاخرى، اذ ان موقع «اي كومبزشنز» على الشبكة الخاص بالموسيقى المنزلية الذي لم يتعد عمره السنة الواحدة يضيف ما معدله 36 اغنية يوميا الى ما يزيد مجموعه عن 11الف اغنية التي جرى الاستماع اليها نحو 105 ملايين مرة. انها موسيقى منزلية كافية لملء 43 الف جهاز «ايبود» برمتها.(«ماك جامس» موقع أخر على الشبكة يملك نحو 7500 أغنية متوفرة للمستمعين).

لقد طلب من العديد من مستخدمي الكومبيوترات الحضنية تأليف أغان مهمة، مما يعني ان الخيط الرفيع الذي يفصل الان بين مستهلكي الموسيقى ومؤلفيها بات يصبح أكثر رقة بحيث أن الطفل الذي يطل الان برأسه من نافذة الحافلة قد يكون يستمع الى موسيقى أنتجها وجاء بها من غرفة نومه.

* ثورة الموسيقى

* وفي هذا الصدد يقول تم باجارن محلل الصناعة التقنية مع شركة «كريتيف ستراتيجيس»: «نحن حاليا في منتصف الزخم الاستهلاكي الحقيقي لانتاج الموسيقى. انهم قادرون الآن على تركيب أغنية عن طريق سحب وتحريك بعض الايقونات والاشارات واسقاطها».

ان هذه الظاهرة الجديدة قد روعت العديد من الموسيقيين العريقين لان العديد من هذه الاغنيات هي جهود فاشلة كان ينبغي عليها أن تظل حبيسة الكومبيوترات الحضنية التي صنعتها. لكن هناك بالطبع الاستثناءات المدهشة والرائعة. بيد أن أغلبية هذه الاعمال تقع في منتصف النقيضين.

ان كوبدن هذا قد الف أغاني مع صديق له هو كاتب للمسرحيات الهزلية واخر يعمل مصورا» نحن نجتمع سوية لندخن ونشرب بكثرة مؤلفين الموسيقى كما يقول كوبدن بعدما رفع السماعتين عن أذنيه. فالكل يغني ويساهم لننتهي بأغنية. انها أشبه بصورة سمعية لحفلة صاخبة.

ورغم ان كوبدن هو موسيقي متمرس، لانه كان يلعب الغيتار ويؤلف الموسيقى قبل أن يتحول الاستوديو الى آلة صغيرة على شاكلة الكومبيوتر الكفي. لكنه كان اكثر من مسرور لاحلال الاخير مكان آلاته الموسيقية.. «فعوضا عن فرقة موسيقية واحدة باتت عندي الآن عشر، وبدلا من حمل الآلات الموسيقية الكثيرة الى مكان فسيح للتدرب والتمرين بامكاني البقاء في المنزل وتأليف الموسيقى.» الثورة الموسيقية هذه ما زالت في بداية عهدها ولها حدودها. فعلى سبيل المثال فانه من السهل تركيب تسجيل موسيقى راقصة بدلا من أغنية روك لانه قد لا يوجد حتى الآن بديل رقمي مناسب لوتر ما. لكن يوجد هناك أشخاص يرون قيمة الموسيقى التي تأتي من الكومبيوتر الحضني. «فنحن نعيش في عالم المحاكاة، لذا ينبغي عدم الاندهاش بما يحصل الآن»، كما يقول روتوندي. «ففي السابق كان الجميع يرغب أن يكون عازفا مشهورا على الغيتار. أما الآن فالكل يرغب ان يصبح عازفا على جميع الآلات ومنتجا للموسيقى».

ان ثنائي من الموسيقيين من ولاية واشنطن في الولايات المتحدة مستخدمين برنامجا مجانيا عثرا عليه في الشبكة أنجزا تسجيلا موسيقيا بعنوان «الغريب اننا التقينا هنا.» وفي العام الماضي صنفت فرقتهما «ايديوت بايلوت» (الطيار الغبي) لتكون بين مجموعة تسجيلات «ريبرايز ريكورد». وفي مستهل هذا الشهر سمح ترينت رينزور، الذي يسجل تحت فرقة باسم «ناين انش نيلز» (مسامير بطول تسع بوصات)، بانزال اغنيته «ذي هاندس ذات فيدس» (اليد التي تطعم) من الشبكة لطالبيها بشكل مجزأ المسارات لكي يتيح لعشاق الكومبيوتر دمج نسختهم من الاغنية معها.

ان كوبدن الذي كان يشترك مع الفرق الموسيقية منذ كان عمره 13 سنة لا يرى شيئا فريدا عندما يستخدم برنامج «ريزون 3.0» في جهازه، بل وسيلة فقط لانتاج الموسيقى من دون الدخول في الكثير من العراقيل.

لقد سارع كوبدن الى تأليف أغنية قبل ان يقفل عائدا بسرعة الى مطعمه. وحتى هناك كما يقول ليس من الضرورة أبدا ان ينتهي عالمه الافتراضي الموسيقي الذي يحبه.

ويعترف كوبدن ان والدته تكره موسيقاه، ولكن في احدى الليالي قصدته احدى النادلات في المطعم وانغام احدى اغانيه تتصاعد من جهاز «ايبود» الذي تحمله، فكان أمرا مذهلا بالنسبة اليه.