المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ليست أحجية ..... قابلية انهيار الجيش الأميركي



مجاهدون
06-02-2005, 06:41 AM
بول كروغمان

كان إصرار الرئيس بوش المتكرر، أن جنرالاته أخبروه بأن لديهم وحدات عسكرية كافية في حرب العراق، واحدا من العناصر المثيرة للضحك.

وفي مقالة نشرت بصحيفة «بالتيمور صن» مؤخرا تم شرح السبب، فأوردت قصة جون ريغز أحد القادة العسكريين السابقين الذين ناقضوا علنا رامسفيلد وزير الدفاع فحاجج بأن القوة البرية تجاوزت قدراتها في العراق وأفغانستان، فوجد نفسه فجأة محالا على التقاعد بعد إنزال مرتبته العسكرية، وهذا ما يحدث عادة مع الفضائح الكبيرة.

والحقيقة هي أنه لم تكن هناك وحدات عسكرية كافية، فميجور المارينز في محافظة الأنبار قال لصحيفة لوس أنجليس تايمز: «لدينا كل المعدات هناك لكننا لا نمتلك عددا كافيا من الجنود». ومع ذلك فإنه من الصحيح القول من زاوية أخرى وجود وحدات أميركية كثيرة جدا في العراق.

بالعودة إلى سبتمبر 2003 جاء في تقرير مكتب الميزانية التابع للكونغرس استنتاج يقول إن على القوة الأميركية في العراق أن تبدأ بالتقلص بسرعة ابتداء من ربيع 2004 ، إذا كانت تريد الحفاظ على مستوى التدريب والجاهزية، وتقليص الانفصال بين العائلات والتجنيد الإجباري ، وإبقاء مستوى عال من الإداريين العسكريين».

ودعوني أوضح ذلك: كل العمل التطوعي العسكري يعتمد على وعد ضمني يقول، إن أولئك الذين يخدمون وطنهم في أوقات الخطر، سيكونون قادرين على الاستمرار في حياتهم العادية. أما جنود الدوام الكامل فهم يتوقعون أن يكون لديهم وقت كاف لقضائه مع أسرهم، لإبقاء الحياة الزوجية مستمرة ، ولرؤية أطفالهم وهم يترعرعون. أما بالنسبة لمن هم ضمن الاحتياط ، فهم يتوقعون أن تتم دعوتهم بشكل غير متكرر، ولفترة غير طويلة، بحيث أنهم يتمكنون من الحفاظ على وظائفهم المدنية. وللحفاظ على هذا الوعد ، عرف الجيش أنه بحاجة إلى اتباع قواعد معينة، مثل عدم نشر أكثر من ثلث الجنود الذين يعملون بدوام كامل في الخارج ، إلا في حالات الطوارئ. وكان تحليل مكتب الميزانية مستندا إلى تلك القواعد.

لكن إدارة بوش، التي لم تكن مستعدة للبحث عن طريقة للخروج من العراق، أو الاعتراف بأن بقاءها هناك سيتطلب عددا أكبر من الوحدات العسكرية، فضلت التخلي عن تلك القواعد. وهكذا أصبح الجنود النظاميون يقضون فترات تزيد عن ثلث خدمتهم في الخارج، فتعرضت حياة الكثير من جنود الاحتياط المدنية إلى الدمار من خلال تكرار دعوتهم لأداء فترات خدمة طويلة.

لكن، هناك عنصران يجعلان عبء نشر الجنود المتكرر عسيرا على التحمل. الأول هو كثافة النزاع. ففي سلايت قام فيليب كارتر وأوين ويست بتقويم أرقام الخسائر البشرية ، معتبرين حجم القوة العسكرية والتحسينات التي تحققت في المعالجة التي تجري داخل ساحات القتال، وكان استنتاجهما هو: «أن عمل المشاة في العراق عام 2004 كان مكثفا بنفس الدرجة التي كانت في حرب فيتنام خلال سنة 1966». أما العنصر الثاني فهو الطريقة التي تتبعها إدارة بوش في اختصار الطرق حينما يكون الأمر متعلقا بإسناد الوحدات العسكرية. فمن رفضها لتزويد مصفحات هومفي بدروع ، إلى سياستها الرافضة لدفع رواتب لأكبر عدد من المصابين على أساس الإعاقة لأمد طويل.

والآن ومثلما هو متوقع، بدأت عملية توفير المتطوعين في التقلص، لتستصحب هذا السؤال المطروح: متى سنخرج من العراق، فيما لن تكون مهمة توفير المتطوعين صعبة ، علما بأن وجه المشكلة الجاد يكمن في حدوث هجرة واسعة للحرفيين ذوي الرتب الوسطى من الجيش، لأن إصلاح ذلك لن يكون ممكنا. ويقول ضابط لصحيفة ناشنال جورنال: «هذا هو ما حدث للجيش المحترف الذي أخذناه إلى فيتنام، ففي وقت ما قرر الناس عدم تحمل الانتشار الواسع للجنود». وها نحن قد بدأنا نسمع قصصا حول ضباط شباب يواجهون احتمال تكرار إرسالهم إلى العراق، للدخول في حرب عسيرة على التخيل، فبدأوا يعيدون النظر في ما إذا كانوا فعلا يريدون البقاء في الجيش.

وأخيرا فالثابت أن أميركا ظلت تعتمد على جيش تطوع ممتاز، للحفاظ على سلامتنا من أعدائنا، ومن احتمال وقوع كوارث طبيعية. فما الذي سنفعله إذا انهار هذا الجيش؟