المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسؤول سابق بالمباحث الأميركية يكشف أنه شبح فضيحة «ووترغيت»



سياسى
06-01-2005, 07:30 AM
أعلن مسؤول سابق في مكتب المباحث الفيدرالية الأميركية، أنه صاحب شخصية «الحنجرة العميقة» ،الذي اعتمدت عليه صحيفة «واشنطن بوست» في كشف فضيحة «ووترغيت» عام 1973.
وقال دبليو مارك فيلت، البالغ من العمر 91 عاما، إنه كان الرجل الثاني في مكتب المباحث الأميركية في أوائل السبعينات عندما سرب المعلومات للصحافي بوب وودورد في «واشنطن بوست»، وإنه احتفظ بالسر حتى عن أقرب المقربين من عائلته إلى عام 2002 .

ومن المتوقع أن تنشر مجلة «فاينتي فاير» الأميركية مقالا للمحامي جون دو كورنر يكشف فيه أن فيلت أبلغه بالسر بأنه الشخص الذي كان يطلق عليه مجازا «ديب ثروت»، «الحنجرة العميقة».

وسيؤدي الكشف عن هوية «الحنجرة العميقة»، المصدر الرئيسي للصحافيين بوب وودورد وكارل برنشتاين بصحيفة «واشنطن بوست»، إلى إزالة الغموض الذي أحاط بواحد من أعظم الأسرار السياسية والصحافية في التاريخ الحديث.

وقال فيلت لأحد أبنائه، إنه لا يشعر بالفخر أنه صاحب الشخصية التي كشفت فضيحة «ووترغيت»، التي أطيح على إثرها بالرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون من منصبه.

ولم يصدر حتى الآن أي تعليق من «واشنطن بوست» عما قاله صاحب السر، الذي يعيش حاليا في سانتا روسا بولاية كاليفورنيا. وقالت مجلة «فنيتي فير» في تقرير مسبق نشرته قبل صدور عددها في يوليو (تموز)، إن دبليو. مارك فيلت، 91 عاما، وهو الرجل الثاني سابقا في مكتب التحقيقات الاتحادي، كشف عن أنه كان المصدر الأساسي للصحافيين في فضيحة «ووترغيت» خلال مقابلة مع المجلة.

واندلعت فضيحة «ووترغيت» عندما تتبع صحافيان في صحيفة «واشنطن بوست»، هما بوب وودورد وكارل برنشتاين، حادث سطو في مكتب الحزب الديمقراطي في مبنى «ووترغيت» بواشنطن.

وكانت هناك تكهنات منذ ذلك الوقت حول هوية «الحنجرة العميقة»، وتردد اسم فيلت عدة مرات في الماضي كاسم محتمل.

ورفض وودورد وبرنشتاين، اللذان لم يكشفا أبدا عن هوية مصدرهما، تأكيد أو نفي تقرير المجلة امس. ونقل عن برنشتاين قوله لشبكة «سي.إن.إن» الأميركية: «لن نتفوه بأي شيء من هذا القبيل. لن نكشف عن شخصية «الحنجرة العميقة» حتى وفاته».

وأشار وودورد إلى أنه لن يقول أي شيء حول «الحنجرة العميقة» قبل ثلاثة عقود، مؤكدا أنه لن يغير موقفه.

وقالت المجلة إن فيلت، المتقاعد حاليا ويعيش في سانتا روسا بكاليفورنيا، اعترف بدوره في الفضيحة لأفراد عائلته، وأنه تعاون في تقديم المجلة لهذه الرواية.

ورضخ فيلت أمام رغبة عائلته بضرورة الكشف عن الحقيقة، كي يلقى الثناء الذي يستحقه قبل موته. وقال للمحامي جون أوكونور، الذي أجرى معه المقابلة للمجلة الأميركية: «أنا هو الشخص الذي اعتاد أن يقوم بتلك المكالمات الهاتفية بصوت عميق». ويعيش رجل الأمن المتقاعد حالياً مع ابنته في ولاية كاليفورنيا. يذكر أن المصدر الغامض هو الذي سرب تفاصيل فضيحة «ووترغيت» لاثنين من محرري صحيفة «واشنطن بوست»، كشفا عنها في سبق صحافي قل نظيره.

وقد أشارا في كتابهما الشهير «جميع رجال الرئيس» إلى وجود هذا المصدر الذي سلمهما طرف الخيط. ودارت تكهنات واسعة لسنوات عدة حول هوية المصدر الغامض. وكان هناك من أشار بأصابع الاتهام إلى بعض أركان البيت الأبيض في ذلك الحين، الذين قيل أنهم أرادوا معاقبة نيكسون ومساعديه على ارتكاب مخالفة بالغة الخطورة.

لمياء
06-02-2005, 07:26 AM
الطمع في المال دفع عائلة «الحنجرة العميقة» لإقناعه بكسر صمت 30 عاما

نيكسون شك قبل عام من استقالته في مسؤولية فيلت حول تسريب معلومات فضيحة ووترغيت

واشنطن: محمد علي صالح

بعد 30 عاما من الصمت، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» مصدر المعلومات السرية، التي سربت اليها وكانت وراء فضيحة «ووترغيت» التي أطاحت الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون في السبعينات. وجاء الكشف بعد اعتراف نائب مدير مكتب المباحث الفيدرالي «اف.بي.آي» السابق، مارك فيليت بأنه هو الذي سرب تلك المعلومات.
وكان فيلت، البالغ من العمر الآن 91 عاما لمجلة «فانيتي فير»، انه الرجل الذي كان يلقب بـ«ديب ثروت» (الحنجرة العميقة)، الذي كان مصدر معلومات «واشنطن بوست». وقال أفراد من عائلة فيلت للصحافيين خارج منزله في سانتا روزا بكاليفورنيا، ان والدهم شعر بارتياح اثر الكشف عن هذا السر. وكانت فضيحة «ووترغيت» أدت إلى استقالة نيكسون عام 1974. وبقيت هوية المصدر السري لمعلومات الصحافي بوب وودورد، الذي كان يحقق مع زميله كارل برنشتاين في القضية أحد الاسرار، التي بقيت لغزا منذ اكثر من 30 عاما. وحده رئيس تحريرهما انذاك بن برادلي كان يعرف السر واتفق الثلاثة على الحفاظ على سرية المصدر الى حين وفاته.

وكان وودورد يحصل على المعلومات، اثر اجتماعاته مع اشهر مصدر سري في العالم في مرآب تحت الارض. وقد ساعد فيلت الصحيفة في فترة توتر شديد، بين البيت الابيض وقسم كبير من هيكلية «اف.بي.آي»، كما قال وودورد على موقع الصحيفة على الإنترنت. واضاف ان فيلت كان يأمل في أن يرقى الى منصب مدير مكتب المباحث الفيدرالي، قبل اسابيع على الكشف عن «السرقة»، التي كانت وراء الفضيحة.

وتعود القضية الى 17 يونيو (حزيران) 1972 حين ضبط خمسة سارقين في مقر الحزب الديمقراطي الرئيسي في مبنى «ووترغيت» في واشنطن. واتضح انهم تسللوا لاصلاح تجهيزات تنصت، وضعت في المكان قبل ثلاثة اسابيع. وفي التاسع من أغسطس (آب) 1974 وقع نيكسون رسالة استقالته وتخليه عن مهام منصبه. وبذلك وضع هذا الجمهوري الذي انتخب رئيسا في العام 1968 وأعيد انتخابه في عام 1972 حدا لواحدة من أخطر الأزمات في تاريخ الولايات المتحدة.

وحتى عائلة فيلت، لم تكن تعرف هذا السر حتى عام 2002، حين أبلغت صديقته المقربة ايفيت لا غارد، ابنته جوان بذلك. وحاولت جوان ان تأخذ معلومات إضافية من والدها، خلال مشاهدتهما حلقة خاصة عن الفضيحة، بعدما ورد اسمه بين المشتبه فيهم الرئيسيين في تسريب المعلومات، حين سألته: «هل تعتقد ان المصدر السري، كان يريد التخلص من نيسكون؟». ورد فيلت «كلا، لم أحاول اسقاطه»، قائلا «كنت فقط أقوم بواجبي». وقامت جوان فيلت بإقناع والدها بكشف هويته بأن يكشف عن دوره بعد ان بلغ عمره 91 سنة، وزاد عليه المرض، ولم يعد يقدر على التعبير عن نفسه في وضوح، مؤكدة ان ذلك قد يدر عليه المال لدفع تكاليف دراسة احفاده، كما قالت المجلة. وكان فيلت اتفق مع الصحافي وودورد على ألا يكشف دوره الا بعد وفاته، او الا اذا طلب منه هو ذلك.

ولم تقابل مجلة «فانيتي فير» فيلت، بل اعتمدت على أقوال محاميه وبنته، مما اثار أسئلة حول مصداقية المحامي والبنت. وفوجئت «واشنطن بوست» بنشر الخبر، وفي مطبوعة أخرى، وقطع ليونارد داوني، رئيس التحرير التنفيذي، رحلة خارج واشنطن، وعاد الى الجريدة عندما سمع الخبر. وفوجئ، ايضا، وودورد نفسه، ورفض التعليق، لكن داوني قال ان وودورد «اسقط في يده، ولم يكن امامه خيار، لأن فيلت لم يقل له انه سيكشف حقيقته». لكن داوني اثني على وودورد، لأنه «حافظ على عهده خلال كل هذه السنوات».

شروط فيلت الـ 6 للتسريبات

* كتب بوب وودورد، في كتاب «كل رجال الرئيس»، عن فضيحة ووترغيت، انه، بعد ثلاثة شهور من نشر أول خبر عن الفضيحة، اتصل بـ«رجل يعمل في الادارة»، وكان يعرفه معرفة غير قوية، وسأله عن معلومات عن اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري. وقال الرجل انه مستعد لمساعدة وودورد، وقدم الشروط الآتية: أولا، لا ينشر اسمه. ثانيا، لا تنشر وظيفته أو مكان عمله.

ثالثا، لا يقال إنه «مصدر مطلع» أو «مصدر خاص» أو «مسؤول». رابعا، لا تنقل على لسانه جملا محددة. خامسا، لا يتطوع بتقديم معلومات، ولكنه يؤكد او ينفي معلومات يجمعها وودورد من مصادر أخرى. سادسا، لا يقول وودورد اسمه لأي شخص آخر.

ونقل وودورد الشروط الى بنجامين برادلي، رئيس التحرير، الذي قال انه يوافق عليها، ماعدا الشرط الأخير، أي انه يريد ان يعرف اسم الشخص، ويتعهد الا يقوله لأي شخص آخر. والتزم الجميع بالشروط، ولهذا، وحتى امس، يعتقد ان ثلاثة اشخاص فقط يعرفون من هو «الحنجرة العميقة»: برادلي، وودورد، وبيرنشتاين. سبب اختيار «الحنجرة العميقة» اسما

* كان سبب اختيار «الحنجرة العميقة» اسما لفيلت، هو ان الفضول اجتاح بقية الصحافيين في الجريدة، وكلما سألوا وودورد، قال لهم انه «صديق يريد ان يقدم خلفية عميقة للاخبار». و«خلفية عميقة» وصف صحافي لمعلومات لا يريد صاحبها ان ينشر اسمه أو وظيفته.. وأصبح المصدر يعرف بوصف «خلفية عميقة». ومرة قال هوارد سايمون، مدير التحرير، مازحا: «هذا ليس خلفية عميقة. هذا حنجرة عميقة»، وكان يشير إلى فيلم بهذا الاسم ظهر في ذلك الوقت.

وفي البداية كان وودورد يتحدث مع «الحنجرة العميقة» بالهاتف. ولكن، عندما زادت أبعاد الفضيحة، واقترح نيكسون استغلال امكانيات الاستخبارات المركزية «سي آي ايه»، ومكتب المباحث الفيدرالي لوقف تسرب اسرار الفضيحة، خاف «الحنجرة» من التنصت على هاتفه، وطلب من وودرود مقابلته وجها لوجه، في مرآب سيارات في وسط واشنطن.

علم أحمر

* وعندما تطورت الفضيحة أكثر، قال «الحنجرة» إنه يخشى حتى من استعمال الهاتف لتحديد موعد اللقاء، وكان يعرف شقة وودورد، واتفقا على أن يفتح وودورد ستار نافذة الشقة كلما أراد مقابلة «الحنجرة». ولكن جاء الشتاء، وقال وودورد انه يفضل فتح ستار النافذة دائما لتدخل أشعة الشمس الى الشقة، ولهذا اتفقا على ان يضع وودورد علما أحمر في طرف الشرفة، كلما اراد مقابلة «الحنجرة». كانت المقابلات تتم في الساعة الثانية صباحا، وكان وودورد يستأجر سيارة تاكسي الى مكان اللقاء ومنه، أو يمشي على قدميه لمسافة ساعة، اذا لم يجدها في ذلك الوقت المتأخر من الليل.

ومن الأسرار التي نقلها «الحنجرة» الى وودورد، ان مسؤولين كبارا في ادارة نيكسون، كانوا يريدون معرفة طريقة حصول وودورد على المعلومات، التي نشرها في «واشنطن بوست».

شكوك نيكسون

* بعد كشف أن فيلت أول من أمس، أنه «الحنجرة»، عاد الصحافيون الى الشرائط التي سجلت اجتماعات نيكسون، عندما كان في البيت الابيض، وفيها تسجيل اجتماع عن طريقة مواجهة الفضيحة، ووجدوا ان نيكسون قال، قبل سنة من استقالته، انه يعتقد ان فيلت هو الذي سرب المعلومات. لم يقل نيكسون لماذا اعتقد ذلك. ربما لأنه تذكر ان فيلت كان مرشحا ليكون مديرا لمكتب المباحث الفيدرالي، لكن نيكسون اختار صديقه باتريك غراي. أو ربما لأن فيلت كان يميل نحو الحزب الديمقراطي، وربما لأن غراي أبلغ نيكسون ان نائبه، فيلت، اعترض على قائمة اعدها مكتب المباحث الفيدرالي، بناء على طلب نيكسون، فيها اسماء صحافيين «غير ودودين» يريد نيكسون «مضايقتهم»، (بمراجعة بيانات الضرائب التي دفعوها).

قصة الكشف

* ربما يستحق فيلت «جائزة الصمت»، لأنه صمت خلال كل هذه السنوات، وكلما تردد انه هو «الحنجرة»، نفى ذلك نفيا قاطعا، ونفى ذلك، ايضا، في كتاب مذكراته. لكن يبدو أن ابنه وبنته وأحفاده خططوا لتحقيق فوائد مالية، اذا كشفوا حقيقة فيلت. ويعتقد ان ذلك حدث قبل سنتين، عندما مرض فيلت، وزاره صديق قديم، وتحدثا عن فضيحة ووترغيت، وسمعهما حفيده. وفي وقت لاحق سأل الحفيد الجد: «هل أنت حقيقة الحنجرة؟»، ولم ينف الجد. وسأله اذا كان لا يمانع في نشر الخبر، وربما في الحصول على مكأفاة مالية كبيرة تساعده وتساعد أحفاد فيلت على دفع مصاريف الدراسة الجامعية. ويبدو أن فيلت لم يعترض، وتولت الموضوع جوان، بنت فيلت، وأم الحفيد.

حكى الحفيد، بموافقة أمه، وكان طالب قانون في جامعة ستانفورد (في ولاية كليفورنيا)، القصة الى زميلة في الجامعة هي بنت جون اوكونور، وهو محام مشهور في سان فرانسيسكو. واتصل هذا مع غوردون كارتر، رئيس تحرير مجلة «فانيتي فير»، وقال انه يعرف من هو «الحنجرة»، ويريد كتابة تقرير عنه، على شرط ان تدفع المجلة مكافأة (يعتقد أنه طلب مليون دولار). لكن رئيس التحرير رفض، وقال إن المجلة لا تدفع لأي مصدر من مصادرها، سواء نشرت اسمه او لم تنشره.

واتصل المحامي بدور نشر لنشر كتاب عن الموضوع، لكنه فشل، لأن فيلت كان نشر كتاب مذكراته، ونفى انه «الحنجرة»، ولأن ذاكرة فيلت ضعفت، ولم يعد يتذكر أشياء كثيرة. وعاد المحامي إلى مجلة «فانيتي فير»، التي وافقت على نشر الموضوع، بشروط:

اولا، لا تدفع أي مال للمحامي أو لعائلة فيلت.

ثانيا، لا يسرب المحامي أو عائلة فيلت الموضوع إلى أي جهة أخرى.

ثالثا، تتأكد المجلة من المعلومات ومن المصادر، رغم ان المحامي هو الذي كتب الموضوع.

سرية تامة

* ولتحقيق ذلك، جندت المجلة 15 صحافيا وباحثا، قابلوا ابن وبنت فيلت، وحفيده، وأقارب وأصدقاء فيلت، حتى تأكدوا من كل شيء. وحصلت المجلة على تعهدات من هؤلاء الصحافيين والباحثين الا يفشوا السر اذا قررت المجلة عدم نشر الموضوع، اذا لم تتأكد من كل المعلومات فيه.

واتفق الجانبان، المجلة والمحامي، حفاظا على سرية الاتصالات، ان يسمي فيلت «جو كاميل»، اشارة الى اعلانات عن سجاير «كاميل» (الجمل). وهكذا اصبح فيلت «جملا» لإثبات انه «حنجرة». واتفق الصحافيون والباحثون في المجلة على استعمال عنوان «اغلق باب السيارة» للموضوع، حتى لا يعرف اي شخص آخر ان الموضوع عن «الحنجرة». ولم تتصل المجلة بالصحافي وودورد، خوفا من ان تسبقهم جريدة «واشنطن بوست» وتنشر الخبر. وارسلت له نسخة إلكترونية يوم صدور المجلة. (رغم ان وودورد كان يقدر على نشر الخبر في اي وقت).

انتقادات لفيلت

* وبعد كشف سر «الحنجرة»، انتقده أكثر من شخص:

أولا، انتقده قادة في الحزب الجمهوري، كانوا غاضبين عليه وعلى جريدة «واشنطن بوست» خلال كل هذه السنوات، وقالوا انها جريدة «ليبرالية»، استغلت فضيحة ووترغيت لاسقاط نيكسون، لأنه كان جمهوريا. وقال بات بيوكانان، الصحافي اليميني، الذي ترشح لرئاسة الجمهورية باسم الحزب الجمهوري قبل ثماني سنوات، ان فيلد «خائن لوطنه، لأنه سرب أسرار الدولة لخدمة أهداف شخصية».

ثانيا، انتقده مساعدون عملوا مع نيكسون في البيت الابيض، مثل شارلز كولسون، الذي كان مساعدا لنيكسون، وسجن سبعة شهور بسبب دوره في الفضيحة، وقال إن «أي رئيس يجب ان يقلق إذا عرف أن واحدا من كبار الموظفين في ادارته يقابل صحافيين في الظلام، في جراجات السيارات، ليضعف موقف الرئيس».

ثالثا، انتقده صحافيون لأنه «خان» عهده مع وودورد، بألا يكشف حقيقته إلا اذا توفي، أو اذا حصل وودورد على اذن منه. لكن «الحنجرة» سمح لأولاده وأحفاده بنشر الموضوع للحصول على مقابل مالي، بدون ان يبلغ وودورد، الذي كان أحق بكشف الحقيقة من مجلة «فانيتي فير».

مدافعون

* في المقابل، دافع عن فيلت (الحنجرة) رتشارد بنفنستي، محامي عمل في لجنة الكونغرس التي حققت في فضيحة ووترغيت، وقال ان «تصرفات رئيس الجمهورية (نيكسون)، وتصرفات وزير العدل (جورج متشل)، وتصرفات مدير مكتب المباحث الفيدرالي باتريك غراي كانت غير اخلاقية، وتجرأ نائب مدير مكتب التحقيق الفيدرالي (فيلت) وكشف ذلك».

ودافع عن فيلت أيضا تيري لندسنر، محام عمل في لجنة الكونغرس للتحقيق في فضية ووترغيت، وقال ان فيلت قدم خدمة كبيرة لوطنه، وأنه «لولا معلومات فيلت لما كانت هناك لجنة تحقيق في الكونغرس، ولما كنت أقول ما أقول الآن».

ودافع عن فيلت، أيضا، هوارد كيرتز، مسؤول الاعلام في جريدة «واشنطن بوست»، وقال ان نيكسون ومساعديه خرقوا القانون «بدليل أنهم حوكموا بالسجن، وان نيكسون كان سيقدم الى المحاكمة، لولا ان الرئيس فورد عفا عنه». وقال ان هذا معناه ان فيلت قدم معلومات ساعدت على الكشف على جرائم، وليس العكس، اي أنه قدم معلومات عرقلت مجرى العدالة، كما يقول مؤيدو نيكسون.

سر باق

* لكن هناك جزءا من سر «الحنجرة» لم يكشف، وذلك لأن فيلت لم يتحدث لمجلة «فانيتي فير» مباشرة، ولم يقابله أي واحد من صحافييها وباحثيها. وقالت ابنته ومحاميه، الذي كتب تقرير المجلة، انه مريض، ولا يقدر على الكلام الواضح. وفي تقرير المجلة جملة قصيرة تقول، على لسان المحامي، ان «فيلت قال لي: أنا الذي سموه الحنجرة العميقة».

وزاد التساؤل حول مصداقية التقرير للأسباب الآتية: أولا، أصر المحامي على أن يكتب الموضوع، لا أن يكتبه صحافي من المجلة. ثانيا، لم يخف المحامي وبنت فيلت على أنهما يريدان عائدا ماليا من وراء كشف حقيقة «الحنجرة». ثالثا، تحدث المحامي مع فيلت كمحام له، ولهذا يجب أن يعتبر كل ما قال له سرا، ليس للنشر. رابعا، لا يوجد دليل بأن فيلت تحدث طواعية، وربما ضغط عليه المحامي والبنت.

خامسا، لا يوجد دليل بأن فيلت تعمد عدم ابلاغ وودورد، خاصة لأنه حافظ على عهده معه اكثر من ثلاثين سنة.

سادسا: وافق المحامي وبنت فيلت على ان تلتقط كاميرات تلفزيونية صورا له، وهو يرفع يده تحية، من دون أن يتكلم كلمة واحدة.

لمياء
06-02-2005, 07:29 AM
محلفون أدانوا فيلت بانتهاك حقوق الإنسان .. وريغان عفا عنه

«الحنجرة العميقة» أمر بعمليات تفتيش بدون مذكرات قضائية لمنازل أقارب يساريين هاربين

كان مارك فيلت يتطلع لأن يصبح مديرا لمكتب المباحث الفيدرالي «إف بي آي» فيما كان الرئيس ريتشارد نيكسون وكبار مساعديه يعتقدون بأن طموح فيلت هذا سيشجعه على تحريف التحقيقات في حادثة «السرقة» التي وقعت في المقر العام للحزب الديمقراطي في المجمع المعروف باسم «ووترغيت» واعتقل فيها خمسة أشخاص جاءوا لإصلاح أجهزة تنصت كانوا وضعوها في المقر قبل ذلك التاريخ بثلاثة اسابيع.

لكن نيكسون ومساعديه كانوا مخطئين. فبدلا من أن يحمي فيلت الرئيس فانه أصبح مصدرا للتسريبات التي اطاحته. ونسبت وكالة «اسوشييتد برس» الى بوب وودورد، الصحافي في صحيفة «واشنطن بوست» الذي كان يسرب له فيلت المعلومات، قوله اول من أمس ان فيلت، او «الحنجرة العميقة»، تعاون مع الصحيفة في وقت كانت العلاقات بين البيت الأبيض وقيادة «اف بي آي» في أوج توترها. اذ كان مدير «اف بي آي» جيه إدغار هوفر قد توفي قبل حادثة «السرقة» في ووترغيت، فيما كان فيلت يأمل في أن يكون المدير المقبل للمكتب. الا أن نيكسون عين أحد المقربين منه، باتريك غراي، مديرا للمكتب.

وسجل فيلت لا يخلو من قضايا اخرى مثيرة للجدل. ففي عام 1980 أدانته هيئة محلفين بانتهاك حقوق الانسان بترخيصه خلال السبعينات عمليات تفتيش بدون مذكرات قضائية لمنازل أقارب وأصدقاء لناشطين يساريين هاربين. إلا ان الرئيس رونالد ريغان اصدر عفوا عنه وعن مسؤول آخر في الـ«اف بي آي» ادين معه. ودفع فيلت وشريكه بأنهما كانا ينفذان اوامر رئيسهما باتريك غراي. وفي كشفها سر «الحنجرة العميقة» سردت مجلة «فانيتي فير» قصة ترقي فيلت السلم الوظيفي في مكتب المباحث الفيدرالي. وقالت «في خطوة لكبح جماح مسؤول الاستخبارات الداخلية وليام سي سليفان، رقي هوفر فيلت الى منصب جديد يكون فيه مشرفا على عمل سليفان وجعله بذلك في الواجهة». وفيلت هو من مواليد 1913 في توين فولز بإيداهو وتخرج في جامعة ايداهو ثم انتقل للدراسة في كلية القانون بجامعة جورج واشنطن وانضم الى «اف بي آي» عام 1942 .

على
06-03-2005, 09:05 AM
صحافي «ووترغيت» يكشف أسرار علاقته بـ«الحنجرة العميقة»: البداية في غرفة انتظار بالبيت الأبيض

مارك فيلت الرجل الثاني في المباحث الأميركية ومصدر «واشنطن بوست» سعى لتنمية ضغط شعبي لمساءلة إدارة نيكسون

واشنطن: بوب وودورد*

بعد انكشاف الشخصية التي كانت مصدر معلومات صحافي «الواشنطن بوست»، بوب وودورد، حول فضيحة «ووترغيت»، التي أطاحت بالرئيس الأميركي الأسبق ريتشارد نيكسون، ظلت غامضة لأكثر من 30 عاما، كتب أمس وودورد، الذي كان وزميله كارل برنشتاين، صاحبي أشهر قصة في الصحافة الأميركية، أمس أسرار علاقته بمارك فيلت، الرجل الثاني في مكتب المباحث الفيدرالي، والذي أعلن أنه صاحب الحنجرة العميقة، أو مسرب المعلومات، وهو ما أكدته «واشنطن بوست».

يقول بوب وودرورد : في 1970 عندما كنت أخدم في البحرية الأميركية برتبة ليفتنانت، كنت أعمل في مكتب الأدميرال توماس مورر، رئيس العمليات في البحرية، وكنت في بعض الأحيان أعمل مراسلا، أنقل وثائق للبيت الأبيض. وفي إحدى الليالي كنت أحمل طردا إلى الدور الأرضي من الجناح الغربي في البيت الأبيض، حيث توجد غرفة انتظار صغيرة بالقرب من غرفة المتابعة. وكان الأمر يستغرق في بعض الأحيان وقتا طويلا لحضور الشخص المناسب والتوقيع على تسلم الطرد، وفي بعض الأحيان كان الأمر يستغرق ساعة أو أكثر. وبعد الانتظار فترة حضر رجل طويل القامة، شعره رمادي، جيد التصفيف، وجلس بالقرب مني. كانت سترته غامقة وقميصه أبيض، وكان يضع ربطة عنق عادية. كان أكبر مني بما يتراوح بـ25 إلى 30 سنة، ويحمل ما تبدو أنها حقيبة أوراق. كان وسيما للغاية وينشر الإحساس بالثقة، وكان هدوؤه وهيئته تنمان عن شخص اعتاد إعطاء الأوامر وإطاعته مباشرة.

وكان يمكنني القول إنه يراقب الموقف بعناية. لم يكن هناك ذلك الإحساس بالسيطرة في اهتمامه، ولكن عينيه كانتا تجولان بطريقة مهذبة. وبعد عدة دقائق، قدمت نفسي «الليفتنانت بوب وودورد»، وأعقبت بكلمة «سيدي».. ورد «مارك فيلت». وبدأت في اطلاعه على وضعي، هذه هي سنتي الأخيرة في الأسطول، وأحمل وثائق من مكتب الأدميرال مور. ولم يكن فيلت مهتما بشرح أي شيء عن وضعه، أو لماذا هو هنا.

كان تلك فترة في حياتي تتسم بالقلق، بل والمخاوف بخصوص مستقبلي، فقد تخرجت من جامعة ييل في عام 1965، بمنحة من سلاح ضباط الاحتياط في الأسطول، التي تتطلب الانضمام للأسطول بعد التخرج. وبعد 4 سنوات من الخدمة تم مد فترة خدمتي لمدة عام آخر بسبب حرب فيتنام.

وخلال تلك الفترة في واشنطن، أنفقت طاقة هائلة أحاول العثور فيه على أشخاص وأشياء مثيرة. وكان أحد زملائي من فترة الدراسة سيعمل في مكتب كبير القضاء ووارن برغر، وبذلت بعض الجهود لتطوير صداقة معه. وقمعت قلقي والإحساس بالضياع بالالتحاق بدورات دراسية في جامعة جورج واشنطن. إحداها كان حول شكسبير، والأخرى يتعلق بالعلاقات الدولية.

وعندما أشرت إلى تلك الدورات الدراسية إلى فيلت، اهتم على الفور، وقال إنه التحق بالدراسة المسائية في جامعة جورج واشنطن في الثلاثينات قبل الانضمام ـ وهذه هي المرة الأولى التي يذكرها ـ إلى مكتب المباحث الفيدرالي. وقال إنه خلال دراسته في كلية القانون، كان يعمل بدوام كامل في مكتب سناتور ـ سناتور مسقط رأسه ولاية ايداهو. وقلت له إنني أقوم ببعض الأعمال التطوعية في مكتب جون ايرلنبورن، عضو الكونغرس الجمهوري من ويتون بولاية الينوي حيث نشأت.

إذن توجد رابطتان; الدراسة بعد التخرج في جورج واشنطن، والعمل مع ممثلين برلمانيين من الولايتين اللتين ننتمي إليهما.

واعتقد أنني التقيته مرة أخرى في البيت الأبيض، ولكن العلاقة بدأت. فسيصبح واحدا من الأشخاص الذين استشرتهم كثيرا بخصوص مستقبلي، الذي يقترب مع اقتراب فترة تسريحي من الأسطول. وفي بعض المراحل اتصلت به، أولا في مكتب المباحث الفيدرالي ثم في منزله في فيرجينيا. كنت يائسا بعض الشيء، واعتقد أنني أفضيت له بمكنونات قلبي، فقد تقدمت بطلبات إلى عديد من كليات القانون، ولكني، وفي السابعة والعشرين من عمري، كنت أشك انني على استعداد لقضاء ثلاث سنوات في كلية القانون قبل أن ابدأ عملا حقيقيا.

وكان فيلت يبدو متعاطفا مع أسئلتي التي تكشف عن إحساس بالضياع، وقال إنه بعد دراسته للقانون كان أول عمل له مع هيئة التجارة الفيدرالية. وكانت مهمته الأولى هي تحديد ما إذا كان «ورق التواليت» الذي يحمل اسم الصليب الأحمر يعتبر ميزة تنافسية غير عادية لأن الناس تعتقد أن هيئة الصليب الأحمر الأميركية أقرته. وكانت هيئة التجارة الفيدرالية مثالا كلاسيكيا على البيروقراطية الفيدرالية، فهي بطيئة، وكان يكرهها. وخلال عام تقدم بطلب عمل إلى مكتب المباحث الفيدرالي وحصل على وظيفة هناك. وكان يقول إن مدرسة القانون تفتح معظم الأبواب، ولكن لا تتورط في تحقيقات مشابهة لتحقيقات ورق التواليت. محاولة أسبوعين

* خلال العام الذي قضيته في مجلة «سينتينيل» في ماريلاند، ظللت على اتصال هاتفي مع فيلت في بيته ومكتبه. يمكن أن أقول إننا أصبحنا أصدقاء. كان هو بمثابة المرشد الذي يقدم لي النصائح التي كنت أطلبها دائما. توجهت خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى منزله في فيرجينيا وقابلت زوجته أودري. في الأول من يوليو( تموز) 1971، أي بعد حوالي عام من وفاة ادجار هوفر، مدير مكتب المباحث، وظهور فضحية «ووترغيت»، اتخذ هوفر قرارا بترقية فيلت إلى ثالث أهم موقع في مكتب المباحث الفيدرالي، على الرغم من أن كلايد تولسون، صديق هوفر، كان من الناحية الفنية المسؤول الثاني في المكتب، لكن تولسون كان مريضا ولا يحضر إلى العمل إلا قليلا، مما يعني أنه كان يفتقر إلى السيطرة العملية على المكتب، لذا فإن صديقي أصبح مديرا للأعمال اليومية والمسائل المتعلقة بمكتب االمباحث الفيدرالي، بعد أن ظل يزود هوفر وتولسون بالتطورات، ويسعى للحصول على موافقة هوفر في المسائل المتعلقة بالسياسات. بعد عام من فشل محاولتي الالتحاق بصحيفة «واشنطن بوست» في أغسطس (آب) قرر هاري روزينفيلد، محررشؤون العاصمة الاستعانة بي وبدأت العمل في الصحيفة العام المقبل.

على الرغم من انشغالي في الوظيفة الجديدة، أبقيت على فيلت في قائمة اتصالاتي وراجعت معه بعض المسائل. كان حرا نسبيا في حديثه معي، لكنه أصر على الإبقاء على كل من مكتب المباحث الفيدرالي ووزارة العدل، بعيدا عن أي شيء من المحتمل أن أستخدمه بصورة غير مباشرة أو أنقله إلى جهات أخرى. كان عنيدا وصارما في ما يتعلق بهذه القواعد. قدمت له وعدا، وقال من جانبه إنه من الضروري أن أتحلى بالحذر. السبيل الوحيد للتأكيد على ذلك هو عدم إبلاغ أي جهة بأننا نعرف بعضنا بعضا، أو أننا تحدثنا إلى بعضنا بعضا، أو حتى انني أعرف شخصا في مكتب المباحث الفيدرالي، أو وزارة العدل.

قال في ربيع ذلك العام في لهجة تنم عن ثقة قوية، إن مكتب المباحث الفيدرالي لديه معلومات بأن نائب الرئيس سبيرو آغنيو تلقى رشوة قدرها 2500 دولار نقدا ووضع المبلغ في درج طاولته. نقلت هذه المعلومات إلى ريتشارد كوهن، كبير مراسلي «واشنطن بوست» في ميريلاند، من دون أي إشارة إلى المصدر. قال كوهن، وأورد في وقت لاحق في كتابه حول التحقيق مع آغنيو، انه يعتقد أن ما حدث كان «مخالفا للصواب». قضيت ومراسل آخر لـ«واشنطن بوست» يوما كاملا في أنحاء بولتيمور، بحثا عن شخص قيل إنه لديه معلومات حول قضية الرشوة، لكننا لم نتوصل إلى شيء. وبعد عامين كشف النقاب في تحقيق آغنيو، أن نائب الرئيس تلقى هذه الرشوة في مكتبه.

حوالي الساعة التاسعة و45 دقيقة صباح 2 مايو(أيار) 1972، كان فيلت في مكتبه في «اف بي آي»، عندما وصل مساعد مدير للإبلاغ عن وفاة هوفر في منزله. أصيب فيلت بالصدمة، ولأغراض عملية كان هو الشخص الثاني الذي من المفترض أن يتولى مسؤولية المكتب.

أصيب فيلت بخيبة أمل كبيرة عندما أصدر نيكسون قرارا بتعيين ل. باتريك غراي ليصبح مديرا. كان غراي من مؤيدي نيكسون على مدى سنوات، واستقال غراي من البحرية عام 1960، ليعمل مع نيكسون عندما كان مرشحا خلال حملته لانتخابات الرئاسة التي خسرها في مواجهة جون كيندي. وكتب فيلت في وقت لاحق انه «لو كان عاقلا لتقدم باستقالته». في منتصف مايو، بعد أقل من أسبوعين على وفاة هوفر، أطلق مسلح النار على جورج ووليس، حاكم ولاية الاباما، الذي كان ينافس على الرئاسة، في مركز للتسوق، لكنه نجا رغم تعرضه لإصابات بالغة.

مساء ذلك اليوم اتصل نيكسون بفيلت، وليس غراي، الذي كان خارج المدينة، سعيا لمعرفة ما إذا كانت هناك تطورات جديدة. كانت تلك هي أول مرة يتحدث فيها فيلت بصورة مباشرة مع نيكسون. قال فيلت إن آرثر بريمر، المسلح الذي حاول اغتيال ووليس، رهن الحبس، لكنه لا يزال في المستشفى، لأنه تعرض لكدمات اثر التعامل معه بعنف خلال عملية إلقاء القبض عليه عقب إطلاقه النار على ووليس.

قال نيكسون معلقا إن التعامل كان ينبغي أن يكون أكثر عنفا، إلا أن ذلك التعليق لم يرض فيلت. كان الغضب والانفعال يبدو واضحا على نيكسون، الذي طلب من فيلت تزويده كل 30 دقيقة بالمعلومات الجديدة حول التحقيق مع بريمر. انكشاف القصة

* في يوم السبت المصادف 17 يونيو (حزيران)، اتصل المشرف الليلي لمكتب المباحث الفيدرالي بفيلت في البيت، فقد ألقي القبض على خمسة رجال، يرتدون بدلات أنيقة وجيوبهم مليئة بقسائم من فئة 100 دولار، ويحملون أجهزة تنصت وتصوير، داخل مقر الديمقراطيين في مكتب ووترغيت، في حوالي الساعة الثانية والنصف فجرا. وعند الساعة الثامنة والنصف صباحا كان فيلت في مكتبه بمبنى مكتب المباحث الفيدرالي، ساعيا إلى مزيد من التفاصيل. وفي حدود الوقت نفسه أيقظني محرر شؤون المدينة في «واشنطن بوست» في البيت، وطلب مني المجيء لتغطية عملية استثنائية.

وكانت الفقرة الأولى من قصة الصفحة الأولى في الصحيفة لليوم التالي تشير إلى أن «خمسة رجال، ذكر أن أحدهم موظف سابق في وكالة المخابرات المركزية، اعتقلوا في الساعة الثانية والنصف فجر أمس، في ما وصفته السلطات بأنه مؤامرة محكمة للاستحواذ على مكاتب اللجنة القومية الديمقراطية هنا».

وكانت تلك هي اللحظة، حيث مصدر أو صديق في وكالات التحقيق الحكومية يتمتع بمكانة لا تثمن. واتصلت بفيلت في مكتب المباحث الفيدرالي، ووصلت إليه عبر سكرتيرته. وكان ذلك أول حديث لنا حول ووترغيت. وذكرني بمدى كرهه للمكالمات الهاتفية في المكتب، ولكنه قال إن قضية ووترغيت سوف «تتفاقم»، لأسباب لم يستطع توضيحها. ثم أقفل الخط فجأة. ولم أكن أعرف حينئذ أنه في أيام فيلت الأولى في مكتب المباحث الفيدرالي، خلال الحرب العالمية الثانية، كان قد كلف بالعمل في الإدارة العامة لقسم التجسس. وتعلم فيلت الكثير حول التجسس الألماني في وظيفته، وبعد الحرب قضى وقتا في مراقبة العملاء السوفيات.

ولذلك قال فيلت في بيته بفيرجينيا في ذلك الصيف، إنه إذا كان لنا أن نتحدث، سيتعين علينا أن نتحدث وجها لوجه، حيث لا يمكن لأحد أن يراقبنا.

وقال إننا سنحتاج إلى نظام إشعار واتصال مخطط له مسبقا، أي تغيير في المحيط لا يمكن ملاحظته من جانب أي شخص. ولم أكن أعرف ما كان يتحدث عنه.

وقال إذا كنت تبقي الستائر في شقتك مغلقة افتحها، وسيكون ذلك إشارة بالنسبة لي. وكنت أدقق الأمر أو أطلب تدقيقه كل يوم، وإذا ما كانت الستائر مفتوحة، فإن بوسعنا أن نلتقي تلك الليلة في مكان محدد. وأوضحت أنني أحب أن أبقي الضوء منيرا في بعض الأحيان.

وقال نحن بحاجة إلى علامة أخرى تشير إلى أنه يمكن أن يدقق شقتي على نحو منتظم. ولم يوضح أبدا كيف يمكنه القيام بذلك.

وبسبب شعوري بشيء من التوتر قلت إن لدي راية صغيرة من القماش الأحمر اللون، من النوع الذي يستخدم للإنذار في شاحنات الحمولة الكبيرة، كانت صديقتي قد وجدتها في الشارع. وقد ألصقتها في إناء زهور فارغ في شرفة شقتي.

واتفقنا، فيلت وأنا، على نقل إناء الزهور مع الراية، وهو عادة في المقدمة قرب سياج الشرفة، إلى الخلف إذا كنت في حاجة ملحة إلى لقاء. وقال على نحو صارم إن هذا لا بد أن يكون مهما ونادرا. وقال إن الإشارة تعني أننا سنلتقي الليلة ذاتها في حدود الساعة الثانية فجرا في الطابق السفلي من كراج تحت الأرض عند كي بريدج في روسلين.

وقال فيلت إنه سيتعين علي أن التزم بأساليب مراقبة مضادة صارمة. كيف أخرج من شقتي؟

خرجت مشيا نزولا إلى القاعة واستخدمت المصعد.

سألني: الذي يؤدي بك إلى الرواق؟

فأجبت بالإيجاب.

سأل: هل لديك سلالم خلفية تؤدي إلى شقتي؟

أجبت بالإيجاب.

استخدمها عندما تكون متوجها إلى لقاء. هل هي مفتوحة على زقاق؟ أجل.

خذ الطريق الضيق ولا تستخدم سيارتك الخاصة. خذ سيارة تاكسي تنقلك بين عدة مبان، حيث توجد سيارات أجرة بعد منتصف الليل، ثم انزل هناك وتمشى كي تأخذ سيارة أجرة ثانية توصلك إلى روسلين. لا تهبط من السيارة مباشرة في كراج توقف السيارات. اعبر آخر المباني على قدميك. وإذا شعرت أن هناك من يتعقبك لا تذهب مباشرة إلى الكراج. أنا سأفهم سبب عدم ظهورك. كل ذلك كان كأنه محاضرة. وكان الشيء الأساسي هو أخذ الوقت اللازم لإنجاز الأمر، ساعة أو ساعتان للوصول إلى هناك. كن صبورا وصادقا. ثق بالتريبات المسبقة. ولم يكن هناك مكان للاجتماع أو وقت محدد للقاء. وإذا لم نظهر فإنه لن يكون هناك اجتماع.

قال فيلت إنه إذا كان لديه شيء ما لي فهو قادر على إيصال الرسالة لي. سألني عن حياتي اليومية وعما يصلني إلى البيت وعن البريد وغير ذلك. كانت الرسائل التي تصلني إلى البيت توضع في صندوق خارج باب الشقة. وكان لدي اشتراك مع صحيفة «نيويورك تايمز». وهناك عدد من الجيران الساكنين في نفس البناية يتسلمون نفس الصحيفة. وعادة تترك النسخ في رواق مع رقم الشقة على كل منها. كان رقم شقتي هو 617، وكان ذلك يكتب بشكل واضح خارج الصحيفة بقلم حبر سميك. وقال فيلت إنه إذا كان هناك شيئ مهم فإنه يستطيع أن يصل إلى النسخة الخاصة بي من صحيفة «نيويورك تايمز». كيف يكون ذلك؟ لا أعرف الجواب. عادة ستوضع دائرة حول الصفحة 20 مع رسم عقربي ساعة على أسفل الصفحة، للإشارة إلى وقت اللقاء في تلك الليلة، وربما يكون الوقت حوالي الثانية صباحا في نفس كراج روسلين للسيارات.

كانت العلاقة التي تجمعنا مستندة على عنصر الثقة القوية. ولم يكن أي شيء فيها موضوعا لإشراك الآخرين في كيف قام بمراقبته اليومية لشرفة شقتي؟ يظل ذلك لغزا بالنسبة لي. وفي ذلك الوقت، أي قبل بدء الإجراءات الأمنية المكثفة، كانت خلفية المبنى غير مغلقة، لذلك فإن أي شخص يستطيع أن يراقب شقتي إن هو توقف في الشارع الضيق الخلفي، إضافة إلى ذلك فإن شرفتي وخلفية الشقة تواجهان الفناء أو المنطقة الخلفية التي نشترك فيها مع عدد من ساكني الشقق الأخرى أو المباني الحكومية في المنطقة. وبالنسبة لشقتي فإن من الممكن رؤيتها من قبل عشرات الشقق أو المكاتب كما أتذكر الآن. كذلك كان هناك عدد من السفارات في المنطقة، فهناك السفارة العراقية على الشارع، وفكرت آنذاك في أن من الممكن وجود نقاط مراقبة أو تنصت تابعة لـ«اف بي آي» بسبب السفارات. هل كان لدى فيلت عملاء يقومون بتزويده بتقارير منتظمة عن أباريق الزهور الموضوعة في شرفتي؟ هذا يبدو احتمالا شبه معدوم إن لم يكن مستحيلا.

كان فيلت مقتنعا بأنه يقوم بحماية مكتب المباحث الفيدرالية، عن طريق إيجاد طرق سرية لدفع بعض المعلومات من «اف بي آي» إلى الجمهور للمساعدة على تنمية ضغط شعبي وسياسي لجعل نيكسون ومساعديه موضوعا للمساءلة. ولم يكن يحمل أي مشاعر لإدارة نيكسون عدا المقت الشديد لها ولمساعيها كي لا تستغل «اف بي آي» لأغراض سياسية.

وكان الجاسوس السابق في الحرب العالمية الثانية يحب لعبة صيد الجواسيس، وأنا أظن أنه يفكر داخليا بأني عميله، فهو قد ردد هذه العبارة ذات مرة: السرية على حساب أي ثمن كان، وليس هناك أي حديث ناعم، ولا أي حديث حوله على الإطلاق، ولا إشارة إلى وجود مصدر سري للمعلومات مثله موجود فعلا.

في كتابنا «كل رجال الرئيس»، وصفنا، أنا وكارل، سبب إعطاء «الحنجرة العميقة» المعلومات بإتباع أسلوب تدريجي يعتمد على إعطاء معلومة واحدة في كل مرة. وربما كان ذلك لتقليل المخاطر، أو لعل هناك قصة مهمة أو قصتين( بغض النظر عن حجم تأثيرهما السيئ) يمكن للبيت الأبيض تجاوزهما. أو ربما لأن ذلك يجعل اللعبة أكثر تشويقا، لكننا استنتجنا أنه من المرجح أن يكون «الحنجرة العميقة» يحاول حماية مكتب المباحث من خلال تحقيق تغيير في تصرفه، قبل أن تتم خسارة كل شيء.

وفي كل مرة كنت أطرح هذا السؤال مع فيلت، أحصل على نفس الإجابة: «علي أن أقوم بذلك بطريقتي الخاصة».