المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وزير خارجية «طالبان» السابق .... دفعنا ثمن استضافتنا للعرب



سياسى
06-01-2005, 07:22 AM
وزير خارجية «طالبان» السابق في أول حديث لصحيفة عربية: ورثنا «الأفغان العرب» ودفعنا ثمن استضافتهم بسخاء

وكيل متوكل لـ «الشرق الاوسط»: احتجزوني في قندهار وقاعدة باغرام الأميركية لمدة عامين ولم أتعرض للتعذيب


محمد الشافعي

يتميز وكيل أحمد متوكل، آخر وزير خارجية لحكومة طالبان، بالانفتاح وهدوء الأعصاب والصراحة وقدرته على المناورة في مساحات ضيقة، فعندما التقيته في مكتبه قبل سقوط الحركة الأصولية بعدة شهور، كان يتحدث عن متابعته لأخبار العالم من خلال القنوات الفضائية في منزله رغم حظر طالبان البث التلفزيوني في عموم أفغانستان، ولم أشعر بحرج وأنا أسأله وقتذاك ذلك عن موقفه كإسلامي متشدد إذا ماشاهد مذيعة حسناء على شاشة التلفزيون، بإجابته السريعة من فقه الضرورات «النظرة الأولى لك»، وكانت تظهر على وجهة علامات عدم الرضا عند الحديث على زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن والعناصر العربية التي استضافها الملا عمر، حاكم الحركة المخلوعة. واليوم يعترف متوكل بالخطأ الفادح الذي دفعته طالبان بسخاء مقابل ايواء بن لادن، المطلوب الأول أميركيا.

وحديث وكيل متوكل مع «الشرق الأوسط»، كأول صحيفة عربية تلتقيه بعد سقوط طالبان وإطلاق سراحه، جرى عبر مصدر وسيط موجود في العاصمة كابل، ويتحدث العربية بطلاقة، وهو من خريجي الأزهر الشريف، تسلم الأسئلة عبر الإنترنت، التي كانت محرمة على الأفغان أيام الملا عمر، وجاءت الأجوبة بعد ثلاثة أيام.

تحدث متوكل لـ«الشرق الأوسط» عن تجربة احتجازه من قبل الأميركيين في قندهار، وقاعدة باغرام لمدة عامين، ثم خضوعه لإجراءات الإقامة الجبرية لنحو عام. واعترف ببعض أخطاء الحركة الأصولية، إلا أنه نفى أن تكون له أي اتصالات في الوقت الحاضر مع قادة طالبان المطلوبين أميركيا. ونفي أيضا أنه يمثل طالبان في الانتخابات النيابية المقبلة، بل يمثل نفسه عن دائرة قندهار.

وتحدث متوكل أيضا عن المرحلة المقبلة، وترشيح نفسه في انتخابات البرلمان الأفغاني. ويرى مراقبون ومتابعون للشأن الأفغاني، أن الإفراج عن متوكل والموافقة على مشاركته في الانتخابات المقبلة، هو نوع من تهدئة الأمور مع الحركة الأصولية، لدفع قادتها للمشاركة في الحياة المدنية.

وكشف وزير الخارجية الأفغاني السابق أن الحركة الأصولية سقطت بسبب حرب غير متكافئة، شنتها قوات التحالف على أفغانستان. وقال إنه شعر بأنه مطلوب في قندهار، فسارع بتسليم نفسه للحكومة الأفغانية التي سلمته إلى القوات الأميركية. وأكد أنه لم يتعرض للتعذيب، وقال: «كان هناك فرق نسبي في المعاملة بين من يسلم نفسه ومن يُقبَض عليه، فلم أتعرض للتعذيب أبدا». وجاء حوار (الشيخ متوكلإ، كما يحب أن يُلقب، مع «الشرق الأوسط» على النحو التالي:

* هل من الممكن أن تحدثنا عن ظروف اعتقالك، وكم شهر قضيتها في الأسر، وهل احتجزت في قاعدة باغرام، أم في مكان آخر؟

ـ كلما التقيت أحدا سألني هذا السؤال، وقد تكرر ذلك كثيرا، وأود أن أقول باختصار إن السجن عموما ليس بالتجربة السهلة، وليس بالمكان الذي يُشتاق إليه، ولا نستطيع أن نصفه بأنه مكان جيد، لكن كانت هناك بعض المميزات لمن سلم نفسه عمن قبض عليه، وقد قضيت أربعة أشهر تقريبا في سجن قندهار والمدة الباقية في قاعدة باغرام، وتقريبا وصلت فترة السجن إلى حوالي سنتين، ثم عام آخر تحت الإقامة الجبرية.

* يتردد أنكم تعاونتم مع الأميركيين مقابل تأمين الإفراج عنكم.. أين الحقيقة؟

ـ أفرج عني بعد عامين، ولو كان الإفراج تم بعد فترة قصيرة ربما دل هذا على بعض التعاون، ولكن ليس من المنطق أن أتعاون مع الأميركيين وأسجن سنتين.

* هل تتنقلون الآن بحرية كاملة، أم ما زلتم تحت الحراسة؟

ـ قبل خروجي إلى الصحافة كان هناك نوع من المراقبة. أما بعد أن ظهرت أمام أجهزة الإعلام فربما يكون هناك شيء من الرقابة، ولكننا نستطيع أن نقول إن هناك مساحة من الحرية في التعبير والحركة إلى الأماكن التي أريد الذهاب إليها.

* ما هي تصوراتكم بالنسبة لما أعلنتم من نية المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة؟

ـ إذا كانت هناك شفافية واطمئنان في الأمور المقبلة (الانتخابات)، فهناك أمل حقيقي لتجاوز محنة الشعب الأفغاني، وإذا كان نواب البرلمان يمثلون الشعب نسبيا ومنتخبين، فيمكن أن يكون هذا تمثيلا حقيقيا لآمال الشعب الأفغاني، كما يمكن أن يعول على نواب البرلمان في حل مشاكل الشعب وتقليل معاناته.

* هل هناك اتصالات بينك وبين قادة طالبان، وهل تعتقد أن الملا عمر على قيد الحياة؟

ـ بالنسبة لوجود أي شخص على قيد الحياة من عدمه ما دمنا لم نسمع بخبر وفاته، فهذا كاف. أما بالنسبة للعلاقات أو الاتصالات مع قادة طالبان، فليس لي اتصالات منظمة بهم.

* هل تشعر نفسيا بأي تغيير في حياتك بعد أن غيرت لون العمامة من السوداء، التي تميز قادة طالبان سابقا، إلى العمامة البيضاء؟

ـ لا أوافق على هذا السؤال، فلمَ أرتدي العمامة السوداء، ولطالما ارتديت العمامة البيضاء؟

* هل تشعر بحرية أكبر الآن في متابعة أخبار العالم مع وجود التلفزيون والمحطات الفضائية والسماء المفتوحة، في الوقت الذي حظرت فيه طالبان التلفزيون؟

ـ بالعكس تماما، فسواء في الماضي أو حاليا، في كابل أو قندهار، دائما كنت أتابع الأخبار وبانتظام، بل كانت هناك وصلات لشبكة الإنترنت داخل وزارة الخارجية في عهد طالبان، وكانت الأقمار الصناعية متوفرة، وكنا نشاهد جميع المحطات الإخبارية، وليس هذا باعثا على العجب.

* بصراحة، هل يمكن أن تتحدث اليوم عن أخطاء طالبان التي وقعت في الماضي؟

ـ لكل نظام ولكل إنسان سلبياته وإيجابياته، وطالبان أيضا تنطبق عليها نفس القاعدة. وبالنسبة لي فمن الصعب أن أقوم في لقاء قصير بشرح كل إيجابيات أو سلبيات طالبان. ولا شك أنه كانت هناك بعض السلبيات في نظام طالبان كما نراها الآن، وكما رصدناها في عهد حكومة طالبان، فقد قمنا بالإشارة إلى السلبيات الموجودة.

* هل تعتقد أن طالبان أخطأت في تصوراتها الخاصة بالعلاقة مع الغرب، وإيواء المقاتلين العرب مثل بن لادن وغيره؟

ـ المقاتلون العرب في أفغانستان كانوا هنا قبل طالبان، فقد ورثنا الوجود العربي في أفغانستان عندما وصلنا إلى الحكومة، وقد توسعت الجالية العربية في ظل حكم طالبان، ولكن هناك فرقا بين الضيافة، والمشاكل الناشئة من وجودهم، والتي كان يؤشر عليها الغرب، و في العموم فقد كان هناك إجماع عام في أفغانستان على إعطاء الضيف حقه وإكرامه، ولكن المشاكل التي حدثت بسببهم تسببت في ضرر لكل من المضيفين من الشعب الأفغاني، فضلا عن الضيف نفسه.

وعموما كان هناك رأي عام بين عامة الشعب وداخل حكومة طالبان، كان هناك من يعارض استخدام الأراضي الأفغانية لمهاجمة الغير، وعموما كانت كل تلك المسائل تسبب الهموم لنا.

أما بالنسبة إلى علاقتنا مع الغرب، فإنها كأية معاملة يجب أن تكون بين طرفين. وفي علاقتنا مع الغرب كان الطرف الثاني هو من يضع العراقيل أمام تقدم العلاقات والتواصل، وكان من الصعب على طالبان أن تمضي في طريق إلى علاقة يقف الطرف الآخر فيها جامدا من دون أن يتحرك هو الآخر باتجاههم. وعلاقاتنا مع العالم الخارجي لم تكن حينها طيبة، بل كانت تسوء يوما بعد يوم إلى أن وصلت الأمور إلى الحرب التي أدت إلى السقوط.

* هل تعتقد أن المقاتلين العرب أساءوا إلى صورة طالبان، وهل كان لطالبان نفوذ حقيقي على بن لادن؟

ـ كل القوانين التي كانت موجودة في أفغانستان في ذلك الوقت، كانت نافذة ومقبولة من جميع الأطراف، ولكن دعنا نتحدث أكثر عن أسباب السقوط مثلا، فلا يمكننا أن نقول أبدا إن العرب الموجودين في أفغانستان أساءوا إلى صورة طالبان، أو أن طالبان أساءت إلى العرب، ليس هكذا نحكم على الأمور، بل كانت هناك مشاكل حقيقية صعبة على أرض الواقع، هي التي أدت في النهاية إلى سقوط الحكومة. ويكفي أن طالبان دفعت الثمن بسخاء.

* هل فكرت طالبان قبل الحرب بصورة جدية في تسليم بن لادن والتخلص من متاعبها مع العالم الخارجي؟

ـ في تلك الفترة لم يكن من السهل تنفيذ طلبات الغرب، ولكن أيضا طالبان قامت بجمع مجلس شورى للعلماء اجتمع فيه حوالي ألف عالم دين، وفي النهاية قرر المجلس أنه على المضيف أن يطلب من الضيف أن يخرج بنفسه أو أن يترك أفغانستان من دون جبر أو إكراه. لكن قبل نهاية سقوط الحكومة لم تتم الإجابة سلبا أو إيجابا على هذا الطلب من الضيف أو المضيف، وما زلت أنا وكثير من الأفغان، نتساءل لمَ لم يتم التعليق بالسلب أو الإيجاب على قرار مجلس شورى العلماء، وأنا من الذين تمنوا لو أنه كان هناك أي رد على ذلك القرار المهم.

* تردد أنك كنت تقود التيار المعتدل داخل طالبان بمساعدة السفير الأفغاني المتجول رحمة الله هاشمي وآخرين، أين الحقيقة ؟ وهل رحمة الله هاشمي بخير، وأين هو ؟

ـ كان هذا واجب وزارة الخارجية أن تبذل جهدها في دعم سياسة الحكومة في الخارج بغض النظر عما إن كان ذلك الجهد مثمرا أو غير مثمر. أما داخل طالبان فلم تكن هناك حلقات حزبية، وطالبان لم تكن حزبا سياسيا، وإنما مجموعة من المجاهدين وطلبة العلم ذوي أفكار مختلفة، وعلى هذا كان الخلاف فكريا و لم يكن حزبيا. أما عن كلمة الاعتدال، فالإسلام هو دين العدل ويحب الاعتدال، أما بالنسبة لرحمة الله هاشمي، الذي قام بجولة في أميركا قبل سقوط حركة طالبان، وهو لم يذهب عن طريق وزارة الخارجية، لعله بخير.

* ما عدد مسؤولي الخارجية الذين تم اعتقالهم بجانب الملا عبد السلام ضعيف، سفيركم في إسلام آباد قبل الحرب؟

ـ فرص قليلة جدا تلك التي كانت تتاح لي في المعتقل للقاء سجناء آخرين. وأنا رأيت عبد السلام ضعيف في قندهار بالكاد قدر المصافحة قبل ترحيله إلى غوانتانامو. وكانت حالته الصحية جيدة، وبعدها رأيت صديقا آخر في باغرام، ولم أرى آخرين من دبلوماسيي وزارة الخارجية.

* أين كان يختفي بن لادن أثناء الحرب في قندهار وبعد ذلك؟ ولماذا بات اعتقاله صعبا على أقوى جيش في العالم؟ وهل تعتقد أنه في داخل أفغانستان أم داخل الأراضي الباكستانية؟

- أسامة ابن لادن لم يكن مستقرا في مكان واحد، وذلك لأسباب أمنية. وحياته اليومية كانت دائما متحركة أو جوالة من مكان لآخر، والحقيقة الثابتة أنه لم يعثر عليه حتى الآن، ويمكن للشخص الذي يريد أن يخفي نفسه، وهو في مواجهة دولة أو جماعة، أن يبذل كل جهده حتى لا يعثر عليه. ولا نستطيع أن نحدد الآن مكان وجوده أو ننفيه، لعدم توافر أدلة أو إثباتات. وأعتقد أن الجواب على هذا السؤال المتعلق بتحديد مكان بن لادن، يصعب على كثيرين، ولكن يكفي أن نقول باحتمال وجوده في مكان ما من العالم الإسلامي، وهذه فقط وجهة نظر.

* كوزير خارجية سابق لطالبان، هل علمتم بمخطط سبتمبر (أيلول)، أم أن الهجمات كانت مفاجأة تماما لجميع أركان حكم الملا عمر؟

ـ لم أكن على علم بهذا الأمر كوزير للخارجية، ومن الطبيعي أن لا أعلم بمثل هذه الأمور، لكن تلك الهجمات كان أمرها مفاجئا جدا للجميع، وموقف طالبان كان واضحا جدا آنذاك.

* إذا عاد الزمن إلى الوراء هل كنت تتولى وزارة خارجية أفغانستان، أو كنت ستسلم بن لادن، وتحفظ الحكم من السقوط؟

ـ كان الشعب الأفغاني من أولوياتي قبل المناصب أو الأشخاص، والعمل على راحة هذا الشعب هو ما كنت أبغيه وما زلت، ولا يمكن أن نحكم على الفترة بأكملها، بل يجب أن نقسمها إلى سلبيات وإيجابيات، وبالتأكيد يجب على الإنسان أن يتحلى بالجرأة ليندم على السلبيات. أما عن قناعاتي ومبادئي فقد كانت وما زالت الإسلام، منذ أن كنت في حزب ثوري إسلامي، ثم إلى طالبان وحتى الآن، ولا يجب أن يغير الإنسان معتقداته. وأتمنى ألا تكون بعض الأحداث قد وقعت، والتي بسببها تتضرر الشعب الأفغاني".