على
05-31-2005, 04:00 PM
نبيل شرف الدين - القاهرة
صوت طالما أزعج السلطة المصرية بانتقاداته
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2005/5/thumbnails/T_965ac2d3-ed4c-4320-afc9-3e8108dbe1b7.JPG
ربما لن يكون هذا النبأ ساراً بالنسبة للقاهرة الرسمية، على الرغم من أنه يسجل سابقة بأن يرشح الحزب الجمهوري الأميركي مصرياً ليصبح "سيناتور" في واحدة من كبرى الولايات الأميركية، والسبب ببساطة أن بطل القصة الناشط القبطي المعروف مايكل منير، رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة، صوت طالما أزعج السلطة في مصر بانتقاداته المتواصلة لسلوكها الخاص بالمسألة القبطية، خاصة خلال الأعوام الأخيرة التي برز هذا الملف خلالها كأحد المعضلات المزمنة في الشارع السياسي المصري .
على كل الأحوال، فإن الشاب مايكل منير الذي شق طريقه في العمل السياسي الأميركي منذ سنوات قليلة نسبياً، إذ لم ينضم لعضوية الحزب الجمهوري إلا في العام 1998 لن يتوقف كثيراً ولا قليلاً أمام رضا القاهرة أو سخطها أو تحفظاتها، فالمهاجر المصري الذي "شدّ الرحال" إلى بلاد العم سام عام 1990 أصبح يجيد لغة أخرى في العمل السياسي لا تعرف مفردات الصخب الدعائي السائد في الشارع المصري بل والشرق أوسطي عموماً، بل تدرب مايكل منير خلال الأعوام الماضية على "قواعد اللعبة" وفق أسس أخرى يحتكم فيها اللاعبون إلى الشارع
ولا يعولون إلا على صندوق الاقتراع، ولهذا يبدأ تحرك المرشح ميدانياً قبل عام على الأقل من موعد الانتخابات، بدءاً من جمع التوقيعات للترشيح داخل الحزب، وبعد تسمية الحزب لمرشح ما تبدأ جولة شاقة من الدعاية، تصل في حالة الدوائر الصغيرة إلى حد أن يذهب المرشح بنفسه إلى كل بيت في ما يعرف اصطلاحاً بسياسة (door to door)، حيث يتحدث مع الناخبين، وهناك أيضا الحديث إلى التجمعات في المدارس والجامعات والكنائس، وكذلك الشركات وجمعيات رجال الأعمال، فضلاً عن الإعلانات في الصحف والإذاعات والتليفزيون والاتصالات الهاتفية والخطابات الشخصية، وتختتم الحملات الانتخابية بثلاث مناظرات بين المرشحين، والأهم من كل هذا أن المرشح يجب أن يكون ملماً بكافة تفاصيل القضايا التي تهم الناخب الأميركي، حتى يضمنها برنامجه الانتخابي في صورة أفكار محددة عن الضرائب والمعاشات والتأمين الصحي، وصولاً إلى هموم المهاجرين ومشكلاتهم، فالناخب في النهاية يستمع إليك فيما يتعلق بالقضايا التي تعنيه بشكل مباشر ومحدد .
ولاية الرؤساء
وتتضح دلالة الحدث وأهميته أكثر حين نعرف أن المهاجر المصري مايكل منير مرشح الحزب الجمهوري للمنافسة التي تجري في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم عن الدائرة 39 بشمال ولاية فرجينيا، التي يقطنها نحو مائة ألف يتوزعون بين 70% من البيض، 20% من الآسيويين، 6% من أميركا الجنوبية، والباقي يتوزع على أصول أخرى من بينها أقلية متواضعة العدد من المهاجرين المصريين، وهو ما يعني أن مايكل منير لا يراهن على أصوات أبناء بلده فحسب، كما قد يتبادر للذهن، لكنه يخوض المعركة وفق حسابات السياسة الأميركية، ليس بصفته مهاجراً بل كمواطن أميركي، يعرف ماذا يريد الناخب، وكيف يقترب منه ويقنعه، خاصة إذا كان منافسه شخصية مثل السيدة فيفيان واتس، التي كانت كانت تعمل وزيرة مواصلات بولاية فرجينيا، وتحتل مقعد البرلمان منذ عشرة أعوام مضت، حتى أن الحزب الجمهوري لم يكن يفكر بترشيح منافس أمامها، وهذا بتقدير الباحث والكاتب المصري ـ الأميركي مجدي خليل، أمر يحسب لصالح مايكل منير، فمجرد منافسة هذه السياسية المحترفة هو مكسب كبير، سوف كانت النتائج لصالحه أو ضده، فهو في كل الأحوال دخل اللعبة السياسية بشكل صحيح وحاز ثقة رئيس "برلمان فرجينيا" الذي دعم ترشيحه لهذه الدائرة .
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن برلمان ولاية فيرجينيا يضم مائة نائب منهم حوالي 60 من الحزب الجمهوري، والباقي من الحزب الديموقراطي، كما أن ولاية فيرجينيا تعد من الولايات الأميركية الغنية، ومقاطعة فيرفكس هي الأغنى في الولاية، فإذا كان متوسط دخل الفرد في أميركا 21500 دولار سنوياً، فإن الرقم يصل في هذه المقاطعة إلى 37000، ويصل متوسط دخل الأسرة فيها إلى 92000 دولار سنوياً، كما خرج من ولاية فيرجينيا أيضاً ثمانية من الرؤساء الأميركيين، هم كل من : جورج واشنطن، جيفرسون، ماديسون ، منرو ، هاريسون ، تايلر ، تيلور ، وولسن ، ولهذا تسمى ولاية الرؤوساء .
سيرة ذاتية
وفي السيرة الذاتية فإن مايكل منير، ابن محافظة المنيا في صعيد مصر، اشتهر خلال السنوات الماضية كأحد أبرز نشطاء حقوق الإنسان والحريات العامة، وقد أدرك مبكراً أهمية العمل والتحرك من خلال كيانات المجتمع المدني، فأسس في العام 1996 منظمة أقباط الولايات المتحدة التي يرأسها حتى الآن، وله حضور إعلامي داخل الولايات المتحدة وفي المنطقة العربية، كما شارك في عشرات الفعاليات السياسية التي لم تقتصر اهتماماتها على المسألة القبطية أو المصرية فحسب، بل تجاوزتها إلى آفاق أخرى إقليمية ودولية أرحب، من خلال أنشطته واتصالاته بالعديد من الشخصيات والمنظمات الحكومية والأهلية في أنحاء شتى حول العالم .
وأخيراً تبقى الإشارة إلى أن الحملة الانتخابية لمايكل منير كشفت عن أمر بالغ الأهمية، لا توليه السياسة المصرية أهمية يستحقها، وهو القوة المالية الكامنة في المجتمع القبطي، فقد جمع منير ـ حسب بياناته الرسمية ـ كمية من الأموال صنفت في المرتبة الثانية بالنسبة للمرشحين عن ولاية فرجينيا في الحزب الجمهوري، وكافة هذه الأموال جاءت من مجتمع المهاجرين الأقباط، وبالتالي فقد رسخت لدى الحزب الجمهوري قناعة مؤداها أن هذا المجتمع القبطي قادر على تمويل الحملات الانتخابية، ومع أن هذه الأموال أتت من شخصيات معروفة في الوسط القبطي، لكنها في نهاية المطاف أثبتت جدارة هذا الوسط بالمشاركة في العملية السياسية وقدرته على تمويلها، وهذه سابقة سوف تسجل في الحزب الجمهوري، وبناء عليها ـ كما يقول مجدي خليل ـ يمكن لآخرين ترشيح وتقديم أنفسهم على أنهم ينتمون إلى مجموعة من المهاجرين يمولون العمل السياسي والاجتماعي طواعية، ومن ثم فمن المنطقي أن تؤخذ "أجندتهم" بعين الاعتبار في القضايا التي تعنيهم على الأقل، وهو ما لا يريد البعض في "بلد المنشأ"، مصر، استيعابه ليبادروا بالاستفادة من "أقباط المهجر" بدلاً من إطلاق الاتهامات الجزافية عليهم، وحذفهم من خارطة الوطنية، بجرة قلم لكائن من كان .
صوت طالما أزعج السلطة المصرية بانتقاداته
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2005/5/thumbnails/T_965ac2d3-ed4c-4320-afc9-3e8108dbe1b7.JPG
ربما لن يكون هذا النبأ ساراً بالنسبة للقاهرة الرسمية، على الرغم من أنه يسجل سابقة بأن يرشح الحزب الجمهوري الأميركي مصرياً ليصبح "سيناتور" في واحدة من كبرى الولايات الأميركية، والسبب ببساطة أن بطل القصة الناشط القبطي المعروف مايكل منير، رئيس منظمة أقباط الولايات المتحدة، صوت طالما أزعج السلطة في مصر بانتقاداته المتواصلة لسلوكها الخاص بالمسألة القبطية، خاصة خلال الأعوام الأخيرة التي برز هذا الملف خلالها كأحد المعضلات المزمنة في الشارع السياسي المصري .
على كل الأحوال، فإن الشاب مايكل منير الذي شق طريقه في العمل السياسي الأميركي منذ سنوات قليلة نسبياً، إذ لم ينضم لعضوية الحزب الجمهوري إلا في العام 1998 لن يتوقف كثيراً ولا قليلاً أمام رضا القاهرة أو سخطها أو تحفظاتها، فالمهاجر المصري الذي "شدّ الرحال" إلى بلاد العم سام عام 1990 أصبح يجيد لغة أخرى في العمل السياسي لا تعرف مفردات الصخب الدعائي السائد في الشارع المصري بل والشرق أوسطي عموماً، بل تدرب مايكل منير خلال الأعوام الماضية على "قواعد اللعبة" وفق أسس أخرى يحتكم فيها اللاعبون إلى الشارع
ولا يعولون إلا على صندوق الاقتراع، ولهذا يبدأ تحرك المرشح ميدانياً قبل عام على الأقل من موعد الانتخابات، بدءاً من جمع التوقيعات للترشيح داخل الحزب، وبعد تسمية الحزب لمرشح ما تبدأ جولة شاقة من الدعاية، تصل في حالة الدوائر الصغيرة إلى حد أن يذهب المرشح بنفسه إلى كل بيت في ما يعرف اصطلاحاً بسياسة (door to door)، حيث يتحدث مع الناخبين، وهناك أيضا الحديث إلى التجمعات في المدارس والجامعات والكنائس، وكذلك الشركات وجمعيات رجال الأعمال، فضلاً عن الإعلانات في الصحف والإذاعات والتليفزيون والاتصالات الهاتفية والخطابات الشخصية، وتختتم الحملات الانتخابية بثلاث مناظرات بين المرشحين، والأهم من كل هذا أن المرشح يجب أن يكون ملماً بكافة تفاصيل القضايا التي تهم الناخب الأميركي، حتى يضمنها برنامجه الانتخابي في صورة أفكار محددة عن الضرائب والمعاشات والتأمين الصحي، وصولاً إلى هموم المهاجرين ومشكلاتهم، فالناخب في النهاية يستمع إليك فيما يتعلق بالقضايا التي تعنيه بشكل مباشر ومحدد .
ولاية الرؤساء
وتتضح دلالة الحدث وأهميته أكثر حين نعرف أن المهاجر المصري مايكل منير مرشح الحزب الجمهوري للمنافسة التي تجري في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم عن الدائرة 39 بشمال ولاية فرجينيا، التي يقطنها نحو مائة ألف يتوزعون بين 70% من البيض، 20% من الآسيويين، 6% من أميركا الجنوبية، والباقي يتوزع على أصول أخرى من بينها أقلية متواضعة العدد من المهاجرين المصريين، وهو ما يعني أن مايكل منير لا يراهن على أصوات أبناء بلده فحسب، كما قد يتبادر للذهن، لكنه يخوض المعركة وفق حسابات السياسة الأميركية، ليس بصفته مهاجراً بل كمواطن أميركي، يعرف ماذا يريد الناخب، وكيف يقترب منه ويقنعه، خاصة إذا كان منافسه شخصية مثل السيدة فيفيان واتس، التي كانت كانت تعمل وزيرة مواصلات بولاية فرجينيا، وتحتل مقعد البرلمان منذ عشرة أعوام مضت، حتى أن الحزب الجمهوري لم يكن يفكر بترشيح منافس أمامها، وهذا بتقدير الباحث والكاتب المصري ـ الأميركي مجدي خليل، أمر يحسب لصالح مايكل منير، فمجرد منافسة هذه السياسية المحترفة هو مكسب كبير، سوف كانت النتائج لصالحه أو ضده، فهو في كل الأحوال دخل اللعبة السياسية بشكل صحيح وحاز ثقة رئيس "برلمان فرجينيا" الذي دعم ترشيحه لهذه الدائرة .
تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن برلمان ولاية فيرجينيا يضم مائة نائب منهم حوالي 60 من الحزب الجمهوري، والباقي من الحزب الديموقراطي، كما أن ولاية فيرجينيا تعد من الولايات الأميركية الغنية، ومقاطعة فيرفكس هي الأغنى في الولاية، فإذا كان متوسط دخل الفرد في أميركا 21500 دولار سنوياً، فإن الرقم يصل في هذه المقاطعة إلى 37000، ويصل متوسط دخل الأسرة فيها إلى 92000 دولار سنوياً، كما خرج من ولاية فيرجينيا أيضاً ثمانية من الرؤساء الأميركيين، هم كل من : جورج واشنطن، جيفرسون، ماديسون ، منرو ، هاريسون ، تايلر ، تيلور ، وولسن ، ولهذا تسمى ولاية الرؤوساء .
سيرة ذاتية
وفي السيرة الذاتية فإن مايكل منير، ابن محافظة المنيا في صعيد مصر، اشتهر خلال السنوات الماضية كأحد أبرز نشطاء حقوق الإنسان والحريات العامة، وقد أدرك مبكراً أهمية العمل والتحرك من خلال كيانات المجتمع المدني، فأسس في العام 1996 منظمة أقباط الولايات المتحدة التي يرأسها حتى الآن، وله حضور إعلامي داخل الولايات المتحدة وفي المنطقة العربية، كما شارك في عشرات الفعاليات السياسية التي لم تقتصر اهتماماتها على المسألة القبطية أو المصرية فحسب، بل تجاوزتها إلى آفاق أخرى إقليمية ودولية أرحب، من خلال أنشطته واتصالاته بالعديد من الشخصيات والمنظمات الحكومية والأهلية في أنحاء شتى حول العالم .
وأخيراً تبقى الإشارة إلى أن الحملة الانتخابية لمايكل منير كشفت عن أمر بالغ الأهمية، لا توليه السياسة المصرية أهمية يستحقها، وهو القوة المالية الكامنة في المجتمع القبطي، فقد جمع منير ـ حسب بياناته الرسمية ـ كمية من الأموال صنفت في المرتبة الثانية بالنسبة للمرشحين عن ولاية فرجينيا في الحزب الجمهوري، وكافة هذه الأموال جاءت من مجتمع المهاجرين الأقباط، وبالتالي فقد رسخت لدى الحزب الجمهوري قناعة مؤداها أن هذا المجتمع القبطي قادر على تمويل الحملات الانتخابية، ومع أن هذه الأموال أتت من شخصيات معروفة في الوسط القبطي، لكنها في نهاية المطاف أثبتت جدارة هذا الوسط بالمشاركة في العملية السياسية وقدرته على تمويلها، وهذه سابقة سوف تسجل في الحزب الجمهوري، وبناء عليها ـ كما يقول مجدي خليل ـ يمكن لآخرين ترشيح وتقديم أنفسهم على أنهم ينتمون إلى مجموعة من المهاجرين يمولون العمل السياسي والاجتماعي طواعية، ومن ثم فمن المنطقي أن تؤخذ "أجندتهم" بعين الاعتبار في القضايا التي تعنيهم على الأقل، وهو ما لا يريد البعض في "بلد المنشأ"، مصر، استيعابه ليبادروا بالاستفادة من "أقباط المهجر" بدلاً من إطلاق الاتهامات الجزافية عليهم، وحذفهم من خارطة الوطنية، بجرة قلم لكائن من كان .