المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أبوجسوم : حكموا علي بالإعدام والناس بكوا



تشكرات
05-13-2017, 12:21 AM
http://alqabas.com/wp-content/uploads/2017/05/1weferw.jpg

القطان أبو جسوم

محرر القبس الإلكتروني 12 مايو، 2017


جاسم عباس |

الحنين إلى الأيام الخوالي يبقى الجامع المشترك بين الرعيل الأول ومن عاش في الكويت في عصر ما قبل النفط أو في مرحلة الاستقلال وما بعدها. وفي هذا اللقاء رحلة مع الذكريات، ومع الماضي، نغوض في ثناياه، فنبحث وننقب عنه، مع الذين عايشوه، تسجل لهم صفحات من عبق التاريخ ففيه رسالة وعبرة للاجيال.

حدثنا الممثل حسين سليمان القطان (الملقب بـ «أبي جسوم»)، عن مهنة القطان؛ وهو الشخص الذي يقوم بتجهيز القطن ونفشه وحشوه في أكياس من القماش لعمل الفرش والمطارح والمساند: «جدّنا كان يعمل في هذه المهنة، لذلك أسمونا «القطان»، ونحن من القطاطين والحدادة مهن الآباء. جدّنا هاجر إلى الكويت من المدينة المنورة، وسكن حي الوسط بين شرق الديرة وغربها في فريج القناعات. من جيراننا «أم باشك» وهي امرأة كانت تسكن المنزل لوحدها، وأغلب البيوت بالقرب منا من أهالينا وإخواننا القناعات، ومن ثم انتقلنا الى دروازة العبدالرزاق وفريج المرهون، ثم القادسية والروضة، التي كانت تسمى العديلية الشرقية».

قال القطان أبو عادل المعروف بــ «أبي جسوم»: «أنا من مواليد 1926 في حي الوسط ولدتني الولادة المعروفة فاطمة عبدالعزيز القطان».

قال: درست في المدارس الليلية، مدرسة النجاح، ثم مدرسة الصباح الأولى، تأسست عام 1948 في منطقة الشرق، لم أكمل دراستي، وصلت إلى الأول المتوسط بسبب الزواج المبكر، ورزقني ربي سبحانه بـ12 ولداً (درزن)، توفي واحد منهم، تركت الدراسة لأن زوجتي أم عادل تطلب مني أن آخذ أحد الأولاد إلى الطبيب، كل يوم أستأذن من المدرسة حتى فصلت وخرجت بسبب كثرة الأولاد، علماً بأن العلم جوهر الحياة، والمعلم كان يسقي المتعلم بكل ما عنده، ولا يغفل عن تلميذه، لأن المعلم لا يكون إلا صادقاً، وهو الذي لجأ وعلم وأعطى، والمجتمع أخذ الثمار، الشباب قادوا إلى مرتفعات الحياة، فالدراسة حياة وحركة واكتشاف دائم، والطلاب كانوا ولعون بالتفتح المستقبلي.


http://alqabas.com/wp-content/uploads/2017/05/2EAWFER.jpg

أبو جسوم بملابسه الشهيرة

العمل بالحدادة

تحدث أبو عادل عن بداية أعماله، كان عمره 11 سنة، عمل بالحدادة عند عمه حسن مع أخيه حسن، بالقرب من مسجد السوق الكبير، قال: صنعت المسامير والقدوم والمطرقة والسندانة، وأول آلة صنعتها «منكَر» منقر من لوازم النجارين لنقر الأخشاب للحفر فيها، وحملت المطرقة الحادة لضرب الحديد، ونبشت الفحم بالمحواش، وقطعت الحديد بالمقطاع، والصمبة لثقب قطعة الحديد.

وأضاف: ازداد الطلب على عدد من هذه الصناعات، خصوصاً «منكَر» لقوته وجودته وحسن صناعته، كأنه مستورد من الخارج.

وصنعت «المندور» لربط الأغنام من عنقها، فكل صاحب مهنة وحرفة كان يستخدم عدته من الحداد، وصنعنا البتات والجلاليب والمزلاج لقفل الباب من الداخل والمفتاح من الخارج.

.. وفي البناء

قال: عملت في البناء مع الأستاذ «البحوه»، سمينا «البناي»، بنينا غرفاً في قصر دسمان، وفي قصر الشعب، وقصر الشيخ صباح السالم الصباح، وقصر الشيخ فهد السالم في السالمية، وأتذكر كان عمري من 15 – 16 سنة، كنا في موقع العمل من الصباح الباكر، وننصرف مع اذان المغرب، أزلنا الجنادل من الغرف في الأسقف، وضعنا خشب المربع «أبوحز»، وهذا كان تطوراً في عالم البناء في الكويت، وأبو حز طول اللوح المربع الواحد نحو أربعة أمتار، وقال: أنا عملت عدداً من الأبواب والشبابيك لدائرة الأشغال عندما كنت نجاراً عندهم، راتبي من بداية عملي كان نصف روبية في اليوم

ثم 12 آنة في دسمان، ثم روبية ونصف، وفي دائرة الأشغال (10 روبيات)، وعملت في الجيش بــ600 روبية في تنظيف البنادق وفكها وتركيبها، وكنا نتسلم رواتبنا اليومية عند صراف جالس على الأرض أمامه أكواد (أكوام) من النقود.. كل من يسمع اسمه يأخذ نصيبه، والكود من الجود العطاء.

عائلة أبو جسوم

عن بداية التمثيل قال: كنا طلاباً في مركز مدرسة النجاح لمحو الأمية، والدراسة كانت في المساء، طُلب منا أن نرفع أيدينا لمن يعرف التمثيل أو من يرغب في هذه اللحظة تذكرت أحد كبار السن في فريجنا كان يجلس دائماً ويتردد على الديوانية يرتدي عقال شطفة من الحرير مخرز بالزري، وكنت أتمنى أن أضعه على رأسي والله سبحانه أعطاني هذه الأمنية عندما رفعت أصبعي وافقت على التمثيل، وبدأت أقلده في اللبس والمشي وكل حركاته، وألفظ كلمة الشؤون (الشعون) وكان يشجعنا المرحوم حمد الرجيب ونقلوا تفاصيل التمثيلية للشيخ مبارك العبدالله الجابر الصباح رئيس الأركان العامة للجيش الكويتي، طلبنا رحمه الله في الجيش كان معي المرحوم «رويشد» موسى الهزيم، وعبدالوهاب الدوسري بدور الحجية

وجسوم، وعلي القطان ومحمد الحشاش، وابراهيم الناصر، وطلبت حياة الفهد أن تكون معنا في «عائلة ابو جسوم» فوافق والدها، كانت تعمل ممرضة في الصحة المدرسية. ومن هؤلاء تكونت فرقة أفرادها من الجيش الكويتي، ظهرنا في الإذاعة الكويتية في بدايتها، ونجحنا ولله الحمد لأن تمثيلنا من صميم الحياة في الكويت، واتسعنَّا فوصلنا إلى التلفزيون، وأول تمثيلية كانت «خروف العيد»، وقام الاستاذ محمد السنعوسي بتشجيعنا، وهذه الحركات كلها كانت من تأليفنا، وكاتبنا محمد الحشاش، وأول تمثيلية لعائلة أبو جسوم عام 1957م، ومن هذه العائلة خرجت 200 حلقة مدة الواحدة من 30 – 40 دقيقة، و4 مسرحيات في مسرح الخليج وفي الإذاعة مئات الحلقات، وحلقات التلفاز لا ننساها خاصة «الهارب»
حُكم عليَّ بالإعدام في التمثيلية، أحضروا المشنقة والعشماوي الذي ينفّذ الحكم، جاءوا به من القاهرة بشخصه، وكان موقع الإعدام على «السيف» أمام الناس.

راحوا يبكون ويلطمون على وجوههم، ويقولون: حرام هذا نعرفه، اعتقاداً منهم أن الصلابة (المشنقة) صحيحة، وعندما وضعوا الحفل في عنقي كنت خائفاً، على الرغم أن العملية كلها تمثيل، ولله الحمد نجحنا في أدوارنا مع فرقة أبو جسوم، ولم يبق من عشرة ممثلين في الفرقة إلا أنا «أبو جسوم» والحجية «أم جسوم»، وعبدالمحسن الدوسري شافاه وعافه الله تعالى، وهو مريض يعالج في المستشفى الأمريكاني في تايلند.

وأضاف: علاقتي مع الفنانين جيدة، خاصة الفنان عبد الحسين عبد الرضا فوق الفوق، وكلهم الحمد لله، وكم كنت أتمنى أن تستغل فرقة أبو جسوم استغلالا جيداً وأفضل، ولكن لكل شيء نهاية، ونهاية أبو جسوم آلام في الركبة والنظر تحت الصفر، وأنت جالس عندي ما أشوفك.

http://alqabas.com/wp-content/uploads/2017/05/4EWFER.jpg

طنطل


الجدري والطاعون

قال القطان: أوبئة تعرّضت لها الكويت في تاريخها، وأنا استخلصها من أفواه الآباء والأجداد، وشاهدت وعشت الجدري ومرض الطاعون الصغير لبعض الناس، وليس الطاعون الكبير الذي سمى المرض الأسود، الذي أفنى الكثيرين في المنطقة كلها، أمراض منها: الكوليرا، والإنفلونزا والسل وأمراض العيون، بالإضافة إلى أمراض الغاصة.

وأضاف: لقد شاهدت بنفسي طفلاً صغيراًَ دفنه أحد أقاربه في حفرة، ووضع التراب عليه، إلا رأسه أخذ يبكي، ويقولون هذا علاج الجدري، أخذته كان عمره أشهرا، وضعت أصبعي في فمه، أخذ يمصه كحليب أمه، وسلمته لجارنا، كان اسمه مامد، وكثير من هذه الحالات تكررت، والكويتيون تعرّضوا لداء الملاريا والسل والتهاب الأذن والجلدية، وكانون يتعقدون بالعلاج الشعبي، ومنهم كان يعالج بالإرسالية الأمريكانية، وأنا إلى الآن إذا تعرّضت لمرض أضيف إلى دواء الطبيب بعضاً من الأعشاب، وهذه تفيد في كثير من الأمراض.

المرح المثير

وتحدث عن ألعابنا الشعبية التي انقطعت وضاعت ولم نحافظ عليها: كانت مسلية ومرحة ومثيرة، هذه الألعاب قوّت العلاقات بيننا، وأعطتنا الصبر والشجاعة والإيثار والتعاون، كما قال الشاعر أبو القاسم الشابي:

أيام لم نعرف من الدنيا سوى مرح السرور.

وقال الشاعر الشابي: فكأننا نحيا بأعصاب من المرح المثير.

ألعاب نلعبها في الأحياء القديمة في السكيك والبرايح وفي الحفر، وكثير منا نمت مواهبهم. ألعابنا الشعبية كثيرة ومتنوعة، منها للبنات وللأولاد، لا ننساها، قضينا فيها ساعات طويلة، منها: المعجالة والوقواقة واللومية والتبيلة ولعبة طاق طاق طاقية والدرابيح واللبيدة والهول. وللبنات نصيب كبير من هذه المسليات المربيات: الخبصة والحيلة والصميمكة والشروكة ولعبة أم أحمد، وهيبلة وهببلة، هذه الألعاب أدواتها من صنع أيدينا ومبتكراتنا».

طنطل

شاع أيام زمان أقاويل وخرافات عن وجود أجسام غريبة نشاهدوها في السماء أو بين البيوت، والاعتقاد بالفأل والحظ والحسد والجبسه، أمّا هو فقال: «أنا شاهدت طنطلاً أمامي، ولكن تبين بعد ذلك أن الجسم الطويل القامة ويلبس السواد ودائماً اسمه يتكرر على لسان أهالينا تخويفاً لنا لكي لا نخرج في الليل، وأنا خارج شاهدت على جانب الحائط هذا الطنطل، كلما أسير يسير معي، الخوف أخذ يسيطر عليّ أكلمه وأتوسل إليه ألا يخطفني وأقول له: يا طنطل أنت صديقنا ومعنا دائماً اتركني، تبين بعد ذلك وبالتأكيد أن هذا المنظر لمجموعة من الأولاد تحت الحائط وهم في حالة متمددين نياماً، وضوء القمر يسلط على الحائط المغطى بتفل القهوة، اعتقدت انه الطنطل، وأنا في حالة وهم وخوف، خرافات كثيرة سمعناها مثل صب الرصاص والمحو، وإحضار الجن».

الطمبورة

تحدَّث أبو جسوم عن الطمبورة، فقال: بالقرب من بيتنا تقام حفلات في منزل صغير، تُقرع فيه الطبول مع آلة وترية، وتقام في أيام الخميس والجمعة، عدا أيام شهر رمضان المبارك، تسمى هذه الحفلة «الطمبورة» أو «الطنبورة»، المشاركون كانوا يجلسون في حلقة، يتوسطها راقص بيده عصا، ويهز وسطه المثقل بأظافر الأغنام، وعندما يهز خاصرته تسمع الأظافر تطربك، وتسمى «الظلوف».

وأنا شاركت معهم مرة واحدة بالتصفيق وبعض الأصوات، وكان البخور يعبِّق مكان الحفل.

حفرة السيل

عن حفرة السيل، قال: في فريجنا حفرة، تجتمع فيها مياه الأمطار، وفي كل حي حفرة أو أكثر، والحفرة التي يحفرها شخص ما تسمى باسمه، وحفرتنا تسمى «حفرة أبو بدر»، وفي الأيام غير الممطرة كنا نلعب فيها، ونصيد منها الطيور، والبناؤون كانوا يتخذون منها الطين لبناء المساكن، وفريجنا «حي الوسط» لم نعرف الهوشات (المشاجرة)، ولم نتلفّظ بألفاظ «بطالية» على بعضنا، ولم نتشابك بالأيدي، ولا نعرف العنف، كنا أخوة في العلم والجوار، والمحبة في الله، أخوة بلد وحي، ونعرف واجباتنا نحو بعضنا، نتعانق معاً، كنا جسداً واحداً، كل يعمل لمصلحة الآخرين.

شاوينا خلف

تحدّث عن راعي الأغنام، الذي له شأن ومكانة عندنا، كان يأخذ أغنامنا ويسرحها صباح كل يوم، يبقى معها إلى قبل أذان المغرب، ويعود ونعلم بعودته من الغبار الذي خلّفه وراءه، وكان مع الشاوي (راعي الأغنام) حماره الذي يستغله لحمل أمتعته، ويتقاضى أجوراً شهرية (حوالي روبيتين في الشهر) على كل رأس من الأغنام، وإذا لاحظ أن التيس أو الخروف قد اعتلى إحدى السخول أو النعاج فيتقاضى بدل «كراعة»، وإذا رُزقت بمولود أيضا يأخذ نظير عنايته، شاوي فريجنا معروف، اسمه شاوي خلف، كان يسرح بأكثر من 200 رأس، وعند عودته كل إسخلة أو نعجة تعرف طريقها إلى بيتها، وبعض الأهالي يأتون لملاقاة أغنامهم، وأما حلالنا فواحدة منها لها قرون مع اثنتين إذا وصلت إلى البيت وجدت الباب مغلقاً إسخلة أم القرون تطرق الباب بقرونها.

وقال: خبازنا تنوره في الأرض، يختلف عن التنور الحالي في الحائط يلصق الخبزة في التنور، بعد أن ينقرها بواسطة رؤوس أصابعه، وكانت الوالدة تعمل خبز الرقاق بواسطة التاوة، وأكلنا خبز الكليجة، وخبز طوالي يمط الخباز بالعجينة، وخبزة صغيرة، نسميها «الحنوة» للأطفال.

زيارة محمد الخامس

قال: أثناء زيارة الملك محمد الخامس للكويت عام 1960م طلبوا من والدي (سليمان القطان) أن يعمل له فراشاً من القطن على شكل مربع في جوانبه مخدات، وأتذكر طلبوا منا أن نقف في الشارع لتحيته واستقباله، وزيّنت الطرقات بسعف النخيل، جاءوا بها من البصرة، ووضعنا كل 4 إلى 5 سعفات في الأرض للزينة، وكل من يشاهدها (السعفات) يقول إن الكويت فيها نخيل.

أمثال دارجة

● اللي ما يغني الله تعبان.
● اللي ما له أول ما له تالي.
● اللي ما له دار كل يوم له جار.
● اللي ما يطيع يضيع.
● اللي يقعد عند الحداد يصبر على شراره.

● التضميز هو صكاط يعالج اللوزتين بنوى التمر أو بجلة البعير.
● تعتل بمعنى تعلق وتدلى بالحبل أو الخشبة.
● أشهر ختان أحمد عبد الرزاق الهندي، كان يقول لنا شوف الطير عندما نرفع الرأس ينكب بعمل المطلوب منه. كانت مناسبة سعيدة للأهل ولنا تعيسة.

● محترفون انمحوا: المطرب ينادي بضياع أشياء.
● المودي يعمل على مساعدة الآخرين ليوصل البضاعة إلى بيته خاصة البقر والغنم.
● راعي الرماد يتجول في الأحياء منادياً «من عنده رماد» لاستخدامه في ترميم أسطح المنازل.

http://alqabas.com/393439/