Osama
05-30-2005, 04:02 PM
احمد الصراف
اختتمت قبل ايام اعمال مؤتمر «الوسطية منهج حياة» الذي اقامته الاوقاف والذي مول من قبلها من اصل مبلغ الملايين الخمسة، الذي لم يتبق منه الكثير، وهو المؤتمر الذي شاركت فيه وفود جاءت من كل فج عميق تنتمي أفكار غالبية اعضائها إلى عصر غير عصرنا ووقت غير وقتنا.
ومن الطريف، ان اجتماعات المؤتمر لم تختلف كثيرا عن اجتماعات الليبراليين. فدعوات المشاركة والحديث وادارة الجلسات خصصت لجماعة محددة، دون مشاركة فعالة للقوى الاخرى المعنية اصلا بموضوع المؤتمر، والمقصودة بخطاب الوسطية في المقام الاول. كما كانت صبغة غالبية من شاركوا في ادارة جلسات المؤتمر اكثر ميلا للتطرف منها لاي امر اخر، فقد كانوا من غلاة المتطرفين المعروفة آراؤهم في المسألة الافغانية، سواء في عهد طالبان الذي تعاطفوا معه حتى الثمالة او قبل او بعد ذلك. كما كان عدد لا بأس به منهم، ولايزال، من المتعاطفين مع نظام صدام ومن المعارضين الشرسين للتدخل الاميركي في العراق، ومن المرجح ان تطرفهم هذا سيبقى مستقبلا دون تغيير.
ومن قراءة سريعة لتوصيات المؤتمر ولبعض الاقتراحات التي وردت فيه نكتشف مدى سذاجة المشروع، وقلة حيلة من شارك فيه، وكأننا بعد كل «الويلات والمصائب» التي مرت بنا نتيجة للتطرف الفكري والغلو الديني لم نتعلم شيئا!
لا يكفي ان نقول ان الوسطية هي الاسلام وانها معنية، في بعدها الحضاري، بتحقيق الامن والسلام العادل للبشرية، ولا يكفي ان نقول إن الوسطية تعني الانفتاح بإيجابية على الحضارات الاخرى وقبول تنوع وتعدد اعتقادات الاخر، ولا تقوم في الوقت نفسه، في ظل الوضع الشديد التطرف الذي تتعامل به انظمة غالبية الدول الاسلامية مع الاقليات غير المسلمة فيها، بإصدار ولو توصية يتيمة تتعلق بهذا الجانب.
فالبرغم من الطابع الانشائي لتوصيات المؤتمر، وعلم من صاغها بأن مصيرها سينتهي في احد الادراج، فإن المشاركين فيه فشلوا في تحقيق الحد الادنى من اهدافه او حتى التخفيف من مخاوف الطرف الاخر.
فقد فشل المؤتمر مثلا في جذب الفئات المعنية بالتطرف لمناقشة افكارها ومعرفة ما يقلقها حقا، وما يجعلها تصر على تطرفها وغلوها. كما قام المشرفون على المؤتمر في الوقت نفسه، بتسليم غالبية انشطته لجهات معروفة بتطرفها المسبق وغلوها الديني قبل واثناء، وحتى بعد انتهاء المؤتمر من اعماله.
كما فشل المؤتمر في الخروج ولو بتوصية واحدة يمكن ان تكون عامل تهدئة لروع الطرف غير المسلم، وهو الطرف الاخر المعني بموضوع الوسطية. فمن غير المجدي قيام المشاركين بالتحذير من الانحراف في فهم الدين ولا تصدر في الوقت نفسه توصية واحدة تطالب حكومات الدول الاسلامية، والخليجية بالذات، بالتساهل في موضوع انشاء دور العبادة لأتباع الديانات الاخرى.
كما خلت التوصيات من ضرورة قبول الطرف الاخر، ايا كان دينه، وتقبل عاداته وتقاليده المتعلقة بممارسة طقوسه الدينية المتعلقة بالزواج او الدفن وغير ذلك من الشعائر.
من المضحك، او ربما من المبكي، ان اختتام اعمال المؤتمر تزامن، في استجابة حضارية وانسانية تقدمية مع توصياته، مع التظاهرة العظيمة التي قام بها بعض سكان احدى المناطق «النموذجية» والتي طالبوا فيها بمنع احد البنوك المحلية من فتح فرع في منطقتهم لانه «ربوي»! كما منعت الجمعية التعاونية للمنطقة نفسها بيع اكثر من 40 مطبوعة في فروعها!
عاشت الوسطية وعاشت وزارة الاوقاف وعاش وزيرها، وهنيئا لاهل الوسطية بمبلغ الخمسة ملايين دينار!
ahmed@namedco.com
اختتمت قبل ايام اعمال مؤتمر «الوسطية منهج حياة» الذي اقامته الاوقاف والذي مول من قبلها من اصل مبلغ الملايين الخمسة، الذي لم يتبق منه الكثير، وهو المؤتمر الذي شاركت فيه وفود جاءت من كل فج عميق تنتمي أفكار غالبية اعضائها إلى عصر غير عصرنا ووقت غير وقتنا.
ومن الطريف، ان اجتماعات المؤتمر لم تختلف كثيرا عن اجتماعات الليبراليين. فدعوات المشاركة والحديث وادارة الجلسات خصصت لجماعة محددة، دون مشاركة فعالة للقوى الاخرى المعنية اصلا بموضوع المؤتمر، والمقصودة بخطاب الوسطية في المقام الاول. كما كانت صبغة غالبية من شاركوا في ادارة جلسات المؤتمر اكثر ميلا للتطرف منها لاي امر اخر، فقد كانوا من غلاة المتطرفين المعروفة آراؤهم في المسألة الافغانية، سواء في عهد طالبان الذي تعاطفوا معه حتى الثمالة او قبل او بعد ذلك. كما كان عدد لا بأس به منهم، ولايزال، من المتعاطفين مع نظام صدام ومن المعارضين الشرسين للتدخل الاميركي في العراق، ومن المرجح ان تطرفهم هذا سيبقى مستقبلا دون تغيير.
ومن قراءة سريعة لتوصيات المؤتمر ولبعض الاقتراحات التي وردت فيه نكتشف مدى سذاجة المشروع، وقلة حيلة من شارك فيه، وكأننا بعد كل «الويلات والمصائب» التي مرت بنا نتيجة للتطرف الفكري والغلو الديني لم نتعلم شيئا!
لا يكفي ان نقول ان الوسطية هي الاسلام وانها معنية، في بعدها الحضاري، بتحقيق الامن والسلام العادل للبشرية، ولا يكفي ان نقول إن الوسطية تعني الانفتاح بإيجابية على الحضارات الاخرى وقبول تنوع وتعدد اعتقادات الاخر، ولا تقوم في الوقت نفسه، في ظل الوضع الشديد التطرف الذي تتعامل به انظمة غالبية الدول الاسلامية مع الاقليات غير المسلمة فيها، بإصدار ولو توصية يتيمة تتعلق بهذا الجانب.
فالبرغم من الطابع الانشائي لتوصيات المؤتمر، وعلم من صاغها بأن مصيرها سينتهي في احد الادراج، فإن المشاركين فيه فشلوا في تحقيق الحد الادنى من اهدافه او حتى التخفيف من مخاوف الطرف الاخر.
فقد فشل المؤتمر مثلا في جذب الفئات المعنية بالتطرف لمناقشة افكارها ومعرفة ما يقلقها حقا، وما يجعلها تصر على تطرفها وغلوها. كما قام المشرفون على المؤتمر في الوقت نفسه، بتسليم غالبية انشطته لجهات معروفة بتطرفها المسبق وغلوها الديني قبل واثناء، وحتى بعد انتهاء المؤتمر من اعماله.
كما فشل المؤتمر في الخروج ولو بتوصية واحدة يمكن ان تكون عامل تهدئة لروع الطرف غير المسلم، وهو الطرف الاخر المعني بموضوع الوسطية. فمن غير المجدي قيام المشاركين بالتحذير من الانحراف في فهم الدين ولا تصدر في الوقت نفسه توصية واحدة تطالب حكومات الدول الاسلامية، والخليجية بالذات، بالتساهل في موضوع انشاء دور العبادة لأتباع الديانات الاخرى.
كما خلت التوصيات من ضرورة قبول الطرف الاخر، ايا كان دينه، وتقبل عاداته وتقاليده المتعلقة بممارسة طقوسه الدينية المتعلقة بالزواج او الدفن وغير ذلك من الشعائر.
من المضحك، او ربما من المبكي، ان اختتام اعمال المؤتمر تزامن، في استجابة حضارية وانسانية تقدمية مع توصياته، مع التظاهرة العظيمة التي قام بها بعض سكان احدى المناطق «النموذجية» والتي طالبوا فيها بمنع احد البنوك المحلية من فتح فرع في منطقتهم لانه «ربوي»! كما منعت الجمعية التعاونية للمنطقة نفسها بيع اكثر من 40 مطبوعة في فروعها!
عاشت الوسطية وعاشت وزارة الاوقاف وعاش وزيرها، وهنيئا لاهل الوسطية بمبلغ الخمسة ملايين دينار!
ahmed@namedco.com