المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أمل واعد لمرضى السكري



yasmeen
05-30-2005, 06:07 AM
تطور زراعة البنكرياس حتى اليوم: قصة النجاحات الطبية الباهرة


الرياض

د. حسن محمد صندقجي
* استشاري الباطنية والقلب في مركز الأمير سلطان للقلب


http://www.asharqalawsat.com/2005/05/30/images/health.302465.jpg


يتجاوز اليوم عدد المصابين بمرض السكري 130مليون إنسان في كافة أرجاء العالم، و تؤدي الإصابة به الى قائمة للعديد من المشاكل الصحية كالعمى والفشل الكلوي وأمراض شرايين القلب والدماغ بكل مضاعفاتها وبتر الأطراف وغيرها. وما فتئ الأطباء والباحثون يتناولون البحث في أسبابه وعلاجه من كل جوانبه منعا لحصول هذه المضاعفات.والسكري مرض يظهر نتيجة لعدم توفر هرمون «الأنسولين» في الجسم بالقدر اللازم للتعامل السليم مع السكر السابح في الدم، بما يعيق استفادة الكثير من خلايا الجسم منه، وبالتالي يتراكم وتعلو نسبته فيه وهو ما يظهر في تحليل الدم. ويتم إفراز هذا الهرمون من البنكرياس، ذلك العضو الموجود في البطن.

داء السكريإن قصور أداء البنكرياس في إفراز هرمون «الأنسولين» لدى مرضى السكري يتخذ نوعين هما:

الأول: مرض السكري من النوع الأول وهو ما يصيب في غالب الأحوال صغار السن نتيجة تلف خلايا «أيسلت» الموجودة في البنكرياس والمسؤولة عن إفراز هذا الهرمون. وتتعدد أسباب نشوء هذا النوع لكن اغلبها يحصل نتيجة الإصابة بالتهابات جرثومية في الجسم كما في الجهاز التنفسي وغيره، مما يثير تفاعلات يضطرب على إثرها جهاز المناعة في الجسم فتتلف هذه الخلايا الحيوية نتيجة لذلك.

الثاني: مرض السكري من النوع الثاني وهو ما يصيب متوسطي و كبار السن في الغالب، نتيجةً للإجهاد والإرهاق الذي يعتري خلايا البنكرياس إذا ما اُضطر لإفراز كميات عالية من «الأنسولين» بشكل متواصل كما في حالات السمنة مثلاً. كما وتلعب العوامل الوراثية دوراً هاماً في نشوء هذه الحالة. في النوع الأول ينعدم تقريباً إفراز «الأنسولين» بما يستدعي علاجه بحقن «الأنسولين» مباشرة، أما النوع الثاني فتختلف حاجة المرضى لأنواع العلاج نظراً لوجود «الأنسولين» في الجسم لكن بشكل غير كاف، فمنهم من تتمكن عدة أنواع من الحبوب الدوائية تعديل قصور إفراز «الأنسولين» لديهم والبعض الأخر ربما استدعى الحال استخدامهم حقن «الأنسولين».

ز راعة البنكرياس منذ خمسينات القرن الماضي ظهرت فكرة زراعة البنكرياس كحل علاجي جذري لمشكلة مرضى السكري، واتخذ الأمر نوعين من أنواع الزراعة، وهما:أولا: زراعة البنكرياس كاملاًتمت أولى محاولات هذا النوع من الزراعة في جامعة «مينوسوتا» بالولايات المتحدة عام 1966م، وتطورت عبر السنوات، ووفق نشرات «مايو كلنك» إحدى أهم ثلاثة مراكز في الولايات المتحدة لزراعة البنكرياس كاملاً فقد تمت لحوالي 14 الف إنسان في الولايات المتحدة وحدها حتى عام 2003. وتتم اليوم زراعة البنكرياس بهيئته الكاملة ضمن ثلاث حالات، إما زراعته مع زراعة الكلى في عملية جراحية واحدة، أو زراعته في عملية منفصلة لاحقة بعد زراعة الكلى أو تتم زراعته منفرداً عن الحاجة لزراعة الكلى. والسبب في ارتباط زراعة الكلى بزراعة البنكرياس في كثير من الحالات هو أن اغلب حالات الفشل الكلوي المستدعية لزراعة الكلى يصاحبها وجود مرض السكري.

ويؤدي علاج مرض السكري المصاحب بشكل جذري عبر زراعة البنكرياس إلى تحسن الحالة الصحية للمرضى في الغالب.وتجرى الزراعة لمرضى السكري وفق مواصفات معينة أهمها أن يكون المرض من النوع الأول المتقدم الذكر لدى من يصعب التحكم بحالتهم الصحية، وذلك باستخدام بنكرياس إنسان سليم من مرض السكري ومتوفى دماغياً، وتستغرق العملية الجراحية حوالي ثلاث ساعات يزرع أثناءها البنكرياس في أسفل تجويف البطن، ويجري توصيل قنوات البنكرياس المزروع التي تجمع إفرازات عصارته من خلال فتحة إلى المثانة لتخرج مع البول ذلك أنه لا يحتاجها، ويتم الإبقاء على البنكرياس الأصلي للمريض بمعنى أنه لا يستأصل أثناء العملية الجراحية.وككل عمليات زراعة الأعضاء فإن أهم المشاكل بعد التغلب علي مشكلة وجود المتبرع هما منع حصول رفض الجسم للعضو المزروع ومنع ظهور مضاعفات تناول الأدوية المخفضة لمناعة الجسم اللازمة للحيلولة من دون رفض الجسم للعضو المزروع على المدى البعيد.

ويشير الباحثون من «مايوكلينك» الى أن رفض البنكرياس المزروع أشد في حالة زراعته منفرداً أي من دون زراعة مصاحبة للكلى، وأن الأدوية الخافضة للمناعة الحديثة أظهرت نتائج أفضل في منع رفض الجسم للزراعة لتصل نسبة النجاح خلال السنة الأولى 80%. ثانياً:

زراعة خلايا «أيسلت» وهو ما يعد اليوم أفضل وسيلة لعلاج مرض السكري إذا ما كتب النجاح لعملية الزراعة. ويتم هذا النوع من زراعة البنكرياس بحقن كبد المريض بمرض السكري بخلايا «أيسلت» عبر الجلد لتستقر في الأوردة الكبيرة داخل الكبد و ذلك تحت توجيه و توضيح الطريق لطبيب الأشعة الذي يجري هذا النوع من الزراعة بالأشعة الصوتية غالباً ليتمكن من إفراغ هذه الخلايا في المكان المناسب داخل الكبد.

وهي من الناحية التقنية غاية في البساطة، يكون المريض المتلقي للزراعة مستيقظا ويرى كل الخطوات التي تتم ولا يستغرق الأمر أكثر من ساعتين يستطيع المريض الذهاب بعدها إلي المنزل في اليوم التالي. بيد أن الصعوبة هنا في جانبين لا علاقة لهما بالمريض، الجانب الأول يتعلق بالحصول على البنكرياس إذْ في غالب الحالات لا يكفي بنكرياس واحد من إنسان متوفى دماغياً أو توفي للتو قبل نزع البنكرياس منه بل يلزم عدد منه للحصول على الكمية اللازمة من خلايا «أيسلت» كي تنجح الزراعة، والجانب الثاني هو التقنية العالية للمختبر الذي يقوم بعمليات التنقية والتصفية لأنسجة البنكرياس المراد استخدامه في الحصول علي الخلايا وحدها بهيئتها الصافية.

فخلايا «أيسلت» لا تشكل سوى 2% من مجموع خلايا البنكرياس كاملاً. وكما يشير الباحثون من مستشفى «البرتا» بمدينة «أدمنتون» في كندا الذي يعد من أهم مراكز هذا النوع من الزراعة على مستوى العالم وأوسعها خبرة الى أن كل مريض يحتاج إلي كمية من الخلايا تفوق ما في مقدور المختبرات علي استخلاصه من بنكرياس إنسان متبرع واحد، وأن اغلب المرضى يحتاجون إلي الحقن أكثر من مرة كي يتم زرع ما يكفي الجسم من خلايا «أيسلت».