المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السيد محمد صادق الصدر وتسييس العقيدة الإسلامية في الحوزة والمجتمع



مجاهدون
05-30-2005, 12:03 AM
كتابات - امجد حامد

لابد ومن البديهيات والمؤكدات ان لكل عمل مسوغاته ولكل منطلقات اهدافها ولكل ظاهرة حدثها المؤثر والمؤثر (بفتح ث الثانية) الذي انجبها ، وفي مثل هذه الحالات يجب علينا تمييز ماهو يدر خيرا للمجتمع وما يكون نقمة ووباء عليها وهذا الحديث ينطبق على أي ظاهرة سياسية كانت اواجتماعية اواقتصادية وما الى ذلك.



لذا عندما تولد تلك الظاهرة ومنذ نعومة اضافرها يتصدى لها من لايراها تناسب قياسه فيحاربها ايها محاربة بشتى ما أوتي من قوة وبشتى الوسائل المادية والمعنوية لذا فتكون هذه الرغبة اي الوقوف ضد تلك الظاهرة هي رغبة مصلحية شخصية ولايمكن تصنيفها في اطار خدمة المجتمع وليست نابعة من مصلحة الكل لابل من مصلحة الفرد نفسه لان هذا الكل لايرتقي الى مستوى طموحاته واحلامه الوردية ولايهمه الا خندقه الذاتي لذا يسعا جاهدا الى طمر واخفاء هذه الظاهرة حتى وان كانت ظاهرة نابعة من معاناة المجتمع ومتحسسه لما في داخله وما يحدث في حيثيات ذلك المجتع ، اضافة الى ذلك نشاهده ((واعني من يقف ضد الظاهرة)) يرفضها رفضا قاطعا ولايسعى وراء تغيير مفاهيمه التي ورثها والتي ورثت اليه عن طريق (العلماء ، الشيوخ ، العلمانيين ، اللبراليين ، الشيوعيين ، القوميين) التي قد يكون خطأها وصحتها 50% ، فضلا اذا حس ان هذه الافكار التي يحملها غير قريبة من الصحة وغير بعيدة عن الخطأ كل ذلك وهو متصنم اتجاه الظاهرة الجديدة .



لذا علينا في مستهل بحثنا ان نقسم الحالة الموقفية للافراد اتجاه الظاهرة وهي على ثلاث مواقف احداهما تناقض الاخرى ولا يمكن تجمعها في أي حال من الاحوال وهي :-



الموقف الاول :- هذا الاتجاه وقد بيناه قبل قليل يتخذ من موقفه المتزمت الرافض سلاحا له وهو لايأبه لكل ظاهرة مستجدة ويمكن تسميته بالعامية (قافل) لذا فهو متمسك بما اعتاد عليه منذ سنوات عديدة من سلوكيات وافعال فلا تجده يصطدم مع الظاهرة بشكل عقلاني وانما المهم لديه هو رفضه التام كما قلنا هذه العقدة في مجتمعاتنا فنحن لانأبه لا مستجد حتى وان كان مستجد يفيد البشرية جمعاء وهنا نذكر انه في حال كان على صح في سلوكياته ومعتقداته ام على خطأ فموقفه واحد لايتغير لانه يمتاز بالجمود السلوكي والمبادئي التي ورثها والتي تعلمها من خلال المجتمع .



الموقف الثاني :- اما الموقف الثاني فيكون معتدل لايريد ان يغيض هذا الطرف ولاذاك وهذا الاعتدال انما هو سلبي بحد ذاته لانه سوف لن يدر للمجتمع بأي خير في أي حال من الاحوال فهو لايستطيع ان يقول للظاهرة الصح انك صح ولا للخاطئ انك خاطئ .



الموقف الثالث :- إن هذا الاتجاه يمثل ثمرة الظاهرة الجديدة بغض النظر عن الثقافة التي يحملها فهو منفتح امام أي ضاهرة ويواجهها في كل مكان وزمان فأن كانت صائبة ومفيدة لابناء المجتمع تفاعل معها ودخل في تفاصيلها واستطاعت ان تذبه بها حتى انه يشترك في زرعها بقلوب المجتمع وان كانت غير صحيحة فهو يحاربها ثقافيا ويبطلها لانه سوف تفسد المجتمع لامحال .







من المهم لابل من الاهم بل اجزم في الاكثر اهمية وجود شخص ذات مواصفات وأهليات من الطراز الاول يحمل راية التجديد بشتى انواعه فيجب ان تتوفر فيه صفات اولها قيادة المجتمع والتواصل معه وان لايأبه لسمعته بل من اجل اهدافه فقط لاغير والسبب في توفر مثل هذه الصفات وغيرها اكثر هو لتعقيد المجتمع من الناحية الايدلوجية والسيكلوجية لان المجتمع كما قلنا قبل قليل وتقسيمنا المذكور الى ثلاث احدهم اصعب من الاخر من ناحية التزمت والتصلب اتجاه الظاهرة فضلا عن الظروف المحيطة بها في جميع النواحي لذا فالاولى والاجدر والافضل والانجح ان تكون شخصية ملائمة متعايشة متناغمة مع المجتمع لكي تذوب فيهم وتؤثر عليهم بالتالي فأن الظاهرة سوف تصبح جزءا منهم لايمكن مفارقتها لسبب بسيط انها ترتقي بهم الى بر الامان وانهم كانوا على غفلة من امرهم .



لذا من الممكن الربط والتأكيد على ظاهرة السيد الشهيد محمد الصدر (قده) وبين قضايا اثرت على المجتمع وأثرت به ومنها ظاهرة السيد الشهيد محمد باقر الصدر التي كان نواتها كما اكدنا في مقام سابق (تابع محمد باقر الصدر نواة نطوقية الحوزة * موقع الممهدون + موقع كتابات) ان هذا الشخص العظيم المتمثل في محمد صادق الصدر هو امتداد طبيعي ورباني لما جاء به الخط المحمدي العلوي والحسيني من تجديد وكسر كل قاعدة سلبة تمارس من قبل المجتمع واجراء تعديلات واقعية لك مايجري فهنالك عددة ممارسات من قبل المجتمع كانت يجب تغييرها لابل قطع دابرها ايا كانت دينية كانت ام سياسية لذا كان لابد من صوت يقرع ابواب هذه العقول المتحجرة والقلوب المتصلبه ويأخذ بأيديهم ويوقضهم من نومتهم السبات التي قد لايصحون منها ابدا .



فكان لابد من ربط العقيدة الربانية وتسييسها وترك المفاهيم الخاطئة بفصل هذا عن ذاك وذلك لسبب انهما مترابطين (أي الدين والسياسة) فهذه من أولى المستلزمات الرئيسية التي سعى اليها شيهدنا فكانت تعبئة العقيدة من الناحية السياسية متمثلة بمنبر الجمعة الذي اصبح صوتا مدويا وشهد له القاصي والداني على حدا سواء لاكن جاء الرفض الشديد لهذه الظاهرة وارسلت السهام من قبل الصديق قبل العدو وهذه السهام تمثلت في بدايتها ان صلاة الجمعة هي بدعة ابتدعها محمد الصدر في ظل حاكم ظالم وجائر والامر المحير ان صلاة الجمعة اليوم منتشرة في انحاء العراق حتى حين كان المسخ الامريكي برايمر حاكما مدنيا على العراق ياترى هل هو عادل وغير جائر لابل هو قاطع طريق وحرامي فكيف صليتم صلاة الجمعة !!! .



فكان الاب الحنون محمد الصدر (قده) ما عليه سوى ان يزرع هذه البذره في كل انحاء العراق واستذكرني موقف لاحد أئمة الجمع وهو الشيخ الشيهد البطل علي الكعبي امام وخطيب جامع المحسن في مدينة الصدر المجاهدة آنذاك فكان يطلق خطبته الحماسية وأذا به يتوقف عن الخطبة ثواني ثم يطلق صرخته على احد العفالقة الموجودين من حول المصلين على (الجسر) قرب جامع المحسن قائلا له الا تنزل من فوق وتجلس مع المصلين فاصفر وجهه وارد ان يرمي بنفسه من على الجسر لشدة خجله ، كان لمثل هذه الخطب اثرا كبير لان (المؤيد) في الحزب يستطيع بتقرير واحد ان يرمي بعوائل في السجون المضلمة فما بالك بمن يصرخ بوجههم الا تنم عن ايمان وصدق وجهاد بكل الوسائل للوصول الى الهدف المعقود فكانت صلاة الجمعة هي المؤسس الاول للتحرك السياسي الصدري لاسيما انها برعاية الله سبحانه وتعالى وهذا ماعبر عنه السيد الشهيد الصدر في احد خطبه في مسجد الكوفة قوله (( حبيبي ان صلاة الجمعة مؤيد بتأييد الله )) فالنقلة النوعية التي انتقلها السيد الشهيد الصدر وتغيير كثير من المفاهيم السائدة في المجتمع من شرب الخمر والحفلات الساخرة وغيرها من المحرمات التي كانت مستشرية بشكل واضح في المجتمع جاء محمد الصدر ليضرب هذه الظواهر السلبية وكانت بمثابة ضربة قوية للنظام البعثي البائد مما ادى ان بيان الامور على حقيقتها واحساس المجتمع انهم كانوا غافلين فالتجأ الكثير الى السيد محمد الصدر لانه عرف خطأه فكانة خطبة الجمعة في الكوفة بمثابة جامعة عقائدية سياسية انجبت من رحمها الثورية والرفضية لاشكال الظلم في الحالة العراقية وهذا بحد ذاته جرس خطر على امريكا واسرائيل قبل صدام حسين .



وكان من الطبيعي ان البنتاغون الامريكي لديه غرفة عمليات لمثل هذه الشخصيات النادرة لانها تحمل لواء الدين الاسلامي بكل محتوياته والتي تريد الثورة الاجتماعية والحوزوية وتغيير مفاهيمها التقليدية وهذه الثورة يمكن ان نقسمها قسمين من جانب الحوزة وهي الثورة التواصلية للحوزة والثورة العقائدية المفاهيمية في الحوزة العلمية ... أما الثورة التواصلية فهو احداث تغيير في الحوزة تجاه المجتمع فيما يؤمن التواصل والتماسك والترابط المباشر والغير المباشر بين الحوزة والقواعد الشعبية وهذا فعلا ما سعى اليه السيد الشهيد محمد الصدر في اقامة صلاة الجمعة وهي المباشرة ونقل الفتاوى المستحدثة والبيانات هذه الغير مباشرة ،اما الثورة العقائدية المفاهمية وهي تجريد محتوى الحوزة من السكوتية التقليدية التي لاتؤدي النتائج المرجوة من الحوزة فأن الحوزة منذ عهدناها تشترك في جميع مفاصل المجتمع فلماذا تتصنل من واجباتها السياسية ياترى ؟؟؟ والامر الآخر انها تقليدية حتى في مناهجها فهي لاتواكب العصرية التطورية والالمام ولو بشكل جزئي في المجالات العلمية التي من شأنها ايضاح الفتاوى المتعلقة في هذا الجانب ففقه الاخلاق والفضاء وماوراء الفقه الا دليل على التواصل العلمي للحوزة التجديدية للسيد الشهيد محمد صادق الصدر فليس الحلال والحرام وحده الذي ينهض بالامة وانما زج العالم والحوزة بكل مامن شأنه ان يتصل بالمجتمع لان الدين الاسلامي والقرأن الكريم نزل وهو يحمل في طياته جميع الامور الانسانية والاجتماعية السياسية والاجتماعية والاقتصادية ...الخ .



ان هذه الاجراءات التي اتخذها السيد الشهيد منهاجا له هي تغييرات جذرية وليست عابرة وكانت طفرة نوعية في المدارس الحوزوية هذه التغييرات ليست عشوائية ولسيت الغاية منها مبدأ (خالف تعرف) فأن السيد الشهيد بعيد عن هذا الشيء والدليل واضح في استشهاده مع ولديه .



ان المبادئ التي جاء بها السيد الشهيد كما ذكرنا سلفا لاتناسب اهواء هذه الحوزة وبعض من المجتمع المتصخر لان السيد الشهيد جاء رافضا لكل ظلم واستبداد على هذا الشعب المظلوم وهذا مالا يريده اتباع الحوزة السكوتية ،التقية ,السلبية !! لذا واجه السيد الشهيد (قده) حربا ضروس من مختلف النواحي والاصعدة وهذا واضح فذاك يتهمه انه ابن زنا وانه عاق الوالدين والآخر يصفه بأنه عميل للنظام البعثي وهكذا توالت الهجمات على مرجعنا الشهيد .



لذا بعد هذا العناء الطويل والمشقة التي مرت بالسيد الشهيد لقت دعوته الى مستوى على من الاستجابة من قبل الجماهير رغم التحديات والعقبات التي تعرقل سير هذا المنهج ، فهاهي خطب الجمعة المدوية بصوت السيد الشهيد وهو يهتف من حنجرة صادقة بكلا كلا امريكا كلا كلا اسرائيل كلا كلا للظالم ويقصد صدام بكل تأكيد وهذا ما لايخدم مصالح اطراف عديدة ومنها النظام والثالوث المشؤم لذا الحل المناسب هو قتل ذلك الشخص بطريقة محكمة وذكية وبعد ان استشهد السيد الشهيد وهي عملية مفبكرة من قبل النظام المقبور خرج احدهم على الشاشة معترفا انا قتلت السيد الشهيد حقيقا نحن تعجبنا لان الذي خرج على التلفاز هو من مدينة الصدر ولاعلاقه له بالدين وغيرها سوى انه اعتقل من امام بيته وبقيت حذائه امام البيت ولايعرف احد اين اخذوه المسكين .



يتبين جليا من خلال بحثنا المتواضع كيف كانت الحركة المسيسة والممزوجة بالصورة الدينية للارتقاء بالمستوي الرسالي لدى ابناء هذه الامة ، ولقد توضح هذا الامر من خلال القاعدة التي كونها السيد الشهيد الصدر من التيار الصدري المجاهد .







الخاتمة :-



نستطيع القول ان زراعة محمد الصدر للمجتمع جاءت بثمارها لانه اعداد للاسلام صورته الحقيقية وليست الضبابية اسلامية الدين المحمدي القويمة والناطقة بالحق لان عناصر الاشتراك والتزاوج تشمل جميع مرافق الحياة ولا تنحصر فقط هذه المسئلة حرام وتلك حلال ولا تظم فقد النفاس والحيض والجنابة وانما ايضا مجابه الظلم وردعه والتصدي له بحزم فلا الفتاوى الميسرة ستغير من حال المجتمع ولا كتاب الصوم والزكاة سيعتق الشعب من الظالم انما الوقوف بوجهه واصدار الفتاوى ضده هذا هو منهج محمد وآل محمد فالدين الاسلامي لديهم دين سياسي وعقائدي واجتماعي وثقافي وعلمي وليس دين تعكز على التقية السلبية الدين الحقيقي مقارعة الظلمة والخروج الى المجتمع والنظر في أموره وليس المكوث في البيت ثلاثين سنة لاتعرف حتى لون باب البرانية الدين الحقيقي لبس الكفن الذي يدل على ان صاحبه طالبا للشهادة قبل ان يقتل ويريد الموت لا الموت يريده وليس من تستر بالتقية والذي يخفي عمامته خلف عباءته خوفا من مطاردة البعثية له الدين دين التواضع والتسامح ومقابلة الناس والبحث في شؤونهم وليس الدين تقبيل اليد وجمع الخمس والزكاة وبناء المؤسسات الخيرية .



جامعة بغداد – كلية العلوم السياسية



مدينة الصدر الصابرة 1983

amjedmms@yahoo.com