Osama
05-29-2005, 04:14 PM
نصر المجالي
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2005/5/thumbnails/T_361887aa-c6b4-4107-b9d6-68d794fa650b.JPG
كو كلوكس كلان تحرق صلبانها مجددًا
قال تقرير إن جماعة فرسان كو كلوكس كلان العنصرية البيضاء عادوا للظهور مجددا في شوارع مدن أميركية، الأمر الذي ينذر بخطر صدامات عنصرية جديدة بين أنصار هذه الجماعة والمواطنين السود، وأشار إلى أن الشرطة الأميركية في مدينة دورهام بولاية كارولينا الشمالية بدأ تحقيقات سريعة بعد العثور على ثلاثة صلبان معقوفة محترقة وهي رمز الجماعة العنصرية ومنشورات صفراء ملقاة في الشوارع. يذكر أن هذه الجماعة تأسست في 28 أكتوبر (تشرين الأول) العام 1915 ، وهي تمثل مبادىء عنصرية بيضاء ضد الزنوج حيث الصراع بين الجانبين يعود في تاريخه إلى العام 1865 ، وتأسست هذه الجماعة في ولاية جورجيا الأميركية بوصفها "جمعية أخوية اجتماعية خيرية وطنية"، وتحت هذا الشعار سمحت لها سلطات تلك الولاية بالعمل، ولكنها كانت تنفذ أهدافها في ترويع السود بطرق سرية.
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2005/5/thumbnails/T_1916e2dd-1496-404f-bab5-802205487f23.jpg
وحادث حرق الصلبان الثلاثة المعقوفة في مدينة دورهام الصغيرة للمرة الأولى منذ أجيال خلت، يعيد إلى الأذهان أعمال العنف ضد الأقلية السوداء المتحدرة من لإفريقيا، وهي هدف الأفعال العنصرية لهذه الجماعة. كما أن ظهورها مجددا يلغي ما كان أعضاء شباب ينتمون إليها صرحوا به من أنها خفضت أعدادها كثيرا عن الأرقام الكبيرة قبل أربعين عاما.
ولهذه الجماعة العنصرية السرية قوانينها الخاصة وبروتوكولاتها وأنظمتها الصارمة ومن أهم مبادىء دستورها أنه تعتبر نفسها "الأمة الأميركية الخالدة الجديدة، وهي تمثل نصبُ أولئك الخالدين من رجال كلان في حقبة إعادة البناء". وكانت سلطات ولاية جورجيا اضطرت على منح الشرعية العام 1915 لتلك الجماعة التي أعك دستورها لمؤسسيها وقادتها سلطات في منح واستخدام التقاليد والالقاب والمحاكم الثورية وكل ما كانت حركة كو كلوكس كلان القديمة تستعمله تاريخيا.
وجاء تأسيس المنظمة الجديدة، في البداية بشكل علني حين عرضت في أول يوم للتاسيس فيلم "ميلاد أمة" في اطلنطا، واستمر عرضه ثلاثة اسابيع متواصلة محطماً بذلك جميع الارقام القياسية التي عرفتها دور العرض السينمائية سابقاً. وفي غمرة الضجة الإعلانية حول هذا الفيلم اوردت إحدى صحف اطلنطا خبراً عن تأسيس منظمة "الجمعية الأخوية لذوي العقل والشخصية". ونجحت الجماعة استغلال عرض "ميلاد أمة" كمادة دعائية لها. وبعد وقت قصير ظهرت كو ـ كلوكس ـ كلان في الولايات المجاورة لجورجيا مثل الآباما وفلوريدا. وتشير إحصائيات المؤرخ الاميركي الزنجي الكبير ج. فرانكلين إلى ان عدد أعضاء "الإمبراطورية الخفية" قد بلغ 100 ألف في عام 1916.
ونقلت صحيفة (إنديبندانت) البريطانية اليوم عن رئيس شرطة دورهام كامي مايكل قوله إن تحقيقات الشرطة تجري على نحو سريع بمشاركة من مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) للحؤول من دون ظهور جديد للجماعة في هذا المدينة التي يبلغ عديد سكانها حوالي مائتي ألف نسمة من بنهم غالبية سوداء كبيرة. يشار إلى أن كو كلوكس كلان هي التي كانت وراء مقتل الزعيم الزنجي الأميركي مارتن لوثر كينغ العام 1972، وقال قائد الشرط "لقد ظلت ورهام هادئة وبعيدة عن الصراعات العرقية رغم هيجان السود انتقاما لمقتل كينغ".
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2005/5/thumbnails/T_0939732d-e4ea-49e8-bbde-b3c2581f7857.jpg
وتشير مصادر أميركية، إلى أنه على الرغم من البيانات الرسمية الحكومية التي تقول بانخفاض كبير في نشاطات الجماعة وأعداد المنتسبين إليها، فإن مراقبين يؤكدون من جانب آخر على وجود قوي لها في مناطق جنوبية من الولايات المتحدة، ونقل هؤلاء عن تقارير قولها أنه تم العثور في الأسابيع الأخيرة على ما لا يقل عن خمسين صليبا معقوفا محترقا "وهذا أبلغ دليل على نشاط الحركة السرية التي تمثل الاتجاه اليمين المتطرف على الساحة الأميركية، وهي أعتى عنصرية من الحركة النازية في ألمانيا".
نبذة تاريخية
وفي الآتي بعض التفاصيل عن هذه الحركة العنصرية البيضاء، كما وردت على محرك (غوغل) اقتباسا من دراسة لموقع الحرمين وتقول: صادفت الحركة الكلانية بعض الصعوبات الكبيرة في الجنوب باعتبارها قد استهدفت الدفاع عن القيم الأساسية "لنمط الحياة الجنوبي". ولكن بما ان نظام العزل والتمييز العنصري لم يتعرض لهجمات جادة فإن "الكلانية الجديدة" لم تنتشر في البداية انتشاراً واسعاً أبداً، ولو ان هذا الاقليم اتصف بعدائه للانفتاح الثقافي. وكان الدين هنا يلعب دوراً كبيراً في السياسة. كما ان الميول الانفصالية شديدة، والتعصب حيال الخصوم يتعاظم باستمرار. وكان كل ذلك يتستر خلف قناع التفوق السلالي لـ "العرق النوردي"، و"الأمريكان النقية". ولقد أكد عالم الاجتماع السويدي غ. ميوردال، وبحق، انه "هناك، حيث الزنوج مستكينون لا حاجة إلى ك ك ك.
بيد ان قادة ك ك ك تمكنوا من تحويل "كلان الجديدة" إلى حركة وطنية واسعة الانتشار، والى شكل مغال من اشكال التعصب القومي البروتستانتي. "كانت كلان أكثر من منظمة ـ إنها نظرة شاملة إلى العالم. زورغم ان التطرف البروتستانتي قد اضفى على "الإمبراطورية الخفية" طابع العداء الشديد للكاثوليك واليهود فقد ظلت المهمة الرئيسية لهذه المنظمة كما كانت في السابق ـ أي سحق حركة الزنوج الذين يناضلون من أجل حقوقهم.
اعتمدت الكلانية على القناعات المسبقة الراسخة في نفوس الامريكيين وعملت في آن واحد بصفتها مدافعاً عن المصالح التقليدية لـ "الطبقة الوسطى" الأميركية بالدرجة الأولى. "كان سيمونز ـ كتب البروفسور ج. ميكلين ـ ذا موهبة نادرة في كسب ثقة أبناء "الطبقة الوسطى" واستغلال ما يحبون وما لا يحبون.
الإمبراطورية الخفية
وكانت "الإمبراطورية الخفية" تؤكد دائماً ولاءها "للقانون والنظام" وتعمل تحت شعارات ديماغوجية تدعو إلى محاربة القوادة والبغاء، وحماية الاخلاق مما استمال الامريكيين إلى صفوفها ولا سيما النساء. وبفضل تأييد النساء لها حققت كلان نجاحات كبيرة في دنفر، وبورتلاند، وانديانابوليس وغيرها من المدن؛ حيث كانت تتخفى وتتزلف إلى جماهير النساء بطرحها مواضيع حول "الامومة"، و"الطهارة"، و"الأدب المحتشم" و"الافلام السينمائية ذات المستوى الأخلاقي الرفيع" وما شابه ذلك.
عاشت "الكلانية الجديدة" طفيلية على النظريات الشعبية التي راجت في نهاية القرن التاسع عشر، وحاولت ان تتزعم "الحركة الاحتجاجية" للبورجوازية الأمريكية الريفية الصغيرة ضد سيطرة البورجوازية الاحتكارية في المدن الكبرى. وقد كتب "الساحر الامبراطوري" ايوانس بهذا الصدد فقال: "نحن ـ حركة الناس البسطاء. نحن نطالب (ونأمل بالنصر) بإعادة السلطة إلى المواطن المتوسط، سليل الكشّافين....) وكان ايوانس هذا يعتبر نفسه "اشد الناس بساطة في أميركا.
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2005/5/thumbnails/T_a4244ce1-ff14-4e16-988f-7d62a578eba0.jpg
وتميزت "الكلانية الجديدة" كحركة سياسية بعملها على شكل "كنيسة اجتماعية خاصة" حيث كانت تحل القضايا السياسية بمقولات الاخلاق الدينية. وقد اعلنت ان هدفها جعل البشرية سعيدة إلى ابعد درجة ممكنة. وهذه التأكيدات هي التي مكنت كلان بدرجة معينة من أن تقدم نفسها بوصفها حركة تهتم حصراً بالمثل العليا "الوطنية العامة"، وتعالج "الشؤون الأخلاقية الرفيعة". وهذا ما تؤكده حسابات س. فروست المتتبع لـ "الكلانية الجديدة" حيث أكد ان 10٪ من المنتسبين إلى ك ك ك قد جذبتهم "الأهداف القومية لهذه المنظمة.
وكل ذلك أدى إلى اقتناع قسم كبير من الامريكيين بأن ك ك ك هي بحق منظمة أمريكية سياسية دينية اخلاقية رفيعة المستوى، وأن الانتساب إليها شرف لكل إنسان ما دام "الهدف الوحيد لكلان هو خدمة الوطن وإنقاذه". لذلك دخل في صفوفها الكثيرون طمعاً في رفع اعتبارهم الاجتماعي بالنظر إلى أن "العضوية فيها أصبحت رمزاً اجتماعياً من نوع خاص.
ولهذه الغاية إياها وسعت ك ك ك نشاطها الخيري مما اضفى عليها، وهي المنظمة الرجعية "مسحة الوقار". وكان نشاط "الإمبراطورية الخفية هذا ذا طابع ديماغوجي صرف فقد رافقته ضجة اعلامية كبيرة تم فيها انفاق أموال كبيرة تبرع بها الكلانيون لمؤسسات كنسية شتى. ففي عام 1921 وحده انفقت ك ك ك مليون دولار في هذا المجال. ولقد جمعت "الكلانية الجديدة بين التعصب البروتستانتي والتقاليد الأمريكية "للعمل المباشر" مما أدى إلى ان كلان كانت تطبق العنف على نطاق واسع جداً طامعة.
وكان شأن كلان استطال في مناخ هيستيريا العداء للشيوعية. وساعد على ذلك الاضطراب الاقتصادي. ففي 1919 ـ 1920 حلت الأزمة الاقتصادية التي سببت افلاسات كثيرة. وبطالة على نطاق واسع. ولم يبق للبورجوازي الذي دبّ الذعر في نفسه بسبب الصعوبات الاقتصادية، والذي تعطش إلى "الحياة العادية" إلاّ اتهام "الحمر"، و"الأجانب"، و"اليهود" وبالطبع "السود" بأنهم سبب مشكلاته الاقتصادية.
ومع حلول نهاية عام 1920 تحولت ك ك ك إلى حركة وطنية تضم في صفوفها مئات الآلاف من الناس. وحتى عام 1924 كان عدد اعضائها (حسب مختلف التقديرات) من 6 ـ 9 ملايين إنسان. وعملياً كان كل ثالث من الذكور البرتستانتيين البيض عضواً فيها. وفي بعض الأحيان كان يُسجل فيها خلال أسبوع واحد 100 ألف إنسان. حتى في أحد سجون ولاية كولورادو تم تأسيس خلية كلانية دخل فيها الموقوفون وقسم من إدارة السجن.
وفي يونيو (حزيران) عام 1923 اسست "كو ـ كلوكس ـ كلان النسائية"، وفي 1924 ـ "كو ـ كلوكس ـ كلان الأصغر" والمخصصة للصبيان والفتيان في العمر من 12 ـ 18 عاماً. وتجدر الإشارة إلى أن "الإمبراطورية الخفية" كانت تعمل بنفس القدر من النشاط في المدينة والريف على السواء. وقد كتب ماياكوفسكي ان "كو ـ كلوكس ـ كلان أصبحت ظاهرة عادية في الولايات المتحدة، "كانت" ك ك ك "منظمة مالية عملاقة تصرفت بملايين الدولارات" فخلال الفترة من 1920 ـ 1925 بلغ دخل "الإمبراطورية الخفية" من رسوم العضوية وحدها 90 مليون دولار. وكانت هناك عشرات المطبوعات التي تّروج الأفكار الكلانية في شتى اقاليم الولايات المتحدة الأمريكية.
التقسيم المساحي
بنيت كلان على أساس التقسيم المساحي وبموجب مركزية صارمة، وخضوع مطلق لـ "الساحر الامبراطوري" زعيم كلان. وكان تحت تصرفه أشخاص مسؤولون، وهو الذي يقوم وحده بصياغة طقوس كلان وعقائدها الأساسية. وكانت سلطته مطلقة، واوامره الزامية لكل عضو. وكان ثمة للأعضاء نظام صارم للدرجات والمناصب. كما أُعد نظام داخلي وبرنامج وكلاهما مشبعان بالديماغوجية، والعنصرية، والشوفينية، والغيبية.
في وثائق برامجها اخذت ك ك ك من إيديولوجيا الامبريالية الأميركية ما يمكنها من توسيع قاعدتها الاجتماعية، وقبل كل شيء، اخذت التعصب القومي الموجه ضد الزنوج، ففي 1915 ـ 1919 حدث في البلاد 18 تمرداً معادياً للزنوج على مستوى قومي شامل. كانت موجة العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الأولى (التي استغلها الكلانيون بنجاح) أحد مظاهر الهجوم الشامل الذي خاضته الرجعية ضد القوى الديمقراطية. ففي عام 1918 وحده أعدم 70 زنجياً. وفي العام الذي يليه اشتدت حدة المشكلة العنصرية حيث شهدت البلاد 26 عصياناً جماعياً قام بها العنصريون (حوكم خلالها 77 من السود امام محكمة لينتش). "كان طويلاً وقائظاً صيف عام 1919... لقد ترك أثراً في التاريخ الأمريكي ما يزال ماثلاً حتى اليوم.
وخلال 1919 ـ 1922 اعدم دون محاكمة 239 زنجياً. هكذا ردت الاحتكارات الأمريكية على ظهور "الزنجي الجديد" الذي لم يشأ الاستسلام لوضعية الإنسان المحروم من الحقوق الاجتماعية والسياسية الاولية. لقد ساهمت "الإمبراطورية الخفية" في هذه الحملة العنصرية بشكل فعال. وها هو ر. هـ. سوير، أحد محاضري كلان، يعلن أن "الزنجي مريض بجرثومة الجنون التي تتجلى في مطالبته بالمساواة الاجتماعية والعرقية.. ان عليه، وسوف يكون، ان يوضع تحت المراقبة.
وكان الجنوب الأميركي دائماً مروج العنصرية. حيث جاء في برنامج الحزب الشيوعي الأميركي وفي نظامه الداخلي ان السبب في تأسيس كلان هو تطلع القوى الرجعية إلى ابقاء الشعب الأسود في الجنوب في حالة الخضوع. وها هو "الكنز الامبراطوري" (أعلى قس في كلان)، ك. آر. ريدلي، يعلن ان "زي كلان الأبيض وصليبها المتوهج افضل وسيلة للابقاء على الزنوج في المكان المخصص لهم.
وفي عام 1917 حاول الكلانيون تأديب القائد الزنجي غ. هينكوك، لأنه على حد زعمهم، الب الزنوج على البيض. وفي عام 1919 نظم الكلانيون حملة قمع جماهيري ضد الزنوج المحاصصين والفلاحين الفقراء منهم في فيليبس (مقاطعة آركانساس) لقد قاتلت كلان في الجنوب ضد العصبة القومية للمساعدة على تقدم السكان الملونين.
المسؤولون يؤيدون
وقوبلت الحركة الكلانية بتفهم ودعم كاملين في الأوساط الحاكمة في البلاد حيث شغلت عدة شخصيات حكومية ورجال أعمال مناصب متنوعة رفيعة المستوى في هذه المنظمة، وفي مقاطعات كثيرة أصبح ممثلو الاحتكارات قادة في ك ك ك. إن كثيراً من المطبوعات والدوريات الكلانية في شتى انحاء الولايات المتحدة الأمريكية قد تلقت "دعماً مالياً كبيراً من الإعلان الذي تقوم به لاوساط العمل. .
أصبحت ك ك ك في العشرينات القوة الضاربة للرجعية. ولقد كتب المؤرخ الأمريكي د.م. تشالميرز أن "العدد الحقيقي لضحايا كو ـ كلوكس ـ كلان لن يعرف أبداً". كانت قسوة كلان لا حدود لها في تعاملها مع خصومها: الشيوعيين، والراديكاليين، ومسؤولي النقابات، والزنوج.. الخ. ففي تيريللي (مقاطعة تكساس) صبوا النفط على أحدهم وأحرقوه حياً أمام مئات الكلانيين. وكانت كل منظمة كلانية تشتمل على فصائل خاصة يلبس اعضاؤوها زياً أسود.. ومهمة هذه الوحدات تنفيذ عمليات العنف.
غوركي والقتلة
في "الولايات المتحدة ـ كتب ف. أي. لينين ـ يسيطر رأس المال وجميع محاولات العمال الحصول على بعض التحسين في حالتها الاجتماعية تُقابل على الفور بحرب أهلية.. البورجوازية تتسلح... ولا نظير في أي مكان للضراوة التي يتم بها سحق الحركة العمالية في... أمريكا" وقد سمى مكسيم غوركي كلان "منظمة القتلة" وهو الذي كتب: "كوـ كلوكس ـ كلان تقتل، وتسخر من الملونين بلا رحمة، ومن النساء وكل هذا بلا عقاب مثله مثل تصرفات حكام الولايات مع العمال الاشتراكيين".
قامت أوساط رجال الأعمال بتمويل كلان مكافأة لها على الصراع مع النقابات، والدعوة إلى العنصرية وممارستها، هذه التي شقت صفوف الحركة العمالية. ان غ. فورد مثلاً قد أعلن صراحة عن موافقته على أهداف ك ك ك، وقدم لها "دعماً مالياً كبيراً". وبرزت الكلانية دائماً الخصم الحاقد والعنيد للحركة العمالية المنظمة. ففي صيف 1918 حطم الكلانيون في الآباما الاضراب العمالي في موبي ثم في برمنغهام، وفي كلتا الحالتين اختفى قادة العمال.
وفي عام 1919 ساهمت ك ك ك في قمع الاضراب العام لعمال صناعة الفولاذ بقيادة أو. فوستر. لقد كان هذا الاضراب "دون أي قدر من الشك اشد المعارك ضراوة من تلك التي جرت في الولايات المتحدة الأمريكية في القرن العشرين بين العمل ورأس المال، كما اعتبرت افظع الهزائم التي لحقت بالعمل المنظم".
وفي عام 1923 أقدم فصيل من رجال كلان تعداده ألف رجل، في مدينة هاريسون (آركنساس)، على قمع تمرد قام به عمال سكك الحديد. وكان غ. فورد يستخدم ك ك ك من أجل الصراع مع الحركة النقابية في معاملة. وكانت أول خلية كلانية في الشمال قد اسست في المعامل التابعة له في ديترويت. وكان على رأس الخلايا الكلانية في "امبراطورية فورد" سكرتيره الخاص ليبولد.
في عام 1921 اقر اتحاد عمال التعدين في الولايات المتحدة الأمريكية في مؤتمره في انديانا بوليس، وبالإجماع، تعديلاً على نظامه الداخلي يحظر على أعضائه الانتساب إلى ك ك ك تحت طائلة الفصل من الاتحاد. ذلك ان نشاط كلان في مناهضة النقابات وتخريب الاضرابات كان مكروهاً جداً حتى ان المؤسسة الانتهازية الفدرالية الأمريكية للعمل ـ قد اضطرت في عام 1923 إلى تأييد البيان الذي يستنكر الكلانية.
إلاّ ان الكلانيين تمكنوا من التغلغل في عدد من المنظمات النقابية في البلاد مستغلين بالدرجة الأولى الأوهام القومية لدى قسم من الطبقة العاملة. كانت ك ك ك متمكنة قوية في نقابات فيرجينيا الغربية. وفي عام 1920 بلغ من نفوذ كلان ان نقابة راديكالية مثل "تريد ـ يونيونيست ايديوكيشن ليغ" قد امتنعت عن تأييد البيان الذي يستنكر نشاط كلان في الجنوب.
لم تكن "ك ك ك الجديدة" منظمة فاشية ولو أنها، مثل الفاشية، اعتمدت على العنصرية والشوفينية والعداء للشيوعية، وتسلحت بالجمود الفكري، واستخدمت العنف على نطاق واسع. ان منظري وقادة "كلان الجديدة" لم يطرحوا أي برنامج اجتماعي واضح، وقد سلموا تسليماً تاماً "بالقيم الأخلاقية" التي قام عليها في أن تقوم رسمياً بدور "عين المجتمع"، ودور المدافع عن القيم الدينية والأخلاقية الرفيعة للشعب الأمريكي.
ان منطق الكلانية نفسه القائم على استغلال القناعات المسبقة من شتى الاتجاهات، والكراهية بين الفئات الاجتماعية والسلالية قد دفع بالعنف الجماعي إلى المقام الأول. وهذا الاستعداد للعنف قبل كل شيء هو الذي عزز اعتبار ك ك ك في اوساط المتطرفين، وجذب إلى صفوفها الأعضاء الجدد. وحين قام الكلانيون باضطرابات عام 1923 في مدينة كارينجي "بنسلفانيا" قام إيوانس ان هذا التمرد يعادل قبول 25 ألف إنسان في صفوف كو ـ كلوكس ـ كلان.
غير أن "الكلانية الجديدة" لا تعتبر المنظمة التقليدية اليقظة في هذه البلاد لأنها كانت "ذات اتجاه سياسي. فمنذ ظهورها كحركة اجتماعية واسعة للبورجوازية الأمريكية الصغيرة صرحت ك ك ك بعدائها المطلق للاشتراكية العلمية. وهاهوغر ين، "الساحر الأعظم" لـ "الإمبراطورية الخفية يقول مفاخراً ان ك ك ك كانت أول من ناضل ضد الشيوعية في الولايات المتحدة الأمريكية.
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2005/5/thumbnails/T_361887aa-c6b4-4107-b9d6-68d794fa650b.JPG
كو كلوكس كلان تحرق صلبانها مجددًا
قال تقرير إن جماعة فرسان كو كلوكس كلان العنصرية البيضاء عادوا للظهور مجددا في شوارع مدن أميركية، الأمر الذي ينذر بخطر صدامات عنصرية جديدة بين أنصار هذه الجماعة والمواطنين السود، وأشار إلى أن الشرطة الأميركية في مدينة دورهام بولاية كارولينا الشمالية بدأ تحقيقات سريعة بعد العثور على ثلاثة صلبان معقوفة محترقة وهي رمز الجماعة العنصرية ومنشورات صفراء ملقاة في الشوارع. يذكر أن هذه الجماعة تأسست في 28 أكتوبر (تشرين الأول) العام 1915 ، وهي تمثل مبادىء عنصرية بيضاء ضد الزنوج حيث الصراع بين الجانبين يعود في تاريخه إلى العام 1865 ، وتأسست هذه الجماعة في ولاية جورجيا الأميركية بوصفها "جمعية أخوية اجتماعية خيرية وطنية"، وتحت هذا الشعار سمحت لها سلطات تلك الولاية بالعمل، ولكنها كانت تنفذ أهدافها في ترويع السود بطرق سرية.
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2005/5/thumbnails/T_1916e2dd-1496-404f-bab5-802205487f23.jpg
وحادث حرق الصلبان الثلاثة المعقوفة في مدينة دورهام الصغيرة للمرة الأولى منذ أجيال خلت، يعيد إلى الأذهان أعمال العنف ضد الأقلية السوداء المتحدرة من لإفريقيا، وهي هدف الأفعال العنصرية لهذه الجماعة. كما أن ظهورها مجددا يلغي ما كان أعضاء شباب ينتمون إليها صرحوا به من أنها خفضت أعدادها كثيرا عن الأرقام الكبيرة قبل أربعين عاما.
ولهذه الجماعة العنصرية السرية قوانينها الخاصة وبروتوكولاتها وأنظمتها الصارمة ومن أهم مبادىء دستورها أنه تعتبر نفسها "الأمة الأميركية الخالدة الجديدة، وهي تمثل نصبُ أولئك الخالدين من رجال كلان في حقبة إعادة البناء". وكانت سلطات ولاية جورجيا اضطرت على منح الشرعية العام 1915 لتلك الجماعة التي أعك دستورها لمؤسسيها وقادتها سلطات في منح واستخدام التقاليد والالقاب والمحاكم الثورية وكل ما كانت حركة كو كلوكس كلان القديمة تستعمله تاريخيا.
وجاء تأسيس المنظمة الجديدة، في البداية بشكل علني حين عرضت في أول يوم للتاسيس فيلم "ميلاد أمة" في اطلنطا، واستمر عرضه ثلاثة اسابيع متواصلة محطماً بذلك جميع الارقام القياسية التي عرفتها دور العرض السينمائية سابقاً. وفي غمرة الضجة الإعلانية حول هذا الفيلم اوردت إحدى صحف اطلنطا خبراً عن تأسيس منظمة "الجمعية الأخوية لذوي العقل والشخصية". ونجحت الجماعة استغلال عرض "ميلاد أمة" كمادة دعائية لها. وبعد وقت قصير ظهرت كو ـ كلوكس ـ كلان في الولايات المجاورة لجورجيا مثل الآباما وفلوريدا. وتشير إحصائيات المؤرخ الاميركي الزنجي الكبير ج. فرانكلين إلى ان عدد أعضاء "الإمبراطورية الخفية" قد بلغ 100 ألف في عام 1916.
ونقلت صحيفة (إنديبندانت) البريطانية اليوم عن رئيس شرطة دورهام كامي مايكل قوله إن تحقيقات الشرطة تجري على نحو سريع بمشاركة من مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) للحؤول من دون ظهور جديد للجماعة في هذا المدينة التي يبلغ عديد سكانها حوالي مائتي ألف نسمة من بنهم غالبية سوداء كبيرة. يشار إلى أن كو كلوكس كلان هي التي كانت وراء مقتل الزعيم الزنجي الأميركي مارتن لوثر كينغ العام 1972، وقال قائد الشرط "لقد ظلت ورهام هادئة وبعيدة عن الصراعات العرقية رغم هيجان السود انتقاما لمقتل كينغ".
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2005/5/thumbnails/T_0939732d-e4ea-49e8-bbde-b3c2581f7857.jpg
وتشير مصادر أميركية، إلى أنه على الرغم من البيانات الرسمية الحكومية التي تقول بانخفاض كبير في نشاطات الجماعة وأعداد المنتسبين إليها، فإن مراقبين يؤكدون من جانب آخر على وجود قوي لها في مناطق جنوبية من الولايات المتحدة، ونقل هؤلاء عن تقارير قولها أنه تم العثور في الأسابيع الأخيرة على ما لا يقل عن خمسين صليبا معقوفا محترقا "وهذا أبلغ دليل على نشاط الحركة السرية التي تمثل الاتجاه اليمين المتطرف على الساحة الأميركية، وهي أعتى عنصرية من الحركة النازية في ألمانيا".
نبذة تاريخية
وفي الآتي بعض التفاصيل عن هذه الحركة العنصرية البيضاء، كما وردت على محرك (غوغل) اقتباسا من دراسة لموقع الحرمين وتقول: صادفت الحركة الكلانية بعض الصعوبات الكبيرة في الجنوب باعتبارها قد استهدفت الدفاع عن القيم الأساسية "لنمط الحياة الجنوبي". ولكن بما ان نظام العزل والتمييز العنصري لم يتعرض لهجمات جادة فإن "الكلانية الجديدة" لم تنتشر في البداية انتشاراً واسعاً أبداً، ولو ان هذا الاقليم اتصف بعدائه للانفتاح الثقافي. وكان الدين هنا يلعب دوراً كبيراً في السياسة. كما ان الميول الانفصالية شديدة، والتعصب حيال الخصوم يتعاظم باستمرار. وكان كل ذلك يتستر خلف قناع التفوق السلالي لـ "العرق النوردي"، و"الأمريكان النقية". ولقد أكد عالم الاجتماع السويدي غ. ميوردال، وبحق، انه "هناك، حيث الزنوج مستكينون لا حاجة إلى ك ك ك.
بيد ان قادة ك ك ك تمكنوا من تحويل "كلان الجديدة" إلى حركة وطنية واسعة الانتشار، والى شكل مغال من اشكال التعصب القومي البروتستانتي. "كانت كلان أكثر من منظمة ـ إنها نظرة شاملة إلى العالم. زورغم ان التطرف البروتستانتي قد اضفى على "الإمبراطورية الخفية" طابع العداء الشديد للكاثوليك واليهود فقد ظلت المهمة الرئيسية لهذه المنظمة كما كانت في السابق ـ أي سحق حركة الزنوج الذين يناضلون من أجل حقوقهم.
اعتمدت الكلانية على القناعات المسبقة الراسخة في نفوس الامريكيين وعملت في آن واحد بصفتها مدافعاً عن المصالح التقليدية لـ "الطبقة الوسطى" الأميركية بالدرجة الأولى. "كان سيمونز ـ كتب البروفسور ج. ميكلين ـ ذا موهبة نادرة في كسب ثقة أبناء "الطبقة الوسطى" واستغلال ما يحبون وما لا يحبون.
الإمبراطورية الخفية
وكانت "الإمبراطورية الخفية" تؤكد دائماً ولاءها "للقانون والنظام" وتعمل تحت شعارات ديماغوجية تدعو إلى محاربة القوادة والبغاء، وحماية الاخلاق مما استمال الامريكيين إلى صفوفها ولا سيما النساء. وبفضل تأييد النساء لها حققت كلان نجاحات كبيرة في دنفر، وبورتلاند، وانديانابوليس وغيرها من المدن؛ حيث كانت تتخفى وتتزلف إلى جماهير النساء بطرحها مواضيع حول "الامومة"، و"الطهارة"، و"الأدب المحتشم" و"الافلام السينمائية ذات المستوى الأخلاقي الرفيع" وما شابه ذلك.
عاشت "الكلانية الجديدة" طفيلية على النظريات الشعبية التي راجت في نهاية القرن التاسع عشر، وحاولت ان تتزعم "الحركة الاحتجاجية" للبورجوازية الأمريكية الريفية الصغيرة ضد سيطرة البورجوازية الاحتكارية في المدن الكبرى. وقد كتب "الساحر الامبراطوري" ايوانس بهذا الصدد فقال: "نحن ـ حركة الناس البسطاء. نحن نطالب (ونأمل بالنصر) بإعادة السلطة إلى المواطن المتوسط، سليل الكشّافين....) وكان ايوانس هذا يعتبر نفسه "اشد الناس بساطة في أميركا.
http://www.elaph.com/elaphweb/Resources/images/Politics/2005/5/thumbnails/T_a4244ce1-ff14-4e16-988f-7d62a578eba0.jpg
وتميزت "الكلانية الجديدة" كحركة سياسية بعملها على شكل "كنيسة اجتماعية خاصة" حيث كانت تحل القضايا السياسية بمقولات الاخلاق الدينية. وقد اعلنت ان هدفها جعل البشرية سعيدة إلى ابعد درجة ممكنة. وهذه التأكيدات هي التي مكنت كلان بدرجة معينة من أن تقدم نفسها بوصفها حركة تهتم حصراً بالمثل العليا "الوطنية العامة"، وتعالج "الشؤون الأخلاقية الرفيعة". وهذا ما تؤكده حسابات س. فروست المتتبع لـ "الكلانية الجديدة" حيث أكد ان 10٪ من المنتسبين إلى ك ك ك قد جذبتهم "الأهداف القومية لهذه المنظمة.
وكل ذلك أدى إلى اقتناع قسم كبير من الامريكيين بأن ك ك ك هي بحق منظمة أمريكية سياسية دينية اخلاقية رفيعة المستوى، وأن الانتساب إليها شرف لكل إنسان ما دام "الهدف الوحيد لكلان هو خدمة الوطن وإنقاذه". لذلك دخل في صفوفها الكثيرون طمعاً في رفع اعتبارهم الاجتماعي بالنظر إلى أن "العضوية فيها أصبحت رمزاً اجتماعياً من نوع خاص.
ولهذه الغاية إياها وسعت ك ك ك نشاطها الخيري مما اضفى عليها، وهي المنظمة الرجعية "مسحة الوقار". وكان نشاط "الإمبراطورية الخفية هذا ذا طابع ديماغوجي صرف فقد رافقته ضجة اعلامية كبيرة تم فيها انفاق أموال كبيرة تبرع بها الكلانيون لمؤسسات كنسية شتى. ففي عام 1921 وحده انفقت ك ك ك مليون دولار في هذا المجال. ولقد جمعت "الكلانية الجديدة بين التعصب البروتستانتي والتقاليد الأمريكية "للعمل المباشر" مما أدى إلى ان كلان كانت تطبق العنف على نطاق واسع جداً طامعة.
وكان شأن كلان استطال في مناخ هيستيريا العداء للشيوعية. وساعد على ذلك الاضطراب الاقتصادي. ففي 1919 ـ 1920 حلت الأزمة الاقتصادية التي سببت افلاسات كثيرة. وبطالة على نطاق واسع. ولم يبق للبورجوازي الذي دبّ الذعر في نفسه بسبب الصعوبات الاقتصادية، والذي تعطش إلى "الحياة العادية" إلاّ اتهام "الحمر"، و"الأجانب"، و"اليهود" وبالطبع "السود" بأنهم سبب مشكلاته الاقتصادية.
ومع حلول نهاية عام 1920 تحولت ك ك ك إلى حركة وطنية تضم في صفوفها مئات الآلاف من الناس. وحتى عام 1924 كان عدد اعضائها (حسب مختلف التقديرات) من 6 ـ 9 ملايين إنسان. وعملياً كان كل ثالث من الذكور البرتستانتيين البيض عضواً فيها. وفي بعض الأحيان كان يُسجل فيها خلال أسبوع واحد 100 ألف إنسان. حتى في أحد سجون ولاية كولورادو تم تأسيس خلية كلانية دخل فيها الموقوفون وقسم من إدارة السجن.
وفي يونيو (حزيران) عام 1923 اسست "كو ـ كلوكس ـ كلان النسائية"، وفي 1924 ـ "كو ـ كلوكس ـ كلان الأصغر" والمخصصة للصبيان والفتيان في العمر من 12 ـ 18 عاماً. وتجدر الإشارة إلى أن "الإمبراطورية الخفية" كانت تعمل بنفس القدر من النشاط في المدينة والريف على السواء. وقد كتب ماياكوفسكي ان "كو ـ كلوكس ـ كلان أصبحت ظاهرة عادية في الولايات المتحدة، "كانت" ك ك ك "منظمة مالية عملاقة تصرفت بملايين الدولارات" فخلال الفترة من 1920 ـ 1925 بلغ دخل "الإمبراطورية الخفية" من رسوم العضوية وحدها 90 مليون دولار. وكانت هناك عشرات المطبوعات التي تّروج الأفكار الكلانية في شتى اقاليم الولايات المتحدة الأمريكية.
التقسيم المساحي
بنيت كلان على أساس التقسيم المساحي وبموجب مركزية صارمة، وخضوع مطلق لـ "الساحر الامبراطوري" زعيم كلان. وكان تحت تصرفه أشخاص مسؤولون، وهو الذي يقوم وحده بصياغة طقوس كلان وعقائدها الأساسية. وكانت سلطته مطلقة، واوامره الزامية لكل عضو. وكان ثمة للأعضاء نظام صارم للدرجات والمناصب. كما أُعد نظام داخلي وبرنامج وكلاهما مشبعان بالديماغوجية، والعنصرية، والشوفينية، والغيبية.
في وثائق برامجها اخذت ك ك ك من إيديولوجيا الامبريالية الأميركية ما يمكنها من توسيع قاعدتها الاجتماعية، وقبل كل شيء، اخذت التعصب القومي الموجه ضد الزنوج، ففي 1915 ـ 1919 حدث في البلاد 18 تمرداً معادياً للزنوج على مستوى قومي شامل. كانت موجة العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الأولى (التي استغلها الكلانيون بنجاح) أحد مظاهر الهجوم الشامل الذي خاضته الرجعية ضد القوى الديمقراطية. ففي عام 1918 وحده أعدم 70 زنجياً. وفي العام الذي يليه اشتدت حدة المشكلة العنصرية حيث شهدت البلاد 26 عصياناً جماعياً قام بها العنصريون (حوكم خلالها 77 من السود امام محكمة لينتش). "كان طويلاً وقائظاً صيف عام 1919... لقد ترك أثراً في التاريخ الأمريكي ما يزال ماثلاً حتى اليوم.
وخلال 1919 ـ 1922 اعدم دون محاكمة 239 زنجياً. هكذا ردت الاحتكارات الأمريكية على ظهور "الزنجي الجديد" الذي لم يشأ الاستسلام لوضعية الإنسان المحروم من الحقوق الاجتماعية والسياسية الاولية. لقد ساهمت "الإمبراطورية الخفية" في هذه الحملة العنصرية بشكل فعال. وها هو ر. هـ. سوير، أحد محاضري كلان، يعلن أن "الزنجي مريض بجرثومة الجنون التي تتجلى في مطالبته بالمساواة الاجتماعية والعرقية.. ان عليه، وسوف يكون، ان يوضع تحت المراقبة.
وكان الجنوب الأميركي دائماً مروج العنصرية. حيث جاء في برنامج الحزب الشيوعي الأميركي وفي نظامه الداخلي ان السبب في تأسيس كلان هو تطلع القوى الرجعية إلى ابقاء الشعب الأسود في الجنوب في حالة الخضوع. وها هو "الكنز الامبراطوري" (أعلى قس في كلان)، ك. آر. ريدلي، يعلن ان "زي كلان الأبيض وصليبها المتوهج افضل وسيلة للابقاء على الزنوج في المكان المخصص لهم.
وفي عام 1917 حاول الكلانيون تأديب القائد الزنجي غ. هينكوك، لأنه على حد زعمهم، الب الزنوج على البيض. وفي عام 1919 نظم الكلانيون حملة قمع جماهيري ضد الزنوج المحاصصين والفلاحين الفقراء منهم في فيليبس (مقاطعة آركانساس) لقد قاتلت كلان في الجنوب ضد العصبة القومية للمساعدة على تقدم السكان الملونين.
المسؤولون يؤيدون
وقوبلت الحركة الكلانية بتفهم ودعم كاملين في الأوساط الحاكمة في البلاد حيث شغلت عدة شخصيات حكومية ورجال أعمال مناصب متنوعة رفيعة المستوى في هذه المنظمة، وفي مقاطعات كثيرة أصبح ممثلو الاحتكارات قادة في ك ك ك. إن كثيراً من المطبوعات والدوريات الكلانية في شتى انحاء الولايات المتحدة الأمريكية قد تلقت "دعماً مالياً كبيراً من الإعلان الذي تقوم به لاوساط العمل. .
أصبحت ك ك ك في العشرينات القوة الضاربة للرجعية. ولقد كتب المؤرخ الأمريكي د.م. تشالميرز أن "العدد الحقيقي لضحايا كو ـ كلوكس ـ كلان لن يعرف أبداً". كانت قسوة كلان لا حدود لها في تعاملها مع خصومها: الشيوعيين، والراديكاليين، ومسؤولي النقابات، والزنوج.. الخ. ففي تيريللي (مقاطعة تكساس) صبوا النفط على أحدهم وأحرقوه حياً أمام مئات الكلانيين. وكانت كل منظمة كلانية تشتمل على فصائل خاصة يلبس اعضاؤوها زياً أسود.. ومهمة هذه الوحدات تنفيذ عمليات العنف.
غوركي والقتلة
في "الولايات المتحدة ـ كتب ف. أي. لينين ـ يسيطر رأس المال وجميع محاولات العمال الحصول على بعض التحسين في حالتها الاجتماعية تُقابل على الفور بحرب أهلية.. البورجوازية تتسلح... ولا نظير في أي مكان للضراوة التي يتم بها سحق الحركة العمالية في... أمريكا" وقد سمى مكسيم غوركي كلان "منظمة القتلة" وهو الذي كتب: "كوـ كلوكس ـ كلان تقتل، وتسخر من الملونين بلا رحمة، ومن النساء وكل هذا بلا عقاب مثله مثل تصرفات حكام الولايات مع العمال الاشتراكيين".
قامت أوساط رجال الأعمال بتمويل كلان مكافأة لها على الصراع مع النقابات، والدعوة إلى العنصرية وممارستها، هذه التي شقت صفوف الحركة العمالية. ان غ. فورد مثلاً قد أعلن صراحة عن موافقته على أهداف ك ك ك، وقدم لها "دعماً مالياً كبيراً". وبرزت الكلانية دائماً الخصم الحاقد والعنيد للحركة العمالية المنظمة. ففي صيف 1918 حطم الكلانيون في الآباما الاضراب العمالي في موبي ثم في برمنغهام، وفي كلتا الحالتين اختفى قادة العمال.
وفي عام 1919 ساهمت ك ك ك في قمع الاضراب العام لعمال صناعة الفولاذ بقيادة أو. فوستر. لقد كان هذا الاضراب "دون أي قدر من الشك اشد المعارك ضراوة من تلك التي جرت في الولايات المتحدة الأمريكية في القرن العشرين بين العمل ورأس المال، كما اعتبرت افظع الهزائم التي لحقت بالعمل المنظم".
وفي عام 1923 أقدم فصيل من رجال كلان تعداده ألف رجل، في مدينة هاريسون (آركنساس)، على قمع تمرد قام به عمال سكك الحديد. وكان غ. فورد يستخدم ك ك ك من أجل الصراع مع الحركة النقابية في معاملة. وكانت أول خلية كلانية في الشمال قد اسست في المعامل التابعة له في ديترويت. وكان على رأس الخلايا الكلانية في "امبراطورية فورد" سكرتيره الخاص ليبولد.
في عام 1921 اقر اتحاد عمال التعدين في الولايات المتحدة الأمريكية في مؤتمره في انديانا بوليس، وبالإجماع، تعديلاً على نظامه الداخلي يحظر على أعضائه الانتساب إلى ك ك ك تحت طائلة الفصل من الاتحاد. ذلك ان نشاط كلان في مناهضة النقابات وتخريب الاضرابات كان مكروهاً جداً حتى ان المؤسسة الانتهازية الفدرالية الأمريكية للعمل ـ قد اضطرت في عام 1923 إلى تأييد البيان الذي يستنكر الكلانية.
إلاّ ان الكلانيين تمكنوا من التغلغل في عدد من المنظمات النقابية في البلاد مستغلين بالدرجة الأولى الأوهام القومية لدى قسم من الطبقة العاملة. كانت ك ك ك متمكنة قوية في نقابات فيرجينيا الغربية. وفي عام 1920 بلغ من نفوذ كلان ان نقابة راديكالية مثل "تريد ـ يونيونيست ايديوكيشن ليغ" قد امتنعت عن تأييد البيان الذي يستنكر نشاط كلان في الجنوب.
لم تكن "ك ك ك الجديدة" منظمة فاشية ولو أنها، مثل الفاشية، اعتمدت على العنصرية والشوفينية والعداء للشيوعية، وتسلحت بالجمود الفكري، واستخدمت العنف على نطاق واسع. ان منظري وقادة "كلان الجديدة" لم يطرحوا أي برنامج اجتماعي واضح، وقد سلموا تسليماً تاماً "بالقيم الأخلاقية" التي قام عليها في أن تقوم رسمياً بدور "عين المجتمع"، ودور المدافع عن القيم الدينية والأخلاقية الرفيعة للشعب الأمريكي.
ان منطق الكلانية نفسه القائم على استغلال القناعات المسبقة من شتى الاتجاهات، والكراهية بين الفئات الاجتماعية والسلالية قد دفع بالعنف الجماعي إلى المقام الأول. وهذا الاستعداد للعنف قبل كل شيء هو الذي عزز اعتبار ك ك ك في اوساط المتطرفين، وجذب إلى صفوفها الأعضاء الجدد. وحين قام الكلانيون باضطرابات عام 1923 في مدينة كارينجي "بنسلفانيا" قام إيوانس ان هذا التمرد يعادل قبول 25 ألف إنسان في صفوف كو ـ كلوكس ـ كلان.
غير أن "الكلانية الجديدة" لا تعتبر المنظمة التقليدية اليقظة في هذه البلاد لأنها كانت "ذات اتجاه سياسي. فمنذ ظهورها كحركة اجتماعية واسعة للبورجوازية الأمريكية الصغيرة صرحت ك ك ك بعدائها المطلق للاشتراكية العلمية. وهاهوغر ين، "الساحر الأعظم" لـ "الإمبراطورية الخفية يقول مفاخراً ان ك ك ك كانت أول من ناضل ضد الشيوعية في الولايات المتحدة الأمريكية.