المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أفتوني أيها المشايخ



Osama
05-28-2005, 07:22 AM
مشعل السديري

دعيت قبل أسبوع إلى حفل زواج، طبعاً لم ألب هذه الدعوة كالعادة، بحكم أنني من الصعب والنادر أن احضر مناسبة عرس أو مناسبة مأتم، وهذا ما يعرفه عني القاصي وغير الداني.. غير أنني لا أخلو من الخير أحياناً، فقد رفعت سماعة الهاتف في اليوم التالي لأقوم بواجب التهنئة لوالد العروس، وما كدت أقول له مبروك، حتى أتاني صوته المتفجرّ الذي كاد يخرق طبلة أذني قائلاً: يخسا، يخسا، يخسا، واخذ يكررها إلى درجة أنني أحسست شخصياً بالإهانة وكأنه يشتمني، وبعد أن انتهى من (يخسا) للمرة العاشرة، وبعد أن أعدت سماعة الهاتف إلى أذني المعطوبة، فهمت منه أن (الزواجة) أو العرس لم يتم.

أنهيت المكالمة وأنا على أحر من الجمر، واتصلت بأحد (سلق) ـ أي أحد كلاب العزائم والمناسبات ـ لكي استطلع منه عن الخبر، فقال لي بالحرف الواحد: يا مولاي ان والد العروس (المشفوح والطماع) الذي قال لك (يخسا)، اشترط على العريس وفي ليلة الدخلة أن يدفع له مبلغاً قدره (كذا وكذا وكذا)، وان يشتري لابنته العروس (طقم الألماس) المعين، وان يشتري لأمها (طقم الذهب) المعين، ولأخيها السيارة المعينة، وإلا لن تزف ابنته إليه..

يعني باختصار أراد أن يمسكه من اليد التي توجعه، فما كان من العريس إلاّ أن طوى عباءته تحت باطه وخرج غاضباً، وقبل أن يركب سيارته اتصل من هاتفه الجوال بأحد معارفه قائلاً: هل تزوجني بنتك الليلة؟!، فرد عليه ضاحكاً يسأله: هل أنت صاحي أم مجنون؟!، قال له: إنني صاحي وستين صاحي، فقصر الأفراح جاهز ومستأجر، والمدعوون حاضرون، وكذلك المأذون، وفوق ذلك أنا جاهز على (سنكة عشرة)، وشرح له القصة من (طقطق فقط) بدون السلام عليكم، ووافقه والد البنت المخطوبة في الحال، وذهب إليها يستشيرها ووافقت، وكذلك أمها وافقت، وخلال ساعة واحدة لا أكثر، كانت البنت قد تحممت ودلكتها أمها بالماء والصابون والليفة الخشنة، وألبستها ثوب عرسها الذي كان مخزناً في الدولاب طوال ثلاثين عاماً، والذي أكلت أطرافه (العتة)، واركبها والدها مع أمها في سيارته الجيب (اللاندكروز) ولم يرده غير قصر الأفراح، وإذا بالعريس جاهز، والمأذون جاهز، وعقد على العروس خلال خمس دقائق، ثم زفت وسط الطبل والزمر، وكانت أمها السمينة (تتندح وتتهزز) بالرقص والزغاريد أمامها.

هذه الحادثة حقيقية وحصلت قبل أسبوع، غير أنها من وجهة نظري أهون من حادثة حقيقية أخرى سمعت عنها وحصلت قبل أكثر من أربعين سنة، فيقال ان اثنين من علية القوم كانا ذاهبين إلى الصيد وكل منهما معه رجاله وحاشيته، وفي ليلة من الليالي هفتهما نفسهما على الزواج ـ وليس هناك ما هو أسهل منه ـ وفعلاً أرسل كل واحد منهما يخطب ابنة شيخ القبيلة الفلاني، وحضر الشيخان ومعهما البنتان، واتى الشيخ وعقد لكل عريس على عروسه، ونصبت خيمتان وأدخلت كل عروس في خيمتها انتظاراً لقدوم العريس، وبعد أن انتهى عشاء الرجال وانتهت المباركات والتهاني، دخل كل عريس إلى خيمته، وقبل أن يطلع الفجر، وإذا بالصياح والزعيق واللطم يصدر من إحدى الخيمتين، عندها أفاق الجميع على (المصيبة)، إذ أن كل عريس دخل على العروس (الغلط)، فبدلاً من أن يدخل الأول على الأولى دخل على الثانية، وبدلاً من أن يدخل الثاني على الثانية دخل على الأولى، ولم يكتشفا ذلك إلا بعد أن (طارت الطيور بأرزاقها).. عندها ومع مطلع الفجر، سألا الشيخ الهمام الذي عقد لهما، لكي يحل هذه (المعضلة)، ولم يحر جواباً، فأفتوني أيها المشايخ رحمكم الله.