المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب رفات عقيق ... توثيق رائع لجريمة «الصادق»



افلاطون
03-06-2017, 12:19 AM
د. إبراهيم بهبهاني 5 مارس، 2017


من أول العنوان نجده مشوّقاً، تزداد فضولاً لتعرف المعنى وما المقصود «رُفاتُ عقيق»، وهو الكتاب الذي أمتعني بمضمونه، وهو عبارة عن توثيق كامل لجريمة تفجير جامع الإمام الصادق. استهل الكتاب بقصيدة الشاعرة الإحسائية سكينة عدنان الموسى، واختار عنوان كتابه من مطلعها بعنوان:

رفات عقيق.. هناك ارتمى

وعشق تجلى.. فما أطهره

والعقيق هو نوع من الخواتم عادة يتبركون بوضعه في أصابع أيديهم ومصنوعة من العقيق، فالشاعرة تصور أحد الشهداء الذين كان يضع خاتم العقيق في يده، حيث بقيت يداه سليمتين، أما جثته فتطايرت أشلاء.

الجريمة التي قام بتوثيقها امتدت إلى بيت من بيوت الله وهو جامع الإمام الصادق (عليه السلام) في يوم الجمعة وفي شهر رمضان، وفي وقت أحبَّه الله، وقت صلاة الظهر، وعند السجدة الأخيرة التي يكون فيها العبد أقرب ما يكون من الله عز وجل.

الجريمة كما يراها المؤلف، تأتي من بين المفاصل والذكريات التي لن تنسى، وهي المكتوبة بالدم، ويمر بها الشعوب الحيَّة وتصنع وعيها العام؛ لذا فلا عجب «أن كررنا الحديث عن معركة الجهراء والصريف وبناء السور والغزو الصدامي»، لأن مثل هذه الأحداث هي ما تصنع الثوابت الوطنية وتبيَّن الهوية الكويتية.

بالطبع كان المشهد المؤثر، كما يصفه صاحب الكتاب، موقف صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي شهد له القاصي والداني بمحبته لشعبه، حين ذرف دموعه العفوية في موقع الحادث، كما شهدوا له بالشجاعة حين كان أول الواصلين من دون حراسة قبل جميع الوزراء ورجال الدولة، وحين أصر على الدخول في لحظات خطرة ومريعة، حيث ما زالت الجثامين والأشلاء متناثرة في أرض المسجد، وحين قال كلمته الخالدة «هذولا عيالي».

هذا الموقف حفر في نفوس الكويتيين وقلوب أبناء الشهداء والمصابين وسيخلده التاريخ.. ما أعجبني حقاً وما استوقفني من كلام رجل عاقل شعرت كأنه لسان حال الجميع، ومن دون استثناء، عندما قال المحامي العريان «فحق علينا أن نبادله هذا الحب، وألا ننسى له هذا الموقف، وأن نحدَّث به أبناءنا وأحفادنا، وهو موقف غير مستغرب على هذه الأسرة الحاكمة الكريمة التي كان أوثق ما يربطها بشعبها تواضعها له ومودته لها».

ومن أجل هذا، أقدم على مبادرة وطنية أراها ذات شأن ومعنى، وهي أشبه بواجب وطني وإنساني، بتوثيق الحدث لحظة بلحظة وقبل أن تضيع الوثائق والأخبار، وتعتمد الأقاويل والإشاعات، وتندثر الرسوم، ويرحل الشهود، معتبراً ذلك «فرض عين» وليس كفاية، نظراً إلى القرابة والنسب والصداقة التي تربطه بالعديد من الشهداء، هذا من جانب.. أما من الجانب الآخر، فقد كان بصفته محامياً واحداً من مجموعة ممثلين لورثة الشهداء والمصابين للادعاء بالحق المدني في الدعوى الجنائية التي حوكم فيها المتسببون، وبحكم هذه المهمة اطّلع على كل التفاصيل والملفات والتحقيقات مما استوجب توثيقها.

استغرق العمل أكثر من سنة، وهو جهد فردي يشكر عليه يستدعي منا التكريم وكلمة طيبة لتلك الجهود التي أثمرت كتاباً غاية في الجمال والقيمة.

د. إبراهيم بهبهاني

ebraheem26.com

babhani26@


http://alqabas.com/365878/